اختر صفحة

رسالة القدّيس بطرس الثانية

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

بطرس الثانية ١

بطرس الثانية ٢

بطرس الثانية ٣

بطرس الثانية ١

بطرس الثانية ٢

بطرس الثانية ٣

رسالة القدّيس بطرس الثانية

مدخل

الفنّ الأدبيّ والتفكير اللاهوتيّ

ذكرَ الكاتب، بعد التحيّة المألوفة (٢ بط ١/ ١-٢)، ما تتّصف به الدعوة المسيحيّة (٢ بط ١/ ٣-١١). لمَّا كان المسيحيّ يحيا متّحدًا بالطبيعة الإلٰهيّة (٢ بط ١/ ٤)، فهو مدعوّ إلى القداسة، والقداسة تستوجب الأمانة لكلام الرسل والأنبياء (٢ بط ١/ ١٢-٢١). ذلك بأنّ إعلان البشارة المسيحيّة لا يعوِّل على خرافات مصطنعة (١٢ بط / ١٢-٢١)، بل على شهادة الرسل وكلام الأنبياء، وقد تكلّموا بإلهام من الروح القدس (٢ بط ١/ ٢١).

ويشنّ الكاتب بعدئذٍ حملة عنيفة بليغة على المعلّمين الكذّابين، فيشهِّر بفساد تعليمهم وفسقهم في سيرتهم (٢ بط ٢/ ١-٢٢). إنّ عقابهم محتوم، كما كان عقاب الملائكة الخاطئين وأهل سدوم وعمورة (٢ بط ٢/ ٦).

ويفرغ الكاتب من هذا التنديد الطويل فيعود إلى الموضوع الذي شرع فيه بالفصل الأوّل، وهو مسألة تأخّر مجيء المسيح (٢ بط ٣/ ٣-١٣). إنّ الربّ يصبر، ولكنّ يومه سيأتي (٢ بط ٣/ ٩).

وتختم الرسالةَ دعوةٌ إلى التنبّه (٢ بط ٣/ ١٤-١٨).

إنّ هذا المؤلَّف يمتّ إلى فنّ «الوصيّة» بصلة، وكان رائجًا في التقاليد اليهوديّة التي عرفها ذلك الزمان، أكثر منه إلى فنّ المراسلة، فهو كناية عن خطبة وداع زُعم أنّ رجلًا مشهورًا ألقاها قبل وفاته فأتيح له أن يشرح بعض قضايا من العقيدة يحسن أن تُذكَّر بها الجماعة.

أترى هذه الرسالة، بأسلوبها الخاصّ، تستحقّ أن تُدرج في العهد الجديد؟ يجوز للقارئ من أهل عصرنا الراغب في «الحوار» أن يسأل نفسه هذا السؤال، وهو يطالع قائمة الشتائم والمسبّات التي يجدها في الفصل الثاني.

غير أنّ الرسالة تأتي بتوضيحاتٍ جديدة تتناول تفسير الكتب المقدّسة وما فيها من إلهام، ونشأة قانون الأسفار المقدّسة، فإنّ نبوَّات العهد القديم وشهادة الرسل توضع على مستوى واحد وتُتَّخذ قاعدة لإيمان راسخ (٢ بط ١/ ١٩؛ ٢ بط ٣/ ٢). وليس في العهد الجديد كلّه نصّ يؤكّد أنّ الكتب المقدّسة ملهمة بمثل الصراحة التي وردت في هذا النصّ: «ما من نبوءة في الكتاب تقبل تفسيرًا يأتي به أحد من عنده، إذ لم تأت نبوءة قطّ بإرادة بشر، ولكنّ الروح القدس حمل بعض الناس على أن يتكلّموا من قبل الله» (٢ بط ١/ ٢٠-٢١).

وفيها أيضًا أوّل ذكر لمجموعة تضمّ رسائل لبولس (٢ بط ٣/ ١٥-٢٦). ويُنظر إليها كما يُنظر إلى جزء لا يتجزّأ من الكتب المقدّسة، وإن لم تشمل حتمًا جميع مؤلّفات بولس.

وهناك آخر الأمر أنّ الرسالة تطرح بوضوح على بساط البحث مسألة تأخّر مجيء المسيح. «أين موعد مجيئه؟ مات آباؤنا ولا يزال كلّ شيء منذ بدء الخليقة على حاله» (٢ بط ٣/ ٤). ندّدَ الكاتب تنديدًا شديدًا بقلّة الإيمان هذه، وحاول استنباط جواب عنها، فقال إنّ الطوفان الذي حدث هو مثال مسبق للدينونة الأخيرة وقد وصفها الكاتب وفقًا لأفكار عصره (٢ بط ٣/ ٦). فإنّ العالم القديم سيخرب بالنار لتحلّ محلّه «سموات جديدة وأرض جديدة يقيم فيها البرّ» (٢ بط ٣/ ١٠-١٥). وقبل كلّ شيء، ليس من معنى للوقت عند الربّ، «فيوم واحد عند الربّ بمقدار ألف سنة وألف سنة بمقدار يوم واحد» (٢ بط ٣/ ٨). وما يُزعم من تأخّر مجيئه لا يعود إلَّا إلى صبره الناجم عن محبّته، فإنّه يريد أن يدع لكلّ امرئ سبيلًا للتوبة. ولذلك يجب على جميع الناس أن يحيوا منذ اليوم في القداسة. بهذا التعليم الذي يتناول الحياة الأخرى، يذكِّر الكاتب بجانب مهمّ من الحياة المسيحيّة.

بطرس الثانية ١

تحيّة

١مِن سِمعانَ بُطرُسَ عَبْدِ يسوعَ المسيحِ ورَسولِه إِلى الَّذينَ نالوا مِن فَضْلِ بِرِّ إِلٰهنا ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيحِ إيمانًا كَإِيمانِنا ثَمينًا. ٢علَيكم أَوفَرُ النِّعمَةِ والسَّلامِ بِمَعرِفَتكم للهِ ولِيَسوعَ رَبِّنا.

الحثّ على القداسة. الجود الإلهيّ

٣فإِنَّ قُدرَتَه الإِلٰهيَّة مَنَحَتْنا كُلَّ ما يَؤُولُ إِلى الحَياةِ والتَّقْوى. ذٰلِك بِأَنَّها جَعلَتْنا نَعرِفُ الَّذي دَعانا بِمَجْدِه وقُوَّتِه ٤فمُنِحْنا بِهِما أَثمَنَ المَواعِدِ وأَعظَمَها، لِتَصيروا بِها شُرَكاءَ الطَّبيعَةِ الإِلٰهِيَّة في ٱبتِعادِكم عَمَّا في الدُّنْيا مِن فَسادِ الشَّهوة. ٥مِن أَجْلِ ذٰلِك ٱبذُلوا غايةَ جُهْدِكم لِتُضيفوا الفَضيلَةَ إِلى إِيمانِكم، والمَعرِفَةَ إِلى الفَضيلَة، ٦والعَفافَ إِلى المَعرِفَة، والثَّباتَ إِلى العَفاف، والتَّقْوى إِلى الثَّبات، ٧والإِخاءَ إِلى التَّقْوى، والمَحبَّةَ إِلى الإِخاء. ٨فإِذا كانَت هٰذهِ الخِصالُ فيكُم وكانَت وافِرة، لا تَدَعُكم بطَّالينَ وبِغَيرِ ثَمَرٍ لِمَعرِفَةِ ربِّنا يسوعَ المسيح. ٩ومَن نَقَصَتْه هٰذهِ الخِصال، فهو أَعْمى قَصيرُ البصَر، نَسِيَ أَنَّه طُهِّرَ مِن خَطاياهُ السَّالِفة. ١٠فضاعِفوا جُهْدكم يا إِخوَتي في تَأييدِ دَعوَةِ اللهِ وٱختِيارِه لَكم. فإِذا فَعَلْتُم ذٰلك، لا تَزِلُّونَ أَبَدًا. ١١وبِذٰلِكَ يُفسَحُ لَكم في مَجالِ الدُّخولِ إِلى المَلكوتِ الأَبَدِيّ، ملَكوتِ رَبِّنا ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيح.

شهادة الرسل

١٢لِذٰلِكَ سأُذَكِّرُكم هٰذِه الأَشياءَ دائِمًا، وإِن كُنتُم تَعرِفونَها وتَثبُتونَ في الحَقيقَةِ الحاضِرَة. ١٣وأَرى رأيَ الحَقّ، ما دُمتُ في هٰذه الخَيمَة، أَن أُنَبِّهَكم بِتَذْكيري، ١٤لِعِلْمي أَنَّ رَحيلي عن هٰذه الخَيمةِ قريب، كما أَعلَمَني رَبُّنا يسوعُ المسيح. ١٥فسَأبذُلُ جَهْدي لِكَي يُمكِنَكم، في كُلِّ فُرصَة، أَن تَتَذكَّروا هٰذه الأُمورَ بَعدَ رَحيلي.

١٦قد أَطلَعْناكم على قُدرَةِ رَبِّنا يسوعَ المسيح وعلى مَجيئِه، لا ٱتِّباعًا مِنَّا لِخُرافاتٍ سوفِسْطائِيَّة، بل لِأَنَّنا عايَنَّا جَلالَه. ١٧فقَد نالَ مِنَ اللهِ الآبِ إِكرامًا ومَجْدًا، إِذ جاءَه مِنَ المَجْدِ – جَلَّ جَلالُه – صَوتٌ يَقول: «هٰذا هو ٱبنِيَ الحَبيبُ الَّذي عنه رَضيت»: ١٨وذاكَ الصَّوتُ قد سَمِعناه آتِيًا مِنَ السَّماء، إِذ كُنَّا معَه على الجَبَلِ المُقدَّس.

كلام الأنبياء

١٩فٱزدادَ كَلامُ الأَنبِياءِ ثَباتًا عِندَنا، وإِنَّكم لَتُحسِنونَ عَمَلًا إِذا نَظَرتُم إِلَيه نَظَرَكم إِلى سِراجٍ يُضيءُ في مَكانٍ مُظلِم، حتَّى يَطلَعَ الفَجْرُ ويُشرِقَ كَوكَبُ الصُّبحِ في قُلوبِكم. ٢٠وٱعلَموا قَبْلَ كُلِّ شَيء أَنَّه ما مِن نُبوءَةٍ في الكِتابِ تَقبَلُ تَفسيرًا يَأتي بِه أَحَدٌ مِن عِندِه، ٢١إِذ لَم تأتِ نُبوءَةٌ قَطُّ بِإِرادَةِ بَشَر، ولٰكِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ حَمَلَ بَعضَ النَّاسِ على أَن يَتَكَلَّموا مِن قِبَلِ الله.

بطرس الثانية ٢

المعلِّمون الكذّابون

١وكما كانَ في الشَّعْبِ أَنبياءُ كَذَّابون، فكَذٰلِكَ يَكونُ فيكُم عُلَماءُ كَذَّابونَ يُحْدِثونَ بِدَعًا مُهْلِكة ويُنكِرونَ السَّيِّدَ الَّذي ٱفتَداهم فيَجلُبونَ لِأَنفُسِهم هَلاكًا سَريعًا. ٢وسيَتبَعُ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ فَواحِشَهم ويَكونونَ سَبَبًا لِلتَّجديفِ على طَريقِ الحَقّ. ٣ويَستَغِلُّونَكم بِكَلامٍ مُلَفَّقٍ لِما فِيهم مِن طَمَع. غَيرَ أَنَّ الحُكْمَ علَيهِم مُنذُ القِدَمِ لا يَبطُل وهَلاكَهم لا يَلحَقُه فُتور.

عبرة الماضي

٤فإِذا كانَ اللهُ لَم يَعْفُ عنِ المَلائِكَةِ الخاطِئين، بل أهبَطَهم أَسفَلَ الجَحيمِ وأَسلَمَهم إِلى أَحابيلِ الظُّلُماتِ حَيثُ يُحفَظونَ لِيَومِ الدَّينونَة، ٥وإِذا كانَ لَم يَعْفُ عنِ العالَمِ القَديمِ فجَلَبَ الطُّوفانَ على عالَمِ الكُفَّار، ولٰكنَّه حَفِظَ نُوحًا ثامِنَ الَّذينَ نَجَوا وكانَ يَدْعو إِلى البِرّ، ٦وإِذا كانَ قد جَعَلَ مَدينَتَي سَدومَ وعَمورةَ رَمادًا فحَكَمَ علَيهما بالخَرابِ عِبْرَةً لِمَن يَأتي بَعدَهما مِنَ الكُفَّار، ٧وأَنقَذَ لوطًا البارَّ وقَد شَقَّت علَيه سِيرةُ الفُجورِ الَّتي يَسيرُها أُولٰئِكَ الفاسِقون، ٨وكانَ هٰذا البارُّ ساكِنًا بَينَهم وكانَت نَفْسُه الزَّكِيَّةُ تُعَذِّبُ يَومًا بَعدَ يَوم لِما يَرى ويَسمَعُ عن أَعْمالِهِمِ الأَثيمَة، ٩فذٰلِكَ أَنَّ الرَّبَّ يَعلَمُ كَيفَ يُنقِذُ الأَتْقِياءَ مِنَ المِحنَة ويُبْقي الفُجَّارَ لِلعِقابِ يَومَ الدَّينونَة، ١٠ولا سِيَّما الَّذينَ يَتبَعونَ الجَسَدَ بِشَهَواتِه الدَّنِسَةِ ويَزدَرونَ العِزَّةَ الإِلٰهِيَّة.

العقاب الآتي

إِنَّهُم ذَوُو جُرأَةٍ مُعجَبونَ بِأَنفُسِهم لا يَخشَونَ التَّجديفَ على أَصحابِ المَجْد، ١١مع أَنَّ المَلائِكَة، وهُم أَعظَمُ مِنهُم بِالقُوَّةِ والقُدرَة، لا يَحكُمونَ علَيهم عِندَ الرَّبِّ بِالتَّجْديف. ١٢أَمَّا أُولٰئِكَ فهُم كالحَيَواناتِ العُجْمِ الَّتي جُعِلَت مِن طَبيعَتِها عُرْضَةً لأَن تُصادَ وتَهلِك، يُجَدِّفونَ على ما يَجهَلون. فسَيَهلِكونَ هَلاكَها ١٣ويَلقَونَ الظُّلْمَ أَجْرًا لِلظُّلْم. يَلتَذُّونَ بِالتَّرَفِ في رائِعَةِ النَّهار. أَدْناسٌ خُلَعاءُ يَلتَذُّونَ بِخَدائِعِهم إِذا قَصَفوا معَكم. ١٤لَهم عُيونٌ مَملوءةٌ فِسْقًا مَنْهومَةٌ بِالخَطيئَة، يَفتِنونَ النُّفوسَ الَّتي لا ثَباتَ لَها، ولَهم قُلوبٌ تَعَوَّدَتِ الطَّمَع. وهم بَنو اللَّعْنةِ ١٥تَرَكوا الطَّريقَ المُستَقيمَ وضَلُّوا في سِلوكِهم طَريقَ بِلْعامَ بْنِ باصَرَ الَّذي أَحَبَّ أَجْرَ الإِثْمِ ١٦فنالَه التَّوبيخُ بِمَعصِيَتِه، إِذ نَطَقَ حِمارٌ أَعْجَمُ بِصوتٍ بَشرِيّ فرَدَّ النَّبِيَّ عن هَوَسِه. ١٧هٰؤلاءِ يَنابيعُ جَفَّ ماؤُها وغُيومٌ تَدفَعُها الزَّوبَعة، أُعِدُّوا لِلظُّلماتِ الحالِكة. ١٨يَتَكَلَّمونَ بِعِباراتٍ طَنَّانةٍ فارِغَة فيَفتِنونَ بِشَهواتِ الجَسَدِ والفُجورِ أُناسًا كادوا يَتخلَّصونَ مِنَ الَّذينَ يَعيشونَ في الضَّلال. ١٩يَعِدونَهم بِالحُرِّيَّةِ وهم عَبيدٌ لِلفَساد، لِأَنَّ الإِنسانَ عَبْدٌ لِما ٱستَولى علَيه. ٢٠فإِنَّهُم إِذا ٱبتَعَدوا عن أَدْناسِ الدُّنْيا لِمَعرِفتِهم رَبَّنا ومُخَلِّصَنا يسوعَ المسيح، ثُمَّ عادوا إِلَيها يتقلَّبونَ فيها فَغُلِبوا على أَمْرِهم، صارت حالتُهمُ الأَخيرةُ أَسوَأَ مِن حالتِهمِ الأُولى ٢١فَقَد كانَ خَيرًا أَلَّا يَعرِفوا طَريقَ البِرِّ مِن أَن يَعرِفوه ثُمَّ يُعرِضوا عنِ الوَصِيَّةِ المُقدَّسَةِ الَّتي سُلِّمَت إِلَيهم. ٢٢لقَد صَدَقَ فيهِمِ المَثَلُ القائِل: «عادَ الكَلْبُ إِلى قَيْئِه يَلحَسُه» و«ما ٱغتَسَلَتِ الخِنزيرةُ حتَّى تَمَرَّغَت في الطِّين».

بطرس الثانية ٣

الأنبياء والرسل

١هٰذه رِسالَةٌ أُخْرى كَتَبتُ بِها إِلَيكم أَيُّها الأَحِبَّاء، وفيهما أُنَبِّهُ بِتَذْكيري أَذْهانَكمُ السَّليمة. ٢فتَذكَّروا الكَلامَ الَّذي قالَه الأَنبِياءُ القِدِّيسونَ مِن قَبْلُ ووصِيَّةَ رُسُلِكُم، وهي وَصِيَّةُ الرَّبِّ المُخَلِّص.

المعلِّمون الكذّابون

٣فٱعلَموا أَوَّلَ الأَمْرِ أَنَّه سيَأتي في آخِرِ الأَيَّامِ قَومٌ مُستَهزِئونَ كُلَّ الٱستِهزاء، تَقودُهم أَهواؤُهم ٤فيَقولونَ: «أَينَ مَوعِدُ مَجيئِه؟ ماتَ آباؤُنا ولا يَزالُ كُلُّ شَيءٍ مُنذُ بَدءِ الخَليقَةِ على حالِه». ٥فهُم يَتَجاهَلونَ أَنَّه كانَ هُناكَ مِن زَمَنٍ قَديمٍ سَمَواتٌ وأَرضٌ خَرَجَت مِنَ الماءِ وقائمةٌ بِالماءِ وقد حَدَثَ ذٰلك بِكَلِمَةِ الله، ٦وأَنَّه بِهٰذه الأَسبابِ نَفْسِها هلَكَ عالَمُ الأَمْسِ غَرَقًا في الماء. ٧أَمَّا السَّمَواتُ والأَرضُ في أَيَّامِنا هٰذه، فإِنَّ الكَلِمَةَ نَفسَها أَبقَت علَيها لِلنَّارِ إِلى يَومِ الدَّينونَةِ وهَلاكِ الكافِرين.

٨وهُناكَ أَمْرٌ لا يَصِحُّ لَكم أَن تَجهَلوه أَيُّها الأَحِبَّاء، وهو أَنَّ يَومًا واحِدًا عِندَ الرَّبِّ بمِقدارِ أَلْفِ سَنة، وأَلْفَ سنَةٍ بِمِقدارِ يَومٍ واحِد. ٩إِنَّ الرَّبَّ لا يُبطِئُ في إِنجازِ وَعْدِه، كما ٱتَّهَمَه بَعْضُ النَّاس، ولٰكِنَّه يَصبِرُ علَيكم لِأَنَّه لا يَشاءُ أَن يَهلِكَ أَحَدٌ، بل أَن يَبلُغَ جَميعُ النَّاسِ إِلى التَّوبَة. ١٠سيَأتي يَومُ الرَّبِّ كما يأتي السَّارِق، فتَزولُ السَّمَواتُ في ذٰلِكَ اليَومِ بِدَوِيٍّ قاصِفٍ وتَنحَلُّ العَناصِرُ مُضطَرِمةً وتُحاكَمُ الأَرضُ وما فيها مِنَ الأَعْمال.

الحثّ على القداسة. التمجيد

١١فإِذا كانَت جَميعُ هٰذه الأَشياءِ ستَنحَلُّ على ذٰلك الوَجْه، فكَيفَ يَجبُ علَيكم أَن تكونوا في قَداسَةِ السِّيرَةِ والتَّقْوى، ١٢تَنتَظِرونَ وتَستَعجِلونَ مَجيءَ يَومِ اللهِ الَّذي فيه تَنحَلُّ السَّمَواتُ مُشتَعِلَةً وتَذوبُ العَناصِرُ مُضطَرِمة. ١٣غَيرَ أَنَّنا نَنتَظِرُ، كما وَعَدَ الله، سَمَواتٍ جَديدةً وأَرضًا جديدةً يُقيمُ فيها البِرّ.

١٤فٱجتَهِدوا أَيُّها الأَحِبَّاء، وأَنتُم تَنتَظِرونَ هٰذه الأُمور، أَن تَكونوا لَدَيه لا دَنَسَ فيكُم ولا لَومَ علَيكم، لِتوجَدوا في سَلام. ١٥وعُدُّوا طولَ أَناةِ رَبِّنا وَسيلةً لِخَلاصِكم، كما كَتَبَ إِلَيكم بِذٰلِك أَخونا الحَبيبُ بولُس على قَدْرِ ما أُوتيَ مِنَ الحِكمَة، ١٦شَأنَه في جَميعِ الرَّسائِل كُلَّما تَناوَلَ هٰذِه المَسائل. وقد وَرَدَ فيها أُمورٌ غامِضَة يُحَرِّفُها الَّذينَ لا عِلْمَ عِندَهم ولا ثَبات، كما يَفعَلونَ في سائِرِ الكُتُب، وإِنَّما يَفعَلونَ ذٰلك لِهَلاكِهم.

١٧أَمَّا أَنتُم، أَيُّها الأَحِبَّاء، فقَد بُلِّغتُم مِن قَبْلُ، فتَنبَّهوا لِئَلَّا تَنْقادوا إِلى ضَلالِ الفاسِقين فيَهْوِيَ عَنكم ثَباتُكم. ١٨وٱنمُوا في النِّعمَةِ وفي مَعرِفَةِ رَبِّنا ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيح، لَه المَجْدُ الآنَ ومَدى الأَبَد. آمين.