اختر صفحة

رسالة القدّيس بُولُس إلى أهل رُومة

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

رومة ١

رومة ٢

رومة ٣

رومة ٤

رومة ٥

رومة ٦

رومة ٧

رومة ٨

رومة ٩

رومة ١٠

رومة ١١

رومة ١٢

رومة ١٣

رومة ١٤

رومة ١٥

رومة ١٦

رومة ١

رومة ٧

رومة ١٣

رومة ٢

رومة ٨

رومة ١٤

رومة ٣

رومة ٩

رومة ١٥

رومة ٤

رومة ١٠

رومة ١٦

رومة ٥

رومة ١١

رومة ٦

رومة ١٢

رسالةُ القدّيس بُولُس

إلى أهْلِ رُومة

مدخل

لا يختلف اثنان في أنّ الرسالة إلى أهلِ رومة هي أهمّ رسائل بولس الرسول. فليست أطولها فحسب، بل من أغناها من جهة العقيدة، حتّى كثيرًا ما عُدّت رسالةً بَحثًا. وبنيتها أحسن رسائل بولس إحكامًا. ولم يكن في التاريخ لأيّ رسالة أخرى مثل ما كان لها من التأثير، حتّى ذهب بعضهم لعهدٍ قريب إلى القول، بشيء من المبالغة، إنّ تاريخ كلٍّ من الكنيسة وهذه الرسالة واحد. أجل، لقد احتلّ هذا النصّ دائمًا مكانة ممتازة في تاريخ تفسير الكتاب المقدّس، فشرحه كلّه أو شرح أجزاء منه أوريجانيس ويوحنّا الذهبيّ الفم وتيودوريطس والمؤلَّف الذي يُنسب إلى أمبروسيوس وبيلاجيوس وأوغسطينس وأبيلا وتوما الأكوينيّ إلخ. ولكنّ دوره كان حاسمًا على وجهٍ خاصّ في حقبتين من تاريخ الكنيسة، أي في القرن الخامس عند قيام الأزمة البيلاجيّة والمناظرات الكبرى في مجّانيّة الخلاص، وفي القرن السادس عشر عند قيام الإصلاح البروتستانتيّ.

رومة ١

تحيّة وسلام

١مِن بولُسَ عَبْدِ المسيحِ يسوع دُعِيَ لِيَكونَ رَسولًا وأُفرِدَ لِيُعلِنَ بِشارةَ الله، ٢تِلكَ البِشارةَ الَّتي سَبَقَ أَن وَعَدَ بِها على أَلسِنَةِ أَنبِيائِه في الكُتُبِ المُقَدَّسة، ٣في شَأنِ ٱبنِه الَّذي وُلِدَ مِن نَسْلِ داوُد بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ البَشَرِيَّة، ٤وجُعِلَ ٱبنَ اللهِ في القُدرَة، بِحَسَبِ روحِ القَداسة، بِقِيامَتِه مِن بَينِ الأَموات، أَلا وهو يسوعُ المسيحُ رَبُّنا. ٥بِه نِلْنا النِّعمَةَ بِأَن نَكونَ رَسولًا، فنَهدِيَ إِلى طاعَةِ الإِيمانِ جَميعَ الأُمَمِ الوَثَنِيَّة، إِكرامًا لِٱسمِه، ٦وأَنتُم أَيضًا مِنها، أَنتُمُ الَّذينَ دَعاهُم يسوعُ المسيح. إِلى جَميعِ أَحِبَّاءِ اللهِ الَّذينَ في رُومة، ٧إِلى المَدعُوِّينَ لِيَكونوا قِدِّيسين. علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ أَبِينا والرَّبِّ يسوعَ المسيح.

بولس ومسيحيّو رومة

٨أَبدَأُ بِشُكرِ إِلٰهي بِيَسوعَ المسيحِ في أَمرِكم أَجمَعين، لِأَنَّ إِيمانَكُم يُعلَنُ في العالَمِ كُلِّه. ٩فاللهُ الَّذي أَعبُدُ في رُوحي، مُبَشِّرًا بِٱبنِه، يَشهَدُ لي أَنِّي لا أَنفَكُّ أَذكُرُكُم ١٠وأَسأَلُ دائِمًا في صَلَواتي أَن يَتَيَسَّر لِي يَومًا ما الذَّهابُ إِلَيكم، إِن شاءَ الله. ١١فإِنِّي مُشْتاقٌ إِلى رُؤيَتِكُم لِأُفيدَكم بَعضَ المَواهِبِ الرُّوحِيَّةِ تأييدًا لَكم، ١٢بل لِنَتَشَدَّدَ معًا عِندَكُم بِالإِيمانِ المُشتَرَكِ بَينِي وبَينَكم. ١٣ولا أُريدُ أَن تَجهَلوا، أَيُّها الإِخوَة، أَنِّي كَثيرًا ما قَصَدتُ الذَّهابَ إِلَيكُم، فحِيلَ بَيني وبَينَهُ إِلى اليَوم، ومُرادي أَن أَجنِيَ بَعضَ الثِّمارِ عِندَكُم كما أَجنِيها عِندَ سائِرِ الأُمَمِ الوَثَنِيَّة. ١٤فعَلَيَّ حَقٌّ لِليونانِيِّينَ والبَرابِرة، لِلعُلَماءِ والجُهَّال. ١٥فمِن هُنا رَغبَتي في أَن أُبَشِّرَكُم أَيضًا أَنتُمُ الَّذينَ في رُومة.

١. بِرُّ الله

١٦فإِنِّي لا أَستَحيِي بِالبِشارة، فهي قُدرَةُ اللهِ لِخَلاصِ كُلِّ مُؤمِن، لِليَهودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ لِليُونانِيّ، ١٧فإِنَّ فيها يَظهَرُ بِرُّ الله، بِالإِيمانِ ولِلإِيمان، كما وَرَدَ في الكِتاب: «إِنَّ البارَّ بِالإِيمانِ يَحْيا».

أ – الوثنيّون واليهود غضب الله عليهم

غضب الله

١٨فقَد ظَهَرَ غَضَبُ اللهِ مِنَ السَّماء، غَضَبُ اللهِ على كُلِّ كُفْرٍ وظُلْمٍ يأتي بِه النَّاس، فإِنَّهم يَجعَلونَ الحَقَّ أَسيرًا لِلظُّلْم، ١٩لِأَنَّ ما يُعرَفُ عنِ اللهِ بَيِّنٌ لَهم، فقَد أَبانَه اللهُ لَهم. ٢٠فمُنْذُ خَلْقِ العالَم لا يَزالُ ما لا يَظهَرُ مِن صِفاتِه، أَي قُدرَتُه الأَزَلِيَّةُ وأُلوهَتُه، ظاهِرًا لِلبَصائِرِ في مَخلوقاتِه. فلا عُذْرَ لَهم إِذًا، ٢١لِأَنَّهم عَرَفوا اللهَ ولَم يُمَجِّدوه ولا شَكَروه كما يَنبَغي للهِ، بل تاهوا في آرائِهِمِ الباطِلَة فأَظلَمَت قُلوبُهمُ الغَبِيَّة. ٢٢زَعَموا أَنَّهُم حُكَماء، فإِذا هم حَمْقى ٢٣قَدِ ٱستَبدَلوا بِمَجْدِ اللهِ الخالِدِ صُوَرًا تُمَثِّلُ الإِنسانَ الزَّائِلَ والطُّيورَ وذَواتِ الأَربَعِ والزَّحَّافات.

٢٤ولِذٰلِك أَسلَمَهُمُ اللهُ بِشَهَواتِ قُلوبِهم إِلى الدَّعارَة يَشينونَ بِها أَجسادَهم في أَنفُسِهم. ٢٥قَدِ ٱستَبدَلوا الباطِلَ بِحَقيقَةِ الله واتَّقَوا المَخلوقَ وعَبدوهُ بَدَلَ الخالِق، تَبارَكَ أَبَدًا. آمين. ٢٦ولِهٰذا أَسلَمَهُمُ اللهُ إِلى الأَهْواءِ الشَّائِنة، فٱستَبدَلَت إِناثُهم بِالوِصالِ الطَّبيعيِّ الوِصالَ المُخالِفَ لِلطَّبيعة، ٢٧وكَذٰلكَ تَرَكَ الذُّكْرانُ الوِصالَ الطَّبيعِيَّ لِلأُنْثى وٱلتَهَبَ بَعضُهم عِشْقًا لِبَعْض، فَأَتى الذُّكْرانُ الفَحْشاءَ بِالذُكْران، فنالوا في أَنْفُسِهِمِ الجَزاءَ الحَقَّ لِضَلالَتِهم. ٢٨ولَمَّا لم يَرَوا خَيرًا في المُحافظةِ على مَعرِفَةِ الله، أَسلَمَهُمُ اللهُ إِلى فَسادِ بَصائِرِهم ففَعَلوا كُلَّ مُنْكَر. ٢٩مُلِئُوا مِن أَنواعِ الظُّلْمِ والخُبْثِ والطَّمَعِ والشَّرّ. مُلِئُوا مِنَ الحَسَدِ والتَّقْتيل والخِصامِ والمَكْرِ والفَساد. هُم نمَّامونَ ٣٠مُفتَرون، أَعداءٌ للهِ، شَتَّامونَ مُتَكَبِّرونَ صَلِفون، مُتَفَنِّنونَ بِالشَّرّ، عاصونَ لِوالِدِيهِم، ٣١لا فَهمَ لَهم ولا وَفاء ولا وُدَّ ولا رَحمَة. ٣٢ومع أَنَّهم يَعرِفونَ قضاءَ اللهِ بِأَنَّ الَّذينَ يَعمَلونَ مِثلَ هٰذِه الأَعمالِ يَستَوجِبونَ المَوت، فهُم لا يَفعَلونَها فحَسبُ، بل يَرضَونَ عنِ الَّذينَ يَعمَلونَها.

رومة ٢

قضاء الله العادل

١فلا عُذرَ لَكَ أَيًّا كُنتَ، يا مَن يَدين، لِأَنَّكَ وأَنتَ تَدينُ غَيرَكَ تَحكُمُ على نَفْسِكَ، فإِنَّكَ تَعمَلُ عَمَلَه، يا مَن يَدين، ٢ونَحنُ نَعلَمُ أَنَّ قَضاءَ اللهِ يَجْري بِالحَقِّ على الَّذينَ يَعمَلونَ مِثلَ هٰذِه الأَعمال. ٣أَوَتَظُنُّ، أَنتَ الَّذي يَدينُ مَن يَعمَلونَ مِثلَ هٰذه الأَعمالِ ويَفعَلُها، أَنَّكَ تَنْجو مِن قَضاءِ الله، ٤أَم تَزدَري جَزيلَ لُطفِه وحِلمِه وطُولِ أَناتِه، ولا تَعلَمُ أَنَّ لُطْفَ اللهِ يَحمِلُكَ على التَّوبَة؟ ٥غَيرَ أَنَّكَ بِقَساوَتِكَ وقِلَّةِ تَوْبَةِ قَلْبِكَ تَذَّخِرُ لَكَ غَضَبًا لِيَومِ الغَضَب، إِذ يَنكَشِفُ قَضاءُ اللهِ العادِل ٦فيُجازي كُلَّ واحِدٍ بِحَسَبِ أَعمالِه، ٧إِمَّا بِالحَياةِ الأَبَدِيَّةِ لِلَّذينَ بِثَباتِهم على العَمَلِ الصَّالِح يَسعَونَ إِلى المَجدِ والكَرامةِ والمَنعَةِ مِنَ الفَساد، ٨وإِمَّا بِالغَضَبِ والسُّخْطِ على الَّذينَ يَثورونَ فَيَعصونَ الحَقَّ ويَنقادونَ لِلْظُّلْم. ٩فالشِّدَّةُ والضِّيقُ لِكُلِّ ٱمرِئٍ يَعمَلُ الشَّرّ: اليَهودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ اليُونانِيّ، ١٠والمَجْدُ والكَرامةُ والسَّلامُ لِكُلِّ مَن يَعمَلُ الخَيْر: اليَهودِيِّ أَوَّلًا ثُمَّ اليُونانِيّ، ١١لِأَنَّ اللهَ لا يُحابي أَحَدًا. ١٢فالَّذينَ خَطِئُوا وهُم بِغَيرِ شَريعة يَهلِكونَ أَيضًا بِغَيرِ شَريعة. والَّذينَ خَطِئُوا وهُم بِالشَّريعة يُدانونَ بِالشَّريعَة. ١٣فلَيسَ الَّذينَ يُصْغونَ إِلى كَلامِ الشَّريعةِ همُ الأَبرارُ عِندَ الله، بلِ العامِلونَ بِالشَّريعَةِ هُمُ الَّذينَ يُبَرَّرون. ١٤فالوَثنِيُّونَ الَّذينَ بِلا شَريعة، إِذا عَمِلوا بِحَسَبِ الطَّبيعَةِ ما تَأمُرُ بِه الشَّريعة، كانوا شَريعةً لِأَنْفُسِهم، همُ الَّذينَ لا شَريعةَ لَهم، ١٥فيَدُلُّون على أَنَّ ما تَأمُرُ بِه الشَّريعةُ مِنَ الأَعمالِ مَكتوبٌ في قُلوبِهم، وتَشهَدُ لَهم ضَمائِرُهم وأَفكارُهم، فهي تارةً تَشكوهُم وتارةً تُدافِعُ عنهُم. ١٦وسيَظهَرُ ذٰلِكَ كُلُّه، كما أُعلِنُ في بِشارتي، يَومَ يَدينُ اللهُ بِيَسوعَ المسيح ما خَفِيَ مِن أَعمالِ النَّاس.

عصيان إسرائيل

١٧فإِذا كُنتَ تُدْعى يَهُودِيًّا، وتَعتَمِدُ على الشَّريعة وتَفتَخِرُ بِالله ١٨وتَعرِفُ مَشيئَتَه وتُمَيِّزُ ما هو الأَفضَلُ بِفَضْلِ تَلَقُّنِكَ الشَّريعة، ١٩وتُوقِنُ أَنَّكَ قائِدٌ لِلعُمْيانِ ونُورٌ لِلَّذينَ في الظَّلام ٢٠ومُؤَدِّبٌ لِلجُهَّال ومُعَلِّمٌ لِلبُسَطاء، لِأَنَّ لَكَ في الشَّريعةِ وَجهَ المَعرِفَةِ والحَقيقة… ٢١أَفَتُعَلِّمُ غَيرَكَ ولا تُعَلِّمُ نَفْسَكَ. أَتَعِظُ بِالِامتِناعِ عَنِ السَّرِقَةِ وتَسرِق؟ ٢٢أَتَنْهى عنِ الزِّنى وتَزْني؟ أَتَستَقبِحُ الأَصْنامَ وتَنهَبُ مَعابِدَها؟ ٢٣أَتَفتَخِرُ بِالشَّريعةِ وتُهينُ اللهَ بِمُخالَفَتِكَ الشَّريعة؟ ٢٤فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «يُجَدَّفُ بِٱسمِ اللهِ بَينَ الوَثَنِيِّينَ وأَنتُمُ السَّبَب». ٢٥لا شَكَّ أَنَّ في الخِتانِ فائِدة، إِن عَمِلتَ بِالشَّريعة، ولٰكِن إِذا خالَفتَ الشَّريعة صارَ خِتانُكَ قَلَفًا. ٢٦وإِن كانَ الأَقلَفُ يُراعي أَحكامَ الشَّريعة، أَفَما يُعَدُّ قَلَفُه خِتانًا؟ ٢٧فأَقلَفُ الجَسَدِ الَّذي يَعمَلُ بِالشَّريعةِ سَيَدينُكَ أَنتَ الَّذي يُخالِفُ الشَّريعة ومعَه حُروفُ الشَّريعةِ والخِتان. ٢٨فلَيسَ اليَهودِيُّ بِما يَبْدو في الظَّاهِر، ولا الخِتانُ بِما يَبْدو في ظاهِرِ الجَسَد، ٢٩بلِ اليَهودِيُّ هو بِما في الباطِن، والخِتانُ خِتانُ القَلْبِ العائِدُ إِلى الرُّوح، لا إِلى حَرْفِ الشَّريعة. ذاكَ هو الرَّجُلُ الَّذي يَنالُ الثَّناءَ مِنَ الله، لا مِنَ النَّاس.

رومة ٣

شمول العصيان

١فما فَضْلُ اليَهودِيِّ إِذًا؟ وما الفائِدَةُ في الخِتان؟ ٢هِيَ كَبيرَةٌ مِن كُلِّ وَجْه. وأَوَّلُها أَنَّهُمُ ٱئتُمِنوا على كَلامِ الله. ٣فماذا يَكون؟ إِن خانَ بَعضُهم أَفَتُبطِلُ خِيانَتُهم أَمانَةَ الله؟ ٤حاشَ لَه! بل صَدَقَ اللهُ وكَذِبَ كُلُّ إِنسان، على حَدِّ ما وَرَدَ في الكِتاب: «لِكَي تَكونَ بارًّا في كَلامِكَ وتَغلِبَ إِذا حوكِمتَ». ٥ولٰكِن إِذا كانَ ظُلْمُنا يُبرِزُ بِرَّ الله، فماذا نَقول؟ أَفَما يَكونُ اللهُ ظالِمًا إِذا أَنزَلَ بِنا غَضَبَه؟ وكَلامي هٰذا كَلامٌ بَشَرِيٌّ مَحْض. ٦مَعاذَ الله! وإِلَّا فكَيفَ يَدينُ اللهُ العالَم؟ ٧ولٰكِن إِذا كانَ كَذِبي يَزيدُ ظُهورَ صِدْقِ اللهِ مِن أَجْلِ مَجْدِه، فلِماذا أُدانُ أَنا بَعدَ ذٰلك كما يُدانُ الخاطِئ؟ ٨ولِماذا لا نَفْعَلُ الشَّرَّ لِكَي يَأتِيَ منه الخَير، كما يُفتَرى علَينا فَيَزعُمُ بَعضُهم أَنَّنا نَقولُ بِه؟ إِنَّ الحُكمَ على هٰؤُلاءِ لَعَدْل. ٩فماذا إِذًا؟ هل لَنا أَيُّ فَضْل؟ لا فَضْلَ لَنا على الإِطْلاق، فقَد بَرهَنَّا أَنَّ اليَهودَ واليونانِيِّينَ هم كُلُّهم في حُكْمِ الخَطيئة، ١٠فقد وَرَدَ في الكِتاب:

«ما مِن أَحَدٍ بارّ، لا أَحَد

١١ما مِن أَحَدٍ يُدرِك

ما مِن أَحَدٍ يَبتَغي وَجْهَ الله.

١٢ضَلُّوا جَميعًا فَفَسُدوا معًا.

ما مِن أَحَدٍ يَعمَلُ الصَّالِحات

لا أَحَد.

١٣حَناجِرُهُم قُبورٌ مُفَتَّحة

وبِأَلسنَتِهم يَمكُرون.

سَمُّ الأَصْلالِ تَحتَ شِفاهِهِم

١٤أَفْواهُهم مِلْؤُها اللَّعنَةُ والمَرارة

١٥أَقدامُهم تُسرِعُ إِلى سَفْكِ الدِّماء

١٦وعلى طُرُقِهِم دَمارٌ وشَقاء.

١٧سَبيلَ السَّلامِ لا يَعرِفون

١٨ولَيسَت مَخافَةُ اللهِ نُصْبَ عُيونِهِم».

البرّ الآتي من الشريعة

١٩وإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ كُلَّ ما تَقولُه الشَّريعة إِنَّما تَقولُه لِلَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّريعة، لِكَي يُخرَسَ كُلُّ لِسانٍ ولِكَي يُعرَفَ العالَمُ كُلُّه مُذنِبًا عِندَ الله. ٢٠فلِذٰلِكَ لَن يُبَرَّرَ عِندَه أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ إِذا عَمِلَ بِحَسَبِ الشَّريعة، فما الشَّريعةُ إِلَّا سَبيلٌ إِلى مَعرِفَةِ الخَطيئَة.

ب – برّ الله والإيمان

٢١أَمَّا الآن فقَد أُظهِرَ بِرُّ اللهِ بِمَعزِلٍ عنِ الشَّريعة، تَشهَدُ لَه الشَّريعةُ والأَنبِياء، ٢٢هو بِرُّ الله وطَريقُه الإِيمانُ بِيَسوعَ المسيح، لِجَميعِ الَّذينَ آمَنوا، لا فَرْق. ٢٣ذٰلِكَ بِأَنَّ جَميعَ النَّاسِ قد خَطِئُوا فحُرِموا مَجْدَ الله، ٢٤ولٰكِنَّهم بُرِّروا مَجَّانًا بِنِعمَتِه، بِحُكمِ الفِداءِ الَّذي تَمَّ في المَسيحِ يَسوع، ٢٥ذاكَ الَّذي جَعَلَه اللهُ كَفَّارةً في دَمِه بِالإِيمان ليُظهِرَ بِرَّه، بإِغْضائِه عنِ الخَطايا الماضِيَةِ في حِلمِه تَعالى، ٢٦لِيُظهِرَ بِرَّه في الزَّمَنِ الحاضِر فيَكونَ هو بارًّا ويُبَرِّرَ مَن كانَ مِن أَهلِ الإِيمانِ بِيَسوع. ٢٧فأَينَ السَّبيلُ إِلى الِٱفتِخار؟ لا مَجالَ لَه. وبأَيِّ شَريعة؟ أَبِشَريعةِ الأَعمال؟ لا، بل بِشَريعةِ الإِيمان. ٢٨ونَحنُ نَرى أَنَّ الإِنسانَ يُبَرَّرُ بالإِيمانِ بمَعزِلٍ عن أَعمالِ الشَّريعة. ٢٩أَوَيَكونُ اللهُ إِلٰهَ اليَهودِ وَحْدَهم؟ أَما هو إِلٰهُ الوَثَنِيِّينَ أَيضًا؟ بَلى، هو إِلٰهُ الوَثَنِيِّينَ أَيضًا، ٣٠لِأَنَّ اللهَ أَحَد، بالإِيمانِ يُبَرِّرُ المَخْتون وبِالإِيمانِ يُبَرِّرُ الأَقلَف. ٣١أَفَنُبطِلُ الشَّريعةَ بِالإِيمان؟ مَعاذَ الله! بل نُثبِتُ الشَّريعة.

رومة ٤

ج – مثل إبراهيم

إبراهيم المؤمن

١فماذا نَقولُ في جَدِّنا إِبراهيم؟ ماذا نالَ مِن جِهَةِ الجَسَد؟ ٢فلَو نالَ إِبراهيمُ البِرَّ بِالأَعمال لَكانَ لَه سَبيلٌ إِلى الِٱفتِخارِ بِذٰلك، ولٰكِن لَيسَ عِندَ الله. ٣فماذا يَقولُ الكِتاب؟ «إِنَّ إِبراهيمَ آمَنَ بِاللهِ فحُسِبَ لَه ذٰلِكَ بِرًّا». ٤فمَن قامَ بِعَمَل، لا تُحسَبُ أُجرَتُه نِعمَةً، بل حَقًّا، ٥في حِينِ أَنَّ الَّذي لا يَقومُ بِعَمَل، بل يُؤمِنُ بِمَن يُبَرِّرُ الكافِر، فإِيمانُه يُحْسَبُ بِرًّا. ٦وهٰكذا يُشيدُ داوُدُ بِسَعادةِ الإِنسانِ الَّذي يَنسِبُ اللهُ إِليه البِرَّ بِمَعزِلٍ عنِ الأَعمال:

٧«طُوبى لِلَّذينَ عُفِيَ عن آثامِهم

وغُفِرَت لَهم خَطاياهُم!

٨طُوبى لِلرَّجُلِ

الَّذي لا يُحاسِبُه الرَّبُّ بِخَطيئَة!»

٩أَفهٰذِه الطُّوبى لِلمَخْتونينَ فَقَط أَم لِلقُلْفِ أَيضًا؟ فإِنَّنا نَقول: إِنَّ الإِيمانَ حُسِبَ لإِبراهيمَ بِرًّا، ١٠ولٰكِن كَيفَ حُسِبَ لهُ؟ أَفي الخِتانِ أَم في القَلَف؟ لا في الخِتان، بل في القَلَف، ١١وقَد تَلقَّى سِمَةَ الخِتان خاتَمًا لِلبِرِّ الَّذي يأتي من الإِيمانِ وهو أَقْلَف، فأَصبَحَ أَبًا لِجَميعِ المُؤمِنينَ الَّذينَ في القَلَف، لِكَي يُنسَبَ إِلَيهِمِ البِرّ، ١٢وأَبًا لِأَهلِ الخِتانِ الَّذينَ لَيسوا مِن أَهلِ الخِتانِ فَحَسْبُ، بل يَقتَفونَ أَيضًا آثارَ الإِيمانِ الَّذي كانَ علَيه أَبونا إِبراهيمُ وهو في القَلَف. ١٣فالوَعْدُ الَّذي وُعِدَهُ إِبراهيمُ أَو نَسْلُه بِأَن يَرِثَ العالَم لا يَعودُ إِلى الشَّريعة، بل إِلى بِرِّ الإِيمان. ١٤فلَو كانَ الوَرَثَةُ أَهْلَ الشَّريعة لَأُبطِلَ الإِيمانُ ونُقِضَ الوَعْد، ١٥لِأَنَّ الشَّريعةَ تَجلُبُ الغَضَب، وحَيثُ لا تَكونُ شَريعة لا تَكونُ مَعصِيَة ١٦ولِذٰلك فالميراثُ يَحصُلُ بِالإيمان لِيَكونَ عَلى سَبيلِ النِّعمَة ويَبقى الوَعْدُ جاريًا على نَسْلِ إِبراهيمَ كُلِّه، لا على مَن يَنتَمونَ إِلى الشَّريعةِ فَحَسْبُ، بل على مَن يَنتَمونَ إِلى إِيمانِ إِبراهيمَ أَيضًا. وهُو أَبٌ لَنا جَميعًا، ١٧فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنِّي جَعَلتُكَ أَبًا لِعَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ الأُمَم». هو أَبٌ لَنا عِندَ الَّذي بِه آمَن، عِندَ اللهِ الَّذي يُحيِي الأَمواتَ ويَدعو إِلى الوُجودِ غَيرَ المَوجود. ١٨آمَنَ راجِيًا على غَيرِ رَجاءٍ فأَصبَحَ أَبًا لِعَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ الأُمَمِ على ما قِيل: «هٰكذا يَكونُ نَسْلُكَ». ١٩ولَم يَضعُفْ في إِيمانِه حِينَ رأَى أَنَّ بَدَنَه قد ماتَ (وكانَ قد شارَفَ المائةَ) وأَنَّ رَحِمَ سارَةَ قد ماتَت أَيضًا. ٢٠ففي وَعدِ اللهِ لم يَتَرَدَّدْ لِعَدَمِ الإِيمان، بل قَوَّاهُ إِيمانُه فمَجَّدَ اللهَ ٢١مُتَيَقِّنًا أَنَّ اللهَ قادِرٌ على إِنجازِ ما وَعَدَ بِه. ٢٢فلِهٰذا حُسِبَ لَه ذٰلِك بِرًّا. ٢٣ولَيسَ مِن أَجلِه وَحدَه كُتِبَ «حُسِبَ لَه»، ٢٤بل مِن أَجلِنا أَيضًا نَحنُ الَّذينَ يُحْسَبُ لَنا الإِيمانُ بِرًّا لِأَنَّنا نُؤمِنُ بِمَن أَقامَ مِن بَينِ الأَمواتِ يسوعَ ربَّنا ٢٥الَّذي أُسلِمَ إِلى المَوتِ مِن أَجْلِ زَلَّاتِنا وأُقيمَ مِن أَجْلِ بِرِّنا.

٢. خلاص الإنسان

رومة ٥

حصول الإنسان على البرّ ومصالحته وخلاصه

١فلَمَّا بُرِّرْنا بِالإِيمان حَصَلْنا على السَّلامِ مع اللهِ بِرَبِّنا يسوعَ المَسيح، ٢وبِه أَيضًا بَلَغْنا بِالإِيمانِ إِلى هٰذِه النِّعمَةِ الَّتي فيها نَحنُ قائِمون، ونَفتَخِرُ بِالرَّجاءِ لِمَجْدِ الله، ٣لا بل نَفتَخِرُ بِشَدائِدِنا نَفْسِها لِعِلمِنا أَنَّ الشِّدَّةَ تَلِدُ الثَّبات، ٤والثَّباتَ يَلِدُ فَضيلةَ الِٱختِبار وفَضيلةَ الِٱختِبار تَلِدُ الرَّجاء ٥والرَّجاءَ لا يُخَيِّبُ صاحِبَه، لِأَنَّ مَحَبَّةَ الله أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحِ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا. ٦ولَمَّا كُنَّا لا نَزالُ ضُعَفاء، ماتَ المسيحُ في الوَقْتِ المُحَدَّدِ مِن أَجْلِ قَوْمٍ كافِرين، ٧ولا يَكادُ يَموتُ أَحَدٌ مِن أَجْلِ ٱمرِئٍ بارّ، ورُبَّما جَرُؤَ أَحَدٌ أَن يَموتَ مِن أَجْلِ ٱمرِئٍ صالِح. ٨أَمَّا اللهُ فقَد دَلَّ على مَحَبَّتِه لَنا بِأَنَّ المسيحَ قد ماتَ مِن أَجْلِنا إِذ كُنَّا خاطِئين. ٩فما أَحرانا اليَوم، وقَد بُرِّرنا بِدَمِه، أَن نَنجُوَ بِه مِنَ الغَضَب! ١٠فإِن صالَحَنا اللهُ بِمَوتِ ٱبنِه ونَحنُ أَعداؤُه، فما أَحرانا أَن نَنجُوَ بِحَياتِه ونَحنُ مُصالَحون! ١١لا بَل إِنَّنا نَفتَخِرُ بِالله، بِرَبِّنا يسوعَ المسيحِ الَّذي بِه نِلْنا الآنَ المُصالَحة.

أ – التحرّر من الخطيئة والموت والشريعة

آدم ويسوع المسيح

١٢فكَما أَنَّ الخَطيئَةَ دَخَلَت في العالَمِ عَن يَدِ إِنسانٍ واحِد، وبِالخَطيئَةِ دَخَلَ المَوت، وهٰكذا سَرى المَوتُ إِلى جَميعِ النَّاسِ لِأَنَّهُم جَميعًا خَطِئوا… ١٣فالخَطيئَةُ كانَت في العالَمِ إِلى عَهْدِ الشَّريعة، ومع أَنَّه لا تُحسَبُ خَطيئَةٌ على فاعِلِها إِذا لم تَكُنْ هُناكَ شَريعة، ١٤فقَد سادَ المَوتُ مِن عَهْدِ آدَمَ إِلى عَهْدِ موسى، سادَ حتَّى الَّذينَ لم يَرتَكِبوا خَطيئَةً تُشبِهُ مَعصِيَةَ آدم، وهو صُورَةٌ لِلَّذي سيَأتي. ١٥ولٰكِن لَيسَتِ الهِبَةُ كَمِثْلِ الزَّلَّة: فإِذا كانَت جَماعَةُ النَّاسِ قد ماتَت بِزَلَّةِ إِنسانٍ واحِد، فبِالأَوْلى أَن تَفيضَ على جَماعَةِ النَّاسِ نِعمَةُ اللهِ والعَطاءُ المَمْنوحُ بِنِعمَةِ إِنسانٍ واحِد، أَلا وهو يسوعُ المسيح. ١٦ولَيسَتِ الهِبَةُ كَمِثْلِ ما جَرَّت مِنَ العَواقِبِ خَطيئَةُ إِنسانٍ واحِد. فالحُكْمُ على أَثَرِ خَطيئَةِ إِنسانٍ واحِدٍ أَفْضى إِلى الإِدانة، والهِبَةُ على أَثَرِ زَلَّاتٍ كَثيرةٍ أَفضَت إِلى التَّبْرير. ١٧فإِذا كانَ المَوتُ بِزَلَّةِ إِنسانٍ واحِد قد سادَ عن يَدِ إِنسانٍ واحِد، فما أَحْرى أُولٰئِكَ الَّذينَ تَلَقَّوا فَيضَ النِّعمَةِ وهِبَةَ البِرِّ أَن يَسودوا بالحَياةِ بيَسوعَ المسيحِ وَحدَه. ١٨فكَما أَنَّ زَلَّةَ إِنسانٍ واحِدٍ أَفضَت بِجَميعِ النَّاسِ إِلى الإِدانة، فكَذٰلِكَ بِرُّ إِنسانٍ واحِدٍ يَأتِي جَميعَ النَّاسِ بِالتَّبْريرِ الَّذي يَهَبُ الحَياة. ١٩فكما أَنَّه بِمَعصِيَةِ إِنسانٍ واحِدٍ جُعِلَت جَماعةُ النَّاسِ خاطِئَة، فكَذٰلِكَ بِطاعةِ واحِدٍ تُجعَلُ جَماعةُ النَّاسِ بارَّة. ٢٠وقَد جاءَتِ الشَّريعةُ لِتَكثُرَ الزَّلَّة، ولٰكِن حَيثُ كَثُرَتِ الخَطيئَة فاضَتِ النِّعمَة، ٢١حتَّى إِنَّه كما سادَتِ الخَطيئَةُ لِلمَوت، فكذٰلك تَسودُ النِّعمَةُ بِالبِرِّ في سَبيلِ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ بِيَسوعَ المسيحِ رَبِّنا.

رومة ٦

الموت والحياة مع يسوع المسيح

١فماذا نَقول؟ أَنَتَمادى في الخَطيئَةِ لِتَكثُرَ النِّعمَة؟ ٢مَعاذَ الله! أَمَّا وقَد مُتْنا عنِ الخَطيئَة، فكَيفَ نَحْيا فيها مِن بَعدُ؟ ٣أَوَتَجهَلونَ أَنَّنا، وقَدِ ٱعتَمَدْنا جَميعًا في يسوعَ المسيح، إِنَّما ٱعتَمَدْنا في مَوتِه ٤فدُفِنَّا مَعَه في مَوتِه بِالمَعمودِيَّة لِنَحْيا نَحنُ أَيضًا حَياةً جَديدة كما أُقيمَ المَسيحُ مِن بَينِ الأَمواتِ بِمَجْدِ الآب؟ ٥فإِذا ٱتَّحَدْنا بِه فصِرْنا على مِثالِه في المَوت، فسنَكونُ على مِثالِه في القِيامةِ أَيضًا. ٦ونَحنُ نَعلَمُ أَنَّ إِنسانَنا القَديم قد صُلِبَ مَعَه لِيَزولَ هٰذا البَشَرُ الخاطِئ، فلا نَظَلَّ عَبيدًا لِلخَطيئَة، ٧لِأَنَّ الَّذي ماتَ تَحَرَّرَ مِنَ الخَطيئَة. ٨فإِذا كُنَّا قَد مُتْنا مع المسيح، فإِنَّنا نُؤمِنُ بِأَنَّنا سَنَحْيا معَه. ٩ونَعلَمُ أَنَّ المسيح، بَعدَما أُقيمَ مِن بَينِ الأَموات، لن يَموتَ بَعدَ ذٰلِك ولن يَكونَ لِلمَوتِ علَيه مِن سُلطان، ١٠لِأَنَّه بِمَوتِه قد ماتَ عنِ الخَطيئَةِ مَرَّةً واحِدَة، وفي حَياتِه يَحْيا للهِ. ١١فكَذٰلِكَ ٱحسَبوا أَنتُم أَنَّكُم أَمواتٌ عنِ الخَطيئَة أَحْياءٌ للهِ في يسوعَ المسيح.

١٢فلا تَسودَنَّ الخَطيئَةُ جَسَدَكمُ الفاني فتُذعِنوا لِشَهَواتِه، ١٣ولا تَجعَلوا مِن أَعضائِكم سِلاحًا لِلظُّلْمِ في سَبيلِ الخَطيئَة، بلِ ٱجعَلوا أَنفُسَكم في خِدمَةِ الله، على أَنَّكم أَحْياءٌ قاموا مِن بَينِ الأَموات، وٱجعَلوا مِن أَعضائِكم سِلاحًا لِلْبِرِّ في سَبيلِ الله، ١٤فلا يَكونَ لِلخَطيئَةِ مِن سُلطانٍ علَيكم. فَلَستُم في حُكْمِ الشَّريعة، بل في حُكْمِ النِّعمَة.

خدمة البرّ

١٥فماذا إِذًا؟ أَنَخطَأُ لِأَنَّنا لَسنا في حُكْمِ الشَّريعة، بل في حُكْمِ النِّعمَة؟ مَعاذَ الله! ١٦أَلا تَعلَمونَ أَنَّكم، إِذا جَعَلتُم أَنفُسَكم عَبيدًا في خِدمَةِ أَحَدٍ لِتَخضَعوا لَه، صِرتُم عَبيدًا لِمَن تَخضَعون: إِمَّا لِلخَطيئَةِ وعاقِبَتُها المَوت، وإِمَّا لِلطَّاعَةِ وعاقِبَتُها البِرّ؟ ١٧ولٰكِنِ الشُّكرُ للهِ! فقد كُنتُم عَبيدًا لِلخَطيئَةِ ولٰكِنَّكم أَطَعتُم بِصَميمِ قُلوبِكم أُصولَ التَّعليمِ الَّذي إِلَيه وُكِلتُم. ١٨وأَصْبَحْتُم، بَعدَما حُرِّرتُم مِنَ الخَطيئَة، عَبيدًا لِلبِرّ. ١٩وتَعْبيري هٰذا بَشَرِيٌّ يُراعي ضُعفَ طَبيعَتِكم. فكما جَعَلتُم مِن أَعْضائِكم عَبيدًا في خِدمَةِ الدَّعارةِ والفِسْقِ وعاقِبَتُهما التَّمَرُّدُ على الله، فكَذٰلِكَ ٱجعَلوا الآنَ مِنها عَبيدًا في خِدمَةِ البِرِّ الَّذي يَقودُ إِلى القَداسة.

٢٠لَمَّا كُنتُم عَبيدًا لِلخَطيئَة، كُنتُم أَحرارًا مِن جِهَةِ البِرّ، ٢١فأَيَّ ثَمَرٍ حَمَلتُم حينَذاك؟ إِنَّكم تَخجَلونَ الآنَ مِن تِلكَ الأُمور لِأَنَّ عاقِبَتَها المَوت. ٢٢أَمَّا الآن، وقَد أُعتِقتُم مِنَ الخَطيئَة وصِرتُم عَبيدًا للهِ، فإِنَّكم تَحمِلونَ الثَّمَرَ الَّذي يَقودُ إِلى القَداسة، وعاقِبَتُه الحَياةُ الأَبَدِيَّة، ٢٣لِأَنَّ أُجرَةَ الخَطيئَةِ هي المَوت، وأَمَّا هِبَةُ اللهِ فهي الحَياةُ الأَبَدِيَّةُ في يسوعَ المَسيحِ ربِّنا.

رومة ٧

المسيحيّ محرّر من الشريعة

١أَوَتَجهَلونَ، أَيُّها الإِخوَة، وإِنِّي أُكَلِّمُ قَومًا يَعرِفونَ الشَّريعة، أَن لا سُلطَةَ لِلشَّريعةِ على الإِنسانِ إِلَّا ما دامَ حَيًّا؟ ٢فالمرأَةُ المُتَزوِّجَةُ تَربِطُها الشَّريعةُ بِالرَّجُلِ ما دامَ حَيًّا، فإِذا ماتَ حُلَّت مِنَ الشَّريعةِ الَّتي تَربِطُها بِزَوجِها. ٣وإِن صارَت إِلى رَجُلٍ آخَر وزَوجُها حَيّ، عُدَّت زانِية. وإِذا ماتَ الزَّوجُ تحرَّرَت مِنَ الشَّريعة، فلا تَكونُ زانِيةً إِذا صارَت إِلى رَجُلٍ آخَر. ٤وكَذٰلِك أَنتُم يا إِخوَتي، فقَد أُمِتُّم عنِ الشَّريعةِ بِجَسَدِ المسيح لِتَصيروا إِلى آخَر، إِلى الَّذي أُقيمَ مِن بَينِ الأَموات، لِنُثمِرَ للهِ، ٥لِأَنَّنا حينَ كُنَّا في حُكْمِ الجَسَد، كانَتِ الأَهواءُ الأَثيمَةُ تَعمَلُ في أَعضائِنا مُتذَرِّعةً بِالشَّريعة، لِكَي نُثمِرَ لِلمَوت. ٦أَمَّا الآن، وقَد مُتْنا عَمَّا كانَ يأسِرُنا، فقَد حُلِلْنا مِنَ الشَّريعة وأَصبَحْنا نَعمَلُ في نِظامِ الرُّوحِ الجَديد، لا في نِظامِ الحَرْفِ القَديم.

عمل الشريعة

٧فماذا نَقول؟ أَتَكونُ الشَّريعةُ خَطيئَة؟ مَعاذَ الله! ولٰكِنِّي لم أَعرِفِ الخَطيئَةَ إِلَّا بِالشَّريعَة. فلَو لم تَقُلِ الشَّريعة: لا تَشتَهِ، لَما عَرَفتُ الشَّهوَة. ٨وٱنتَهَزَتِ الخَطيئَةُ الفُرصَةَ فأَورَثَتْني بِالوَصِيَّةِ كُلَّ نَوعٍ مِنَ الشَّهَوات، فإِنَّ الخَطيئَةَ بِمَعزِلٍ عن الشَّريعَةِ شَيءٌ مَيت. ٩كُنتُ أَحْيا مِن قَبْلُ إِذ لم تَكُنْ شَريعة. فلَمَّا جاءَتِ الوَصِيَّة، عاشَتِ الخَطيئَةُ ومُتُّ أَنا. ١٠فإِذا بِالوَصِيَّةِ الَّتي هي سَبيلٌ إِلى الحَياةِ قد صارَت لي سَبيلًا إِلى المَوت، ١١ذٰلِك بِأَنَّ الخَطيئَةَ ٱنْتَهَزَتِ الفُرصَةَ سَبيلًا فأَغوَتْني بِالوَصِيَّةِ وبِها أَماتَتْني.

الإنسان في حكم الخطيئة

١٢الشَّريعةُ إِذًا مُقَدَّسةٌ والوَصِيَّةُ مُقَدَّسةٌ عادِلةٌ صالِحة. ١٣فهَل صارَ الصَّالِحُ سَبَبًا لِمَوتي؟ مَعاذَ الله! ولٰكِنَّ الخَطيئَةَ، لِيَظهَرَ أَنَّها خَطيئة، أَورَثَتْني المَوتَ، مُتَذَرِّعةً بما هو صالِح، لِتَبلُغَ الخَطيئَةُ أَقْصى حُدودِ الخَطيئَة، مُتَذَرِّعةً بِالوَصِيَّة. ١٤نَحنُ نَعلَمُ أَنَّ الشَّريعَةَ روحيَّة، ولٰكِنِّي بَشَرٌ بِيعَ لِيَكونَ لِلخَطيئَة. ١٥وحقًّا لا أَدْري ما أَفعَل: فالَّذي أُريدُه لا أَفعَلُه، وأَمَّا الَّذي أَكرَهُه فإِيَّاه أَفعَل. ١٦فإِذا كُنتُ أَفعَلُ ما لا أُريد، فإِنِّي أُوافِقُ الشَّريعةَ على أَنَّها حَسَنَة. ١٧فلَستُ أَنا الَّذي يَفعَلُ ذٰلِكَ، بلِ الخَطيئَةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ، ١٨لِأَنِّي أَعلَمُ أَنَّ الصَّلاحَ لا يَسكُنُ فِيَّ، أَي في جَسَدي، فالرَّغبَةُ في الخَيرِ هي بِاستِطاعَتي، وأَمَّا فِعلُه فلا. ١٩لِأَنَّ الخَيرَ الَّذي أُريدُه لا أَفعَلُه، والشَّرَّ الَّذي لا أُريدُه إِيَّاه أَفعَل. ٢٠فإِذا كُنتُ أَفعَلُ ما لا أُريد، فلَستُ أَنا أَفعَلُ ذٰلِك، بلِ الخَطيئَةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. ٢١فأَنا الَّذي يُريدُ فِعلَ الخَيرِ أَجِدُ هٰذه الشَّريعة، وَهيَ أَنَّ الشَّرَّ بِٱستِطاعَتي، ٢٢وإِنِّي أَطِيبُ نَفْسًا بِشَريعةِ اللهِ مِن حَيثُ إِنِّي إِنسانٌ باطِن، ٢٣ولٰكِنِّي أَشعُرُ في أَعْضائي بِشَريعةٍ أُخْرى تُحارِبُ شَريعةَ عَقْلي وتَجعَلُني أَسيرًا لِشَريعةِ الخَطيئَة، تِلكَ الشَّريعةِ الَّتي هي في أَعْضائي. ٢٤ما أَشْقاني مِن إِنسان! فمَن يُنقِذُني مِن هٰذا الجَسَدِ الَّذي مَصيرُه المَوت؟ ٢٥الشُّكرُ للهِ بِيَسوعَ المسيحِ ربِّنا! فهاءَنَذا عَبْدٌ بِالعَقْلِ لِشَريعةِ الله وعَبْدٌ بِالجَسَدِ لِشَريعةِ الخَطيئَة.

رومة ٨ 

ب – حياة المسيحيّ في الروح

التحرّر بالروح

١فلَيسَ بَعدَ الآنَ مِن حُكْمٍ على الَّذينَ هُم في يسوعَ المسيح، ٢لِأَنَّ شَريعَةَ الرُّوحِ الَّذي يَهَبُ الحَياةَ في يسوعَ المسيح قد حَرَّرَتْني مِن شَريعَةِ الخَطيئَةِ والمَوت. ٣فالَّذي لم تَستَطِعْهُ الشَّريعة، والجَسَدُ قد أَعْياها، حَقَّقَه اللهُ بِإِرسالِ ٱبنِه في جَسَدٍ يُشْبِهُ جَسَدَنا الخاطِئ، كَفَّارَةً لِلخَطيئَة. فحَكَمَ على الخَطيئَةِ في الجَسَد ٤لِيَتِمَّ فِينا ما تَقتَضِيهِ الشَّريعةُ مِنَ البِرّ، نَحنُ الَّذينَ لا يَسلُكونَ سَبيلَ الجَسَد، بل سَبيلَ الرُّوح. ٥فالَّذينَ يَحيَونَ بِحَسَبِ الجَسَد يَنزِعونَ إِلى ما هو لِلجَسد، والَّذينَ يَحيَونَ بِحَسَبِ الرُّوح يَنزِعونَ إِلى ما هو لِلرُّوح. ٦فالجَسَدُ يَنزِعُ إِلى المَوت، وأَمَّا الرُّوح فيَنزِعُ إِلى الحَياةِ والسَّلام. ٧ونُزوعُ الجَسَدِ عَداوَةٌ للهِ، فلا يَخضَعُ لِشَريعةِ الله، بل لا يَستَطيعُ ذٰلِك. ٨والَّذينَ يَحيَونَ في الجَسَد لا يَستَطيعونَ أَن يُرضُوا الله. ٩أَمَّا أَنتُم فلَستُم تَحيَونَ في الجَسَد، بل في الرُّوح، لِأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فيكُم. ومَن لم يَكُنْ فيه رُوحُ المسيح فما هو مِن خاصَّتِه. ١٠وإِذا كانَ المَسيحُ فيكُم فالجَسَدُ مَيْتٌ بِسَبَبٍ مِنَ الخَطيئَة، ولٰكِنَّ الرُّوحَ حَياةٌ بِسَبَبٍ مِنَ البِرّ. ١١فإِذا كانَ الرُّوحُ الَّذي أَقامَ يسوعَ مِن بَينِ الأَمواتِ حالًّا فيكُم، فالَّذي أَقامَ يسوعَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات يُحْيي أَيضًا أَجسادَكُمُ الفانِيةَ بِرُوحِه الحالِّ فيكُم. ١٢فنَحنُ إِذًا أَيُّها الإِخوَةُ علَينا حَقٌّ، ولٰكِن لا لِلجَسَدِ لِنَحْيا حَياةَ الجَسَد، ١٣لِأَنَّكم إِذا حَيِيتُم حَياةَ الجَسَدِ تَموتون، أَمَّا إِذا أَمَتُّم بِالرُّوحِ أَعمالَ الجَسَدِ فسَتَحيَون. ١٤إِنَّ الَّذينَ يَنقادونَ لِرُوحِ الله يَكونونَ أبناءَ اللهِ حَقًّا. ١٥لم تَتلَقَّوا روحَ عُبودِيَّةٍ لِتَعودوا إِلى الخَوف، بل روحَ تَبَنٍّ بِه نُنادي: أَبّا، يا أَبَتِ! ١٦وهٰذا الرُّوحُ نَفْسُه يَشْهَدُ مع أَرواحِنا بِأَنَّنا أَبناءُ الله. ١٧فإِذا كُنَّا أَبْناءَ الله فنَحنُ وَرَثة: وَرَثَةُ اللهِ وشُرَكاءُ المسيحِ في المِيراث، لِأَنَّنا، إِذا شارَكْناه في آلامِه، نُشارِكُه في مَجْدِه أَيضًا.

المجد الآتي

١٨وأَرى أَنَّ آلامَ الزَّمَنِ الحاضِرِ لا تُعادِلُ المَجدَ الَّذي سيَتَجَلَّى فينا. ١٩فالخَليقَةُ تَنتَظِرُ بِفارِغِ الصَّبْرِ تَجَلِّيَ أَبناءِ الله. ٢٠فقد أُخضِعَت لِلباطِل، لا طَوْعًا مِنها، بل بِسُلطانِ الَّذي أَخضَعَها، ومع ذٰلك لم تَقطَعِ الرَّجاء، ٢١لِأَنَّها هي أَيضًا ستُحَرَّرُ مِن عُبودِيَّةِ الفَسادِ لِتُشارِكَ أَبناءَ اللهِ في حُرِّيَّتِهم ومَجْدِهم. ٢٢فإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ الخَليقَةَ جَمْعاءَ تَئِنُّ إِلى اليَومِ مِن آلامِ المَخاض، ٢٣ولَيسَت وَحْدَها، بل نَحنُ الَّذينَ لَنا باكورةُ الرُّوحِ نَئِنُّ في الباطِن مُنتَظِرينَ التَّبَنِّي، أَيِ ٱفتِداءَ أَجسادِنا، ٢٤لِأَنَّنا في الرَّجاءِ نِلْنا الخَلاص، فإِذا شُوهِدَ ما يُرجى لم يَكُن رَجاء، وما يُشاهِدُه المَرءُ فكَيفَ يَرجوه أَيضًا؟ ٢٥ولٰكِن إِذا كُنَّا نَرْجو ما لا نُشاهِدُه فبِالثَّباتِ نَنتَظِرُه.

٢٦وكَذٰلِكَ فإِنَّ الرُّوحَ أَيضًا يَأتي لِنَجدَةِ ضُعْفِنا لِأَنَّنا لا نُحسِنُ الصَّلاةَ كما يَجِب، ولٰكِنَّ الرُّوحَ نَفسَه يَشفَعُ لَنا بِأَنَّاتٍ لا تُوصَف. ٢٧والَّذي يَختَبِرُ القُلوبَ يَعلَمُ ما هو نُزوعُ الرُّوحِ فإِنَّه يَشفَعُ لِلقِدِّيسينَ بِما يُوافِقُ مَشيئَةَ الله. ٣٨وإنّنا على يَقينٍ أنَّ الله يَعمَلُ مع الَّذين يُحِبُّونَه، الَّذين دَعاهم بِسابقِ تَدبيرِه، لتَؤولَ كلُّ الأمورِ إلى خَيرِهم. ٢٩ذٰلك بأَنَّه عَرَفَهم بِسابِقِ عِلمِه وسَبَقَ أَن قَضى بِأَن يَكونوا على مِثالِ صُورَةِ ٱبْنِه لِيَكونَ هٰذا بِكْرًا لِإِخوَةٍ كَثيرين. ٣٠فالَّذينَ سَبَقَ أَن قَضى لَهم بِذٰلك دَعاهم أَيضًا، والَّذينَ دَعاهُم بَرَّرَهم أَيضًا، والَّذينَ بَرَّرَهم مَجَّدَهُم أَيضًا.

نشيد في محبّة الله

٣١فماذا نُضيفُ إِلى ذٰلِك؟ إِذا كانَ اللهُ معَنا، فمَن يَكونُ علَينا؟ ٣٢إِنَّ الَّذي لم يَضَنَّ بِٱبْنِه نَفسِه، بل أَسلَمَه إِلى المَوتِ مِن أَجْلِنا جَميعًا، كَيفَ لا يَهَبُ لَنا معَه كُلَّ شَيء؟ ٣٣فمَن يَتَّهِمُ الَّذينَ ٱختارَهمُ الله؟ اللهُ هوَ الَّذي يُبَرِّر! ٣٤ومَنِ الَّذي يُدين؟ المَسيحُ يَسوعُ الَّذي مات، بل قام، وهو الَّذي عن يَمينِ اللهِ والَّذي يَشفَعُ لَنا؟ ٣٥فمَن يَفصِلُنا عن مَحبَّةِ المسيح؟ أَشِدَّةٌ أَم ضِيقٌ أَمِ ٱضْطِهادٌ أَم جُوعٌ أَم عُرْيٌ أَم خَطَرٌ أَم سَيْف؟ ٣٦فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنَّنا مِن أَجْلِكَ نُعاني المَوتَ طَوالَ النَّهار ونُعَدُّ غَنَمًا لِلذَّبْح». ٣٧ولٰكِنَّنا في ذٰلِكَ كُلِّه فُزْنا فَوزًا مُبينًا، بِالَّذي أَحَبَّنا.

٣٨وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّه لا مَوتٌ ولا حَياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصحابُ رِئاسة، ولا حاضِرٌ ولا مُستَقبَل، ولا قُوَّات، ٣٩ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَليقَةٌ أُخْرى، بِوُسعِها أَن تَفصِلَنا عن مَحبَّةِ اللهِ الَّتي في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.

رومة ٩

ج – حال الشعب الإسرائيليّ

إختيار إسرائيل وخطيئته

١الحقَّ أَقولُ في المسيح ولا أَكذِب، وضَميري شاهِدٌ لي في الرُّوحِ القُدُس، ٢إِنَّ في قَلْبي لَغَمًّا شَديدًا وأَلَمًا مُلازِمًا. ٣لقَد وَدِدتُ لو كُنتُ أَنا نَفْسي مَلعونًا ومُنفَصِلًا عنِ المسيح في سَبيلِ إِخوَتي بَني قَومي بِاللَّحمِ والدَّم، ٤أُولٰئِكَ الَّذينَ هم بَنو إِسرائيل ولَهُمُ التَّبَنِّي والمَجْدُ والعُهود والتَّشريعُ والعِبادَةُ والمَواعِدُ ٥والآباء، ومِنهمُ المسيحُ مِن حَيثُ إِنَّه بَشَر، وهو فَوقَ كُلِّ شَيءٍ إِلٰهٌ مُبارَكٌ أَبَدَ الدُّهور. آمين.

٦وما سَقَطَ كَلامُ الله! فلَيسَ جَميعُ الَّذينَ هم مِن إِسرائيل بِإِسرائيل، ٧ولا هم جَميعًا أَبناءُ إِبراهيم وإِن كانوا مِن نَسْلِه، بل «بِإِسْحٰق يَكونُ لكَ نَسلٌ يُدعى بِٱسمِكَ». ٨وهٰذا يَعْني أَنَّ أَبناءَ الجَسَدِ لَيسوا أَبناءَ الله، بل أَبْناءُ الوَعْدِ همُ الَّذينَ يُحسَبونَ نَسلَه، ٩فهٰذا ما جاءَ في كَلامِ الوَعْد: «سَأَعودُ في مِثْلِ هٰذا الوَقْت، ويَكونُ لِسارَةَ ٱبْنٌ»، ١٠لا بل هُناكَ أَمرٌ آخَر، وهو أَنَّ رِفْقَةَ حَبِلَت مِن رَجُلٍ واحِد هو أَبونا إِسْحٰق، ١١فقَبْلَ أَن يُولَدَ الصَّبِيَّان ويَعمَلا خَيرًا أَو شَرًّا، لِيَبْقى تَدبيرُ اللهِ القائمُ على حُرِّيَّةِ الِٱختيار، ١٢وهو أَمْرٌ لا يَعودُ إِلى الأَعمال، بل إِلى الَّذي يَدْعو، قيلَ لَها: «إِنَّ الكَبيرَ يَخدُمُ الصَّغير»، ١٣فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «إِنِّي أَحبَبتُ يَعْقوبَ وأَبغَضتُ عِيسو».

١٤فماذا نَقول؟ أَيَكونُ عِندَ اللهِ ظُلْم؟ حاشَ لَه! ١٥فقَد قالَ لِموسى: «أَرحَمُ مَن أَرحَمُ وأَرأَفُ بِمَن أَرأَف». ١٦فلَيسَ الأَمرُ إِذًا أَمرَ إِرادَةٍ أَو سَعيٍ، بل هو أَمرُ رَحمَةِ الله. ١٧فقَد قالَ الكِتابُ لِفِرعَون: «ما أَقَمتُكَ إِلَّا لِأُظهِرَ فيكَ قُدرَتي ويُنادى بِٱسْمي في الأَرضِ كُلِّها». ١٨فهو إِذًا يَرحَمُ مَن يَشاءُ ويُقَسِّي قَلْبَ مَن يَشاء.

حرّيّة الله المطلقة

١٩ولا شَكَّ أَنَّكَ تَقولُ لي: «فماذا يَشْكو بَعدَ ذٰلك؟ مَن تُراهُ يُقاوِمُ مَشيئَتَه؟» ٢٠مَن أَنتَ أَيُّها الإِنسانُ حتَّى تَعتَرِضَ على الله؟ أَيَقولُ الصُّنْعُ لِلصَّانِع: لِمَ صَنَعتَني هٰكذا؟ ٢١أَلَيسَ الخَزَّافُ سَيِّدَ طينِه، فيَصنَعُ مِن جَبْلَةٍ واحِدَةٍ إِناءً شَريفَ الِاستِعمال وإِناءً آخَرَ خَسيسَ الِٱستِعمال؟ ٢٢فإِذا شاءَ اللهُ أَن يُظهِرَ غَضَبَه ويُخبِرَ عَنْ قُدرَتِه فٱحتَملَ بِصَبْرٍ عَظيمٍ آنِيَةَ الغَضَب، وهي وَشيكةُ الهَلاك، ٢٣ومُرادُه أَن يُخبِرَ عن سَعَةِ مَجْدِه في آنِيَةِ الرَّحمَةِ الَّتي سَبَقَ أَن أَعَدَّها لِلمَجْد، أَي فينا نَحنُ ٢٤الَّذينَ دَعاهم، لا مِن بَينِ اليَهودِ وَحْدَهم، بل مِن بَينِ الوَثَنِيِّينَ أَيضًا… ٢٥فقَد قالَ في سِفْرِ هُوشَع: «مَن لم يَكُنْ شَعْبي سأَدْعوهُ شَعْبي، ومَن لم تَكُنْ مَحبوبَتي سَأَدْعوها مَحبوبَتي، ٢٦وحَيثُ قيلَ لَهم: لَستُم بِشَعْبي، سيُدعَونَ أَبناءَ اللهِ الحَيّ». ٢٧ويَهتِفُ أَشَعْيا كذٰلِك في كَلامِه على إِسرائيل: «وإِن كانَ بَنو إِسرائيلَ عَدَدَ رَمْلِ البَحْر، فالبَقِيَّةُ وَحْدَها تَنالُ الخَلاص، ٢٨فإِنَّ الرَّبَّ سَيُتِمُّ كَلِمَتَه في الأَرضِ إِتمامًا كامِلًا سَريعًا». ٢٩وبِذٰلِكَ أَيضًا أَنبَأَ أَشَعْيا فقال: «لو لم يَحفَظْ رَبُّ القُوَّاتِ لَنا نَسلًا، لَصِرْنا أَمثالَ سَدومَ وأَشباهَ عَمورَة».

٣٠فماذا نَقول؟ نَقولُ إِنَّ الوَثَنِيِّينَ الَّذينَ لم يَسعَوا إِلى البِرِّ قد نالوا البِرَّ الَّذي يَأتِي مِنَ الإِيمان، ٣١في حينِ أَنَّ إِسرائيلَ الَّذي كانَ يَسْعى إِلى شَريعةِ بِرٍّ لم يُدرِكْ هٰذه الشَّريعة. ٣٢ولِماذا لِأَنَّه لم يَنتَظِر البِرَّ مِنَ الإِيمان، بل ظَنَّ إِدْراكَه بِالأَعمال، فصَدَمَ حَجَرَ صَدْم، ٣٣فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «هاءَنَذا واضِعٌ في صِهْيُونَ حَجَرًا لِلصَّدمِ وصَخْرَةً لِلعِثار، فمَن آمَنَ بِه لا يُخْزى».

رومة ١٠

لليهود والوثنيّين ربّ واحد

١أَيُّها الإِخوَة، إِنَّ مُنيَةَ قَلْبي ودُعائي للهِ مِن أَجلِهم هُما أَن يَنالوا الخَلاص. ٢فإِنِّي أَشهَدُ لَهم أَنَّ فيهِم حَمِيَّةً للهِ، ولٰكِنَّها حَمِيَّةٌ على غَيرِ مَعرِفَة. ٣جَهِلوا بِرَّ الله وحاوَلوا إِقامةَ بِرِّهِم فلَم يَخضَعوا لِبِرِّ الله. ٤فغايَةُ الشَّريعَةِ هي المسيح، لِتَبْريرِ كُلِّ مُؤمِن. ٥وقد كَتَبَ موسى في البِرِّ الآتي مِن أَحْكامِ الشَّريعة: «إِنَّ الإِنسانَ الَّذي يُتِمُّها يَحيا بِها». ٦وأَمَّا البِرُّ الآتي مِنَ الإِيمان فيَقولُ هٰذا الكلام: «لا تَقُلْ في قَلْبِكَ: مَن يَصعَدُ إِلى السَّماء؟ (أَي لِيُنزِلَ المسيح) ٧أَو: مَن يَنزِلُ إِلى الهاوِيَة؟ (أَي ليُصعِدَ المسيحَ مِن بَينِ الأَموات)». ٨فماذا يَقولُ إِذًا؟ «إِنَّ الكَلامَ بِالقُرْبِ مِنكَ، في فَمِكَ وفي قَلبِكَ». وهٰذا الكَلامُ هو كَلامُ الإِيمانِ الَّذي نُبَشِّرُ بِه. ٩فإِذا شَهِدتَ بِفَمِكَ أَنَّ يسوعَ رَبّ، وآمَنتَ بِقَلبِكَ أَنَّ اللهَ أَقامَه مِن بَينِ الأَموات، نِلتَ الخَلاص. ١٠فالإِيمانُ بِالقَلبِ يُؤَدِّي إِلى البِرّ، والشَّهادَةُ بِالفمِ تُؤَدِّي إِلى الخَلاص، ١١فَقَد وَرَدَ في الكِتاب: «مَن آمَنَ بِه لا يُخْزى». ١٢فَلا فَرْقَ بَينَ اليَهودِيِّ واليُونانِيّ، فالرَّبُّ رَبُّهم جَميعًا يَجودُ على جَميعِ الَّذينَ يَدعونَه. ١٣«فكُلُّ مَن يَدْعو بِٱسمِ الرَّبِّ يَنالُ الخَلاص». ١٤وكَيفَ يَدْعونَ مَن لم يُؤمِنوا بِه؟ وكَيفَ يُؤمِنونَ بِمَن لم يَسمَعوه؟ وكَيفَ يَسْمَعونَه مِن غَيرِ مُبَشِّر؟ ١٥وكَيفَ يُبَشِّرونَ إِن لم يُرسَلوا؟ وقَد وَرَدَ في الكِتاب: «ما أَحسَنَ أَقدامَ الَّذينَ يُبَشِّرون!» ١٦ولٰكِنَّهُم لم يُذعِنوا كُلُّهم لِلبِشارة، فقَد قالَ أَشَعْيا: «يا رَبّ، مَنَ الَّذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنَّا؟» ١٧فالإِيمانُ إِذًا مِنَ السَّماع، والسَّماعُ يَكونُ سَماعَ كَلامٍ على المسيح. ١٨على أَنِّي أَقول: أَتُراهُم لم يَسمَعوا؟ بَلى، «لقَد ذَهَبَ صَوتُهم في الأَرضِ كُلِّها، وأَقوالُهم في أَقاصي المَعْمور». ١٩غَيرَ أَنِّي أَقول: أَتُرى إِسرائيلُ لم يَفهَمْ؟ سَبَقَ أَن قالَ موسى: «سأُثيرُ غَيرَتَكم مِمَّن لَيسوا بِأُمَّة، وعَلى أُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغضِبُكم». ٢٠أَمَّا أَشَعْيا فلا يَخْشى أَن يَقول: «إِنَّ الَّذينَ لم يَطلُبوني وَجَدوني، والَّذينَ لم يَسأَلوني عن شَيءٍ تَراءَيتُ لَهم». ٢١ولٰكِنَّه يَقولُ في إِسرائيل: «بَسَطتُ يَدَيَّ طَوالَ النَّهارِ لِشَعبٍ عاصٍ مُتَمَرِّد».

رومة ١١

إنّ الله لم ينبذ إسرائيل

١فأَقولُ إِذًا: أَتُرى نَبَذَ اللهُ شَعبَه؟ حاشَ لَه! فإِنِّي أَنا إِسرائيلِيٌّ مِن نَسْلِ إِبراهيم وسِبْطِ بَنْيامين. ٢ما نَبَذَ اللهُ شَعبَه الَّذي عَرَفَه بِسابِقِ عِلمِه. أَوَلا تَعلَمونَ ما قالَ الكِتابُ في إِيلِيَّا؟ كَيفَ كانَ يُخاطِبُ اللهَ شاكيًا إِسْرائيلَ فَيَقول: ٣«يا رَبّ، إِنَّهم قَتَلوا أَنبِياءَكَ وهَدَموا مَذابِحَكَ وبَقِيتُ أَنا وَحْدي، وهُم يَطلُبونَ نَفْسي»؟ ٤فماذا أُوحِيَ إِلَيه؟ «إِنِّي ٱستَبقَيتُ لي سَبعَةَ آلافِ رَجُلٍ لم يَجْثوا على رُكَبِهِم لِلبَعْل». ٥وكَذٰلِكَ في الزَّمَنِ الحاضِر لا تَزالُ بَقِيَّةٌ مُختارةٌ بِالنِّعمَة. ٦فإِذا كانَ الِٱختِيارُ بِالنِّعمَة، فلَيسَ هو إِذًا بِالأَعمال، وإِلَّا لم تَبْقَ النِّعمَةُ نِعمَة. ٧فماذا إِذًا؟ إِنَّ الَّذي يَطْلُبُه إِسرائيلُ لم يَنَلْه ونالَه المُخْتارون. أَمَّا الآخَرون فقَد قَسَت قُلوبُهم ٨كما وَرَدَ في الكِتاب: «أَعطاهُمُ اللهُ روحَ بَلادَة، وعُيونًا لِكَيلا يُبصِروا وآذانًا لِكَيلا يَسمَعوا إِلى اليَوم». ٩وقالَ داوُد: «لِتَكُنْ مائِدَتُهم فَخًّا لَهم وشَرَكًا وَحَجَرَ عَثرَةٍ وجَزاءً. ١٠لِتُظلِمْ عُيونُهم فلا تُبصِر، وٱجعَلْ ظُهورَهم مُنحَنِيةً أَبَدًا».

١١فأَقولُ إِذًا: أَتُراهم عَثَروا لِيَسقُطوا سُقوطًا لا قِيامَ بَعدَه؟ مَعاذَ الله! فإِنَّه بِزَلَّتِهم أَفْضى الخَلاصُ إِلى الوَثَنِيِّينَ لإِثارَةِ الغَيرةِ في إِسرائيل. ١٢فإِذا آلَت زَلَّتُهم إِلى يُسْرِ العالَم ونُقْصانُهم إِلى يُسْرِ الوَثَنِيِّين، فكَيفَ يَكونُ الأَمْرُ في ٱكتِمالِهم؟ ١٣أَقولُ لَكم أَيُّها الوَثَنِيُّون: بِقَدرِ ما أَنا رَسولُ الوَثَنِيِّين، أُظهِرُ مَجدَ خِدمَتي ١٤لَعلِّي أُثيرُ غَيرَةَ الَّذينَ هم مِن لَحْمي ودَمي فأُخَلِّصَ بَعضًا مِنهم. ١٥فإِذا آلَ إِبْعادُهم إِلى مُصالَحَةِ العالَم، فما يَكونُ قَبولُهم إِلَّا حَياةً تَنبَعِثُ مِنَ الأَموات!

١٦وإِذا كانتِ الباكورةُ مُقدَّسة، فالعَجينُ كُلُّه مُقَدَّسٌ أَيضًا. وإِذا كانَ الأَصْلُ مُقَدَّسًا، فالفُروعُ مُقدَّسةٌ أَيضًا. ١٧فإِذا قُضِّبَتْ بَعضُ الفُروع، وكُنتَ أَنتَ زَيتونَةً بَرِّيَّة فطُعِّمتَ مَكانَها فأَصبَحتَ شَريكًا لَها في خِصْبِ أَصلِ الزَّيتونَة، ١٨فلا تَفتَخِرْ على الفُروع. وإِذا ٱفتَخَرتَ، فٱذكُرْ أَنَّكَ لا تَحمِلُ الأَصْل، بلِ الأَصْلُ يَحمِلُكَ. ١٩ولا شَكَّ أَنَّكَ تَقول: «قُضِّبَتْ فُروعٌ لِأُطعَّمَ أَنا». ٢٠أَحسَنتَ! إِنَّها قُضِّبَتْ لِعَدَم إِيمانِها، وأَنتَ باقٍ لإِيمانِكَ، فلا تَتَكَبَّرْ بل خَفْ. ٢١فإِذا لم يُبقِ اللهُ على الفُروعِ الطَّبيعِيَّة، فلَن يُبْقيَ علَيك. ٢٢فٱعتَبِرْ بِلينِ اللهِ وشِدَّتِه: فالشِّدَّةُ على الَّذينَ سقَطوا، ولِينُ اللهِ لَكَ إِذا ثَبَتَّ في هٰذا اللِّين، وإِلَّا فتُفصَلُ أَنتَ أَيضًا. ٢٣أَمَّا هم فإِذا لم يَستَمِرُّوا في عَدَمِ إِيمانِهم يُطعَّمون، لِأَنَّ اللهَ قادِرٌ على أَن يُطَعِّمَهم ثانِيًا. ٢٤فإِذا كُنتَ قد فُصِلتَ عن زَيتونةٍ بَرِّيَّةٍ وأَنتَ تَنتَمي إِلَيها بِالطَّبيعة، وطُعِّمتَ خِلافًا لِلطَّبيعَةِ في زَيتونةٍ بُستانِيَّة، فَما أَولى الفُروعَ الطَّبيعِيَّةَ بِأَن تُطَعَّمَ في زَيتونَتِها!

إهتداء إسرائيل

٢٥فإِنِّي لا أُريدُ، أَيُّها الإِخوَة، أَن تَجهَلوا هٰذا السِّرّ، لِئَلَّا تَعُدُّوا أَنفُسَكم مِنَ العُقَلاء: إِنَّ قَساوةَ القَلْبِ الَّتي أَصابَت قِسمًا مِن إِسرائيلَ ستَبْقى إِلى أَن يَدخُلَ الوَثنِيُّونَ بِكامِلِهم، ٢٦وهٰكذا يَنالُ الخَلاصَ إِسرائيلُ بِأَجمَعِه، فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «مِن صِهْيونَ يَأتي المُنقِذُ ويَصرِفُ كُلَّ كُفْرٍ عن يَعْقوب. ٢٧ويَكونُ هٰذا عَهْدي لَهم حينَ أُزيلُ خَطاياهم». ٢٨أَمَّا مِن حَيثُ البِشارة، فهُم أَعداءٌ لِخَيرِكم، وأَمَّا مِن حَيثُ الِٱختِيار، فهُم مَحْبوبونَ بِالنَّظرِ إِلى الآباء. ٢٩فلا رَجعَةَ في هِباتِ اللهِ ودَعوَتِه. ٣٠فكَما أَنَّكم عَصَيتُمُ اللهَ قَبْلًا ونِلتُمُ الآنَ رَحمَةً مِن جَرَّاءِ عِصْيانِهم، ٣١فكذٰلِك هُم أَيضًا عَصَوا الآنَ مِن جَرَّاءِ ما أُوتيتُم مِنَ الرَّحمَة لِيَنالوا هم أَيضًا رَحمَة، ٣٢لِأَنَّ اللهَ أَغلَقَ على جَميعِ النَّاسِ في العِصْيانِ لِيَرحَمَهم جَميعًا.

٣٣ما أَبْعدَ غَورَ غِنى اللهِ وحِكمَتِه وعِلمِه! وما أَعسَرَ إِدراكَ أَحكامِه وتَبَيُّنَ طُرُقِه! ٣٤«فمَنِ الَّذي عَرَفَ فِكْرَ الرَّبّ أَو مَنِ الَّذي كانَ لَه مُشيرًا؟ ٣٥ومَنِ الَّذي تَقدَّمَه بِالعَطاءِ فيُكافَأَ علَيه؟» ٣٦فكُلُّ شَيءٍ مِنه وبِه وإِليه. لَه المَجْدُ أَبَدَ الدُّهور. آمين.

رومة ١٢

العبادة الروحيّة: الحياة الجديدة

١إِنِّي أُناشِدُكم إِذًا، أَيُّها الإِخوَة، بِحَنانِ اللهِ أَن تُقَرِّبوا أَشْخاصَكم ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسةً مَرْضِيَّةً عِندَ الله. فهٰذِه هي عِبادَتُكمُ الرُّوحِيَّة. ٢ولا تَتشَبَّهُوا بِهٰذهِ الدُّنيا، بل تَحَوَّلوا بِتَجَدُّدِ عُقولِكم لِتَتَبيَّنوا ما هي مَشيئَةُ الله، أَي ما هو صالِحٌ وما هو مَرْضِيٌّ وما هو كامِل.

٣أَقولُ لِكُلٍّ مِنكُم بِٱسمِ النِّعمَةِ المَوهوبَةِ لي: لا تَذهَبوا في الِٱعتِدادِ بِأَنفُسِكم مَذهَبًا يُجاوِزُ المَعقول، بل تَعَقَّلوا فتَكونوا مِنَ العُقَلاء، كُلُّ واحِدٍ على مِقْدارِ ما قَسَمَ اللهُ لَه مِنَ الإِيمان. ٤فكما أَنَّ لَنا أَعضاءً كَثيرةً في جَسَدٍ واحِد، ولَيسَ لِجَميعِ هٰذهِ الأَعضاءِ عَمَلٌ واحِد، ٥فكذٰلِكَ نَحنُ في كَثْرَتِنا جَسَدٌ واحِدٌ في المسيح لِأَنَّنا أَعضاءُ بَعضِنا لِبَعْض. ٦ولَنا مَواهِبُ تَختَلِفُ بِٱختِلافِ ما أُعْطينا مِنَ النِّعمَة: فمَن له مَوهِبةُ النُّبُوَّةِ فلْيَتَنَبَّأْ وَفْقًا لِلإِيمان، ٧ومَن لَه مَوهِبةُ الخِدمَةِ فلْيَخدُمْ، ومَن لَه التَّعْليمُ فلْيُعَلِّمْ، ٨ومَن لَه الوَعْظُ فلْيَعِظْ، ومَن أَعْطى فلْيُعطِ بنِيَّةٍ صافِية، ومَن يَرْئِسْ فلْيَرئِسْ بِهِمَّة. ومَن يَرحَم فلْيَرحَمْ بِبَشاشَة، ٩ولْتَكُنِ المَحبَّةُ بِلا رِياء. إِكرَهوا الشَّرَّ وٱلزَموا الخَيْر. ١٠لِيَوَدَّ بَعضُكم بَعضًا بِمَحَبَّةٍ أَخَوِيَّة. تَنافَسوا في إِكرامِ بَعضِكُم لِبَعض. ١١إِعمَلوا لِلرَّبِّ بِهِمَّةٍ لا تَفتُر ورُوحٍ مُتَّقد. ١٢كُونوا في الرَّجاءِ فَرِحين وفي الشِّدَّةِ صابِرين وعلى الصَّلاةِ مُواظِبين. ١٣كُونوا لِلقِدِّيسينَ في حاجاتِهِم مُشارِكين وإِلى ضِيافةِ الغُرَباءِ مُبادِرين. ١٤بارِكوا مُضطَهِديكم، بارِكوا ولا تَلعَنوا. ١٥إِفرَحوا مع الفَرِحين وٱبْكوا مع الباكين، ١٦كونوا مُتَّفِقين، لا تَطمَعوا في المَعالي، بل ميلوا إِلى الوَضيع. «لا تَحسَبوا أَنفُسَكم عُقلاء»، ١٧لا تُبادِلوا أَحَدًا شَرًّا بِشَرّ. «وٱحرِصوا على أَن تَعمَلوا الصَّالحاتِ بِمرأًى مِن جَميعِ النَّاس». ١٨سالِموا جَميعَ النَّاسِ إِن أَمكَن، على قَدْرِ ما الأَمرُ بِيَدِكم. ١٩لا تَنتَقِموا لِأَنْفُسِكم أَيُّها الأَحِبَّاء، بل أَفسِحوا في المَجالِ لِلغَضَب، فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «قالَ الرَّبُّ: لِيَ الِانتِقامُ وأَنا الَّذي يُجازي». ٢٠ولٰكِن «إِذا جاعَ عَدُوُّكَ فأَطعِمْهُ، وإِذا عَطِشَ فٱسقِه، لِأَنَّكَ في عَمَلِكَ هٰذا تَرْكُمُ على هامَتِه جَمْرًا مُتَّقِدًا». ٢١لا تَدَعِ الشَّرَّ يَغلِبُكَ، بلِ ٱغلِبِ الشَّرَّ بِالخير.

رومة ١٣

في الكلام على السلطات

١لِيَخضَعْ كُلُّ ٱمرِئٍ لِلسُّلُطاتِ الَّتي بِأَيدِيها الأَمْر، فلا سُلْطَةَ إِلَّا مِن عِندِ الله، والسُّلُطاتُ القائِمة هو الَّذي أَقامَها. ٢فمَن عارَضَ السُّلْطَةَ قاوَمَ النِّظامَ الَّذي أَرادَهُ الله، والمُقاوِمونَ يَجلُبونَ الحُكْمَ على أَنفُسِهم. ٣فلا خَوفَ مِنَ الرُّؤَساءِ عِندَما يُفعَلُ الخَير، بل عِندَما يُفعَل الشَّرّ. أَتُريدُ أَلَّا تَخافَ السُّلْطَة؟ إِفعَلِ الخَيرَ تَنَلْ ثَناءَها، ٤فإِنَّها في خِدمَةِ اللهِ في سَبيلِ خَيرِكَ. ولٰكِن خَفْ إِذا فَعَلتَ الشَّرّ، فإِنَّها لم تَتَقَلَّدِ السَّيفَ عَبَثًا، لأَنَّها في خِدمَةِ اللهِ كَيما تَنتَقِمُ لِغَضَبِه مِن فاعِلِ الشَّرّ. ٥ولِذٰلِكَ لا بُدَّ مِنَ الخُضوع، لا خَوفًا مِنَ الغَضَبِ فَقَط، بل مُراعاةً لِلضَّميرِ أَيضًا. ٦ولِذٰلِكَ تُؤَدُّونَ الضَّرائِب، والَّذينَ يَجْبُونَها هم خَدَمٌ للهِ يَعمَلونَ ذٰلِكَ بِنَشاط. ٧أَدُّوا لِكُلٍّ حَقَّه: الضَّريبَةَ لِمَن لَه الضَّرِيبة، والخَراجَ لِمَن لَه الخَراج، والمَهابَةَ لِمَن لَه المَهابَة، والإِكرامَ لِمَن لَه الإِكرام.

المحبّة المتبادلة والتنبّه المسيحيّ

٨لا يَكونَنَّ علَيكم لِأَحَدٍ دَيْنٌ إِلَّا حُبُّ بَعضِكُم لِبَعْض، فمَن أَحَبَّ غَيرَه أَتَمَّ الشَّريعة، ٩فإِنَّ الوَصايا الَّتي تَقول: «لا تَزْنِ، لا تَقتُلْ، لا تَسْرِقْ، لا تَشتَهِ» وسِواها مِنَ الوَصايا، مُجتَمِعَةٌ في هٰذِهِ الكَلِمَة: «أَحبِبْ قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ». ١٠فالمَحبَّةُ لا تَنزِلُ بِالقَريبِ شَرًّا، فالمَحبَّةُ إِذًا كَمالُ الشَّريعة.

١١هٰذا وإِنَّكُم لَعالِمونَ بِأَيِّ وَقْتٍ نَحنُ: قد حانَت ساعةُ تَنَبُّهِكم مِنَ النَّوم، فإِنَّ الخَلاصَ أَقرَبُ إِلَينا الآنَ مِنه يَومَ آمَنَّا. ١٢قد تَناهى اللَّيلُ وٱقتَرَبَ اليَوم. فلْنَخْلَعْ أَعمالَ الظَّلام ولْنَلْبَس سِلاحَ النُّور. ١٣لِنَسِرْ سيرةً كَريمةً كما نَسيرُ في وَضَحِ النَّهار. لا قَصْفٌ ولا سُكْر، ولا فاحِشَةٌ ولا فُجور، ولا خِصامٌ ولا حَسَد. ١٤بلِ ٱلبَسوا الرَّبَّ يسوعَ المسيح، ولا تُشغَلوا بِالجَسَدِ لِقَضاءِ شَهَواتِه.

رومة ١٤

الأقوياء والضعاف

١تَقبَّلوا ضَعيفَ الإِيمانِ ولا تُناقِشوا آراءَه. ٢هُناكَ مَن هو على يَقينٍ مِن أَنَّه يَجوزُ لَه الأَكْلُ مِن كُلِّ شَيء، في حينِ أَنَّ الضَّعيفَ لا يَأكُلُ إِلَّا البُقول. ٣فَعَلى الَّذي يَأكُلُ أَلَّا يَزدَرِيَ مَن لا يَأكُل، وعلى الَّذي لا يَأكُلُ أَلَّا يَدينَ مَن يَأكُل، فإِنَّ اللهَ قد تَقبَّلَه. ٤مَن أَنتَ لِتَدينَ خادِمَ غَيرِكَ؟ أَثَبَتَ أَم سَقَط، فهٰذا أَمْرٌ يَعودُ إِلى سَيِّدِه. وإِنَّه سَيَثبُت، لِأَنَّ الرَّبَّ قادِرٌ على تَثْبيتِه. ٥مِنَ النَّاسِ مَن يُمَيِّزُ بَينَ يَومٍ ويَوم، ومِنهم مَن يُساوي بَينَ الأَيَّامِ كُلِّها فلْيَكُنْ كُلٌّ مِنهُم على يَقينٍ مِن رَأيِه. ٦فالَّذي يُراعي الأَيَّامَ فلِلرَّبِّ يُراعيها، والَّذي يأكُلُ مِن كُلِّ شَيءٍ فلِلرَّبِّ يأكُل فإِنَّه يَشكُرُ الله، والَّذي لا يأكُلُ مِن كُلِّ شَيء فلِلرَّبِّ لا يأكُل وإِنَّه يَشكُرُ الله. ٧فما مِن أَحَدٍ مِنَّا يَحْيا لِنَفْسِه وما مِن أَحدٍ يَموتُ لِنَفْسِه، ٨فإِذا حَيِينا فلِلرَّبِّ نَحْيا، وإِذا مُتْنا فلِلرَّبِّ نَموت: سَواءٌ حَيِينا أَم مُتْنا فإِنَّنا لِلرَّبّ. ٩فقَد ماتَ المَسيحُ وعادَ إِلى الحَياة لِيَكونَ رَبَّ الأَمواتِ والأَحْياء. ١٠فَما بالُكَ يا هٰذا تَدينُ أَخاكَ؟ وما بالُكَ يا هٰذا تَزدَري أَخاكَ؟ سَنمثُلُ جَميعًا أَمامَ مَحكَمَةِ الله. ١١فقَد وَرَدَ في الكِتاب: «يَقولُ الرَّبّ: بِحَقِّي أَنا الحَيّ، لي تَجْثو كُلُّ رُكْبَة، ويَحمَدُ اللهَ كُلُّ لِسان». ١٢إِنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنَّا سيُؤَدِّي إِذًا عن نَفْسِه حِسابًا للهِ.

١٣فلْيَكُفَّ بَعضُنا عن إِدانَةِ بَعْض، بلِ الأَولى بِكُم أَن تَحكُموا بِأَن لا تَضَعوا أَمامَ أَخيكم حَجَرَ صَدْمٍ أَو عَثرَة. ١٤إِنِّي عالِمٌ عِلْمَ اليَقين، في الرَّبِّ يسوع، أَن لا شَيءَ نَجِسٌ في حَدِّ ذاتِه، ولٰكِن مَن عَدَّ شَيئًا نَجِسًا كانَ لَه نَجِسًا. ١٥فإِذا حَزِنَ أَخوكَ بِتَناوُلِكَ طَعامًا، فلَم تَعُدْ تَسلُكُ سَبيلَ المحَبَّة. فلا تُهلِكْ بِطَعامِكَ مَن ماتَ المسيحُ لِأَجْلِه، ١٦فلا يُطعَنْ في ما تَنعَمونَ بِه. ١٧فلَيس مَلَكوتُ اللهِ أَكْلًا وشُرْبًا، بل بِرٌّ وسَلامٌ وفَرَحٌ في الرُّوحِ القُدُس. ١٨فمَن عَمِلَ لِلمَسيحِ على هٰذِه الصُّورةِ هو مَرضِيٌّ عِندَ اللهِ ومُكَرَّمٌ لَدى النَّاس. ١٩فعَلَينا إِذًا أَن نَسْعى إِلى ما غايتُه السَّلامُ والبُنْيانُ المُتَبادَل. ٢٠لا تَهدِمْ صُنْعَ اللهِ مِن أَجْلِ طَعام. كُلُّ شَيءٍ طاهِر، ولٰكِن مِنَ السُّوءِ أَن يَأكُل المَرْءُ فيكونَ حَجَرَ عَثرَةٍ لِغَيرِه، ٢١ومِنَ الخَيرِ أَلَّا تأكُلَ لَحْمًا ولا تَشرَبَ خَمْرًا ولا تَتَناوَلَ شَيئًا يَكونُ حَجَرَ عَثرَةٍ لِأَخيكَ. ٢٢أَمَّا يَقينُك فٱحفَظْه في قَرارَةِ نَفْسِكَ أَمامَ الله. طُوبى لِمَن لا يَحكُمُ على نَفْسِه في ما يُقَرِّرُه! ٢٣وأَمَّا الَّذي تُساوِرُه الشُّكوك، فهو مَحْكومٌ علَيه إِذا أَكَل، لِأَنَّه لا يَفعَلُ ذٰلِكَ عن يَقين. فكُلُّ شَيءٍ لا يَأتي عن يَقينٍ هو خَطيئَة.

رومة ١٥

١فعَلَينا نَحنُ الأَقوِياء أَن نَحمِلَ ضُعْفَ الَّذينَ لَيسوا بِأَقوِياء ولا نَسْعَ إِلى ما يَطيبُ لِأَنْفُسِنا. ٢ولْيَسْعَ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا إِلى ما يَطيبُ لِلقَريبِ في سَبيلِ الخَيرِ مِن أَجْلِ البُنْيان. ٣فالمسيحُ لم يَطلُبْ ما يَطيبُ لَه، بل كَما وَرَدَ في الكِتاب: «تَعْييراتُ مُعَيِّريكَ وَقَعَت عَلَيَّ». ٤فإِنَّ كُلَّ ما كُتِبَ قَبْلًا إِنَّما كُتِبَ لِتَعْليمِنا حتَّى نَحصُلَ على الرَّجاء، بِفَضْلِ ما تأتِينا بِه الكُتُبُ مِنَ الثَّباتِ والتَّشْديد. ٥فلْيُعطِكُم إِلٰهُ الثَّباتِ والتَّشْديدِ ٱتِّفاقَ الآراءِ فيما بَينَكم كَما يَشاءُ المَسيحُ يسوع، ٦لِتُمَجِّدوا اللهَ أَبا رَبِّنا يسوعَ المسيحِ بِقَلْبٍ واحِدٍ ولِسانٍ واحِد.

القبول الأخويّ

٧فتَقَبَّلوا إِذًا بَعضُكُم بَعضًا، كما تَقَبَّلَكُم المسيح، لِمَجْدِ الله. ٨وإِنِّي أَقولُ إِنَّ المسيحَ صارَ خادِمَ أَهْلِ الخِتان لِيَفِيَ بِصِدْقِ اللهِ ويُثبِتَ المَواعِدَ الَّتي وُعِدَ بِها الآباء. ٩أَمَّا الوَثَنِيُّونَ فيُمَجِّدونَ اللهَ على رَحمَتِه، كما وَرَدَ في الكِتاب: «مِن أَجْلِ ذٰلِك سأَحمَدُكَ بَينَ الوَثَنِيِّين وأُرَتِّلُ لِٱسْمِكَ». ١٠ووَرَدَ فيه أَيضًا: «إِفرَحي أَيَّتُها الأُمَمُ مع شَعْبِه». ١١ووَرَدَ أَيضًا: «سبِّحي الرَّبَّ أَيَّتُها الأُمَمُ جَميعًا، وَلْتُثْنِ علَيه جَميعُ الشُّعوب». ١٢وقال أَشَعْيا أَيضًا: «سيَظهَرُ فَرْعُ يَسَّى، ذاكَ الَّذي يَقومُ لِيَسوسَ الأُمَم وعَلَيه تَعقُدُ الأُمَمُ رَجاءَها». ١٣لِيَغمُرْكُم إِلٰهُ الرَّجاءِ بِالفَرَحِ والسَّلام في الإِيمان لِتَفيضَ نُفوسُكم رجاءً بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس!

عمل بولس الرسوليّ

١٤إِنِّي على يَقينٍ في أَمركم، يا إِخوَتي، مِن أَنَّكم أَنتُم أَيضًا على قِسْطٍ كَبيرٍ مِن كَرَمِ الأَخْلاق. تَغمُرُكم كُلُّ مَعرِفة، قادِرونَ على أَن يَنْصَحَ بَعضُكم بَعضًا. ١٥غَيرَ أَنِّي كَتَبتُ إِلَيكُم، في بَعضِ ما كَتَبتُ، بِشَيءٍ مِنَ الجُرأَة لِأُنَبِّهَ ذِكْرَياتِكم، بِحُكمِ النِّعمَةِ الَّتي وَهَبَها اللهُ لي، ١٦فأَقومَ بِخِدمَةِ المسيحِ يسوعَ لَدى الوَثَنِيِّينَ وأَخدُمَ بِشارَةَ اللهِ خِدمَةً كَهنوتِيَّة، فيَصيرَ الوَثَنِيُّونَ قُرْبانًا مَقبولًا عِندَ اللهِ قَدَّسَه الرُّوحُ القُدُس. ١٧فمِن حَقِّي إِذًا أَن أَفتَخِرَ في المسيحِ يسوعَ بِخِدمَتي للهِ، ١٨لِأَنِّي ما كُنتُ لِأَجرُؤَ أَن أَذكُرَ شَيئًا، لو لم يُجْرِه المسيحُ عن يَدي لِهِدايَةِ الوَثَنِيِّينَ إِلى الطَّاعَةِ بِالقَولِ والعَمَل ١٩وبِقُوَّةِ الآياتِ والأَعاجيب وبِقُوَّةِ الرُّوح. فمِن أُورَشَليمَ وفي نَواحيها إِلى إِلِّيريكون أَتمَمتُ القِيامَ بِبِشارَةِ المسيح. ٢٠ولقَد عَدَدتُ شَرَفًا لي أَلَّا أُبَشِّرَ إِلَّا حَيثُ لم يُذكَرِ ٱسْمُ المسيح، لِئَلَّا أَبنيَ على أَساسِ غَيري، ٢١فَعَمِلتُ بِما وَرَدَ في الكِتاب: «الَّذينَ لم يُبشَّروا بِه سيُبصِرونَ، والَّذينَ لم يَسمَعوا بِه سيَفهَمون».

أماني بولس

٢٢وهٰذا ما حالَ مِرارًا دونَ قُدومي إِلَيكم. ٢٣أَمَّا الآنَ ولَم يَبْقَ لي مَجالُ عَمَلٍ في هٰذِه الأَقطار، وأَنا مُنذُ عِدَّةِ سِنينَ مُشْتاقٌ إِلى القُدومِ إِلَيكم، ٢٤فإِذا ما ٱنطَلَقتُ إِلى إِسبانِية… فإِنِّي أَرْجو أَن أَراكُم عِندَ مُروري بِكُم وأَتَلَقَّى عَونَكم على السَّفَرِ إِلَيها، بعدَ أَن أَشْفِيَ غَليلي ولَو قَليلًا بِلِقائِكم. ٢٥أَمَّا الآن فإِنِّي ذاهِبٌ إِلى أُورَشَليمَ لِخِدمَةِ القِدِّيسين. ٢٦فقَد حَسُنَ لَدى أَهْلِ مَقْدونِيَةَ وآخائِية أَن يُسعِفوا الفُقَراءَ مِنَ القِدِّيسينَ الَّذينَ في أُورَشَليم. ٢٧أَجل، قد حَسُنَ لَدَيْهِم ذٰلِك وهو حَقٌّ علَيهِم، فإِن كانَ الوَثنِيُّونَ قد شارَكوهم في خَيراتِهِمِ الرُّوحِيَّة، فمِنَ الحَقِّ علَيهِم أَيضًا أَن يَخدُموهم في حاجاتِهِمِ المادِّيَّة. ٢٨فإِذا قَضَيتُ هٰذا الأَمْرَ وسلَّمْتُ إِلَيهم حَصيلَةَ التَّبَرُّعات، مَرَرتُ بِكُم وأَنا ذاهِبٌ إِلى إِسبانِية. ٢٩وأَعلَمُ أَنِّي، إِذا ما جِئتُ إِلَيكم، أَتَيتُكم بِتَمامِ بَرَكَةِ المَسيح.

٣٠فأَحُثُّكم، أَيُّها الإِخوَة، بِٱسمِ ربِّنا يسوعَ المسيح وبِمَحبَّةِ الرُّوح، أَن تُجاهِدوا معي بِصَلَواتِكُمُ الَّتي تَرفَعونَها للهِ مِن أَجْلي، ٣١لِأَنجُوَ مِن غَيرِ المُؤمِنينَ الَّذينَ في اليَهودِيَّة ولِتَكونَ خِدمَتي لِأُورَشَليمَ مَقْبولَةً عِندَ القِدِّيسين، ٣٢فأَقدُمَ إِلَيكم فَرِحًا وآخُذَ عِندَكم قِسْطًا مِنَ الرَّاحَة، إِن شاءَ الله. ٣٣فلْيَكُنْ إِلٰهُ السَّلامِ معَكم أَجمَعين. آمين.

رومة ١٦

تحيّات إلى عدّة أشخاص

١أُوْصيكُم بِأُختِنا فَيْبَةَ شَمَّاسةِ كَنيسةِ قَنْخَرِيَّة، ٢فتَقبَّلوها في الرَّبِّ قَبولًا جَديرًا بِالقِدِّيسين، وأَسعِفوها في كُلِّ ما تَحْتاجُ إِلَيه مِنكم، فقَد حَمَت كَثيرًا مِنَ الإِخوَة وحَمَتْني أَنا أَيضًا.

٣سَلِّموا على بِرِسْقَةَ وأَقيلا مُعاوِنَيَّ في المسيحِ يسوع، ٤فقَد عَرَّضا لِلضَّرْبِ عُنْقَيهِما لِيُنقِذا حَياتي. ولَستُ أَنا وَحْدي عارِفًا لَهُما الجَميل، بل كَنائِسُ الوَثَنِيِّينَ كُلُّها لَتَعرِفُه أَيضًا. ٥وسَلِّموا أَيضًا على الكَنيسةِ الَّتي تَجتَمِعُ في بَيتِها. سَلِّموا على حَبيبي أَبَينِطُس باكورَةِ آسِيَةَ لِلمسيح. ٦سَلِّموا على مَريَمَ الَّتي أَجهَدَت نَفْسَها كَثيرًا في سَبيلِكم. ٧سَلِّموا على أَندَرونيقُس ويُونِياس نَسيبَيَّ وصاحِبَيَّ في الأَسْر، فهُما مِن كِبارِ الرُّسُل، بل كانا قَبْلي في المسيح. ٨سَلِّموا على أَمْبِلِياطُس حَبيبي في الرَّبّ. ٩سَلِّموا على أُرْبانُس مُعاوِنِنا في المسيح، وعلى حَبيبي أَسْطاخُس. ١٠سلِّموا على أَبَلِّسَ صاحِبِ الفَضيلَةِ المُجَرَّبةِ في المسيحِ. سلِّموا على حَشَمِ أَرِسْطُوبولُس. ١١سَلِّموا على نَسيبي هيرودِيون. سَلِّموا على حَشَمِ نَرْجِسُّسَ الَّذينَ في الرَّبّ. ١٢سَلِّموا على طَروفانِيَةَ وطَروفوسَةَ اللَّتَينِ أَجهَدَتا نَفْسَيهِما في الرَّبّ. سَلِّموا على بَرْسيسَ المَحبوبَةِ الَّتي أَجهَدَت نَفْسَها كَثيرًا في الرَّبّ. ١٣سَلِّموا على رُوفُسَ المُختارِ في الرَّبّ، وعلى أُمِّه وهيَ أُمِّي أَيضًا. ١٤سَلِّموا على آسِنْقِريطُس وفَلاغُون وهَرْمِس وبَطْروباس وهَرْماس وعلى الإِخوَةِ الَّذينَ معَهم. ١٥سَلِّموا على فيلولوغُس ويُولِية ونيروس وأُختِهِ وأُولُمْباس وعلى جَميعِ القِدِّيسينَ الَّذينَ معَهم. ١٦لِيُسَلِّمْ بَعضُكُم على بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسة. كَنائِسُ المسيحِ كُلُّها تُسلِّمُ علَيكم.

١٧وأَحُثُّكم، أَيُّها الإِخوَة، أَن تَحذَروا الَّذينَ يُثيرونَ الشِّقاقَ ويُسَبِّبونَ العَثَراتِ بِخُروجِهِم على التَّعْليمِ الَّذي أَخَذتُموه. أَعرِضوا عَنهم، ١٨فإِنَّ أَمثالَ أُولٰئِكَ لا يَعمَلونَ لِلمسيحِ رَبِّنا، بل لِبُطونِهِم، ويَخدَعونَ القُلوبَ السَّليمَةَ بِمَعْسولِ كَلامِهِم وتَملُّقِهِم. ١٩فقَد عَرَفَ جَميعُ النَّاسِ طاعَتَكم. وإِنِّي أَفرَحُ بِكُم، ولٰكِنِّي أُريدُ أَن تَكونوا في الخَيرِ حاذِقين ومِنَ الشَّرِّ سالِمين. ٢٠إِنَّ إِلٰهَ السَّلامِ سَيَسحَقُ الشَّيطانَ وَشيكًا تَحتَ أَقدامِكُم. علَيكم نِعمَةُ رَبِّنا يسوع! ٢١يُسَلِّمُ علَيكُم مُعاوني طيموتاوُس وأَنسِبائي لُوقِيوس وياسون وصُوصِيبَطْرُس. ٢٢وأَنا طَرطِيوس، كاتِبَ هٰذِه الرِّسالَة، أُسَلِّمُ علَيكم في الرَّبّ. ٢٣يُسَلِّمُ علَيكُم غايُوس مُضيفي ومُضيفُ الكَنيسةِ كُلِّها. ويُسَلِّمُ علَيكُم أَرَسْطُس، خازِنُ المَدينَة، وأَخونا قُوارْطُس [٢٤٭].

تمجيد

٢٥لِذاكَ القادِرِ على أَن يُثَبِّتَكم

بِحَسَبِ البِشارَةِ الَّتي أُعلِنُها

مُنادِيًا بِيَسوعَ المسيح

وَفْقًا لِسِرٍّ كُشِفَ وقد ظَلَّ مَكْتومًا مَدى الدُّهور

٢٦فأُعلِنَ الآنَ بكُتُبِ الأَنبِياء

وَفقًا لأَمرِ اللهِ الأَزَليّ

وبُلِّغَ إِلى جَميعِ الأُمَمِ الوَثنِيَّة

لِهِدايَتِها إِلى طاعةِ الإِيمان.

٢٧للهِ الحَكيمِ وَحدَه

لَهُ المَجْدُ بِيَسوعَ المسيح

أَبَدَ الدُّهور. آمين.