اختر صفحة

رسالة القدّيس بُولُس إلى أهل غلاطية

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

غلاطية ١

غلاطية ٢

غلاطية ٣

غلاطية ٤

غلاطية ٥

غلاطية ٦

غلاطية ١

غلاطية ٢

غلاطية ٣

غلاطية ٤

غلاطية ٥

غلاطية ٦

 رسالة القدّيس بولس
 إلى أهل غلاطية

مدخل

مَن أراد أن يفهم الرسالة إلى أهل غلاطية، وجب عليه معرفة حالة الكنائس يومَ كتب إليها بولس. لم تكن الأزمة التي حملت بولس على التدخّل حادثًا أهمّيّته محلّيّة فحسب، بل كانت ساعة مهمّة في تطوّر الكنيسة الناشئة. فقد قامت بخيارٍ حاسم وجب عليها القيام به لتبقى أمينة لحقيقة الإنجيل، وقد وجب عليها أن تكرّره على مرّ العصور في سبيل تلك الأمانة نفسها.

نستهلّ الكلام بعرض ما نعرفُ عن الحالة التاريخيّة، بالرجوع إلى ما وردَ في أعمال الرسل، وإلى ما جاء في الرسالة نفسها. ثمّ نوضّح كيف دافع الرسول عن حقيقة الإنجيل، وقد شُوّهت في غلاطية. ونشير إلى مراحل شرحه الموضوع، ونبيِّن آخر الأمر ما يجعل لهذه الرسالة صلة دائمة بواقع الحال.

غلاطية ١

توجيه

١مِن بولُس وهو رَسول، لا مِن قِبَلِ النَّاس ولا بِمَشيئَةِ إِنسان، بل بِمَشيئَةِ يسوعَ المسيح واللهِ الآبِ الَّذي أَقامَه مِن بَينِ الأَموات، ٢ومِن جَميعِ الإِخوَةِ الَّذينَ مَعي، إِلى كَنائِسِ غَلاطِية. ٣علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ أَبينا والرَّبِّ يسوعَ المسيحِ ٤الَّذي جادَ بِنَفْسِه مِن أَجْلِ خَطايانا لِيُنقِذَنا مِن دُنْيا الشَّرِّ هٰذه عَمَلًا بِمَشيئَةِ إِلٰهِنا وأَبينا، ٥لَه المَجدُ أَبَدَ الدُّهور. آمين.

توبيخ

٦عَجِبتُ لِسُرعَةِ ٱرتِدادِكم هٰذا عنِ الَّذي دَعاكم بِنِعمَةِ المسيحِ إِلى بِشارَةٍ أُخْرى: ٧وما هي بِشارةٌ أُخْرى، بل هُناكَ قَومٌ يُلقُونَ البَلبَلَةَ بَينَكم، وبُغيَتُهم أَن يُبَدِّلوا بِشارةَ المسيح. ٨فلَو بَشَّرْناكم نَحنُ أَو بَشَّرَكم مَلاكٌ مِنَ السَّماءِ بِخِلافِ ما بَشَّرْناكم بِه، فلْيَكُنْ مَحْرومًا! ٩قُلْنا لَكم قَبْلًا وأَقولُه اليَومَ أَيضًا: إِن بَشَّرَكم أَحدٌ بِخِلافِ ما تَلقَّيتُموه، فلْيَكُنْ مَحْرومًا! ١٠أَفتُراني الآنَ أَستَعطِفُ النَّاسَ أَمِ الله؟ هل أَتَوَخَّى رِضا النَّاس؟ لَو كُنتُ إِلى اليَومِ أَتَوَخَّى رِضا النَّاس، لَما كُنتُ عَبْدًا لِلمسيح.

دعوة الله

١١فأُعلِمُكم، أَيُّها الإِخوَة، بِأَنَّ البِشارَةَ الَّتي بَشَّرتُ بِها لَيسَت على سُنَّةِ البَشَر، ١٢لِأَنِّي ما تَلقَّيتُها ولا أَخَذتُها عن إِنسان، بل بِوَحْيٍ مِن يسوعَ المسيح. ١٣فقَد سَمِعتُم بِسيرَتي الماضِيَةِ في مِلَّةِ اليَهود، إِذ كُنتُ أَضطَهِدُ كَنيسةَ اللهِ غايةَ الِٱضْطِهادِ وأُحاوِلُ تَدميرَها ١٤وأَتَقَدَّمُ في مِلَّةِ اليَهودِ كثيرًا مِن أَتْرابي مِن بَني قَومي فأَفوقُهم حَمِيَّةً على سُنَنِ آبائي.

١٥ولٰكِن لَمَّا حَسُنَ لدى اللهِ الَّذي أَفرَدَني، مُذ كُنتُ في بَطْنِ أُمِّي، ودَعاني بِنِعمَتِه، ١٦أَن يَكشِفَ لِيَ ٱبنَه لِأُبَشِّرَ بِه بَينَ الوَثَنِيِّين، لم أَستَشِرِ اللَّحْمَ والدَّم ١٧ولا صَعِدتُ إِلى أُورَشَليم قاصِدًا مَن هم رُسُلٌ قَبْلي، بل ذَهَبتُ مِن ساعَتي إِلى دِيارِ العَرَب، ثُمَّ عُدتُ إِلى دِمَشْق. ١٨وبَعدَ ثَلاثِ سَنَوات صَعِدتُ إِلى أُورَشَليمَ لِلتَّعرُّفِ إِلى صَخْر، فأَقَمتُ عِندَه خَمْسَةَ عَشَرَ يَومًا، ١٩ولم أَرَ غَيرَه مِنَ الرُّسُلِ سِوى يَعقوبَ أَخي الرَّبّ. ٢٠وما أَكتُبُه إِلَيكم فاللهُ شاهِدٌ على أَنِّي لا أَكذِبُ فيه. ٢١ثُمَّ أَتَيتُ بِلادَ سورِيَةَ وقيليقِيَة، ٢٢ولَم أَكُنْ مَعروفَ الوَجهِ في كَنائِسِ المَسيحِ الَّتي في اليَهودِيَّة، ٢٣بل سَمِعوا فقَط أَنِ «الَّذي كانَ يَضطَهِدُنا بِالأَمْسِ صارَ اليَومَ يُبشِّرُ بِالإِيمانِ الَّذي كان يُحاوِلُ بالأَمْسِ تَدْميرَه»، ٢٤فأَخَذوا يُمَجِّدونَ اللهَ في أَمْري.

غلاطية ٢

مجمع أورشليم

١ثُمَّ إِنِّي بَعدَ أَربَعَ عَشْرَةَ سَنة صَعِدتُ ثانِيَةً إِلى أُورَشَليمَ مع بَرنابا وٱستَصحَبتُ طيطُسَ أَيضًا، ٢وكانَ صُعودي إِلَيها بِوَحْيٍ. وعَرَضتُ علَيهِمِ البِشارةَ الَّتي أُعلِنُها بَينَ الوَثَنِيِّين، وعَرَضتُها في ٱجتِماعٍ خاصٍّ على الأَعْيان، مَخافَةَ أَن أَسْعى أَو أَكونَ قد سَعَيتُ عَبَثًا. ٣على أَنَّ رَفيقي طيطُسَ نَفْسَه، وهو يُونانِيّ، لم يُلزَمِ الخِتان، ٤وإِلَّا لَكانَ ذٰلك بِسَبَبِ الإِخوَةِ الكَذَّابينَ المُتَطَفِّلينَ الَّذينَ دَسُّوا أَنفُسَهم بَيننا لِيتجَسَّسوا حُرِّيَّتَنا الَّتي نَحنُ علَيها في المَسيحِ يسوعَ فيَستَعبِدونا، ٥ولَم نُذعِنْ لَهم خاضِعينَ ولَو حِينًا لِتَبْقى لَكم حَقيقةُ البِشارة. ٦أَمَّا الأَعْيان – ولا يَهُمُّني ما كانَ شَأنُهم: إِنَّ اللهَ لا يُحابي أَحدًا مِنَ النَّاس – فإِنَّ الأَعْيانَ لم يَفرِضوا عَليَّ شَيئًا آخَر، ٧بل رأَوا أَنَّه عُهِدَ إِلَيَّ في تَبْشيرِ القُلْفِ كما عُهِدَ إِلى بُطرُسَ في تَبْشيرِ المَختونين، ٨لِأَنَّ الَّذي أَيَّدَ بُطرُسَ لِلرِّسالَةِ لَدى المَختونين أَيَّدَني أَنا أَيضًا في أَمرِ الوَثَنِيِّين. ٩ولَمَّا عَرَف يَعْقوبُ وصَخْرُ ويُوحَنَّا، وهُم يُحسَبون أَعمِدَةَ الكَنيسة، ما وُهِبَ لي مِن نِعمَة، مَدُّوا إِلَيَّ وإِلى بَرنابا يُمنى المُشاركة، فنَذهَبُ نَحنُ إِلى الوَثَنِيِّين وهم إِلى المَخْتونين، ١٠بِشَرطٍ واحِدٍ وهو أَن نَتَذَكَّرَ الفُقَراء، وهٰذا ما ٱجتَهَدتُ أَن أَقومَ بِه.

بطرس وبولس في أنطاكية

١١ولٰكِن، لَمَّا قَدِمَ صَخْرٌ إِلى أَنطاكِيَة، قاوَمتُه وَجْهًا لِوَجْهٍ لأَنَّه كان يَستَوجِبُ اللَّوم: ١٢ذٰلِكَ أَنَّه، قَبْلَ أَن يَقدَمَ قَومٌ مِن عِندِ يَعْقوب، كان يُؤاكِلُ الوَثَنِيِّين. فلَمَّا قَدِموا أَخَذَ يَتَوارى ويتَنحَّى خَوفًا مِن أَهْلِ الخِتان، ١٣فجاراه سائِرُ اليَهودِ في رِيائِه، حتَّى إِنَّ بَرنابا ٱنقادَ هو أَيضًا إِلى ريائِهِم. ١٤فلَمَّا رأَيتُ أَنَّهم لا يَسيرونَ سِيرةً قَويمة كما تَقْضي حَقيقةُ البِشارة، قُلتُ لِصَخْرٍ أَمامَ جَميعِ الإِخوَة: «إِذا كُنتَ أَنتَ اليَهودِيُّ تَعيشُ عيشَةَ الوَثَنِيِّينَ لا عيشةَ اليَهود، فكَيفَ تُلزِمُ الوَثَنِيِّينَ أَن يَسيروا سيرةَ اليَهود؟».

بشارة بولس

١٥نَحنُ يَهودٌ بِالوِلادَة ولَسْنا مِنَ الوَثَنِيِّينَ الخاطِئِين، ١٦ومع ذٰلِك فنَحنُ نَعلَمُ أَنَّ الإِنسانَ لا يُبَرَّرُ بِالعَمَلِ بِأَحْكامِ الشَّريعة، بل بِالإِيمانِ بِيَسوعَ المسيح. ونَحنُ أَيضًا آمَنَّا بِالمَسيحِ يسوع لِكَي نُبَرَّر بالإِيمانِ بِالمسيح، لا بِالعَمَلِ بِأَحْكامِ الشَّريعة، فإِنَّه لا يُبَرَّرُ أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ بِالعَمَلِ بِأَحْكامِ الشَّريعة. ١٧فإِذا كُنَّا نَطلُبُ أَن نُبَرَّرَ في المَسيح، ووُجِدْنا نَحنُ أَيضًا خاطِئين، أَفيَكونُ المسيحُ خادِمًا لِلخَطيئَة؟ حاشَ لَه! ١٨فإِنِّي، إِذا عُدتُ إِلى بِناءِ ما هَدَمتُه، أَثبَتُّ على نَفْسي أَنِّي عاصٍ، ١٩لِأَنِّي بِالشَّريعَةِ مُتُّ عَنِ الشَّريعةِ لِأَحْيا للهِ، وقد صُلِبتُ مع المسيح. ٢٠فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذٰلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ. وإِذا كُنتُ أَحْيا الآنَ حَياةً بَشَرِيَّة، فإِنِّي أَحْياها في الإِيمانِ بِٱبنِ اللهِ الَّذي أَحبَّني وجادَ بِنَفْسِه مِن أَجْلي. ٢١فلا أُبطِلُ نِعمَةَ الله. فإِذا كانَ البِرُّ يُنالُ بِالشَّريعة، فالمَسيحُ إِذًا قد ماتَ سُدًى.

غلاطية ٣

البرّ بالإيمان

١يا أَهْلَ غَلاطِيَة الأَغْبِياء، مَنِ الَّذي فَتَنَكُم، أَنتُمُ الَّذينَ عُرِضَت أَمامَ أَعيُنِهم صُورَةُ يَسوعَ المسيحِ المَصْلوب؟ ٢أُريدُ أَن أَعلَم مِنكُم أَمرًا واحِدًا: أَمِنَ العَمَلِ بِأَحْكامِ الشَّريعةِ نِلتُمُ الرُّوح، أَم لِأَنَّكم سَمِعتُم بِشارَةَ الإِيمان؟ ٣أَبَلَغَت بِكُمُ الغَباوةُ إِلى هٰذا الحَدّ؟ أَفَيَنتَهي بِكُمُ الأَمرُ إِلى الجَسَد، بَعدَما ٱبتَدَأتُم بِالرُّوح؟ ٤أَكانَ عَبَثًا كُلُّ ما ٱختَبَرتُم، إِذا صَحَّ أَنَّه كانَ عَبَثًا! ٥أَتُرى أَنَّ الَّذي يَهَبُ لَكُمُ الرُّوح ويُجْري المُعجِزاتِ بَينَكم يَفعَلُ ذٰلِكَ لِأَنَّكُم تَعمَلونَ بِأَحْكامِ الشَّريعة، أَم لِأَنَّكم سَمِعتُم بِشارَةَ الإِيمان؟

٦هٰكذا «آمَنَ إِبراهيمُ بِالله، فحُسِبَ لَه ذٰلِكَ بِرًّا». ٧فٱعلَموا إِذًا أَنَّ أَبْناءَ إِبراهيمَ إِنَّما هم أَهْلُ الإِيمان. ٨ورأَى الكِتابُ مِن قَبلُ أَنَّ اللهَ سيُبَرِّرُ الوَثَنِيِّينَ بِالإِيمان فبَشَّرَ إِبراهيمَ مِن قَبْلُ قالَ لَه: «تُبارَكُ فيكَ جَميعُ الأُمَم». ٩لِذٰلِك فالمُبارَكونَ مع إِبراهيمَ المُؤمِنِ إِنَّما هم أَهْلُ الإِيمان.

الشريعة مصدر اللعنة

١٠فإِنَّ أَهْلَ العَمَلِ بِأَحْكامِ الشَّريعةِ هم جَميعًا في حُكمِ اللَّعنَة، فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «مَلْعونٌ مَن لا يُثابِرُ على العَمَلِ بِجَميعِ ما كُتِبَ في سِفْرِ الشَّريعة». ١١أَمَّا أَنَّ الشَّريعَةَ لا تُبَرِّرُ أَحَدًا عِندَ الله فذاك أَمْرٌ واضِح، لِأَنَّ «البارَّ بِالإِيمانِ يَحْيا»، ١٢على حِينِ أَنَّ الشَّريعةَ لَيسَت مِنَ الإِيمان، بل «مَن عَمِلَ بِهٰذِه الأَحكامِ يَحْيا بِها». ١٣إِنَّ المسيحَ ٱفتَدانا مِن لَعنَةِ الشَّريعة إِذ صارَ لَعنَةً لِأَجْلِنا، فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «مَلْعونٌ مَن عُلِّقَ على الخَشَبَة». ١٤ذٰلِك كَيما تَصيرَ بَرَكَةُ إِبراهيمَ إِلى الوَثَنِيِّينَ في المسيحِ يسوعَ فنَنالَ بِالإِيمانِ الرُّوحَ المَوعودَ بِه.

الشريعة لم تُبطل وعد الله

١٥أَيُّها الإِخوَة، إِنِّي أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ العُرفِ البَشَرِيّ: إِنَّ وَصِيَّةً صَحيحةً أَثبَتَها إِنسانٌ لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يُبطِلَها أَو يَزيدَ علَيها. ١٦فمَواعِدُ اللهِ قد وُجِّهَت إِلى إِبراهيمَ «وإِلى نَسْلِه»، ولَم يَقُلْ: «وإِلى أَنْسالِه» كما لو كانَ الكلامُ على كثيرين، بل هُناكَ نَسلٌ واحد: «وإِلى نَسْلِكَ»، أَيِ المسيح. ١٧فأَقول: إِنَّ وَصِيَّةً أَثبَتَها اللهُ فيما مَضى لا تَنقُضُها شَريعةٌ جاءَت بَعدَ أَرْبَعِمائَةٍ وثَلاثينَ سَنَة فتُبطِلُ المَوعِد. ١٨فإِذا كانَ المِيراثُ يُحصَلُ علَيه بِالشَّريعةِ فإِنَّه لا يُحصَلُ علَيه بِالوَعْد. أَمَّا إِبراهيمُ فبِموجِبِ وَعْدٍ أَنعَمَ اللهُ علَيه.

غاية الشريعة

١٩فما شأنُ الشَّريعةِ إِذًا؟ إِنَّها أُضيفَت بِداعي المَعاصي إلى أَن يَأتِيَ النَّسْلُ الَّذي جُعِلَ لَه المَوعِد. أَعلَنَها المَلائِكَةُ عن يَدِ وَسيط، ٢٠ولا وَسيطَ لِواحِد، واللهُ واحِد. ٢١أَفتُخالِفُ الشَّريعةُ مَواعِدَ الله؟ حاشَ لَها! لِأَنَّه لو أُعطِيَت شَريعةٌ بِوُسعِها أَن تُحيِي، لَصَحَّ أَنَّ البِرَّ يُحصَلُ علَيه بِالشَّريعة. ٢٢ولٰكِنَّ الكِتابَ أَغلَقَ على كُلِّ شَيء وجَعَلَه في حُكْمِ الخَطيئَةِ لِيَتِمَّ الوَعْدُ لِلمُؤمِنينَ لإِيمانِهِم بِيَسوعَ المسيح.

مجيء الإيمان

٢٣فقَبْلَ أَن يَأتِيَ الإِيمان، كُنَّا بِحِراسَةِ الشَّريعةِ مُغلَقًا علَينا مِن أَجلِ الإِيمانِ المُنتَظَرِ تَجَلِّيه. ٢٤فصارَتِ الشَّريعَةُ لَنا حارِسًا يَقودُنا إِلى المَسيحِ لِنُبَرَّرَ بِالإِيمان. ٢٥فلَمَّا جاءَ الإِيمان، لم نَبْقَ في حُكمِ الحارِس، ٢٦لِأَنَّكم جَميعًا أَبناءُ اللهِ بِالإِيمانِ بِالمسيحِ يسوع، ٢٧فإِنَّكم جَميعًا، وقَدِ ٱعتَمَدتُم في المسيح، قد لَبِستُمُ المسيح: ٢٨فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لِأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع. ٢٩فإِذا كُنتُم لِلمسيح فأَنتُم إِذًا نَسْلُ إِبراهيم وأَنتُمُ الوَرَثَةُ وَفقًا لِلوَعْد.

غلاطية ٤

التبنّي الإلهيّ

١فأَقولُ إِنَّ الوارِثَ، ما دامَ قاصِرًا، فلا فَرْقَ بَينَه وبَينَ العَبْد، مع أَنَّه صاحِبُ المالِ كُلِّه، ٢لٰكِنَّه في حُكْمِ الأَوصِياءِ والوُكَلاءِ إِلى الأَجَلِ الَّذي حَدَّده أَبوه. ٣وهٰكذا كانَ شَأنُنا: فحِينَ كُنَّا قاصِرين، كُنَّا في حُكْمِ أَرْكانِ العالَمِ عَبيدًا لَها. ٤فلَمَّا تَمَّ الزَّمان، أَرسَلَ اللهُ ٱبنَه مَولودًا لِٱمرَأَةٍ، مَولودًا في حُكْمِ الشَّريعة ٥لِيَفتَدِيَ الَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعة، فنَحْظى بِالتَّبَنِّي. ٦والدَّليلُ على كَونِكُم أَبناءً أَنَّ اللهَ أَرسَلَ رُوحَ ٱبنِه إِلى قُلوبِنا، الرُّوحَ الَّذي يُنادي: «يا أَبَتِ». ٧فلَستَ بَعدُ عَبْدًا، بلِ ٱبنٌ، وإِذا كُنتَ ٱبنًا فأَنتَ وارِثٌ بِفَضْلِ الله.

٨لَمَّا كُنتُم فيما مَضى لا تَعرِفونَ الله، كُنتُم عَبيدًا لِآلِهَةٍ لَيسَت بِآلِهَةٍ حَقًّا. ٩أَمَّا الآن، وقَد عَرَفتُمُ الله، بل عَرَفَكُم الله، فكَيفَ تَعودونَ مَرَّةً أُخْرى إِلى تِلكَ الأَرْكانِ الضَّعيفةِ الحَقيرة وتُريدونَ أَن تَعودوا عَبيدًا لَها مَرَّةً أُخْرى؟ ١٠تُراعونَ الأَيَّامَ والشُّهورَ والفُصولَ والسِّنين. ١١إِنِّي أَخْشى علَيكم أَن أَكونَ قد أَجهَدتُ نَفْسي عَبَثًا مِن أَجْلِكم.

ذكريات

١٢أُناشِدُكم، صيروا مِثْلي، فقد صِرتُ مِثْلَكم، أَيُّها الإِخوَة. لَم تَظْلِموني شَيئًا. ١٣تَعلَمونَ أَنِّي لِمَرَضٍ في جِسْمي بَشَّرتُكم أَوَّل مَرَّة، ١٤وكُنتُ لَكم مِحنَةً بِجِسْمي، فلَم تَزدَروني ولَم تَشمَئِزُّوا مِنِّي، بل قَبِلتُموني قَبولَكم لِمَلاكِ الله، قَبولَكم لِلمَسيحِ يسوع. ١٥فأَينَ ذاكُمُ الِٱغتِباط؟ إِنِّي أَشهَدُ أَنَّكم، لو أَمكَنَ الأَمْر، لَكُنتُم تَقتَلِعونَ عُيونَكم وتُعطوني إِيَّاها. ١٦فهَل صِرتُ عَدُوًّا لَكم لِأَنِّي قُلتُ لَكمُ الحَقّ؟ ١٧إِنَّهم يَتَوَدَّدونَ إِلَيكُم لِغايَةٍ غَيرِ حَسَنَة، لا بل يُريدونَ أَن يَفصِلوكم عَنَّا لِيَنالوا وُدَّكم. ١٨يَحسُنُ التَّوَدُّدُ إِلَيكم لِغايَةٍ حَسَنَةٍ في كُلِّ حين، لا عِندَ حُضوري بَينَكم فقَط. ١٩يا بَنِيَّ، أَنتُمُ الَّذينَ أَتَمَخَّضُ بِهم مَرَّةً أُخْرى حتَّى يُصَوَّرَ فيهِمِ المسيح، ٢٠أَوَدُّ لو كُنتُ الآنَ عِندَكم فَأُغَيِّرَ لَهجَتي، لِأَنِّي تَحَيَّرتُ في أَمرِكم.

العهدان: هاجر وسارة

٢١قولوا لي، أَنتُمُ الَّذينَ يُريدونَ أَن يَكونوا في حُكْمِ الشَّريعة: أَما تَسمَعونَ الشَّريعة؟ ٢٢فقَد وَرَدَ في الكِتابِ أَنَّ إِبراهيمَ رُزِقَ ٱبنَين أَحَدُهُما مِنَ الأَمَة والآخَرُ مِنَ الحُرَّة: ٢٣أَمَّا الَّذي مِنَ الأَمَة فقَد وُلِدَ بِحُكمِ الجَسَد، وأَمَّا الَّذي مِنَ الحُرَّة فقَد وُلِدَ بِفَضْلِ المَوعِد. ٢٤وفي ذٰلِكَ رَمْز، لِأَنَّ هاتَينِ المَرأَتَينِ هُما العَهْدان: أَحَدُهُما مِن طُورِ سِيناء يَلِدُ لِلعُبودِيَّة وهو هاجَر ٢٥(لِأَنَّ سِيناءَ جَبَلٌ في دِيارِ العَرَب) وهاجَرُ تُقابِلُ أُورَشَليمَ هٰذا الدَّهْر، فهي في العُبودِيَّةِ مع أَولادِها. ٢٦أَمَّا أُورَشَليمُ العُلْيا فحُرَّةٌ وهي أُمُّنا، ٢٧فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِفرَحي أَيَّتُها العاقِرُ الَّتي لم تَلِد، اِهتِفي وٱرفَعي الصَّوتَ أَيَّتُها الَّتي لم تَتَمَخَّض: إِنَّ أَولادَ المَهْجورَةِ أَكثَرُ عَدَدًا مِن أَولادِ ذاتِ البَعْل». ٢٨فأَنتُم، أَيُّها الإِخوَة، أَولادُ المَوعِدِ على مِثالِ إِسْحٰق. ٢٩وكَما كانَ المَولودُ بِحُكْمِ الجَسَدِ يَضطَهِدُ المَولودَ بِحُكْمِ الرُّوحِ في ذٰلِك الحين، فمِثْلُ هٰذا يَجْري اليَوم. ٣٠ولٰكِن ماذا يَقولُ الكِتاب؟ يَقول: «أُطْرُدِ الأَمَةَ وٱبنَها، فإِنَّ ٱبنَ الأَمَةِ لن يَرِثَ مع ٱبنِ الحُرَّة». ٣١فلَسْنا نَحْنُ إِذًا، أَيُّها الإِخوَة، أَولادَ الأَمَة، بل أَولادُ الحُرَّة.

غلاطية ٥   

الحرّيّة المسيحيّة

١إِنَّ المسيحَ قد حَرَّرَنا تَحْريرًا. فٱثبُتوا إِذًا ولا تَدَعوا أَحَدًا يَعودُ بِكُم إِلى نِيرِ العُبودِيَّة. ٢فَهاءَنَذا بولُسُ أَقولُ لَكم: إِذا ٱختَتَنتُم، فلَن يُفيدَكُمُ المسيحُ شَيئًا. ٣وأَشهَدُ مَرَّةً أُخْرى لِكُلِّ مُختَتِنٍ بِأَنَّه مُلزَمٌ أَن يَعمَلَ بِالشَّريعةِ جَمْعاء. ٤لَقَدِ ٱنقَطَعتُم عنِ المسيح، أَنتُمُ الَّذينَ يَلتَمِسونَ البِرَّ مِنَ الشَّريعة، وسَقَطتُم عنِ النِّعمَة. ٥فنَحنُ بِالرُّوحِ نَنتَظِرُ ما نَرجوهُ مِنَ البِرِّ الآتي مِنَ الإِيمان. ٦ففي المسيحِ يسوعَ لا قِيمَةَ لِلخِتانِ ولا لِلقَلَف، وإِنَّما القِيمةُ لِلإِيمانِ العامِلِ بِالمَحَبَّة.

٧ما أَحسَنَ ما كانَ جَريُكُم! فمَنِ الَّذي حالَ دونَ إِذْعانِكم لِلحَقّ؟ ٨لَيسَ ما ٱقتَنَعتُم بِه مِنَ الَّذي يَدْعوكم. ٩قَليلٌ مِنَ الخَميرِ يُخَمِّرُ العَجينَ كُلَّه. ١٠وإِنِّي لَواثِقٌ بِالرَّبِّ في شأنِكم أَنَّكم لن تَرَوا رأيًا آخَر. أَمَّا الَّذي يُلْقي البَلبَلَةَ بَينَكم فسيَتَحَمَّلُ عِقابَه، أَيًّا كان. ١١وأَنا، أَيُّها الإِخوَة، إِذا كُنتُ إِلى اليَومِ أَدْعو إِلى الخِتان، فَلِمَ أُضطَهَدُ إِلى اليَوم؟ فَلَقَد زالَ العِثارُ الَّذي في الصَّليب! ١٢لَيتَ الَّذينَ يُثيرونَ الِٱضطِرابَ بَينَكم يَجُبُّونَ أَنْفُسَهم!

الحرّيّة والمحبّة

١٣إِنَّكم، أَيُّها الإِخوَة، قد دُعيتُم إِلى الحُرِّيَّة، بِشَرطٍ واحِدٍ وهو أَن لا تَجعَلوا هٰذِهِ الحُرِّيَّةَ فُرصَةً لِلجَسَد، بل بِفَضلِ المَحَبَّةِ ٱخدِموا بَعضُكم بَعضًا، ١٤لِأَنَّ تَمامَ الشَّريعةِ كُلِّها في هٰذِهِ الكَلِمَةِ الواحِدة: «أَحبِبْ قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ». ١٥فإِذا كُنتُم تَنهَشونَ وتَأكُلونَ بَعضُكم بَعضًا، فٱحذَروا أَن يُفنِيَ بَعضُكم بَعضًا.

١٦وأَقول: أُسلُكوا سَبيلَ الرُّوح فَلا تَقْضوا شَهوَةَ الجَسَد، ١٧لِأَنَّ الجَسَدَ يَشتَهي ما يُخالِفُ الرُّوح، والرُّوحَ يَشتَهي ما يُخالِفُ الجَسَد: كِلاهُما يُقاوِمُ الآخَرَ حتَّى إِنَّكم تَعمَلونَ ما لا تُريدون. ١٨ولٰكن إِذا كانَ الرُّوحُ يَقودُكم، فلَستُم في حُكْمِ الشَّريعة. ١٩وأَمَّا أَعمالُ الجَسَد فإِنَّها ظاهِرَة، وهي الزِّنى والدَّعارةُ والفُجور ٢٠وعِبادةُ الأَوثانِ والسِّحرُ والعَداواتُ والخِصامُ والحَسَدُ والسُّخْطُ والمُنازَعاتُ والشِّقاقُ والتَّشيُّع ٢١والحَسَدُ والسُّكْرُ والقَصْفُ وما أَشبَه. وأُنَبِّهُكم، كما نَبَّهتُكم مِن قَبْلُ، على أَنَّ الَّذينَ يَعمَلونَ مِثلَ هٰذِه الأَعمال لا يَرِثونَ مَلَكوتَ الله. ٢٢أَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فهو المَحَبَّةُ والفَرَحُ والسَّلامُ والصَّبرُ واللُّطْفُ وكَرَمُ الأَخْلاقِ والإِيمانُ ٢٣والوَداعةُ والعَفاف. وهٰذهِ الأَشياءُ ما مِن شَريعةٍ تَتَعرَّضُ لَها. ٢٤إِنَّ الَّذينَ هم لِلمَسيحِ يَسوعَ قد صَلَبوا الجَسَدَ وما فيهِ مِن أَهْواءٍ وشَهَوات.

٢٥فإِذا كُنَّا نَحْيا حَياةَ الرُّوح، فلْنَسِرْ أَيضًا سيرَةَ الرُّوح: ٢٦لا نُعجَبْ بِأَنْفُسِنا ولا يَتحَدَّ ولا يَحْسُدْ بَعضُنا بَعضًا.

غلاطية ٦

وصايا مختلفة في المحبّة والحميّة

١أَيُّها الإِخوَة، إِن وَقَعَ أَحَدٌ في فَخِّ الخَطيئَة، فأَصلِحوه أَنتُمُ الرُّوحِيِّينَ بِروحِ الوَداعة. وحَذارِ أَنتَ مِن نَفْسِكَ لِئَلَّا تُجَرَّبَ أَنتَ أَيضًا. ٢لِيَحمِلْ بَعضُكم أَثْقالَ بَعض وأَتِمُّوا هٰكذا العَمَلَ بِشَريعةِ المسيح. ٣فإِن ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّه شَيءٌ، مع أَنَّه لَيسَ بِشَيء، فقَد خَدَعَ نَفْسَه. ٤فلْيَنظُرْ كُلُّ واحِدٍ في عَمَلِه هو، فيَكونَ ٱفتِخارُه حينَئذٍ بما يَخُصُّه مِن أَعْمالِه فحَسْبُ، لا بِالنَّظَرِ إِلى أَعمالِ غَيرِه، ٥فإِنَّ كُلَّ واحِدٍ يَحمِلُ حِمْلَه. ٦فَلْيُشرِكْ مَن يتَعَلَّمُ كَلِمَةَ اللهِ مُعَلِّمَه في جَميعِ خَيراتِه. ٧لا تَضِلُّوا فإِنَّ اللهَ لا يُسخَرُ مِنه، وإِنَّما يَحصُدُ الإِنسانُ ما يَزرَعُ. ٨فمَن زَرَعَ لِجَسَدِه حَصَدَ مِنَ الجَسَدِ الفَساد، ومَن زَرَعَ لِلرُّوحِ حَصَدَ مِنَ الرُّوحِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة. ٩فَلْنَعْمَلِ الخَيرَ ولا نَمَلَّ، فنَحصُدَ في الأَوانِ إِن لم نَكِلّ. ١٠فما دامَت لَنا الفُرْصَةُ إِذًا، فَلْنَصنَعِ الخَيرَ إِلى جَميعِ النَّاس ولا سِيَّما إِلى إِخوَتِنا في الإِيمان.

الخاتمة

١١أُنظُروا ما أَكبَرَ الحُروفَ الَّتي أَخُطُّها لَكم بِيَدي. ١٢إِنَّ أُولٰئِكَ الَّذينَ يُريدونَ تَبْييضَ وُجوهِهم في الأُمورِ البَشَرِيَّة همُ الَّذينَ يُلزِمونَكمُ الخِتان، وما ذاكَ إِلَّا لِيَأمَنوا الِٱضْطِهادَ في سَبيلِ صَليبِ المسيح، ١٣فإِنَّ المُختَتِنينَ أَنفُسَهم لا يَحفَظونَ الشَّريعة، ولٰكِنَّهم يُريدونَ أَن تَختَتِنوا لِيُفاخِروا بِجَسَدِكم. ١٤أَمَّا أَنا فمَعاذَ اللهِ أَن أفتَخِرَ إِلَّا بِصَليبِ رَبِّنا يسوعَ المسيح! وفيه أَصبَحَ العالَمُ مَصْلوبًا عِنْدي، وأَصبَحتُ أَنا مَصْلوبًا عِندَ العالَم. ١٥فما الخِتانُ بِشَيءٍ ولا القَلَفُ بِشَيء، بلِ الشَّيءُ هو الخَلْقُ الجَديد. ١٦والسَّلامُ والرَّحمَةُ على الَّذينَ يَسيرونَ على هٰذِهِ الطَّريقَة وعلى إِسْرائيلِ الله.

١٧فلا يُنغِّصَنَّ أَحَدٌ عَيْشيَ بَعدَ اليَوم، فإِنِّي أَحمِلُ في جَسَدي سِماتِ يسوع. ١٨فعَلى رُوحِكم، أَيُّها الإِخوَة، نِعمَةُ رَبِّنا يسوعَ المسيح. آمين.