أستير ١

تمهيد

حُلم مَرْدَكاي

^١بـوكانَ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِن مُلكِ أَحْشورشَ العَظيم في اليَومِ الأَوَّلِ مِن نيسان أَنَّ مَرْدَكايَ بنَ شِمْعي بنِ قِيشٍ مِن سِبطِ بَنْيامين رأى حُلْمًا. ^١تـوكانَ يَهودِيًّا مُقيمًا في مَدينةِ شوشَن، وكان رَجُلًا عَظيمًا يَعمَلُ في بَلاطِ المَلِك. ^١ثـوكانَ مِن جُملَةِ أَهلِ الجَلاءِ الَّذينَ جَلاهم نَبوكَدنَصَّر، مَلِكُ بابِل، مِن أُورَشَليم مع يَكُنْيا، مَلِكِ يَهوذا.

^١جـوهٰذا حُلْمُه: كانت هُناكَ أَصْواتٌ وضَوضاءُ ورُعودٌ وزَلازِلُ وٱضطِرابٌ في الأرض. ^١حـوإِذا بِتِنِّينَينِ عَظيمَينِ يَتَقَدَّمانِ مُتَهيِّئَينِ كِلاهُمَا لِلقِتال، فأَطلَقا صُراخًا عَظيمًا، ^١خـوعِندَ صُراخِهما ٱستَعَدَّت كُلُّ أُمَّةٍ لِلحَرب، لِمُحارَبةِ شَعبِ الأَبْرار. ^١دوكانَ ذٰلك اليَومُ يَومَ دَيجورٍ وظَلامٍ وشِدَّةٍ وضيقٍ وظُلْمٍ وٱضطِرابٍ عَظيمٍ على الأَرض. ^١ذفٱضطَرَبَ شَعبُ الأَبْرارِ كُلُّه خَوفًا مِن شُرورِهما، وٱستَعَدُّوا لِلهَلاكِ وصَرَخوا إِلى الله. ^١رومِن صُراخِهِم هٰذا، كَمِن يَنْبوعٍ صَغير، خَرَجَ نَهرٌ عَظيمٌ ومِياهٌ غَزيرة. ^١زوأَشرَقَ نورٌ مع الشَّمْس، فٱرتَفَعَ المُتَواضِعون وٱفتَرَسوا الوُجَهاء.

^١سـولَمَّا ٱستَيقَظَ مَرْدَكاي، بَعدَ أَن رأَى ذٰلك الحُلمَ وما قضى اللهُ أَن يَعمَلَه، حَفِظَه في قَلبِه وحاوَلَ أَن يَفهَمَ مَعْناه بِجَميعِ الطُّرُقِ إِلى اللَّيل.

مؤامرة على المَلِك

^١شـوٱستَراحَ مَرْدَكايُ في البَلاطِ مع بِجْتانَ وتارَش، خَصِيَّيِ المَلِكِ وحاجِبَيِ البَلاط. ^١صـفسَمِعَ بِأَنَّهمَا يَكيدانِ المَكايِد، فتَقَصَّى ما يَهُمَّانِ بِفِعْلِه، فعَلِمَ أَنَّهمَا يُعِدَّانِ العِدَّةَ لِبَسطِ أَيديهِما إِلى أَحْشورُشَ المَلِك، فأَطلَعَ المَلِكَ على ذٰلك. ^١ضـفٱستَجوَبَ المَلِكُ الخَصِيَّينِ فأَقَرَّا، فأَمَرَ بِقَتلِهِما. ^١طـوكَتَبَ المَلِكُ تِلكَ الأَحْداثَ لِلذِّكرى، وكَتَبَ مَرْدَكايُ أَيضًا في الأَحْداثِ نَفسِها. ^١ظـوأَمَرَ المَلِكُ مَرْدَكايَ أَن يَعمَلَ في البَلاط ووَهَبَ لَه هَدايا لِمَا فَعَلَه. ^١عـوكانَت لِهامانَ بنِ هَمْداتا الأَجاجِيِّ كَرامةٌ عظيمةٌ لدى المَلِك، فأَرادَ أَن يُسيءَ إِلى مَرْدَكايَ وإِلى شَعْبِه بِسَبَبِ خَصِيَّيِ المَلِك. 

١. أحشورش ووَشْتي

مأدبة أحشورش

١كانَ في أَيَّامِ أَحْشورُش، وهو أَحْشورُشُ الَّذي مَلَكَ مِنَ الهِنْدِ إِلى الحَبَشَةِ على مِئَةٍ وسَبعَةٍ وعِشْرينَ إِقْليمًا، ٢كانَ أَنَّ المَلِكَ أَحْشورُش، لَمَّا جَلَسَ في تِلكَ الأَيَّامِ على عَرشِ مُلكِه الَّذي في قَلعَةِ شوشَن، ٣في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِمُلكِه، أَقامَ مَأدُبةً في حَضرَتِه لِجَميعِ رُؤَسائِه وحاشِيَته وقُوَّادِ جَيشِ فارِسَ وميديا والأَشْرافِ ورُؤَساءِ الأَقاليم، ٤لِيُظهِرَ غِنَى مَمَلَكَتِه المَجيدة وبَهاءَ عَظَمَتِه الرَّائِعة، ودامَتِ المَأدُبَةُ أَيَّامًا كَثيرة: مِئَةً وثَمَانينَ يَومًا.

٥ولَمَّا ٱنقَضَت تِلكَ الأَيَّام، أَقامَ المَلِكُ مَأدُبَةً لِكُلِّ الشَّعبِ الَّذي في قَلعَةِ شوشَن، مِن كَبيرِهم إِلى صَغيرِهم، دامَت سَبعَةَ أَيَّام، وكانَ ذٰلك في دارِ حَديقةِ قَصرِ المَلِك، ٦حَيثُ كانَت سَتائِرُ بَيضاءُ ومِن أُرجُوانٍ بَنَفسَجِيّ مُعَلَّقَةً بِحِبالِ كَتَّانٍ ناعِمٍ وأُرجُوانٍ بِحَلَقاتِ فِضَّةٍ وأَعمِدَةِ رُخامٍ أَبيَض، وأَسِرَّةٌ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ على بَلاطٍ مِن سُمَّاقِيٍّ ورُخامٍ أَبيَضَ ودُرٍّ ورُخامٍ أَسوَد. ٧وكانَ يُسْقى بِآنِيَةٍ مِن ذَهَب، والآنِيَةُ مُخْتَلِفَةُ الأَشْكال، وخَمرُ المَلِكِ يُصَبُّ بِكَثرَةٍ على حَسَبِ كَرَمِه. ٨وكانَ الشَّرابُ، بِحَسَبِ أَمرِ المَلِك، لا يُجبَرُ علَيه أَحَد، لِأَنَّه هٰكذا رَسَمَ المَلِكُ لِجَميعِ وُكَلاءِ بَيتِه أَن يَفعَلوا، بِحَسَبِ رِضى كُلِّ واحِد.

قضيّة وَشْتي

٩وأَقامَت وَشْتي المَلِكَةُ أَيضًا مَأْدُبَةً لِلنِّساءِ في دارِ المُلكِ الَّتي لِلمَلِكِ أَحْشورُش. ١٠وفي اليَومِ السَّابِع، لَمَّا طابَ قَلبُ المَلِكِ بِالخَمْرِ، أَمَرَ مَهومانَ وبِزْتا وحَرْبوتا وبِجْتا وأَبَجْتا وزاتَرَ وكَركَسَ، وهُمُ الخِصْيانُ السَّبعَةُ الَّذينَ كانوا يَخدُمونَ أَمامَ أَحْشورُشَ المَلِك، ١١بأَن يأتوا بِوَشْتِيَ المَلِكَةِ إِلى أَمامِ المَلِكِ بِتاجِ المُلْكِ، لِيُرِيَ الشُّعوبَ والرُّؤَساءَ جَمالَها، لِأَنَّها كانَت حَسَنَةَ المَنْظَر. ١٢فأَبَت وَشْتِي المَلِكَةُ أَن تَجيءَ بِأَمرِ المَلِكِ الَّذي نُقِلَ إِلَيها على لِسانِ خِصْيانِه. فغَضِبَ المَلِكُ جِدًّا وٱضطَرَمَ غَضَبُه فيه. ١٣فقالَ المَلِكُ لِلحُكَماءِ العارِفينَ بِالأَوقات – لِأَنَّه هٰكذا كانَ دَأبُ المَلِكِ مع جَميعِ العارِفينَ بِالسُّنَّةِ والشَّرْع. ١٤وكانَ المُقَرَّبونَ إِلَيه كَرشَنا وشيتارَ وأَدْماتا وتَرْشيشَ ومارَسَ ومَرْسَنا ومَموكان، سَبعَةَ رُؤَساءِ فارِسَ وميديا الَّذينَ يَرَونَ وَجهَ المَلِكِ ويَجلِسونَ أَوَّلًا في المُلْك – ١٥قالَ لَهم: «ماذا نَفعَلُ بِالمَلِكَةِ وَشْتِيَ بِحَسَبِ السُّنَّةِ، لِأَنَّها لم تَعمَلْ بِمَا أَمَرَ بِه المَلِكُ أَحْشورُشُ على لِسانِ الخِصْيان؟» ١٦فقالَ مَموكانُ بِحَضرَةِ المَلِكِ والرُّؤَساء: «إِنَّ وَشْتِيَ المَلِكَةَ لم تُسِئْ إِلى المَلِكِ فَقَط، بل إِلى جَميعِ الرُّؤَساءِ وإِلى جَميعِ الشُّعوبِ الَّتي في جَميعِ أَقاليمِ المَلِكِ أَحْشورُش، ١٧لِأَنَّ خَبَرَ المَلِكَةِ سيَنتَهي إِلى جَميعِ النِّساء، فيُحتَقَرُ أَزْواجُهُنَّ في عُيونِهِنَّ، إِذ يَقُلْنَ إِنَّ المَلِكَ أَحْشورُشَ أَمَرَ بإِحضارِ وَشْتِيَ المَلِكَةِ إِلى أَمامِه، فلَم تأتِ. ١٨ومِن هٰذا اليَومِ تُحَدِّثُ سَيِّداتُ فارِسَ وميدِيا اللَّواتي سَمِعنَ بِخَبَرِ المَلِكَةِ جَميعَ رُؤَساءِ المَلِك، فيَكونُ هُناكَ الٱحتِقارُ والسَّخَط. ١٩فإِن حَسُنَ عِندَ المَلِك، فليُصدَرْ أَمْرٌ مِن لَدُنِه ولْيُدَوَّنْ في سُنَنِ فارِسَ وميدِيا، فلا يُنقَض: أَن لا تَدخُلَ وَشْتي إِلى أَمامِ المَلِكِ أَحْشورُش، ولْيُعطِ المَلِكُ مُلْكَها لِمَن هي خَيرٌ مِنها مِن صَواحِبِها، ٢٠فيُعرَفَ أَمرُ المَلِكِ الَّذي يُجْريه في مَملَكَتِه كُلِّها وهي عَظيمة، فتُؤَدِّيَ جَميعُ النِّساءِ الإِكْرامَ لِأَزْواجِهِنَّ مِنَ الكَبيرِ إِلى الصَّغير».

٢١فحَسُنَ الكَلامُ في أَعيُنِ المَلِكِ وَالرُّؤَساء، وفَعَلَ المَلِكُ بِحَسَبِ كَلامِ مَموكان. ٢٢فبَعَثَ بِرَسائِلَ إِلى جَميعِ أَقاليمِ المُلْك، إِلى إِقْليمٍ فإِقْليمٍ بِكِتابَتِه، وإِلى شَعبٍ فشَعبٍ بِلِسانِهِم: أَن يَكونَ كُلُّ رَجُلٍ سَيِّدًا في بَيتِه وأَن يَتَكَلَّمَ بِلِسانِ شَعبِه.

أستير ٢

٢. مردكاي وأستير

أستير تصبح ملكة

١وبَعدَ هٰذه الأَحْداث، عِندَما سَكَنَ غَضَبُ المَلِكِ أَحْشورُش، تَذَكَّرَ وَشْتِيَ وما فَعَلَت وما حُكِمَ بِه علَيها. ٢وقالَ خَدَمُ المَلِكِ الَّذينَ يَخدِمونَه: «لِيُبحَثْ لِلمَلِكِ عن فَتَياتٍ أَبْكارٍ حِسانِ المَنظَر، ٣ولْيُقِمِ المَلِكُ وُكَلاءَ في جَميعِ أَقاليمِ مَملَكَتِه، لِيَجمَعوا جَميعَ الأَبْكارِ الحِسانِ المَنظَرِ إِلى قَلعَةِ شَوشَن، إِلى دارِ النِّساء، تَحتَ يَدِ هَيجايَ، خَصِيِّ المَلِك، حارِسِ النِّساء، ولْيُعطَينَ لَوازِمَ التَّجْميل. ٤والفَتاةُ الَّتي تَحسُنُ في عَينَيِ المَلِك، فلْتَملِكْ مَكانَ وَشْتي». فحَسُنَ الكَلامُ في عَينَيِ المَلِك، وفَعَلَ كذٰلك.

٥وكَانَ في قَلعَةِ شوشَنَ رَجُلٌ يَهودِيٌّ ٱسمُه مَردَكايُ بنُ يائيرَ بنِ شِمْعيَ بنِ قيش، رَجُلٌ بَنْيامينِيٌّ ٦كانَ قد جُليَ مِن أُورَشَليم، مع أَهلِ الجَلاءِ الَّذينَ جُلوا مع يَكُنْيا، مَلِكِ يَهوذا، الَّذي جَلاه نَبوكَدنَصَّر، مَلِكُ بابِل. ٧وكان مُرَبِّيًا لِهَدَسَّةَ الَّتي هي أَسْتيرُ ٱبنَةُ عَمِّه، إِذ لم يَكُنْ لَها أَبٌ ولا أُمّ، والفَتاةُ جَميلَةُ الشَّكْلِ حَسَنَةُ المَنظَر. فلَمَّا ماتَ أَبوها وأُمُّها، اِتَّخَذَها مَردَكايُ ٱبنَةً لَه.

٨فلَمَّا سُمِعَ بِأَمرِ المَلِكِ وحُكمِه، وجُمِعَت فَتَياتٌ كَثيراتٌ إِلى قَلعَةِ شوشَن، تَحتَ يَدِ هَيجاي، أُخِذَ بِأَسْتيرَ إِلى بَيتِ المَلِك، تَحتَ يَدِ هَيجاي، حارِسِ النِّساء. ٩فحَسُنَتِ الفَتاةُ في عَينَيه ونالَت حُظوَةً أَمامَه، فعَجَّلَ لَوازِمَ تَجْميلِها وإِعالَتِها وجَعَلَ لَها الوَصيفاتِ السَّبعَ المُخْتاراتِ مِن بَيتِ المَلِك، ونَقَلَها هي ووَصيفاتِها إِلى أَحسَنِ مَحَلٍّ في دارِ النِّساء. ١٠ولم تُخبِرْ أَسْتيرُ بِشَعبِها وأَصْلِها، لِأَنَّ مَردَكايَ أَوصاها بِأَن لا تُخبِرَ بِذٰلك. ١١وكانَ مَردَكايُ يَتَمَشَّى كُلَّ يَومٍ أَمامَ فِناءِ دارِ النِّساء، لِيَستَعلِمَ عن سَلامَةِ أَسْتيرَ وما يَحدُثُ لَها.

١٢وكانَ لِكُلِّ فَتاةٍ دَورٌ لِلدُّخولِ على المَلِكِ أَحْشورُش، وذٰلك بَعدَ مُضِيِّ ٱثنَي عَشَرَ شَهرًا علَيها بِحَسَبِ سُنَّةِ النِّساء، لِأَنَّها هٰكذا كانَت تَتِمُّ أَيَّامُ تَجْميلِهِنَّ: ستَّةَ أَشهُرٍ بِزَيتِ المُرِّ وسِتَّةَ أَشهُرٍ بِأَطْيابِ وعُطورِ تَجْميلِ النِّساء. ١٣وهٰكذا كانت تَدخُلُ الفَتاةُ على المَلِك، ومَهْما طَلَبَت يُعْطى لَها، فتَدخُلُ بِه مِن دارِ النِّساءِ إِلى دارِ المَلِك. ١٤كانَت تَذهَبُ في المَساءِ وتَرجِعُ في الصَّباحِ إِلى دارِ النِّساءِ الثَّانِيَة، تَحتَ يد شَعَشْجاز، خَصِيِّ المَلِك، حارِسِ السَّرارِيّ، ثُمَّ لا تَعودُ تَدخُلُ على المَلِكِ إِلَّا عِندَ رَغبَةِ المَلِك، فتُدْعى بِٱسمِها.

١٥فلَمَّا جاءَ دَورُ أَسْتير، بِنتِ أَبيجائيل، عَمِّ مَرْدَكايَ الَّذي كانَ قدِ ٱتَّخَذَها ٱبنَةً لَه، أَن تَدخُلَ على المَلِك، لم تَطلُبْ شَيئًا إِلَّا ما قالَه هَيجاي، خَصِيُّ المَلِك، حارِسُ النِّساء، فإِنَّها كانَت تُبهِجُ عَينَي كُلِّ مَن رآها. ١٦فأُخِذَ بِأَسْتيرَ إِلى المَلِكِ أَحْشورُش، في دارِ مُلكِه، في الشَّهرِ العاشِرِ الَّذي هو شَهرُ طيبيت، في السَّنَةِ السَّابِعَةِ مِن مُلْكِه. ١٧فأَحَبَّ المَلِكُ أَسْتيرَ على جَميعِ النِّساء ونالَت حُظوَةً ورَحمَةً في عَينَيه أَكثَرَ مِن جَميعِ الأَبْكار، فوَضَعَ تاجَ المُلكِ على رأسِها وجَعَلَها مَلِكَةً مَكانَ وَشْتي.

١٨ثُمَّ أَقامَ المَلِكُ وَليمةً عَظيمةً لِجَميعِ رُؤَسائه وحاشِيَتِه، وليمَةَ أَسْتير، وخَفَّفَ عن جَميعِ الأَقاليم، وأَعْطى عَطايا بِحَسَبِ كَرَمِ المَلِك.

مَردَكاي وهامان

١٩ولَمَّا نُقِلَت أَسْتيرُ إِلى دارِ النِّساءِ الثَّانِيَةِ كسائِرِ الفَتَيات، ٢٠لم تُخْبِر بِأَصْلِها وشَعْبِها، كما أَوصاها بِهِ مَردَكاي، لِأَنَّ أَسْتيرَ كانَت تَعمَلُ بِأَمرِ مَردَكاي، كما كانَت في وَقتِ تَربيَتِه لَها. ٢١وفي تِلكَ الأَيَّام، بَينَما كانَ مَرْدَكايُ جالِسًا بِبابِ المَلِك، اِضطَرَمَ غَيظُ بِجْتانَ وتارَش، خَصِيَّيِ المَلِك، وهُما ٱثْنانِ مِن حُرَّاسِ الأَعْتاب، وقَصَدا أَن يُلْقِيا أَيدِيَهما على المَلِكِ أَحْشورُش. ٢٢فعَلِمَ مَردَكايُ بِالأَمْرِ وأَخبَرَ أَسْتيرَ المَلِكَةَ فأَخبَرَت أَسْتيرُ المَلِكَ بِٱسمِ مَردَكاي. ٢٣فحُقِّقَ في الأَمرِ فوُجِدَ كذٰلك، فعُلِّقا كِلاهما على خَشَبَة، ودُوِّنَ ذٰلك في سِفرِ أَخْبارِ الأَيَّام، في حَضرَةِ المَلِك.

أستير ٣

١وبَعدَ هٰذه الأَحْداث، عَظَّمَ المَلِكُ أَحْشورُشُ هامانَ بنَ هَمْداتا الأَجاجِيّ، ورقَّاه وأَجلَسَه فَوقَ جَميعِ الرُّؤَساءِ الَّذينَ عِندَه. ٢وكانَ جَميعُ خَدَمِ المَلِكِ الَّذينَ بِبابِ المَلِكِ يَجْثونَ ويَسجُدونَ لِهامان، لِأَنَّه هٰكذا أَمَرَ المَلِك. أَمَّا مَردَكاي فلَم يَكُنْ يَجْثو ولا يَسجُد. ٣فقالَ لِمَردَكايَ خَدَمُ المَلِكِ الَّذينَ بِبابِ المَلِك: «لِماذا تتعَدَّى أَمرَ المَلِك؟». ٤وكانوا يقولونَ لَه ذٰلك يَومًا فيَومًا ولا يَسمَعُ لَهم، فأَخبَروا هامانَ لِيَرَوا هل يَثبُتُ مَردَكايُ على قَولِه، لِأَنَّه كانَ قد أَخبَرَهم بِأَنَّه يَهودِيّ. ٥فلَمَّا رأَى هامانُ أَنَّ مَردَكايَ لم يَجْثُ ولم يَسجُدْ لَه، اِمْتَلَأَ غَضَبًا. ٦وصَغُرَ في عَينَيه أَن يُلقِيَ يَدَه على مَردَكايَ وَحدَه، لِأَنَّه كانَ قد أُخبِرَ بِشَعْبِ مَردَكاي، فقَصَدَ هامانُ أَن يُبيدَ جَميعَ اليَهودِ، شَعبِ مَردَكاي، الَّذينَ في كُلِّ مَملَكَةِ أَحْشورُش.

٣. اليهود في خطر

أَمر مَلَكيّ بإبادة اليهود

٧وفي الشَّهرِ الأَوَّلِ الَّذي هو شَهرُ نَيسان، في السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشرَةَ لِلمَلِكِ أَحْشورُش، أَلقَوا «فورًا»، أي قُرعَةً، أَمامَ هامان، لِيَومٍ فيَومٍ وشَهرٍ فشَهْرٍ، إِلى الشَّهرِ الثَّاني عَشَرَ الَّذي هو شَهرُ آذار. ٨فقالَ هامانُ لِلمَلِكِ أَحْشورُش: «يوجَدُ شَعبٌ مُنتَشِرٌ فَريدٌ بَينَ الشُّعوبِ في جَميعِ أَقاليمِ مَملَكَتِكَ، سُنَنُهم تُخالِفُ سُنَنَ جَميعِ الشُّعوب، ولا يَحفَظونَ سُنَنَ المَلِك، فلا يُوافِقُ المَلِكُ أَن يَترُكَهم وشأنَهم. ٩فإِن حَسُنَ عِندَ المَلِك، فلْيُكْتَبْ أَمرٌ بإِهْلاكِهم. وأَنا أَزِنُ عَشرَةَ آلافِ قِنْطارٍ مِنَ الفِضَّةِ لِمَن يَتَوَلَّونَ العَمَل، فتُحمَلُ إِلى خَزائِنِ المَلِك».

١٠فنَزَعَ المَلِكُ خاتَمَه من يَدِه ودَفَعَه إِلى هامانَ بنِ هَمْدايا الأَجاجِيِّ، مُضطَهِدِ اليَهود. ١١وقالَ المَلِكُ لِهامان: «الفِضَّةُ لَكَ والشَّعبُ أَيضًا، تَفعَلُ بِهم كما يَحسُنُ عِندَكَ».

١٢فٱستُدعِيَ كُتَّابُ المَلِكِ في اليَومِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل، وكُتِبَ بِحَسَبِ كُلِّ ما أَمَرَ بِه هامانُ إِلى أَقْطابِ المَلِكِ وإِلى الوُلاةِ الَّذينَ على إِقْليمٍ فإِقْليم، وإِلى رُؤَساءِ شَعبٍ فشَعْبٍ، إِقْليمٍ فإِقْليم، بِحَسَبِ كِتابَتِه، وشَعبٍ فشَعْبٍ، بِحَسَبِ لِسانِهِم، كُتِبَ بِٱسمِ المَلِكِ أَحْشورُش وخُتِمَ بِخاتَمِ المَلِك. ١٣وبُعِثَ بِالرَّسائِلِ مع السُّعاةِ إِلى جَميعِ أَقاليمِ المَلِكِ في إِبادَةِ جَميعِ اليَهودِ وقَتلِهم وإِهْلاكِهم، مِنَ الصَّبِيِّ إِلى الشَّيخ، مع الأَطفالِ والنِّساء، في يَومٍ واحِد، في الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الثَّاني عَشَرَ، الَّذي هو شَهرُ آذار، وفي سَلْبِ أَمْوالِهم.

^١٣بـ هٰذه نُسخَةٌ مِنَ الرِّسالة:

«مِن أَحْشورُشَ المَلِكِ العَظيم إِلى حُكَّامِ الأَقاليمِ المائةِ والسَّبعَةِ والعِشْرينَ مِنَ الهِندِ إِلى الحَبَشَةَ وإِلى رُؤَساءِ المَناطِقِ الخاضِعينَ لَهم، ما يلي:

^١٣تـ لَقد بَسَطتُ سُلْطاني على أُمَمٍ كَثيرة، وأَخضَعتُ المَعمورَ بِأَسرِه، فأَرَدتُ مع ذٰلك أَلَّا تأخُذَني نَشوَةُ الِاعتِزازِ بالسُّلطَة، بل أَن أَحكُمَ دائمًا بِما يَنبَغي مِنَ الِاعتِدالِ والحِلْم وأُحافِظَ في كُلِّ حينٍ على حَياةِ رَعايايَ بَعيدةً عنِ الِاضطِراب وأَجعَلَ المَملَكَةَ مُتَمَدِّنَةً وسالِكَةً حتَّى الحُدود وأُعيدَ السَّلامَ الَّذي يَصْبو إِلَيه جَميعُ النَّاس. ^١٣ثـفسأَلتُ أَصحابَ مَشورتي كيفَ الوُصولُ إِلى تلكَ الغاية، فكانَ أَنَّ الَّذي ٱمتازَ بَينَنا بالحِكمَةِ وبإِخْلاصٍ لا يَتَزَعزَع وأَمانةٍ ثابِتَة والَّذي نالَ رُتبَةَ الرَّجُلِ الثَّاني في المَملَكة، وهو هامان، ^١٣جـقد أرانا أَنَّ هُناكَ شَعْبًا سَيِّئَ النِّيَّة، مُختَلِطًا بِجَميعِ القبائلِ المُنتَشِرَةِ في المَعْمور، يُخالِفُ بِسُنَنِه جَميعَ الأُمَم ويَحتَقِرُ دائمًا أَوامِرَ المُلوك، لِكَيلا يَستَتِبَّ الحُكمُ العامُّ الَّذي نَتَوَلَّاه بِاستِقامَةٍ وبِلا لَوم.

^١٣حـفلَمَّا أَدرَكْنا أَنَّ هٰذه الأُمَّةَ تَنفَرِدُ بِمُقاوَمَتِها الدَّائِمَةِ لِكُلِّ إِنسان وبِاتِّباعِها سُنَنًا غَريبة وتَرتَكِبُ أَسوَأَ الشُّرورِ بِمُعاداتِها لِشُؤُونِنا، وذٰلك لِكَيلا يُكتَبَ الِاستِقْرارُ لِلمَملَكة.

^١٣خـوعلَيه فقَد أَمَرْنا أَنَّ الَّذينَ وَرَدَ ذِكرُهم في رَسائِلِ هامانَ المُوَلَّى على الشُّؤُونِ وأَبينا الثَّاني، يُبادونَ عن بَكرَةِ أَبيهم، بِما فيهِمِ النِّساءُ والأَوْلاد، بِسُيوفِ أَعدائِهم مِن غَيرِ أَيَّةِ رَحمةٍ ولا مُراعاة، في اليَومِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الثَّاني عَشَرَ، شَهرِ آذار، مِن هٰذه السَّنَة، ^١٣دحتَّى إِذا أُلقِيَ بِعُنفٍ إِلى الجَحيمِ في يَومٍ واحِدٍ أُولٰئِكَ المُقاوِمونَ في الأَمسِ وفي اليَوم، تُوَفِّرُ لَنا لِلزَّمَنِ المُقبِلِ شُؤُونٌ ثابِتَةٌ وبَعيدةٌ عنِ الِاضطرابِ حتَّى النِّهاية».

١٤وأُرسِلَت نُسخَةٌ مِن هٰذه الرِّسالة لِتُصبِحَ سُنَّةً في كُلِّ إِقْليم، ونُشِرَت في جَميعِ الشُّعوبِ، حتَّى تَكونَ مُتَأَهِّبَةً لذٰلك اليَوم. ١٥فخَرَجَ السُّعاةُ مُسرِعينَ بِحَسَبِ أَمرِ المَلِك، وأُصدِرَ الحُكْمُ في قَلعَةِ شوشَن، وجَلَسَ المَلِكُ وهامانُ لِلشَّراب. فأَمَّا مَدينةُ شوشَنَ فاضطَرَبَت.

أستير ٤

مَردَكاي وأَستير يتداركان الخطر

١فلَمَّا عَلِمَ مَردَكايُ بِكُلِّ ما حَدَث، مَزَّقَ ثِيابَه وأَلْقى علَيه مِسْحًا ورَمادًا، وخَرَجَ إِلى وَسَطِ المَدينة، وصَرَخَ صُراخًا عَظيمًا مُرًّا. ٢وجاءَ إِلى أَمامِ بابِ المَلِك، إِذ لا يَدخُلُ أَحَدٌ بابَ المَلِكِ وهو لابِسٌ المِسْح. ٣وكانَ في كُلِّ إِقْليمٍ، حَيثُ وَرَدَ أَمرُ المَلِكِ وحُكمُه، حُزنٌ عَظيمٌ عِندَ اليَهود، وصَومٌ وبُكاءٌ وعَويل، وٱستَلْقى كَثيرونَ على الرَّمادِ والمِسْح.

٤فجاءَت وصيفاتُ أَسْتيرَ وخِصْيانُها وأَخْبَروها. فٱغتَمَّتِ المَلِكَةُ جِدًّا، وبَعَثَت بِكُسوَةٍ لِيُلبَسَها مَردَكاي ويُنزَعَ عنه مِسحُه، فأَبى. ٥فٱستَدعَت أَسْتيرُ هَتاكَ، أَحَدَ خِصْيانِ المَلِكِ الَّذي كانَ أَقامَه أَمامَها، وأَرسَلَته إِلى مَردَكاي، لِتَعْلَمَ ما كانَ ولِأَيِّ سَبَب.

٦فخَرَجَ هَتاكُ إِلى مَردَكاي، إِلى ساحةِ المَدينةِ الَّتي أَمامَ بابِ المَلِك. ٧فأَخبَرَه مَردَكايُ بِكُلِّ ما جَرى لَه وبِمِقْدارِ الفِضَّةِ الَّذي وَعَدَ هامانُ بِوَزنِه لِخَزائِنِ المَلِكِ لإِبادَةِ اليَهود. ٨وأَعْطاه نُسخَةَ رِسالةِ الحُكمِ المُصدَرِ في شوشَنَ في إِهلاكِ اليَهود، لِيُرِيَها لِأَسْتيرَ ويُخبِرَها ويوصِيَها بِأَن تَدخُلَ على المَلِك، لِتَتَضَرَّعَ إِلَيه وتَتَوَسَّلَ بَينَ يَدَيه من أَجْلِ شَعْبِها. «^٨بــ أُذكُري أَيَّامَ ضَعَتِكِ، كَيفَ أَطعَمتُكِ بِيَدي. فإِنَّ هامان، وهو الرَّجُلُ الثَّاني، أَشارَ على المَلِكِ بِقَتلِنا. ^٨تـفٱدْعي إِلى الرَّبّ، وفاتِحي المَلِكَ في أَمرِنا وأَنقِذينا مِنَ الموت».

٩فجاءَ هَتاكُ وأَخبَرَ أَسْتيرَ بِكَلامِ مَردَكاي. ١٠وتَكَلَّمَت أَسْتيرُ مع هَتاك، وأَوصَته أَن يَقولَ لِمَردَكاي: ١١«إِنَّ جَميعَ خَدَمِ المَلِكِ وشُعوبِ أَقاليمِ المَلِكِ يَعلَمونَ أَنَّه أَيُّ رَجُلٍ أَوِ ٱمرَأَةٍ دَخَلَ على المَلِكِ إِلى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ مِن غَيرِ أَن يُدْعى، فالسُّنَّةُ فيه واحِدَة، وهي أَن يُقتَل، إِلَّا مَن مَدَّ له المَلِكُ صَولَجانَ الذَّهَبِ فيَحْيا. وأَنا لم أُدْعَ لِلدُّخولِ على المَلِكِ مُنذُ ثَلاثينَ يومًا».

١٢فبُلِّغَ مَردَكايُ كَلامَ أَسْتير. ١٣فقالَ مَردَكايُ لِيُجيبَ أَسْتير: «لا تَخالي في نَفسِكِ أَنَّكِ تَنْجينَ في بَيتِ المَلِكِ دونَ جَميعِ اليهود، ١٤لِأَنَّه إِن لم تَزالي على السُّكوتِ في هٰذا الوَقْت، فسَيَكونُ فَرَجٌ وخَلاصٌ لِليَهودِ مِن مَكانٍ آخَر، وأَنتِ وبَيتُ أَبيكِ تَهلِكون. ومَن يَدْري لَعَلَّكِ لِمِثلِ هٰذا الوَقتِ وَصَلتِ إِلى المُلْك».

١٥فقالَت أَسْتيرُ مُجيبَةً مَردَكاي: ١٦«إِذْهَبْ وٱجمَعْ كُلَّ اليَهودِ الَّذينَ في شوشَن، وصوموا لِأَجْلي، ولا تأكُلوا ولا تَشرَبوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لَيلًا ونَهارًا، وأَنا ووَصيفاتي نَصومُ كذٰلك. ثُمَّ أَدخُلُ على المَلِكِ على خِلافِ السُّنَّة. فإِن هَلَكتُ فقَد هَلَكتُ». ١٧فمَضى مَردَكايُ وفَعَلَ كُلَّ ما أَمَرَته بِه أَسْتير.

صلاة مردكاي

^١٧بـفتَضَرَّعَ إِلى الرَّبِّ مُتَذكِّرًا جَميعَ أَعْمالِ

الرَّبِّ وقال:

^١٧تـ«يا ربُّ، يا ربّ، أَيُّها المَلِكُ القَدير

كُلُّ شَيءٍ في سُلْطانِكَ

ولَيسَ مَن يُقاوِمُكَ في مَشيئَتِكَ

أَن تُخَلِّصَ إِسْرائيل.

^١٧ثـفأَنتَ صَنَعتَ السَّماءَ والأَرض

وكُلَّ العَجائِبِ الَّتي تَحتَ السَّمَاء.

أَنتَ رَبُّ جَميعِ النَّاس

ولَيسَ مَن يَقِفُ في وَجهِكَ أَنتَ الرَّبّ.

^١٧جـأَنتَ تَعرِفُ كُلَّ شَيء

أَنتَ تَعلَمُ، يا رَبّ، أَنِّي لا إِفْراطًا

ولا تَكَبُّرًا ولا زَهْوًا فَعَلتُ هٰذا:

عَدَمُ السُّجودِ لِهامانَ المُتَكَبِّر

فإِنَّه يَطيبُ لي أَن أُقَبِّلَ أَخمَصَ قَدَمَيه

لإِنقاذِ إِسْرائيل.

^١٧حـلكِنِّي فَعَلتُ هٰذا لِكَيلا أَضَعَ

مَجدَ إِنْسانٍ فَوقَ مَجدِ الله

ولَن أَسجُدَ لِأَحدٍ سِواكَ يا ربّ

ولَن أَفعَلَ هٰذا تَكَبُّرًا.

^١٧خـوالآن أَيُّها الرَّبُّ الإِلٰهُ المَلِك

إِلٰهُ إِبْراهيم، اِرْحَمْ شَعبَكَ

لِأَنَّهم يَنظُرونَ إِلَينا لِكَي يُهلِكونا

ولِأَنَّهم رَغِبوا في إِبادَةِ ميراثِكَ

الَّذي كانَ مُنذُ القِدَم.

^١٧دلا تُهمِلْ نَصيبَكَ الَّذي ٱفتَدَيتَه لَكَ

مِن أَرضِ مِصر.

^١٧ذاِستَجِبْ لِصلاتي وٱعطِفْ على نَصيبِكَ

وحَوِّلْ حُزنَنا إِلى فَرَح

لِنَحْيا فنُرَنِّمَ لٱسمِكَ يا ربّ

ولا تُهلِكْ أَفْواهَ الَّذينَ يسبِّحونَكَ».

^١٧روكانَ إِسْرائيلُ كُلُّه يَصرُخُ بِكُلِّ قُوَّتِه

لِأَنَّ مَوتَه كانَ نُصبَ عَينَيه.

صلاة أَستير

^١٧زوإِنَّ أَستيرَ المَلِكَةَ أَيضًا ٱلتَجأَت إِلى الرَّبِّ في خَطَرِ المَوتِ الَّذي ٱنقَضَّ علَيها. فخَلَعَت ثِيابَ مَجدِها ولَبِسَت ثِيابَ الشِّدَّةِ والحُزن، وغَطَّت رأسَها بِالرَّمادِ والأَوساخ، بَدَلَ العُطورِ الفاخِرة، وذَلَّلَت جَسَدَها تَذليلًا، وجَميعُ المَواضِعِ الَّتي كانت تَفرَحُ فيها مِن قَبلُ مَلَأَتها مِن شَعرِها الشَّعِث. وكانَت تُصَلِّي إِلى الرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرائيلَ وتَقول:

^١٧سـ«أيّها الرَّبُّ مَلِكُنا، أَنتَ الأَوحَد.

أَغِثْني أَنا الوَحيدة

والَّتي لا نَصيرَ لَها سِواكَ

فإِنِّي أُخاطِرُ بِنَفْسي.

^١٧شـلقَد سَمِعتُ منذ مَولِدي في سِبطِ أَبي

أَنَّكَ، أَيُّها الرَّبُّ، اِتَّخَذتَ إِسْرائيلَ

مِن جَميعِ الأُمَم

وآباءَنا مِن جَميعِ أَجْدادِهم

لِيَكونوا لَكَ ميراثًا أَبدِيًّا

وأَنَّكَ صَنَعتَ إِلَيهم كُلَّ ما قُلتَه.

^١٧صـوالآن فقَد أَخطَأنا إِلَيكَ

فأَسلَمتَنا إِلى أَيدي أَعدائِنا

لِأَنَّنا أَكرَمْنا آلِهَتَهم.

أَنتَ عادِلٌ، يا رَبّ

^١٧ضـوالآن فلَم تَكفِهم مَرارةُ عَبودِيَّتِنا

بل وَضَعوا أَيدِيَهم في أَيدي أَوثانِهِم

لإِبطالِ ما قَضى بِه لِسانُكَ

وإِبادَةِ ميراثِكَ وسَدِّ أَفواهِ المُسَبِّحينَ لَكَ

وإِطْفاءِ مَذبَحِكَ ومَجدِ بَيتِكَ

^١٧طـوفَتحِ أَفْواهِ الأُمَمِ مَدحًا لِلأَوثانِ الباطلة

والإِعجابِ بِمَلِكٍ بَشَرِيٍّ لِلأَبَد.

^١٧ظـلا تُسْلِمْ، يا ربُّ، صَولَجانَكَ

إِلى الَّذينَ لا وُجودَ لَهم

ولا يَشمَتوا بِسُقوطِنا.

بل رُدَّ علَيهم مَشورَتَهم

وأَنزِلْ بِأَوَّلِ مَن يُهاجِمُنا

عِقابًا يَكونُ عِبرَةً.

^١٧عـأُذكُرْ، يا ربّ

وأَظهِرْ نَفسَكَ في وَقتِ شِدَّتنا

وهَب لي ثِقَةً بِالنَّفْس، يا مَلِكَ الآلِهَة

ويا أَيُّها المُتَسَلِّطُ على كُلِّ سُلْطة.

^١٧غـضَعْ على لِساني كَلامًا مَوزونًا

بِحَضرةِ الأَسَد

وحَوِّلْ قلبَه إِلى بُغضِ مُحارِبِنا

لِيَقضِيَ علَيْه وعلى المُتواطِئينَ معَه.

^١٧فـأَنقِذْنا بِيَدِكَ، وأَغِثْني أَنا الوَحيدَةَ

الَّتي لَيسَ لَها سِواكَ يا ربّ.

^١٧قـإِنَّكَ تَعرِفُ كُلَّ شَيء وتعلَمُ بِأَنِّي

أَبغَضتُ مَجدَ الَّذينَ لا شَريعةَ لَهم

وبِأَنِّي أَكرَهُ مَضجَعَ القُلْفِ

وجَميعِ الغُرَباء.

^١٧كـأَنتَ عالِمٌ بحاجَتي

وبِأَنِّي أَكرَهُ شارةَ عَظَمَتي

الَّتي على رَأسي أَيَّامَ ظُهوري

وأَمقُتُها مَقْتَ مِنديلِ الحائض

ولا أَحمِلُها في أَيَّامِ راحتي.

^١٧لـلم تأكُل أَمَتُكَ على مائدَةِ هامان

ولم أُحَبِّذْ مَأدُبَةَ المَلِك

وما شَرِبتُ خَمرَ السُّكُب.

^١٧مـلم تَفرَحْ أَمتُكَ

مِن يَومِ تَبَدُّلِ حالِها إِلى الآن

إِلَّا بِكَ أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُ إِبْراهيم.

^١٧نـأَيُّها الإِلٰهُ القادِرُ على كُلِّ شيء

أَصْغِ إِلى صَوتِ اليائِسين

وأَنقِذْنا مِن أَيدي المُسيئين

وأَنقِذْني مِن خوفي».

أستير ٥   

أستير تَدخل على المَلِك

١وكانَ في اليَومِ الثَّالِثِ أَنَّها، لَمَّا كَفَّت عنِ الصَّلاة، نَزَعَت ثِيابَ العِبادَةِ وتَسَربَلَت بِمَجدِها. ^١بـولمّا سطَعَت جَمالًا ودَعَت إِلى اللهِ الَّذي يَرى كُلَّ شَيءٍ ويُخَلِّص، أَخَذَتِ الوَصيفَتَين. فكانَت تَستَنِدُ إِلى إِحْداهُما كأَنَّها مُستَرخِيَة، وأَمَّا الأُخرى فكانَت تَتبَعُ رافِعَةً لَها أَذْيالَها. وكانَت مُحمَرَّةً في أَوجِ جَمالِها، مُبتَسِمَةَ الوَجهِ كالعاشِقَة. ولٰكِنَّ قَلبها كانَ مُنقَبِضًا مِنَ الخَوف. ^١تـفٱجْتازَت جَميعَ الأَبْواب. ثُمَّ وَقَفَت أَمامَ المَلِك، وكانَ جالِسًا على عَرشِ مُلكِه، مُرتَدِيًا كُلَّ زينَةِ ظُهورِه، كُلُّه ذَهَبٌ وجَواهِر، وكانَ شَديدَ الرَّهبَة. ^١ثـفرَفَعَ وَجهَه المُتَلألِئَ مَجدًا وأَلْقى نَظرَةً وهو في أَشَدِّ غَضَبِه. فٱنهارَتِ المَلِكَةُ وتَغَيَّرَ لَونُها مِنَ الضُّعْف وأَسنَدَت رأسَها إِلى رأسِ الوَصيفةِ الَّتي كانت تَتَقَدَّمُها. ^١جـفحَوَّلَ اللهُ روحَ المَلِكِ إِلى اللِّين، فقَلِقَت نَفسُه ووَثَبَ عن عَرشِه وضَمَّها بِذِراعَيه حتَّى عادَت إِلى نَفسِها. وكانَ يُشَدِّدُ عَزِيمَتها بِكَلِماتٍ مُطَمئِنَة ^١حـفيَقولُ لَها: «ما بِكِ يا أَسْتير؟ أَنا أَخوكِ، أَنعِمي بالًا، لن تَموتي، فإِنَّما أَمرُنا يَسْري على عامَّةِ النَّاس. إِقتَرِبي». ٢فرَفَعَ صَولَجانَ الذَّهَب وجَعَلَه على عُنُقِها، ثُمَّ قَبَّلَها وقال: «كَلِّميني». ^٢بـفقالَت لَه: «رأَيتُكَ، يا سَيِّدي، كأَنَّكَ مَلاكٌ مِن مَلائِكَةِ الله، فٱضطَرَبَ قَلْبي هَيبَةً مِن مَجدِكَ. لِأَنَّكَ عَجيبٌ، يا سَيِّدي، ووَجهُكَ كُلُّه رَوعة». ^٢تـوفيما هي تَتَكَلَّم، اِنهارَت مِن ضُعفها، فاضطَرَبَ المَلِكُ وكانَ جَميعُ حاشِيَتِه يُحاوِلونَ أَن يُشَدِّدوا عَزيمَتَها. ٣فقالَ لَها المَلِك: «ما بِكِ يا أَسْتيرُ المَلِكَة وما بُغيَتُكِ؟ ولَو كانَت نِصفَ المَملَكَة، فإِنَّها تُعْطى لَكِ». ٤فأَجابَت أَسْتير: «إِن حَسُنَ عِندَ المَلِك، فلْيَأْتِ المَلِكُ وهامانُ هٰذا اليَومَ إِلى المَأدُبَةِ الَّتي أعدَدتُها لَه». ٥فقالَ المَلِك: «إِستَعجِلوا هامانَ لِيَفعَلَ كما قالَت أَسْتير».

ثُمَّ جاءَ المَلِكُ وهامانُ إِلى المَأدُبَةِ الَّتي أَقامَتها أَسْتير. ٦فقالَ المَلِكُ لِأَستيرَ أَثْناءَ المَأدُبَة: «ما بُغيَتُكِ فتُعطى لَكِ، وما طَلَبُكِ؟ ولَو كانَ نِصفُ المَملَكَةِ فيُقْضى». ٧فأَجابَت أَسْتيرُ وقالَت: «هٰذه بُغيَتي وطَلَبي… ٨إِن نِلتُ حُظوَةً في عَينَيِ المَلِك، وإِن حَسُنَ عِندَ المَلِكِ أَن يُلَبِّيَ بُغيَتي ويَقضِيَ طَلَبي، فلْيَأتِ المَلِكُ وهامانُ إِلى المَأدُبَةِ الَّتي أُقيمُها لَهُما غَدًا، فأَعمَلُ أَنا بِحَسَبِ أَمرِ المَلِك».

٩فخَرَجَ هامانُ ذٰلك اليَومَ فَرِحًا مَسْرورَ القَلْب. ولَمَّا رأَى هامانُ مَردَكايَ بِبابِ المَلِك وأَنَّه لم يَقُمْ لَه ولم يَتَحَرَّكْ، اِمتَلَأَ هامانُ غَيظًا على مَردَكاي. ١٠إِلَّا أَنَّ هامانَ ضَبَطَ نَفسَه وجاءَ إِلى بَيتِه وأَرسَلَ فأَحضَرَ أَصدِقاءَه وزَوجَتَه زارَش. ١١وحَدَّثَهم هامانُ بِبَهجَةِ ثَروَتِه وكَثرَةِ بَنيه وكُلِّ ما عَظَّمَه بِه المَلِك، وكَيفَ رَفَعَه على الرُّؤَساءِ وحاشِيَةِ المَلِك. ١٢وأَضافَ هامان: «وفَوقَ ذٰلك فإِنَّ أَسْتيرَ المَلِكَةَ لم تُدخِلْ أَحَدًا سِوايَ مع المَلِكِ إِلى المَأدُبَةِ الَّتي أَقامَتها، وإِنِّي غَدًا مَدعُوٌّ أَيضًا إِلَيها مع المَلِك. ١٣إِلَّا أَنَّ هٰذا كُلَّه كلا شَيءٍ عِنْدي، ما دُمتُ أَرى مَردَكايَ اليَهودِيَّ جالِسًا بِبابِ المَلِك». ١٤فقالَت لَه زارَشُ زَوجَتُه وجَميعُ أَصدِقائِه: «لِتُصنَعْ خَشَبَةٌ ٱرتِفاعُها خَمْسونَ ذِراعًا، وغَدًا كَلِّمِ المَلِكَ فيُعَلَّقَ علَيها مَردَكاي، ثُمَّ ٱدخُلْ مع المَلِكِ إِلى المَأدُبَةِ فَرِحًا». فحَسُنَ القَولُ عِندَ هامان، وصَنَعَ الخَشَبَة.

أستير ٦

٤. إنتقام اليهود

خيبة أمل هامان

١في تِلكَ اللَّيلَة، أَرِقَ المَلِك، فأَمَرَ أَن يُؤتى بِسِفرِ الذِّكرَيات، أَي بِأَخْبارِ الأَيَّام، وقُرِئَ أَمامَ المَلِك. ٢فوُجِدَ مَكْتوبًا أَنَّ مَردَكايَ كانَ قد أَخبَرَ عن بِجْتانا وتارَش، خَصِيَّيِ المَلِك، مِن حُرَّاسِ الأَعْتاب، اللَّذَينِ قَصَدا أَن يُلقِيا أَيدِيَهما على المَلِكِ أَحْشورُش. ٣فقالَ المَلِك: «ماذا صُنِعَ مِنَ الإكرامِ والتَّعظيمِ لِمَردَكايَ لِأَجلِ هٰذا؟» فقالَ خَدَمُ المَلِكِ الَّذينَ يَخدِمونَه: «لم يُصنَعْ لَه شَيء». ٤فقالَ المَلِك: «مَن في الدَّار؟» وكانَ هامانُ قد جاءَ إِلى دارِ بَيتِ المَلِكِ الخارِجِيَّة، لِيُكَلِّمَ المَلِكَ في تَعْليقِ مَردَكايَ على الخَشَبَةِ الَّتي أَعَدَّها لَه. ٥فقالَ لِلمَلِكِ خَدَمُه: «هُوَذا هامانُ واقِفٌ في الدَّار». فقالَ المَلِك: «لِيَدخُلْ». ٦فدَخَلَ هامان، فقالَ لَه المَلِك: «ماذا يُصنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذي يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه؟» فقالَ هامانُ في نَفسِه: «مَن يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه أَكثَرَ مِنِّي؟» ٧فقالَ هامانُ لِلمَلِك: «الرَّجُلُ الَّذي يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه، ٨يأتونَه بِثِيابِ المَلِكِ الَّتي يَلبَسُها المَلِك، وبالفَرَسِ الَّذي يَركَبُه المَلِك، ويوضَعُ تاجُ المَلِكِ على رَأسِه، ٩وتُسَلَّمُ الثِّيابُ والفَرَسُ إِلى يَدِ رَجُلٍ مِن رؤساءِ المَلِك، مِن الأَشْراف، فيُلبَسُ الرَّجُلُ الَّذي يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه، ويُركَبُ على الفَرَسِ في ساحةِ المَدينَة، ويُنادى أَمامَه: هٰكذا يُصنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذي يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه». ١٠فقالَ المَلِكُ لِهامان: «أَسرِعْ وخُذِ الثِّيابَ والفَرَسَ، كما قُلتَ، وٱصنَعْ هٰكذا لِمَردَكايَ اليَهودِيِّ الجالِسِ بِبابِ المَلِك، ولا تُهمِلْ كَلِمَةً مِن كُلِّ ما قُلتَه».

١١فأَخَذَ هامانُ الثِّيابَ والفَرَس، وأَلبَسَ مَردَكاي، وأَركَبَه الفَرَسَ في ساحَةِ المَدينة، ونادى أَمامَه: «هٰكذا يُصنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذي يَرغَبُ المَلِكُ أَن يُكرِمَه». ١٢ورَجَعَ مَردَكايُ إِلى بابِ المَلِك، وأَسرَعَ هامانُ إِلى بَيتِه حَزينًا مُغَطَّى الرَّأس. ١٣وأَخبَرَ هامانُ زارَشَ زَوجَتَه وجَميعَ أَصدِقائِه بِكُلِّ ما جَرى لَه. فقالَ لَه مُسْتشاروه وزارَشُ زَوجَتُه: «إِن كانَ مَردَكايُ الَّذي أَخَذتَ تَسقُطُ أَمامَه هو مِن نَسْلِ اليَهود، فلا تَقْوى علَيه، بل أَنتَ تَسقُطُ أَمامَه».

هامان في مَأدُبَة أَستير

١٤وفيما هم يَتَكلَّمونَ معَه، جاءَ خِصْيانُ المَلِك، وأَسرَعوا في الذَّهابِ بِهامانَ إِلى المَأدُبَةِ الَّتي أَعَدَّتها أَستير.

أستير ٧

١فجاءَ المَلِكُ وهامانُ إِلى المَأدُبَةِ مع أَسْتيرَ المَلِكَة. ٢فقالَ المَلِكُ لِأَسْتيرَ أَيضًا في اليَومِ التَّالي أَثْناءَ المَأدُبَة: «ما بُغيَتُكِ، يا أَسْتيرُ المَلِكَة فتُعْطى لَكِ وما طَلَبُكِ؟ ولَو كانَ نِصفَ المَملَكَةِ فيُقْضى». ٣فأَجابَت أَسْتيرُ المَلِكَةُ وقالَت: «إِن نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ، أَيُّها المَلِك، وإِن حَسُنَ عِندَ المَلِك، فلْتُهَبْ لي حَياتي، هٰذه هي بُغْيَتي، وحَياةُ شَعْبي، هٰذا هو طَلَبي، ٤لِأَنَّنا مَبيعونَ أَنا وشَعْبي لِلإِبادَةِ والقَتْلِ والهَلاك. ولَو كُنَّا مَبيعينَ عَبيدًا وإِماءً، لَكُنتُ سَكَتُّ. إِلَّا أَنَّ مُضطَهِدَنا لا يُعَوِّضُ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ بِالمَلِك». ٥فأَجابَ المَلِكُ أَحْشورُشُ وقالَ لِأَسْتيرَ المَلِكَة: «مَن هو وأَينَ ذاك الَّذي ٱرتَأى في قَلبِه أَن يَفعَلَ هٰكذا؟» ٦فقالَت أَسْتير: «الرَّجُلُ المُضطَهِدُ العَدُوُّ هو هامانُ هذا الشِّرِّير». فٱرتَعَدَ هامانُ أَمامَ المَلِكِ والمَلِكَة. ٧وقامَ المَلِكُ مُغضَبًا عنِ المَأدُبَةِ إِلى حَديقَةِ القَصْر. فبَقِيَ هامانُ لِيَتَوَسَّلَ عن نَفسِه إِلى أَسْتيرَ المَلِكَة، لِأَنَّه رأَى أَنَّ الشَّرَّ قد تَمَّ علَيه مِن قِبَلِ المَلِك.

٨ثُمَّ رَجَعَ المَلِكُ مِن حَديقَةِ القَصْرِ إِلى بَيتِ المَأدُبَة، وكانَ هامانُ قد انهارَ على السَّريرِ الَّذي علَيه أَسْتير. فقالَ المَلِك: «أَيَغتَصِبُ المَلِكَةَ أَيضًا عِنْدي في البَيت؟» وما إِن خَرَجَت هٰذه الكَلِمَةُ مِن فَمِ المَلِك، حَتَّى غَطَّوا وَجهَ هامان. ٩فقالَ حَرْبونَة، أَحَدُ الخِصْيان، أَمامَ المَلِك: «ها إِنَّ الخَشَبَةَ الَّتي صَنَعَها هامانُ لِمَردَكاي، الَّذي تَكَلَّمَ لِخَيرِ المَلِك، مَنْصوبةٌ في بَيتِ هامان، اِرتِفاعُها خَمْسونَ ذِراعًا». فقالَ المَلِك: «عَلِّقوه علَيها». ١٠فعَلَّقوا هامانَ على الخَشَبَةِ الَّتي أَعَدَّها لِمَردَكاي. وسَكَنَ غَضَبُ المَلِك.

أستير ٨ 

المَلِك يُنعِم على اليهود

١في ذٰلك اليَومِ أَعْطى أَحْشورُشُ المَلِكُ أَسْتيرَ المَلِكَةَ بَيتَ هامان، مُضطَهِدِ اليَهود. وجاءَ مَردَكايُ إِلى أَمامِ المَلِك، لِأَنَّ أَسْتيرَ أَخبَرَته بِقَرابَتِه لَها. ٢فنَزَعَ المَلِكُ خاتَمَه الَّذي كانَ نَزَعَه مِن هامان وأَعْطاه لِمَردَكاي. وأَقامَت أَسْتيرُ مَردَكايَ على بَيتِ هامان.

٣وعادَت أَسْتيرُ فتَكَلَّمَت أَمامَ المَلِك، وٱرتَمَت عِندَ قَدَمَيه وبَكَت وتَضَرَّعَت إِلَيه في إِزالَةِ الشَّرِّ الَّذي أَعَدَّه هامانُ الأَجاجِيّ والتَّدبيرِ الَّذي دَبَّرَه على اليَهود. ٤فمَدَّ المَلِكُ صَولَجانَ الذَّهَبِ نَحوَ أَسْتير، فقامَت أَسْتيرُ ووَقَفَت أَمامَ المَلِك، ٥وقالَت: «إِن حَسُنَ عِندَ المَلِكِ وإِن نِلتُ حُظوَةً في عَينَيه وٱستَقامَ الأَمرُ لَدى المَلِك، وكَرُمتُ في عَينَيه، فلْيُكتَبْ بأَن يُرجَعَ عنِ الرَّسائِلِ الخاصَّةِ بِتَدْبيرِ هامانَ بنِ هَمْداتا الأَجاجِيِّ الَّتي كَتَبَها في إِهْلاكِ اليَهودِ الَّذينَ في جَميعِ أَقاليمِ المَلِك. ٦فإِنِّي كَيفَ أَقدِرُ أَن أَرى الشَّرَّ الَّذي يَنالُ شَعْبي، وكَيفَ أَقدِرُ أَن أَرى هَلاكَ بَني قَومي؟».

٧فقالَ المَلِكُ أَحْشورُشُ لِأَسْتيرَ المَلِكَةِ ولِمَردَكايَ اليَهودِيّ: «هاءَنَذا قد أَعطَيتُ أَسْتيرَ بَيتَ هامان. وأَمَّا هو فقَد عَلَّقوه على الخَشَبَة، لِأَنَّه مَدَّ يَدَه على اليَهود. ٨فٱكتُبا أَنتُما في أَمرِ اليَهودِ كما يَحسُنُ في أَعيُنِكما بٱسمِ المَلِك، وٱختِما بِخاتَمِ المَلِك، لِأَنَّ الكِتابَةَ المَكْتوبَةَ بِٱسمِ المَلِكِ والمَخْتومَةَ بِٱسمِ المَلِكِ لا رُجوعَ عنها».

٩فٱستُدعِيَ كُتَّابُ المَلِكِ في ذٰلك الوَقْت، في الشَّهرِ الثَّالِثِ الَّذي هو شَهرُ سيوان، في الثَّالِثِ والعِشْرينَ مِنه، وكُتِبَ كُلُّ ما أَمَرَ بِه مَردَكايُ إِلى اليَهودِ وإِلى الأَقْطابِ والوُلاةِ ورُؤَساءِ الأَقاليم، مِنَ الهِندِ إِلى الحَبَشَة، إِلى المِئَةِ والسَّبعَةِ والعِشْرينَ إِقْليمًا، إِلى إِقْليمٍ فإِقْليمٍ بِكِتابَتِه، وإِلى شَعْبٍ فشَعْبٍ بلِسانِهِم، وإِلى اليَهودِ بِكِتابَتِهم ولِسانِهم. ١٠فكُتِبَ بِٱسمِ أَحْشورُشَ المَلِك، وخُتِمَ بِخاتَمِ المَلِك، ووُجِّهَتِ الرَّسائِلُ مع السُّعاةِ على الخَيل، الرَّاكِبينَ على جِيادِ المَلِك، صِغارِ الفُحول. ١١وفيها أَنعَمَ المَلِكُ على اليَهودِ الَّذينَ في كُلِّ مَدينةٍ بِأَن يَجتَمِعوا ويُدافِعوا عن أَنفُسِهم ويُبيدوا ويَقتُلوا ويُهلِكوا قُوَّةَ كُلِّ شَعْبٍ وإِقْليمٍ مِمَّن يُضايِقونَهم، حَتَّى الأَطفالَ والنِّساء، ويَسلُبوا أَمْوالَهم، ١٢في يَومٍ واحِد، في جَميعِ أقاليمِ المَلِكِ أَحْشورُش، في الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الثَّاني عَشَرَ الَّذي هو شهرُ آذار.

مرسوم إِعادة الاعتبار لليهود

^١٢بـفيما يَلي نُسخَةٌ مِنَ الرِّسالة:

«مِن أَحْشورُشَ المَلِكِ العَظيمِ إِلى حُكَّامِ الأَقاليمِ المِئَةِ والسَّبعَةِ والعِشْرينَ مِن الهِنْدِ إِلى الحَبَشَة وإِلى جَميعِ رَعايانا السَّلام.

^١٢تـهُناكَ أُناسٌ كَثيرون كُلَّما زادَهم لُطفُ المُحسِنينَ تَكْريمًا، اِزْدادوا كِبرِياءً، ^١٢ثـولا يَكتَفونَ بِمُحاوَلَةِ الإِساءَةِ إِلى رَعايانا، بل عَجِزوا عنِ ٱحتِمالِ شِبَعِهم، فأَخَذوا يَتآمَرونَ على المُحسِنينَ إِلَيهم. ولا يَقتَصِرونَ على إِزالةِ الشُّكرِ مِن بَينِ النَّاس، بل تُثيرُهم تَبَجُّحاتُ الَّذينَ لا خِبرَةَ لَهم في الخَير، فيتَوَهَّمونَ أَنَّهم يُفلِتونَ مِن عَدلٍ يُبغِضُ الشَّرّ، أَي مِن عَدلِ اللهِ الَّذي يُراقِبُ كُلَّ شَيء. ^١٢جـوكَثيرًا ما نرى أَنَّ كَثيرينَ مِنَ الَّذينَ وُلُّوا السُّلْطةَ بِحَثٍّ مِن أَصدِقاءَ وَثِقوا بِهِم لإِدارةِ الأَعْمال قد أَصبحوا شُرَكاءَهم في دَمٍ بَريء، فأَدَّى الأَمرُ إِلى كَوارِثَ لا تُعَوَّض.

^١٢حـذٰلك بِأَنَّ ما في مَكرِهِم مِن مُغالطاتٍ كاذِبة قد خَدَع ما عِندَ ذَوي السُّلطَةِ مِن حُسنِ نِيَّةٍ لا غُبارَ علَيها. ^١٢خـوفي الإِمكانِ أَن يَرَوا، مِن غَيرِ الرُّجوعِ إِلى القِصَصِ القَديمةِ الَّتي ذَكَرْناها، إِذا ما تَقَصَّيتُم ما يَجْري تَحتَ أَرجُلِكم، ما أَكثَرَ أَعْمالَ الكُفْرِ الَّتي يَرتَكِبُها أُناسٌ كالطَّاعون يُمارِسونَ السُّلطَةَ مِن غَيرِ ٱستِحْقاق. ^١٢دسنَجتَهِدُ بَعدَ اليَومِ أَن نُؤَمِّنَ لِجَميعِ النَّاسِ هُدوءَ المَملَكَةِ وسَلامَها، ^١٢ذفنُجرِيَ التَّبْديلاتِ المُناسِبَة ونَقضِيَ دائمًا في ما يُرفَعُ إِلى رَأينا مِنَ الأُمور، مُتَقَبِّلينَ إِيَّاها بِالعَدْل.

^١٢روهٰكذا فإِنَّ هامانَ بنَ هَمْداتا، وهو مَقْدونيٌّ وغَريبٌ في الحَقيقةِ عن دَمِ الفُرْس وبَعيدٌ جِدًّا عن لُطْفنا، كانَ قد تَمَتَّعَ بِضِيافَتِنا، ^١٢زفٱستَفادَ مِنَ الصَّداقَةِ الَّتي نوليها كُلَّ شَعْب، حتَّى إِنَّه نودِيَ بِه أَبًا لَنا وأَصبَحَ لِمَدى الحَياةِ الرَّجُلَ الثَّانِيَ في العَرشِ المَلَكيّ والَّذي يَسجُدُ لَه جَميعُ النَّاس. ^١٢سـولَكِنَّه لم يَضَعْ حَدًّا لِكِبْرِيائِه، بلِ ٱجتَهَدَ أَن يَنزِعَ مِنَّا السُّلطَةَ والحَياة، ^١٢شـوطَلَبَ، بِما في طُرُقِه مِن مُغالَطاتٍ مُلْتَوِية، هَلاكَ مَرْدَكايَ مُخَلِّصِنا والمُحسِنِ إِلَينا كُلَّ حين، وأَستيرَ شَريكَتِنا في المُلْك والَّتي لا غُبارَ علَيها، وهَلاكَ سائِرِ أُمَّتِها.

^١٢صـفقَد تَوَهَّمَ أَنَّه، بِهٰذِهِ الوَسائِل، يُوقِعُنا في العُزْلة فيُحَوِّلُ سُلْطانَ الفُرْسِ إِلى المَقْدونِيِّين.

^١٢ضـأَمَّا نَحنُ، فنَجِدُ أَنَّ اليَهودَ الَّذينَ يُسلِمُهمُ المُثَلَّثُ الآثامِ إِلى الزَّوالِ لَيسوا بِمُجرِمين، بل أَنَّ حُكمَهم مَبنِيٌّ على سُنَنٍ عادِلة، ^١٢طـوهُم بَنو اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ الحَيِّ الَّذي يَهْدي المَملَكةَ على أَحسَنِ حالٍ في سَبيلِنا وسَبيلِ أَجْدادِنا. ^١٢ظـفتُحسِنونَ عَمَلًا بالإِمساكِ عنِ ٱستِخْدامِ الرَّسائِلِ الَّتي بَعَثَ بِها هامانُ بنُ هَمْداتا، لِأَنَّ صاحِبَها عُلِّقَ على خَشَبَةٍ عِندَ أَبْوابِ شُوشَن، هو وجَميعُ أَهلِ بَيتِه. ذٰلك هو الحُكمُ الَّذي ٱستَوجَبَه والَّذي أَصدَرَه فيه على الفَورِ اللهُ القادِرُ على كُلِّ شَيء.

^١٢عـوبَعدَ إِعْلانِ نُسخَةِ هٰذه الرِّسالةِ في كُلِّ مَكان، دَعوا اليَهودَ أَحْرارًا في ٱتِّباعِ سُنَنِهِم ومُدُّوا لَهم يَدَ المَعونة، حتَّى إِذا حَمَلَ عليهم أُناسٌ في ساعةِ الشِّدَّة رَدُّوهم في الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ الثَّاني عَشَر، شَهرِ آذار، ^١٢غـفي ذٰلك اليَومِ نَفْسِه، فإِنَّ اللهَ الَّذي له السُّلْطانُ على كُلِّ شَيء قد حَوَّلَ لَهم ذٰلك اليَومَ إِلى ٱبتِهاجٍ بَدَلَ إِبادةِ الشَّعبِ المُختار. ^١٢فـفٱحتَفِلوا أَنتُم أَيضًا، في أَعيادِكمُ التَّذكارِيَّة، بذٰلك اليَومِ المَشْهود، بِجَميعِ ٱحتِفالاتِ الٱبتِهاج، لِيَكونَ، مِنَ الآنَ فصاعِدًا، خَلاصًا لَنا ولِلمُوالينَ للفُرْس وذِكْرى هَلاكٍ لِلَّذينَ يَتآمَرونَ علَينا.

^١٢قـوكُلُّ مَدينةٍ أَو إِقْليمٍ بِوَجهٍ عامٍّ لا يَعمَلُ بِذٰلك يُدَمَّرُ تَدميرًا عَنيفًا بِالسَّيفِ والنَّار ويُمْسي لا حَرامًا لِلنَّاسِ فقَط، بل تَكرَهُه أَيضًا الوُحوشُ والطُّيورُ لِلأَبَد».

١٣وأُرسِلَت نُسخَةٌ مِن هٰذِه الرِّسالَةِ لِتُصبِحَ سُنَّةً في كُلِّ إِقْليم، ونُشِرت في جَميعِ الشُّعوب، حتَّى يَكونَ اليَهودُ مُتَأَهِّبينَ لِذٰلك اليَوم، فيَنتَقِموا مِن أَعْدائِهم. ١٤فخَرَجَ السُّعاةُ الرَّاكِبونَ على جِيادِ المَلِكِ مُسرِعينَ مُعَجَّلينَ بِأَمرِ المَلِك، ونُشِرَ الحُكمُ في قَلعَةِ شوشَن. ١٥وخَرَجَ مَردَكايُ مِن حَضرَةِ المَلِكِ بِثَوبِ المُلْكِ البَنَفسَجِيِّ الأُرجُوانِ والأَبيَض، وبِتاجٍ كَبيرٍ مِن ذَهَب، وثِيابِ كَتَّانٍ ناعِمٍ وأُرجُوان، وفَرِحَت مَدينَةُ شوشَنَ وٱبتَهَجَت. ١٦وكانَ لِليَهودِ نورٌ وفَرَحٌ وسُرورٌ وإِكْرام. ١٧وفي كُلِّ إِقْليمٍ فإِقْليم، وكُلِّ مَدينَةٍ فمَدينَة، حَيثُ وَرَدَ أَمرُ المَلِكِ وحُكمُه، كانَ لِليَهودِ فَرَحٌ وسُرورٌ ومَأدُبَةٌ ويَومُ هَناء، وصارَ كَثيرٌ مِن شُعوبِ تِلكَ الأَرضِ يَهودًا، لِأَنَّ خَوفَ اليَهودِ وَقَعَ علَيهم.

أستير ٩

يوم فوريم العظيم

١في الشَّهرِ الثَّاني عَشَر، الَّذي هو شَهرُ آذار، في اليَومِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، في اليَومِ الَّذي آنَ فيه تَنْفيذُ أَمرِ المَلِكِ وحُكمِه، في اليَومِ الَّذي كانَ فيه أَعْداءُ اليَهودِ يَرْجونَ التَّسَلُّطَ علَيهم، ٱنقَلَبَ الوَضْعُ، فكانَ لِليَهودِ التَّسَلُّطُ على مُبغِضيهم. ٢إِجتَمَعَ اليَهودُ في مُدُنِهم، في جَميعِ أَقاليمِ أَحشورُشَ المَلِك، لِكَي يُلْقوا أَيدِيَهم على جَميعِ طالِبي الإِساءَةِ إِلَيهم، فلَم يَقِفْ أَحَدٌ في وُجوهِهم، لِأَنَّ خَوفَهم وَقَعَ على جَميعِ الشُّعوب. ٣وكانَ جَميعُ رُؤَساءِ الأَقاليمِ والأَقْطابِ والوُلاةِ ووُكَلاءِ عَمَلِ المَلِكِ يُساعِدونَ اليَهود، لِأَنَّ خَوفَ مَردَكايَ وَقَعَ علَيهم، ٤إذ كان مَردَكايُ عَظيمًا في بَيتِ المَلِك، وقد سارَ ذِكرُه في جَميعِ الأَقاليم، لِأَنَّ مَردَكايَ كانَ لا يَزالُ يَتَعاظَم.

٥فضَرَبَ اليَهودُ جَميعَ أَعْدائِهم ضَربَةَ سَيفٍ وقَتلٍ وإِهْلاك، وفَعَلوا بِمُبغِضيهم كما شاءُوا. ٦وفي قَلعَةِ شوشَنَ قَتَلَ اليَهودُ وأَهلَكوا خَمسَ مِئَةِ رَجُل، ٧وفَرشَنْداتا ودَلْفون وأَسْفاتا، ٨وفوراتا وأَدَلْيا وأَريدانا، ٩وفَرمَشْتا وأَريساي وأَريداي ووَيزاتا، ١٠وهم عَشرَةُ أَبْناءِ هامانَ بنِ هَمْداتا، عَدُوِّ اليَهود، قَتلوهم ولَكِنَّهم لم يَمُدُّوا أيدِيَهم إِلى غَنيمة.

١١في ذٰلك اليَومِ بَلَغَ عَدَدُ المَقْتولينَ في قَلعَةِ شوشَنَ إِلى المَلِك، ١٢فقالَ المَلِكُ لِأَسْتيرَ المَلِكَة: «قد قَتَلَ اليَهودُ وأَهْلَكوا في قَلعَةِ شوشَنَ خَمسَ مِئَةِ رَجُلٍ مع بَني هامانَ العَشرَة، فما يَكونونَ قد فَعَلوا في باقي أَقاليمِ المَلِك؟ والآنَ فما بُغيَتُكِ فتُعْطى لَكِ وما طَلَبُكِ بَعدُ فيُقْضى؟» ١٣فقالَت أَسْتير: «إِن حَسُنَ عِندَ المَلِك، فلْيُبَحْ لِليَهودِ الَّذينَ في شوشَنَ أَن يَفعَلوا غَدًا بِحَسَبِ حُكمِ اليَومِ ويُعَلِّقوا بَني هامانَ العَشَرَةَ على خَشَبَة». ١٤فأَمَرَ المَلِكُ بِأَن يُفعَلَ هٰكذا، وأُصدِرَ حُكمٌ في شوشَن. فعَلَّقوا بَني هامانَ العَشْرَة. ١٥وٱجتَمَعَ أَيضًا اليَهودُ الَّذينَ في شَوشَن، في اليَومِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِن شَهرِ آذار، وقَتَلوا ثَلاثَ مِئَةِ رَجُلٍ في شَوشَن، ولٰكِنَّهم لم يَمُدُّوا أَيدِيَهم إِلى غَنيمة.

١٦وٱجتَمَعَ سائِرُ اليَهودِ الَّذينَ في أَقاليمِ المَلِك، ودافَعوا عن أَنفُسِهم، وٱستَراحوا مِن أَعْدائِهم وقَتَلوا مِن مُبغِضيهم خَمسَةً وسَبْعينَ أَلفًا، ولٰكِنَّهم لم يَمُدُّوا أَيدِيَهم إِلى غَنيمة. ١٧فَعَلوا ذٰلك في اليَومِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِن شَهرِ آذار، وٱستَراحوا في اليَومِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنه، وجَعَلوه يَومَ مَأدُبَةٍ وَفَرَح. ١٨وأَمَّا اليَهودُ الَّذينَ في شوشَن، فإِنَّهمُ ٱجتَمَعوا في الثَّالِثَ عَشَرَ والرَّابِعَ عَشَرَ مِنه، وٱستَراحوا في الخامِسَ عَشَرَ مِنه، وجَعَلوه يَومَ مَأدُبَةٍ وفَرَح. ١٩ولِذٰلك جَعَلَ اليَهودُ الَّذينَ في القُرى، السَّاكِنونَ مُدُنًا غَيرَ مُسَوَّرَة، اليَومَ الرَّابِعَ عَشَرَ مِن شَهرِ آذارَ يَومَ فَرَحٍ ومَأدُبَة، ويَومَ خَيرٍ وإِرسالِ حِصَصٍ مِن بَعضِهم إِلى بَعْض. ^١٩بـ أَمَّا سُكَّانُ العَواصِم، فإِنَّهم يَحتَفِلونَ أَيضًا بالخامِسَ عَشَرَ مِن آذارَ ٱحتِفالَهم بِيَومِ يُمنٍ وٱبتِهاج، فيَتَبادَلونَ إِرْسالَ الحِصَص.

٥. عيد فوريم

الإنشاء الرسميّ لعيد فوريم

٢٠وكَتَبَ مَردَكايُ هٰذه الأَحْداث، وبَعَثَ بِرَسائِلَ إِلى جَميعِ اليَهودِ الَّذينَ في جَميعِ أَقاليمِ المَلِكِ أَحْشورُش، من قَريبٍ وبَعيد. ٢١فسَنَّ علَيهم أَن يُعَيِّدوا في اليَومِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِن شَهرِ آذار واليَومِ الخامِسَ عَشَرَ مِنه، في كُلِّ سَنَة، ٢٢في اليَومَينِ اللَّذَينِ ٱستَراحَ فيهما اليَهودُ مِن أَعْدائِهم، والشَّهرُ الَّذي تَحَوَّلَ لَهُمُ الحُزنُ فيه إِلى فَرَح والنَّوحُ إِلى يَومِ خَير، لِيَجعَلوهما يَومَي مَأدُبَةٍ وفَرَح، وإِرسالِ حِصَصٍ مِن بَعضِهم إِلى بَعْض، وعَطايا للفُقَراء.

٢٣فٱتَّخَذَ اليَهودُ ما ٱبتَدَأوا بإِجْرائِه وما كَتَبَ بِه إِلَيهم مَردَكايُ سُنَّةً لَهم، ٢٤لِأَنَّ هامانَ بنَ هَمْداتا الأَجاجِيَّ، مُضْطهِدَ جَميعِ اليَهود، قد دَبَّرَ على اليَهودِ لِيُهلِكَهم، وأَلْقى «فورًا»، أَي قُرعَةً، لِيُفنِيَهم ويُبيدَهم. ٢٥ولَمَّا بَلَغَ ذٰلك إِلى مَسامِعِ المَلِك، أَمَرَ بِرِسالَةٍ أَن يَرتَدَّ على رَأْسِه تَدْبيرُه الخَبيثُ الَّذي دَبَّرَه على اليَهود، وأَن يُعَلَّقَ هو وبَنوه على الخَشَبَة. ٢٦لِذٰلك دَعَوا هٰذينِ اليومَين «فوريم»، أَخْذًا من كَلِمَة «فور». ولِذٰلك، بِسَبَبِ جَميعِ كَلِمَاتِ هٰذِه الرِّسالَةِ وما رَأوا مِن ذٰلك وما حَلَّ بِهم، ٢٧سَنَّ اليَهودُ وأَوجَبوا على أَنفُسِهم وعلى نَسلِهم وعلى كُلِّ مَن يَنضَمُّ إِلَيهم أَن لا يُبطَلَ تَعْييدُهم لِهٰذينِ اليَومَينِ بِحَسَبِ كِتابَتِهما وأَوقاتِهما كُلَّ سَنَة، ٢٨وأَن يُذكَرَ هٰذانِ اليَومانِ، ويُعَيَّدا في كُلِّ جيلٍ وكُلِّ عَشيرةٍ وكُلِّ إِقْليمٍ وكُلِّ مَدينة، وأَنَّ يَومَي «فوريم» هٰذَينِ لا يُبطَلانِ مِن بَينِ اليهود، ولا يُنسَخُ ذِكرُهما مِن نَسْلِهم.

٢٩وكَتَبَت أَسْتيرُ المَلِكَةُ، بِنتُ أَبيحائيل، ومَردَكايُ اليَهودِيُّ، بِكُلِّ سُلْطانِهما، لإِثْباتِ رِسالةِ «فوريم» الثَّانِيَةِ هٰذِه. ٣٠وبَعَثَت بِالرَّسائِلِ إِلى جَميعِ اليَهودِ في المِئَةِ والسَّبعَةِ والعِشْرينَ إِقْليمًا مِن مَملَكَةِ أَحْشورُشَ بِكَلامِ سَلامٍ وحَقّ، ٣١لإِثْباتِ يَومَي «فوريم» هٰذَينِ في أَوقاتِهما، كما سَنَّهما مَردَكايُ اليَهودِيُّ وأَسْتيرُ المَلِكَة، وكما أَوجَبوا على أَنفُسِهم وعلى نَسْلِهم أُمورَ الصِّيامِ والنَّحيب. ٣٢وأَثبَتَ أَمرُ أَسْتيرَ إِنْشاءَ «فوريم» هٰذا، وكُتِبَ في السِّفْر.

أستير ١٠

مديح مَردَكاي

١وضَرَبَ المَلِكُ أَحشورُشُ جِزْيَةً على الأَرضِ وعلى جُزُرِ البَحْر. ٢وجَميعُ أَعْمالِ جَبَروتِه وقُدرَتِه، وعَرضُ عَظَمَةِ مَردَكايَ الَّتي عَظَّمَه بِها المَلِك، كُلُّ ذٰلك مَكْتوبٌ في سِفْرِ أَخْبارِ الأَيَّامِ لِمُلوكِ ميدِيا وفارِس.

٣فإِنَّ مَردَكايَ اليَهودِيَّ كانَ الأَوَّلَ بَعدَ المَلِكِ أَحْشورُش وعَظيمًا بَينَ اليَهودِ ومَرضِيًّا عِندَ جَماعَةِ إِخوَتِه، يَسْعى لِخَيرِ شَعبِه ويَهتَمُّ بِسَعادَةِ جَميعِ بَني قَومِه.

^٣بـوكانَ مَردَكايُ يَقول: «مِن عِندِ اللهِ كانَ كُلُّ ذٰلك. ^٣تـفإِنِّي أَذكُرُ الحُلْمَ الَّذي رَأَيتُه في هٰذه الأُمور، ولَم يُهمَلْ مِنها شيء: ^٣ثـاليَنبوعُ الصَّغيرُ الَّذي أَصبَحَ نَهْرًا، ثُمَّ النُّورُ والشَّمسُ والمِياهُ الغَزيرة. النَّهرُ هو أَستيرُ الَّتي تَزَوَّجَها المَلِك وجَعَلَ مِنها مَلِكَة. ^٣جـوالتِّنِّينانِ هُما أَنا وهامان، ^٣حـوالأُمَمُ هي الَّتي ٱحتَشَدَت لِتَحمِيَ ٱسمَ اليَهود. ^٣خـوالأُمَّة الَّتي هي أُمَّتي هي إِسْرائيلُ الَّذي صَرَخَ إِلى الله ونالَ الخَلاص. خَلَّصَ الرَّبُّ شَعبَه وأَنقَذَنا الرَّبُّ مِن جَميعِ تِلكَ الشُّرور وصَنَعَ الرَّبُّ الآياتِ والخَوارِقَ العَظيمةَ الَّتي لم يَجْرِ مِثْلُها في الأُمَم. ^٣دولِذٰلك صَنَعَ نَصيبَين، الواحِدَ لِشَعْبِ الله والآخَرَ لِجَميعِ الأُمَم. ^٣ذوجاءَ هٰذانِ النَّصيبانِ في ساعَةِ الدَّينونة وَوَقتِها ويَومِها أَمامَ الله وبَينَ جَميعِ الأُمَم، ^٣روذَكَرَ اللهُ شَعبَه وأَنصَفَ ميراثَه. ^٣زوسَيَكونُ لَهم هٰذانِ اليَومانِ في شَهرِ آذار، في الرَّابِعَ عَشَرَ والخامِسَ عَشَرَ مِنَ الشَّهرِ نَفْسِه، يَومَيِ ٱجتِمَاعٍ وفَرَحٍ وٱبتِهاجٍ أَمامَ اللهِ في كُلِّ جيلٍ ولِلأَبَدِ في شَعبِه إِسْرائيل.

ملاحظة في ترجمة السِفر اليونانيّة

^٣سـفي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِن مُلكِ بَطْليمُس وكليوپاتره، أَتى دوزيطُس، القائلُ بأَنَّه كاهِنٌ ولاوٍ، وبَطْليمُسُ ٱبنُه، بِالرِّسالَةِ المَذْكورةِ والخاصَّةِ بفوريم، وصَرَّحا بِأَنَّها أَصلِيَّةٌ وبِأَنَّ ناقِلَها هو ليسيماخُسُ بنُ بَطْليمسَ الَّذي مِن أُورَشَليم.