اختر صفحة

رسالة القدّيس بُولُس الأولى إلى أهل قورنتس

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

قورنتس الأولى ١

قورنتس الأولى ٢

قورنتس الأولى ٣

قورنتس الأولى ٤

قورنتس الأولى ٥

قورنتس الأولى ٦

قورنتس الأولى ٧

قورنتس الأولى ٨

قورنتس الأولى ٩

قورنتس الأولى ١٠

قورنتس الأولى ١١

قورنتس الأولى ١٢

قورنتس الأولى ١٤

قورنتس الأولى ١٣

قورنتس الأولى ١٥

قورنتس الأولى ١٦

قورنتس الأولى ١

قورنتس الأولى ٧

قورنتس الأولى ١٣

قورنتس الأولى ٢

قورنتس الأولى ٨

قورنتس الأولى ١٤

قورنتس الأولى ٣

قورنتس الأولى ٩

قورنتس الأولى ١٥

قورنتس الأولى ٤

قورنتس الأولى ١٠

قورنتس الأولى ١٦

قورنتس الأولى ٥

قورنتس الأولى ١١

قورنتس الأولى ٦

قورنتس الأولى ١٢

رسالة القدّيس بولس الأولى

إلى أهل قورنتِس

مدخل

جماعة المسيحيّين في قورنتس

قضى بولس ثمانية عشرَ شهرًا من العام ٥٠ إلى العام ٥٢ في قورنتس، ليعلن فيها الإنجيل (رسل ١٨/ ١-١٨). كان عدد سكّانها بحسب بعض التقديرات، ولا يعوّل على واحد منها، أكثر من نصف مليون، ثلثاهم من العبيد. دُمّرت في العام ١٤٦ ق.م. فأعاد قيصر بناءها بعد مائة سنة، فكانت مدينة جديدة يعود ازدهارها العظيم إلى موقعها الجغرافيّ وإلى مرفأيها، أحدهما قنخريّة على بحر إيجه أو بحر الأرخبيل، والآخر على بحر الأدرياتيّ.

كان لها جميع الميزات التي تتّصف بها الحياة في المرافئ الكبيرة بجميع العصور: سكّان تختلط فيهم جميع الأجناس والأديان اختلاطًا كبيرًا وتعيش جنبًا إلى جنب، وطيب عيش يسوده الترف والخلاعة عند بحّارة متعطّشين إلى الملذّات بعد أشهر من الملاحة. وكانت العبادة الكبرى في قورنتس عبادة أفروديت، وقد خُصّت بهيكل فيه يزاول خدمة البغاء في سبيلها، فكان، منذ أيّام أرسطوفانس، لقولهم «سار سيرة أهل قورنتس» معنى الذمّ، كما لا يخفى على اللبيب. وكانت النتيجة المتوقّعة في مثل هذه الأحوال إثراءً فاحشًا لدى القلّة، وبؤس السواد الأعظم من الناس. يُضاف إلى ذلك في آخر الأمر أنّ تلك المدينة، التي حوت مختلف الأجناس، كانت مركزًا للفكر فيه ممثّلون لجميع المذاهب الفكريّة.

فكان لأحد معلّمي الخطابة في القرن الثاني أن يهنّئ قورنتس بكثرة مدارسها وفلاسفتها وأدبائها، وكان المرء يلقاهم في كلّ زاوية شارع. وكانت أيضًا مركزًا دينيًّا فيه عبادات الشرق الغيبيّة تغري الناس إغراءً لا سبيل إلى الشكّ في وجوده.

وكانت الجماعة المسيحيّة التي أنشأها بولس تعكس بالذين تتألّف منهم صورة طبق الأصل للمدينة، فكان فيها الأغنياء والفقراء (١ قور ١١/ ٢١-٢٢)، ولكنّ الأغنياء قلّة ضئيلة (١ قور ١/ ٢٦)، في حين أنّ السواد الأعظم يتألّف من المساكين والعبيد، وبعبارة موجزة من القوم المحتقرين (١ قور ١/ ٢٨).

كان هؤلاء المسيحيّون يؤلّفون جماعة نشيطة كثيرة التقوى، ولكنّها كانت لا تزال عرضة لأخطار الفساد المنتشر بين الناس حولهم: إباحيّة جنسيّة (١ قور ٦/ ١٢-٢٠) وشقاق وخلافات ومخاصمات داخليّة (١ قور ١/ ١١-١٢) وإغراء الحكمة الفلسفيّة من أصل وثنيّ، وكانت تتسلّل إلى الكنيسة، مطليَّة بمسحة مسيحيّة سطحيّة (١ قور ١/ ١٩-٢٠)، فتفسد دعائم اليقين في الإيمان الجديد (١ قور ١٥/ ١-٥٨)، وما للأديان الغيبيّة من فتنة، فيُخشى أن تدخل مظاهرها وما يصحبها من الاضطراب في الاجتماعات المسيحيّة (١ قور ١٤/ ٢٦-٣٨). كان الغرس المسيحيّ سليمًا قويًّا، ولكنّ جذوره نازلة في تربة لا تجانسه، فكانت تلك الحالة غير سويّة. وكان الروح القدس يوسع عليها عونه موزّعًا هباته الفائقة (١ قور ١٢/ ١-١٤/ ٤٠). وكان بولس يحاول في رسائله تبديل تلك الحالة فيمدُّ النبتة الناشئة تلك بما يعوزها من التربة المسيحيّة.

في ذلك تكمن فائدة هذه الرسالة، إذ تُظهر لنا، وتكاد أن تصف وصفًا حيًّا المسائل التي تنشأ عند دخول الإيمان المسيحيّ في ثقافة وثنيّة، والوسائل التي استعملها بولس لحلّ تلك المسائل.

قورنتس الأولى ١

١. المقدّمة

تصدير وسلام

١مِن بولُسَ الَّذي شاءَ اللهُ أَن يَدعُوَه لِيَكونَ رَسولَ المسيحِ يسوع، ومِنَ الأَخِ سُسْتينِس، ٢إِلى كَنيسَةِ اللهِ في قورِنتُس، إِلى الَّذينَ قُدِّسوا في المسيحِ يسوعَ بِدَعوَتِهم لِيَكونوا قِدِّيسين مع جَميعِ الَّذينَ يَدْعونَ في كُلِّ مَكانٍ بِٱسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح، رَبِّهِم ورَبِّنا. ٣علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ أَبينا والرَّبِّ يسوعَ المسيح.

٤إِنِّي أَشكُرُ اللهَ دائمًا في أَمرِكم على ما أُوتيتُم مِن نِعمَةِ اللهِ في المسيحِ يسوع. ٥فقَد أُغْنيتُم فيه كُلَّ الغِنى في فُنونِ الكَلامِ وأَنْواعِ المَعرِفَة، ٦فقد ثَبَتَت فيكُم شَهادةُ المسيح، ٧حتَّى إِنَّه لا يُعوِزُكم شَيءٌ مِنَ الهِبات، وأَنتُم تَنتَظِرونَ تَجَلِّيَ رَبِّنا يسوعَ المسيح، ٨وهُو الَّذي يُثَبِّتُكُم إِلى النِّهايَة حتَّى تَكونوا بِلا عَيبٍ يَومَ رَبِّنا يسوعَ المسيح. ٩هو اللهُ أَمينٌ دَعاكُم إِلى مُشارَكةِ ٱبنِه يسوعَ المسيحِ رَبِّنا.

٢. شقاق وفضائح

أ – الأحزاب في كنيسة قورنتس

شقاق بين المؤمنين

١٠أُناشِدُكُم، أَيُّها الإِخوَة، بِٱسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح، أَن تقولوا جَميعًا قَولًا واحِدًا وأَلَّا يَكونَ بَينَكُمُ ٱختِلافات، بل كُونوا على وِئامٍ تامّ، في رُوحٍ واحِدٍ وفِكرٍ واحِد. ١١فقَد أَخبَرَني عَنكم، أَيُّها الإِخوَة، أَهلُ خُلُوَةَ أَنَّ بَينكُمُ مُخاصَمات، ١٢أَعني أَنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنكُم يَقول: «أَنا لِبولُس» و«أَنا لِأَبُلُّس» و«أَنا لِصَخْر» و«أَنا لِلمسيح». ١٣أَتُرى المسيحُ ٱنقَسَم؟ أَبولُسُ صُلِبَ مِن أَجْلِكُم؟ أَم بِٱسمِ بولُسَ ٱعتَمَدتُم؟ ١٤إِنِّي، والحمدُ للهِ، لم أُعَمِّدْ أَحَدًا مِنكُم سِوى قِرسْبُس وغايُس، ١٥فلَيسَ لِأَحَدٍ أَن يَقولَ إِنَّكُم بِٱسْمِيَ ٱعتَمَدتُم. ١٦بَلى، قد عَمَّدتُ أَيضًا أُسْرَةَ أَسطِفاناس. وما عدا أُولٰئِكَ، فلا أَذكُرُ أَنِّي عَمَّدتُ أَحَدًا.

حكمة العالم والحكمة المسيحيّة

١٧فإِنَّ المسيحَ لم يُرسِلْني لِأُعَمِّد، بل لِأُبَشِّر، غَيرَ مُعَوِّلٍ على حِكمَةِ الكَلام لِئَلَّا يَبطُلَ صَليبُ المسيح. ١٨فإِنَّ لُغَةَ الصَّليبِ حَماقةٌ عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الهَلاك، وأَمَّا عِندَ الَّذينَ يَسلُكونَ سَبيلَ الخَلاص، أَي عِندَنا، فهي قُدرَةُ الله. ١٩فقد وَرَدَ في الكِتاب: «سأُبيدُ حِكمَةَ الحُكَماء وأُزيلُ فَهمَ الفُهَماء». ٢٠فأَينَ الحَكيم؟ وأَينَ عالِمُ الشَّريعة؟ وأَينَ المُماحِكُ في هٰذِه الدُّنْيا؟ أَلَم يَجعَلِ اللهُ حِكمَةَ العالَمِ حَماقة؟ ٢١فلَمَّا كانَ العالَمُ بِحِكمَتِه لم يَعرِفِ اللهَ في حِكمَةِ الله، حَسُنَ لَدى اللهِ أَن يُخَلِّصَ المُؤمِنينَ بِحَماقةِ التَّبشير. ٢٢ولَمَّا كانَ اليَهودُ يَطلُبونَ الآيات، واليُونانِيُّونَ يَبحَثونَ عنِ الحِكمَة، ٢٣فإِنَّنا نُبَشِّرُ بِمَسيحٍ مَصْلوب، عِثارٍ لِليَهود وحَماقةٍ لِلوَثنِيِّين، ٢٤وأَمَّا لِلمَدعُوِّين، يَهودًا كانوا أَم يونانِيِّين، فهُو مسيح، قُدرَةُ اللهِ وحِكمَةُ الله، ٢٥لأَنَّ الحَماقَةَ مِنَ اللهِ أَكثَرُ حِكمَةً مِنَ النَّاس، والضُّعْفَ مِنَ الله أَوفَرُ قُوَّةً مِنَ النَّاس.

٢٦فٱعتَبِروا، أَيُّها الإِخوَة، دَعوَتَكم، فلَيسَ فيكم في نَظَرِ البَشَرِ كَثيرٌ مِنَ الحُكَماء، ولا كَثيرٌ مِنَ المُقتَدِرين، ولا كَثيرٌ مِن ذَوي الحَسَبِ والنَّسَب. ٢٧ولٰكِن ما كانَ في العالَمِ مِن حَماقة فذاكَ ما ٱختارَه اللهُ لِيُخزِيَ الحُكَماء، وما كانَ في العالَمِ مِن ضُعْف فذاكَ ما ٱختارَه اللهُ ليُخزِيَ ما كانَ قَوِيًّا، ٢٨وما كانَ في العالَمِ مِن غَيرِ حَسَبٍ ونَسَبٍ وكان مُحتَقَرًا فذاكَ ما ٱختارَهُ الله: إِختارَ غَيرَ المَوجودِ لِيُزيلَ المَوجود، ٢٩حتَّى لا يَفتَخِرَ بَشَرٌ أَمامَ الله. ٣٠وبِفَضْلِه أَنتُم قائمونَ في المسيحِ يسوعَ الَّذي صارَ لَنا حِكمَةً مِن لَدُنِ الله وبِرًّا وقَداسةً وفِداءً ٣١لِيَتِمَّ ما وَرَدَ في الكِتاب: «مَنِ ٱفتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبّ».

قورنتس الأولى ٢

١وأَنا أَيضًا، لَمَّا أَتَيتُكُم، أَيُّها الإِخوَة، لَمْ آتِكُم لِأُبَلِّغَكُم سِرَّ اللهِ بِسِحْرِ البَيانِ أَوِ الحِكمَة، ٢فإِنِّي لم أَشَأْ أَن أَعرِفَ شَيئًا، وأَنا بَينَكُم، غَيرَ يسوعَ المسيح، بل يسوعَ المسيحَ المَصْلوب. ٣وقَد جِئتُ إِلَيكم وبي ضُعفٌ وخَوفٌ ورِعدَةٌ شَديدة، ٤ولَم يَعتَمِدْ كَلامي وتَبْشيري على أُسلوبِ الإِقناعِ بِالحِكمَة، بل على أَدِلَّةِ الرُّوحِ والقُوَّة، ٥كَيلا يَستَنِدَ إِيمانُكُم إِلى حِكمَةِ النَّاس، بل إِلى قُدرَةِ الله.

٦ومع ذٰلك فإِنَّنا على حِكمَةٍ نَتَكَلَّمُ بَينَ المُؤمِنينَ الرَّاشدين، ولَيسَت بِحِكمَةِ هٰذِه الدُّنْيا ولا بِحِكمَةِ رُؤَساءِ هٰذِهِ الدُّنْيا، ومَصيرُهُم لِلزَّوال، ٧بل نَتَكَلَّمُ على حِكمَةِ اللهِ السِّرِّيَّةِ الَّتي ظَلَّت مَكتومةً في الماضي، تلكَ الَّتي أَعَدَّها اللهُ قَبلَ الدُّهورِ في سَبيلِ مَجْدِنا. ٨ولَم يَعرِفْها أَحَدٌ مِن رُؤَساءِ هٰذِه الدُّنْيا، ولَو عَرَفوها لَما صَلَبوا رَبَّ المَجْد، ٩ولٰكن، كما وَرَدَ في الكِتاب: «ما لم تَرَهُ عَيْنٌ ولا سَمِعَت بِه أُذُنٌ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر، ذٰلك ما أَعدَّه اللهُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَه».

١٠فلَنا كَشَفَه اللهُ بِالرُّوح، لِأَنَّ الرُّوحَ يَفحَصُ عن كُلِّ شَيء حتَّى عن أَعماقِ الله. ١١فمَن مِنَ النَّاسِ يَعرِفُ ما في الإِنسانِ غَيرُ روحِ الإِنسانِ الَّذي فيه؟ وكذٰلِكَ ما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ ما في اللهِ غيرُ رُوحِ الله. ١٢ولَم نَنَلْ نَحْنُ رُوحَ العالَم، بل نِلْنا الرُّوحَ الَّذي أَتى مِنَ الله لِنَعرِفَ ما أَنعَمَ اللهُ بِه علَينا مِنَ المَواهِب. ١٣وإِنَّنا لا نَتَكَلَّمُ علَيها بِكَلامٍ مَأخوذٍ مِنَ الحِكمَةِ البَشَرِيَّة، بل بِكَلامٍ مَأخوذٍ عنِ الرُّوح، فنُعَبِّرُ عنِ الأُمورِ الرُّوحِيَّةِ بِعِباراتٍ رُوحِيَّة. ١٤فالإِنسانُ البَشَرِيُّ لا يَقبَلُ ما هو مِن رُوحِ الله فإِنَّه حَماقةٌ عِندَه، ولا يَستَطيعُ أَن يَعرِفَه لِأَنَّه لا حُكْمَ في ذٰلِكَ إِلَّا بِالرُّوح. ١٥وأَمَّا الإِنسانُ الرُّوحِيّ، فيَحكُمُ في كُلِّ شَيء ولا يَحكُمُ فيه أَحَد. ١٦فمَنِ الَّذي عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ لِيُعَلِّمَه؟ وأَمَّا نَحنُ فلَنا فِكْرُ المسيح.

قورنتس الأولى ٣

١وإِنِّي، أَيُّها الإِخوَة، لم أَستَطِعْ أَن أُكَلِّمَكُم كَلامي لِأُناسٍ روحِيِّين، بل لِأُناسٍ بَشَرِيِّين، لِأَطفالٍ في المسيح. ٢قد غَذَوتُكُم بِاللَّبَنِ الحَليبِ لا بِالطَّعام، لِأَنَّكُم ما كُنتُم تُطيقونَه ولا أَنتُم تُطيقونَه الآن، ٣فإِنَّكُم لا تَزالونَ بَشَرِيِّين. فإِذا كانَ فيكُم حَسَدٌ وخِصام، أَفَلَيسَ في ذٰلِكَ دَليلٌ على أَنَّكُم بَشَرِيُّون وأَنَّكُم تَسيرونَ سِيرةً بَشَرِيَّة؟ ٤وإِذا كانَ أَحَدُكُم يَقول: «أَنا لِبولُس» والآخَر: «أَنا لِأَبُلُّس»، أَفَلَيسَ في ذٰلِكَ دَليلٌ على أَنَّكُم تَتَصَرَّفونَ تَصرُّفًا بَشَرِيًّا؟

مقام المبشّرين الصحيح

٥فَما هو أَبُلُّس؟ وما هو بولُس؟ هُما خادِمانِ بِهِما ٱهتَدَيتُم إِلى الإِيمان، على قَدْرِ ما أَعْطى الرَّبُّ كُلًّا مِنهُما. ٦أَنا غَرَستُ وأَبُلُّسُ سَقى، ولٰكِنَّ اللهَ هو الَّذي أَنْمى. ٧فلَيسَ الغارِسُ بِشَيء ولا السَّاقي، بل ذاكَ الَّذي يُنْمي وهو الله. ٨فالغارِسُ والسَّاقي واحِد، غَيرَ أَنَّ كُلًّا مِنهُما يَنالُ أُجرَتَه على مِقدارِ جَهدِه. ٩نَحنُ عامِلونَ مَعًا في عَمَلِ الله، وأَنتُم حَقْلُ اللهِ وبُنيانُ الله.

١٠فإِنِّي، على قَدْرِ ما وُهِبَ لي مِن نِعمَةِ الله، وَضَعتُ الأَساسَ، شَأنَ البانِي الحاذِق، ولكِنَّ آخَرَ يَبْني علَيه. فلْيَنْظُرْ كُلُّ واحِدٍ كيفَ يَبني علَيه. ١١أَمَّا الأَساس، فما مِن أَحدٍ يَستَطيعُ أَن يَضَعَ غَيرَ الأَساسِ الَّذي وُضِعَ، أَي يسوعَ المسيح. ١٢فإِن بَنى أَحَدٌ على هٰذا الأَساسِ بِناءً مِن ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو حِجارةٍ كَريمة أَو خَشَبٍ أَو هَشيمٍ أَو تِبْن، ١٣سيَظهرُ عَمَلُ كُلِّ واحِد، فيَومُ اللهِ سيُعلِنُه، لِأَنَّه في النَّارِ سيُكشَفُ ذٰلك اليَوم، وهٰذه النَّارُ ستَمتَحِنُ قيمَةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد. ١٤فمَن بَقِيَ عَمَلُه الَّذي بَناه على الأساسِ نالَ أَجْرَه، ١٥ومَنِ ٱحتَرَقَ عَمَلُه كانَ مِنَ الخاسِرين، أَمَّا هو فسيَخلُص، ولٰكِن كَمَن يَخلُصُ مِن خِلالِ النَّار.

١٦أَما تَعلَمونَ أَنَّكُم هَيكَلُ الله، وأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فيكم؟ ١٧مَن هَدَمَ هَيكَلَ اللهِ هَدَمَه الله، لِأَنَّ هَيكَلَ اللهِ مُقدَّس، وهٰذا الهَيكَلُ هو أُنتُم.

نتائج

١٨فلا يَخدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَه، فإِن عَدَّ أَحَدٌ مِنكُم نَفْسَه حَكيمًا مِن حُكَماءِ هٰذه الدُّنيا، فَلْيَصِرْ أَحمَقَ لِيَصيرَ حَكيمًا، ١٩لِأَنَّ حِكمَةَ هٰذا العالَمِ حَماقَةٌ عِندَ الله، فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنَّهُ يَأخُذُ الحُكَماءَ بِمَكْرِهِم»، ٢٠ووَرَدَ أَيضًا: «إِنَّ الرَّبَّ عَليمٌ بِأَفكارِ الحُكَماء ويَعلَمُ أَنَّها باطِلة». ٢١فلا يَفتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِالنَّاس، فكُلُّ شَيءٍ لَكم، ٢٢أَبولُسَ كانَ أَم أَبُلُّسَ أَم صَخْرًا أَمِ العالَم أَمِ الحَياة أَمِ المَوت أَمِ الحاضِر أَمِ المُستَقبَل: كُلُّ شَيءٍ لَكم، ٢٣وأَنتُم لِلمسيح، والمسيحُ للهِ.

قورنتس الأولى ٤

١فلْيَعُدَّنا النَّاسُ خَدَمًا لِلمسيح ووُكَلاءَ أَسرارِ الله، ٢وما يُطلَبُ آخِرَ الأَمرِ مِنَ الوُكَلاءِ أَن يَكونَ كُلٌّ مِنهُم أَمينًا. ٣أَمَّا أَنا فأَقَلُّ ما علَيَّ أَن تَدينوني أَو تَدينَني مَحكَمةٌ بَشَرِيَّة، بل لا أَدينُ نَفْسي، ٤فضَميري لا يُؤَنِّبُني بِشَيء، على أَنِّي لَستُ مُبَرَّرًا لِذٰلك، فدَيَّانِي هوَ الرَّبّ. ٥فلا تَدينوا أَحَدًا قَبْلَ الأَوان، قَبلَ أَن يَأتِيَ الرَّبّ، فهو الَّذي يُنيرُ خَفايا الظُّلُماتِ ويَكشِفُ عن نِيَّاتِ القُلوب، وعِندَئِذٍ يَنالُ كُلُّ واحِدٍ مِنَ اللهِ ما يَعودُ علَيه مِنَ الثَّناء. ٦وفي هٰذه الأُمور، ضَرَبتُ مَثَلًا مِن نَفْسي ومِن أَبُلُّسَ لأَجلِكُم، أَيُّها الإِخوَة، لِتَتعَلَّموا بِنا أَلَّا تَنتَفِخوا مِنَ الكِبْرِياء فتَنصُروا الواحِدَ على الآخَر. ٧فمَنِ الَّذي يُمَيِّزُكَ؟ وأَيُّ شَيءٍ لَكَ لم تَنَلْه؟ فإِن كُنتَ قد نِلْتَه، فلِمَ تَفتَخِرُ كأَنَّكَ لم تَنَلْه؟ ٨لقَد شَبِعتُم! لقَدِ ٱغتَنَيتُم! مِن دُونِنا مَلَكتُم، ويا لَيتَكُم مَلَكتُم فَنملِكَ نَحنُ أَيضًا مَعَكم! ٩لِأَنِّي أَرى أَنَّ اللهَ أَنزَلَنا نَحنُ الرُّسُلَ أَدْنى مَنزِلَةٍ كالمَحكومِ علَيهِم بِالمَوت، فقَد صِرْنا مَعْروضينَ لِنَظَرِ العالَمِ والمَلائِكَةِ والنَّاس. ١٠نَحنُ حَمْقى مِن أَجْلِ المسيح وأَنتُم عُقَلاءُ في المسيح. نَحنُ ضُعَفاءُ وأَنتُم أَقوِياء. أَنتُم مُكَرَّمونَ ونَحنُ مُحتَقَرون. ١١ولا نَزالُ حتَّى هٰذه السَّاعَةِ أَيضًا نَجوعُ ونَعطَشُ ونَعْرى ونُلطَمُ ونُشَرَّد، ١٢ونُجهِدُ النَّفْسَ في العَمَلِ بِأَيدينا. نُشتَمُ فنُبارِك، نُضطَهَدُ فنَحتَمِل، ١٣يُشَنَّعُ علَينا فنَرُدُّ بِالحُسْنى. صِرنا شِبْهَ أَقْذارِ العالَم ونُفايةَ النَّاسِ أَجمَعين، إِلى اليَوم.

توبيخ

١٤لا أُريدُ فيما أَكتُبُه أَن أُخجِلَكُم، بل أُريدُ أَن أنَصَحَكم نَصيحَتي لأَبنائِيَ الأَحِبَّاء. ١٥فقَد يَكونُ لكم أُلوفُ الحُرَّاسِ في المسيح، ولٰكِن لَيسَ لَكم عِدَّةُ آباء، لِأَنِّي أَنا الَّذي وَلَدَكُم بِالبِشارة، في المسيحِ يَسوع، ١٦فأَحُثُّكم إِذًا أَن تَقتَدوا بي. ١٧ولِذٰلِك أَرسَلتُ إِلَيكُم طِيموتاوس، اِبنِيَ الحَبيبَ الأَمينَ في الرَّبّ، فَهو يُذَكِّرُكُم بِطُرُقي في المسيح، كَما أُعَلِّمُها في كُلِّ مَكانٍ في جَميعِ الكَنائِس.

١٨وقَد تَوَهَّمَ بَعضُكُم أَنِّي لن آتِيَ إِلَيكُم، فٱنتَفَخوا مِنَ الكِبْرِياء، ١٩ولٰكِنِّي سآتي قَريبًا إِن شاءَ الرَّبّ، لأَطَّلعَ، لا على أَقْوالِ أُولٰئِكَ المُنتَفِخينَ مِنَ الكِبْرِياء، بل على قُدرَتِهِم، ٢٠فلَيسَ مَلَكوتُ اللهِ بِالكَلام، بل بِالعَمَل. ٢١أَيَّما تُفضِّلون؟ أَبِالعَصا آتي إِلَيكُم أَم بِالمَحبَّةِ ورُوحِ الوَداعة؟

قورنتس الأولى ٥   

ب – حادث الزاني

١لقد شاعَ خَبَرُ ما يَجري عِندَكُم مِن فاحِشَة، ومِثْلُ هٰذه الفاحِشةِ لا يُوجَدُ ولا عِند الوَثَنِيِّين، فإِنَّ رَجُلًا مِنكُم يُساكِنُ ٱمرَأَةَ أَبيه.

٢ومع ذٰلِك فأَنتُم مُنتَفِخونَ مِنَ الكِبرِياء! أَلَيسَ الأَولى بِكُم أَن تَحزَنوا حتَّى يُزالَ مِن بَينِكُم فاعِلُ ذٰلك العَمَل؟ ٣أَمَّا أَنا فإِن كُنتُ غائِبًا بِالجَسَد، فإِنِّي حاضِرٌ بِالرُّوح، وقَد حَكَمتُ كَأَنِّي حاضِرٌ على مُرتَكِبِ مِثْلِ هٰذا العَمَل. ٤فبِٱسمِ الرَّبِّ يَسوع، وفي أَثْناءِ ٱجتِماعٍ لكُم ولِروحي، مع قُدرَةِ رَبِّنا يَسوع، ٥يُسلَمُ هٰذا الرَّجُلُ إِلى الشَّيطان، حتَّى يَهلِكَ جَسَدُه فتَخلُصَ رُوحُه يَومَ الرَّبّ. ٦لا يَحسُنُ بِكم أَن تَفتَخِروا! أَما تَعلَمونَ أَنَّ قَليلًا مِنَ الخَميرِ يُخَمِّرُ العَجينَ كُلَّه؟ ٧طَهِّروا أَنفُسَكُم مِنَ الخَميرةِ القَديمة لِتَكونوا عَجينًا جَديدًا لِأَنَّكُم فطير. فقَد ذُبِحَ حَمَلُ فِصْحِنا، وهو المسيح. ٨فلْنُعيِّدْ إِذًا، ولٰكِن لا بِالخَميرةِ القَديمة ولا بِخَميرةِ الخُبْثِ والفَساد، بل بِفَطيرِ الصَّفاءِ والحَقّ.

٩كَتَبتُ إِلَيكُم في رِسالتي أَلَّا تُخالِطوا الزُّناة. ١٠ولا أَعني زُناةَ هٰذا العالَمِ أَوِ الجَشِعينَ والسَّرَّاقينَ وعُبَّادَ الأَوثانِ على الإِطْلاق، وإِلَّا وَجَبَ علَيكُمُ الخُروجُ مِنَ العالَم. ١١بل كَتَبتُ إِلَيكُم أَلَّا تُخالِطوا مَن يُدْعى أَخًا وهو زانٍ أَو جَشِعٌ أَو عابِدُ أَوثان أَو شَتَّامٌ أَو سِكِّيرٌ أَو سَرَّاق. بل لا تُؤاكِلوا مِثْلَ هٰذا الرَّجُل. ١٢أَفمِن شَأني أَن أَدينَ الَّذينَ في خارِجِ الكَنيسة؟ أَما عَلَيكُم أَنتُم أَن تَدينوا الَّذينَ في داخِلِها؟ ١٣أَمَّا الَّذينَ في خارِجِها فاللهُ هو الَّذي يَدينُهم. «أَزيلوا الفاسِدَ مِن بَينِكُم».

قورنتس الأولى ٦

ج – التقاضي لدى المحاكم الوثنيّة

١أَيَجرُؤُ أَحَدُكُم، إِذا كانَ لَه شَيءٌ على غَيرِه، أَن يُقاضِيَه لَدى الفُجَّار، لا لَدى القِدِّيسين؟ ٢أَوَما تَعلَمونَ أَنَّ القِدِّيسينَ سيَدينونَ العالَم؟ وإِذا كُنتُم أَنتُم سَتَدينونَ العالَم، أَفتَكونونَ غَيرَ أَهلٍ لإِنشاءِ أَصغَرِ المَحاكِم؟ ٣أَما تَعلَمونَ أَنَّنا سنَدينُ المَلائِكة؟ فما أَولانا بِأَن نَحكُمَ في أُمورِ الحَياةِ الدُّنْيا! ٤وإِذا ٱحتَجتُم إِلى مَحاكِمَ لِأُمورِ الحَياةِ الدُّنْيا فأَجلِسوا فيها أَصغَرَ مَن في الكَنيسة! ٥لإِخْجالِكم أَقولُ لَكم ذٰلك! أَفَلَيسَ فيكم حَكيمٌ واحِدٌ بِوُسعِه أَن يَقضِيَ بَينَ إِخوَتِه؟ ٦ولٰكِنَّ الأَخَ يُقاضي أَخاه، لا بل يَفعَلُ ذٰلك لَدى غَيرِ المُؤمِنين! ٧وفي كُلِّ حال فإِنَّه مِنَ الخَسارةِ أَن يَكونَ بَينَكُم دَعاوٍ. فلِمَ لا تُفَضِّلونَ ٱحتِمالَ الظُّلْم؟ ولِمَ لا تُفَضِّلونَ ٱحتِمالَ السَّلْب؟ ٨ولٰكِن، أَنتُمُ الَّذينَ يَظلِمونَ ويَسلِبون، لا بل تَفعَلونَ ذٰلك بإِخوَتِكُم!

٩أَما تَعلَمونَ أَنَّ الفُجَّارَ لا يَرِثونَ مَلَكوتَ الله؟ فلا تَضِلُّوا، فإِنَّه لا الفاسِقونَ ولا عُبَّادُ الأَوثان ولا الزُّناةُ ولا المُخَنَّثون ولا اللُّوطِيُّون ١٠ولا السَّرَّاقون ولا الجَشِعونَ ولا السِّكِّيرون ولا الشَّتَّامونَ ولا السَّالِبونَ يَرِثونَ مَلَكوتَ الله. ١١وعلى ذٰلِكَ كُنتُم أَو قلَّما كانَ بَعضُكُم فغُسِلتُم، بل قُدِّستُم، بل بُرِّرتُم بِٱسمِ الرَّبِّ يسوعَ المسيح وبروحِ إِلٰهِنا.

د – الزنى

١٢كُلُّ شَيءٍ يَحِلُّ لي، ولٰكِن لَيسَ كُلُّ شَيءٍ يَنفَع. كُلُّ شَيءٍ يَحِلُّ لي، ولٰكِنِّي لن أَدَعَ شَيئًا يَتَسَلَّطُ عليَّ. ١٣الطَّعامُ لِلبَطْنِ والبَطْنُ لِلطَّعام، واللهُ سيُبيدُ هٰذا وذاك. أَمَّا الجَسَد فلَيسَ لِلزِّنى، بل هو لِلرَّبِّ والرَّبُّ لِلجَسَد. ١٤وإِنَّ اللهَ الَّذي أَقامَ الرَّبَّ سيُقيمُنا نَحنُ أَيضًا بِقُدرَتِه.

١٥أَما تَعلَمونَ أَنَّ أَجسادَكُم هي أَعضاءُ المسيح؟ أَفآخُذُ أَعضاءَ المسيحِ وأَجعَلُ مِنها أَعضاءَ بَغِيّ؟ مَعاذَ الله! ١٦أَوَما تَعلَمونَ أَنَّ مَنِ ٱتَّحَدَ بِبَغِيٍّ صارَ وإِيَّاها جَسَدًا واحِدًا؟ فإِنَّه قِيل: «يَصيرُ كِلاهُما جَسَدًا واحِدًا». ١٧ومَنِ ٱتَّحَدَ بِالرَّبّ فقَد صارَ وإِيَّاهُ رُوحًا واحِدًا.

١٨أُهرُبوا مِنَ الزِّنى، فكُلُّ خَطيئَةٍ يَرتَكِبُها الإِنسانُ هي خارِجةٌ عن جَسَدِه، أَمَّا الزَّاني فهو يَخطَأُ إِلى جَسَدِه.

١٩أَوَما تَعلَمونَ أَنَّ أَجسادَكُم هي هَيكَلُ الرُّوحِ القُدُس، وهو فيكُم قد نِلتُمُوه مِنَ الله، وأَنَّكُم لَستُم لِأَنفُسِكُم؟ ٢٠فقَدِ ٱشْتُرِيْتُم وأُدِّيَ الثَّمَن. فمجِّدوا اللهَ إِذًا بِأَجسادِكم.

قورنتس الأولى ٧

٣. فتاوى في بعض المشاكل

أ – الزواج والبتوليّة

١وأَمَّا ما كَتَبتُم بِه إِلَيَّ، فيَحسُنُ بِالرَّجُلِ أَن لا يَمَسَّ المَرأَة، ٢ولٰكِن، لِتَجَنُّبِ الزِّنى، فلْيَكُنْ لِكُلِّ رَجُلٍ ٱمرَأَتُه ولِكُلِّ ٱمرَأَةٍ زَوجُها، ٣ولْيَقْضِ الزَّوْجُ ٱمرَأَتَه حَقَّها، وكذٰلِكَ المَرأَةُ حَقَّ زَوجِها. ٤لا سُلطَةَ لِلمَرأَةِ على جَسَدِها فإِنَّما السُّلطَةُ لِزَوجها، وكَذٰلِكَ الزَّوجُ لا سُلطَةَ لَه على جسَدِه فإِنَّما السُّلطَةُ لِٱمرَأَتِه. ٥لا يَمنَعْ أَحدُكُما الآخَر إِلَّا على ٱتِّفاقٍ بَينكُما وإِلى حِين كَي تَتفَرَّغا لِلصَّلاة، ثُمَّ عودا إِلى الحَياةِ الزَّوجِيَّة لِئَلَّا يُجَرِّبَكُما الشَّيطانُ لِقِلَّةِ عِفَّتِكُما. ٦وأَقولُ هٰذا مِن بابِ الإِجازة، لا مِن بابِ الأَمْر، ٧فإِنِّي أَوَدُّ لو كانَ جَميعُ النَّاسِ مِثْلي.

ولٰكِنَّ كُلَّ إِنسانٍ يَنالُ مِنَ اللهِ مَوهِبَتَه الخاصَّة، فبَعضُهُم هٰذه وبعضُهُم تِلْك.

٨وأَقولُ لِغَيرِ المُتَزَوِّجينَ والأَرامِل إِنَّه يَحسُنُ بِهِم أَن يَظَلُّوا مِثْلي. ٩فإِذا لم يُطيقوا العَفاف فلْيَتَزَوَّجوا، فالزَّواجُ خَيرٌ مِنَ التَّحَرُّق.

١٠وأَمَّا المُتَزَوِّجونَ فأُوصيهم، ولَستُ أَنا المُوصي، بلِ الرَّبّ، بِأَن لا تُفارِقَ المَرأَةُ زَوجَها ١١- وإِن فارَقَتْه فلْتَبقَ غَيرَ مُتَزَوِّجة أَو فلْتُصالِحْ زَوجَها – وبِأَلَّا يَتَخَلَّى الزَّوجُ عنِ ٱمرَأَتِه.

١٢وأَمَّا الآخَرونَ فأَقولُ لَهم أَنا لا الرَّبّ: إِذا كانَ لِأَخٍ ٱمرَأَةٌ غَيرُ مُؤمِنةٍ ٱرتَضَت أَن تُساكِنَه، فلا يَتَخَلَّ عنها، ١٣وإِذا كانَ لِٱمرَأَةٍ زَوجٌ غَيرُ مُؤمِنٍ ٱرتَضى أَن يُساكِنَها، فلا تَتَخَلَّ عن زَوجِها، ١٤لِأَنَّ الزَّوجَ غَيرَ المُؤمِنِ يَتَقَدَّسُ بِٱمرَأَتِه، والمَرأَةَ غَيرَ المُؤمِنةِ تَتَقَدَّسُ بِالزَّوجِ المُؤمِن، وإِلَّا كانَ أَولادُكُم أَنجاسًا، مع أَنَّهم قِدِّيسون. ١٥وإِن شاءَ غَيرُ المُؤمِنِ أَن يُفارِق فلْيُفارِق، فلَيسَ الأَخُ أَوِ الأُختُ في مِثْلِ هٰذه الحالِ بِمُرتَبِطَيْن، لِأَنَّ اللهَ دعاكُم أَن تَعيشوا بِسَلام. ١٦فما أَدْراكِ أَيَّتُها المَرأَةُ أَنَّكِ تُخَلِّصينَ زَوجَكِ؟ وما أَدْراكَ أَيُّها الرَّجُلُ أَنَّكَ تُخَلِّصُ ٱمرَأَتَك؟

١٧ومَهما يَكُنْ مِن أَمْر فلْيَسِر كُلُّ واحِدٍ في حَياتِه على ما قَسَمَ لَه الرَّبُّ كما كانَ علَيه إِذ دَعاهُ الله، وهٰذا ما أَفرِضُه في الكَنائِسِ كُلِّها. ١٨أَدُعِيَ أَحَدٌ وهو مَخْتون؟ فلا يُحاوِلَنَّ إِزالَةَ خِتانِه. أَدُعِيَ أَحَدٌ وهو أَقلَف؟ فلا يَطلُبَنَّ الخِتان. ١٩لَيسَ الخِتانُ بِشَيءٍ ولا القَلَفُ بشَيء، بلِ الشَّيءُ هو حِفْظُ وَصايا الله. ٢٠فلْيَبقَ كُلُّ واحِدٍ على الحالِ الَّتي كانَ فيها حِينَ دُعِيَ. ٢١أَأَنتَ عَبدٌ حِينَ دُعِيتَ؟ فلا تُبالِ، ولَو كانَ بِوُسْعِكَ أَن تَصيرَ حُرًّا، فالأَولى بِكَ أَن تَستَفيدَ مِن حالِكَ، ٢٢لِأَنَّه مَن دُعِيَ في الرَّبِّ وهو عَبْد كانَ عَتيقَ الرَّبّ، وكَذٰلِك مَن دُعِيَ وهو حُرّ كانَ عَبْدَ المسيح. ٢٣قدِ ٱشتُرِيتُم وأُدِّيَ الثَّمَن، فلا تَصيروا عَبيدَ النَّاس. ٢٤فلْيَبقَ كُلُّ واحِدٍ، أَيُّها الإِخوَة، لَدى اللهِ على ما كانَ علَيه حِينَ دُعِيَ.

٢٥وأَمَّا الفَتَياتُ والفِتْيان، فلَيسَ لَهم عِنْدي وصِيَّةٌ مِنَ الرَّبّ، ولٰكِنِّي أُدْلي بِرَأيي وهو رأيُ رَجُلٍ جَعَلَته رَحمَةُ اللهِ جَديرًا بِالثِّقَة. ٢٦وأَرى أَنَّ حالَهُم حَسَنَةٌ بِسَبَبِ الشِّدَّةِ الحاضِرة، فإِنَّه يَحسُنُ بِالإِنسانِ أَن يَكونَ على هٰذِه الحال. ٢٧أَأَنتَ مُرتَبِطٌ بِٱمرَأَة؟ فلا تَطلُبِ الفِراق. أَأَنتَ غَيرُ مُرتَبِطٍ بِٱمرَأَة؟ فلا تَطلُبِ ٱمرَأة، ٢٨وإِذا تَزَوَّجتَ فلا ذَنْبَ عَلَيكَ، وإِذا تَزَوَّجتِ الفَتاة فلا ذَنْبَ عَلَيها، ولٰكِنَّ أَمثالَ هٰؤُلاءِ سيَلقَونَ مَشَقَّةً في أَجْسادِهم، وإِنِّي أُريدُ أَن أَحمِيَكُم مِنها.

٢٩أَقولُ لَكُم، أَيُّها الإِخوَة، إِنَّ الزَّمانَ يَتَقاصَر: فمُنذُ الآن لِيَكُنِ الَّذينَ لَهمُ ٱمرَأَةٌ كأَنَّهم لا ٱمرَأَةَ لَهم، ٣٠والَّذينَ يَبْكون كأَنَّهم لا يَبْكون، والَّذينَ يَفرَحون كأَنَّهم لا يَفرَحون، والَّذينَ يَشتَرون كأَنَّهم لا يَملِكون، ٣١والَّذينَ يَستَفيدونَ مِن هٰذا العالَم كأَنَّهم لا يستفيدون حَقًّا، لِأَنَّ صُورةَ هٰذا العالَمِ في زَوال.

٣٢بِوَدِّي لو كُنتُم مِن دونِ هَمّ، فإِنَّ غَيرَ المُتَزَوِّجِ يَصرِفُ هَمَّه إِلى أُمورِ الرَّبِّ والوَسائِلِ الَّتي يُرْضي بِها الرَّبّ، ٣٣والمُتَزَوِّجَ يَصرِفُ هَمَّه إِلى أُمورِ العالَمِ والوَسائِلِ الَّتي يُرْضي بِها ٱمرَأَتَه، ٣٤فهو مُنقَسِم. وكذٰلِكَ المَرأَةُ غيرُ المُتَزَوِّجَة ومِثْلُها الفَتاةُ تَصرِفانِ هَمَّهُما إِلى أُمورِ الرَّبّ لِتَكونا مُقَدَّسَتَينِ جَسَدًا ورُوحًا، وأَمَّا المُتَزوِّجة فتَصرِفُ هَمَّها إِلى أُمورِ العالَمِ والوَسائِلِ الَّتي تُرْضي بِها زَوجَها. ٣٥أَقولُ هٰذا لِفائِدتِكم أَنتُم، لا لِأَنصِبَ لَكم فَخًّا، بل لِتَقوموا بما هو أَحسَن وتَلزَموا الرَّبَّ لا يَشغُلُكم عنه شاغِل.

٣٦وإِذا رَأَى أَحَدٌ أَنَّه قد لا يَصونُ خَطيبَتَه، إِنِ ٱشتدَّت رَغبَتُه، وأَنَّه لا بُدَّ لِلأُمورِ أَن تَجرِيَ مَجْراها، فَلْيَفْعَلْ ما يَشاء، إِنَّه لا يَخطأ: فلْيَتَزَوَّجا. ٣٧ولٰكِن مَن عَزَمَ في قَلْبِه، وكانَ غَيرَ مُضطَرٍّ، حُرًّا في ٱختِيارِه، وصَمَّمَ في صَميمِ قَلبِه أَن يَصونَ خطيبَتَه، فنِعْمَ ما يَفعَل! ٣٨فَمَن تَزَوَّجَ خَطيبَتَه فَعَلَ حَسَنًا، ومَن لم يَتَزَوَّجْها كانَ أَحسَنَ فِعْلًا.

٣٩إِنَّ المَرأَةَ تَظَلُّ مُرتَبِطَةً بِزَوجِها ما دامَ حَيًّا، فإِن ماتَ زَوجُها أَصبَحَت حُرَّةً، لَها أَن تَتَزَوَّجَ مَن شاءَت، ولٰكن زَواجًا في الرَّبِّ فَقَط. ٤٠غَيرَ أَنَّها كما أَرى تَكونُ أَكثَرَ سَعادَةً إِذا بَقيَت على حالِها، وأَظُنُّ رُوحَ اللهِ فِيَّ أَنا أَيضًا.

قورنتس الأولى ٨ 

ب – ذبائح الأوثان

ذبائح الأوثان

١وأَمَّا لَحْمُ ما ذُبِحَ لِلأَوثان فإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ المَعرِفةَ لَنا جَميعًا. إِنَّ المَعرِفةَ تَنفُخ، أَمَّا المَحبَّةُ فَتَبْني. ٢فمَن ظَنَّ أَنَّه يَعرِفُ شَيئًا، فهو لا يَعرِفُ بَعدُ كَيفَ يَنبَغي لَه أَن يَعرِف. ٣ولٰكِن مَن أَحَبَّ الله، فهو الَّذي عَرَفَه الله. ٤وأَمَّا الأَكْلُ من لَحْمِ ما ذُبِحَ لِلأَوثان فنَحنُ نَعلَمُ أَنْ لا وَثَنَ في العالَم، وأَنْ لا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ الأَحَد. ٥وقد يَكونُ في السَّماءِ أَو في الأَرضِ ما يُزعَمُ أَنَّهم آلِهة، بل هُناكَ كَثيرٌ مِنَ الآلِهَة وكَثيرٌ مِنَ الأَرباب، ٦وأَمَّا عِندَنا نَحنُ، فلَيسَ إِلَّا إِلٰهٌ واحِدٌ وهو الآب، مِنه كُلُّ شَيءٍ وإِلَيه نَحنُ أَيضًا نَصير، ورَبٌّ واحِدٌ وهو يسوعُ المسيح، بِه كُلُّ شَيءٍ وبِه نَحنُ أَيضًا.

ذبائح الأوثان والمحبّة ومثل بولس

٧ولٰكِن لَيسَتِ المَعرِفةُ لِجَميعِ النَّاس، فهُناكَ بَعضُهم، مِن جَرَّاءِ تَعَوُّدِهم حتَّى اليَومَ على الوَثَن، يأكُلونَ لَحمَ ما ذُبِحَ لِلأَوثانِ كأَنَّه كذٰلِك، فيَتَدَنَّسُ ضَميرُهم لِضُعْفِه. ٨لَيسَ لِطعامٍ أَن يُقَرِّبَنا إِلى الله، فإِن لم نَأكُلْ مِنه لا نَنْقُص، وإِن أَكَلْنا مِنه لا نَزْداد. ٩ولٰكِنِ ٱحذَروا أَن تَكونَ حُرِّيَّتُكُم هٰذه سَبَبَ عَثرَةٍ لِلضُّعَفاء. ١٠فإِذا رآكَ أَحَدٌ، يا صاحِبَ المَعرِفَة، جالِسًا على الطَّعامِ في هَيكَلِ الأوثان، أَفما «يُبْنى» ضَميرُ ذٰلك الضَّعيفِ فيَأكُلُ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَوثان، ١١فتَكونُ مَعرِفتُكَ سَبَبًا لِهَلاكِ ذاكَ الضَّعيف، ذاكَ الأَخِ الَّذي مِن أَجْلِه ماتَ المسيح؟ ١٢وإِذا خَطِئتُم هٰكذا إِلى إِخوَتِكُم وجَرَحتُم ضَمائِرَهُمُ الضَّعيفَة، فإِلى المسيحِ قد خَطِئتُم. ١٣لِذٰلك إِذا كانَ بَعضُ الطَّعامِ حَجَرَ عَثرَةٍ لأَخي، فلَن آكُلَ لَحْمًا أَبَدًا لِئَلَّا أَكونَ حَجَرَ عَثرَةٍ لأَخي.

قورنتس الأولى ٩

١أَلَستُ حُرًّا؟ أَلَستُ رَسولًا؟ أَوَما رَأَيتُ يسوعَ رَبَّنا؟ أَلَستُم صَنيعَتي في الرَّبّ؟ ٢وإِن لم أَكُنْ رَسولًا عِندَ غَيرِكُم، فأَنا رَسولٌ عِندَكُم لِأَنَّ خاتَمَ رِسالَتي هو أَنتُم، في الرَّبّ.

٣وهٰذا هو رَدِّي على الَّذينَ يَتَّهِمونَني. ٤أَمَا لَنا حَقٌّ أَن نَأكُلَ ونَشرَب؟ ٥أَما لَنا حَقٌّ أَن نَستَصحِبَ ٱمرَأَةً مُؤمِنةً كَسائِرِ الرُّسُلِ وإِخوَةِ الرَّبِّ وصَخْر؟ ٦أَم أَنا وَحْدي وبَرنابا لا حَقَّ لَنا أَلَّا نَعمَل؟ ٧مَن ذا الَّذي يُحارِبُ يَومًا والنَّفَقةُ علَيه؟ مَن ذا الَّذي يَغرِسُ كَرْمًا ولا يَأكُلُ ثَمَرَه؟ مَن ذا الَّذي يَرْعى قَطيعًا ولا يَغتَذي مِن لَبَنِ القَطيع؟

٨أَتُرى قَولي هٰذا كَلامًا بَشَرِيًّا؟ أَوَلا تَقولُ الشَّريعةُ ذٰلك؟ ٩فقَد كُتِبَ في شَريعَةِ موسى: «لا تَكْعَمِ الثَّورَ وهو يَدرُسُ الحُبوب». أَتُرى اللهُ يَهْتَمُّ بِالثِّيران؟ ١٠أَما مِن أَجلِنا حَقًّا قالَ ذٰلك؟ نَعم، مِن أَجْلِنا كُتِبَ ذٰلك ومَعْناه: لا بُدَّ لِلحارِثِ أَن يَحرِثَ راجِيًا، ولا بُدَّ لِلَّذي يَدرُسُ الحُبوبَ أَن يَرْجُوَ الحُصولَ على نَصيبِه مِنها. ١١فإِذا كُنَّا قد زَرَعْنا مِن أَجلِكُم الخَيراتِ الرُّوحِيَّة، فهَل يَكونُ أَمرًا عَظيمًا أَن نَحصُدَ مِن خَيراتِكُمُ المادِّيَّة؟ ١٢وإِذا كانَ غيرُنا يَحصُلُ على نَصيبٍ مِن ذٰلِك الحَقّ، أَفلَسْنا نَحنُ أَولى بِه؟ ومع ذٰلِكَ لم نَستَعْمِلْ هٰذا الحَقَّ، بل نَصبِرُ على كُلِّ شَيء لِئَلَّا نُقيمَ أَيَّ مانِعٍ كانَ دونَ بِشارةِ المسيح. ١٣أَما تَعلَمونَ أَنَّ خَدَمَ الهَيكَلِ يأكُلون مِمَّا هو لِلهَيكَل، والَّذينَ يَخدِمونَ المَذبَح يُقاسِمونَ المَذبَح؟ ١٤وهٰكذا قَضى الرَّبُّ لِلَّذينَ يُعلِنونَ البِشارَةَ أَن يَعيشوا مِنَ البِشارة.

١٥أَمَّا أَنا فلَم أَستَعْمِلْ أَيَّ حَقٍّ مِن هٰذِهِ الحُقوق، ولَم أَكْتُبْ هٰذا لِأُعامَلَ هٰذه المُعامَلَة. فالمَوتُ أَفضَلُ لي مِن أَن… مَفخَرَتي هٰذه لن يَنتَزِعَها أَحد. ١٦فإِذا بَشَّرتُ، فلَيسَ في ذٰلك لي مَفخَرَة، لِأَنَّها فَريضةٌ لا بُدَّ لي مِنها، والوَيلُ لي إِن لم أُبَشِّر! ١٧فلَو كُنتُ أَفعَلُ ذٰلك طَوعًا، لَكانَ لي حَقٌّ في الأُجْرَة. ولٰكِن إِذا كُنتُ أَفعَلُه مُلزَمًا، فذٰلك بِحُكمِ وَكالَةٍ عُهِدَت إِلَيَّ. ١٨فما هي أُجْرَتي؟ أُجْرَتي، إِذا بَشَّرتُ، أَن أَعرِضَ البِشارَةَ مَجَّانًا، مِن دونِ أَن أَستَفيدَ مِمَّا يَحُقُّ لي مِنَ البِشارة.

١٩ومع أَنِّي حُرٌّ مِن جِهَةِ النَّاسِ جَميعًا، فقَد جَعَلتُ مِن نَفْسي عَبْدًا لِجَميعِ النَّاسِ كَي أَربَحَ أَكثَرَهُم، ٢٠فصِرتُ لِليَهودِ كاليَهودِيّ لِأَربَحَ اليَهود، ولِلَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعةِ كالَّذي في حُكْمِ الشَّريعة – مع أَنِّي لَستُ في حُكْمِ الشَّريعة – لِأَربَحَ الَّذينَ في حُكْمِ الشَّريعة، ٢١وصِرتُ لِلَّذينَ لَيسَ لَهم شَريعة كالَّذي لَيسَ لَه شَريعة – مع أَنِّي لَستُ بِلا شَريعةٍ مِنَ الله – لِأَربَحَ الَّذينَ لَيسَ لَهم شَريعة، إِذ إِنِّي في حُكْمِ شَريعةِ المسيح، ٢٢وصِرتُ لِلضُّعَفاءِ ضَعيفًا لِأَربَحَ الضُّعَفاء، وصِرتُ لِلنَّاسِ كُلِّهِم كُلَّ شَيء لِأُخَلِّصَ بَعضَهُم مَهْما يَكُنِ الأَمْر. ٢٣وأَفعَلُ هٰذا كُلَّه في سَبيلِ البِشارة، لِأُشارِكَ فيها.

٢٤أَما تَعلَمونَ أَنَّ العَدَّائينَ في المَيدانِ يَعْدونَ كُلُّهُم، وأَنَّ واحِدًا يَنالُ الجائِزَة؟ فٱعْدوا كذٰلك حتَّى تَفوزوا. ٢٥وكُلُّ مُبارٍ يَحرِمُ نَفْسَه كُلَّ شَيء، أَمَّا هٰؤُلاءِ فلِكَي يَنالوا إِكْليلًا يَزول، وأَمَّا نَحنُ فلِكَي نَنالَ إِكْليلًا لا يَزول. ٢٦وهٰكذا فإِنِّي لا أَعْدو على غَيرِ هُدًى ولا أُلاكِمُ كَمَن يَلطِمُ الرِّيح، ٢٧بل أَقمَعُ جَسَدي وأُعامِلُه بِشِدَّة، مَخافَةَ أَن أَكونَ مَرفوضًا بَعدَ ما بَشَّرتُ الآخَرين.

قورنتس الأولى ١٠

ذبائح الأوثان وعبرة ماضي إسرائيل

١فلا أُريدُ أَن تَجهَلوا، أَيُّها الإِخوَة، أَنَّ آباءَنا كانوا كُلُّهُم تَحتَ الغَمام، وكُلُّهُم جازوا في البَحْر، ٢وكُلُّهُمُ ٱعتَمَدوا في موسى في الغَمامِ وفي البَحْر، ٣وكُلُّهُم أَكَلوا طَعامًا رُوحِيًّا واحِدًا، ٤وكُلُّهُم شَرِبوا شَرابًا رُوحِيًّا واحِدًا، فقَد كانوا يَشرَبونَ مِن صَخرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَتبَعُهم، وهٰذه الصَّخرَةُ هي المسيح. ٥ومع هٰذا فإِنَّ اللهَ لم يَرْضَ عن أَكثَرِهِم، فسَقطوا صَرْعى في البَرِّيَّة. ٦وقد حَدَثَ ذٰلك كُلُّه لِيَكونَ لَنا صورةً، لِئَلَّا نَشتَهِيَ الأَشياءَ الخَبيثَةَ كما ٱشتَهاها هٰؤُلاء ٧فلا تَكونوا مِن عُبَّادِ الأَوثان كما كانَ بَعضُهُم، فقَد وَرَد في الكِتاب: «جَلَسَ الشَّعْبُ يَأكُلُ ويَشرَب، ثُمَّ قاموا يَعبَثون». ٨ولا نَزْنِيَنَّ كما زَنى بَعضُهُم فسَقَطَ في يَومٍ واحِدٍ ثَلاثَةٌ وعِشرونَ أَلْفًا. ٩ولا نُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ كما جَرَّبَه بَعضُهُم فأَهلَكَتْهُمُ الحَيَّات. ١٠ولا تَتَذَمَّروا كما تَذَمَّرَ بَعضُهُم فأَهلَكهُمُ المُبيد.

١١وقَد جَرى لَهم ذٰلِكَ لِيَكونَ صورةً وكُتِبَ تَنبيهًا لَنا نَحنُ الَّذينَ بَلَغوا مُنتَهى الأَزمِنَة. ١٢فمَن ظنَّ أَنَّه قائم، فلْيَحذَرِ السُّقوط. ١٣لم تُصِبْكُمْ تَجرِبةٌ إِلَّا وهي على مِقدارِ وُسْعِ الإِنسان. إِنَّ اللهَ أَمينٌ فلَن يأذَنَ أَن تُجَرَّبوا بما يفوقُ طاقَتَكم، بل يُؤتيكُم مع التَّجرِبَةِ وَسيلةَ الخُروجِ مِنها بِالقُدرةِ على تَحَمُّلِها.

ذبائح الأوثان والمائدة المقدّسة

١٤فلِذٰلكَ ٱهرُبوا، يا أَحِبَّائي، مِن عِبادةِ الأَوثان. ١٥أُكَلِّمُكُم كما أُكَلِّمُ قَومًا عُقَلاء، فَٱحكُموا أَنتُم فيما أَقول: ١٦أَلَيسَت كَأسُ البَرَكةِ الَّتي نُبارِكُها مُشارَكَةً في دَمِ المسيح؟ أَلَيسَ الخُبْزُ الَّذي نَكسِرُه مُشارَكَةً في جَسَدِ المسيح؟ ١٧فلمَّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فنَحنُ على كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد، لِأَنَّنا نَشتَرِكُ كُلُّنا في هٰذا الخُبْزِ الواحِد. ١٨أُنظُروا إِلى إِسرائيلَ البَشَريّ. أَلَيسَ الَّذينَ يَأكُلونَ الذَّبائِحَ هم شُرَكاءُ المَذبَح؟ ١٩فما المُرادُ مِن قَولي؟ أَما ذُبِحَ لِلأَوثانِ شَيءٌ أَمِ الوَثَنُ شَيء؟ ٢٠لا، ولٰكِن لمَّا كانَ ما يُذبَحُ إِنَّما يُذبَحُ لِلشَّياطينِ لا للهِ فإِنِّي لا أُريدُ أَن تَكونوا شُرَكاءَ الشَّياطين. ٢١لا يَسَعُكُم أَن تَشرَبوا كَأسَ الرَّبِّ وكَأسَ الشَّياطين، ولا يَسَعُكُم أَن تَشتَرِكوا في مائدةِ الرَّبِّ ومائِدةِ الشَّياطين. ٢٢أَوَ نُريدُ أَن نُثيرَ غَيرَةَ الرَّبّ؟ أَنَحنُ أَقْوى مِنه؟

٢٣كُلُّ شَيءٍ حَلال، ولٰكِن لَيسَ كُلُّ شَيءٍ بِنافِع. كُلُّ شَيءٍ حَلال، ولٰكِن لَيسَ كُلُّ شَيءٍ يَبْني. ٢٤لا يَسْعَيَنَّ أَحَدٌ إِلى مَنفَعَتِه، بل إِلى مَنفَعَةِ غَيرِه. ٢٥كُلُوا مِنَ اللَّحْمِ كُلَّ ما يُباعُ في السُّوق ولا تَسألوا عن شَيءٍ مُراعاةً لِلضَّمير، ٢٦لِأَنَّ لِلرَّبِّ الأَرضَ وكلَّ ما فيها. ٢٧إِن دَعاكُم غَيرُ مُؤمِن ورَغِبتُم في تَلبِيَةِ دَعوَتِه، فكُلُوا مِن كُلِّ ما يُقدَّمُ لَكم ولا تَسأَلوا عن شَيءٍ مُراعاةً لِلضَّمير، ٢٨ولٰكِن إِن قالَ لَكم أَحَد: «هٰذه ذَبيحةٌ لِلآلِهَة»، فلا تَأكُلُوا مِنها لِأَجْلِ مَن أَخبَرَكُم ومُراعاةً لِلضَّمير: ٢٩ولَستُ أَعْني ضَميرَكُم، بل ضَميرَ غَيرِكُم، فلِماذا يَحكُمُ في حُرِّيَّتي ضَميرٌ غَيرُ ضميري؟ ٣٠فإِذا شارَكتُ في تَناوُلِ شيءٍ شاكِرًا، فلِمَ أُلامُ فيما أَنا علَيه شاكِر؟

النتيجة

٣١فإِذا أَكَلتُم أَو شَرِبتُم أَو مَهما فَعَلتُم، فَٱفعَلوا كُلَّ شَيءٍ لِمَجدِ الله. ٣٢لا تَكونوا عِثارًا لِليَهودِ ولا اليُونانِيِّينَ ولا لِكنيسةِ الله، ٣٣فإِنِّي أَنا أَيضًا أَجتَهِدُ في إِرضاءِ جَميعِ النَّاسِ في كُلِّ شَيء، ولا أَسْعى إِلى مَنفَعَتي، بل إِلى مَنفَعَةِ جَماعَةِ النَّاسِ لِيَنالوا الخَلاص.

قورنتس الأولى ١١

١إِقتَدوا بي كما أَقتَدي أَنا بِالمسيح.

ج – النظام في الاجتماعات

شارة النساء

٢أُثْني علَيكُم لِأَنَّكُم تَذكُروني في كُلِّ أَمْر وتُحافِظونَ على السُّنَنِ كما سَلَّمتُها إِلَيكُم. ٣ولٰكِنِّي أُريدُ أَن تَعلَموا أَنَّ رَأسَ كُلِّ رَجُلٍ هو المَسيح ورأسَ المَرأَةِ هو الرَّجُل ورأسَ المَسيحِ هو الله. ٤فكُلُّ رَجُلٍ يُصَلِّي أَو يَتَنَبَّأُ وهو مُغَطَّى الرَّأسِ يَشينُ رأسَه، ٥وكُلُّ ٱمرَأَةٍ تُصَلِّي أَو تَتَنَبَّأُ وهي مَكْشوفَةُ الرَّأسِ تَشينُ رأسَها كما لو كانَت مَحلوقَةَ الشَّعْر. ٦وإِذا كانَتِ المَرأَةُ لا تُغَطِّي رأسَها فلْتَقُصَّ شَعْرَها، ولٰكِن إِذا كانَ مِنَ العارِ على المَرأَةِ أَن تَكونَ مَقصوصَةَ الشَّعْرِ أَو مَحلوقَتَه فعَلَيها أَن تُغَطِّيَ رأسَها.

٧أَمَّا الرَّجُلُ فما علَيه أَن يُغَطِّيَ رَأسَه، لِأَنَّه صُورةُ اللهِ ومَجدُه، وأَمَّا المَرأَةُ فهيَ مَجْدُ الرَّجُل. ٨فلَيسَ الرَّجُلُ مِنَ المَرأَة، بلِ المَرأَةُ مِنَ الرَّجُل، ٩ولَم يُخلَقِ الرَّجُلُ مِن أَجْلِ المَرأَة، بل خُلِقَتِ المَرأَةُ مِن أَجْلِ الرَّجُل. ١٠لِذٰلِك يَجِبُ على المَرأَةِ أَن يَكونَ سُلطَةٌ على رأسِها مِن أَجْلِ المَلائِكة. ١١إِلَّا أَنَّه لا تَكونُ المَرأَةُ بِلا الرَّجُلِ عِندَ الرَّبِّ ولا الرَّجُلُ بِلا المَرأَة، ١٢فكما أَنَّ المَرأَةَ ٱستُلَّت مِنَ الرَّجُل، فكذٰلك الرَّجُلُ تَلِدُه المَرأَة، وكُلُّ شَيءٍ يَأتي مِنَ الله.

١٣فَٱحكُموا أَنتُم بهٰذا: أَيَليقُ بالمَرأَةِ أَن تُصَلِّيَ للهِ وهي مَكْشوفَةُ الرَّأس؟ ١٤أَما تُعَلِّمُكُمُ الطَّبيعةُ نَفْسُها أَنَّه مِنَ العارِ على الرَّجُلِ أَن يُعفِيَ شَعرَه، ١٥على حينِ أَنَّه مِنَ الفَخْرِ لِلمَرأةِ أَن تُعفِيَ شَعْرَها؟ لِأَنَّ الشَّعْرَ جُعِلَ غِطاءً لِرأسِها.

١٦فإِن رأَى أَحَدٌ أَن يُجادِل، فلَيسَ مِثْلُ هٰذا مِن عادَتِنا ولا مِن عادَةِ كَنائِسِ الله.

عشاء الربّ

١٧أَمَّا وأَنا في بابِ الوَصايا، فإِنِّي لا أُثْني علَيكُم، لِأَنَّ ٱجْتماعاتِكم لا تَؤُولُ إِلى ما يُفيدُكم، بل إِلى ما يُؤذيكم. ١٨فأَوَّلُ ما هُناكَ أَنَّه، إِذا ٱنعَقَدَت جَماعتُكُم، وَقَعَت بَينَكُم ٱنقِسامات، على ما بَلَغَني. وإِنِّي أُصَدِّقُ بَعضَ هٰذا ١٩لِأَنَّه لا بُدَّ مِنَ الشِّقاقِ في ما بَينَكُم لِيَظهَرَ فيكُم ذَوُو الفَضيلةِ المُجَرَّبة. ٢٠وأَنتُم، إِذا ما ٱجتَمَعتُم معًا، لا تَتَناوَلونَ عَشاءَ الرَّبّ، ٢١فإِنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنكُم يُبادِرُ إِلى تَناوُلِ عَشائِه الخاصّ. فإِذا أَحَدُكُم جائِعٌ والآخَرُ سَكْران. ٢٢أَفلَيسَ لَكم بُيوتٌ تَأكُلونَ فيها وتَشرَبون، أَم إِنَّكُم تَزدَرونَ كَنيسةَ الله وتُهينونَ الَّذينَ لا شَيءَ عِندَهُم؟ فماذا أَقولُ لَكم؟ أَأُثْني علَيكُم؟ لا، لَستُ أُثْني عَلَيكُم بِذٰلك.

٢٣فإِنِّي تَسَلَّمتُ مِنَ الرَّبِّ ما سَلَّمتُه إِلَيكُم، وهو أَنَّ الرَّبَّ يسوع في اللَّيلَةِ الَّتي أُسلِمَ فيها أَخَذَ خُبْزًا ٢٤وشَكَرَ، ثُمَّ كَسَرَه وقال: «هٰذا هو جَسَدي، إِنَّه مِن أَجْلِكُم. إِعمَلوا هٰذا لِذِكْري». ٢٥وصَنَعَ مِثلَ ذٰلكَ على الكَأسِ بَعدَ العَشاءِ وقال: «هٰذه الكَأسُ هي العَهْدُ الجَديدُ بِدَمي. كُلَّما شَرِبتُم فَٱعمَلوه لِذِكْري». ٢٦فإِنَّكُم كُلَّما أَكَلتُم هٰذا الخُبْز وشَرِبتُم هٰذِه الكَأس تُعلِنونَ مَوتَ الرَّبِّ إِلى أَن يَأتي. ٢٧فمَن أَكَلَ خُبْزَ الرَّبِّ أَو شَرِبَ كَأسَه ولَم يَكُنْ أَهْلًا لَهما فقَد أَذنَبَ إِلى جَسَدِ الرَّبِّ ودَمِه.

٢٨فليَختَبِرِ الإِنسانُ نَفْسَه، ثمَّ يَأكُلْ هٰكذا مِن هٰذا الخُبْز ويَشرَبْ مِن هٰذِهِ الكَأس. ٢٩فمَن أَكَلَ وشَرِبَ وهو لا يُمَيِّزُ جَسَدَ الرَّبّ، أَكَلَ وشَرِبَ الحُكْمَ على نَفْسِه. ٣٠ولِذٰلك فيكُم كَثيرٌ مِنَ الضُّعَفاءِ وَالمَرْضى وكَثيرٌ مِنكُم ماتوا، ٣١فلَو حاسَبْنا أَنْفُسَنا، لَما كُنَّا نُدان. ٣٢إِنَّ الرَّبَّ يَدينُنا لِيُؤدِّبَنا فلا يُحكَمَ علَينا مع العالَم.

٣٣فمَتى ٱجتَمَعتُم إِذًا يا إِخوَتي لِتَناوُلِ الطَّعام، فلْيَنتَظِرْ بَعضُكُم بَعضًا. ٣٤فإِذا كانَ أَحدُكُم جائِعًا فلْيَأكُلْ في بَيتِه، لِئَلَّا يَكونَ ٱجتِماعُكُم لِلحُكْمِ علَيكم. أَمَّا سائِرُ المَسائِل فإِنِّي أَبُتُّها عِندَ قُدومي إِلَيكُم.

قورنتس الأولى ١٢

المواهب الروحيّة

١أَمَّا المَواهِبُ الرُّوحِيَّة، أَيُّها الإِخوَة، فلا أُريدُ أَن تَجهَلوا أَمْرَها. ٢تَعلَمونَ أَنَّكُم، لَمَّا كُنتُم وَثَنِيِّين، كُنتُم تَندَفِعونَ إِلى الأَوثانِ البُكْمِ على غَيرِ هُدًى. ٣ولِذٰلِك أُعلِمُكم أَنَّه ما مِن أَحَدٍ، إِذا تَكَلَّمَ بإِلهامٍ مِن روحِ الله، يَقول: «مَلْعونٌ يَسوع»، ولا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يَقول: «يَسوعُ رَبٌّ» إِلَّا بإِلهامٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس.

تنوّع المواهب ووحدتها

٤إِنَّ المَواهِبَ على أَنواع وأَمَّا الرُّوحُ فهو هو، ٥وإِنَّ الخِدْماتِ على أَنواع وأَمَّا الرَّبُّ فهو هو، ٦وإِنَّ الأَعمالَ على أَنواع وأَمَّا الله الَّذي يَعمَلُ كُلَّ شَيءٍ في جَميعِ النَّاسِ فهو هو. ٧لِكُلِّ واحِدٍ يوهَبُ ما يُظهِرُ الرُّوحَ لأَجْلِ الخَيرِ العامّ. ٨فلأَحَدِهم يوهَبُ بِالرُّوحِ كَلامُ حِكمَة، ولِلآخَرِ يوهَبُ وَفْقًا لِلرُّوحِ نَفْسِه كَلامُ مَعرِفَة، ٩ولِسِواهُ الإِيمانُ في الرُّوحِ نَفْسِه، ولِلآخَرِ هِبَةُ الشِّفاءِ بِهٰذا الرُّوحِ الواحِد، ١٠ولِسِواهُ القُدرَةُ على الإِتْيانِ بِالمُعجِزات، ولِلآخَرِ النُّبوءَة، ولِسِواهُ التَّمييزُ ما بَينَ الأَرواح، ولِلآخَرِ التَّكَلُّمُ بِاللُّغات، ولِسِواهُ تَرجَمَتُها، ١١وهٰذا كُلُّه يَعمَلُه الرُّوحُ الواحِدُ نَفْسُه مُوَزِّعًا على كُلِّ واحِدٍ ما يُوافِقُه كما يَشاء.

التشبيه بالجسد

١٢وكما أَنَّ الجَسَدَ واحِدٌ ولَه أَعضاءٌ كَثيرَة وأَنَّ أَعضاءَ الجَسَدِ كُلَّها على كَثرَتِها لَيسَت إِلَّا جَسَدًا واحِدًا، فكذٰلكَ المسيح. ١٣فإِنَّنا ٱعتَمَدْنا جَميعًا في رُوحٍ واحِد لِنَكونَ جَسَدًا واحِدًا، أَيَهودًا كُنَّا أَم يونانِيِّين، عَبيدًا أَم أَحرارًا، وشَرِبْنا مِن رُوحٍ واحِد.

١٤فلَيسَ الجَسَدُ عُضْوًا واحِدًا، بل أَعضاءٌ كَثيرة. ١٥فلَو قالَتِ الرِّجْلُ: «لَستُ يَدًا فما أَنا مِنَ الجَسَد»، أَفتُراها لا تَكونُ لِذٰلك مِنَ الجَسَد؟ ١٦ولَو قالَتِ الأُذُن: «لَستُ عَينًا فما أَنا مِنَ الجَسَد»، أَفتُراها لا تَكونُ لِذٰلك مِنَ الجَسَد؟ ١٧فلَو كانَ الجَسَدُ كُلُّه عَينًا فأَينَ السَّمْع؟ ولَو كانَ كُلُّه أُذُنًا فأَينَ الشَّمّ؟

١٨ولٰكِنَّ اللهَ جَعَلَ في الجَسَدِ كُلًّا مِنَ الأَعضاءِ كما شاء. ١٩فلَو كانَت كُلُّها عُضوًا واحِدًا فأَينَ الجَسَد؟ ٢٠ولٰكِنَّ الأَعضاءَ كَثيرَةٌ والجَسَدَ واحِد. ٢١فلا تَستَطيعُ العَينُ أَن تَقولَ لِليَد: «لا حاجَةَ بي إِلَيكِ» ولا الرَّأسُ لِلرِّجْلَينِ: «لا حاجَةَ بي إِلَيكُما».

٢٢لا بل إِنَّ الأَعضاءَ الَّتي تُحسَبُ أَضعَفَ الأَعضاءِ في الجَسَد هي ما كانَ أَشدَّها ضَرورة، ٢٣والَّتي نَحسَبُها أَخَسَّها في الجَسَد هي ما نَخُصُّه بِمَزيدٍ مِنَ التَّكريم. والَّتي هي غَيرُ شَريفَةٍ نَخُصُّها بِمَزيدٍ مِنَ التَّشْريف. ٢٤أَمَّا الشَّريفة فلا حاجَةَ بِها إِلى ذٰلك. ولٰكِنَّ اللهَ نَظَّمَ الجَسَدَ تَنظيمًا فجعَلَ مزيدًا مِنَ الكرامةِ لذٰلك الَّذي نَقَصَت فيه الكَرامة، ٢٥لِئَلَّا يَقَعَ في الجَسَدِ شِقاق، بل لِتَهتَمَّ الأَعضاءُ بَعضُها بِبَعْضٍ ٱهتِمامًا واحِدًا. ٢٦فإِذا تَأَلَّمَ عُضوٌ تَأَلَّمَت مَعَه سائِرُ الأَعضاء، وإِذا أُكرِمَ عُضوٌ سُرَّت معَه سائِرُ الأَعضاء.

٢٧فأَنتُم جَسَدُ المَسيح وكُلُّ واحِدٍ مِنكُم عُضوٌ مِنه. ٢٨والَّذينَ أَقامَهمُ اللهُ في الكَنيسةِ همُ الرُّسُلُ أَوَّلًا والأَنبِياءُ ثانِيًا والمُعَلِّمونَ ثالِثًا، ثُمَّ هُناكَ المُعجِزات، ثُمَّ مَواهِبُ الشِّفاءِ والإِسعافِ وحُسْنِ الإِدارةِ والتَّكَلُّمِ بِلُغات.

٢٩أَتُراهم كُلَّهُم رُسُلًا وكُلَّهُم أَنبِياء وكُلَّهُم مُعَلِّمين وكُلَّهُم يُجرونَ المُعجِزات ٣٠وكُلَّهُم عِندَهم مَوهِبةُ الشِّفاء وكُلَّهُم يَتَكَلَّمونَ بِاللُّغات وكُلَّهُم يُتَرجِمون؟

تدرّج المواهب. نشيد المحبّة

٣١إِطمَحوا إِلى المَواهِبِ العُظْمى، وها إِنِّي أَدُلُّكُم على طريقٍ أَفضَلَ مِنها كثيرًا.

قورنتس الأولى ١٣

١لو تَكَلَّمتُ بِلُغاتِ النَّاسِ والمَلائِكة، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما أَنا إِلَّا نُحاسٌ يَطِنُّ أَو صَنْجٌ يَرِنّ. ٢ولَو كانَت لي مَوهِبةُ النُّبُوءَة وكُنتُ عالِمًا بِجَميعِ الأَسرارِ وبالمَعرِفَةِ كُلِّها، ولَو كانَ لِيَ الإِيمانُ الكامِلُ فأَنقُلَ الجِبال، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحَبَّة، فما أَنا بِشَيء. ٣ولَو فَرَّقتُ جَميعَ أَموالي لإِطعامِ المَساكين، ولَو أَسلَمتُ جَسَدي لِيُحرَق، ولَم تَكُنْ لِيَ المَحبَّة، فما يُجْديني ذٰلكَ نَفْعًا.

٤المَحبَّةُ تَصبِر، المَحبَّةُ تَخدُم، ولا تَحسُدُ ولا تَتَباهى ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء، ٥ولا تَفعَلُ ما لَيسَ بِشَريف ولا تَسْعى إِلى مَنفَعَتِها، ولا تَحنَقُ ولا تُبالي بِالسُّوء، ٦ولا تَفرَحُ بِالظُّلْم، بل تَفرَحُ بِالحَقّ. ٧وهي تَعذِرُ كُلَّ شَيء وتُصَدِّقُ كُلَّ شَيء وتَرْجو كُلَّ شَيء وتَتَحَمَّلُ كُلَّ شَيء.

٨المَحبَّةُ لا تَسقُطُ أَبَدًا، وأَمَّا النُّبُوَّاتُ فسَتَبطُلُ والألسِنةُ يَنتَهي أَمرُها والمَعرِفَةُ تَبطُل، ٩لِأَنَّ مَعرِفَتَنا ناقِصة ونُبُوَّاتِنا ناقِصة. ١٠فمَتى جاءَ الكامِل زالَ النَّاقِص. ١١لَمَّا كُنتُ طِفْلًا، كُنتُ أَتَكَلَّمُ كَالطِّفْلِ وأُدرِكُ كَالطِّفْلِ وأُفَكِّرُ كَالطِّفْل. ولَمَّا صِرتُ رَجُلًا، أَبطَلتُ ما هو لِلطِّفْل. ١٢فنَحنُ اليومَ نَرى في مِرآةٍ رُؤيَةً مُلتَبسَة، وأَمَّا في ذٰلك اليَوم فتَكونُ رُؤيَتُنا وَجْهًا لِوَجْه. اليَومَ أَعرِفُ مَعرِفةً ناقِصة، وأَمَّا في ذٰلك اليَوم فسَأَعرِفُ مِثْلَما أَنا مَعْروف.

١٣فالآن تَبقى هٰذه الأُمورُ الثَّلاثة: الإِيمانُ والرَّجاءُ والمَحبَّة، ولٰكنَّ أَعظَمَها المَحبَّة.

قورنتس الأولى ١٤

تدرُّج المواهب للفائدة المشتركة

١إِسْعَوا إِلى المَحبَّة وٱطمَحوا إِلى مَواهِبِ الرُّوح، ولا سِيَّما النُّبوءَة. ٢فإِنَّ الَّذي يَتَكَلَّمُ بِلُغاتٍ لا يُكَلِّمُ النَّاسَ بلِ الله، فما مِن أَحَدٍ يَفهَمُ عَنه، فهو يَقولُ بِروحِه أَشياءَ خَفِيَّة. ٣وأَمَّا الَّذي يَتَنَبَّأ فهو يُكَلِّمُ النَّاسَ بِكلامٍ يَبْني ويَحُثُّ ويُشَدِّد. ٤الَّذي يَتَكَلَّمُ بلُغاتٍ يَبْني نَفْسَه، وأَمَّا الَّذي يَتَنَبَّأ فيَبْني الجَماعة. ٥إِنِّي أَرغَبُ في أَن تَتَكَلَّموا كُلُّكُم بلُغات، وأَكثَرُ رَغبَتي في أَن تَتَنَبَّأُوا، لِأَنَّ المُتَنَبِّئَ أَفضَلُ مِنَ المُتَكَلِّمِ بِلُغات، إِلَّا إِذا كانَ هٰذا يُتَرجِمُ لِتَنالَ الجَماعةُ بُنْيانَها.

٦والآنَ، أَيُّها الإِخوَة، هَبُوني قَدِمتُ إِلَيكُم وكَلَّمتُكُم بِلُغات، فأَيَّةُ فائِدةٍ لَكم فِيَّ، إِن لم يَأتِكُم كَلامي بِوَحْيٍ أَو مَعرِفةٍ أَو نُبوءَةٍ أَو تَعليم؟ ٧هٰذا شَأنُ آلاتِ العَزْفِ كالمِزْمار والكِنَّارة، فإِنَّها، إِن لم تُخرِجْ أَصواتًا مُتَمَيِّزة، فكَيفَ يُعرَفُ ما يُؤدِّيه المِزمارُ أَوِ الكِنَّارة؟ ٨وإِذا أَخرَجَ البُوقُ صَوتًا مُشَوَّشًا، فمَن يَستَعِدُّ لِلقِتال؟ ٩وكَذٰلِك أَنتُم، فإِن لم تَلفُظوا بِلِسانِكم كَلامًا واضِحًا، فكَيفَ يُعرَفُ ما تَقولون؟ بل يَذهَبُ كَلامُكم في الهَواء. ١٠لا أَدْري كَم نَوعٍ مِنَ الأَلْفاظِ في العالَم، وما من نَوعٍ إِلَّا ولَه مَعنًى. ١١فإِذا جَهِلتُ قيمَةَ اللَّفْظ، أَكونُ كالأَعْجَمِ عِندَ مَن يَتَكَلَّم، ويَكونُ مَن يَتَكَلَّمُ كالأَعْجَمِ عِندي. ١٢وكذٰلِك أَنتُم تَطمَحونَ إِلى المَواهِبِ الرُّوحِيَّة، فٱطلُبوا أَن يَتوافَرَ نَصيبُكُم مِنها لِبُنْيانِ الجَماعة.

١٣ولِذٰلك يَجِبُ على الَّذي يَتَكَلَّمُ بِلُغاتٍ أَن يُصَلِّيَ لِكَي يَنالَ مَوهِبةَ التَّرجَمة، ١٤لِأَنِّي إِذا صَلَّيتُ بِلُغاتٍ فرُوحي يُصَلِّي ولٰكِنَّ عَقْلي لا يَأتي بِثَمَر. ١٥فما العَمَلُ إِذًا؟ سأُصَلِّي بِرُوحي وأُصَلِّي بِعَقْلي أَيضًا. أُنشِدُ بِروحي وأُنشِدُ بِعقلي أَيضًا. ١٦فإِذا كُنتَ لا تُبارِكُ إِلَّا بِروحِكَ، فكَيفَ يُجيبُ الحاضِرُ غَيرُ العارِفِ عن شُكرِكَ: آمين، وهو لا يَعلَمُ ما تَقول؟ ١٧إِنَّكَ أَحسَنتَ الشُّكْر، ولٰكِنَّ غَيرَكَ لم يَحْظَ بِشَيءٍ لِلبُنْيان. ١٨إِنِّي، والحَمدُ للهِ، أَتَكَلَّمُ بِلُغاتٍ أَكثَرَ مِمَّا تَتَكلَّمونَ كُلُّكُم، ١٩ولٰكِنِّي أُوثِرُ أَن أَقولَ وأَنا في الجَماعَةِ خَمسَ كَلِماتٍ بِعَقْلي أُعلِّمُ بِها الآخَرين على أَن أَقولَ عَشَرَةَ آلافِ كَلِمَةٍ بِلُغات.

٢٠لا تَكونوا أَيُّها الإِخوَةُ أَطفالًا في الرَّأي، بل تَشَبَّهوا بِالأَطفالِ في الشَّرّ، وكونوا راشِدينَ في الرَّأي. ٢١فقَد وَرَدَ في الشَّريعَة: «قالَ الرَّبّ: سَأُكَلِّمُ هٰذا الشَّعبَ بِلِسانِ أُناسٍ لَهم لُغةٌ غَريبةٌ وبِشِفاهٍ غَريبة، ومع ذٰلِكَ لا يُصْغونَ إِليَّ». ٢٢فاللُّغاتُ إِذًا لَيسَت آيةً لِلمُؤمِنين، بل لِغَيرِ المُؤمِنين، على أَنَّ النُّبوءَةَ لَيسَت لِغَيرِ المُؤمِنين، بل لِلمُؤمِنين. ٢٣فلَوِ ٱجتَمَعَتِ الجَماعةُ كُلُّها وتَكَلَّمَ جَميعُ مَن فيها بِلُغات، فدَخَلَ قَومٌ مِن غَيرِ العارِفينَ أَو مِن غَيرِ المُؤمنين، أَفلا يَقولونَ إِنَّكم جُنِنتُم. ٢٤ولٰكِن لو تَنَبَّأُوا كُلُّهُم، فدَخَلَ علَيهِم غَيرُ مُؤمِنٍ أَو غَيرُ عارِف، لَوَبَّخَه كُلُّهم ودانوه كُلُّهم، ٢٥فتَنكَشِفُ خَفايا قَلْبِه، فيَسقُطُ على وَجهِه ويَعبُدُ اللهَ مُعلِنًا أَنَّ اللهَ بَينَكُم حَقًّا.

المواهب من الوجهة العمليّة

٢٦فماذا إِذًا أَيُّها الإِخوَة؟ إِذا ٱجتَمَعتُم، قد يَأتي كُلٌّ مِنكُم بِمَزمورٍ أَو تَعليمٍ أَو وَحْيٍ أَو كَلامٍ بِلُغات أَو تَرجَمة، فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيءٍ مِن أَجْلِ البُنْيان. ٢٧فإِذا تَكَلَّمتُم بِلُغات، فلْيَتَكَلَّمْ مِنْكُمُ ٱثْنانِ أَو ثَلاثةٌ على الأَكثَر، واحِدًا واحِدًا، ولْيَكُنْ فيكُم مَن يُتَرجِم. ٢٨فإِن لم يَكُنْ مُتَرجِم، فلْيَصمُتِ المُتكَلِّمُ بِلُغاتٍ في الجماعَة ولْيُحدِّثْ نَفْسَه والله. ٢٩أَمَّا الأَنبِياء، فلْيَتَكَلَّمْ مِنْهُمُ ٱثْنانِ أَو ثَلاثة ولْيَحْكُمِ الآخَرون. ٣٠وإِن أُوحِيَ إِلى غَيرِهِم مِنَ الحاضِرين، فلْيَصمُتْ مَن كانَ يَتَكَلَّم، ٣١لِأَنَّه بِوُسْعِكُم جَميعًا أَن تَتَنَبَّأُوا، الواحِدُ بَعدَ الآخَر، لِيَتَعَلَّمَ جَميعُ الحاضِرينَ ويَتَشَدَّدوا. ٣٢إِنَّ أَرواحَ الأَنبِياءِ خاضِعةٌ لِلأَنبِياء، ٣٣فلَيسَ اللهُ إِلٰهَ البَلْبَلة، بل إِلٰهُ السَّلام.

٣٤ولْتَصمُتِ النِّساءُ في الجَماعات، شَأنَها في جَميعِ كَنائِسِ القِدِّيسين، فإِنَّه لا يُؤذَنُ لَهُنَّ بِالتَّكلُّم. وعلَيهنَّ أَن يَخضَعْنَ كما تَقولُ الشَّريعةُ أَيضًا. ٣٥فإِن رَغِبْنَ في تَعَلُّمِ شَيء، فلْيَسأَلْنَ أَزواجَهُنَّ في البَيت، لِأَنَّه مِن غَيرِ اللَّائِقِ لِلمَرأَةِ أَن تَتَكَلَّمَ في الجَماعة. ٣٦أَعَنكُم خَرَجَت كَلِمَةُ الله، أَم إِلَيكُم وَحدَكم بَلَغَت؟ ٣٧إِن عَدَّ أَحَدٌ نَفْسَه نَبِيًّا أَو مُلهَمًا أَلهَمَه الرُّوح، فلْيَعرِفْ أَنَّ ما أَكتُبُ بِه إِلَيكُم هو وَصِيَّةُ الرَّبّ، ٣٨فإِن أَنكَرَ أَحَدٌ ذٰلك، فقَد أَنكَرَه الله.

٣٩فٱطمَحوا إِذًا يا إِخوَتي إِلى النُّبوءَة ولا تَمنَعوا أَحَدًا أَن يَتكلَّمَ بِلُغات. ٤٠ولْيَكُنْ كُلُّ شَيءٍ بِأَدَبٍ ونِظام.

قورنتس الأولى ١٥

٤. قيامة الأموات

١أُذَكِّرُكم أَيُّها الإِخوَةُ البِشارَةَ الَّتي بَشَّرتُكم بِها وقَبِلتُموها ولا تَزالونَ علَيها ثابِتين، ٢وبِها تَنالونَ الخَلاصَ إِذا حَفِظتُموها كما بَشَّرتُكم بِها، وإِلَّا فقَد آمَنتُم باطِلًا.

٣سَلَّمتُ إِلَيكم قبلَ كُلِّ شَيءٍ ما تَسَلَّمتُه أَنا أَيضًا، وهو أَنَّ المسيحَ ماتَ مِن أَجْلِ خَطايانا كما وَرَدَ في الكُتُب، ٤وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب، ٥وأَنَّه تَراءَى لِصَخْرٍ فالِاثْنَي عَشَر، ٦ثُمَّ تَراءَى لِأَكثَرَ مِن خَمْسِمائَةِ أَخٍ معًا لا يَزالُ مُعظَمُهُم حَيًّا وبَعضُهُم ماتوا، ٧ثُمَّ تَراءَى لِيَعْقوب، ثُمَّ لِجَميعِ الرُّسُل، ٨حتَّى تَراءَى آخِرَ الأَمرِ لي أَيضًا أَنا السِّقْط.

٩ذٰلك بأَنِّي أَصغَرُ الرُّسُل، ولَستُ أَهْلًا لِأَن أُدْعى رَسولًا لِأَنِّي ٱضطَهَدتُ كَنيسةَ الله، ١٠وبِنِعمَةِ اللهِ ما أَنا علَيه، ونِعمَتُه عَلَيَّ لم تَذهَبْ سُدًى، فقَد جَهَدتُ أَكثَرَ مِنهُم جَميعًا، وما أَنا جَهَدتُ، بل نِعمَةُ اللهِ الَّتي هي معي. ١١أَفكُنتُ أَنا أَم كانوا هُم، هٰذا ما نُعلِنُه وهٰذا ما بِه آمَنتُم.

١٢فإِذا أُعلِنَ أَنَّ المَسيحَ قامَ مِن بَينِ الأَموات، فكَيفَ يَقولُ بَعضُكُم إِنَّه لا قِيامَةَ لِلأَموات؟ ١٣فإِن لم يَكُنْ لِلأَمواتِ مِن قِيامة، فإِنَّ المَسيحَ لم يَقُمْ أَيضًا. ١٤وإِن كانَ المسيحُ لم يَقُمْ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإِيمانُكُم أَيضًا باطِل. ١٥بل نَكونُ عِندَئِذٍ شُهودَ زُورٍ على الله، لِأَنَّنا شَهِدْنا على اللهِ أَنَّه قد أَقامَ المسيح وهو لم يُقِمْه، هٰذا إِن صَحَّ أَنَّ الأَمواتَ لا يَقومون. ١٦فإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومون، فالمسيحُ لم يَقُمْ أَيضًا. ١٧وإِذا لم يَكُنِ المسيحُ قد قام، فإِيمانُكم باطِل ولا تَزالونَ بِخَطاياكم، ١٨وإِذًا فالَّذينَ ماتوا في المسيحِ قد هَلَكوا. ١٩وإِذا كانَ رَجاؤُنا في المسيحِ مَقصورًا على هٰذهِ الحَياة، فنَحنُ أَحقُّ جَميعِ النَّاسِ بِأَن يُرْثى لَهم.

٢٠كَلَّا! إِنَّ المَسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكْرُ الَّذينَ ماتوا. ٢١عَن يَدِ إِنسانٍ أَتى المَوت، فعَن يَدِ إِنسانٍ أَيضًا تَكونُ قيامةُ الأَموات، ٢٢وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذٰلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح، ٢٣كُلُّ واحِدٍ ورُتْبَتُه. فالبِكرُ أَوَّلًا وهو المَسيح، ثُمَّ الَّذينَ يَكونونَ خاصَّةَ المسيحِ عِندَ مَجيئِه. ٢٤ثُمَّ يَكونُ المُنتَهى حِينَ يُسَلِّمُ المُلْكَ إِلى اللهِ الآب بَعدَ أَن يَكونَ قد أَبادَ كُلَّ رِئاسةٍ وسُلطانٍ وقُوَّة. ٢٥فلا بُدَّ لَه أَن يَملِكَ «حتَّى يَجعَلَ جَميعَ أَعدائِه تَحتَ قَدَمَيه». ٢٦وآخِرُ عَدُوٍّ يُبيدُه هو المَوت، ٢٧لِأَنَّهُ «أَخضَعَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قَدَمَيه». وعِندَما يَقول: «قد أُخضِعَ كُلُّ شَيء»، فمِنَ الواضِحِ أَنَّه يَستَثْني الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شَيء. ٢٨ومتى أُخضِعَ لَه كُلُّ شَيء، فحينَئِذٍ يَخضَعُ الِٱبْنُ نَفْسُه لِذاكَ الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شَيء، لِيكونَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شَيء.

٢٩وإِذا كانَ الأَمْرُ على خِلافِ ذٰلك، فما تُرى يَعمَلُ الَّذينَ يَعْتَمِدونَ مِن أَجلِ الأَموات؟ وإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومونَ البتَّة، فلِماذا يَعتَمِدونَ مِن أَجلِهم؟ ٣٠ولِماذا نَتَعَرَّضُ نَحنُ لِلخَطَرِ كُلَّ حِين؟ ٣١أَشهَدُ، أَيُّها الإِخوَةُ، بِما لي مِن فَخْرٍ بِكُم في رَبِّنا يسوعَ المسيح، أَنِّي أُواجِهُ المَوتَ كُلَّ يَوم. ٣٢فإِذا كُنتُ قد حارَبتُ الوُحوشَ في أَفَسُس، على ما يَقولُ النَّاس، فأَيَّةُ فائِدَةٍ لي؟ وإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومون، «فلْنَأكُلْ ولْنَشْرَبْ فإِنَّنا غَدًا نَموت». ٣٣لا تَضِلُّوا: «إِنَّ المُعاشراتِ الرَّديئَةَ تُفسِدُ الأَخلاقَ السَّليمة». ٣٤إِصحُوا كما يَنبَغي ولا تَخطَأُوا، لِأَنَّ بَينَكم قَومًا يَجهَلونَ اللهَ كُلَّ الجَهْل. لإِخْجالِكم أَقولُ ذٰلك!

كيف تكون القيامة

٣٥ورُبَّ قائِلٍ يَقول: «كَيفَ يَقومُ الأَموات؟ في أَيِّ جَسَدٍ يَعودون؟» ٣٦يا لَكَ مِن غَبِيّ! ما تَزرَعُه أَنتَ لا يَحْيا إِلَّا إِذا مات. ٣٧وما تَزرَعُه هو غَيرُ الجِسْمِ الَّذي سَوفَ يَكون، ولٰكِنَّه مُجَرَّدُ حَبَّةٍ مِنَ الحِنطَةِ مَثَلًا أَو غَيرِها مِنَ البُزور، ٣٨وإِنَّ اللهَ يَجعَلُ لَها جِسْمًا كما يَشاء، يَجعَلُ لِكُلٍّ مِنَ البُزورِ جِسْمًا خاصًّا.

٣٩لَيسَتِ الأَجسامُ كُلُّها سَواء، فلِلنَّاسِ جِسْمٌ ولِلماشِيَةِ جِسْمٌ آخَر، ولِلطَّيرِ جِسْمٌ ولِلسَّمَكِ جِسْمٌ آخَر، ٤٠ومِنها أَجرامٌ سَماوِيَّة وأَجسامٌ أَرْضِيَّة، فلِلأَجرامِ السَّماوِيَّةِ ضِياء ولِلأَجْسامِ الأَرضِيَّةِ ضِياءٌ آخَر. ٤١الشَّمْسُ لَها ضِياء والقَمَرُ لَه ضِياءٌ آخَر، ولِلنَّجْمِ ضِياء، وكُلُّ نَجْمٍ يَخْتَلِفُ بِضِيائِه عنِ الآخَر. ٤٢وهٰذا شَأنُ قِيامَةِ الأَموات: يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِفَساد والقِيامةُ بِغَيرِ فَساد. ٤٣يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِهَوان والقِيامَةُ بِمَجْد. يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِضُعْف والقِيامةُ بِقُوَّة. ٤٤يُزرَع جِسْمٌ بَشَرِيٌّ فيَقومُ جِسْمًا رُوحِيًّا.

وإِذا كانَ هُناكَ جِسْمٌ بَشَرِيّ، فهُناكَ أَيضًا جِسْمٌ رُوحِيّ، ٤٥فقد وَرَدَ في الكِتاب: «كانَ آدمُ الإِنسانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّة» وكانَ آدمُ الآخِرُ رُوحًا مُحْيِيًا. ٤٦ولٰكِن لم يَظهَرِ الرُّوحِيُّ أَوَّلًا، بلِ البَشَرِيّ، وظَهَرَ الرُّوحِيُّ بَعدَه. ٤٧الإِنسانُ الأَوَّلُ مِنَ التُّراب فهو أَرْضِيّ، والإِنسانُ الآخَرُ مِنَ السَّماء. ٤٨فعَلى مِثالِ الأَرضِيِّ يَكونُ الأَرضِيُّون، وعلى مِثالِ السَّماوِيِّ يَكونُ السَّماوِيُّون. ٤٩وكما حَمَلْنا صُورةَ الأَرضِيّ، فكذٰلك نَحمِلُ صُورَةَ السَّماوِيّ.

٥٠أَقولُ لَكم، أَيُّها الإِخوَة، إِنَّ اللَّحْمَ والدَّمَ لا يَسَعُهما أَن يَرِثا مَلَكوتَ الله، ولا يَسَعُ الفَسادَ أَن يَرِثَ ما لَيسَ بِفَساد. ٥١وإِنِّي أَقولُ لَكم سِرًّا: إِنَّنا لا نَموتُ جَميعًا، بل نَتَبدَّلُ جَميعًا، ٥٢في لَحْظَةٍ وطَرْفةِ عَين، عِندَ النَّفْخِ في البُوقِ الأَخير. لِأَنَّه سيُنفَخُ في البُوق، فيَقومُ الأَمواتُ غَيرَ قابِلينَ لِلفَساد ونَحنُ نَتَبَدَّلُ. ٥٣فلا بُدَّ لِهٰذا الكائِنِ الفاسِدِ أَن يَلبَسَ المَنَعَةَ مِنَ الفَساد، ولِهٰذا الكائِنِ الفاني أَن يَلبَسَ الخُلود.

نشيد النصر

٥٤ومَتى لَبِسَ هٰذا الكائِنُ الفاسِدُ المَنَعَةَ مِنَ الفَساد، ولَبِسَ الخُلودَ هٰذا الكائِنُ الفاني، حينَئذٍ يَتِمُّ قَولُ الكِتاب: «قدِ ٱبتَلَعَ النَّصْرُ المَوت». ٥٥فأَينَ يا مَوتُ نَصْرُكَ؟ وأَينَ يا مَوتُ شَوكَتُكَ؟ ٥٦إِنَّ شَوكَةَ المَوتِ هيَ الخَطيئة، وقُوَّةَ الخَطيئَةِ هيَ الشَّريعة. ٥٧فالشُّكرُ للهِ الَّذي آتانا النَّصْرَ عَن يَدِ رَبِّنا يسوعَ المسيح!

٥٨فكونوا إِذًا، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء، ثابِتينَ راسِخين، مُتَقَدِّمينَ في عَمَلِ الرَّبِّ دائِمًا، عالِمينَ أَنَّ جَهْدَكُم لا يَذهَبُ سُدًى عِندَ الرَّبّ.

قورنتس الأولى ١٦

٥. الخاتمة

وصيّات وتحيّات ودعاء الختام

١وأَمَّا جَمْعُ الصَّدَقاتِ لِلقِدِّيسين، فٱعمَلوا أَنتُم أَيضًا بما رَتَّبتُه في كَنائِسِ غَلاطِيَة، ٢وهو أَن يَضَع كُلٌّ مِنكُم في أَوَّلِ يَومٍ مِن كُلِّ أُسبوعٍ إِلى جانِبٍ ما تَيَسَّرَ لَه ٱدِّخارُه، فلا يَكونَ جَمْعُ الصَّدَقاتِ يَومَ قُدومي. ٣ومَتى حَضَرتُ أَرسَلتُ الَّذينَ تَعُدُّونَهم أَهلًا وزَوَّدتُهم بِرَسائِل، لِيَحمِلوا هِبَتَكم إِلى أُورَشَليم. ٤وإِذا كان هُناكَ ما يدعو إِلى أَن أُسافِرَ أَنا أَيضًا، فيُسافِرونَ هم معي.

٥سأَقدَمُ إِلَيكُم بَعدَ أَن أَمُرَّ بِمَقْدونِيَة، فإِنِّي سَأَمُرُّ بِها. ٦ورُبَّما أَقَمتُ، لا بَل شَتَوتُ بَينَكُم لِتُقدِّموا لِيَ العَونَ على السَّفَرِ إِلى حَيثُ أَذهَب، ٧فإِنِّي لا أُريدُ أَن أَراكُم هٰذِه المَرَّةَ رُؤيَةَ عابِرِ سَبيل، بل أَرْجو أَن أَمكُثَ بَينَكُم مُدَّةً بِإِذْنِ الرَّبّ. ٨وسأَظَلُّ في أَفَسُس إِلى العَنصَرة، ٩فقدِ ٱنفَتَحَ لي فيها بابٌ لِلعَمَلِ كَبيرٌ والخُصومُ كَثيرون.

١٠وإِذا قَدِمَ طيموتاوُس فٱنتَبِهوا إِلى أَن يَكونَ بَينَكُم مُطمَئِنَّ النَّفْس، لِأَنَّه يَعمَلُ مِثْلي عَمَلَ الرَّبّ. ١١فلا يَستَخِفَّ بِه أَحَدٌ مِنكُم، بل قدِّموا لَه العَونَ بِسَلام، لِيَعودَ إِلَيَّ، فإِنِّي أَنتَظِرُه مع الإِخوَة. ١٢أَمَّا أَخونا أَبُلُّس، فقَد أَلحَحتُ علَيه أَن يَذهَبَ إِلَيكُم مع الإِخوَة، فلَم يَشَأْ على الإِطْلاقِ أَن يَذهَبَ إِلَيكم في الوَقْتِ الحاضِر، وسيَذهَبُ عِندَما تَسنَحُ لَه الفُرْصَة.

١٣تَنَبَّهوا وٱثبُتوا في الإِيمان، كونوا رِجالًا، كونوا أَشِدَّاء، ١٤ولْتَكُنْ أُمورُكُم كُلُّها بِمحبَّة.

١٥أُناشِدُكُم أَيُّها الإِخوَة: تَعلَمونَ أَنَّ أُسْرَةَ أَسطِفاناس هي باكورَةُ آخائِية وأَنَّها وَقَفَت نَفْسَها على خِدمَةِ القِدِّيسين. ١٦فعلَيكُم أَنتُم أَن تُذْعِنوا لِأَمثالِ هٰؤُلاءِ ولِكُلِّ مَن يَعمَلُ ويَجهَدُ معَهم. ١٧سَرَّني مَجيءُ أَسطِفاناس وفُرْطُناتُس وأَخائِقُس، فقَد قاموا مَقامَكُم في غِيابِكم ١٨وطَمْأَنوا نَفْسي ونُفوسَكُم، فقَدِّرُوا أَمثالَهم حَقَّ قَدرِهم.

١٩تُسلِّمُ علَيكُم كَنائِسُ آسِية، ويُسَلِّمُ علَيكُم في الرَّبِّ تَسليمًا أَقيلا وبِرِسْقَة والكَنيسةُ الَّتي تَجتَمِعُ في بَيتِهما. ٢٠يُسلِّمُ علَيكُم جَميعُ الإِخوَة. سَلِّموا بَعضُكُم على بَعضٍ بِقُبلَةٍ مُقَدَّسة.

٢١هٰذا السَّلامُ بخَطِّ يَدي أَنا بولُس.

٢٢إِن كانَ أَحَدٌ لا يُحِبُّ الرَّبّ، فاللَّعنَةُ علَيه! «مارانا تا».

٢٣علَيكُم جَميعًا نِعمَةُ الرَّبِّ يسوع!

٢٤مَحَبَّتي لَكم جَميعًا في المسيحِ يسوع.