اختر صفحة

سِفْرُ طوبيّا

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

طوبيّا ١

طوبيّا ٧

طوبيّا ١٣

طوبيّا ٢

طوبيّا ٨

طوبيّا ١٤

طوبيّا ٣

طوبيّا ٩

طوبيّا ٤

طوبيّا ١٠

طوبيّا ٥

طوبيّا ١١

طوبيّا ٦

طوبيّا ١٢

طوبيّا ١

طوبيّا ٢

طوبيّا ٣

طوبيّا ٤

طوبيّا ٥

طوبيّا ٦

طوبيّا ٧

طوبيّا ٨

طوبيّا ٩

طوبيّا ١٠

طوبيّا ١١

طوبيّا ١٢

طوبيّا ١٣

طوبيّا ١٤

 سِفرُ طوبيَّا

مدخل

سِفر طوبيّا هو جوهرة من جواهر الأدب الكتابيّ. إنّه عبارة عن رواية شعبيّة قد اقتُبست من التقليد الحِكَميّ الشائع في العالم الوثنيّ المحيط باليهوديّة، وهو مؤلَّف أخلاقيّ يستمدّ أفكاره من الأسفار الكتابيّة، وفي روعته ما يشهد على ما كان لليهوديّة في القرون التي تبعت الجلاء من حيويّة إنسانيّة ودينيّة.

محتوى الكتاب

أُسرتان يهوديّتان متصاهرتان جُليتا الواحدة إلى نينوى والأخرى إلى أحْمَتا (همدان)، إلى ما يقال له اليوم العراق وإيران. نزلت بكلتيهما المصائب، من دون أن ترتكبا أيّ ذنب، إذ إنّهما لزمتا الحفاظ على الشريعة. فقدَ طوبيت، ربّ الأسرة الأولى، عيشه الرغيد، لا بل فقَدَ بصره، في أثر قيامه بدفن جثّة امرئٍ مجهولٍ من أبناء بلده، معرّضًا حياته للخطر. وأمّا سارة، ابنة الأسرة الأخرى الوحيدة، فقد مسَّها شيطان أحبط سبع مرّات محاولتها للزواج فقتل أزواجها السبعة ليلة العرس. إستجاب الله صلاة طوبيت وسارة وقضى بأن يشفيهما عن يد الملاك رافائيل، ومعنى اسمه «الله يشفي». أراد طوبيت أن يضمن مستقبل ابنه طوبيّا فعزم على إرساله ليستردّ قدرًا من المال كان قد أودعه في ميديا، مزوِّدًا إيّاه مبادئ حكمة الأجداد. واتَّخذ رافائيل صورة بشريّة وتطوّع ليكون دليل الرحلة، فرافق طوبيّا في سَفَرٍ مليء بالأخطار انتهى بتحرير نسيبته سارة من الشيطان وبالزواج منها. ولمّا رجع إلى البيت، شفى أباه بفضل نصائح رافائيل أيضًا. فعادت إلى الأسرتين سعادتهما. ثمّ كشف رافائيل عن سرّه واختفى. وتنتهي القصّة بالشكر لله وبارتقاب الخلاص الآتي.

طوبيّا ١

طوبِيَّا

١سِفرُ أَخبارِ طوبيتَ بنِ طوبيئيلَ بنِ حَنَنْئيلَ بنِ عَدوئيلَ بنِ جَبَعْئيل، مِن نَسْلِ عَسائيل ومِن سِبْطِ نَفْتالي. ٢في أَيَّامِ شَلْمَنْآسَر، مَلِكِ أَشُّور، جُلِيَ مِن تِشْبَةَ في جَنوبِ قادَشَ نَفْتالي في الجَليلِ الأَعْلى فَوقَ حاصور وَراءَ شَمسِ الغُروبِ وإِلى شَمالِ صَفَت. 

١. طوبيت المجلوّ

٣أَنا طوبيتَ سَلَكْتُ سُبُلَ الحَقِّ وأَعْمالَ البِرِّ جَميعَ أَيَّامِ حَياتي وتَصَدَّقتُ كَثيرًا على إِخْوَتي وعلى بَني أُمَّتي الَّذينَ جُلوا معي إِلى نينَوى في بِلادِ أَشُّور. ٤لَمَّا كُنتُ في بِلادي في أَرضِ إِسْرائيل وكُنتُ شابًّا، انفَصَلَ كُلُّ سِبْطِ نَفْتالي جَدِّي عن بَيتِ داوُدَ وعن أُورَشَليم، المَدينةِ المُخْتارَةِ مِن بَينِ جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ لِتَكون مَكانَ ذَبائِحِهم، وحَيثُ قُدِّسَ هَيكَلُ سُكْنى الله وبُنِيَ لِجَميعِ الأَجْيال. ٥وكانَ جَميعُ إِخْوَتي وبَيتُ نَفْتالي جَدِّي يَذبَحونَ لِلْعِجلِ الَّذي صَنَعَه يارُبْعام، مَلِكُ إِسْرائيل، في دانَ على جَميعِ جِبالِ الجَليل.

٦أَمَّا أَنا فكَثيرًا ما كُنتُ أَذهَبُ وَحْدي إِلى أُورَشَليمَ في الأَعْياد، بِحَسَبِ ما كُتِبَ في كُلِّ إِسْرائيلَ بِفَريضةٍ أَبَدِيَّة. كُنتُ أُسرِعُ إِلى أُورَشَليمَ بِالبَواكيرِ والأَبْكارِ وعُشورِ الماشِيَةِ وأُولى جِزَزِ الخِراف، ٧فأُقَدِّمُها لِلكَهَنَةِ بَني هارونَ مِن أَجْلِ المَذْبَح. وكُنتُ أُقَدِّمُ لِبَني لاوِيَ الخادِمينَ في أُورَشَليم عُشورَ الخَمْرِ والقَمْحِ والزَّيتونِ والرُّمَّانِ وسائِرِ الفَواكِه. وأَمَّا العُشورُ الثَّانِيَةُ فكُنتُ أُؤَدِّيها فِضَّةً مُدَّةَ سِتِّ سَنَواتٍ وأَمْضي فأُنفِقُها كُلَّ سَنَةٍ في أُورَشَليم. ٨وكُنتُ أُقَدِّمُ العُشورَ الثَّالِثَةَ لِلْيَتامى والأَرامِلِ والنُّزَلاءِ المُقيمينَ مع بَني إِسْرائيل، أَذهَبُ بِها وأُقَدِّمُها لَهُم كُلَّ ثَلاثِ سَنَوات، فنَأكُلُها بِحَسَبِ ما رُسِمَ بِشأنِها في الشَّريعَةِ الموسَوِيَّة وبِحَسَبِ ما أَوصَت بِه دَبورةُ أُمُّ حَنَنْئيلَ أَبينا، لِأَنَّ أَبي تَرَكَني يَتيمًا بَعدَ مَوتِه. ٩ولَمَّا صِرتُ رَجُلًا، اِتَّخَذتُ لِيَ ٱمرَأَةً مِنْ نَسْلِ قَرابَتِنا ٱسمُها حَنَّة، ووَلَدتُ مِنها ٱبْنًا وسَمَّيتُه طوبِيَّا.

١٠وبَعدَ الجَلاءِ إِلى أَشُّور ولَمَّا جُليتُ أَنا أَيضًا، ذَهَبتُ إِلى نينَوى. وكانَ جَميعُ إِخوَتي وبنو أُمَّتي يأكُلونَ مِن طَعامِ الأُمَم. ١١أَمَّا أَنا فكُنتُ أَصونُ نَفْسي مِن أَكْلِ طَعامِ الأُمَم. ١٢ولَمَّا كُنتُ أَذكُرُ اللهَ بِكُلِّ قَلْبي، ١٣آتاني العَلِيُّ حُظْوَةً لَدى شَلْمَنْآسَر، فكُنتُ أَتَسَوَّقُ لَه كُلَّ ما يَحْتاجُ إِلَيه، ١٤فأَذهَبُ إِلى ميديا وأَتَسَوَّقُ لَه فيها حَتَّى وَفاتِه، فأَودَعتُ جَبَعْئيل، أَخا جَبْري، في راجيسَ ميدِيا، أَكْياسًا مِنَ الفِضَّةِ تَبلُغُ عَشرَةَ قَناطير.

١٥ولَمَّا ماتَ شَلْمَنْآسَر ومَلَكَ سَنْحاريبُ ٱبنُه مَكانَه فأُغلِقَت طُرُقُ ميدِيا، لم أَعُدْ أَستَطيعُ الذَّهابَ إِلَيها. ١٦في أَيَّامِ شَلْمَنْآسَر، تَصَدَّقتُ كَثيرًا على إِخوَتي بَني قَومي. ١٧فكُنتُ أُقَدِّمُ خُبْزي لِلجِياعِ وثِيابًا لِلْعُراة، وإِذا رَأَيتُ أَحَدًا مِن بَني أُمَّتي قد ماتَ وأُلقِيَ مِن وَراءِ أَسْوارِ نينَوى، كُنتُ أَدفِنُه. ١٨وإِذا قَتَلَ سَنْحاريبُ أَحدًا عِندَ عَودَتِه هارِبًا من اليَهودِيَّة، في أَيَّامِ العِقابِ الَّذي أَنزَلَه بِهِ مَلِكُ السَّماءِ بِسَبَبِ التَّجاديفِ الَّتي فاهَ بها، كُنتُ أَدفِنُه. لَقَد قَتَلَ في غَضَبِه كَثيرًا مِن بَني إِسْرائيل. فكُنتُ أَسرِقُ جُثَثَهم وأَدفِنُها. وكانَ سَنْحاريبُ يَبحَثُ عَنها فلا يَجِدُها. ١٩وقَدِمَ أَحَدُ سُكَّانِ نينَوى فأَخبَرَ المَلِكَ في شأني بِأَنِّي أَدفِنُها، فٱختَبَأتُ. ولَمَّا بَلَغَني أَنَّ المَلِكَ عالِمٌ بِأَمْري وأَنَّه يَسْعى لِقَتْلي، هَرَبتُ خُفْيَةً. ٢٠فٱستَولى على كُلِّ ما هو لي ولم يُترَكْ لي شيءٌ إِلَّا صُودِرَ لِبَيتِ المال، عَدا حَنَّةَ ٱمْرَأَتي وطوبِيَّا ٱبني.

٢١ولم يَنقَضِ أَربَعونَ يَومًا حَتَّى قَتَلَ المَلِكَ ٱبناه وهَرَبا إِلى جِبالِ أَرارات. فمَلَكَ آسَرحَدُّونَ ٱبنُه مَكانَه. وولَّى أَخيكارَ ٱبنَ أَخي عَنائيل على جَميعِ حِساباتِ مَملَكَتِه، وكانَ لَه سُلْطانٌ على جَميعِ الشُّؤونِ الإِدارِيَّة. ٢٢فتَوَسَّطَ لي أَخيكار فعُدتُ إِلى نينَوى. ذٰلك بأَنَّ أَخيكارَ كانَ رَئيسَ السُّقاةِ وأَمينَ السِّرِّ ورَئيسَ الشُّؤُونِ الإِداريَّةِ والحِساباتِ على عَهْدِ سَنْحاريبَ مَلِكِ أَشُّور، وقد ثَبَّتَه آسَرحَدُّونُ في مَناصِبِه. وكانَ ٱبنَ أَخي ومِن قَرابَتي.

طوبيّا ٢

٢. طوبيتُ الأَعْمى

١وعلى عَهْدِ آسَرحَدُّونَ المَلِك، عُدتُ إِلى مَنزِلي ورُدَّت لي حَنَّةُ ٱمرَأَتي وطوبِيَّا ٱبني. وفي عيدِنا العَنْصَرَة (وهو عيدُ الأَسابيعِ المُقَدَّس)، أُقيمَت لي مأدُبَةٌ فاخِرة، وجَلَستُ لِلطَّعام ٢وقُرِّبَت إِلَيَّ المائِدَة وجيءَ لي بِأَلْوانٍ كَثيرة. فقُلتُ لِطوبِيَّا ٱبني: «هَلُمَّ، يا بُنَيَّ، ومَن تَجِدُه فقيرًا يَذكُرُ اللهَ بِكُلِّ قَلبِه بَينَ إِخوَتِنا المَجلُوِّينَ إِلى نينَوى، فأتِ بِه لِيُشارِكَني في الطَّعام. وها إِنِّي في ٱنتِظارِكَ، يا بُنَيَّ، إِلى أَن تعود». ٣فذَهَبَ طوبِيَّا يَبحَثُ عن فقيرٍ مِن إِخْوَتِنا. ولكِنَّه عادَ فقال: «أَبَتِ». قُلتُ لَه: «نعم، يا بُنَيَّ». فأجابَ فقال: «أَبَتِ، ذُبِحَ واحِدٌ مِن أُمَّتِنا وأُلْقِيَ في السَّاحَةِ مَخْنوقًا»، ولا يَزالُ هُناكَ. ٤فوَثَبتُ تارِكًا العَشاءَ قَبلَ أَن أَذوقَ مِنه شَيئًا، ورَفَعتُ الجُثَّةَ مِنَ السَّاحة ووَضَعتُها في إِحْدى الغُرَف، إِلى أَن تَغيبَ الشَّمسُ فأَدفِنَها. ٥ورَجَعتُ وٱغتَسَلتُ وتَناولتُ الخُبزَ حَزينًا. ٦فذَكَرتُ الكَلامَ الَّذي تَكَلَّمَ بِه عاموسُ النَّبِيُّ على بَيتِ إِيلَ حَيثُ قال:

«ستُحوَّلُ أَعْيادُكم نَوحًا

وجَميعُ أَناشيدِكم رِثاءً».

٧فبَكَيتُ. ولَمَّا غَرَبَتِ الشَّمسُ، ذَهَبتُ فحَفَرتُ حُفرَةً ودَفَنتُ الجُثَّة. ٨وكانَ جيراني يقولونَ ساخِرين: «لم يَعُدْ يَخاف، فقَد سَبَقَ أَن سَعَوا إِلى قَتلِه بِسَبَبِ مِثلِ هٰذا الأَمرِ، فهَرَب خُفيَةً، وها هوذا يَعودُ إِلى دَفْنِ المَوتى».

٩وفي تِلكَ اللَّيلَةِ ٱغتَسَلتُ فدَخَلتُ ساحةَ داري ورَمَيتُ بِنَفْسي على طولِ حائِطِ الدَّارِ مَكْشوفَ الوَجهِ لِشِدَّةِ الحَرِّ ١٠وغَيرَ عالِمٍ بِأَنَّ في الحائِطِ عَصافيرَ دُورِيَّةً فَوقي، فوَقَعَ ذَرْقُها في عَينَيَّ وهو سُخْنٌ فأَحدَثَ بُقَعًا بَيضاءَ، فذهبتُ إِلى الأَطِبَّاءِ لِمُعالَجَتِها. وكُنتُ كُلَّما أَكثَروا مِن وَضْعِ المَراهِم، أَزدادُ عَمًى بِسَبَبِ البُقَعِ البَيضاء، حَتَّى عَمِيتُ تَمامًا. وبَقيتُ أَربَعَ سَنَواتٍ لا أُبصِرُ بِعَينَيَّ، فٱغتَمَّ جَميعُ إِخوَتي لِأَمْري وأَعالَني أَخيكارُ مُدَّةَ سَنَتَين، قَبْلَ أَن يَذهَبَ إِلى أَلِمايِس.

١١وفي ذٰلكَ الزَّمان كانَت حَنَّةُ ٱمرَأَتي تَقومُ بِأَعْمالٍ نِسائِيَّةٍ مَأجورة، ١٢فتُرسِلُ الأَعْمالَ إِلى أَصحابِها وهم يَدفَعونَ لَها أُجرَتَها. وفي السَّابِعِ مِن شُباط قَطَعَتِ السَّداةَ وأَرسَلَتِ القِطعَةَ إِلى أَصْحابِها فدَفَعوا لَها أُجرَتَها كامِلَةً وقَدَّموا لَها جَدْيًا لِلْمائدة. ١٣ولَمَّا دَخَلَت إِلَيَّ، أَخَذَ الجَدْيُ يَثْغو، فدَعَوتُها وقُلتُ: «مِن أَينَ هٰذا الجَدْيُ؟ فقَد يَكونُ مَسْروقًا، فرُدِّيه إِلى أَصْحابِه. فلا يَحِلُّ لَنا أَن نأكُلَ شَيئًا مَسْروقًا». ١٤قالَت لي: «قُدِّمَ لي تَقدِمَةً فَوقَ أُجرَتي». لم أُصَدِّقْها، بل أَمَرتُها بِأَن تَرُدَّه إِلى أَصْحابِه. وكُنتُ خَجِلًا مِن ذٰلك أَمامَها. حينَئِذٍ أجابَت فقالَت لي: «أَينَ صَدَقاتُكَ؟ أَينَ أَعْمالُ بِرِّكَ؟ ما أَتاكَ مِنْها واضِح».

طوبيّا ٣

١وٱغتَمَّت نَفْسي فنُحتُ وبَكَيتُ وبَدَأتُ أُصَلِّي بِأَنين:

٢«عادِلٌ أَنتَ، يا ربّ

وأَعْمالُك كُلُّها عادِلَة

وطُرُقُكَ كُلُّها رَحمَةٌ وحَقّ.

أَنتَ تَدينُ العالَم.

٣فٱذكُرْني الآنَ، يا ربُّ

وٱنظُرْ إِلَيَّ

ولا تُعاقِبْني على خَطاياي

ولا على جَهالاتي

وجَهالاتِ آبائي.

لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلَيكَ

٤ولَم نُطِعْ وَصاياكَ.

فأَسلَمتَنا إِلى النَّهْبِ والجَلاءِ والمَوت

إِلى الأُحْدوثَةِ والأُضْحوكَةِ والشَّتيمة

في جَميعِ الأُمَمِ الَّتي شَتَّتَّنا بَينَها.

٥والآنَ فجَميعُ أَحْكامِكَ صادِقة

إِذا عامَلتَني بِحَسَبِ خَطايايَ وخَطايا آبائي

لِأَنَّنا لم نَعْمَلْ بِوَصاياك

ولَم نَسلُكْ بِحَقٍّ أَمامَكَ.

٦والآنَ فبِحَسَبِ ما يُرْضيكَ عامِلْني

ومُرْ أَن تُستَرَدَّ روحي مِنِّي

لِكَي أَزولَ مِن وَجهِ الأَرض

فأُصبِحَ تُرابًا.

فالمَوتُ لي خَيرٌ مِنَ الحَياة

لِأَنِّي سَمِعتُ شَتائِمَ كاذِبَة

وبي غَمٌّ شديد.

يا رَبّ، مُرْ أَن أَنجُوَ مِن هٰذه الشِّدَّة.

دَعْني أَمْضي إِلى المُقامِ الأَبديّ

ولا تُعرِضْ، يا ربّ، بِوَجْهِكَ عَنِّي

فالمَوتُ لي خَيرٌ مِن مُشاهَدةِ ضيقٍ شَديدٍ

في حَياتي

ومِن سَماعي الشَّتائم.

٣. يأسُ سارة وصلاتُها

٧وٱتَّفَقَ في ذٰلك اليَومِ عَينِه أَنَّ سارةَ، ٱبنَةَ رَعوئيلَ السَّاكِنِ في أَحْمَتا، مَدينةِ الميدِيِّين، سَمِعَت هي أيضًا شَتائمَ مِن إِحْدى جَواري أَبيها، ٨لِأَنَّه كانَ قد عُقِدَ لَها على سَبعَةِ رِجال، وكان أَزْموداوُس، الشَّيطانُ الخَبيث، يَقتُلُهم قَبلَ أَن يَدخُلوا علَيها بِحَسَبِ واجِباتِهِمِ الزَّوجِيَّة. فقالَت لَها الجارِية: «أَنتِ تَقتُلينَ أَزْواجَكِ! ها إِنَّه عُقِدَ لَكِ على سَبْعَةِ رِجال، ولم تُدعَي بِٱسمِ أَحَدِهم ولا مَرَّةً واحِدة! ٩لماذا تُعَذِّبينَنا في شأنِ أَزْواجِكِ لِأَنَّهم ماتوا؟ إِلْحَقي بِهِم! لا رَأَينا لَكِ ٱبنًا ولا ٱبنَةً لِلأَبَد!». ١٠في ذٰلك اليَومِ ٱغتَمَّت نَفسُها وبَكَت وصَعِدَت إِلى عُلِّيَّةِ أَبيها وأَرادَت أَن تَشنُقَ نَفْسَها. ثُمَّ عادت إِلى التَّفكيرِ فقالت: «لرُبَّما شَتَموا أَبي فقالوا لَه: رُزِقتَ ٱبنَةً مَحْبوبةً واحِدَةً فشَنَقَت نَفْسَها بِسَبَبِ مَصائِبِها. لا أُريدُ أَن أُنزِلَ شَيخوخَةَ أَبي في الغَمِّ إِلى مِثْوى الأَمْوات. فخَيرٌ لي أَلَّا أَشنُقَ نَفْسي، بل أَسأَلُ الرَّبَّ أَن أَموتَ ولا أَسمَعَ الشَّتائِمَ بَعدَ اليَومِ في حَياتي». ١١حينَئِذٍ مَدَّت يَدَيها نَحوَ النَّافِذَة وصَلَّت فقالَت:

«مُبارَكٌ أَنتَ، يا إِلٰهَ الرَّحْمة

ومُبارَكٌ ٱسْمُكَ أَبَدَ الدُّهور

ولْتُبارِكْكَ أَعْمالُكَ لِلأَبَد.

١٢إِلَيكَ أَرفَعُ الآنَ وَجْهي وعَينَيَّ.

١٣مُرْ أَن أَنْجُوَ مِنَ الأَرض

ولا أَسْمَعَ الشَّتائِمَ بَعدَ اليَوم.

١٤إِنَّكَ، يا رَبُّ، عالِمٌ بِأَنِّي ما زِلْتُ مُنَزَّهةً

عن كُلِّ دَنَسٍ مع رَجُل.

١٥لم أُدَنِّسِ ٱسْمي ولا ٱسْمَ أَبي

في أَرضِ جَلائي.

إِنِّي وَحيدةٌ لِأَبي

ولم يُرزَقْ وَلَدًا آخَرَ يَرِثُه

ولَيسَ لَه أَخٌ

ولا قَريبٌ أَحفَظُ نَفْسي لِأَكونَ زَوجةً له.

ها إِنِّي فَقَدتُ سَبعَةَ أَزْواج

فلِماذا أَحْيا بَعدَ اليَوم؟

وإِن لم تَشَأْ أَن تَقتُلَني، يا رَبّ

فٱسمَعْ ما يُوجَّهُ إِلَيَّ مِنَ الشَّتائِمَ».

١٦في ذٰلكَ الحينِ ٱستُجيبَت صَلَواتُ الِٱثْنَينِ أَمامَ مَجدِ الله، ١٧فأُرسِلَ رافائيلُ لِيَشْفِيَ كِلا الِٱثْنَين، لِيُزيلَ البُقَعَ البَيضاءَ عن عَينَي طوبيت فيَرى بِعَينَيه نورَ الله، ولِيُعطِيَ سارةَ ٱبنَةَ رَعوئيلَ زَوجةً لِطوبِيَّا بنِ طوبيت ويَطرُدَ عَنها أَزْموداوُسَ الشَّيطانَ الخَبيث. فمِن حَقِّ طوبِيَّا أَن تَكونَ لَه قَبلَ جَميعِ الَّذينَ يُريدونَ أَن يتَّخِذوها. في ذٰلكَ الحين، عادَ طوبيتُ من ساحةِ دارِه إِلى بَيتِه، وأَمَّا سارةُ ٱبنَةُ رَعوئيل فنَزَلَت مِنَ العُلِّيَّة.

طوبيّا ٤

٤. وصايا طوبيت لابنه طوبيّا

١في ذٰلكَ اليَوم، تَذَكَّرَ طوبيتُ المالَ الَّذي أَودَعَه جَبَعئيلَ في راجيسِ ميدِيا ٢وقالَ في قَلْبِه: «ها إِنِّي قد طَلَبتُ الموت، فلِمَ لا أَستَدْعي طوبِيَّا ٱبْني وأُطْلِعُه على ذٰلكَ المالِ قَبلَ أَن أَموت؟». ٣فٱستَدْعى طوبِيَّا ٱبنَه، فذَهَبَ إِلَيه، فقالَ له:

«إِذا مُتُّ، فٱدفِنْ جَسَدي دَفْنًا حَسَنًا، وأَكرِمْ والِدَتَكَ ولا تَترُكْها جَميعَ أَيَّامِ حَياتِها، وٱعمَلْ ما يَطيبُ لَها ولا تُحزِنْ نَفْسَها بأَيِّ أَمرٍ كان. ٤أُذكُرْ، يا بُنَيَّ، المَخاطِرَ الَّتي تَعَرَّضَت لَها من أَجلِكَ وأَنتَ في أَحْشائِها. وإِذا ماتت، فٱدفِنْها إِلى جانِبي في القَبْرِ نَفْسِه.

٥وٱذكُرِ الرَّبَّ، يا بُنَيَّ، جَميعَ أَيَّامِكَ، ولا تَرْضَ بِأَن تَخطَأَ وتَتَعَدَّى وَصاياه. إِعمَل أَعْمالَ البِرِّ جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ، ولا تَسلُكْ سُبُلَ الإِثْم، ٦فإِن عَمِلتَ بالحَقّ، نَجَحتَ في أَعْمالِكَ، ٧شَأنَ الَّذينَ يَعمَلونَ بِالبِرّ.

تَصَدَّقْ مِن مالِكَ ولا تُحَوِّلْ وَجهَكَ عن فَقير، فوَجْهُ اللهِ لا يُحوَّلُ عنكَ. ٨تَصَدَّقْ بِما عِندَكَ وبِحَسَبِ ما يَتَوَفَّرُ لَكَ. إِن كانَ لَكَ كَثير فٱبذُلْ كَثيرًا، وإِن كانَ لكَ قَليل فٱبذُلْ قليلًا، ولكِن لا تَخَفْ أَن تَتَصَدَّق. ٩فإِنَّكَ تَذَّخِرُ لَكَ كَنْزًا حَسَنًا إِلى يَومِ العَوَز. ١٠لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُنقِذُ مِنَ المَوت ولا تَدَعُ النَّفْسَ تَصيرُ إِلى الظُّلْمَة. ١١الصَّدَقَةُ تَقدِمةٌ حَسَنَةٌ لِجَميعِ صانِعيها أَمامَ العَلِيّ.

١٢إِحْذَرْ لِنَفْسِكَ، يا بُنَيَّ، من كُلِّ فاحِشَة، وقَبلَ كُلِّ شَيءٍ ٱتَّخِذِ ٱمرَأَةً مِن نَسْلِ آبائِكَ. لا تَتَّخِذِ ٱمرَأَةً غَريبةً لا تَكونُ مِن سِبْطِ أَبيكَ، لِأَنَّنا أَبْناءُ الأَنْبِياء. أُذكُرْ، يا بُنَيَّ، نُوحًا وإِبراهيمَ وإِسحٰقَ ويَعْقوب، آباءَنا مُنذُ القِدَم، فإِنَّهم جَميعًا ٱتَّخَذوا نِساءً مِن عِندِ إِخوَتِهِم، فنالوا البَرَكَةَ في أَولادِهِم، ونَسلُهُم يَرِثُ الأَرض. ١٣والآنَ، يا بُنَيَّ، أَحِبَّ إِخوَتَكَ ولا تَستكبِرْ بِقَلبِكَ على إِخوَتِكَ، على بَني أُمَّتِكَ وبَناتِها، وٱتَّخِذ ٱمرَأَةً مِن بَينهم، فَفي الكِبْرِياءِ خَرابٌ وٱضطِرابٌ كَثير، وفي البِطالَةِ فَقْرٌ وعَوَزٌ شَديد، لِأَنَّ البِطالَةَ أُمُّ المَجاعة.

١٤أُجرَةُ كُلِّ إِنْسانٍ يَعمَل لا تُبَتْ عِندَكَ إِلى الغَد، بلِ ٱدفَعْها لَه لِساعتِه، وإِن عَمِلتَ للهِ تُكافَأ. كُنْ متَيَقِّظًا، يا بُنَيَّ، في جَميعِ أَعْمالِكَ وكُنْ مُهَذَّبًا في جَميعِ تَصَرُّفاتِكَ. ١٥وكُلُّ ما تَكرَهُه لا تَفعَلْه بِأَحَدٍ مِنَ النَّاس. لا تَشرَبْ خَمْرًا حتَّى السُّكْر ولا يُرافِقْكَ السُّكْرُ في طَريقِكَ.

١٦مِن خُبزِكَ أَعْطِ الجائِع ومِن ثِيابِكَ العُراة. مِن كُلِّ ما تَوَفَّرَ لَكَ تَصَدَّق، وإِذا تَصَدَّقتَ فلا تَنْدَمْ عَينُكَ. ١٧أَفِضْ خُبزَكَ على قُبورِ الأَبْرار ولا تُعْطِ الخاطِئين.

١٨إِلتَمِسْ مَشورَةَ كُلِّ رَجُلٍ حَكيم ولا تَحتَقِرْ كُلَّ مَشورةٍ مُفيدة. ١٩بارِكِ الرَّبَّ إِلٰهَكَ في كُلِّ حين وٱسْأَلْه أَن تَكونَ طُرُقُكَ قويمةً وسُبُلُكَ ومَقاصِدُكَ في طَريقِ النَّجاح. فلَيسَتِ الفِطنَةُ لِكُلِّ أُمَّة، لِأَنَّ الرَّبَّ هو الَّذي يُعْطيهِمِ الإِرادةَ الحَسَنة. وهو يَرفَعُ أَو يَحُطُّ مَن يَشاءُ إِلى أَعْماقِ مَثْوى الأَمْوات. والآن، يا بُنَيَّ، اُذكُرْ هٰذه الوَصايا ولا تَغِبْ عن قَلبِكَ.

٢٠والآن، يا بُنَيَّ، أُعلِمُكَ بِأَنِّي أَودَعتُ جَبَعْئيلَ بنَ جَبْري عَشرَةَ قناطيرَ مِنَ الفِضَّةِ في راجيسِ ميدِيا. ٢١فلا تَخَفْ، يا بُنَيَّ، إِنِ ٱفتَقَرْنا. عِندَكَ خَيراتٌ كَثيرة، إِن كُنتَ تَخافُ اللهَ وتَهرُبُ مِن كُلِّ خَطيئة وتَصنَعُ ما هو صالِحٌ أَمامَ الرَّبِّ إِلٰهِكَ».

طوبيّا ٥   

٥. الرفيق: رافائيل الملاك

١فأَجابَ طوبِيَّا وقالَ لِأَبيه طوبيت: «كُلُّ ما أَوصَيتَني بِه أَفعَلُه، يا أَبَتِ. ٢ولَكِن كَيفَ أَستَطيعُ أَن أَستَرِدَّ مِنه ٰذلكَ المال، وهو لا يَعرِفُني وأَنا لا أَعرِفُه؟ فما العَلامَةُ الَّتي أُعْطيه إِيَّاها فيَعرِفَني ويُصدِّقَني ويُعطِيَني المال؟ ثُمَّ إِنَّ الطُّرُق إِلى ميدِيا لا أَعرِفُها لِلذَّهابِ إِلَيها». ٣فأَجابَ طوبيتُ وقالَ لِٱبِنه طوبِيَّا: «وَقَّعَ لي على صَكٍّ ووَقَّعتُ لَه علَيه وشَطَرتُه شَطرَينِ لِيَكونَ لِكُلٍّ مِنَّا شَطْر. وأَخَذتُ شَطرًا ووَضَعتُ الشَّطْرَ الآخَرَ مع المال. والآن فقَد مَضى عِشْرونَ سَنَةً مُنذُ أَن أَودَعتُ هٰذا المال. فٱبحَثْ لَكَ، يا بُنَيَّ، عن رَجُلٍ أَمينٍ يُرافِقُكَ فنُعْطيه أُجرَةً إِلى أَن تَعود، وٱستَرِدَّ ذٰلكَ المالَ مَن جَبَعْئيل».

٤فخَرَجَ طوبِيَّا يَبحَثُ عن رَجُلٍ يُرافِقُه إِلى ميدِيا ويَعرِفُ الطَّريق. وعِندَ خُروجِه وَجَدَ المَلاكَ رافائيلَ واقِفًا أَمامَه، ولَم يَعْلَمْ بِأَنَّه مَلاكٌ مِن مَلائِكَةِ الله. ٥فقالَ لَه: «مِن أَينَ أَنتَ، يا فَتًى؟». قال لَه: «مِن بَني إِسْرائيلَ إِخوَتِكَ، جِئْتُ إِلى هُنا لِلعَمَل». قالَ له: «أَتَعرِفُ الطَّريقَ لِلذَّهابِ إِلى ميدِيا؟». ٦قالَ لَه: «نَعَم، وكَثيرًا ما كُنتُ فيها، ولي خِبرَةٌ ومَعرِفةٌ بِجَميعِ الطُّرُق. ذَهَبتُ إِلى ميدِيا مِرارًا ونَزَلتُ بأَخينا جَبَعْئيلَ المُقيمِ بِراجيسِ ميدِيا. وتَبعُدُ أَحْمَتا عن راجيسَ مَسيرةَ يَومَين عادِيَّة. فإِنَّ راجيسَ تَقَعُ في الجَبَل». ٧قالَ لَه طوبيَّا: «إِنتَظِرْني، يا فَتًى، حتَّى أَدخُلَ فأُخبِرَ أَبي. فإِنِّي أَحْتاجُ إِلى أَن تأتِيَ معي فأُعطِيَكَ أُجرَتَكَ». ٨قالَ لَه: «إِنِّي أَنتَظِرُكَ، ولَكن لا تُبطِئْ».

فدَخَلَ طوبِيَّا وأَخبَرَ أَباه طوبيتَ فقالَ لَه: «وَجَدتُ رَجُلًا مِن بَني إِسْرائيلَ إِخوَتِنا». قالَ لَه: «أُدْعُ لِيَ الرَّجُلَ لِأَعرِفَ مِن أَيِّ نَسْلٍ ومِن أَيِّ سِبْطٍ هو، وهل هو أَمينٌ لِكَي يُرافِقَكَ، يا بُنَيَّ». ٩فخَرَجَ طوبِيَّا ودَعاه فقالَ له: «يا فَتًى، أَبي يَدْعوكَ». ١٠فدَخَلَ إِلَيه، فبادَرَه طوبيتُ السَّلام، فقالَ لَه الرَّجُل: «أَتَمَنَّى لَكَ كُلَّ خَيْر». فأَجابَ طوبيتُ وقالَ لَه: «كَيفَ لي أَن أَكونَ بِخَيرٍ وأَنا رَجُلٌ مَحْرومُ العَينَينِ لا أَرى نورَ السَّماء، بل أُقيمُ في الظَّلامِ كالأَمْواتِ الَّذينَ لم يَعودوا يُشاهِدونَ النُّور. أَنا حَيٌّ بَينَ الأَمْوات، أَسمَعُ أَصْواتَ النَّاسِ ولا أَراهم». قالَ لَه: «طِبْ نَفْسًا، فعَن قَريبٍ تَنالُ الشِّفاءَ مِن لَدُنِ الله، طِبْ نَفْسًا». قالَ لَه طوبيت: «إِنَّ ٱبْني طوبِيَّا يُريدُ السَّفَرَ إِلى ميدِيا، فهَل لَكَ أَن تُرافِقَه وتَقودَه؟ إِنِّي أُعْطيكَ أُجرَتَكَ، يا أَخي». قالَ لَه: «في إِمْكاني أَن أُرافِقَه، فإِنِّي أَعرِفُ جَميعَ الطُّرُق، وكثيرًا ما ذَهَبتُ إِلى ميدِيا ومَرَرتُ بِجَميعِ سُهولِها وجِبالِها، وأَنا أَعرِفُ جَميعَ طُرُقِها». ١١قالَ لَه: «يا أَخي، مِن أَيَّةِ عَشيرةٍ أَنتَ ومِن أَيِّ سِبْطٍ؟ أَخْبِرْني، يا أَخي». ١٢قالَ لَه: «ما الفائِدَةُ لَكَ مِن سِبْطي؟». قالَ لَه: «أُريدُ أَن أَعرِفَ بِالحَقيقَةِ ٱبنُ مَن أَنتَ، يا أَخي، وما ٱسمُكَ». ١٣قالَ لَه: «أَنا عَزَرْيا بنُ حَنَنْيا العَظيم، أَحَدُ إِخوَتِكَ». ١٤قالَ لَه: «أَهلًا بِكَ سالِمًا مُعافًى، يا أَخي. لا تَغضَبْ علَيَّ، يا أَخي، لِأَنِّي أَرَدتُ مَعرِفَةَ الحَقيقَةِ عن عَشيرَتِكَ: فقَدِ ٱتَّفَقَ أَنَّكَ أَخٌ لي وأَنَّكَ مِن نَسَبٍ كريمٍ صالِح. إِنِّي أَعرِفُ حَنَنْيا وناتانَ ٱبنَي سَمالِيا العَظيم. فقَد كانا يُرافِقاني إِلى أُورَشَليم ويَسجُدانِ معي، ولَم يَضِلَّا الطَّريق. إِخوَتُكَ رِجالٌ صالِحون. إِنَّكَ مِن أَصْلٍ كَريم، فأَهْلًا بِكَ سَعيدًا».

١٥وقالَ لَه أَيضًا: «أَدْفَعُ لَكَ دِرْهَمًا في اليَومِ ومَعيشَتُكَ كَمَعيشَةِ ٱبني. ١٦فرافِقِ ٱبْني، وأَنا أَزيدُ لَكَ الأُجرَة». قالَ لَه: «سأُرافِقُه، فلا تَخَفْ، فإِنَّنا نَذهَبُ سالِمَين ونَعودُ إِلَيكَ سالِمَين، لِأَنَّ الطَّريقَ آمِنَة». ١٧قالَ لَه: «علَيكَ البَرَكَة، يا أَخي». ثُمَّ دَعا طوبيتُ ٱبنَه فقالَ لَه: «يا بُنَيَّ، أَعِدَّ ما يَلزَمُ لِلطَّريق وٱذهَبْ مع أَخيكَ، واللهُ الَّذي في السَّماءِ يَحفَظُكُما هُناكَ ويَرُدُّكُما إِلَيَّ سالِمَين، ومَلاكُه يُرافِقُكما بِحِمايَتِه، يا بُنَيَّ».

وخَرَجَ طوبِيَّا لِلذَّهابِ في طَريقِه وقَبَّلَ أَباه وأُمَّه، فقالَ لَه طوبيت: «إِذْهَبْ سالِمًا». ١٨وبَكَتْ أُمُّه وقالَت لِطوبيت: «لِماذا تُرسِلُ ولَدي؟ أَما هو عُكَّازُ شَيخوختِنا، وهو الَّذي يَدخُلُ ويَخرُجُ أَمامَنا؟ ١٩يَجِبُ أَلَّا يُضافَ المالُ إِلى المال، بل أَن يَكونَ فِدْيَةَ وَلَدِنا. ٢٠كَفانا ما رَزَقَنا الرَّبُّ مِن عَيْش». ٢١قالَ لَها. «دَعي عَنكِ الهَمّ، فإِنَّ وَلَدَنا سيَذهَبُ سالِمًا ويَعودُ إِلَينا سالِمًا. وعَيناكِ ستُشاهِدانِ اليَومَ الَّذي يَعودُ فيه إِلَيكِ سالِمًا. فدَعي عنكِ الهَمَّ ولا تَخافي علَيهما، يا أُخْتي. ٢٢سيُرافِقُه مَلاكٌ صالِح ويَكونُ سَفَرُه ناجِحًا ويَعودُ سالِمًا.

طوبيّا ٦

١فكَفَّت عنِ البُكاء.

٦. في الحوت دواء

٢وذَهَبَ الوَلَدُ والمَلاكُ معه، وذَهَبَ معه الكَلْبُ ورافَقَهما، وسارا كِلاهُما. ولَمَّا كانتِ اللَّيلَةُ الأُولى، باتا بِجانِبِ نَهْرِ دِجلَة. ٣ونَزَلَ الوَلَدُ لِيَغسِلَ رِجلَيه في النَّهر، فوَثَبَ حُوتٌ كَبيرٌ مِنَ الماء وأَرادَ أَن يَبتَلِعَ رِجْلَه. فصَرَخَ الصَّبِيُّ، ٤فقالَ المَلاكُ لِلصَّبِيِّ: «أَمسِكْ بِالحوتِ وٱقبِضْ علَيه». فقَبَضَ الصَّبِيُّ على الحوتِ وجَرَّه إِلى الأَرض. ٥فقالَ لَه المَلاك: «شُقَّ الحوتَ وأَخرِجْ مَرارَتَه وقَلْبَه وكَبِدَه وضَعْها جانِبًا وأَلْقِ بِالأَحْشاء، فمَرارَتُه وقَلْبُه وكَبِدُه دَواءٌ ناجِع». ٦فشَقَّ الصَّبِيُّ الحوتَ وجَمَعَ المَرارَةَ والقَلْبَ والكَبِد، وشَوى شَيئًا مِنَ الحوتِ وأَكَل وتَرَكَ البَقِيَّةَ لِلتَّمْليح. ثُمَّ سارا كلاهما معًا حتَّى ٱقتَرَبا مِن ميدِيا.

٧حينَئِذٍ سَأَلَ الصَّبِيُّ المَلاكَ فقالَ لَه: «يا عَزَرْيا أَخي، ما هو الدَّواءُ الَّذي في قَلْبِ الحوتِ وكَبِدِه ومَرارتِه؟» ٨قالَ لَه: «أَمَّا قَلْبُ الحوتِ وكَبِدُه، فتُصعِدُ دُخانَهما أَمامَ رَجُلٍ أَوِ ٱمرأَةٍ يُعَذِّبُها شَيطان أَو رُوحٌ شِرِّير، فيَهرُبُ كُلُّ حُضور ولا يَعودُ يُلازِمُهما أَبَدًا. ٩وأَمَّا المَرارة، فتَمسَحُ بِها عَينَيِ الإِنْسانِ الَّذي أُصيبَ بِبُقَعٍ بَيضاء وتَنفُخُ في البُقَعِ فتَبرَأُ عَيناه».

١٠ولَمَّا دَخَلا ميدِيا وٱقتَرَبا مِن أَحْمَتا، ١١قالَ رافائيلُ لِلصَّبِيّ: «يا طوبِيَّا أَخي». قالَ لَه: «هاءَنذا». قالَ لَه: علَينا أَن نَبيتَ هٰذه اللَّيلَة في مَنزِلِ رَعوئيل، وهو رَجُلٌ مِن قَرابتِكَ ولَه ٱبنَةٌ ٱسمُها سارة، ١٢ولَيسَ لَه مِنِ ٱبنٍ ذَكَرٍ ولا ٱبنَةٍ سِوى سارة. وأَنتَ أَقرَبُ النَّاسِ إِلَيها، فمِن حَقِّكَ أَن تُعْطى لَكَ قَبلَ سِواكَ، ومِن حَقِّكَ أَيضًا أَن تَرِثَ جَميعَ أَمْوالِ أَبيها. وهي فتاةٌ رَصينةٌ باسِلَةٌ جَميلَةٌ جِدًّا، وأَبوها يُحِبُّها حُبًّا شَديدًا. ١٣مِن حَقِّكَ أَن تَتَزَوَّجَها. إِسْمَعْ لي، يا أَخي، فإِنِّي سأُكَلِّمُ الأَبَ عنِ ٱبنَتِه مُنذُ هٰذه اللَّيلَة لِكَي تَتَّخِذَها لَكَ خَطيبة، ومتى عُدْنا مِن راجيس نُقيمُ عُرسَها. وأَنا عالِمٌ بِأَنَّ رَعوئيلَ لا يَستَطيعُ أَن يَمنَعَكَ إِيَّاها ولا أَن يَخطُبَها إِلى رَجُلٍ آخَر، وإِلَّا ٱستَحَقَّ المَوتَ بِحَسَبِ حُكْمِ كِتابِ موسى، لِعِلْمِه بِأَنَّه مِن حَقِّكَ قَبلَ أَيِّ رَجُلٍ آخَر أَن تَتَزَوَّجَ ٱبنَتَه. فٱسمَعْ لي، يا أَخي، ففي هٰذه اللَّيلةِ نتكَلَّمُ في شَأْنِ الفَتاة ونطلُبُها لَكَ. ومتى عُدْنا مِن راجيس نأخُذُها ونَذهَبُ بِها معَنا إِلى بَيتِكَ».

١٤فأَجابَ طوبِيَّا وقالَ لِرافائيل: «يا عَزَرْيا أَخي، سَمِعتُ أَنَّه قد عُقِدَ لها على سَبعَةِ رِجالٍ فماتوا في غُرفةِ العُرْس، وكانوا يَموتونَ لَيلَةَ دُخولِهِم علَيها. وسَمِعتُ أَيضًا مَن يَقولُ إِنَّ شَيطانًا كانَ يَقتُلُهم، ١٥فأَنا الآنَ خائف. إِنَّه لا يُسيءُ إِلَيها، ولكِن إِذا أَرادَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَن يَقتَرِبَ مِنْها، قَتَلَه. إِنِّي وَحيدٌ لِأَبي، فأَخْشى أَن أَموتَ فأُنزِلَ إِلى القَبرِ حَياةَ أَبي وأُمِّي غَمًّا علَيَّ. ولَيسَ لَهُما ٱبنٌ آخَرُ لِيَدفِنَهُما». ١٦قالَ لَه: «أَلا تَذكُرُ وَصايا أَبيكَ؟ فقَد أَوصاكَ بِأَن تَتَّخِذَ ٱمرأَةً مِن بَيتِ أَبيكَ. فٱسمَعِ الآنَ لي، يا أَخي، ولا تَحسِبْ لِهٰذا الشَّيطانِ حِسابًا وخُذْها. وأَنا عالِمٌ بِأَنَّها ستُزَفُّ إِلَيكَ ٱمرَأَةً هٰذه اللَّيلَة. ١٧ومتى تَدخُلُ إِلى غُرفَةِ العُرْس، تأخُذُ شَيئًا مِن كَبِدِ الحوتِ وقَلْبِه وتَضَعُه على جَمْرِ المِبخَرَة، فتَنبَعِثُ الرَّائِحَةُ ١٨فيَشُمُّها الشَّيطانُ فيَهرُب، ولَن يَعودَ أَبدًا إِلى الظُّهورِ حَولَ الفَتاة. وإِذا أَوشَكتَ أَن تَخلُوَ بِها، إِنْهَضا كِلاكُما فصَلِّيا وٱسأَلا رَبَّ السَّماء أَن تَحِلَّ علَيكُما رَحمَتُه وخَلاصُه. لا تَخَفْ، فهي نَصيبُكَ مُنذُ القِدَم وأَنتَ الَّذي سيُخلِّصُها، وستَذهَبُ معكَ، وأَعتَقِدُ أَنَّه سيكونُ لَكَ مِنها أَولادٌ يَكونونَ لَكَ كالإخوَة. فدَعْ عنكَ الهَمّ». ١٩ولَمَّا سَمِعَ طوبِيَّا كَلامَ رافائيل وعَلِمَ بِأَنَّ سارَةَ هي أُختٌ لَه مِن نَسْلِ أَبيه، أَحبَّها حُبًّا شَديدًا وعَلِقَ بِها قَلبُه.

طوبيّا ٧

٧. لقاء رَعوئيل

١ولَمَّا دَخَلا أَحْمَتا، قالَ لَه طوبِيَّا: «يا عَزَرْيا أَخي، إِذْهَبْ بي تَوًّا إِلى رَعوئيلَ أَخينا». فذَهَبَ بِه إِلى بَيتِ رَعوئيل، فوَجَداه جالِسًا عِندَ بابِ الدَّار، فبادَراه السَّلام، فقالَ لَهُما: «أَلفَ سَلامٍ علَيكُما، يا أَخَوَيَّ، وأَهلًا بِكُما سالِمَين». وأَدخَلَهما إِلى بَيتِه، ٢وقالَ لِعَدْناءَ ٱمرَأَتِه: «ما أَشبَهَ هٰذا الفَتى بِطوبيتَ أَخي!». ٣فسأَلَتهُما عَدْناءُ وقالَت لَهُما: «مِن أَينَ أَنتُما، يا أَخَوَيَّ؟» فقالا لَها: «نَحنُ مِن بَني نَفْتالي المَجْلُوِّينَ إِلى نينَوى». ٤قالت لَهما: «أَتَعرِفانِ طوبيتَ أَخانا؟» قالا: «نَعرِفُه». قالَت: «أَهو بِخَير؟». ٥قالا: «هو بِخَير وهو على قَيدِ الحَياة». وأَضافَ طوبِيَّا: «هو أَبي». ٦فوَثَبَ إِلَيه رَعوئيلُ وقَبَّلَه وبَكى ٧وقالَ لَه: «عَلَيكَ البَرَكَةُ، يا بُنَيَّ، فأَنتَ ٱبنُ أَبٍ صالحٍ فاضِل. مِن أَشَدِّ المَصائبِ أَن يَفقِدَ البَصَرَ رَجُلٌ بارٌّ يُعْطي الصَّدَقات». ثُمَّ أَلْقى بِنَفْسِه على عُنُقِ طوبِيَّا أَخيه وبَكى. ٨وبَكَت علَيه عَدْناءُ ٱمرَأَتُه، وسارةُ ٱبنتُهُما أَيضًا. ٩ثُمَّ ذَبَحَ كَبْشًا مِنَ القَطيع وٱستَقْبَلَهُما ٱستِقْبالًا حارًّا.

وبَعدَ أَنِ ٱغتَسَلوا وٱستَحَمُّوا وجَلَسوا لِلطَّعام، قالَ طوبِيَّا لِرافائيل: «يا عَزَرْيا أَخي، سَلْ رَعوئيلَ أَن يَزُفَّ إِلَيَّ سارةَ أُختي». ١٠وسَمِعَ رَعوئيلُ هٰذا الكَلامَ فقالَ لِلْفتى: «كُلْ وٱشرَبْ وتمَتَّعْ بِهٰذه اللَّيلة. فلَيسَ مِن حَقِّ أَيِّ رَجُلٍ كانَ أَن يَتَّخِذَ سارةَ ٱبنَتي زَوجَةً سِواكَ يا أَخي، كما أَنَّه لَيسَ لي أَيُّ سُلْطانٍ كانَ على أَن أَزُفَّها إِلى رَجُلٍ سِواك، فأَنتَ أَقرَبُ النَّاسِ إِلَيَّ. وسأُطلِعُكَ، يا بُنَيَّ، على الحَقيقَةِ كُلِّها. ١١إِنِّي زَفَفتُها إِلى سَبعَةِ رِجالٍ مِن إِخوَتِنا، فماتوا كُلُّهم لَيلةَ دُخولِهم علَيها. والآن، يا بُنَيَّ، كُلْ وٱشرَبْ، والرَّبُّ يَمنَحُكَ نِعمَتَه وسَلامَه». قالَ طوبِيَّا: «لا آكُلُ ولا أَشرَبُ هٰهُنا، ما لم تَتَّخِذْ قَرارًا في أَمْري». قالَ لَه رَعوئيل: «سأَفعَل. إِنَّها مَزْفوفةٌ إِلَيكَ بِحَسَبِ حُكْمِ كِتابِ موسى، فالسَّماءُ حَكَمَت بِأَن تُزَفَّ إِلَيكَ. إِقبَلْ أُختَكَ، فأَنتَ أَخوها مُنذُ الآن، وهي أُختُكَ، وهي مَزْفوفةٌ إلَيكَ مُنذُ الآنَ ولِلأَبَد. وفَّقكما رَبُّ السَّماءِ في هٰذه اللَّيلة، يا بُنَيَّ، وأَنعَمَ علَيكما بِرَحمَتِه وسَلامِه». ١٢ثُمَّ دَعا رَعوئيلُ سارةَ ٱبْنَتَه، فأَتَت إِلَيه، فأَخَذَها بِيَدِها وسَلَّمَها إِلَيه وقال: «إِقْبَلْها، فهي تُزَفُّ إِلَيكَ ٱمرَأَةً بِحَسَبِ الشَّريعة وبِحَسَبِ الحُكْمِ الوارِدِ في كِتابِ موسى. خُذْها وعُدْ إِلى أَبيكَ سالِمًا. أَوصَلَكم إِلٰهُ السَّماءِ بِسَلام!». ١٣ثُمَّ دَعا أُمَّها وطَلَبَ إِلَيها أَن تَأتِيَ بِصَحيفة وكَتَبَ فيها عَقدَ الزَّواج، زافًّا إِيَّاها ٱمرَأَةً لَه بِحَسَبِ حُكْمِ شَريعةِ موسى.

١٤وبَعدَئِذٍ أَخَذوا يأكُلونَ ويَشرَبون. ١٥ودعا رَعوئيلُ عَدْناءَ ٱمرَأَتَه وقالَ لَها: «يا أُخْتي، أَعِدِّي الغُرْفَةَ الأُخرى وقودي إِلَيها سارة». ١٦فذَهَبَت تَفرُشُ الغُرْفةَ، كما قالَ لها، وقادَتْها إِلَيها، وبَكَت علَيها، ثُمَّ مَسَحَت دُموعَها وقالَت لَها: «تشَجَّعي، يا بُنَيَّة، فرَبُّ السَّماءِ يُؤتيكِ فَرَحًا بَدَلَ الحُزْن، تَشَجَّعي، يا بُنَيَّة». ثُمَّ خَرَجَت.

طوبيّا ٨ 

٨. تحضير القَبْر لطوبيّا

١ولَمَّا ٱنتَهَوا مِنَ الأَكْلِ والشُّرْب، أَرادوا أَن يَرْقُدوا. وذَهَبوا بِالفَتى وأَدخَلوه إِلى الغُرْفة. ٢وذَكَرَ طوبِيَّا كَلامَ رافائيل فأَخرَجَ مِن كيسِه كَبِدَ الحوتِ وقَلْبَه ووَضَعَهما على جَمْرِ المِبْخَرة. ٣فرَدَّت رائِحةُ الحوتِ الشَّيطانَ فهَرَبَ في الجَوِّ إِلى نواحي مِصْر. فمَضى رافائيلُ في إِثْرِه وشَكَلَه هُناكَ وأَوثَقَه مِن ساعتِه.

٤وخَرَجوا فأَغلَقوا بابَ الغُرْفة. فنَهَضَ طوبِيَّا مِنَ الفِراشِ وقالَ لِسارة: «قومي، يا أُخْتي، نُصَلِّي، ولْنَبْتَهِلْ إِلى رَبِّنا، لكَي يُنعِمَ علينا بِالرَّحمَةِ والخَلاص». ٥فقامَت وأَخذا يُصلِّيانِ فيَبتَهِلانِ لِكَي يُنعَمَ علَيهما بِالخلاص، وشَرَعَ يقول:

«مُباركٌ أَنتَ، يا إِلٰهَ آبائِنا

ومُباركٌ ٱسمُكَ

إِلى جَميعِ الأَجْيالِ الآتِيَة!

لِتُبارِكْكَ السَّمَواتِ وجَميعُ خَلائِقِكَ

أَبَدَ الدُّهور!

٦أَنتَ صَنَعتَ آدم

أَنتَ صَنَعتَ لَه عَونًا وسَنَدًا

حَوَّاءَ ٱمرَأَتَه

ومِنهُما خَرَجَ الجِنسُ البَشَرِيّ.

وأَنتَ قُلتَ:

لا يَحسُنُ أَن يَكونَ الإِنسانُ وَحدَه

فَلْنَصنَعْ لَه عَونًا يُناسِبُه.

٧والآن، فلا مِن أَجْلِ الزِّنى

أَتَّخِذُ أُخْتي هٰذه زَوجَةً

بل في سَبيلِ الحَقّ.

إِقْضِ بِأَن تُنعِمَ عَلَيَّ وعلَيها بالرَّحمة

وبِأَن نَشيخَ كِلانا معًا».

٨وقالا بِصَوتٍ واحِد: «آمين، آمين»، ٩ثُمَّ رَقدا تلكَ اللَّيلة.

وكانَ أَنَّ رَعوئيلَ قامَ ودَعا إِليه الخَدَم فذَهَبوا يَحفِرونَ قَبْرًا، ١٠لِأَنَّه قالَ في نَفْسِه: «أَخْشى أَن يَموتَ فنَكونَ عُرضةً لِلسُّخرِيَّةِ والشَّتيمة». ١١فلَمَّا ٱنتَهَوا مِن حَفْرِ القَبْر، عادَ رَعوئيلُ إِلى البَيت فدَعا ٱمرَأَته ١٢وقال: «أَرْسِلي واحِدةً مِن جَوارِيكِ، ولْتَدخُلْ لِتَرى هلِ الفَتى حَيّ. فإِن ماتَ، دَفَنَّاه مِن دونِ أَن يَعلَمَ بِالأَمرِ أَحَدٌ مِنَ النَّاس». ١٣فأَرْسَلا الجارِيَةَ وأَضاءا القِنْديلَ وفَتَحا الباب، فدَخَلَتِ الجارِيَة، فوَجَدَتهُما مُضَّجِعَينِ ونائمَينِ مَعًا نَومًا عَميقًا. ١٤فخَرَجَتِ الجارِيَةُ وأَخبَرَتهُما بِأَنَّه حَيٌّ وبِأَنَّه لَيسَ هُناكَ مِن سوء. ١٥فبارَكَ رَعوئيلُ إِلٰهَ السَّماءِ وقال:

«مُباركٌ أَنتَ، أَللَّهُمَّ، بِكُلِّ بَرَكَةٍ طاهِرة

وَلْيُباركوكَ أَبَدَ الدُّهور!

١٦مُباركٌ أَنتَ لأَنَّكَ فَرَّحتَني

فلم يكُنْ شَيءٌ مِمَّا تَوَقَّعتُه

بل إِنَّكَ عامَلْتَنا بِحَسَبِ رَحمَتِكَ الوافِرة.

١٧مُباركٌ أَنتَ لِأَنَّكَ رَحِمتَ الوَحيدَين.

فأَنعِمْ علَيهما، يا ربّ، بِالرَّحمةِ والخَلاص

وأَتِمَّ حَياتَهُما في الفَرَحِ والنِّعمة».

١٨ثُمَّ أَمَرَ خدَمَه بِرَدْمِ القَبْرِ قَبلَ طُلوعِ الفَجْر.

١٩وطَلَبَ إِلى ٱمرَأَتِه أَن تُعِدَّ قَدرًا كَبيرًا مِنَ الخُبْز. وذَهَبَ إِلى القَطيعِ فأَتى بِبَقَرَتَينِ وأَربَعةِ كِباش وأَمَرَ بإِصلاحِها، وأَخذوا في إِعْدادِ ما يَلْزَم. ٢٠ثُمَّ دعا طوبِيَّا فقالَ لَه: «طَوالَ أَربَعَةَ عَشَرَ يَومًا لا تتحَرَّكُ مِن هُنا، بل تَبْقى لِتأكُلَ وتَشرَبَ عِنْدي وتُفرِجَ الغَمَّ عن نَفْسِ ٱبنَتي. ٢١ثُمَّ خُذْ مِن هُنا نِصْفَ ما عِنْدي وعُدْ سالِمًا إِلى أَبيكَ. وأَمَّا النِّصْفُ الثَّاني فيَصيرُ لَكَ بَعدَ مَوتي ومَوتِ ٱمرَأَتي. تشَجَّع، يا بُنَيَّ، فأَنا أَبوكَ وعَدْناءُ أُمُّك، ونَحنُ معَكَ كما أَنَّنا مع أُختِكَ مِنَ الآنَ ولِلأَبَد. فتشَجَّع، يا بُنَيَّ».

طوبيّا ٩

٩. عرس طوبيّا وساره

١ودَعا طوبِيَّا رافائيلَ ٢فقالَ لَه: «يا عَزَرْيا أَخي، خُذْ مَعَكَ أَربَعَةَ خُدَّامٍ وجَمَلَين وسافِرْ إِلى راجيس ٣وٱذهَبْ إِلى جَبَعْئيل فأَعْطِه الصَّكَّ وٱستَرِدَّ المال، وأتِ بِجَبَعْئيلَ إِلى العُرْس. ٤أَنتَ تعلَمُ أَنَّ أَبي يَحسُبُ الأَيَّام، فإِن أَبطَأتُ يَومًا واحِدًا أَحزَنتُه كَثيرًا. ٥وأَنتَ شاهِدٌ لِلقَسَمِ الَّذي أَقسَمَه رَعوئيل، ولا أَستَطيعُ أَن أَتَجاهَلَ يَمينَه». فسافَرَ رافائيلُ إِلى راجيسِ ميدِيا ومعه الخُدَّامُ الأَربَعةُ والجَمَلان، وباتوا عِندَ جَبَعْئيل. ثُمَّ سَلَّمَ إِلَيه الصَّكَّ وأَخبَرَه بِأَنَّ طوبِيَّا بنَ طوبيتَ قد تَزَوَّجَ وبأَنَّه يَدْعوه إِلى العُرْس. فقامَ وعَدَّ لَهُ الأَكْياسَ مَخْتومةً وحَمَّلوها على الجَمَلين. ٦وبَكَّرا في الصَّباحِ فذَهَبا معًا إِلى العُرْس. ودَخَلا على رَعوئيل فوَجَدا طوبِيَّا جالِسًا لِلطَّعام. فوَثَبَ وسَلَّمَ على جَبَعْئيل، فبَكى جَبَعْئيلُ وبارَكَه وقالَ له: «يا ٱبنًا صالِحًا فاضِلًا لِأَبٍ صالِحٍ فاضِلٍ بارٍّ صانِعِ الصَّدَقات. وَهَبَ لك الرَّبُّ بَرَكَةَ السَّماء، لَكَ ولِٱمرَأَتِكَ ولِأَبي ٱمرأَتِكَ وأُمِّها! مُبارَكٌ الله، لِأَنِّي رَأَيتُ صورةً حَيَّةً لِطوبيتَ ٱبنِ عَمِّي».

 

طوبيّا ١٠

١وكانَ طوبيتُ يَحسُبُ يَومًا بَعدَ يَومٍ عَدَدَ الأَيَّامِ الَّتي يَتِمُّ فيها الذَّهاب والَّتي يَتِمُّ فيها الإِياب. ولَمَّا ٱنقَضَت هٰذه الأَيَّام ولم يَحضَرِ ٱبنُه، ٢قالَ في نَفْسِه: «لَرُبَّما عاقَه مانِعٌ هُناك، أَو لَرُبَّما ماتَ جَبَعْئيل ولَيسَ هُناكَ مَن يُسَلِّمُ إِلَيه المال». ٣فوَقَعَ في قَلَق. ٤وكانت حَنَّةُ ٱمرَأَتُه تَقول: «هَلَكَ ٱبْني ولَم يَبْقَ بَينَ الأَحْياء!». وأَخَذَت تَبْكي وتَنوحُ على ٱبْنِها فتَقول: ٥«الوَيلُ لي، يا وَلَدي، لِأَنِّي تَركتُكَ تُسافِر، أَنتَ نورَ عَينَيَّ». ٦وكانَ طوبيتُ يَقولُ لَها: «أُسْكُتي ودعي عنكِ الهَمّ، يا أُخْتي، فهو سالم. لا شَكَّ أَن قد طَرَأَ علَيهما طارِئٌ هُناكَ، فالرَّجُلُ الَّذي رافَقَه في السَّفَرِ هو أَمين وهو مِن إِخوَتِنا. فلا تَقْلَقي علَيه، يا أُخْتي، فلَن يَلبَثَ أَن يَكونَ هُنا». ٧قالَت له: «دَعْني ولا تَخْدَعْني، فلَقَد هَلَكَ وَلَدي». وكانَت كُلَّ يَومٍ تَخرُجُ مُسرِعةً فتُراقِبُ الطَّريقَ الَّتي ذَهَبَ فيها ٱبنُها، ولا تُصَدِّقُ أَحَدًا مِن النَّاس. وبَعدَ غِيابِ الشَّمْس، كانَت تَدخُلُ فتَنوحُ وتَبْكي طَوالَ اللَّيْل ولا يأخُذُها النُّعاس.

ولَمَّا ٱنقَضَت أَيَّامُ العُرْسِ الأَربَعَةَ عَشَرَ الَّتي حَلَفَ رَعوئيلُ بِأَن يُقيمَها لِٱبنَتِه، دَخَلَ علَيه طوبِيَّا فقالَ لَه: «دَعْني أَرحَل، فأَنا أَعلَمُ بِأَنَّ أَبي وأُمِّي لا يَظُنَّانِ أَنَّهما سيَرَيانَني بَعدَ اليَوم. والآن فأَرجو، يا أَبَتِ، أَن تَدَعَني أَرحَلُ وأَعودُ إِلى أَبي. سَبَقَ أَن أَخبَرتُكَ بِأَيِّ حالٍ تَرَكتُه». ٨قالَ رَعوئيلُ لِطوبِيَّا: «إِبْقَ، يا بُنَيَّ، اِبْقَ معي، وأَنا أُرسِلُ رُسُلًا إِلى طوبيتَ أَبيكَ فأُخبِرُه عَنكَ». ٩قالَ له: «لا أَبَدًا، أَرْجو أَن تَدَعَني أَرحَلُ مِن هُنا إِلى أَبي». ١٠فقامَ رَعوئيلُ وسَلَّمَ إِلَيه سارةَ ٱمرَأَتَه ونِصْفَ أَمْوالِه كُلِّها من خُدَّامٍ وجَوارٍ وبَقَرٍ وخِرافٍ وحَميرٍ وجِمالٍ وثِيابٍ وفِضَّةٍ وأَمتِعة. ١١فتَرَكَهما يَرحَلانِ سالِمَين، وسَلَّمَ على طوبِيَّا فقالَ لَه: «كُنْ سالِمًا، يا بُنَيَّ، رافَقَتكَ السَّلامة! ووفَّقكما رَبُّ السَّماءِ أَنتَ وسارةَ ٱمرَأَتَكَ، عسى أَن أَرى أَولادَكما قَبلَ أَن أَموت!». ١٢وقالَ لِسارةَ ٱبنَتِه: «إِذْهَبي إِلى حَمْوَيْكِ، فهُما مُنذُ الآنَ والِداكِ كاللَّذَين وَلَداكِ. إِذْهَبي بِسَلام، يا ٱبنَتي، ولَيتَني أَسمَعُ عَنكِ خَيْرًا ما دُمتُ حَيًّا». ثُمَّ سَلَّمَ علَيهِما وتَرَكَهما يَرحَلان.

وقالَت عَدْناءُ لِطوبِيَّا: «يا وَلَدي وأَخي الحَبيب، أَعادَكَ الرَّبّ، ولَيتَني أَعيشُ حتَّى أَرى أَولادَكُما أَنتَ وسارةَ ٱبنَتي قَبلَ أَن أَموت، أَمامَ اللهِ أُسَلِّمُ إِلَيكَ ٱبنَتي وَديعةً، فلا تُحْزِنْها جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ. رافَقَتكَ السَّلامة، يا بُنَيَّ. مُنذُ الآنَ أَنا أُمُّكَ وسارةُ أُختُكَ. لَيتَنا نَتَنَعَّمُ جَميعًا كُلَّ يَومٍ مِن أَيَّامِ حَياتِنا!». ثُمَّ قَبَّلَتهُما وتَرَكَتهُما يَرْحَلانِ سالِمَين.

١٣وٱنصَرَفَ طوبِيَّا مِن عِندِ رَعوئيلَ سالِمًا مَسْرورًا وهو يُسَبِّحُ رَبَّ السَّماءِ والأَرض ومَلِكَ كُلِّ شَيء، لِأَنَّه أَنجَحَ سَفَرَهُ. وبارَكَ رَعوئيلَ وعَدْناءَ قائِلًا: «أَسعَدَني اللهُ بإِكرامِكُما جَميعَ أَيَّامِ حَياتي!».

طوبيّا ١١

١٠. شفاء عيني طوبيت

١ولَمَّا قَرُبوا مِن قَصْرِينَ، الَّتي تُجاهَ نينَوى، ٢قالَ رافائيل: «أَنتَ تَعلَمُ كَيفَ تَرَكْنا أَباكَ. ٣فلْنَسبِقِ ٱمرَأَتَكَ لِنُعِدَّ البَيت، رَيثَما يَصِلُ الآخَرون». ٤فسارا كِلاهُما معًا (وكان رافائيلُ قد أَوصى طوبِيَّا بِأَن يأخُذَ المَرارة)، والكَلْبُ يَتبَعُهما.

٥وكانَت حَنَّةُ جالِسةً تُراقِبُ طَريقَ عَودةِ ٱبنِها. ٦فشَعَرَت بِأَنَّه قادمٌ فقالَت لِأَبيه: «هُوَذا ٱبنُكَ قادِمٌ ومعه الرَّجُلُ الَّذي رافَقَه». ٧وقالَ رافائيلُ لِطوبِيَّا قَبلَ أَن يَصيرَ بِالقُرْبِ مِن أَبيه: «إِنِّي أَعلَمُ بِأَنَّ عَينَيه ستَنفَتِحان. ٨فٱطْلِ عَينَيه بِمَرارةِ الحوت، والدَّواءُ يَشُقُّ البُقَعَ البيضاءَ ويُقَشِّرُها عن عَينَيه، فيُبصِرُ أَبوكَ ويَرى النور».

٩وأَسرَعَت حَنَّةُ وأَلقَت بِنَفْسِها على عُنُقِ ٱبنِها وقالَت لَه: «رأَيتُكَ، يا وَلَدي. فلي بَعدَ الآنَ أَن أَموت»، وبَكَت. ١٠وقامَ طوبيتُ ومَشى متَعَثِّرًا وخَرَجَ مِن بابِ الدَّار، وسارَ طوبِيَّا إِلى لِقائِه ١١وبِيَدِه مَرارةُ الحوت. ونَفَخَ في عَينَيه وأَمسَكَ بِه فقالَ لَه: «تشَجَّعْ، يا أَبَتِ». ثُمَّ طَلى عَينَيه بِالدَّواءِ وٱنتَظَر. ١٢وجَعَلَ بِكِلْتَي يَدَيه يُخرِجُ قِشْرَةً من أَطرافِ عَينَيه. ١٣فأَلْقى أَبوه بِنَفْسِه على عُنُقِه ١٤وبَكى ثُمَّ قال: «إِنِّي أَراكَ يا وَلَدي ونورَ عَينَيَّ». وأَضاف:

«مُبارَكٌ الله ومُبارَكٌ ٱسمُه العَظيم!

مُباركةٌ جَميعُ مَلائكتِه القِدّيسين!

مُباركٌ ٱسمُه العَظيم أَبَدَ الدُّهور!

١٥لِأَنَّه ضَرَبَني فَرحِمَني،

لِأَنِّي أَرى طوبِيَّا ٱبْني».

ودَخَلَ طوبِيَّا إِلى البَيتِ مَسْرورًا يُسَبِّحُ اللهَ بِأَعلى صَوتِه، وأَخبَرَ أَباه بأَنَّ سَفَرَه قد نَجَحَ وبِأَنَّه قدِ ٱستَرَدَّ المالَ وٱتَّخَذَ سارةَ ٱبنَةَ رَعوئيلَ ٱمرأَةً، وأَنَّها واصِلة وقَد صارت بِالقُرْبِ مِن بابِ نينَوى.

١٦فخَرَجَ طوبيتُ يُسَبِّحُ اللهَ مَسْرورًا إِلى لِقاءِ كَنَّتِه عِندَ بابِ نينَوى. ولَمَّا رآه أَهْلُ نينَوى يَمْشي ويَجولُ بِكامِلِ عافِيَتِه ومِن دونِ أَن يَقودَه أَحَدٌ مِنَ النَّاس، تَعَجَّبوا. ١٧فٱعتَرَفَ طوبيتُ أَمامَهم بِأَنَّ اللهَ قد أَنعَمَ علَيه بِرَحمَتِه ففَتَحَ عَينَيه. ودَنا طوبيتُ مِن سارةَ ٱمرأَةِ ٱبنِه طوبِيَّا وبارَكَها وقالَ لَها: «أَهْلًا بِكِ سالِمةً، يا ٱبنَتي، ومُباركٌ إِلٰهُكِ الَّذي أَتى بِكِ إِلَينا، يا ٱبنَتي. ومُبارَكٌ أَبوكِ، ومُبارَكٌ طوبِيَّا ٱبْني، ومُباركةٌ أَنتِ، يا ٱبْنَتي. أُدخُلي إِلى بَيتِكِ سالِمةً بِالبَرَكَةِ والفَرَح، اُدخُلي، يا ٱبنَتي». وفي ذٰلك اليَومِ عَمَّ الفَرَحُ جَميعَ اليَهودِ الَّذينَ في نينَوى. ١٨وقَدِمَ أَخيكارُ ونادابُ ٱبْنا عَمِّه يُشارِكانِ طوبيتَ في الفَرَح.

طوبيّا ١٢

١١. رافائيل الملاك

١ولَمَّا تَمَّ العُرْس، دَعا طوبيتُ طوبِيَّا ٱبنَه وقالَ لَه: «إِهتَمَّ، يا بُنَيَّ، بِدَفعِ الأُجرَةِ لِلرَّجُلِ الَّذي رافَقَكَ وبالإِضافةِ علَيها». ٢قالَ لَه: «يا أَبتِ، أَيَّ أُجرَةٍ أَدفَعُ لَه؟ لَن أَكونَ خاسِرًا حتَّى لو دَفَعتُ لَه نِصْفَ الأَموالِ الَّتي عادَ بِها معي. ٣إِنَّه رَجَعَ بي سالِمًا وأَبْرَأَ ٱمرَأَتي وعادَ بِالمالِ معي وشَفاكَ. فأَيَّ أُجرَةٍ أَدفَعُ له لِهٰذا أَيضًا؟». ٤قالَ لَه طوبيت: «مِنَ العَدْلِ، يا بُنَيَّ، أَن يأخُذَ نِصْفَ كُلِّ ما عادَ بَه». ٥فدَعاه طوبِيَّا وقالَ لَه: «خُذْ نِصْفَ ما عُدْتَ بِه أُجرَةً لَكَ وٱمضِ سالِمًا».

٦حينئذٍ ٱنفَرَدَ بِهِمَا رافائيلُ فقالَ لَهما: «بارِكا اللهَ وسَبِّحاه أَمامَ جَميعِ الأَحياءِ لِكُلِّ ما أَحسَنَ بِه إِلَيكُما. بارِكا وعَظِّما ٱسمَه. أَخبِرا جَميعَ النَّاسِ بِأَعْمالِ اللهِ بِما يَجِبُ مِنَ الإِكْرام، ولا تَتَوانَيا في تَسْبيحِه. ٧خَيْرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أَعْمالُ الله فلا بُدَّ مِن كَشْفِها والٱعتِرافِ اللَّائِقِ بِها. إِصْنَعا الخَير، لا يُصِبْكُما سُوء.

٨الصَّلاةُ مع الصَّومِ والصَّدَقةُ مع البِرِّ خَيرٌ مِنَ الغِنى مع الإِثْم. التَّصَدُّقُ خَيرٌ مِنِ ٱذِّخارِ الذَّهَب. ٩الصَّدَقَةُ تُنَجِّي مِنَ المَوت وهي تُطَهِّرُ مِن كُلِّ خَطيئة. الَّذينَ يَتَصَدَّقونَ يَشبَعونَ مِنَ الحَياة. ١٠أَمَّا الَّذينَ يَرتَكِبونَ الخَطيئةَ والإِثْم فهُم أَعْداءُ أَنْفُسِهِم.

١١سأُخبِرُكُما بِالحَقيقةِ كُلِّها ولَن أُخْفِيَ علَيكما أَيَّ شَيءٍ كان. سَبَقَ أَن أَعلَنتُ فقلتُ لَكُما: «خَيرٌ أَن يُكتَمَ سِرُّ المَلِك، أَمَّا أَعْمالُ الله فلا بُدَّ مِنَ الٱعتِرافِ بِها بِما يَجِبُ مِنَ التَّمْجيد. ١٢فحينَ كُنتَ تُصَلِّي أَنتَ وسارة، كُنتُ أَنا أَرفَعُ ذِكْرَ صَلاتِكُما إِلى حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ، وكذٰلك حينَ كُنتَ تَدفِنُ المَوتى. ١٣وحينَما لم تَتَوانَ في القِيامِ وتَرْكِ المائِدَةِ والذَّهابِ لِدَفْنِ المَيْت، أُرسِلْتُ حينَئِذٍ إِلَيكَ لِأَمتَحِنَكَ. ١٤وفي الوَقْتِ نَفْسِه أَرسَلَني اللهُ لِأَشفِيَكَ وأُبرِئَ سارةَ كنَّتَكَ. ١٥أَنا رافائيل، أَحَدُ المَلائِكَةِ السَّبعةِ الواقِفينَ والدَّاخِلينَ في حَضرَةِ مَجْدِ الرَّبّ».

١٦فٱرتاعَ الٱثْنانِ وسَقَطا على وَجهَيهِمَا مُرتَعِدَين. ١٧فقال لَهُما: «لا تَخافا، علَيكما السَّلام. بارِكا اللهَ لِلأَبَد. ١٨لَمَّا كُنتُ معكما، لم أَكُنْ بِفَضْلي أَنا، بل بِمَشيئَةِ الله. فبارِكاه هو طَوالَ الأَيَّامِ وسَبِّحاه. ١٩كُنتُمَا تَرَيانني آكُل، ولم يَكُنْ ذٰلك إِلَّا رُؤيةً تَرَيانِها. ٢٠والآنَ فبارِكا الرَّبَّ على الأَرضِ وٱحمَدا الله. ها إِنِّي صاعِدٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني. فدَوِّنا جَميعَ ما جَرى لَكُما». ثُمَّ صَعِدَ، ٢١وأَمَّا هُمَا فنَهَضا ولم يَعُدْ بإِمكانِهِما أَن يَرَياه. فكانا يُبارِكانِ اللهَ ويُسَبِّحانِه ويَحمَدانِه على جَميعِ تلكَ الأُمورِ العَظيمةِ الَّتي عَمِلَها، فقَد تَراءَى لَهُما مَلاكٌ مِن مَلائِكَةِ الله.

طوبيّا ١٣

١٢. فرح أورشليم القريب

١وقالَ طوبيت:

«مُباركٌ اللهُ الَّذي يَحْيا لِلأَبَد

ومُباركٌ مُلْكُه!

٢لِأَنَّه يُؤَدِّبُ ويَرحَم

يُنزِلُ إِلى الجَحيمِ إِلى أَسافِلِ الأَرْض

ويُصعِدُ مِنَ الهَلاكِ الجَسيم

فما مِن أَحَدٍ يُفلِتُ من يَدِه.

٣سَبِّحوه أَمامَ الأُمَم، يا بَني إِسرائيل

فهو الَّذي شتَّتَنا بَينَهم

٤وهُناكَ أَرانا عَظَمَتَه.

أَشيدوا بِه أَمامَ كُلِّ حَيّ

فهو رَبُّنا وهو إِلٰهُنا وهو أَبونا

وهو الإِلٰهُ أَبَدَ الدُّهور.

٥يُؤَدِّبُكم بِسَبَبِ آثامِكُم

ولَكِنَّه يَرحَمُكم جَميعًا

ويَجمَعُكم مِن بَينِ جَميعِ الأُمَم

حَيثُ تَشَتَّتُّم فيما بَينَها.

٦حينَ تَرجِعونَ إِلَيه من كُلِّ قُلوبِكُم

ومِن كُلِّ نُفوسِكُم

لِتَعْمَلوا بِالحَقِّ أَمامَه

عِندَئِذٍ يَرجِعُ إِلَيكُم

ولا يَعودُ يَحجُبُ وَجهَه عَنكُم.

والآن فٱعتَبِروا ما صَنَعَ إِلَيكُم

وسَبِّحوه مِن كُلِّ أَفْواهِكُم.

بارِكوا رَبَّ البِرّ

وأَشيدوا بِمَلِكِ الدُّهور.

أَمَّا أَنا فَفي أَرْضِ الجَلاءِ أُسَبِّحُه

وأُخبِرُ أُمَّةَ الخاطِئينَ بِقُوَّتِه وعَظَمَتِه.

إِرْجِعوا، أَيُّها الخاطِئون

وٱعمَلوا البِرَّ أَمامَه.

مَن يَدْري؟ فلَعَلَّه يَرْضى عَنكُم ويَرأَفُ بِكُم.

٧أُشيدُ بإِلٰهي

وتَبتَهِجُ نَفْسي بِمَلِكِ السَّماء

٨وَلْيُخبِروا بِعَظَمَتِه

وَلْيُسَبِّحوه في أُورَشَليم

٩يا أُورَشَليمُ، المَدينةُ المُقَدَّسة

يُؤَدِّبُكِ اللهُ على أَعْمالِ أَبْنائِكِ

ولَكِنَّه سَيَرحَمُ أَيضًا أَبْناءَ الأَبْرار.

١٠أُشكُرِي الرَّبَّ شُكرًا صالِحًا

وبارِكي مَلِكَ الدُّهور

لِكَي يُعادَ فيكِ نَصْبُ خَيمَتِه في الفَرَح

ويُفرِحَ فيكِ المَجلُوِّين

ويُحِبَّ فيكِ البائسين

مدى الأَجْيالِ والدُّهور.

١١نورٌ ساطِعٌ يَسطَعُ إِلى أَقاصي الأَرض

أُمَمٌ كثيرةٌ يأتونَ مِن بَعيد

مِن جَميعِ أَقاصي الأَرض

ويَسكُنونَ بِالقُرْبِ مِنِ ٱسمِ الرَّبِّ

الإِلٰهِ القُدُّوس

وفي أَيديهِم هَدايا لِمَلِكِ السَّماء.

أَجْيالُ أَجْيالٍ فيكِ يَبتهِجون

وٱسْمُ المُخْتارَةِ يَدومُ لِلأَبَد

١٢مَلْعونونَ جَميعُ الَّذينَ

يَفوهونَ بِكَلامٍ قاسٍ!

مَلْعونونَ جَميعُ الَّذينَ

يُدَمِّرونَكِ ويَدُكُّونَ أَسْوارَكِ!

جَميعُ الَّذينَ يُقَوِّضونَ أَبْراجَكِ

ويُحْرِقونَ مَنازِلَكِ!

ومُبارَكونَ لِلأَبَدِ جَميعُ الَّذينَ يَبْنونَكِ!

١٣حينَئِذٍ ٱذْهَبي فٱبتَهِجي بِأَبْناءِ الأَبْرار

لِأَنَّهم جميعًا يَحتَشِدونَ

ويُبارِكونَ رَبَّ الدُّهور

١٤طوبى لِلَّذينَ يُحِبُّونَكِ!

وطوبى لِلَّذينَ يَفرَحونَ بسَلامِكِ!

طوبى لِجَميعِ النَّاسِ الَّذينَ يَحزَنونَ علَيكِ

لِجَميعِ عُقوباتِكِ!

لِأَنَّهم سيَفرَحونَ بِكِ

ويُشاهِدونَ فَرَحَكِ كُلَّه لِلأَبَد!

١٥تُبارِكُ نَفْسِيَ الرَّبَّ

المَلِكَ العَظيم

١٦لِأَنَّ أُورَشَليمَ سيُعادُ بِناؤُها

وبَيتُه لِدَهْرِ الدُّهور.

طوبى لي إِن بَقِيَ مِن ذُرِّيَّتي

مَن يَرى مَجدَكِ

ويُسَبِّحُ مَلِكَ السَّماء!

سَتُبْنى أَبْوابُ أُورَشَليمَ مِن الياقوتِ والزُّمُرُّد

وجَميعُ أَسْوارِكِ مِن الحَجَرِ الكَريم.

ستُبْنى أَبْراجُ أُورَشَليمَ مِنَ الذَّهَب

وتَحْصيناتُها مِن الذَّهَبِ الخالِص.

١٧ستُفرَشُ شَوارِعُ أُورَشَليمَ بِالياقوتِ الأَحمَرِ

وحَجَرِ أُوفير.

ستُنشِدُ أَبْوابُ أَورَشَليمَ أَناشيدَ ٱبتِهاج

وستَقولُ جَميعُ مَنازِلِها:

هَلِّيلويا! مُبارَكٌ إِلٰهُ إِسْرائيل!

وسيُبارِكُ المُباركونَ الِاسْمَ القُدُّوس

لِدَهْرِ الدُّهور».

طوبيّا ١٤

١إِنتَهَت أَقوالُ تَسْبيحِ طوبيت.

١٣. خرابُ نينَوى

وماتَ طوبيتُ بِسَلامٍ عن مائةٍ وٱثنَتَي عَشرَةَ سَنَةً، فدُفِنَ بإِكرامٍ في نينَوى. ٢وكانَ ٱبنَ ٱثنَتَينِ وسِتِّينَ سَنَةً حينَ فَقَدَت عَيناه البَصَر. وبَعدَ أَنِ ٱستَعادَ البَصَر، عاشَ في البُحْبوحة وصَنَعَ الصَّدَقات، وما زالَ يُبارِكُ اللهَ ويُسَبِّحُ عَظَمَته. ٣ولَمَّا أَشرَفَ على المَوت، دعا طوبِيَّا ٱبنَه وأَوصاه قائلًا: «يا بُنَيَّ، خُذْ أَولادَكَ ٤وأَسرِعْ إِلى ميدِيا، فإِنِّي أُومِنُ بِكَلمةِ اللهِ الَّتي قالَها نَحومُ في نينَوى، مِن أَنَّ كُلَّ شيءٍ سيَكونُ ويَحدُثُ في شأنِ أَشُّورَ ونينَوى، وكُلَّ ما قالَه أَنْبِياءُ إِسْرائيل، الَّذينَ أَرسَلَهمُ الله، كُلَّ ذٰلك سيَحدُث. ولَن يُحذَفَ شَيءٌ من جَميعِ أَقْوالِهِم، بل تَتِمُّ كُلُّها في أَوانِها. وسيَكونُ أَمانٌ في ميدِيا أَكثَرَ مِمَّا في بِلادِ أَشُّورَ وبابِل. ولِذٰلك فأَنا أَعلَمُ وأُؤمِنُ بِأَنَّ كُلَّ ما قالَه اللهُ سيَتِمُّ ويَكون، ولَن تَسقُطَ كَلِمَةٌ مِنَ النُّبُوّات.

فإِخوَتُنا السَّاكِنونَ في أَرضِ إِسْرائيلَ سيُحصَون جَميعًا ويُجلَونَ عن الأَرضِ الطَّيِّبة، وستُصبِحُ أَرضُ إِسْرائيلَ كُلُّها قَفْرًا، وستُصبِحُ السَّامِرَةُ وأُورَشَليمُ قَفْرًا، وسيَحزَنُ بَيتُ الرَّبِّ ويُحرَقُ إِلى حين. ٥ثُمَّ يَرحَمُهُمُ اللهُ ثانِيةً فيُعيدُهم إِلى أَرضِ إِسْرائيل، ويَبْنونَ بَيتَه ثانِيَةً، ولٰكِن لا كالأَوَّل، إِلى الوَقتِ الَّذي تَتِمُّ فيه الأَزمِنةُ المُحَدَّدة. وبَعدَ ذٰلك يَعودونَ جَميعًا مِن جَلائِهِم ويَبْنونَ أُورَشَليمَ بِناءً فَخْمًا، وفيها يُعادُ بِناءُ بَيتِ الله، كما أَنْبَأَ بِه أَنْبِياءُ إِسْرائيل. ٦وجَميعُ الأُمَمِ الَّتي على الأَرضِ تَتوبُ كُلُّها وتَتَّقي اللهَ حَقًّا وتُعرِضُ عن جَميعِ أَصْنامِها الكاذِبَةِ الَّتي تُضِلُّها في ضَلالِها، ٧وتُبارِكُ إِلٰهَ الدُّهورِ بِالبِرّ. جَميعُ بَني إِسْرائيلَ الَّذينَ يَنالونَ الخَلاصَ في تِلكَ الأَيَّامِ، لِأَنَّهم يَذكُرونَ اللهَ بِالحَقّ، يَجتَمِعونَ ويأتونَ إِلى أُورَشَليم ويَسكُنونَ لِلأَبَدِ في أَرضِ إِبْراهيمَ بِأَمان، فيُعطَونَ إِيَّاها. ويَفرَحُ الَّذينَ يُحِبُّونَ اللهَ بِالحَقّ. وأَمَّا الَّذينَ يَرتَكِبونَ الخَطيئَةَ والإِثْم، فإِنَّهم يَزولونَ عن الأَرضِ كُلِّها.

٨والآن، يا أَبْنائي، فإِلَيكُم وَصايايَ: إِعمَلوا للهِ بِالحَقّ وٱصنَعوا ما يَروقُ في عَينَيه. وَلْيُعرَضْ على أَولادِكم عَمَلُ البِرِّ والصَّدقَة، ولْيَذْكُروا اللهَ ويُبارِكوا ٱسمَه في كُلِّ حينٍ بِالحَقِّ وبكُلِّ قُوَّتِهِم.

٩والآن، يا بُنَيَّ، فٱخرُجْ مِن نينَوى ولا تُقِمْ هُنا. ١٠وأَيَّ يَومٍ تَدفِنُ أُمَّكَ إِلى جانِبي، ففي ذٰلك اليَومِ لا تَبِتْ في هٰذه البِلاد. فإِنِّي أَرى أَنَّ فيها إِثْمًا كَثيرًا وأَنَّ خِداعًا كَثيرًا يُرتَكَبُ فيها، ولا يَخْجَلون. أُنظُرْ، يا بُنَيَّ، كُلَّ ما صَنَعَه نادابُ إِلى أَخيكارَ أَبيه الَّذي ربَّاه. أَلَم يَكُنْ مُضطَرًّا إِلى النُّزولِ حيًّا إِلى بَطْنِ الأَرض؟ لٰكِنَّ اللهَ رَدَّ التَّشْنيعَ على وَجهِ فاعِلِه. فخَرَجَ أَخيكارُ إِلى النُّور ودَخَلَ نادابُ في الظَّلامِ الأَبَدِيّ، لِأَنَّه حاوَلَ قَتْلَ أَخيكار. وبالتَّصَدُّقِ أَفلَتَ أَخيكارُ مِنَ الفَخِّ القاتِلِ الَّذي نَصَبَه لَه ناداب، ووَقَعَ نادابُ في الفَخِّ القاتِلِ الَّذي أَهلَكَه. ١١والآنَ، يا أَبْنائي، ٱنْظُروا ماذا تَصنَعُ الصَّدَقَة وماذا يَفعَلُ الإِثْم: إِنَّه يَقتُل. ولٰكِن، ها إِنَّ نَفْسي تَخرُج».

ووَضَعوه على الفِراشِ فماتَ ودُفِنَ بإِكْرام.

١٢ولَمَّا ماتَت أُمُّ طوبِيَّا، دَفَنَها إِلى جانِبِ أَبيه. ثُمَّ ٱنصَرَفَ هو وٱمرَأَتُه وأَولادُه إِلى ميدِيا وأَقامَ في أَحْمَتا عِنْدَ حَميه رَعوئيل. ١٣وأَكرَمَ شَيخوخَةَ حَمْوَيه ودَفَنَهما في أَحْمَتا ميدِيا، ووَرِثَ أَمْوالَهُما، بَعدَ أَن وَرِثَ أَموالَ طوبيتَ أَبيه. ١٤وماتَ مُكَرَّمًا عن مائةٍ وسَبعَ عَشرَةَ سَنة. ١٥وسَمِعَ قَبلَ مَوتِه بِخَرابِ نينَوى ورأَى المَجلُوِّينَ مُنْقادينَ إِلى ميدِيا، أُولٰئِكَ الَّذينَ جَلاهم أُوفَخْشَتْرا مَلِكُ ميدِيا. فبارَكَ اللهَ لِكُلِّ ما صَنَعَه في بَني نينَوى وأَشُّور. وفَرِحَ قَبلَ مَوتِه بِمَصيرِ نينَوى وبارَكَ الرَّبَّ الإِلٰهَ لِدَهرِ الدُّهور. آمين.