الرسالة إلى العبرانيّين
العبرانيّين ١
العبرانيّين ٧
العبرانيّين ١٣
العبرانيّين ٢
العبرانيّين ٨
العبرانيّين ٣
العبرانيّين ٩
العبرانيّين ٤
العبرانيّين ١٠
العبرانيّين ٥
العبرانيّين ١١
العبرانيّين ٦
العبرانيّن ١٢
العبرانيّين ١
العبرانيّين ٢
العبرانيّين ٣
العبرانيّين ٤
العبرانيّين ٥
العبرانيّين ٦
العبرانيّين ٧
العبرانيّين ٨
العبرانيّين ٩
العبرانيّين ١٠
العبرانيّين ١١
العبرانيّن ١٢
العبرانيّين ١٣
الرسالة إلى العبرانيّين
مدخل
إنّ الرسالة إلى العبرانيّين قد تحيّر قارئ عصرنا، فإنّه يشعر، وهو يطالعها، بالإعجاب تارة، وبالاستغراب تارةً أخرى. يعجب بما يلقاه من الكثافة التعليميّة، وإلّا يُغال في الكشف عن الإنسان في عدّة فقرات. إستعمل الكاتب عِبارات لا مثيل لها لإعلان سموّ المسيح، وعرف في الوقت نفسه كيف يُعَبِّر تعبيرًا للواقع عن التضامن الوثيق إلى أبعد حدّ، وهو يجمع بين يسوع وإخوته. يظهر في كلّ سطر طول باع الكاتب في مَعرفة العهد القديم، ويكمن حبّه الكنيسةَ في كلّ إرشاد من إرشاداته.
غير أنّ هناك أمورًا تدعو إلى الاستغراب؛ فالكاتب يفيض في ذكر الطقوس القديمة وذبائح الحيوانات، ويُظهر مرونة فكريّة كبيرة في تفسير رمزيّ للنصوص والأحداث، ولإيحاء صلات أمور الأرض والأمثلة العليا التي في السماء، وبين الأحداث التاريخيّة والأزل الإلٰهيّ. فكثير من القرّاء يشعرون عندئذٍ بأنّهم يتعثّرون، فإذا حاولوا، لامتلاك زمام أمرهم، البحث في النصّ بزيادة من الدقّة، زادَ سحر الإنشاء في متاعبهم.
إنّ مصدر هذا المؤلَّف موضع أسئلة متشعّبة أثارت، منذ العصور الأولى، مجادلات وشكوكًا أُوقظت بعدئذٍ في عهد الإصلاح: من أين أتت هذه الرسالة؟ أتُمكن إِناطتها باسم الرسول بولس أم لا؟ لماذا لا تشبه إلَّا قليلًا جدًّا رسائل بولس الكبيرة؟ إلى مَن وُجِّهت وما الذي دعا إليها؟ أتُراها رسالة حقًّا؟
يجب البحث عن كثب في هذه المسائل قبل إحصاء سريع لكنوز هذا المؤلَّف الجذّاب.
العبرانيّين ١
عظمة ابن الله المتجسّد
١إِنَّ اللهَ، بَعدَما كَلَّمَ الآباءَ قَديمًا بِالأَنبِياءِ مَرَّاتٍ كَثيرةً بِوُجوهٍ كَثيرة، ٢كَلَّمَنا في آخِرِ الأَيَّامِ هٰذِه بِٱبْنٍ جَعَلَه وارِثًا لِكُلِّ شَيء وبِه أَنشَأَ العالَمِين. ٣هو شُعاعُ مَجْدِه وصُورةُ جَوهَرِه، يَحفَظُ كُلَّ شَيءٍ بِقُوَّةِ كَلِمَتِه. وبَعدَما قامَ بِالتَّطْهيرِ مِنَ الخَطايا، جَلَسَ عن يَمينِ ذي الجَلالِ في العُلَى، ٤فكانَ أَعظَمَ مِنَ المَلائِكَةِ بِمِقْدارِ ما لِلٱسمِ الَّذي وَرِثَه مِن فَضْلٍ على أَسْمائِهِم.
برهان الكتاب المقدّس
٥فلِمَن مِنَ المَلائِكَةِ قالَ اللهُ يَومًا: «أَنتَ ٱبنِي وأَنا اليَومَ وَلَدتُكَ؟» وقالَ أَيضًا: «إِنِّي سَأَكونُ لَه أَبًا وهو يَكونُ لِيَ ٱبنًا؟». ٦ويقولُ عِندَ إِدخالِ البِكْرِ إِلى العالَم: «ولْتَسجُدْ لَه جَميعُ مَلائِكَةِ الله». ٧وفي المَلائِكَةِ يَقول: «جَعَلَ مِن مَلائِكَتِه أَرْواحًا ومِن خَدَمِه لَهيبَ نار»، ٨وفي الِٱبْنِ يقول: «إِنَّ عَرْشَكَ أَللَّهُمَّ لِأَبَدِ الدُّهور، وصَولَجانَ الِٱستِقامَةِ صَولَجانُ مُلْكِكَ. ٩أَحبَبتَ البِرَّ وأَبغَضتَ الإِثْم، لِذٰلِك أَللَّهُمَّ مَسَحَكَ إِلٰهُكَ بِزَيتِ الِٱبتِهاجِ دونَ أَصْحابِكَ». ١٠وقالَ أَيضًا: «رَبِّ، أَنتَ في البَدءِ أَسَّستَ الأَرضَ، والسَّمَواتُ صُنْعُ يَدَيك، ١١هي تَزولُ وأَنتَ تَبْقى، وكُلُّها كالثَّوبِ تَبْلى، ١٢وطَيَّ الرِّداءِ تَطْويها وكالثَّوبِ تَتَبدَّل، وأَنتَ أَنتَ وسِنوكَ لا تَنتَهي». ١٣فلِمَن مِنَ المَلائِكَةِ قالَ اللهُ يَومًا: «إِجلِسْ عن يَميني حَتَّى أَجعَلَ أَعداءَكَ مَوطِئًا لِقَدَمَيكَ؟» ١٤أَما هُم كُلُّهم أَرواحٌ مُكَلَّفونَ بِالخِدْمَة، يُرسَلونَ مِن أَجْلِ الَّذينَ سَيَرِثونَ الخلاص؟
العبرانيّين ٢
عظة
١لِذٰلِك يَجِبُ أَن نَزْدادَ ٱهتِمامًا بِما سَمِعْناه، مَخافَةَ أَن نَتيهَ عنِ الطَّريق. ٢فإِذا كانَ الكَلامُ الَّذي أُعلِنَ على لِسانِ المَلائِكَةِ قد أُثبِتَ فنالَت كُلُّ مَعصِيَةٍ ومُخالَفَةٍ جَزاءً عادِلًا، ٣فكَيْفَ نَنْجو نَحنُ إِذا أَهمَلْنا مِثْلَ هٰذا الخَلاصِ الَّذي شُرِعَ في إِعْلانِه على لِسانِ الرَّبّ، وأَثبَتَه لَنا أُولٰئِكَ الَّذينَ سَمِعوه، ٤وأَيَّدَته شهادةُ اللهِ بِآياتٍ وأَعاجيبَ ومُعجِزاتٍ مُختَلِفَة وبِما يُوَزِّعُ الرُّوحُ القُدُسُ مِن مَواهِبَ كَما يَشاء.
الفداء من عمل المسيح لا من عمل الملائكة
٥فإِنَّه لم يُخضِعْ لِلمَلائِكَةِ العالَمَ المُقبِلَ الَّذي علَيه نَتَكَلَّم، ٦فقَد شَهِدَ بَعضُهم في مَكانٍ مِنَ الكِتابِ قال: «ما الإِنسانُ فتَذكُرَه؟ وما ٱبنُ الإِنسانِ فتَنظُرَ إِلَيه؟ ٧حَطَطتَه قَليلًا دونَ المَلائِكَة وكَلَّلْتَه بِالمَجْدِ والكَرامَة ٨وأَخضَعتَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قَدَمَيه». فإِذا «أَخضَعَ لَه كُلَّ شَيء»، فإِنَّه لم يَدَعْ شَيئًا غَيرَ خاضِعٍ لَه. على أَنَّنا لا نَرى الآنَ كُلَّ شَيءٍ مُخضَعًا لَه، ٩ولٰكِنَّ ذَاكَ الَّذي «حُطَّ قَليلًا دونَ المَلائِكَة»، أَعْني يسوع، نُشاهِدُه مُكَلَّلًا بِالمَجْدِ والكَرامةِ لِأَنَّه عانى المَوت، وهٰكذا بِنِعمَةِ اللهِ ذاقَ المَوتَ مِن أَجْلِ كُلِّ إِنسان.
١٠فذاكَ الَّذي مِن أَجْلِه كُلُّ شَيءٍ وبِه كُلُّ شَيء، وقَد أَرادَ أَن يَقودَ إِلى المَجْدِ كَثيرًا مِنَ الأَبناء، كانَ يَحسُنُ بِه أَن يَجعَلَ مُبدِئَ خَلاصِهِم مُكَمَّلًا بِالآلام، ١١لِأَنَّ كُلًّا مِنَ المُقَدِّسِ والمُقَدَّسينَ لَه أَصْلٌ واحِد، ولِذٰلِكَ لا يَستَحْيِي أَن يَدعُوَهم إِخوَةً ١٢حَيثُ يَقول: «سأُبَشِّرُ بِٱسمِكَ إِخوَتي وفي وَسْطِ الجَماعَةِ أُسَبِّحُكَ». ١٣ويَقولُ أَيضًا: «سَأَجعَلُ ٱتِّكالي علَيه»، وأَيضًا: «هاءَنَذا والأَبناءُ الَّذينَ وَهَبَهُم لِيَ الله».
١٤فلَمَّا كانَ الأَبناءُ شُرَكاءَ في الدَّمِ واللَّحْم، شارَكَهُم هو أَيضًا فيهِما مُشاركةً تامّة لِيَكسِرَ بِمَوتِه شَوكَةَ ذاكَ الَّذي لَه القُدرَةُ على المَوت، أَي إِبليس، ١٥ويُحَرِّرَ الَّذينَ ظَلُّوا طَوالَ حَياتِهِم في العُبودِيَّةِ مَخافَةَ المَوت. ١٦فإِنَّه كما لا يَخْفى علَيكم، لم يَقُمْ لِنُصرَةِ المَلائِكَة، بل قامَ لِنُصرَةِ نَسْلِ إِبراهيم. ١٧فَحُقَّ علَيه أَن يَكونَ مُشابِهًا لإِخوَتِه في كُلِّ شَيء، لِيَكونَ عَظيمَ كَهَنَةٍ رَحيمًا مُؤتَمَنًا عِندَ الله، فيُكَفِّرَ خَطايا الشَّعب. ١٨ولِأَنَّه قَدِ ٱبتُلِيَ هو نَفسُه بِالآلام، فهو قادِرٌ على إِغاثَةِ المُبتَلين.
العبرانيّين ٣
المسيح يفوق موسى
١لِذٰلِك، أَيُّها الإِخوَةُ القِدِّيسونَ المُشتَرِكونَ في دَعْوَةٍ سَماوِيَّة، تَأَمَّلوا رَسولَ شَهادَتِنا وعَظيمَ كَهَنَتِها يسوع، ٢فهو مُؤتَمَنٌ لِلَّذي أَقامَه كَما «كانَ شَأنُ موسى في بَيتِه أَجمَع». ٣فإِنَّ المَجْدَ الَّذي كانَ أَهْلًا لَه يَفوقُ مَجدَ موسى بِمِقْدارِ ما لِباني البَيتِ مِن فَضْلٍ على البَيت. ٤فكُلُّ بَيتٍ لَه بانٍ، وباني كُلِّ شَيءٍ هو الله. ٥وقد «كانَ موسى مُؤتَمَنًا في بَيتِه أَجمَع» لِكَونِه قَيِّمًا يَشهَدُ على ما سَوف يُقال. ٦أَمَّا المسيح فهو مُؤتَمَنٌ على بَيتِه لِكَونِه ٱبنًا، ونَحنُ بَيتُه، إِنِ ٱحتَفَظْنا بِالثِّقَةِ وفَخْرِ الرَّجاء.
كيف الوصول إلى دار راحة الله
٧لِذٰلِك، كَما يَقولُ الرُّوحُ القُدُس: «اليَومَ، إِذا سَمِعتُم صَوتَه، ٨فلا تُقَسُّوا قُلوبَكم كَما حَدَثَ عِندَ السُّخْطِ يَومَ التَّجرِبَةِ في البَرِّيَّة، ٩حَيثُ جَرَّبَني آباؤُكم وٱختَبَروني فرَأَوا أَعمالي ١٠مُدَّةَ أَربَعينَ سَنَة. لِذٰلِك ٱستَشَطتُ غَضَبًا على ذاكَ الجيلِ وقُلْت: قُلوبُهم في الضَّلالِ أَبَدًا ولَم يَعرِفوا هم سُبُلي، ١١فأَقسَمتُ في غَضَبي أَن لن يَدخُلوا راحَتي».
١٢إِحذَروا، أَيُّها الإِخوَة، أَن يَكونَ لِأَحَدِكم قَلْبٌ شِرِّيرٌ تَرُدُّه قِلَّةُ إِيمانِه عنِ اللهِ الحَيّ. ١٣ولٰكِن لِيُشَدِّدْ بَعضُكم بَعضًا كُلَّ يَوم، ما دامَ إِعلانُ هٰذا اليَوم، لِئَلَّا يَقسُوَ أَحَدُكم بِخَديعَةٍ مِنَ الخَطيئَة. ١٤فقَد صِرْنا شُرَكاءَ المسيح، إِذا ٱحتَفَظْنا بِالثِّقَةِ الَّتي كُنَّا عَلَيها في البَدْء ثابِتَةً إِلى النِّهاية، فلا نَدَعُها تَتَزَعزَع، ١٥ما دامَ يُقال: «اليَومَ، إِذا سَمِعتُم صَوتَه، فلا تُقَسُّوا قُلوبَكم كما حَدَثَ عِندَ السُّخْط». ١٦فمَن همُ الَّذينَ أَسخَطوه بَعدَما سَمِعوه؟ أَما هُم جَميعُ الَّذينَ خَرَجوا مِن مِصْرَ عن يدِ موسى؟ ١٧فعَلى مَنِ «ٱستَشاطَ غَضَبًا أَربَعينَ سَنَة؟» أَلَيسَ على الَّذينَ خَطِئُوا فسَقَطَتْ جُثَثُهم في البَرِّيَّة؟ ١٨ولِمَن «أَقسَمَ أَن لن يَدخُلوا راحَتَه؟» أَلَيسَ لِلَّذينَ عَصَوه؟ ١٩ونَرى أَنَّهم لم يَستَطيعوا الدُّخولَ لِقِلَّةِ إِيمانِهم.
العبرانيّين ٤
١فَلْنَخْشَ إِذًا أَن يَثبُتَ على أَحَدِكُم أَنَّه مُتَأَخِّر، ما دامَ هُناكَ مَوعِدُ الدُّخولِ في راحَتِه. ٢فقَد بُشِّرْنا بِه نَحنُ أَيضًا كما بُشِّرَ بِه أُولٰئِكَ، ولٰكِنَّهم لم يَنتَفِعوا بالكَلِمَةِ الَّتي سَمِعوها، لِأَنَّهم لم يَتَّحِدوا في الإِيمانِ بِالَّذينَ كانوا يَسمَعون. ٣فإِنَّنا نَحنُ المُؤمِنينَ نَدخُلُ الرَّاحَة، على ما قال: «فأقسَمتُ في غَضَبي أَن لن يَدخُلوا راحَتي». أَجَل، إِنَّ أَعمالَه قد تَمَّت مُنْذُ إِنْشاءِ العالَم. ٤فقَد قالَ في مَكانٍ مِنَ الكِتابِ في شأنِ اليَومِ السَّابِع: «وٱستَراحَ اللهُ في اليَومِ السَّابِعِ مِن جَميعِ أَعمالِه». ٥وقالَ أَيضًا في المَكانِ نَفْسِه: «لن يَدخُلوا راحَتي». ٦ولَمَّا ثَبُتَ أَنَّ بَعضَهم يَدخُلونَها، والَّذينَ بُشِّروا بِها أَوَّلًا لَم يَدخُلوا بِسَبَبِ عِصْيانِهِم، ٧فإِنَّ اللهَ عادَ إِلى تَوقيتِ يَومٍ هو «اليَوم» في قَولِه بلِسانِ داوُد، بَعدَ زَمَنٍ طَويل، ما تَقَدَّمَ ذِكرُه: «اليَوم، إِذا سَمِعتُم صَوتَه، فلا تُقَسُّوا قُلوبَكم». ٨فلَو كانَ يَشوعُ قد أَراحَهم، لَما ذَكَرَ اللهُ بَعدَ ذٰلِك يَومًا آخَر. ٩فبَقِيَت إِذًا لِشَعْبِ اللهِ راحَةُ السَّبْت، ١٠لِأَنَّ مَن دَخَلَ راحَتَه يَستَريحُ هو أَيضًا مِن أَعمالِه كَما ٱستَراحَ اللهُ مِن أَعمالِه. ١١فلْنُبادِرْ إِلى الدُّخولِ في تِلكَ الرَّاحَةِ لِئَلَّا يَسقُطَ أَحَدٌ لِٱتِّباعِه هٰذا المِثالَ مِنَ العِصْيان.
كلام الله والمسيح الكاهن
١٢إِنَّ كَلامَ اللهِ حَيٌّ ناجِع، أَمْضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذي حَدَّين، يَنفُذُ إِلى ما بَينَ النَّفْسِ والرُّوحِ، وما بَينَ الأَوصالِ والمِخاخ، وبِوُسْعِه أَن يَحكُمَ على خَواطِرِ القَلْبِ وأَفكارِه، ١٣وما مِن خَلْقٍ يَخْفى علَيه، بل كُلُّ شَيءٍ عارٍ مَكْشوفٌ لِعَينَيه، ولَه يَجِبُ علَينا أَن نُؤَدِّيَ الحِساب.
١٤ولَمَّا كانَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ قدِ ٱجْتازَ السَّمَوات، وهو يسوعُ ٱبنُ الله، فلْنَتَمَسَّكْ بِشهادةِ الإِيمان. ١٥فلَيسَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ لا يَستَطيعُ أَن يَرثِيَ لِضُعفِنا: لَقَدِ ٱمتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة. ١٦فلْنَتَقَدَّمْ إِلى عَرْشِ النِّعمَة لِنَنالَ رَحمَةً ونَلْقى حُظْوَةً لِيَأتِيَنا الغَوثُ في حِينِه.
العبرانيّين ٥
يسوع عظيم كهنة شفيق
١فإِنَّ كُلَّ عظيمِ كَهَنَةٍ يُؤخَذُ مِن بَينِ النَّاس ويُقامُ مِن أَجلِ النَّاسِ في صِلَتِهم بِالله، لِيُقَرِّبَ قَرابينَ وذَبائِحَ كَفَّارَةً لِلخَطايا. ٢وبِوُسعِه أَن يَرْفُقَ بِالجُهَّالِ الضَّالِّين لِأَنَّه هو نَفْسُه مُتَسَربِلٌ بِالضُّعْف، ٣فعَلَيه مِن أَجْلِ ذٰلِك الضُّعْفِ أَن يُقَرِّبَ كَفَّارَةً لِخَطاياه كَما يُقَرِّبُ كَفَّارَةً لِخَطايا الشَّعْب. ٤وما مِن أَحَدٍ يَتَوَلَّى بِنَفْسِه هٰذا المَقام، بل مَن دَعاهُ اللهُ كَما دَعا هارون. ٥وكَذٰلِك المسيحُ لم يَنتَحِلِ المَجْدَ فيَجعَلَ نَفْسَه عَظيمَ كَهَنَة، بل تَلَقَّى هٰذا المَجْدَ مِنَ الَّذي قالَ لَه: «أَنتَ ٱبنِي وأَنا اليَومَ وَلدتُكَ». ٦وقالَ لَه في مَكانٍ آخَر: «أَنتَ كاهِنٌ لِلأَبَدِ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق». ٧وهو الَّذي في أَيَّامِ حَياتِه البَشَرِيَّة رَفَعَ الدُّعاءَ والِابتِهالَ بِصُراخٍ شَديدٍ ودُموعٍ ذَوارِفَ إِلى الَّذي بِوُسعِه أَن يُخَلِّصَه مِنَ المَوت، فٱستُجيبَ لِتَقْواه. ٨وتَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، وهو الِٱبن، بما عانى مِنَ الأَلَم. ٩ولَمَّا بُلِغَ بِه إِلى الكَمال، صارَ لِجَميعِ الَّذينَ يُطيعونَه سَبَبَ خَلاصٍ أَبَدِيّ، ١٠لِأَنَّ اللهَ أَعلَنَه عَظيمَ كَهَنَةٍ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق.
الحياة المسيحيّة واللاهوت
١١ولَنا في هٰذا المَوضوعِ كَلامٌ كَثير، صَعْبُ التَّفْسير، لِأَنَّكم كَسالى عنِ الإِصْغاءِ ١٢وكانَ علَيكم أَن تَستفيدوا مِنَ الزَّمَنِ فتُصبِحوا مُعَلِّمين، في حينِ أَنَّكم مُحتاجونَ إِلى مَن يُعَلِّمُكم أَوَّلِيَّاتِ أَقوالِ الله، مُحتاجونَ إِلى لَبَنٍ حَليب، لا إِلى طَعامٍ قَوِيّ. ١٣فَكُلُّ مَن كانَ طَعامُه اللَّبَنَ الحَليبَ لا تَكونُ لَه خِبرَةٌ بِكلِمَةِ البِرِّ لِأَنَّه طِفْل، ١٤في حينِ أَنَّ الطَّعامَ القَوِيَّ هو لِلرَّاشِدين، لِأُولٰئِكَ الَّذينَ بِالتَّدَرُّبِ رُوِّضَت بَصائِرُهم على التَّمْييزِ بَينَ الخَيرِ والشَّرّ.
العبرانيّين ٦
المؤلِّف يعرض غرضه
١فلْنَدَعْ مَبادِئَ التَّعْليمِ في المسيحِ ونَرتَفِعْ إِلى التَّعْليمِ الكامِل، دونَ أَن نَعودَ إِلى المَوادِّ الأَساسِيَّة كالتَّوبَةِ مِنَ الأَعمالِ المَيْتَة والإِيمانِ بِالله ٢وتَعْليمِ المَعْمودِيَّات ووَضْعِ الأَيدي وقِيامَةِ الأَمواتِ والدَّينونةِ الأَبَدِيَّة. ٣وهٰذا ما نَفعَلُ بِإِذنِ الله.
٤فالَّذينَ تلقَّوا النُّورَ مَرَّةً وذاقوا الهِبَةَ السَّماوِيَّة وصاروا مُشارِكينَ في الرُّوحِ القُدُس ٥وذاقوا كَلِمَةَ اللهِ الطَّيِّبَةَ وقِوى العالَمِ المُقبِل، ٦إِذا سَقَطوا مَعَ ذٰلِك، يَستَحيلُ تَجْديدُهم وإِعادَتُهم إِلى التَّوبَة لِأَنَّهم يَصلِبونَ ٱبنَ اللهِ ثانِيَةً لِخُسْرانِهِم ويُشَهِّرونَه. ٧كُلُّ أَرْضٍ شَرِبَت ما نَزَلَ علَيها مِنَ المَطَرِ مِرارًا، وأَخرَجَتْ نَباتًا مُفيدًا لِلَّذينَ تُحرَثُ لَهم، نالَت مِنَ اللهِ بَرَكَة. ٨أَمَّا إِذا أَخرَجَت شَوكًا وعُلَّيقًا، فتُرذَلُ وتُوشِكُ أَن تُلعَنَ ويَكونُ عاقِبَتَها الحَريق.
رجاء وتشجيع
٩أَمَّا نَحنُ، أَيُّها الأَحِبَّاء، فإِنَّنا، وإِن تَكَلَّمنا هٰكذا، مُتَيَقِّنونَ أَنَّكم في حالٍ أَحسَن، في حالٍ تَصلُحُ لِلخَلاص، ١٠لِأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظالِمٍ فيَنْسى ما فَعَلْتُموه وما أَظهَرتُم مِنَ المَحَبَّةِ مِن أَجْلِ ٱسمِه إِذ خَدَمتُمُ القِدِّيسين وما زِلتُم تَخدُمونَهم، ١١وإِنَّما نَرغَبُ في أَن يُظهِرَ كُلُّ واحِدٍ مِنكُم مِثْلَ هٰذا الِٱجتِهاد لِيَزدَهِرَ الرَّجاءُ إِلى النِّهايَة ١٢فَلا تَتَراخَوا، بل تَقتَدونَ بِالَّذينَ بِالإِيمانِ والصَّبْرِ يَرِثُونَ المَواعِد.
١٣فلَمَّا وعَدَ اللهُ إِبراهيم، لم يَكُنْ لَه أَعظَمُ مِن نَفْسِه لِيُقسِمَ بِه، فأَقسَمَ بِنَفْسِه ١٤قال: «لَأُبارِكَنَّكَ وأُكَثِّرَنَّكَ». ١٥فهٰكذا صَبَرَ إِبراهيمُ فنالَ المَوعِد. ١٦والنَّاسُ يُقسِمونَ بِمَن هو أَعظَمُ مِنهم، واليَمينُ ضَمانٌ لَهم يُنْهي كُلَّ خِلاف. ١٧وكَذٰلِك الله، لَمَّا أَرادَ أَن يَدُلَّ وَرَثَةَ المَوعِدِ على ثَباتِ عَزْمِه دَلالَةً مُؤكَّدَة، تَعَهَّدَ بِيَمين. ١٨وشاءَ بِهٰذَينِ الأَمْرَينِ الثَّابِتَين، ويَستَحيلُ أَن يَكذِبَ اللهُ فيهِما، أَن نَتَشَدَّدَ تَشدُّدًا قَوِيًّا نَحنُ الَّذينَ التَجَأُوا إِلى التَّمَسُّكِ بِالرَّجاءِ المَعْروضِ عليهم. ١٩وهو لَنا مِثْلُ مِرساةٍ لِلنَّفْسِ أَمينَةٍ مَتينَةٍ تَختَرِقُ الحِجابَ ٢٠إِلى حَيثُ دَخَلَ يسوعُ مِن أَجْلِنا سابِقًا لَنا وصارَ عَظيمَ كَهَنَةٍ لِلأَبَدِ على رُتْبَةِ مَلكيصادق.
العبرانيّين ٧
ملكيصادق
١فإِنَّ مَلكيصادَقَ هٰذا هو مَلِكُ شَليم وكاهِنُ اللهِ العَلِيّ، خَرَجَ لِمُلاقاةِ إِبراهيمَ عِندَ رُجوعِه، بَعدَما كَسَرَ المُلوكَ، وبارَكَه، ٢ولَه أَدَّى إِبراهيمُ العُشْرَ مِن كُلِّ شَيء. وتَفسيرُ ٱسمِه أَوَّلًا مَلِكُ البِرّ، ثُمَّ مَلِكُ شَليم، أَي مَلِكُ السَّلام. ٣ولَيسَ لَه أَبٌ ولا أُمٌّ ولا نَسَب، ولَيسَ لِأَيَّامِه بِدايةٌ ولا لِحَياتِه نِهايَة، وهو على مِثالِ ٱبنِ الله… ويَبْقى كاهِنًا أَبَدَ الدُّهور.
ملكيصادق أخذ العشر من إبراهيم
٤فَٱنظُروا ما أَعظَمَ هٰذا الَّذي أَدَّى لَه إِبراهيمُ عُشْرَ خِيارِ الغَنائِم، مَعَ أَنَّه رَئيسُ الآباء. ٥إِنَّ الَّذينَ يَقبَلونَ الكَهَنوتَ مِن بَني لاوِي تَأمُرُهمُ الشَّريعَةُ بِأَن يأخُذوا العُشْرَ مِنَ الشَّعْب، أَي مِن إِخوتِهم، مَعَ أَنَّهم خَرَجوا هم أَيضًا مِن صُلْبِ إِبراهيم. ٦أَمَّا الَّذي لَيسَ لَه نَسَبٌ بَينَهُم، فقَد أَخَذَ العُشْرَ مِن إِبراهيم وبارَكَ ذاكَ الَّذي كانَت لَه المَواعِد. ٧ومِمَّا لا خِلافَ فيه أَنَّ الأَصغَرَ شَأنًا يَتَلَقَّى البَرَكَةَ مِنَ الأَكبَرِ شَأنًا. ٨ثُمَّ إِنَّ الَّذينَ يَأخُذونَ العُشْرَ هٰهُنا بَشَرٌ مائِتون، وأَمَّا هُناكَ فإِنَّه الَّذي يُشهَدُ لَه بِأَنَّه حَيّ. ٩فيَجوزُ القَولُ إِنَّ لاوِيَ نَفْسَه، وهو الَّذي يَأخُذُ العُشْر، قَد أَدَّى العُشْرَ في شَخْصِ إِبراهيم ١٠لِأَنَّه كانَ في صُلْبِ أَبيه يَومَ خَرَجَ مَلكيصادَقُ لِمُلاقاتِه.
من الكهنوت اللاويّ إلى الكهنوت الذي على رتبة ملكيصادق
١١فلَو كانَ الحُصولُ على الكَمالِ بِالكَهَنوتِ اللَّاوِيّ، وقد تَلَقَّى الشَّعبُ شَريعةً مُتَّصِلَةً به، فأَيُّ حاجَةٍ بَعدَه إِلى أَن يَقومَ كاهِنٌ آخَرُ يَكونُ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق ولا يُقالُ لَه إِنَّه على رُتْبَةِ هارون؟ ١٢لِأَنَّه إِذا تَبَدَّلَ الكَهَنوت، فلا بُدَّ مِن تَبَدُّلِ الشَّريعَة. ١٣وذٰلِك أَنَّ الَّذي يُقالُ هٰذا فيه يَنتَمي إِلى سِبْطٍ آخَرَ لم يَقُم أَحَدٌ مِنه بِخِدمَةِ المَذبَح. ١٤فَمِنَ المَعْروفِ أَنَّ رَبَّنا خَرَجَ مِن يَهوذا، مِن سِبْطٍ لم يَذكُرْه مُوسى في كَلامِه على الكَهَنَة.
نسخ الشريعة القديمة
١٥ومِمَّا يَزيدُ الأَمْرَ وُضوحًا أَن يُقامَ كاهِنٌ غَيرُه على مِثالِ مَلكيصادَق ١٦لم يَصِرْ كاهِنًا بِحَسَبِ شَريعةِ وَصِيَّةٍ بَشَرِيَّة، بل بِحَسَبِ قُوَّةِ حَياةٍ لَيسَ لَها زَوال، ١٧لِأَنَّ الشَّهادَةَ الَّتي أُدِّيَت لَه هي: «أَنتَ كاهِنٌ لِلأَبَد على رُتْبَةِ مَلكيصادَق». ١٨وهٰكذا نُسِخَتِ الوَصِيَّةُ السَّابِقَةُ لِضُعفِها وقِلَّةِ فائِدَتِها، ١٩فالشَّريعَةُ لَم تُبلِغْ شَيئًا إِلى الكَمال، وأُدخِلَ رَجاءٌ أَفضَلُ نَتَقَرَّبُ بِه إِلى الله.
لا تغيير في كهنوت المسيح
٢٠وبِقَدْرِ ما لم يَحدُثْ ذٰلِك بِلا يَمين – فإِنَّ أُولٰئِكَ صاروا كَهَنَةً بِلا يَمين، ٢١وأَمَّا هٰذا فبيَمينٍ مِنَ الَّذي قالَ لَه: «أَقسَمَ الرَّبُّ، ولَن يَندَم، أَنَّكَ كاهِنٌ لِلأَبَد» – ٢٢صارَ يسوعُ كَفيلَ عَهْدٍ أَفضَل.
٢٣أُولٰئِكَ الكَهَنَةُ كانَ يَصيرُ مِنهُم عَدَدٌ كَثيرٌ لِأَنَّ المَوتَ يَحولُ دونَ بَقائِهِم، ٢٤وأَمَّا هٰذا فلأَنَّه لا يَزول، لَه كَهَنوتٌ فَريد. ٢٥فهُو لِذٰلِك قادِرٌ على أَن يُخَلِّصَ الَّذينَ يَتَقَرَّبونَ بِه إِلى اللهِ خَلاصًا تامًّا لِأَنَّه حَيٌّ دائِمًا أَبَدًا لِيَشفَعَ لَهم.
كمال عظيم الكهنة السماويّ
٢٦فهٰذا هو عَظيمُ الكَهَنَةِ الَّذي يُلائِمُنا، قُدُّوسٌ بَريءٌ نَقِيٌّ ومُنفَصلٌ عنِ الخاطئين، جُعِلَ أَعْلى مِنَ السَّمَوات، ٢٧لا حاجَةَ بِه إِلى أَن يُقَرِّبَ كعُظَماءِ الكَهَنَةِ كُلَّ يَومٍ ذَبائِحَ لخَطاياه أَوَّلًا، ثُمَّ لِخَطايا الشَّعْب، لِأَنَّه فَعَلَ ذٰلِكَ مَرَّةً واحِدة، حينَ قَرَّبَ نَفْسَه. ٢٨إِنَّ الشَّريعَةَ تُقيمُ أُناسًا ضُعَفاءَ عُظَماءَ كَهَنَة، أَمَّا كَلامُ اليَمينِ الآتي بَعدَ الشَّريعَةِ فيُقيمُ ٱبنًا جُعِلَ كامِلًا لِلأَبَد.
العبرانيّين ٨
الكهنوت الجديد والقدس الجديد
١ورأسُ الكلامِ في هٰذا الحَديثِ أَنَّ لَنا عَظيمَ كَهَنَةٍ هٰذا هو شَأنُه: جَلَسَ عن يَمينِ عَرْشِ الجَلالِ في السَّمَوات، ٢خادِمًا لِلْقُدْسِ، والخَيمَةِ الحَقيقِيَّةِ الَّتي نَصبَها الرَّبُّ لا الإِنسان. ٣فإِنَّ كُلَّ عَظيمِ كَهَنَةٍ يُقامُ لِيُقَرِّبَ القَرابينَ والذَّبائِح، ولِذٰلك فلا بُدَّ لَه أَيضًا أَن يَكونَ لَدَيه شَيءٌ يُقَرِّبُه. ٤فلَو كانَ يسوعُ في الأَرضِ لَما جُعِلَ كاهِنًا، لِأَنَّ هُناكَ مَن يُقَرِّبُ القَرابينَ وَفْقًا لِلشَّريعَة. ٥غَيرَ أَنَّ عِبادَةَ هٰؤُلاءِ عِبادةُ صُورَةٍ وظِلٍّ لِلحَقائِقِ السَّماوِيَّة. وذٰلِكَ ما أُوحِيَ إِلى مُوسى حينَ هَمَّ بِأَن يَنصِبَ الخَيمَة، فقَد قيلَ لَه: «أُنظُرْ وٱعمَلْ كُلَّ شَيءٍ على الطِّرازِ الَّذي عُرِضَ علَيكَ على الجَبَل».
المسيح وسيط العهد الأفضل
٦فإِنَّ المسيحَ قد نالَ اليَومَ خِدمَةً أَفضَل بِمِقْدارِ ما هو وَسيطٌ لِعَهْدٍ أَفضَلَ مِنَ الَّذي قَبْلَه لِأَنَّه مَبنِيٌّ على مَواعِدَ أَفضَل. ٧فلَو كانَ العَهْدُ الأَوَّلُ لا غُبارَ علَيه، لَما كانَ هُناكَ داعٍ إِلى عَهْدٍ آخَر. ٨فإِنَّ اللهَ يلومُهُم بِقَولِه:
«ها إِنَّها أَيَّامٌ تَأتي، يَقولُ الرَّبّ
أَقطَعُ فيها لِبَيتِ إِسرائيلَ ولِبَيتِ يَهوذا
عَهْدًا جَديدًا
٩لا كالعَهْدِ الَّذي جَعلْتُه لِآبائِهِم
يَومَ أَخَذتُ بِأَيديهِم
لِأُخرِجَهُم مِن أَرْضِ مِصْر
لِأَنَّهم لم يَثبُتوا على عَهْدي.
فأَهمَلتُهُم أَنا أَيضًا، يَقولُ الرَّبّ.
١٠وهٰذا هو العَهْدُ
الَّذي أُعاهِدُ علَيه بَيتَ إِسرائيل
بَعدَ تِلكَ الأَيَّام، يَقولُ الرَّبّ:
إِنِّي لَأَجعَلُ شَريعَتي في ضَمائِرِهِم
وأَكتُبُها في قُلوبِهِم
فأَكونُ لَهم إِلٰهًا وهم يَكونونَ لي شَعْبًا.
١١فلا أَحَدَ يُعَلِّمُ بَعدَ ذٰلِك ٱبنَ وَطَنِه
ولا أَحَدَ يُعَلِّمُ أَخاه فيَقولُ لَه:
إِعرِفِ الرَّبّ
لِأَنَّهم سيَعرِفونَني كُلُّهم
مِن صَغيرِهِم إِلى كَبيرِهِم
١٢فأَصفَحُ عن آثامِهِم
ولَن أَذكُرَ خَطاياهم بَعدَ ذٰلِك».
١٣فإِنَّه، إِذ يَقولُ «عَهْدًا جَديدًا»، فقَد جَعَلَ العَهْدَ الأَوَّلَ قَديمًا، وكُلَّ شَيءٍ قَدُمَ وشاخَ هو قَريبٌ مِنَ الزَّوال.
العبرانيّين ٩
المسيح يدخل القدس السماويّ
١فالعَهْدُ الأَوَّلُ أَيضًا كانَت له أَحكامُ العِبادَةِ والقُدْسُ الأَرْضيّ. ٢فقَد نُصِبَت خَيمَةٌ هي الخَيمَةُ الأُولى، وكانَت فيها المَنارَةُ والمائِدَةُ والخُبزُ المُقَدَّس، ويُقالُ لَها القُدْس. ٣وكانَ وَراءَ الحِجابِ الثَّاني الخَيمَةُ الَّتي يُقالُ لَها قُدْسُ الأَقْداس، ٤وفيها المَوقِدُ الذَّهَبِيُّ لِلبَخور وتابوتُ العَهْدِ وكُلُّه مُغَشًّى بِالذَّهَب، وفيه وِعاءٌ ذَهَبِيٌّ يَحتَوي المَنَّ وعَصا هارونَ الَّتي أَورَقَت ولَوحَيِ العَهْد. ٥ومِن فَوقِه كَروبا المَجْدِ يُظَلِّلانِ غِطاءَ الكَفَّارَة. ولَيسَ هُنا مَقامُ تَفْصيلِ الكَلامِ على جَميعِ ذٰلِك.
٦ذاكَ كُلُّه على هٰذا التَّرْتيب، فالكَهَنَةُ يَدخُلونَ الخَيمَةَ الأُولى كُلَّ حينٍ ويَقومونَ بِشَعائِرِ العِبادَة. ٧وأَمَّا الخَيمَةُ الأُخْرى فإِنَّ عَظيمَ الكَهَنَةِ وَحدَه يَدخُلُها مَرَّةً في السَّنة، ولا يَدخُلُها بِلا دَمٍ، الدَّمِ الَّذي يُقَرِّبُه عن مَجاهِلِه ومَجاهِلِ شَعْبِه. ٨وبِذٰلِك يُشيرُ الرُّوحُ القُدُسُ إِلى أَنَّ طَريقَ القُدْسِ لَم يُكْشَفْ عَنه ما دامَتِ الخَيمَةُ الأُولى. ٩وهٰذا رَمْزٌ إِلى الوَقْتِ الحاضِر، ففيه تُقَرَّبُ قَرابينُ وذَبائِحُ لَيسَ بِوُسْعِها أَن تَجعَلَ مَن يَقومُ بِالشَّعائِرِ كامِلًا مِن جِهَةِ الضَّمير: ١٠فهي تَقتَصِرُ على المَآكِلِ والمَشارِبِ ومُختَلِفِ الوُضوء، إِنَّها أَحْكامٌ بشَرِيَّةٌ فُرِضَت إِلى وَقْتِ الإِصْلاح.
١١أَمَّا المسيحُ فقَد جاءَ عَظيمَ كَهَنَةٍ لِلخَيراتِ المُستَقْبَلَة، ومِن خِلالِ خَيمَةٍ أَكبَرَ وأَفضَلَ لم تَصنَعْها الأَيْدي، أَي إِنَّها لَيسَت مِن هٰذِه الخَليقَة، ١٢دَخَلَ القُدْسَ مَرَّةً واحِدَة، لا بِدَمِ التُّيوسِ والعُجول، بل بِدَمِه، فحَصَلَ على فِداءٍ أَبَدِيّ. ١٣فإِذا كانَ دَمُ التُّيوسِ والثِّيرانِ ورَشُّ رَمادِ العِجْلَةِ يُقَدِّسانِ المُنَجَّسينَ لِتَطهُرَ أَجْسادُهم، ١٤فما أَولى دَمَ المسيح، الَّذي قَرَّبَ نَفْسَه إِلى اللهِ بِروحٍ أَزَلِيٍّ قُرْبانًا لا عَيبَ فيه، أَن يُطَهِّرَ ضَمائِرَنا مِنَ الأَعمالِ المَيْتَة لِنَعْبُدَ اللهَ الحَيّ!
المسيح يختم العهد الجديد بدمه
١٥لِذٰلِك هو وَسيطٌ لِعَهْدٍ جَديد، لِوَصِيَّةٍ جَديدة، حَتَّى إِذا ماتَ فِداءً لِلمَعاصِي المُرْتَكَبَةِ في العَهْدِ الأَوَّل، نالَ المَدعُوُّونَ الميراثَ الأَبَدِيَّ المَوعود، ١٦لِأَنَّه حَيثُ تَكونُ الوَصِيَّة فلا بُدَّ أَن يَثبُتَ مَوتُ المُوصي. ١٧فالوَصِيَّةُ لا تَصِحُّ إِلَّا بَعدَ المَوت، لِأَنَّه لا يُعمَلُ بِها ما دامَ المُوصي حَيًّا. ١٨وعلى ذٰلِكَ فإِنَّ العَهْدَ الأَوَّلَ لم يُبرَمْ بِغَيرِ دَم، ١٩فإِنَّ موسى، بَعدَما تَلا على مَسامِعِ الشَّعْبِ جَميعَ الوَصايا كَما هي في الشَّريعَة، أَخَذَ دَمَ العُجولِ والتُّيوس، مع ماءٍ وصُوفٍ قِرْمِزِيٍّ وزُوفى، ورَشَّه على السِّفْرِ عَينِه وعلى الشَّعْبِ كُلِّه ٢٠وقال: «هُوَذا دَمُ العَهْدِ الَّذي عَهِدَ اللهُ فيه إِلَيكم». ٢١والخَيمَةُ وجَميعُ أَدَواتِ العِبادَةِ رَشَّها كذٰلك بِالدَّم. ٢٢هٰذا ويَكادُ بِالدَّمِ يُطَهَّرُ كُلُّ شَيءٍ بِحَسَبِ الشَّريعَة، وما مِن مَغفِرَةٍ بِغَيرِ إِراقَةِ دَم. ٢٣فإِذا كانَت صُوَرُ الأُمورِ السَّماوِيَّة لا بُدَّ مِن تَطْهيرِها على هٰذا النَّحْو، فلا بُدَّ مِن تَطْهيرِ الأُمورِ السَّماوِيَّةِ نَفْسِها بِذَبائِحَ أَفضَل، ٢٤لِأَنَّ المسيحَ لم يَدخُلْ قُدْسًا صَنَعَته الأَيدي رَسمًا لِلقُدْسِ الحَقيقِيّ، بل دَخَلَ السَّماءَ عَيْنَها لِيَمثُلَ الآنَ أَمامَ وَجهِ اللهِ مِن أَجْلِنا، ٢٥لا لِيُقَرِّبَ نَفْسَه مِرارًا كَثيرةً كما يَدخُلُ عَظيمُ الكَهَنَةِ القُدْسَ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمٍ غَيرِ دَمِه. ٢٦ولَو كانَ ذٰلِكَ، لَكانَ علَيه أَن يَتَأَلَّمَ مِرارًا كَثيرَةً مُنْذُ إِنْشاءِ العالَم، في حينِ أَنَّه لم يَظهَرْ إِلَّا مَرَّةً واحِدَةً في نِهايَةِ العالَم لِيُزيلَ الخَطيئَةَ بِذبيحَةِ نَفْسِه. ٢٧وكَما أَنَّه كُتِبَ على النَّاسِ أَن يَموتوا مَرَّةً واحِدة، وبَعدَ ذاكَ يَومُ الدَّينونة، ٢٨فكَذٰلِكَ المسيحُ قُرِّبَ مَرَّةً واحِدة لِيُزيلَ خَطايا جَماعَةِ النَّاس. وسيَظهَرُ ثانِيَة، بِمَعزِلٍ عنِ الخَطيئَة، لِلَّذينَ يَنتَظِرونَه لِلخَلاص.
العبرانيّين ١٠
لا فائدة في الذبائح القديمة
١ولَمَّا كانَتِ الشَّريعَةُ تَشتَمِلُ على ظِلِّ الخَيراتِ المُستَقبَلَة، لا عَلى تَجسيدِ الحَقائِق نَفسِه، فهي عاجِزَةٌ أَبَدَ الدُّهور، بِتِلْكَ الذَّبائِحِ الَّتي تُقَرَّبُ كُلَّ سَنَةٍ على مَرِّ الدُّهور، أَن تَجعَلَ الَّذينَ يَتَقَرَّبونَ بِها كامِلين. ٢ولَولا ذٰلِك لَكُفَّ عن تَقْريبِها، لِأَنَّ الَّذينَ يَقومونَ بِشَعائِرِ العِبادة، إِذا تَمَّت لَهُمُ الطَّهارَةُ مَرَّةً واحِدَة، لم يَبْقَ في ضَميرِهِم شَيءٌ مِنَ الخَطيئَة، ٣في حينِ أَنَّ تِلْكَ الذَّبائِحَ ذِكْرى لِلخَطايا كُلَّ سَنَة، ٤لِأَنَّ دَمَ الثِّيرانِ والتُّيوسِ لا يُمكِنُه أَن يُزيلَ الخَطايا. ٥لِذٰلِكَ قالَ المسيحُ عِندَ دُخولِه العالَم:
«لم تَشَأْ ذَبيحَةً ولا قُرْبانًا
ولٰكِنَّكَ أَعدَدتَ لي جَسَدًا.
٦لم تَرتَضِ المُحرَقاتِ
ولا الذَّبائِحَ عن الخَطايا
٧فقُلتُ حينَئِذٍ
(وقَد كانَ الكَلامُ عَلَيَّ في طَيِّ الكِتاب):
هاءَنَذا آتٍ، أَللَّهُمَّ
لِأَعمَلَ بِمَشيئَتِكَ».
٨فقَد قالَ أَوَّلًا: «ذَبائِحُ وقَرابينُ ومُحرَقاتٌ وذَبائِحُ كَفَّارَةٌ لِلخَطايا لم تَشَأْها ولَم تَرتَضِها» (معَ أَنَّها تُقَرَّبُ كَما تَقْضي الشَّريعَة). ٩ثُمَّ قال: «هاءَنَذا آتٍ لِأَعمَلَ بِمَشيئَتِكَ». فقَد أَبطَلَ العِبادةَ الأُولى لِيُقيمَ العِبادةَ الأُخْرى. ١٠وبتِلكَ المَشيئَة، صِرْنا مُقَدَّسينَ بِالقُرْبانِ الَّذي قُرِّبَ فيه جَسَدُ يَسوعَ المَسيحِ مَرَّةً واحِدَة.
فائدة ذبيحة المسيح
١١وإِنَّ كُلَّ كاهِنٍ يَقِفُ كُلَّ يَومٍ فيَقومُ بِشَعائِرِ العِبادَة ويُقَرِّبُ الذَّبائِحَ نَفْسَها مِرارًا كَثيرة، ولا يُمكِنُها أَبدًا أَن تَمحُوَ الخَطايا. ١٢أَمَّا هو فقَد قَرَّبَ ذَبيحَةً واحِدَةً كَفَّارَةً لِلخَطايا، ثُمَّ جَلَسَ عن يَمينِ اللهِ لِلأَبَد، ١٣مُنتَظِرًا بَعدَ ذٰلِك «أَن يَجعَلَ أَعداءَه مَوطِئًا لِقَدَمَيه»، ١٤لِأَنَّه بِقُرْبانٍ واحِدٍ جَعَلَ المُقَدَّسينَ كامِلينَ أَبَدَ الدُّهور. ١٥وذٰلِكَ ما يَشهَدُ بِه لَنا الرُّوحُ القُدُسُ أَيضًا. فبَعدَ أَن قال:
١٦«هُوَذا العَهْدُ الَّذي أُعاهِدُهم إِيَّاه
بَعدَ تِلْكَ الأَيَّام، يقولُ الرَّبّ:
أَجعَلُ شَريعَتي في قُلوبِهِم
وأَكتُبُها في ضَمائِرِهِم
١٧ولَن أَذكُرَ خَطاياهم وآثامَهم».
١٨فحَيثُ يَكونُ غُفْرانُ الخَطايا والآثام، لا يَبْقى مِن قُرْبانٍ مِن أَجْلِ الخَطيئَة.
إنتقال
١٩ولَمَّا كُنَّا واثِقينَ، أَيُّها الإِخوَة، بِأَنَّ لَنا سَبيلًا إِلى القُدْس بِدَمِ يسوع، ٢٠سَبيلًا جَديدةً حَيَّةً فَتَحَها لَنا مِن خِلالِ الحِجاب، أَي جَسَدِه، ٢١وأَنَّ لَنا كاهِنًا عَظيمًا على بَيتِ الله، ٢٢فلْنَدْنُ بِقَلْبٍ صادِقٍ وبِتَمامِ الإِيمان، وقُلوبُنا مُطَهَّرَةٌ مِن أَدْناسِ الضَّميرِ وأَجْسادُنا مَغْسولَةٌ بِماءٍ طاهِر، ٢٣ولْنَتَمَسَّكْ بما نَشهَدُ لَه مِنَ الرَّجاءِ ولا نَحِدْ عَنه، لِأَنَّ الَّذي وَعَدَ أَمين، ٢٤ولْيَنتَبِهْ بَعضُنا إِلى بَعضٍ لِلحَثِّ على المَحبَّةِ والأَعمالِ الصَّالِحة. ٢٥ولا تَنقَطِعوا عنِ ٱجتِماعاتِنا كَما ٱعْتادَ بَعضُكم أَن يَفعَل، بل حُثُّوا بَعضُكم بَعضًا وزِيدوا مِن ذٰلِك على قَدْرِ ما تَرَونَ أَنَّ اليَومَ يَقتَرِب.
خطر الارتداد
٢٦فإِنَّه إِذا خَطِئْنا عَمْدًا، بَعدَما حَصَلْنا على مَعرِفَةِ الحَقّ، فلا تَبْقى هُناكَ ذَبيحَةٌ كَفَّارَةٌ لِلخَطايا، ٢٧بلِ ٱنتِظارٌ رَهيبٌ لِلدَّينونةِ ونارٌ مُستَعِرَةٌ تَلتَهِمُ العُصاة. ٢٨مَن خالَفَ شَريعَةَ موسى قُتِلَ مِن غَيرِ رَحمَةٍ «بِناءً على قَولِ شاهِدَينِ أَو ثَلاثة». ٢٩فأَيَّ عِقابٍ أَشَدَّ مِن ذٰلك العِقابِ يَستَحِقُّ، كما تَرَون، مَن داسَ ٱبنَ الله وعَدَّ دَمَ العَهْدِ الَّذي قُدِّسَ بِه نَجِسًا وٱستَهانَ بِرُوحِ النِّعمَة؟ ٣٠فنَحنُ نَعرِفُ ذاكَ الَّذي قال: «لِيَ الِٱنتِقامُ وأَنا الَّذي يُجازي». وقالَ أَيضًا: «إِنَّ الرَّبَّ سيَدينُ شَعْبَه». ٣١ما أَرهَبَ الوُقوعَ في يَدِ اللهِ الحَيّ!
دواعي الرجاء
٣٢ولٰكِنِ ٱذكُروا أَيَّامَ الماضي، الَّتي فيها تَلقَّيتُمُ النُّور فجاهَدتُم جِهادًا كَثيرًا مُتَحَمِّلينَ الآلام، ٣٣فصِرتُم تارَةً عُرضَةً لِلتَّعْيِيرِ والشَّدائِد، وتارةً شُرَكاءَ الَّذينَ عومِلوا بِمِثْلِ ذٰلِك. ٣٤فقَد شارَكْتُمُ السُّجَناءَ في آلامِهِم وتَقبَّلْتُم فَرِحينَ أَن تُنهَبَ أَموالُكُم، عالِمينَ أَنَّ لَكم ثَروَةً أَفْضَلَ لا تَزول. ٣٥لا تُضيعوا إِذًا ثِقَتَكم فلَها جَزاءٌ عَظيم، ٣٦وإِنَّ بِكُم حاجَةً إِلى الصَّبْرِ لِتَعمَلوا بِمَشيئَةِ الله فتَحصُلوا على المَوعِد.
٣٧«قَليلًا قَليلًا مِنَ الوَقْت
فيَأتي الآتي ولا يُبطِئ.
٣٨إِنَّ البارَّ لَدَيَّ بِالإِيمانِ يَحْيا
وإِنِ ٱرتَدَّ، لَم تَرْضَ عَنه نَفْسي».
٣٩فلَسْنا أَبناءَ الِٱرتِدادِ لِنَهلِك، بل أَبناءُ الإِيمان، لِخَلاصِ النَّفْس.
العبرانيّين ١١
إيمان الأجداد عبرة
١فالإِيمانُ قِوامُ الأُمورِ الَّتي تُرْجى وبُرْهانُ الحَقائِقِ الَّتي لا تُرى، ٢وبِفَضلِه شُهِدَ لِلأَقدَمين. ٣بِالإِيمانِ نُدرِكُ أَنَّ العالَمينَ أُنشِئَت بِكَلِمَةِ الله، حَتَّى إِنَّ ما يُرى يَأتي مِمَّا لا يُرى.
٤بِالإِيمانِ قَرَّبَ هابيلُ للهِ ذَبيحَةً أَفضَلَ مِن ذَبيحَةِ قايِن، وبِالإِيمانِ شُهِدَ لَه أَنَّه بارّ، فقَد شَهِدَ اللهُ لِقَرابينِه، وبالإِيمان ما زالَ يَتَكَلَّمُ بَعدَ مَوتِه.
٥بِالإِيمانِ أُخِذَ أَخْنوخُ لِئَلَّا يَرى المَوت، «فلَم يَجِدْه أَحَدٌ لِأَنَّ اللهَ أَخَذَه». وشُهِدَ لَه قَبلَ رَفعِه بِأَنَّ اللهَ قد رَضِيَ عَنه. ٦وبِغَيرِ الإِيمانِ يَستَحيلُ نَيلُ رِضا الله، لِأَنَّه يَجِبُ على الَّذي يَتَقَرَّبُ إِلى اللهِ أَن يُؤمِنَ بِأَنَّه مَوجود وأَنَّه يُجازي الَّذينَ يَبتَغونَه.
٧بِالإِيمانِ أُوحِيَت إِلى نُوحٍ أُمورٌ لم تَكُنْ وَقتَئِذٍ مَرْئِيَّة، فتَوَرَّعَ وبَنى سَفينَةً لِخَلاصِ أَهْلِ بَيتِه، حَكَمَ بِها على العالَم وصارَ وارِثًا لِلبِرِّ الحاصِلِ بِالإِيمان.
٨بِالإِيمانِ لَبَّى إِبراهيمُ الدَّعوَة فخَرَجَ إِلى بَلَدٍ قُدِّرَ لَه أَن يَنالَه ميراثًا، خَرَجَ وهو لا يَدْري إِلى أَينَ يَتَوَجَّه. ٩بِالإِيمانِ نَزَلَ في أَرْضِ الميعادِ نُزولَه في أَرضٍ غَريبَة، وأَقامَ في الخِيامِ معَ إِسحٰقَ وَيَعقوبَ الشَّريكَينِ في الميراثِ المَوعودِ عَينِه، ١٠فقَد كانَ يَنتَظِرُ المَدينَةَ ذاتَ الأُسُسِ واللهُ مُهَندِسُها وبانِيها.
١١بِالإِيمانِ نالَت سارَةُ هي أَيضًا القُوَّةَ على إِنْشاءِ نَسْل، وقَد جاوَزَتِ السِّنّ، ذٰلِك بِأَنَّها عَدَّتِ الَّذي وَعَدَ أَمينًا. ١٢ولِذٰلِكَ وُلِدَ مِن رَجُلٍ واحِدٍ، وَقَد قارَبَ المَوت، نَسْلٌ «كَنُجومِ السَّماء كَثرَةً وكالرَّملِ الَّذي على شاطِئِ البَحْر، وَهو لا يُحْصى».
١٣في الإِيمانِ ماتَ أُولٰئِكَ جَميعًا ولَم يَحصُلوا على المَواعِد، بل رَأَوها وحَيَّوها عن بُعْد، وٱعتَرَفوا بِأَنَّهم «غُرَباءُ نُزَلاءُ في الأَرض». ١٤فإِنَّ الَّذينَ يَقولونَ هٰذا القَول يَدُلُّونَ على أَنَّهم يَسعَونَ إِلى وَطَن. ١٥ولَو كانوا يُفَكِّرونَ في الوَطَنِ الَّذي خَرَجوا مِنه، لَكانَ لَهُمُ الوَقْتُ لِلرُّجوعِ إِلَيه، ١٦في حِينِ أَنَّهم يَرغَبونَ في وَطَنٍ أَفضَلَ، أَعْني الوَطَنَ السَّماوِيّ. لِذٰلِكَ لا يَستَحيِي اللهُ أَن يُدْعى إِلٰهَهُم، فقَد أَعَدَّ لَهم مَدينَة.
١٧بِالإِيمانِ قَرَّبَ إِبراهيمُ إِسحٰق، لَمَّا ٱمتُحِنَ. فكانَ يُقَرِّبُ ٱبنَه الوَحيد، وقَد تَلقَّى المَواعِد، ١٨وكانَ قد قيلَ لَه: «بِإِسحٰقَ سيَكونُ لَكَ نَسْلٌ يَحمِلُ ٱسمَك». ١٩فقَدِ ٱعتَقَدَ أَنَّ اللهَ قادِرٌ حتَّى على أَن يُقيمَ مِن بَينِ الأَمْوات. لِذٰلِك ٱستَردَّه، وفي هٰذا رَمْز.
٢٠بِالإِيمانِ بارَكَ إِسْحٰقُ يَعقوبَ وعيسُوَ في شؤُونِ المُستَقبَل. ٢١بِالإِيمانِ بارَكَ يَعقوبُ، لَمَّا حَضَرَه المَوت، كُلًّا مِنِ ٱبنَي يوسُف «وسَجَدَ وهو مُستَنِدٌ إِلى طَرَفِ عَصاه». ٢٢بِالإِيمانِ ذَكَرَ يوسُف، وقَد حانَ أَجَلُه، خُروجَ بَني إِسرائيلَ وأَوصى بِرُفاتِه.
٢٣بِالإِيمانِ أَخْفى موسى أَبَواه بَعدَ مَولِدِه ثَلاثَةَ أَشهُرٍ لِأَنَّهُما رَأَيا حُسْنَ الصَّبِيِّ ولَم يَخشَيا أَمْرَ المَلِك. ٢٤بِالإِيمانِ أَبى موسى، حينَ صارَ شابًّا، أَن يُدْعى ٱبنًا لِبِنْتِ فِرعَون، ٢٥وآثَرَ أَن يُشارِكَ شَعْبَ اللهِ في عَذابِه على التَّمَتُّعِ الزَّائِلِ بِالخَطيئَة، ٢٦وعَدَّ عارَ المسيح غِنًى أَعظَمَ مِن كُنوزِ مِصْر، لِأَنَّه كانَ يَطمَحُ إِلى الثَّواب. ٢٧بِالإِيمانِ تَرَكَ مِصْرَ ولَم يَخْشَ غَضَبَ المَلِك، وثَبَتَ على أَمْرِه ثُبوتَ مَن يَرى ما لا يُرى. ٢٨بِالإِيمانِ أَقامَ الفِصْحَ ورَشَّ الدَّم، لئَلَّا يَمَسَّ المُبيدُ أَبْكارَ بَني إِسرائيل. ٢٩بِالإِيمانِ جازوا البَحْرَ الأَحمَرَ كأَنَّه بَرّ، في حِينِ أَنَّ المِصرِيِّينَ حاوَلوا العُبورَ فغَرِقوا.
٣٠بِالإِيمانِ سَقَطَ سورُ أَريحا بَعدَ الطَّوافِ بِه سَبعَةَ أَيَّام. ٣١بِالإِيمانِ لم تَهلِكْ راحابُ البَغِيُّ مع الكُفَّار، لِأَنَّها تَقَبَّلَتِ الجاسوسَينِ بِالسَّلام.
٣٢وماذا أَقولُ أَيضًا؟ إِنَّ الوَقْتَ يَضيقُ بي، إِذا أَخبَرتُ عن جِدعَونَ وباراقَ وشِمشونَ ويَفْتاحَ وداوُدَ وصَموئيلَ والأَنبِياء. ٣٣فهُم بِفَضلِ الإِيمانِ دوَّخوا المَمالِكَ وأَقاموا العَدْلَ ونالوا المَواعِدَ وكَمُّوا أَفْواهَ الأُسودِ ٣٤وأَخمَدوا أَجيجَ النَّارِ ونَجَوا مِن حَدِّ السَّيفِ وتغَلَّبوا على المَرَضِ وصاروا أَبْطالًا في الحَرْبِ ورَدُّوا غاراتِ الغُرَباء، ٣٥وٱستَعادَ نِساءٌ أَمواتَهُنَّ بِالقِيامة.
وتَحَمَّلَ بَعضُهمُ تَوتيرَ الأَعْضاءِ وأَبَوا النَّجاةَ رَغبَةً في الأَفضَل، أَي في القِيامَة، ٣٦وبَعضُهُمُ الآخَرُ عانى السُّخرِيَّةَ والجَلْد، فَضْلًا عنِ القُيُودِ والسِّجْن. ٣٧ورُجِموا ونُشِروا وماتوا قَتْلًا بِالسَّيفِ وهاموا على وُجوهِهِم، لِباسُهُم جُلُودُ الغَنَم وشَعَرُ المَعْز، مَحْرومينَ مُضايَقينَ مَظْلومين، ٣٨لا يَستَحِقُّهمُ العالَم، وتاهوا في البَراري والجِبالِ والمَغاوِرِ وكُهوفِ الأَرض.
٣٩وهٰؤُلاءِ كُلُّهم تَلَقَّوا شَهادَةً حَسَنَةً بِفَضْلِ إِيمانِهِم، ولٰكِنَّهم لم يَحصُلوا على المَوعِد، ٤٠لِأَنَّ اللهَ قَدَّرَ لَنا ما هو أَفضَلُ لِكَيلا يُدرِكوا الكَمالَ مِن دونِنا.
العبرانيّين ١٢
مَثَل يسوع المسيح
١لِذٰلِكَ فنَحنُ الَّذينَ يُحيطُ بِهِم هٰذا الجَمُّ الغَفيرُ مِنَ الشُّهود، فلْنُلْقِ عَنَّا كُلَّ عِبْءٍ وما يُساوِرُنا مِن خَطيئَة ولْنَخُضْ بِثَباتٍ ذٰلِك الصِّراعَ المَعْروضَ علَينا، ٢مُحَدِّقينَ إِلى مُبدِئ إِيمانِنا ومُتَمِّمِه، يسوعَ الَّذي، في سَبيلِ الفَرَحِ المَعْروضِ علَيه، تَحَمَّلَ الصَّليبَ مُستَخِفًّا بِالعار، ثُمَّ جَلَسَ عن يَمينِ عَرْشِ الله. ٣فَكِّروا في ذاكَ الَّذي تَحَمَّلَ ما لَقِيَ مِن مُخالَفَةِ الخاطِئِين، لِكَيلا تَخورَ هِمَمُكم بِضُعفِ نُفوسِكم.
تربية الله الأبويّة
٤فإِنَّكم لم تُقاوِموا بَعدُ حتَّى بَذْلِ الدَّمِ في مُجاهَدَةِ الخَطيئَة. ٥وقَد نَسيتُم تِلكَ العِظَةَ الَّتي تُخاطِبُكم مُخاطَبَتَها بَنيها فتَقول: «يا بُنَيَّ، لا تَحتَقِرْ تَأديبَ الرَّبّ، ولا تَضعَفْ نَفْسُكَ إِذا وَبَّخَكَ، ٦فمَن أَحَبَّه الرَّبُّ أَدَّبَه، وهو يَجلِدُ كُلَّ ٱبنٍ يَرتَضيه». ٧فمِن أَجْلِ التَّأديبِ تَتَأَلَّمون، وإِنَّ اللهَ يُعامِلُكم مُعامَلَةَ البَنين، وأَيُّ ٱبنٍ لا يُؤَدِّبُه أَبوه؟ ٨فإِذا لم يَنَلْكم شَيءٌ مِنَ التَّأديب، وهو نَصيبُ جَميعِ النَّاس، كُنتُم أَولادَ زِنْيَةٍ لا بَنين. ٩هٰذا وإِنَّ آباءَنا في الجَسَدِ أَدَّبونا وقد هِبناهُم. فما أَحْرانا بِأَن نَخضَعَ لِأَبي الأَرْواحِ فنَحْيا! ١٠هم أَدَّبونا لِأَيَّامٍ قَليلةٍ وكما بَدا لَهم، وأَمَّا هو فلِخَيرِنا، لِنَنالَ نَصيبًا مِن قَداسَتِه. ١١إِنَّ كُلَّ تَأديبٍ لا يَبْدو في وَقتِه باعِثًا على الفَرَح، بل على الغَمّ. غَيرَ أَنَّه يَعودُ بَعدَ ذٰلِكَ على الَّذينَ رَوَّضَهم بِثَمَرِ البِرِّ وما فيه مِن سَلام. ١٢«فأَقيموا أَيدِيَكُمُ المُستَرخِيَةَ ورُكَبَكُمُ المُلتَوِيَة» ١٣وٱجعَلوا سُبُلًا قَويمَةً لِخُطاكم، فلا يَتَخَلَّعَ الأَعرَجُ، بل يَبرَأ.
عاقبة الكفر
١٤أُطلُبوا السَّلامَ معَ جَميعِ النَّاسِ والقَداسةَ الَّتي بِغَيرِها لا يَرى الرَّبَّ أَحَد. ١٥وٱنتَبِهوا لِئَلَّا يُحرَمَ أَحَدٌ نِعمَةَ الله ومَخافَةَ أَن «يَنبُتَ أَصلٌ مُرٌّ» يُحدِثُ القَلَقَ ويُفسِدُ الجَماعة. ١٦وٱنتَبِهوا لِئَلَّا يَكونَ فيكُم فاحِشٌ أَو مُدَنِّسٌ مِثْلُ عيسُوَ الَّذي باعَ بِكْرِيَّتَه بِأَكلَةٍ واحِدَة. ١٧وتَعلَمونَ أَنَّه، لَمَّا أَرادَ بَعدَ ذٰلِكَ أَن يَرِثَ البَرَكَة، رُذِلَ ولَم يَجِدْ سَبيلًا إِلى تَبْديلِ المَوقِف، معَ أَنَّه ٱلتَمَسَه باكِيًا.
العهدان
١٨إِنَّكم لم تَقتَرِبوا مِن شَيءٍ مَلْموس: نارٍ مُستَعِرَةٍ وعَتْمَةٍ وظَلامٍ وإِعصارٍ ١٩ونَفْخٍ في البوقِ وصَوتِ كَلامٍ طَلَبَ سامِعوه أَلَّا يُزادوا مِنه لَفظَةً ٢٠لِأَنَّهم لم يُطيقوا تَحَمُّلَ هٰذا الأَمْر: «حَتَّى الوَحْشُ، لو مَسَّ الجَبَل، فَلْيُرْجَمْ». ٢١كانَ المَنظَرُ رَهيبًا حَتَّى إِنَّ مُوسى قال: «أَنا مَرْعوبٌ مُرتَعِد». ٢٢أَمَّا أَنتُم فقَدِ ٱقتَرَبتُم مِن جَبَلِ صِهْيون، ومَدينةِ اللهِ الحَيّ، أُورَشَليمَ السَّماوِيَّة، ومِن رِبْواتِ المَلائِكَةِ في حَفْلَةِ عيد، ٢٣مِن جَماعَةِ الأَبْكارِ المَكْتوبَةِ أَسْماؤُهم في السَّمَوات، مِن إِلٰهٍ دَيَّانٍ لِلخَلْقِ أَجمَعين، ومِن أَرْواحِ الأَبْرارِ الَّذينَ بَلَغوا الكَمال، ٢٤مِن يسوعَ وَسيطِ عَهْدٍ جَديد، مِن دَمٍ يُرَشّ، كلامُه أَبلَغُ مِن كَلامِ دَمِ هابيل. ٢٥فٱحذَروا أَن تُعرِضوا عن سَماعِ ذاكَ الَّذي يُكَلِّمُكم. فإِذا كانَ الَّذينَ أَعرَضوا عنِ الَّذي أَنذَرَهُم في الأَرضِ لم يُفلِتوا مِنَ العِقاب، فكَم بِالأَحْرى لا نُفلِتُ نَحنُ إِذا تَوَلَّينا عنِ الَّذي يُكَلِّمُنا مِنَ السَّماء؟ ٢٦إِنَّ الَّذي زَعزَعَ صَوتُه الأَرضَ حينَذاك قد وَعَدَنا الآنَ فقال: «أُزَلزِلُ مَرَّةً أُخْرى، لا الأَرْضَ وَحدَها، بلِ السَّماءَ أَيضًا». ٢٧فالقَولُ «مَرَّةً أُخْرى» يُشيرُ إِلى زَوالِ الأَشياءِ المُزَعزَعةِ لِأَنَّها مَخْلوقَة، لِتَبْقى الأَشياءُ الَّتي لا تُزَعزَع. ٢٨فنَحنُ وقَد حَصَلْنا على مَلَكوتٍ لا يَتَزَعْزَع، فلْنَتَمَسَّكْ بِهٰذِه النِّعمَةِ ونَعبُدْ بِها اللهَ عِبادةً يَرْضى عَنها، بِتَقْوى ووَرَع، ٢٩فإِنَّ إِلٰهَنا نارٌ آكِلَة.
العبرانيّين ١٣
توصيات أخيرة
١لِتَبْقَ المَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ ثابِتة. ٢لا تَنسَوا الضِّيافَةَ فإِنَّها جَعَلَت بَعضَهم يُضيفونَ المَلائِكَةَ وهُم لا يَدْرون. ٣أُذكُروا المَسْجونينَ كأَنَّكم مَسْجونونَ مَعَهم، وٱذكُروا المَظْلومين لِأَنَّكم أَنتُم أَيضًا في جَسَد. ٤لِيَكُنِ الزَّواجُ مُكَرَّمًا عِندَ جَميعِ النَّاس، ولْيَكُنِ الفِراشُ بَريئًا مِنَ الدَّنَس، فإِنَّ الزُّناةَ والفاسِقينَ سيَدينُهمُ الله. ٥تَنَزَّهوا عن حُبِّ المالِ وٱقنَعوا بما لَدَيكم. قالَ الله: «لن أَترُكَكَ ولَن أَخذُلَكَ». ٦فيُمكِنُنا القَولُ واثِقين: «الرَّبُّ عَوْني فلَن أَخاف، وما عَسى الإِنسانُ يَصنَعُ بي؟».
في الأمانة
٧أُذكُروا رُؤَساءَكم، إِنَّهم خاطَبوكم بِكَلِمَةِ الله، وٱعتَبِروا بما ٱنتَهَت إِلَيه سيرَتُهم وٱقتَدوا بِإِيمانِهِم. ٨إِنَّ يسوعَ المَسيحَ هو هو أَمْسِ واليَومَ ولِلأَبَد. ٩لا تَضِلُّوا بِتَعاليمَ مُختَلِفَةٍ غَريبَة، فإِنَّه يَحسُنُ تَثبيتُ القَلْبِ بِالنِّعمَة، لا بِأَطعِمَةٍ لا خَيرَ فيها لِلَّذينَ يُراعونَ أَحكامَها.
١٠لَنا مَذبَحٌ لا يَحِلُّ لِلَّذينَ يَخدُمونَ الخَيمَةَ أَن يَأكُلوا مِنه، ١١لِأَنَّ الحَيَواناتِ الَّتي يَدخُلُ عَظيمُ الكَهَنَةِ بِدَمِها قُدْسَ الأَقْداسِ كَفَّارَةً لِلخَطيئَة تُحرَقُ أَجسامُها في خارِجِ المُخَيَّم، ١٢ولِذٰلِك تَأَلَّمَ يسوعُ أَيضًا في خارِجِ البابِ لِيُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِذاتِ دَمِه. ١٣فلْنَخرُجْ إِلَيه إِذًا في خارِجِ المُخَيَّمِ حامِلينَ عارَه، ١٤لِأَنَّه لَيسَ لَنا هُنا مَدينةٌ باقِيَة، وإِنَّما نَسْعى إِلى مَدينَةِ المُستَقبَل. ١٥فلْنُقَرِّبْ للهِ عن يَدِه ذَبيحَةَ الحَمْدِ في كُلِّ حين، أَي ما تَلفِظُه الشِّفاهُ المُسَبِّحَةُ لِٱسمِه. ١٦لا تَنسَوا الإِحْسانَ والمُشارَكَة، فإِنَّ اللهَ يَرتَضي مِثْلَ هٰذِه الذَّبائِح.
الخُضوع للرؤساء الروحيّين
١٧أَطيعوا رُؤَساءَكم وٱخضَعوا لَهم، لِأَنَّهم يَسهَرونَ على نُفوسِكم سَهَرَ مَن يُحاسَبُ علَيها، لِيَعمَلوا ذٰلِك بِفَرَح، لا بِحَسْرَةٍ يَكونُ لَكم فيها خُسْران.
١٨صَلُّوا مِن أَجْلِنا فإِنَّنا واثِقونَ أَنَّ ضَميرَنا صالِح وأَنَّنا نَرغَبُ في أَن نُحسِنَ السَّيرَ في كُلِّ أَمْر. ١٩أَسأَلُكم ذٰلِكَ بِإِلْحاحٍ لِأُرَدَّ إِلَيكم في أَسرَعِ وَقْت.
أخبار وتمنّيات وتحيّات
٢٠جَعَلَكُم إِلٰهُ السَّلامِ الَّذي أَصعَدَ مِن بَينِ الأَموات، بِدَمِ عَهْدٍ أَبَدِيٍّ، راعِيَ الخِرافِ العَظيم، رَبَّنا يسوع، ٢١جَعَلَكُم أَهْلًا لِكُلِّ شَيءٍ صالِحٍ لِلعَمَلِ بِمَشيئَتِه، وعَمِلَ فينا ما حَسُنَ لَدَيه بِيَسوعَ المسيح لَهُ المَجْدُ أَبَدَ الدُّهور. آمين.
٢٢أُناشِدُكم، أَيُّها الإِخوَة، أَن تَتَحَمَّلوا كَلامَ هٰذه العِظَة، فإِنِّي كَتَبتُ إِلَيكم بِإِيجاز. ٢٣إِعلَموا أَنَّ أَخانا طيموتاوُسَ قد أُخلِيَ سَبيلُه، فإِن قَدِمَ عاجِلًا، جِئتُ معَه لِأَراكم. ٢٤سَلِّموا على جَميعِ رُؤَسائِكم وعلى جَميعِ القِدِّيسين. يُسَلِّمُ علَيكُمُ الَّذينَ في إِيطالِيَة.
٢٥النِّعمَةُ علَيكُم أَجمَعين.