سِفْرُ هوشع

إنجيل متّى

الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

هوشع ١

هوشع ٢

هوشع ٣

هوشع ٤

هوشع ٥

هوشع ٦

هوشع ٧

هوشع ٨

هوشع ٩

هوشع ١٠

هوشع ١١

هوشع ١٢

هوشع ١٣

هوشع ١٤

سِفرُ هوشع

مدخل

يقع سِفر هوشع في رأس مجموعة الأنبياء الاثني عشر، سواء أوَرَدوا بحسب ترتيب الأسفار العبريّة (وهو الترتيب المتَّبع هنا بحسب الترجمة اللاتينيّة «الشائعة») أم بحسب ترتيب الأسفار في الترجمة السبعينيّة القديمة. لا شكّ في أنّ هوشع مِن أقدم الأنبياء «الكُتَّاب» – أي من الذين يرتبط اسمهم بكتاب خاصّ – وهو لا يتأخّر عن عاموس النبيّ إلّا بقليل. عاش هوشع وتكلّمَ في مملكة الشمال، في إسرائيل (ويسمّيها يعقوب أيضًا (هو ١٢/ ٣) وأفرائيم في أغلب الأحيان (هو ٤/ ١٧)، في الربع الثالث من القرن الثامن (٧٥٠ ق.م). تذكُر الآية الأولى من الكتاب مَلكًا واحدًا لإسرائيل، وهو يارُبْعام بن يوآش. عَرَفَ يارُبْعام، وهو الثاني الذي يحمل هذا الاسم، عهدًا طويلًا عامرًا، لكنّه كان المَلكَ قبل الأخير من سلالة ياهو (٨٤١-٨١٤ ق.م) والتي أنبأ هوشع بانقراضها القريب (هو ١/ ٤)، كما يُخَصّ ٢ مل ١٤/ ٢٣-١٧/ ٢٣ بنُبَذ في العهود التي مارس فيها هوشع نشاطه.

قُتلَ زكريّا بن يارُبْعام الثاني وكان قد ملك ستّة أشهر (٧٤٧ ق.م)، ولكنّ شلّوم المُغتصب لم يبقَ في الحكم إلّا شهرًا واحدًا في السّامرة حيث قُتلَ عن يد مَنَحيم. وملكَ منحيم مدّة أطول (٧٤٦-٧٣٧ ق.م) فخلفَه ابنه فَقَحْيا، لكنّه قُتلَ بعد أن ملك سنتين. وقُتلَ فاقح المغتصب الجديد (٧٣٥-٧٣٢ ق.م) بعد بضع سنوات عن يد هوشع، وهو يحمل اسم النبيّ وكان آخِرَ مَلكٍ على إسرائيل، إذ إنّ الأشّوريّين استولوا على السامرة بعد حصار دام ثلاث سنوات، فأَدَّى هذا الحدَث (في ٧٢١ أو ٧٢٢ ق.م) إلى خراب مملكة الشمال. والحال أنّ في الآية الأولى من الكتاب ذِكرًا لعدّة ملوك يهوذا، مملكة الجنوب، وهم معاصرون للانقلابات التي عرفتها مملكة إسرائيل في الشمال، لا بل أنّ حِزقِيَّا، وهو آخر المذكورين، قد ملكَ بعد خراب السامرة. ومن جهةٍ أخرى، فإنّ في كتاب هوشع، ولا سيّما في هو ٧/ ١-١٦؛ تلميحات أكيدة إلى الحقبة المضطربة التي تبعت عهد يارُبْعام الثاني وإلى ما تخلّلها من انقلابات في البلاط الملكيّ. فالمعلومات الزمنيّة المذكورة في رأس الكتاب هي لاحقة إذًا للنهاية المروّعة التي ألمّت بمملكة الشمال. ليس هناك دليل أكيد على أنّ هوشع نفسه اطَّلعَ على سقوط السامرة، والراجح أنّ تلك المعلومات هي من قلم محرّر من يهوذا أضافها يومَ جُمعت أقوال هوشع لتأليف كتاب. وإذا أُهمل الذين ملكوا على إسرائيل بعد يارُبعام الثاني، أفلا يعكس هذا الأمر الحكمَ الذي أصدره النبيّ باسم الربّ: «أقاموا رؤساءَ وأنا لم أدْرِ» (هو ٨/ ٤)؟ إنّهم مغتصبون، لا ملوك شرعيّون أهل لأن تُخلَّد أسماؤهم.

إظهار المزيد

الوضع التاريخيّ

إنّ حالة عدم الاستقرار التي كانت عليها سياسة تزعّم مملكة الشمال الداخليّة تحاكي الأحوال المقلقة السائدة في السياسة الخارجيّة. كانت أشّور تزمع أن تصبح أوّل دولة في الشرق الأدنى. وحملت الظروف تِجْلَتَ فِلآسَر الثالث (٧٤٧-٧٢٨ ق.م) وخَلَفَيه شَلْمَنآسَر (٧٦٧-٧٢٢ ق.م) وسَرْجون (٧٢٢-٧٠٥ ق.م) على الإكثار من الحملات العسكريّة غربًا، فكان على الممالك الآراميّة في سورية وعلى مدن فينيقيّة ومملكة إسرائيل والمدن الفلسطينيّة أن تتحمّل نتائج هذا التوسّع. ولن تنجو مملكة يهوذا تمامًا (نجد في أقدم أقوال سِفر أشعيا، وهو شبه معاصر لهوشع، أصداء هذه المأساة)، ولكنّها ستعيش أكثر من قرن بعد زوال شقيقتها المعادية في الشمال. وفي تلك الأيّام، كانت مصر، وهي الدولة الكبرى الأخرى في الشرق الأدنى، في حالة ضعف، ولكنّها كانت تثير الاضطرابات في المناطق التي تُخضعها أشّور. يُظهر لنا سِفر هوشع أفرائيم – إسرائيل في توازن دائم بين الدولتين الكبريَين (هو ٧/ ١١)، تمارس لعبة لا تخفى عاقبتها المروّعة على بصيرة النبيّ: ستجتاحها الدولة الأشّوريّة وتسحقها بما في ذلك من القمع ومن جلاء نخبة السكّان، وهي السياسة التي كان الفاتحون يتّبعونها للسيطرة النهائيّة على البلاد المستولى عليها (هو ٨/ ٨): وسيلجأ إلى مصر كلّ مَن تمكّن من الإفلات (هو ٩/ ٦).

الإطار الدينيّ والخلقيّ

ليست السياسة الخارجيّة والداخليّة الموضوع الوحيد الذي يتناوله النبيّ بالنقد والأحكام التي يصدرها باسم الله. فإنّه يندّد بما في إسرائيل من فساد خلقيّ شديد (هو ٤/ ١-٢؛ هو ٦/ ٧-١٠؛ هو ٧/ ١) ومن فقدان كلّ عدالة اجتماعيّة ويعلن مسؤوليّة نخبة الشعب. ويرى في الخيانة خاصّةً أصل سائر أنواع الفساد وسبب جميع الشرور. ليس هوشع أوّل نبيّ في إسرائيل يشهّر التواطؤات الدينيّة ويطالب بالطهارة وبالصفة المطلقة لمتطلّبات الربّ، الإلٰه الذي أخرج إسرائيل من مصر والذي لا يقبل شريكًا. ولكن لربّما كانت الحالة التي كان عليه أن يواجهها أخفّ وضوحًا والإغراءُ أكثر استتارًا وبالتالي أشدّ خطرًا، مِمَّا كانت عليه في عهد إيليّا مثلًا (١ مل ١٨/ ١-٤٦).

كان إغراء آلهة كنعان من أسخف الإغراءات. كان من الأمور المغرية أن يتّخذ الإنسان، لا مكان الربّ، بل إلى جانبه، تلك الآلهة القوميّة التي كانت تُعدّ مختصّة بتلبية حاجات الحياة الريفيّة: آلهة قوى الطبيعة والأمطار والعواصف وخصب الأرض. كان في ظنّهم أنّهم لا يتركون إلٰه الآباء، بل يستميلون أيضًا حظوة آلهة البلاد، متّخذين بذلك جميع الاحتياطات. هان ذلك التواطؤ الدينيّ على بعضهم لأنّه لم يكن سوى عودة إلى عادات قديمة لم يُقلَع عنها تمامًا في عهد شكيم (يش ٢٤/ ١-٣٣). مقابلَ إغراء المشارف هذا (هو ٤/ ١٢-١٣)، وضعَ هوشع بجرأةٍ ذلك الإغراء الذي سيمارسه الربّ في معاملته شعبَه (هو ٢/ ١٦-٢٥)، وسيذهب النبيّ بعيدًا جدًّا في هذه الطريق فيردّ على أنصار الديانة الكنعانيّة حججهم نفسها. أليس الربّ نفسه، لا آلهة كنعان، هو الذي يضمن لشعبة خصب أرضه؟ (هو ٢/ ٧-١١ و٢٣-٢٥؛ هو ١٤/ ٦-٩).

زواج النبيّ

في جرأة هوشع النبيّ ما يُدهش، فإنّه يجسّد في حياته الخاصّة تجسيدًا رمزيًّا ما من علاقات بين الربّ وشعبه الخائن. يمكننا أن نقول إنّه يضع نفسه مكان الله وينسب إلى نفسه ما يشعر به: مِمّا يلفت النظر في سِفر هوشع هو أنّ الربّ يستعمل في أغلب الأحيان صيغة المتكلّم. كان ولا يزال زواج هوشع (هو ١/ ١-٣/ ٥) أعقد الأمور جدالًا في التفسير الكتابيّ. صحيح أنّ المظهر القصصيّ قليل الأهمّيّة بالنسبة إلى رسالة النبيّ، وسنعود إلى هذا الأمر في وقتٍ لاحق. ومع ذلك فليس أمرًا لا يؤبه له أنّ هوشع عاش حقًّا في زواجه اختبارًا بشريًّا مروّعًا، ولا يرجَّح على كلّ حال أنّنا أمام مجرّد استعارة. وإذا كان لأولاد هوشع أسماء رمزيّة، فليس هذا شأن جومَر. فلو كان الأمر مجرّد خيال، لوجب على امرأة هوشع نفسها أن تتحمَّل، حتّى في اسمها، أثقل عبء التمثيل. ليس زواج هوشع خيالًا، بل هو رمز، ولذلك فمن شبه المستحيل، وغير المفيد، أن نهتدي إلى الحدث التاريخيّ الذي فيه. إنّه عمل نبويّ، مثل تلك الأعمال التي قام بها الأنبياء (راجع أش ٢٠/ ١-٦؛ رسل ٢١/ ١٠-١٤) والتي يفسّرونها هم بأنفسهم. في شأن سِفر هوشع، فالكتاب كلّه تفسير للعمل النبويّ الوارد ذكره في (هو ١/ ١-٣/ ٥). قام جدال طويل لمعرفة هل يشير هو ٣/ ١-٥ إلى زواج جديد ومن امرأة غير جومَر. يبدو من الأرجح أنّ هو ٣/ ١-٥ يتناول جومَر أيضًا، ويمكننا أن نرى فيه تعمُّقًا في حبّ هوشع جومَر، أي في حبّ الربّ شعبَه. لا يخفى على هوشع أنّ جومَر خائنة ولربّما على نحوٍ يدعو إلى اليأس. إنّ العبارة «امرأة زِنى» عبارة رمزيّة في حدّ ذاتها، ولكنّه من المحتمل أن تكون جومَر امرأة لها صلة بعبادات الخصب الكنعانيّة الأصل وأن تشترك في طقوسها الشهوانيّة (راجع ما توحي به بعض المقاطع: هو ٢/ ٤ و١٥؛ هو ٤/ ١٣-١٤). كان الزواج من مثل تلك المرأة ضربًا من الجنون، لا يخفّ جنونًا عن حبّ الربّ شعبَه. فلا شكّ في أنّ قبولها ثانية والتمسّك بها، في حال حبّ رافض، دليل على تعمّق عظيم. ولا بدّ من محنة الانعزال التامّ – بما فيه الانعزال عن زوجها – لحمل جومَر على التفكير والتوبة. وكذلك لا بدّ من محنة التجريد التامّ من الخيرات – بما فيها الخيرات الدينيّة والصلة بالله – لحمل إسرائيل على الرجوع إلى نفسه والرجوع إلى إلٰهه. ولكنّ في هو ٣/ ١-٥ أيضًا تمسُّكًا بجومَر حتّى في خيانتها، لأنّها هذه حالتها! وتمسّكَ الربّ بشعبه حتّى في خطيئته وبالرغم من خطيئته التي لا يستطيع الإقلاع عنها، إذ إنّ المحبّة التي يكنّها الله له تستطيع وحدها أن تنقذه منها.

عند هوشع، في غرابة مغامرة حياته الزوجيّة، اختبارٌ يكشف للإنسان ما قد يكون قلبُ الله، هذا ما سيعبّر عنه بولس الرسول، عندما تمَّت الأزمنة في المسيح، بقوله: «أجل، لمَّا كنَّا ضعفاء، مات المسيح في الوقت المحدَّد من أجل قومٍ كافرين، ولا يكاد يموت أحد من أجل امرئٍ بارّ، وربّما جرؤ أحد أن يموت من أجل امرئٍ صالح. أمّا الله فقد دلَّ على محبّته إيّانا بأنّ المسيح قد مات من أجلنا إذ كنّا خاطئين» (روم ٥/ ٦-٨). لمّا أحبّ هوشع جومَر كما هي، فهمَ وعرفَ كيف يعبّر عن محبّة الربّ شعبَه كما هو. ولذلك يتغلّب الحبّ في سِفر هوشع على السخط والغضب، ولكن ليس هذا الحبّ حبًّا عاطفيًّا ولا جاهلًا، بل هو حبّ عمَّقه الألم ولا تستسلم متطلّباته للفشل.

إلٰه إسرائيل والبعل

يطالب هوشع، للربّ وحده، بالامتيازات التي كانوا يعتقدون أنّها امتيازات آلهة كنعان أيضًا، إلًّا أنّه يبرهن عن تشدّد قاطع في أمرِ ما لهذه الديانة من مفردات ورموز – ولا من ممارسات وحسب. لا بأس في أن يستعمل ما في بعض الألفاظ من جناس، وهو يفعل ذلك على نحوٍ غامضٍ ودقيق. ولكنّه يستنكر بدون أيّ تساهل كان إحدى الممارسات المألوفة: كانت كلمة «بَعْل»، أي السيّد، اسم علم أحد آلهة كنعان، وكانت أيضًا هذه الكلمة الاسم الذي تطلقه المرأة على زوجها، وجرت العادة أخيرًا أن تُستعمل هذه الكلمة للدلالة على الربّ الإلٰه. أمَّا هوشع فلم يعد يقبل أن يُلفظ اسم البعل (هو ٢/ ١٩)، لا للدلالة على آلهة أخرى وحسب، بل أن تُستعمل للدلالة على الربّ (هو ٢/ ١٨). ومن المحتمل أن يكون هناك ما يماثل ذلك في استنكاره المطلق للصور والأوثان. كان بإمكانهم أن يروا فيها، لا إلٰهًا بحصر المعنى، بل رمزًا للإلٰه. فصغار الثيران في معابد الشمال (التي يسمّيها هوشع عجولًا على سبيل التهكّم)، كانوا يريدون بها رموزًا لا صُورًا للإلٰه. وفي كنعان صور آلهة بهيئة بشر، منتصبة فوق حيوان. بالاقتصار على تمثيل قاعدة الإلٰه وهو غير منظور، كانوا يظنّون أنّهم يجمعون بين الدلالة على ما ينبغي لسموّ الربّ من الإجلال، والتوجّه إلى الناس بلغة دينيّة في متناولهم، باستعمال رموز مألوفة. وإذا بدا النبيّ مع ذلك في هذا الأمر شديد التطلّب، فهذا يعني أنّ مثل تلك الممارسة سبق أن دلّت على تواطؤات تعرّض لها الناس (يمكننا أن نقارن بين موقف هوشع هذا وموقف بولس الرسول في أمر لحوم ذبائح الأوثان، ١ قور ٨/ ١-١٠/ ٣٣). يعارض هذا الموقف معارضة شديدة ذلك الموقف الذي اتّخذه في أماكن أخرى، إذ إنّه، كما ذكرنا آنفًا، يجرؤ على تصوير الربّ كالإلٰه الحقيقيّ الذي منه يُنتظر خصب الأرض. لكنّه يفعل ذلك بغموض وفطنة (هو ١٤/ ٩)، ويهتمّ بألّا يجعل الربّ قوّة من قوّات الطبيعة والتي يحترم بالعكس سيرها الطبيعيّ (إقرأ بانتباه هو ٢/ ٢٣-٢٤). مهما يكن من أمر، فليس التعارض تناقضًا، لا بل هو طريقة للتعبير عن الفروق في لغة تصويريّة شديدة اللهجة: فلا يدّعي هوشع وضع الربّ خارج تفكير البشر ولغتهم الدينيّة، ولكنّه يريد أن تتنزّه الديانة عن كلّ تواطؤ.

ولذلك يندّد النبيّ بعنف بالديانة الخارجيّة والذبائح وطقوس العبادة. ولم يَدُر الكلام على ممارسات مشبوهة وحسب (هو ٤/ ١٢-١٤)، بل على أشدّ الممارسات تقليدًا وقبولًا. وما يندّد به ليس هو الطقس والذبيحة في حدّ ذاتهما أوّلًا، بل الروح الذي يعيشون به هذه الديانة والاطمئنان إلى أنّ في ممارسة الطقوس ممارسة دقيقة لما يكفي لكسب حظوة الله وبطريقة تلقائيّة؛ قارِن بين هو ٦/ ١-٨؛ هو ١٤/ ٢-٤. لا ينخدع الربّ بظواهر تقوى قد تكون صادقة أوّل وهلة، ولكنّها لا تُلزم بحياة صدق. وهو ينتظر تعبيرًا عن توبة حقيقيّة وبراهين عن الحبّ تُثبتها أعمال الحياة. يتجاوز هوشع المناظرة السلبيّة في هذا الصدد: «إنّي أشفيهم من ارتدادهم» (هو ١٤/ ٥): أليس في قدرة الله وحده أن يمكّن الإنسان الخاطئ أن يحيا حقيقة الحبّ هذه؟ ذلك ما يعبّر عنه ٢/ ٢٠-٢٢: إلى العدل والحقّ اللذين في العهد القديم، سيضيف الربّ العطف والحنان، وسيقيم بينه وشعبه نمطًا جديدًا من العلاقات في صدقٍ وأمانة باطنيّة عميقة تعبّر عنهما في هذا النصّ استعارات ألفة الحبّ. سيقول إرميا، وهو مدين جدًّا لهوشع، إنّه عهد جديد وإنّ الله لا يقيمه إلّا بتغيير قلب الإنسان (إر ٣١/ ٣١-٣٤).

يكشف لنا سِفر هوشع حقبة تاريخيّة شديدة الظلام. فالحالة الخلقيّة والاجتماعيّة فساد بفساد، والحالة الدينيّة خيانة بخيانة. وأمّا الحالة السياسيّة فيبدو للمشاهد البصير أنّه ميؤوس منها. ولا شكّ في أنّ رسالة النبيّ مشحونة بالتوبيخات والتهديدات. ولا يُظهر ذلك سوى التعارض في هذه النبوءة: رسالة سِفر هوشع في عمقها هي كلمة حنان ورجاء. أجل، إنّ الظروف التاريخيّة ومواقف البشر ترسم لوحة قاتمة. ولكنّ التوبيخات الموجَّهة باسم الله – وهي توبيخات عنيفة بقدر ما تصدر عن الحبّ الخائب – تحلّ فجأةً محلّها مفاتحات حبّ لا يقاومه شيء، لأنّه سيكون صاحب الكلمة الأخيرة كما كان صاحب المبادرة (هو ٩/ ١٠؛ هو ١١/ ١). فلن يكتفي بالانتصار على الغضب (هو ١١/ ٦-٩)، بل سيمحو الخطيئة نفسها (هو ١٤/ ٥).

تكوين الكتاب

من الأكيد أنّ انتهاء الكتاب بوعدٍ رائع ليس مجرّد صدفة، فهناك أدلّة كثيرة على أنّ هذه المجموعة لا تخلو من التأليف، مع أنّه يصعب علينا أن نجد فيها تصميمًا حقيقيًّا. فنحن أمام مجموعة أقوال وكلمات وردت في ظروف معيّنة يمكننا أن نحدّد بعضها فقط. تتوقّع الفصول الأولى نهاية سلالة ياهو في مستقبل قريب (هو ١/ ٤)، وهذه الفصول تعود إلى بدء نشاط النبيّ، في عهد يارُبْعام الثاني على الأرجح. ويلمّح القسم الثاني من الفصل الخامس إلى حرب (سُمّيت الحرب «السوريّة الإفرائيميّة») توسّعت في خلالها مملكة يهوذا شمالًا على حساب إسرائيل (راجع هو ٥/ ١٠). وفي خاتمة الكتاب، يبدو خراب السامرة وشيكًا، ولكنّه لم يكن قد تمّ (هو ١٣/ ٩-١٤/ ١). وفي داخل هذا الإطار التاريخيّ الذي يوافق الربع الثالث من القرن الثامن، فإنّ التلميحات الكثيرة إلى لعبة التوازن التي مارسها إسرائيل بين مصر وأشّور، ولا سيّما الحملات العنيفة على دسائس البلاط التي لا تزال تبلبل نظام الخلافة والسلالة (الفصل السابع ومعناه العامّ واضح بالرغم من غموض بعض التفاصيل)، هي أدلّة تربط مجمل الكتاب بحقبة تاريخيّة واحدة. لكنّ جزءًا كبيرًا من الأقوال النبويّة تتعلّق بالحالة الخلقيّة والدينيّة، وما يبدو على الإجمال هو بالأحرى تكرار دائم للموضوعات نفسها، لا تأليف ذو اتّجاه واحد – وإن أمكن عدّ الفصل الأخير ذروة في المضمون. ومن شبه المستحيل أن نحدّد أيًّا كانت مساهمة هوشع نفسه في تدوين أقواله. تستلفت الفصول الثلاثة الأولى نظرنا، فإنّ أسلوبها أقوى شخصيّةً من سائر الفصول، ومن المحتمل أن نكون أمام فقرات تعود إلى هوشع نفسه. ولكن، إن أردنا أن نستجلي عناصر سيرته لنستعيد ساعة من حياة النبيّ وبالأولى أعماق نفسيّته، عرّضنا أنفسنا للفشل ولم نتوصّل إلى عمق رسالته الخاصّة.

أيًّا كان اختيار هوشع الشخصيّ في الواقع (سواء أأشار الفصل الثالث إلى زواجٍ ثانٍ أم كان بالعكس تكرارًا للمغامرة الأولى)، من المهمّ في الدرجة الأولى أن نتنبه إلى أنّ هذا الاختيار يوصف لنا، لا بحدّ ذاته وعلى أنّه أمر جرى بين هوشع وامرأته الخائنة، بل بصفته رمزًا إلى العلاقات بين الربّ والشعب الذي اختاره. فأسماء الأولاد، والانتقال الدائم من صيغة المخاطب إلى صيغة الغائب ومن المفرد إلى الجمع، ونوع من الخلط المقصود بين الأمّ والأولاد المشمولين بالتوبيخات نفسها، تدلّ على أنّ ما يُروى لنا من هذه القصّة الداعية إلى الأسى لا يُروى لإشباع فضولنا، بل «لتعليمنا» (١ قور ١٠/ ١١؛ راجع هو ١٤/ ١٠). سبق لنا أن ذكرنا، من جهةٍ أخرى، أنّ الآية الأولى من السِفر كُتبت على الأرجح في مملكة يهوذا وبعد خراب السامرة. وفي جميع صفحات السِفر أيضًا أدلّة أخرى على تحرير في مملكة يهوذا (راجع هو ١/ ٧). نرى في ذلك كيف أنّ بعض الأقوال التي قيلت أوّلًا بالنسبة إلى الحالة الخاصّة التي كانت فيها مملكة الشمال كانت تُطبّق أيضًا في مملكة يهوذا – وهذا لا يعني مع ذلك أنّ جميع الفقرات الوارد فيها اسم مملكة يهوذا هي من عمل محرّر من هذه المملكة. وأخيرًا، فإنّ الآية الأخيرة من الكتاب، وهي تعليق على مجمل رسالة النبيّ كما هي مدوَّنة خطّيًّا، هي أيضًا على الأرجح من عمل محرِّر.. وليس لهذه الملاحظات النقديّة فائدة عمليّة وحسب؛ فقد استخدم مؤلّفو الكتاب المقدّس هذه الطريقة للدلالة على حاليّة كلمة الله التي تتجاوز ما أدّى التعبير عنها من ظروف تاريخيّة معيَّنة.

إذا صحّ أنّ هوشع لم يساهم إلّا قليلًا في تدوين أقواله، يجوز لنا مع ذلك أن نسلّم بأنّ هذه الأقوال رُويت بأمانة. يدلّ على ذلك دلالةً حسنة ما في اللغة والإنشاء من طابع شخصيّ جدًّا. فالإنشاء حماسيّ وعنيف واللغة قويّة ورنّانة، ولكن كثيرًا ما تكون لغته عسيرة وإنشاؤه غامضًا، ولا سيّما من فرط ذلك الإيجاز الذي يوليه قوّةً وجمالًا. الجُمل قصيرة وموزونة، ولكنّ قِصَر التعبير وكثرة المختصرات وعدم الوصل بين الجمل وكلّ ما يساهم في وسمه بطابع الشعر الساحر، كلّ ذلك يجعل أيضًا سِفر هوشع من أصعب أسفار العهد القديم العبريّ، فهو لذلك من الكتب التي أكثَرَ النقد المعتمد من تصويب الكلمات بالحركات في نصّها الأصليّ.

تأثير الكتاب

كان تأثير سِفر هوشع عميقًا في جميع صفحات الكتاب المقدّس. ولا شكّ في أنّ إرميا في العهد القديم كان أشدّ الكتّاب تأثّرًا به. فلقد عاد فتناول موضوع الرجوع إلى البرّيّة (راجع إر ٢/ ٢-٣؛ هو ٢/ ١٧)، وأوضحَ موضوع العهد الجديد. وأكثر الاستعارات نجاحًا في سِفر هوشع استعارة الزواج للدلالة على العلاقات بين الله وشعبه – وما يرافقها من عدم أمانة وزنى وبغاء. وإنّنا نجد هذه الاستعارة عند إرميا (إر ٢/ ٢٣-٢٤؛ إر ٣/ ١؛ إر ٣٠/ ١٤؛ إر ٣١/ ٢٢) وفي حزقيّال (حز ١٦/ ١-٦٣؛ حز ٢٣/ ١-٤٩) وفي القسم الثاني من سِفر أشعيا (أش ٥٠/ ١؛ أش ٥٤/ ٤-٧؛ أش ٦٢/ ٤-٥)، ولعلّها مفتاح تفسير لسِفر نشيد الأناشيد. مهما يكن من أمر، ترمز هذه الاستعارة في العهد الجديد إلى الاتّحاد القائم بين المسيح والكنيسة، كما كانت ترمز في العهد القديم إلى الاتّحاد بين الربّ وشعبه (مر ٢/ ١٩-٢٠؛ أف ٥/ ٢٥؛ إلخ). يستشهد العهد الجديد سبع عشرة مرّة بسِفر هوشع، ولكنّ تأثيره لا يُقاس بتكرار الاستعارات نفسها وبعدد المراجع الصريحة وحسب. فالتفكير اللاهوتيّ في سِفر هوشع هو التفكير اللاهوتيّ في محبّة الله. يعبَّر عن هذه المحبّة بالعناية والحنان في صورة حبّ الأب لابنه، وهي تستخدم لغة الهوى البشريّ في صورة حبّ الرجل والمرأة. وبما أنّ هوشع قد جرؤ على القول إنّ الربّ هو إلٰه متّقد بالحبّ، نقول ذلك نحن أيضًا بعد هوشع. يتكلّم هوشع على شوق الله وخيبة أمله وسخطه وغضبه – وعلى حنانه أيضًا وهو الأقوى دائمًا، إذ إنّ الكلمة الأخيرة ليست كلمة غضب وعقاب، بل كلمة سعادة في اتّحاد يعيش الأمانة بعد اليوم، متجاوزًا المحن التي لا بدّ منها. فالكلام على الحنان هو خلاف الضعف، وهذا الحنان هو قوّة من الله من شأنها أن تحوّل قلب الإنسان وتمحو حتّى ذكر الخطيئة. هذا وإنّ الله لا ينتظر الخاطئ ليذهب إلى لقائه، بل يذهب، قبل أن يعود، للبحث عنه. وهكذا فإنّ سِفر هوشع يبلغ أعماق التفكير اللاهوتيّ والتقوى، إذ إنّه بكشفه عن حنان الله يكشف عن الله نفسه كما هو، أي الله محبّة. أجل، ليست كلمة محبّة واضحة كما هي في يوحنّا، ولكنّ الكشف عنها في سِفر هوشع أمرٌ أكيد.

يذهب سِفر هوشع إلى الجوهر، بعمق رسالته وعنفها في الوقت نفسه، فهو اليوم كما في الأمس كلمة يوجّهها الله إلى شعبه وإلى كنيسته. إنّ الآية الأخيرة من الكتاب تدعو القارئ إلى الانتباه لحاليّة كلمة الله: «من هو حكيم فيفطن لهذه الأشياء؟» أو، كما سيقول يسوع: «من له أذنان تسمعان…؟». فالوحي الكتابيّ، المندمج في ظروف التاريخ، هو كلمة من الله، لجميع الذين يسمعونها، لجميع الذين يفتحون هذا السِفر يوجّه الربّ اليوم، على لسان هوشع، إلى شعبه وإلى كنيسته، كلمة توبيخ وحنان، كلمة قساوة ومحبّة في الوقت نفسه. تتطلّب محبّة الله أن نطرد عنّا كلّ الظلم وأن نحترس من خداع الأصنام. وهذا التطلّب مطلق وبلا رجعة، ولكنّه تطلّب المحبّة في حقيقتها: فإذا أراد الله أن يكون وحده في قلب الإنسان، فذاك أنّه وحده الكائن حقًّا، إذ إنّ الأوثان هي لا شيء وإنّ ما يصدر عن الإنسان وحده ليس هو سوى سند وهميّ للذين اختارهم الله، إذ لا سعادة ولا حياة إلّا من الربّ. بهذه الكلمة ينتهي سِفر هوشع، وهي كلمة يقوم عليها رجاء الإيمان. لا شكّ في أنّ سِفر هوشع لا يحتوي على الوحي الكتابيّ كلّه، لكنّه يبلغ مبلغًا بعيدًا وعميقًا، حتّى إنّ شعب الله لا يستطيع أن يقرأه اليوم من دون أن يهتزّ رجاءً، ومن دون أن يتساءل عن صفاء إيمانه.

هوشع ١

العنوان

١كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتي كانَت إِلى هوشَعَ بنِ بَئيري، في أَيَّامِ عُزِّيَّا ويوتامَ وآحازَ وحِزقِيَّا، مُلوكِ يَهوذا، وفي أَيَّامِ يارُبْعامَ بنِ يوآش، مَلِكِ إِسْرائيل.

١. زواج هوشع وقيمته الرمزيّة

زواج هوشع وأولاده

٢بَدءُ كَلامِ الرَّبِّ بِلِسانِ هوشَع. قالَ الرَّبُّ لِهوشَع: «إِنطَلِقْ فٱتَّخِذْ لَكَ ٱمرَأَةَ زِنًى وأَولادَ زِنًى، فإِنَّ الأَرضَ تَزْني زِنًى بِٱرتِدادِها عنِ الرَّبّ».

٣فٱنطَلَقَ وٱتَّخَذَ جومَر، بِنتَ دِبْلائيم. فحَبِلَت ووَلَدَت لَه ٱبنًا. ٤فقالَ لَه الرَّبّ: «سَمِّه يِزْرَعيل، فإِنِّي بَعدَ قَليلٍ أُعاقِبُ بَيتَ ياهو على دِماءِ يِزرَعيل، وأُزيلُ مُلكَ بَيتِ إِسْرائيل. ٥وفي ذٰلك اليَومِ أَكسِرُ قَوسَ إِسْرائيلَ في وادي يِزرَعيل».

٦ثُمَّ حَبِلَت ثانِيَةً ووَلَدَت بِنتًا، فقالَ لَه الرَّبّ: «سَمِّها غَيرَ مَرْحومة، فإِنِّي لا أَعودُ أَرحَمُ بَيتَ إِسْرائيل، صافِحًا عنهم صَفحًا. ٧أَمَّا بَيتُ يَهوذا، فأَرحَمُهم وأُخَلِّصُهم بِالرَّبِّ إِلٰههم، ولا أُخَلِّصُهم بِالقَوسِ ولا السَّيفِ ولا القِتالِ ولا الخَيلِ ولا الفُرْسان».

٨ثُمَّ فَطَمَت غَيرَ مَرْحومَة، وحَبِلَت ووَلَدَتِ ٱبنًا. ٩فقالَ الرَّبّ: «سَمِّه لَيسَ بِشَعْبي، فإِنَّكم لَستُم بِشَعْبي وأَنا لا أَكُونُ لَكم إِلٰهًا».

هوشع ٢

نظرة إلى المستقبل

١وسَيكونُ عَدَدُ بَني إِسْرائيلَ كرَملِ البَحْرِ

الَّذي لا يُقاسُ ولا يُعَدّ

وسَيكونُ في المَكانِ الَّذي قيلَ لَهم فيه

«لَستُم بِشَعْبِي»

أَنَّه يُقالُ لَهم فيه: «أَبْناءُ اللهِ الحَيّ».

٢ويَجتَمِعُ بَنو يَهوذا وبَنو إِسْرائيلَ معًا

ويَجعَلونَ لَهم رَأسًا واحِدًا

ويَملأُونَ الأَرْض

فإِنَّ يَومَ يِزرَعيلَ يَومٌ عَظيم.

٣قولوا لإِخوَتِكم: «شَعْبي»

ولِأَخَواتِكم: «مَرْحومَة».

الربّ وشعبه الخائن

٤حاكِموا أُمَّكم، حاكِموا

فإِنَّها لَيسَتِ ٱمرَأَتي ولا أَنا زوجُها.

لِتَنزِعْ مِن وَجهِها زِناها

ومِن بَينِ ثَدْيَيها فِسْقَها

٥وإِلَّا جَرَّدتُها عُرْيانة

ورَدَدتُها كما كانَت يَومَ ميلادِها

وجَعَلتُها كالصَّحْراء

وصَيَّرتُها كأَرضٍ قاحِلة

وأَمَتُّها بِالعَطَش

٦ولم أَرحَمْ بَنيها لِأَنَّهم بَنو زِنًى

٧لِأَنَّ أُمَّهم زَنَت

والَّتي حَبِلَت بِهِم جَلَبَت على نَفسِها العار

لِأَنَّها قالَت: أَنطَلِقُ وَراءَ عُشَّاقي

الَّذينَ يُعْطونَني خُبْزي ومائي

وصوفي وكَتَّاني وزَيتي وشَرابي.

٨لِذٰلك هاءَنَذا أَسُدُّ طَريقَكِ بِالشَّوك:

وأُسَيِّجُه بِسِياج، فلا تَجِدُ سُبُلَها

٩فتَجْري وَراءَ عُشَّاقِها فلا تُدرِكُهم

وتَطلُبُهم فلا تَجِدُهم

فتقول: أَنطَلِقُ وأَرجِعُ إِلى زَوجِيَ الأَوَّل

لِأَنِّي كُنتُ حينَئذٍ خَيرًا مِن الآن.

١٠إِنَّها لم تَعلَمْ أَنِّي أَنا أَعطَيتُها

القَمحَ والنَّبيذَ والزَّيت

وأَكثَرتُ لَها الفِضَّةَ والذَّهَب

فجَعَلوها لِلبَعْل.

١١ولِذٰلك أَعودُ فآخُذُ قَمْحي في حينِه

ونَبيذي في أَوانِه

وأَنزِعُ صوفي وكَتَّاني

اللَّذَينِ هُما لِسَترِ عَورَتِها.

١٢والآنَ أَكشِفُ فاحِشَتَها على عُيونِ عُشَّاقِها

ولا يُنقِذُها أَحَدٌ مِن يَدي.

١٣وأُبطِلُ كُلَّ فَرَحِها وأَعْيادِها

ورُؤُوسِ شُهورِها وسُبوتِها وكُلَّ ٱحتِفالاتِها

١٤وأُدَمِّرُ كَرمَتَها وتينَتَها مِمَّا قالَت:

هُما أُجرَتي أَعْطانيها عُشَّاقي.

وأَجعَلُ مِنهما غابَةً فتَأكُلُهما وُحوشُ البَرِّيَّة.

١٥وأُعاقِبُها على أَيَّامِ البَعْليمِ

الَّذينَ أَحرَقَتِ البَخورَ لَهم

وتَزَيَّنَت بِخَواتِمِها وحُلِيِّها

وٱنطَلَقَت وَراءَ عُشَّاقِها ونَسِيَتْني

يَقولُ الرَّبّ.

١٦لِذٰلك هاءَنَذا أَستَغْويها

وآتي بِها إِلى البَرِّيَّةِ وأُخاطِبُ قَلبَها،

١٧ومِن هُناكَ أَرُدُّ إِلَيها كُرومَها

وأَجعَلُ مِن وادي عَكورَ بابَ رَجاء

فتُجيبُ هُناكَ كما في أَيَّامِ صِباها

وفي يَومِ صُعودِها مِن مِصْر.

١٨وفي ذٰلك اليَومِ، يَقولُ الرَّبّ

تَدْعينَني «زوجي»

ولا تَدْعينَني بَعدَ ذٰلك «بَعْلي».

١٩فإِنِّي أُزيلُ أَسماءَ البَعْليمِ مِن فَمِها

فلا تُذكَرُ مِن بَعدُ بِأَسْمائِها.

٢٠وأَقطَعُ لَها عَهدًا في ذٰلك اليَوم

مع وُحوشِ البَرِّيَّةِ وطُيورِ السَّماء

والحَيَواناتِ الَّتي تَدِبُّ على الأَرْض

وأَكسِرُ القَوسَ والسَّيفَ والحَربَ مِنَ الأَرْض

وأُريحُهم في أَمان.

٢١وأَخطُبُكِ لي لِلأَبَد

أَخطُبُكِ بِالبِرِّ والحَقِّ والرَّأفَةِ والمَراحِم

٢٢وأَخطُبُكِ لي بِالأَمانَةِ، فتَعرِفينَ الرَّبّ.

٢٣ويَكونُ في ذٰلك اليَومِ أَنِّي أُجيب

يَقولُ الرَّبّ

أُجيبُ السَّمٰوات، وهُنَّ يُجِبنَ الأَرض،

٢٤والأَرضُ تُجيبُ القَمحَ والنَّبيذَ والزَّيت

وهُنَّ يُجِبنَ يِزرَعيل.

٢٥وأَزرَعُها لي في الأَرض

وأَرحَمُ غَيرَ مَرْحومَة

وأَقولُ لِلَيسَ بِشَعْبي: «أَنتَ شَعْبي»

وهو يقول: «أَنتَ إِلٰهي».

هوشع ٣

هوشع يُعيد الزوجة الخائنة ويمتحنها. تفسير الرمز

١ثُمَّ قالَ لِيَ الرَّبّ: «إِنطَلِقْ أَيضًا وأَحبِبِ ٱمرَأَةً يُحِبُّها زَوجُها، وهي فاسِقَة، كما يُحِبُّ الرَّبُّ بَني إِسْرائيل، وهم يَلتَفِتونَ إِلى آلِهَةٍ أُخْرى ويُحِبُّونَ أَقْراصَ الزَّبيب». ٢فٱشتَرَيتُها بِخَمسَةَ عَشَرَ مِنَ الفِضَّة وبِحُمِرٍ ونِصفِ حُمِرٍ مِنَ الشَّعير. ٣وقُلتُ لَها: «إِنَّكِ تَبقَينَ لي أَيَّامًا كَثيرة، ولا تَزْنينَ ولا تَكونينَ لِرَجُل، وأَنا أَكونُ كذٰلِكَ معَكِ»، ٤لِأَنَّ بَني إِسْرائيلَ يَبقَونَ أَيَّامًا كَثيرةً لا مَلِكَ لَهم ولا رَئيسَ ولا ذَبيحَةَ ولا نُصُبَ ولا أَفودَ ولا ترافيم. ٥وبَعدَ ذٰلك يَرجِعُ بَنو إِسْرائيلَ ويَطلُبونَ الرَّبَّ إِلٰهَهم وداوُدَ مَلِكَهم، ويَلتَفِتونَ بَهَيبَةٍ إِلى الرَّبِّ وجودَتِه في آخِرِ الأَيَّام.

هوشع ٤

٢. جرائم إسرائيل ومعاقبته

الفساد عامّ

١إِسمَعوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يا بَني إِسْرائيل، فإِنَّ لِلرَّبِّ دَعْوًى على سُكَّانِ الأَرْض، إِذ لَيسَ في الأَرضِ حَقٌّ ولا رَحمَة

ولا مَعرِفَةٌ للهِ

٢بل قد فاضَتِ اللَّعنَةُ والكَذِب

والقَتلُ والسَّرِقَةُ والزِّنى

والدِّماءُ تُلامِسُ الدِّماء.

٣لِذٰلك تَنوحُ الأَرضُ ويَذبُلُ كُلُّ ساكِنٍ فيها

مع وُحوشِ البَرِّيَّةِ وطُيورِ السَّماء

بل أَسماكُ البَحرِ أَيضًا تَزول.

خطيئة الكهنة

٤ومع ذٰلك فلا يَرفَعْ أَحَدٌ دَعْوًى

ولا يُوَبِّخْ أَحَدٌ

فأَنا أَرفَعُ علَيكَ دَعْوى، أَيُّها الكاهِن.

٥إِنَّكَ تَعثُرُ في النَّهار

ويَعثُرُ النَّبِيُّ أَيضًا مَعكَ في اللَّيل

وأُدَمِّرُ أُمَّكَ.

٦لقَد دُمِّرَ شَعْبي لِعَدَمِ المَعرِفَة

فبِما أَنَّكَ نَبَذتَ المَعرِفَة

فأَنا أَنبِذُكَ عن كَهَنوتي

وبِما أَنَّكَ نَسيتَ تَعْليمَ إِلٰهِكَ

فأَنا أَيضًا أَنْسى أَبناءَكَ.

٧على حَسَبِ كَثرَتِهم خَطِئوا إِلَيَّ

فسأُبَدِّلُ مَجدَهم هَوانًا.

٨خَطيئَةَ شَعْبي يأكُلون

وبِذَنبِه يَطمَعون

٩فيَصيرُ مَثَلُ الشَّعبِ مَثَلَ الكاهِن

فأُعاقِبُه على طُرُقِه وأَرُدُّ علَيه أَعْمالَه

١٠فيَأكُلونَ ولا يَشبَعون ويَزْنونَ ولا يَتَكاثَرون

لِأَنَّهم تَرَكوا الرَّبَّ وٱنصَرَفوا ١١إِلى الزِّنى.

عبادة إسرائيل عبادة أوثان الزنى

الخَمرُ والنَّبيذُ يَستَهوِيانِ القَلْب.

١٢شَعْبي يَسأَلُ بِخَشَبَتِه وعَصاه تُخبِرُه

لِأَنَّ رُوحَ الزِّنى أَضَلَّهم

فزَنَوا بِالٱرتِدادِ عن إِلٰهِهم.

١٣يَذبَحونَ على رُؤُوسِ الجِبال

ويُحرِقونَ البَخورَ على التِّلال

تَحتَ البَلُّوطِ والحَوْرِ والبُطْم

لِأَنَّ ظِلَّها حَسَن.

فلِذٰلكَ، إِذا زَنَت بَناتُكم وفَسَقَت كَنَّاتُكم

١٤لن أُعاقِبَ بَناتِكم على زِناهُنَّ

ولا كَنَّاتِكم على فِسقِهِنَّ

لِأَنَّهم قدِ ٱنفَرَدوا بِالزَّواني

وذَبَحوا مع البَغايا

فالشَّعبُ الَّذي لا يَفطَنُ يَنْهار.

إنذار إلى يهوذا وإسرائيل

١٥إِن كُنتَ أَنتَ تَزْني يا إِسْرائيل

فلا يَأثَمْ يَهوذا ولا تَذهَبوا إِلى الجِلْجال

ولا تَصعَدوا إِلى بَيتَ آوِن

ولا تَحلِفوا بِــ «حَيٌّ الرَّبّ»!

١٦فلَقَد جَمَحَ إِسْرائيلُ جِماحَ البَقَرَة

فهَل يَرْعاهُمُ الرَّبُّ الآن

كالحَمَلِ في الرِّحاب؟

١٧إِنَّ أَفْرائيمَ حَليفُ الأَوثانِ فدَعوه وشأنَه.

١٨إِذا صَحَوا مِن سُكرِهم زَنَوا زِنًى

ورُؤَساؤُهم يُحِبُّونَ الهَوان.

١٩تَصِرُّهمُ الرِّيحُ في أَجنِحَتِها

فيَخجَلونَ مِن ذَبائِحِهم.

هوشع ٥

قادة الشعب يقودونه إلى الهلاك

١إِسمَعوا هٰذا أَيُّها الكَهَنَة

وأَصْغوا يا بَيتَ إِسْرائيل

وأَنصِتوا يا بَيتَ المَلِك

فإِنَّ علَيكم أَن تُجْروا القَضاء

ولٰكِنَّكم كُنتُم فَخًّا في المِصْفاة

وشَبَكَةً مَبْسوطَةً على تابور.

٢لقَد عَمَّقوا حُفرَةَ شِطِّيم

فأَنا أُؤَدِّبُهم جَميعًا.

٣إِنِّي عَرَفتُ أَفْرائيم ولم يَخفَ علَيَّ إِسْرائيل.

لقَد زَنَيتَ الآنَ يا أَفْرائيمَ

ولقَد تَنَجَّسَ إِسْرائيل.

٤أَعْمالُهم لا تَدَعُهم يَتوبونَ إِلى إِلٰهِهم

لِأَنَّ روحَ زِنًى في وَسْطِهم ولم يَعرِفوا الرَّبّ.

٥كِبرِياءُ إِسْرائيلَ تَشهَدُ علَيه في وَجهِه

وإِسْرائيلُ وأَفْرائيمُ يَعثُرانِ بِذَنبِهما

ويَعثُرُ يَهوذا أَيضًا معَهما.

٦بِغَنَمِهم وبِقَرِهم يَنطَلِقونَ لِيَطلُبوا الرَّبّ

فلا يَجِدونَه، إِذ إِنَّه تَخَلَّصَ مِنهم.

٧لقَد غَدَروا بِالرَّبّ

لِأَنَّهم وَلَدوا بَنينَ حَرام

فالآنَ يَلتَهِمُهم رَأسُ الشَّهرِ مع ميراثِهم.

الحرب بين الإخوة

٨أُنفُخوا في البوقِ في جَبعَة

وفي الصُّورِ في رامَة

وٱهتِفوا في بَيتَ آوِن، وَراءَكَ يا بَنْيامين.

٩أَفْرائيمُ يَصيرُ دَمارًا في يَومِ العِقاب

وفي أَسْباطِ إِسْرائيل أَعلَنتُ أَمرًا أَكيدًا.

١٠كانَ رُؤَساءُ يَهوذا كالَّذينَ يَنقُلونَ الحُدود

فلأَصُبَّنَّ حَنَقي علَيهم كالماء.

١١أَفْرائيمُ مَظْلومٌ ومَهْضومُ الحَقّ

لِأَنَّه شَرَعَ يَسْعى إِلى الباطِل.

١٢وأَنا كالعُثِّ لِأَفْرائيم

وكالنَّخرِ لِبَيتِ يَهوذا.

بطلان التحالف مع الغريب

١٣رأَى أَفْرائيمُ مَرَضَه ويَهوذا قَرحَه

فٱنطَلَقَ أَفْرائيمُ إِلى أَشُّور

وأَرسَلَ إِلى المَلِكِ العَظيم

لٰكِنَّه هو لا يَستَطيعُ أَن يَشفِيَكم

ويُزيلَ عنكُمُ القَرْح

١٤لِأَنِّي أَنا لِأَفْرائيمَ كالأَسَد

ولِبَيتِ يَهوذا كالشِّبْل.

أَنا أَنا أَفتَرِسُ وأَمْضي

وأَخطَفُ ولا مُنقِذ.

١٥أَمْضي وأَرجِعُ إِلى مَكاني

إِلى أَن يَعتَرِفوا بِذَنبِهم ويَلتَمِسوا وَجْهي. إِنَّهم في ضيقِهم يَبتَكِرونَ إِلَيَّ.

هوشع ٦

توبة عابرة

١هَلُمُّوا نَرجِعُ إِلى الرَّبّ

لِأَنَّه هو ٱفتَرَسَ وهو يَشْفينا

هو ضَرَبَ وهو يَعصِبُ جِراحَنا.

٢بَعدَ يَومَينِ يُحْيينا

وفي اليَومِ الثَّالِثِ يُقيمُنا فنَحْيا أَمامَه.

٣لِنَعلَمْ ونُتابِعْ مَعرِفَةَ الرَّبّ.

طُلوعُه ثابِتٌ كالفَجْرِ فسَيَأتي إِلَينا كالمَطَر

كمَطَرِ الرَّبيعِ الَّذي يَرْوي الأَرْض.

٤ماذا أَصنَعُ إِلَيكَ يا أَفْرائيم؟

ماذا أَصنَعُ إِلَيكَ يا يَهوذا؟

إِنَّ رَحمَتَكم كغَمامِ الصَّباح

وكالنَّدى الَّذي يَزولُ باكِرًا.

٥لِذٰلك نَحَتُّهم بِالأَنبِياء

وقَتَلتُهم بِأَقوالِ فَمي.

وقَضائي يُشرِقُ كالنُّور.

٦فإِنَّما أُريدُ الرَّحمَةَ لا الذَّبيحة

مَعرِفَةَ اللهِ أَكثَرَ مِنَ المُحرَقات.

جرائم إسرائيل الماضية والحاضرة

٧أَمَّا هم فمِثْلَ آدَمَ نَقَضوا عَهْدي

هُناكَ غَدَروا بي.

٨جِلْعادُ مَدينَةُ فاعِلي الآثام

فيها آثارٌ مِن دَم.

٩وكما يَكمُنُ اللُّصوصُ لإِنسان

فكذٰلك عِصابَةُ كَهَنَةٍ يَقتُلونَ في طَريقِ شَكيم

لِأَنَّهم صانِعو الفاحِشَة.

١٠رَأَيتُ في بَيتِ إِسْرائيلَ ما يُقشَعَرُّ مِنه

هُناكَ زِنى أَفْرائيمَ وتَنَجُّسُ إِسْرائيل.

١١ولَكَ أَيضًا يا يَهوذا جُعِلَ حِصاد

عِندَما أَرُدُّ شَعْبي مِنَ الجَلاء.

هوشع ٧

١حينَ كُنتُ أَشْفي إِسْرائيل

اِنكَشَفَ إِثمُ أَفْرائيمَ ومَساوِئُ السَّامِرَة

فإِنَّهم عَمِلوا الكَذِب

فالسَّارِقُ يَدخُلُ البَيت

والعِصابَةُ تَجْتاحُ الخارِج

٢ولا يَقولونَ في قُلوبِهم

إِنِّي أَتَذَكَّرُ كُلَّ شَرِّهم

والآنَ فقَد أَحاطَت بِهم أَعْمالُهم

وصارَت أَمامَ وَجْهي.

٣يَسُرُّونَ المَلِكَ بِشَرِّهم والرُّؤَساءَ بِكَذبِهِم.

٤كُلُّهم فُسَّاقٌ كالتَّنُّورِ المُحْمى

الَّذي يَكُفُّ الخَبَّازُ عن تَذكِيَتِه

مُنذُ عَجنِ الدَّقيقِ إِلى ٱختِمارِه.

٥في يَومِ مَلِكِنا

مَرِضَ الرُّؤَساءُ مِن سَورَةِ الخَمر

وهُوَ مَدَّ يَدَه إِلى السَّاخِرين

٦لِأَنَّهمُ ٱقتَرَبوا، وقُلوبُهم مَمْلوءَةٌ كيدًا

كالتَّنُّورِ الَّذي نامَ خَبَّازُه اللَّيلَ كُلَّه

وتأَجَّجَ في الصَّباحِ كنارٍ مُلتَهِبَة.

٧كُلُّهُم حَموا كالتَّنُّورِ وأَكَلوا قُضاتَهم

وجَميعُ مُلوكِهم سَقَطوا

ولم يَكُنْ فيهم مَن يَدْعو إِلَيَّ.

إسرائيل يفقد كلّ شيء باستغاثته للغريب

٨أَفْرائيمُ قدِ ٱختَلَطَ في الشُّعوب

أَفْرائيمُ قد صارَ رَغيفًا لم يُقَلَّب

٩أَكَلَ الغُرَباءُ قُوَّتَه ولَم يَعلَمْ

وبَيَّضَ الشَّيْبُ شَعرَه ولم يَعلَمْ.

١٠(كِبرِياءُ إِسْرائيلَ تَشهَدُ علَيه

ولم يَتوبوا إِلى الرَّبِّ إِلٰهِهم

ولم يَلتَمِسوه مع كُلِّ ذٰلك).

١١وكانَ أَفْرائيمُ كَحمامَةٍ ساذَجَةٍ لا لُبَّ لَها

فدَعَوا مِصرَ وٱنطَلَقوا إِلى أَشُّور.

١٢أَينَما ذَهَبوا أَبسُطُ علَيهم شَبَكَتي

وأُهبِطُهم كطُيورِ السَّماء

وأُؤَدِّبُهم حينَ أَسمَعُهم يَجتَمِعون.

نكران إسرائيل للجميل ومعاقبته

١٣وَيلٌ لَهم لِأَنَّهم هَرَبوا عنِّي

تَبًّا لَهم لأَنَّهم عَصَوني.

فأَنا أَفْديهم وهم يَتَكَلَّمونَ علَيَّ بِالكَذِب؟

١٤ولم يَصرُخوا إِلَيَّ في قُلوبِهم

بل يُوَلوِلونَ في مَضاجِعِهم

من أَجلِ القَمحِ والنَّبِيذِ يَتَخَدَّشون

ولٰكِنَّهُم يَرتَدُّونَ عنِّي.

١٥أَنا رَوَّضتُ وقَوَّيتُ أَذرُعَهم

ولٰكِنَّهُم فَكَّروا علَيَّ بِالشَّرّ.

١٦إِنَّهم يَتوبون، لٰكِن لا إِلى العَلاء.

هم كالقَوسِ الخادِعَة

سيَسقُطُ رُؤَساؤُهم بِالسَّيف

بِسَبَبِ لَعنَةِ أَلسِنَتِهم

ويُسخَرُ مِنهم في أَرضِ مِصْر.

هوشع ٨

الإنذار

١كالعُقابِ يَنَقضُّ الوَيلُ على بَيتِ الرَّبّ

إِلى فَمِكَ بوقًا!

فإِنَّهم نَقَضوا عَهْدي وعَصَوا شَريعَتي.

٢يَصرُخونَ إِلَيَّ:

«اللَّهُمَّ قد عَرَفْناكَ نَحنُ إِسْرائيل».

٣إِسْرائيلُ نَبَذَ الخَيرَ، فسيُطارِدُه العَدُوّ.

٤نَصَبوا مُلوكًا ولٰكِن لا مِن قِبَلي

وأَقاموا رُؤَساءَ وأَنا لم أَدْرِ

ومِن فِضَّتِهم وذَهَبِهم

صَنَعوا لِأَنفُسِهم أَصْنامًا لِٱنقِراضِهم.

٥قد نُبِذَ عِجلُكِ أَيَّتُها السَّامِرَة

وٱضطَرَمَ غَضَبي علَيهم

فإِلى مَتى لا يُمكِنُهم أَن يَعودوا أَبْرِياء؟

٦إِنَّه هو أَيضًا مِن إِسْرائيل

صَنَعَه صانِعٌ فلَيسَ بإِلٰه

فإِنَّه سيَصيرُ شَظايا.

٧فلِأَنَّهم يَزرَعونَ الرِّيحَ فسيَحصُدونَ الزَّوبَعة:

ساقٌ لا سُنبُلَ لَها ولا تُخرِجُ دَقيقًا

وإِن أَخرَجَت، التَهَمَه الغُرَباء.

هلاك إسرائيل لاستغاثته بالغريب

٨لقَدِ ٱلتُهِمَ إِسْرائيل

صاروا الآنَ بَينَ الأُمَم

كشَيءٍ لا يُرغَبُ فيه

٩لِأَنَّهم صَعِدوا إِلى أَشُّور

مِثلَ حِمارِ الوَحشِ المُنفَرِدِ بِنَفسِه

أَفْرائيمُ ٱشتَرى عُشَّاقًا

١٠فليَشْتَرِ مِنهم في الأُمَم

سأَجمَعُهمُ الآن

وبَعدَ قَليلٍ يُعانونَ مِن ثِقَلِ مَلِكِ الرُّؤَساء.

رفض للعبادة الظاهرة

١١حينَ أَكثَرَ أَفْرائيمُ مِنَ المَذابِحِ لِلخَطيئة

صارَت لَه المَذابِحُ لِلخَطيئَة

١٢فلَو كَتَبتُ لَه الآلافَ مِن شَريعَتي

لَحُسِبَت أَمرًا غَريبًا.

١٣أَمَّا الذَّبائِحُ المُقَدَّمَةُ لي

فيَذبَحونَها ويَأكُلونَ لَحمَها

لٰكِنَّ الرَّبَّ لا يَرْضى عنها

بل يَذكُرُ الآنَ ذَنبَهم

ويُعاقِبُهم على خَطاياهم:

فإِنَّهم إِلى مِصرَ يَرجِعون.

١٤نَسِيَ إِسْرائيلُ صانِعَه وبَنى القُصور

ويَهوذا أَكثَرَ مِنَ المُدُنِ الحَصينة

لٰكِنِّي أُلْقي نارًا في مُدُنِه

فتَأكُلُ أَبْراجَها.

هوشع ٩

أحزان الجلاء

١لا تَفْرَحْ، يا إِسْرائيل

حتَّى الٱبتِهاجِ كالشُّعوب

فقَد زَنَيتَ بِٱرتِدادِكَ عن إِلٰهِكَ

وأَحبَبتَ الأُجرَةَ على جَميعِ بَيادِرِ الحِنطَة.

٢البَيدَرُ والمَعصَرَةُ لا يُطعِمانِهم

والنَّبيذُ يُخَيِّبُهم.

٣لا يَسكُنونَ في أَرضِ الرَّبّ

بل يَرجِعُ أَفْرائيمُ إِلى مِصر

وفي أَشُّورَ يأكُلونَ النَّجِس.

٤لا يَسكُبونَ لِلرَّبِّ خَمرًا

ولا تَلَذُّ لَه ذَبائِحُهم

بل تَكونُ لَهم كخُبزِ النَّائِحين

الَّذي كُلُّ مَن أَكَلَ مِنه يَتَنَجَّس.

لِأَنَّ خُبزَهم يَكونُ لِأَنفُسِهم

ولا يَدخُلُ بَيتَ الرَّبّ.

٥ماذا تَصنَعونَ يَومَ الٱحتِفال

ويَومَ عيدِ الرَّبّ؟

٦ها إِنَّهم رَحَلوا بَعيدًا عنِ الخَراب.

فمِصرُ تَجمَعُهم وموفُ تَدفِنُهم

والقُرَّاصُ يَرِثُ ثَمينَ فِضَّتِهم

والشَّوكُ يَمتَدُّ إِلى خِيامِهم.

الإنذار بالعقاب يجلب على النبيّ الاضطهاد

٧قد أَتَت أَيَّامُ العِقاب، أَتَت أَيَّامُ الثَّواب.

لِيَعلَمْ إِسْرائيلُ أَنَّ النَّبِيَّ غَبِيّ

ورَجُلَ الرُّوحِ مَجْنون

بِحَسَبِ جَسامةِ ذَنبِكَ تَشتَدُّ العَداوة.

٨رَقيبُ أَفْرائيمَ مع إِلٰهي، وهو النَّبِيّ

لَه نُصِبَ فَخٌّ على جَميعِ طُرُقِه

فكانَتِ العَداوَةُ في بَيتِ إِلٰهِه.

٩تَوَغَّلوا في الفسادِ كما في أَيَّامِ جَبعَة:

فهو يَذكُرُ ذَنبَهم ويُعاقِبُهم على خَطاياهم.

العقاب لجريمة بعل فغور

١٠وَجَدتُ إِسْرائيلَ كعِنَبٍ في البَرِّيَّة

ورَأَيتُ آباءَكم كالباكورَةِ في التِّين

أَوَّلَ أَوانِها.

أَمَّا هم فوَصَلوا إِلى بَعلَ فَغور

ونَذَروا أَنفُسَهم لِلعار

فصاروا مَكْروهينَ كأَحْبابِهم.

١١أَفرائيمُ كالطَّائِرِ يَطيرُ مَجدُه

مُنذُ الوِلادَةِ والبَطْنِ والحَبَل.

١٢وإِذا رَبَّوا بَنيهم

فإِنِّي أُثكِلُهم قَبلَ أَن يَكونوا رِجالًا

والوَيلُ لَهم أَيضًا إِذا ٱنصَرَفتُ عنهم.

١٣حينَ رَأَيتُ أَفْرائيمَ

بَدا وكأَنَّه بُستانُ نَخلٍ مَغْروسٍ في مَرْج

ولٰكِنَّ أَفرائيمَ سيُخرِجُ بَنيه إِلى القاتِل.

١٤أَعطِهم يا رَبُّ… ماذا تُعْطي؟

أَعطِهم رَحِمًا عَقيمًا وأَثداءً جافَّة.

العقاب على جريمة الجلجال

١٥مَساوِئُهم كُلُّها في الجِلْجال

هُناكَ أَبغَضتُهم

لِسوءِ أَعْمالِهم أَطرُدُهم مِن بَيتي

ولا أَعودُ أُحِبُّهم

جَميعُ رُؤَسائِهم عُصاة.

١٦لقَد ضُرِبَ أَفْرائيمُ وجَفَّ أَصلُهم

فلا يَأتونَ بِثَمَر

وإِن وَلَدوا، فإِنِّي أَقتُلُ ثِمَارَ بُطونِهِمِ الشَّهِيَّة.

١٧إِلٰهي يَنبُذُهم لِأَنَّهم لم يَسمَعوا لَه

فيَكونونَ تائهينَ بَينَ الأُمَم.

هوشع ١٠

هَدْم شعارات إسرائيل الوثنيّة

١إِنَّ إِسْرائيلَ كَرمَةٌ وافِرَة

يُثمِرُ ثَمَرًا لِنَفسِه.

وعلى حَسَبِ كَثرَةِ ثَمَرِه كَثَّرَ المَذابِح

وعلى حَسَبِ حُسنِ أَرضِه

حَسَّنَ الأَنْصاب.

٢ تَقَسَّمَت قُلوبُهم، فالآنَ يُكَفِّرون

هو يُحَطِّمُ مَذابِحَهم ويُخَرِّبُ أَنْصابَهم.

٣فالآنَ يَقولون: «لَيسَ لَنا مَلِك

لِأَنَّنا لم نَخْشَ الرَّبّ

فماذا يَصنَعُ لَنا المَلِك؟»

٤تَكَلَّموا كَلامًا وأَقسَموا باطِلًا وقَطَعوا عَهدًا

ويَنبُتُ الحَقُّ كَنَبتِ سُمٍّ

على أَتْلامِ الحُقول.

٥على عِجلِ بيتَ آوِنَ يَرتَعِدُ سُكَّانُ السَّامِرَة

لِأَنَّ شَعبَه وكهَنَتَه كانوا يَنوحون علَيه

فلْيَبتَهِجوا بِمَجدِه بَعدَ أَن نُفِيَ عنَّا.

٦فهو أَيضًا يُحمَلُ إِلى أَشُّور

هَدِيَّةً للْمَلِكِ العَظيم

فيَنالُ أَفْرائيمُ عارًا

ويَخجَلُ إِسْرائيلُ مِن دَسائِسِه.

٧السَّامِرَةُ دُمِّرَت

ومَلِكُها كالقَشَّةِ على وَجهِ المِياه.

٨وستُدَمَّرُ مَشارِفُ آوِن، خَطيئَةُ إِسْرائيلَ هٰذه

والشَّوكُ والحَسَكُ يَعلُوانِ مَذابِحَهم

فيَقولونَ لِلجِبالِ: «غَطِّينا»

ولِلتِّلالِ: «أُسقُطي علَينا».

٩مُنذُ أَيَّامِ جَبعَةَ خَطِئتَ يا إِسْرائيل

وهُناكَ تَوَقَّفوا.

أَفَلا يُدرِكُ القِتالُ أَبْناءَ الظُّلْمِ في جَبعَة؟

١٠إِنِّي مُصَمِّمٌ على تَأديبِهم

وسيَجتَمِعُ الشُّعوبُ علَيهم

لِتَمَسُّكِهم بِذَنْبِهم.

إسرائيل خيَّب أَمل الربّ

١١أَفْرائيمُ عِجلَةٌ مُرَوَّضَةٌ تُحِبُّ دَوسَ الحُبوب

وأَنا جَعَلتُ نيرًا على عُنُقِها الجَميل.

سأَشُدُّ أَفْرائيم

ويهوذا يَحرُثُ ويَعْقوبُ يُمَشِّط.

١٢إِزرَعوا لِأَنفُسِكم بِالبِرّ

تَحصُدوا بِحَسَبِ الرَّحمَة.

أُحرُثوا لِأَنفُسِكم بورًا

فقَد حانَ أَن تَلتَمِسوا الرَّبّ

إِلى أَن يَأتِيَ ويُمطِرَ البِرَّ علَيكم.

١٣لقَد حَرَثتُمُ الشَّرَّ وحَصَدتُمُ الظُّلْم

وأَكَلتُم ثَمَرَ الكَذِب.

بِما أَنَّكَ تَوَكَّلتَ على طَريقِكَ

وعلى كَثرَةِ بَواسِلِكَ

١٤فستَقومُ الجَلَبَةُ في شَعبِكَ

وتُخَرَّبُ جَميعُ حُصونِكَ

كما خَرَّبَ شَلمَنُ بَيتَ أَرْبيل

في يَوْمِ القِتال

إِذ سُحِقَتِ الأُمُّ على البَنين.

١٥هٰكذا صَنَعَت بِكم بَيتَ إِيل

بِسَبَبِ شَرِّ خُبثِكم

فعِندَ الفَجرِ يَزولُ مَلِكُ إِسْرائيلَ زَوالًا.

هوشع ١١

الربّ ينتقم لحبّه المرفوض

١لَمَّا كانَ إِسْرائيلُ صَبِيًّا أَحبَبتُه

ومِن مِصرَ دَعَوتُ ٱبْني.

٢يَدْعونَهم لٰكِنَّهم يُعرِضونَ عنهم

ذابِحينَ لِلبَعلِ ومُحرِقينَ البَخور

٣أَنا دَرَّجتُ أَفْرائيمَ وحَمَلتُهم على ذِراعي

لٰكِنَّهم لم يَعلَموا أَنِّي ٱهتَمَمتُ بِهم.

٤ بِحِبالِ البَشَرِ، بِرَوابِطِ الحُبِّ ٱجتَذَبتُهم

وكُنتُ لَهم كمَن يَرفَعُ الرَّضيعَ إِلى وَجنَتَيه

وٱنحَنَيتُ علَيه وأَطعَمتُه

٥لن يَرجِعَ إِلى أَرضِ مِصْر

وأَشُّورُ هو يَكونُ مَلِكَه.

وبِما أَنَّهم أَبَوا أَن يَرجِعوا إِلَيَّ

٦سيَجولُ السَّيفُ في مُدُنِهم ويُفْني مَغاليقَها

ويَلتَهِمُهم بِسَبَبِ مَقاصِدِهم.

الربّ غفور

٧إِنَّ شَعْبي تَشَبَّثَ بالٱرْتِدادِ عنِّي.

دَعَوه إِلى العَلاءِ وما مِن أَحَدٍ يَنهَض.

٨كَيفَ أَهجُرُكَ يا أَفْرائيم

وكَيفَ أُسلِمُكَ يا إِسْرائيل؟

كَيفَ أُعامِلُكَ كأَدمَة

وأُصَيِّرُكَ كصَبوئيم؟

قدِ ٱنقَلَبَ فيَّ فُؤادي

وٱضطَرَمَت أَحْشائي.

٩لا أُطلِقُ حِدَّةَ غَضَبي

ولا أَعودُ إِلى تَدْميرِ أَفْرائيم

لِأَنِّي أَنا اللهُ لا إِنْسان

والقُدُّوسُ في وَسْطِكَ

فلَن آتِيَ ساخِطًا

العودة من الجلاء

١٠يَسيرونَ وَراءَ الرَّبِّ وهو كالأَسَدِ يَزأَر

وإِذا هو زَأَر

يُهرَعُ البَنونَ مِنَ الغَربِ مُرتَعِدين

١١يُهرَعونَ مُرتَعِدينَ كالعُصفورِ مِن مِصر

وكالحَمامَةِ مِن أَرضِ أَشُّور

فأُسكِنُهم في بُيوتِهم، يَقولُ الرَّبّ.

هوشع ١٢

فساد إسرائيل الدينيّ والسياسيّ

١أَحاطَ بي أَفْرائيمُ بِالكَذِب

وبَيتُ إِسْرائيلَ بِالمَكْر

(ويَهوذا لا يَزالُ مع الله

وهو أَمينٌ مع القُدُّوس).

٢أَفْرائيمُ يَرْعى الرِّيح

ويَسْعى وَراءَ السَّمومِ طَوالَ النَّهار

يُكثِرُ مِنَ الكَذِبِ والعُنْف:

يَقطَعونَ عَهدًا مع أَشُّور

ويُحمَلُ الزَّيتُ إِلى مِصْر.

إنتقاد يعقوب وأَفرائيم

٣لِلرَّبِّ دَعْوًى على يَهوذا

وعِقابٌ على يَعْقوبَ بِحَسَبِ طُرُقِه

فعَلى حَسَبِ أَعْمالِه يَرُدُّ علَيه.

٤مِنَ البَطنِ أَخَذَ مَكانَ أَخيه

وفي رُجولَتِه صارَعَ الله.

٥صارَعَ مَلاكًا وغَلَبَه، وبَكى وتَضَرَّعَ إِلَيه

وفي بَيتَ إِيلَ وَجَدَه وهُناكَ تَكَلَّمَ معَنا.

٦الرَّبُّ إِلٰهُ القُوَّات، الرَّبُّ لَقَبُه.

٧وأَنتَ فبِفَضلِ إِلٰهِكَ تَعود:

فٱحفَظِ الرَّحمَةَ والحَقّ.

وٱرجُ اللهَ كُلَّ حين

٨كَنْعانُ بِيَدِه ميزانُ الغِشِّ ويُحِبُّ الظُّلْم.

٩قالَ أَفْرائيم:

«لقَدِ ٱغتَنَيتُ ووَجَدتُ لِنَفْسي ثَروَةً

وفي جَميعِ مَكاسِبي

لا يَجِدُ أَحَدٌ ذَنبًا قد يَكونُ خَطيئَة».

الربّ مع شعبه

١٠أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكَ مِن أَرضِ مِصر

سأُسكِنُكَ أَيضًا في الخِيام

كما في أَيَّامِ المَوعِد

١١وسأُكَلِّمُ الأَنبِياءَ وأُكثِرُ مِنَ الرُّؤَى

وعلى أَلسِنَةِ الأَنبِياءِ أَتَكَلَّمُ بِالأَمْثال.

إنذارات أخرى

١٢إِذا كانَ جِلْعادُ إِثمًا

فلَيسوا هم سِوى باطِل

في الجِلْجالِ ذَبَحوا ثيرانًا

ولِذٰلك فمَذابِحُهم كُوَمٌ مِنَ الحِجارَة

على أَتْلامِ الحُقول.

١٣هَرَبَ يَعْقوبُ إِلى حَقْلِ أَرام

وخَدَمَ إِسْرائيلُ لِأَجلِ ٱمرَأَةٍ

ولِأَجلِ ٱمرَأَةٍ رَعى القَطيع

١٤وعن يَدِ نَبِيٍّ

أَصعَدَ الرَّبُّ إِسْرائيلَ مِن مِصر

وعن يَدِ نَبِيٍّ حُفِظ.

١٥أَسخَطَه أَفْرائيمُ أَمَرَّ الإِسْخاط

فسيُلْقي سَيِّدُه دِماءَه عليه

ويَرُدُّ علَيه إِهانَتَه.

هوشع ١٣

المعاقبة على عبادة الأَوثان

١حينَ تَكَلَّمَ أَفْرائيمُ أَلْقى الرُّعْب

كانَ رَفيعَ الشَّأنِ في إِسْرائيل

فأَثِمَ بِالبَعلِ ومات.

٢والآنَ لا يَزالونَ يَخطَأُون

ويَصنَعونَ لَهم صُوَرًا مَسْبوكة

وبفِضَّتِهم على قَدْرِ حِذقِهم

يَصنَعونَ أَصْنامًا كُلُّها أَعمالُ صُنَّاع

وفي شأنِهم يُقال:

رِجالٌ ذابِحونَ يُقَبِّلونَ عُجولًا.

٣لِذٰلِك يَكونونَ كغَمامِ الصَّباح

وكالنَّدى الَّذي يَزولُ باكِرًا

وكالعُصافَةِ المَخْطوفَةِ مِنَ البَيدر

وكالدُّخانِ مِنَ النَّافِذَة.

المعاقبة على نكران الجميل

٤لٰكِنِّي أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكَ مِن أَرضِ مِصْر

فلَستَ تَعرِفُ إِلٰهًا غَيري

وما مِن مُخَلِّصٍ سِوايَ.

٥إِنِّي عَرَفتُكَ في البَرِّيَّةِ في أَرضِ الظَّماء.

٦عِندَ مَرْعاهم شَبِعوا

وشَبِعوا فطَمَحَت قُلوبُهم ولِذٰلك نَسوني

٧فكُنتُ لَهم كالأَسَد

وكالنَّمِرِ أَتَرَصَّدُهم على الطَّريق.

٨هَجَمتُ علَيهم كالدُّبَّةِ الثَّاكِل

ومَزَّقتُ حُجُبَ قُلوبِهم

وٱلتَهَمتُهم هُناكَ كاللَّبُؤَة

فمَزَّقَهم وَحشُ البَرِّيَّة.

نهاية الملكيّة

٩هَلَكتَ يا إِسْرائيل

ولا عَونَ لَكَ إِلَّا فِيَّ.

١٠أَينَ مَلِكُكَ لِيُخَلِّصَكَ

في جَميعِ مُدُنِكَ؟

أَينَ قُضاتُكَ الَّذينَ قُلتَ فيهم:

«أَعطِني مَلِكًا ورُؤَساءَ؟»

١١أَعطَيتُكَ مَلِكًا في غَضَبي

وأَستَرِدُّه في حَنَقي.

الدمار المحتوم

١٢ذَنْبُ أَفْرائيمَ مَصْرورٌ وخَطيئَتُه مُدَّخَرة.

١٣مَخاضُ الَّتي تَلِدُ يَحِلُّ بِه

لٰكِنَّه ٱبنٌ غَيرُ حَكيم

حانَ وَقتُه فلا يَخرُجُ مِن فُتحَةِ الرَّحِم.

١٤أَفأَفتَديهم مِن يَدِ مَثْوى الأَموات

وأَفُكُّهم مِنَ المَوت؟

أَينَ أَوبِئَتُكَ أَيُّها المَوت

وأَينَ آفَتُكَ يا مَثْوى الأَموات؟

إِنَّ الشَّفَقَةَ تَتَوارى عن عَينَيَّ،

١٥وإِن أَثمَرَ أَفْرائيمُ بَينَ إِخوَتِه

تَأتي ريحُ الشَّرق

تَطلَعُ ريحُ الرَّبِّ مِنَ البَرِّيَّة

فيَجِفُّ يَنْبوعُه ويَنضُبُ مَعينُه

وتَنهَبُ الرِّيحُ كَنزَ كُلِّ شَيءٍ ثَمين.

هوشع ١٤

١السَّامِرَةُ سَوفَ تَدفَعُ الثَّمَن

لِأَنَّها تَمَرَّدَت على إِلٰهِها.

يَسقُطونَ بِالسَّيف

ويُسحَقُ أَطْفالُهم وتُشَقُّ حَوامِلُهم.

٣. توبة إسرائيل والعفو عنه

توبة إسرائيل الصادقة إلى الربّ

٢عُدْ، يا إِسْرائيلُ، إِلى الرَّبِّ إِلٰهِكَ

فإِنَّكَ بِذَنبِكَ عَثَرتَ.

٣خُذوا معَكم كَلامًا وعودوا إِلى الرَّبّ

قولوا له: «إِرفَعْ كُلَّ ذَنْبٍ وٱقبَلِ الخَير

فنَنذُرُ شِفاهَنا بَدَلَ العُجول.

٤أَشُّورُ لا يُخَلِّصُنا ولا نَركَبُ الخَيل

ولا نَقولُ بَعدَ الآنَ لِصُنعِ أَيدينا:

«إِلٰهَنا»

فيكِ يَجِدُ اليَتيمُ رَحمَةً.

٥أَشفيهم مِنِ ٱرتِدادِهم وأُحِبُّهم بِسَخاء

لِأَنَّ غَضَبي ٱنصَرَفَ عنه.

٦أَكونُ لإِسْرائيلَ كالنَّدى

فيُزهِرُ كالسَّوسَنِ ويَغرِزُ جُذورَه كلُبْنان

٧وتَنتَشِرُ فُروعُه

ويَكونُ بَهاؤُه كالزَّيتونِ ورائِحَتُه كلُبْنان،

٨فيَرجِعونَ ليَجلِسوا في ظِلِّي ويُحيونَ الحِنطَة

ويُزهِرونَ كالكَرمَة

فيَكونُ ذِكرُه كَخَمْرِ لُبْنان.

٩يا أَفْرائيمُ، ما لي ولِلأَوثانِ بَعدَ اليَوم؟

أَنا أُجيبُه وأَرْعاه

أَنا الَّذي كالسَّروَةِ الخَضْراء

ومِنِّي يَخرُجُ ثَمَرُكَ.

إِنذار أَخير

١٠مَن هو حَكيمٌ فيَفطَنَ لِهٰذه الأَشْياء

وفَهيمٌ فيَعلَمَها؟

لِأَنَّ طُرُقَ الرَّبِّ مُستَقيمةٌ والأَبْرارُ يَسلُكونَها.

وأَمَّا العُصاةُ فيَعثُرونَ فيها.

التالي: يوحنا

السابق: مرقس