اختر صفحة

رسالة القدّيس يعقوب

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

يعقوب ١

يعقوب ٢

يعقوب ٣

يعقوب ٤

يعقوب ٥

رسالة القدّيس يعقوب

مدخل

تبدو رسالة يعقوب، للوهلة الأولى، خاليةً من الغموض. فهي تبتدئ بعبارة مألوفة في الرسائل ذُكرَ فيها اسم الكاتب، ثمّ وُصفَ بأنّه مسيحيّ ذو شأن. وقد كُتبت بلغة يونانيّة حسنة جدًّا. ووردَ في يع ٢/ ١-٣/ ١٨ فقرة وجيزة أُنشئت على نمط التقريع الذي كانت الفلسفة الشعبيّة تعتمده كثيرًا. ولم يستعمل الكاتب الأصل العبريّ للكتاب المقدّس، بل يبدو أنّه استعملَ الترجمة اليونانيّة استعمالًا متواصلًا لمَّا استشهدَ بالعهد القديم. هذا كلّه يدلّ على أصل هلّينيّ للرسالة. والجدال الشديد الوارد في يع ٢/ ١٤-٢٦؛ لردّ تفسيرٍ فيه شطط للتعليم الذي تناول فيه بولس الخلاص بالإيمان من غير الأعمال، يتيح لنا أن ننسب على وجهٍ أكيد تاريخ إنشاء الرسالة إلى ما بعد منتصف القرن الأوّل بقليل، وهو الوقت الذي أصاب الرسول بولس نجاحًا كبيرًا في قيامه برسالته. ويبدو أنّ خلوّ الرسالة من كلّ تلميح سياسيّ، ومن كلّ ذكر لهيكل أورشليم، ينفي الاحتمال بأنّها كُتبت في زمن الثورة اليهوديّة التي وقعت في ٦٦-٧٠ والسنوات العشر التي تبعتها. وآخر الأمر، لا تحتوي رسالة يعقوب على أيِّ شرح عقائديّ كالذي يجعل رسائل بولس أو يوحنّا جذّابة، وإن عسيرة. فإنّ رسالة يعقوب لا تعرض سوى تعليم خُلقيّ مبتذل في بعض الأحيان وتقتبس على كلّ حال أشياء كثيرة من أصول الأخلاق الهلّينيّة في ذلك الزمن.

يعقوب ١

تحيّة

١مِن يَعقوبَ عَبدِ اللهِ والرَّبِّ يسوعَ المسيحِ إِلى المُشَتَّتينَ مِنَ الأَسباطِ الِٱثنَي عَشَر، سَلام!

فوائد المِحَن

٢أُنظُروا يا إِخوَتي إِلى ما يُصيبُكم مِن مُختَلِفِ المِحَنِ نَظَركم إِلى دَواعي الفَرَحِ الخالِص. ٣فأَنتُم تَعلَمونَ أَنَّ ٱمتِحانَ إِيمانِكم يَلِدُ الثَّبات، ٤وَلْيَكُنِ الثَّباتُ فعَّالًا على وَجهٍ كامِل، لِتَكونوا كامِلينَ سالِمينَ لا نَقْصَ فيكُم.

٥وإِن كانَ أَحَدٌ مِنكُم تَنقُصُه الحِكمَةُ فلْيَطلُبْها عِندَ اللهِ يُعْطَها، لِأَنَّه يُعْطي جَميعَ النَّاسِ بِلا حِسابٍ ولا عِتاب. ٦فلْيَطلُبْها بِإِيمانٍ مِن غَيرِ أَن يَرْتاب، لِأَنَّ المُرتابَ يُشبِهُ مَوجَ البَحرِ إِذا لَعِبَت بِه الرِّيحُ فهاجَتْه. ٧ولا يَظُنَّنَّ ذٰلك الرَّجُلُ أَنَّه يَنالُ مِنَ الرَّبِّ شَيئًا، ٨فهو رَجُلٌ ذو نَفْسَيْن لا يَقِرُّ لهُ قَرارٌ في طُرُقِه كُلِّها.

٩لِيَفتَخِرِ الأَخُ الوَضيعُ بِرِفعَتِه ١٠والغَنِيُّ بِضَعَتِه، لِأَنَّه كَزَهرِ العُشْبِ يَزول. ١١فقَد أَشرَقَتِ الشَّمْسُ وٱشتَدَّت حَرارَتُها وأَيبَسَتِ العُشْب، فسَقَطَ زَهْرُه وذَهَبَ رَونَقُه. كذٰلِكَ يَذبُلُ الغَنِيُّ في مَساعيه.

١٢طوبى لِلرَّجُلِ الَّذي يَحتَمِلُ التَّجرِبَة! لِأَنَّه سيَخرُجُ مُزَكًّى فيَنالُ إِكليلَ الحَياةِ الَّذي وُعِدَ بِه مَن يُحِبُّونَه.

التجربة

١٣إِذا جُرِّبَ أَحَدٌ فلا يَقُلْ: «إِنَّ اللهَ يُجَرِّبُني». إِنَّ اللهَ لا يُجَرِّبُه الشَّرُّ ولا يُجَرِّبُ أَحَدًا، ١٤في حينِ أَنَّ لِكُلِّ إِنسانٍ شَهوَةً تُجَرِّبُه فتَفتِنُه وتُغْويه. ١٥والشَّهوَةُ إِذا حَبِلَت وَلَدَتِ الخَطيئَة، والخَطيئَةُ إِذا تَمَّ أَمرُها خَلَّفَتِ المَوت.

١٦لا تَضِلُّوا يا إِخوَتي الأَحِبَّاء، ١٧فكُلُّ عَطِيَّةٍ صالِحَةٍ وكُلُّ هِبَةٍ كامِلَةٍ تَنزِلُ مِن عَلُ مِن عِندِ أَبي الأَنوار. وهو لا تَبَدُّلَ فيهِ ولا شِبْهَ تَغَيُّر. ١٨شاءَ أَن يَلِدَنا بِكَلِمَةِ الحَقّ لِنَكونَ كمِثْلِ باكورَةٍ لِخَلائِقِه.

العبادة الصحيحة

١٩لا يُخْفى عَلَيكم شَيءٌ، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء، ومَعَ ذٰلك فعَلى كُلِّ إِنسانٍ أَن يَكونَ سَريعًا إِلى الِٱستِماعِ بَطيئًا عَنِ الكَلام، بَطيئًا عنِ الغَضَب، ٢٠لِأَنَّ غَضَبَ الإِنسانِ لا يَعمَلُ لِبِرِّ الله. ٢١فأَلقُوا عنكُم كُلَّ دَنَسٍ وكُلَّ ما يَفيضُ مِن شَرّ، وتَقبَّلوا بِوَداعةٍ الكَلِمَةَ المَغْروسَةَ فيكم والقادِرَةَ على خَلاصِ نُفوسِكم. ٢٢وكونوا مِمَّن يَعمَلونَ بِهٰذه الكَلِمَة، لا مِمَّن يَكتَفونَ بِسَماعِها فيَخدَعونَ أَنفُسَهم. ٢٣فمَن يَسمَعِ الكَلِمَةَ ولا يَعمَلْ بِها يُشْبِهْ رَجُلًا يَنظُرُ في المِرآةِ صورَةَ وَجْهِه. ٢٤فما إِن نظَرَ إِلى نَفْسِه ومَضى حتَّى نَسِيَ كَيفَ كان. ٢٥وأَمَّا الَّذي أَكَبَّ على الشَّريعَةِ الكامِلَة، شَريعَةِ الحُرِّيَّة، ولَزِمَها، لا شَأْنَ مَن يَسمَع ثُمَّ يَنْسى، بل شأنَ مَن يَعمَل، فذاكَ الَّذي سيَكونُ سَعيدًا في عَمَلِه.

٢٦مَن ظَنَّ أَنَّه دَيِّنٌ ولَم يُلجِمْ لِسانَه، بل خَدَعَ قَلبَه، كانَ تَدَيُّنُه باطِلًا. ٢٧إِنَّ التَّدَيُّنَ الطَّاهِرَ النَّقِيَّ عِندَ اللهِ الآب هو ٱفتِقادُ الأَيتامِ والأَرامِلِ في شِدَّتِهِم وصِيانَةُ الإِنسانِ نَفْسَهُ مِنَ العالَمِ لِيَكونَ بِلا دَنَس.

يعقوب ٢

توقير الفقراء

١يا إِخوتي، لا تَجمَعوا بَينَ مُراعاةِ الأَشخاصِ والإِيمانِ بِرَبِّنا يسوعَ المسيح، لَه المَجْد. ٢فإِذا دَخَلَ مَجمَعَكم رَجُلٌ بِإِصبَعِه خاتَمٌ مِن ذَهَبٍ وعلَيهِ ثِيابٌ بَهِيَّة، ودَخَلَ أَيضًا فَقيرٌ علَيه ثِيابٌ وَسِخَة، ٣فٱلتَفتُّم إِلى صاحِبِ الثِّيابِ البَهِيَّة وقُلتُم له: «إِجلِسْ أَنتَ هٰهُنا في الصَّدْر»، وقُلتُم لِلفَقير: «أَنتَ قِفْ» أَو «اِجلِسْ عِندَ موطِئِ قَدَمَيَّ»، ٤أَفَلا تَكونونَ قد مَيَّزتُم في أَنْفُسِكم وصِرتُم قُضاةً ساءَت أَفكارُهُم؟

٥إِسمَعوا، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء: أَلَيسَ اللهُ ٱختارَ الفُقَراءَ في نَظَرِ النَّاسِ فجَعَلَهم أَغنِياءَ بِالإِيمانِ ووَرَثَةً لِلمَلَكوتِ الَّذي وَعَدَ بِه مَن يُحِبُّونَه؟ ٦وأَنتُم أَهَنتُمُ الفَقير! أَلَيسَ الأَغنِياءُ همُ الَّذينَ يَظلِمونَكم ويَسوقونَكم إِلى المَحاكِم؟ ٧أَوَلَيسَ همُ الَّذينَ يُجَدِّفونَ على الِٱسْمِ الحَسَنِ الَّذي ذُكِرَ علَيكم؟ ٨فإِذا عَمِلتُم بِالشَّريعَةِ السَّامِيَةِ الَّتي نَصَّ عَلَيها الكِتاب، وهي: «أَحبِبْ قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ»، تُحسِنونَ عَمَلًا. ٩وأَمَّا إِذا راعَيتُمُ الأَشخاصَ فتَرتَكِبونَ خَطيئَةً وتُثبِتُ الشَّريعَةُ علَيكُم أَنَّكُم مِنَ المُخالِفين.

١٠فمَن حَفِظَ الشَّريعَةَ كُلَّها وزَلَّ في أَمْرٍ واحِدٍ مِنها أَخطَأَ بِها جَميعًا، ١١لِأَنَّ الَّذي قال: «لا تَزْنِ» قالَ أَيضًا: «لا تَقتُلْ». فإِذا لم تَزْنِ ولٰكِنَّك قَتَلتَ، كُنتَ مُخالِفًا لِلشَّريعَة. ١٢تَكَلَّموا وٱعمَلوا مِثْلَ مَن سَيُدانُ بِشَريعَةِ الحُرِّيَّة، ١٣لِأَنَّ الدَّينونَةَ لا رَحمَةَ فيها لِمَن لم يَرحَم، فالرَّحمَةُ تَستَخِفُّ بِالدَّينونَة.

الإيمان والأعمال

١٤ماذا يَنفَعُ، يا إِخوَتي، أَن يَقولَ أَحَدٌ إِنَّه يُؤمِن، إِن لم يَعمَل؟ أَبِوُسْعِ الإِيمانِ أَن يُخَلِّصَه؟ ١٥فإِن كانَ فيكُم أَخٌ عُريانٌ أَو أُختٌ عُريانَةٌ يَنقصُهما قُوتُ يَومِهِما، ١٦وقالَ لَهما أَحدُكم: «إِذْهَبا بِسَلامٍ فٱستَدفِئا وٱشبَعا» ولم تُعطوهما ما يَحتاجُ إِلَيه الجَسَد، فماذا يَنفَعُ قَولُكُم؟ ١٧وكَذٰلِكَ الإِيمان، فإِن لم يَقتَرِنْ بِالأَعمال كانَ مَيْتًا في حَدِّ ذاتِه.

١٨ورُبَّ قائِلٍ يَقول: «أَنتَ لَكَ الإِيمانُ وأَنا لِيَ الأَعْمال». فأَرِني إِيمانَكَ مِن غَيرِ أَعمال، أُرِكَ أَنا إِيماني بِأَعمالي. ١٩أَنتَ تُؤمِنُ بِأَنَّ اللهَ أَحَد، فقَد أَحسَنتَ. والشَّياطينُ هي أَيضًا تُؤمِنُ بِه وتَرتَعِد. ٢٠أَتُريدُ أَن تَعلَمَ، أَيُّها الأَبلَه، أَنَّ الإِيمانَ مِن غَيرِ أَعمالٍ شَيءٌ عَقيم؟ ٢١أَما بُرِّرَ أَبونا إِبراهيمُ بِالأَعمالِ إِذ قَرَّبَ ٱبنَه إِسحٰقَ على المَذبَح؟ ٢٢تَرى أَنَّ الإِيمانَ ساهَمَ في أَعمالِه وأَنَّه بِالأَعمالِ ٱكتَمَلَ الإِيمان، ٢٣فتَمَّتِ الآيَةُ الَّتي وَرَدَ فيها: «إِنَّ إِبراهيمَ آمَنَ بِاللهِ فحُسِبَ لَه ذٰلك بِرًّا ودُعِيَ خَليلَ الله».

٢٤تَرَونَ أَنَّ الإِنسانَ يُبَرَّرُ بِالأَعمالِ لا بِالإِيمانِ وَحدَه. ٢٥وهٰكذا راحابُ البَغِيّ: أَما بُرِّرَتْ بِالأَعمالِ لِأَنَّها أَضافَتِ الرَّسولَين، ثُمَّ صَرَفتهما في طَريقٍ آخَر؟ ٢٦فكَما أَنَّ الجَسَدَ بِلا رُوحٍ مَيْت فكذٰلِكَ الإِيمانُ بِلا أَعمالٍ مَيْت.

يعقوب ٣

بليّة الإنسان من اللسان

١لا يَكثُرَنَّ فيكُم يا إِخوَتي عَدَدُ العُلَماء. فأَنتُم تَعلَمونَ أَنَّنا سَنَلْقى في ذٰلك أَشَدَّ دَينونة.

٢وما أَكثَرَ ما نَزِلُّ نَحنُ جَميعًا. وإِذا كانَ أَحَدٌ لا يَزِلُّ في كَلامِه، فهو إِنْسانٌ كامِلٌ قادِرٌ على إِلجامِ جَميعِ جَسَدِه. ٣فحينَ نَضَعُ اللِّجامَ في أَفواهِ الخَيلِ لِتَخضَعَ لَنا، نَقودُ بِه جِسمَها كُلَّه. ٤وٱنظُروا أَيضًا إِلى السُّفُن، فإِنَّها على ضَخامَتِها وشِدَّةِ الرِّياحِ الَّتي تَدفَعُها تَقودُها دَفَّةٌ صَغيرةٌ إِلى حَيثُ يَشاءُ الرُّبَّان. ٥وهٰكذا اللِّسان، فإِنَّه عُضوٌ صَغيرٌ ومِن شَأنِه أَن يُفاخِرَ بِالأَشياءِ العَظيمَة. أُنظُروا ما أَصغَرَ النَّارَ الَّتي تُحرِقُ غابَةً كَبيرة! ٦واللِّسانُ نارٌ أَيضًا وعالَمُ الإِثْم. اللِّسانُ بَينَ أَعضائِنا يُدَنِّسُ الجِسمَ كُلَّه ويُحرِقُ الطَّبيعَةَ في سَيرِها ويَحتَرِقُ هو بِنارِ جَهَنَّم. ٧تُقهَرُ الوُحوشُ والطُّيورُ والزَّحَّافاتُ والحَيَواناتُ البَحرِيَّةُ على ٱختِلافِ أَجناسِها، والنَّوعُ الإِنسانِيُّ هو الَّذي يَقهَرُها، ٨وأَمَّا اللِّسانُ فلا يَستَطيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَن يَقهَرَه. إِنَّه بَلِيَّةٌ لا تُضبَط، مِلؤُه سَمٌّ قاتِل، ٩بِه نُبارِكُ الرَّبَّ الآبَ وبِه نَلعَنُ النَّاسَ المَخلوقينَ على صُورَةِ الله. ١٠مِن فَمٍ واحِدٍ تَخرُجُ البَرَكَةُ واللَّعنَة. فيَجِبُ يا إِخوَتي أَلَّا يَكونَ الأَمْرُ كذٰلِكَ. ١١أَيَفيضُ اليَنبوعُ بِالعَذْبِ والمُرِّ مِن مَجرًى واحِد؟ ١٢أَم يُمكِنُ يا إِخوَتي أَن تُثمِرَ التِّينَةُ زَيتونًا أَوِ الكَرمَةُ تِينًا؟ إِنَّ اليَنبوعَ المالِحَ لا يُخرِجُ الماءَ العَذْب.

الحكمة الصادقة والحكمة الكاذبة

١٣أَفيكُم أَحَدٌ ذو حِكمَةٍ ودِرايَة؟ فَليُظهِرْ بِحُسنِ سِيرتِه أَنَّ أَعمالَه تُصنَعُ بِوَداعَةٍ تأتي مِنَ الحِكمَة. ١٤أَمَّا إِذا كانَ في قُلوبِكم مَرارةُ الحَسَدِ والمُنازعة، فلا تَفتَخِروا ولا تَكذِبوا على الحَقّ. ١٥فمِثلُ هٰذه الحِكمَةِ لا تَنزِلُ مِن عَلُ، وإِنَّما هي حِكمَةٌ دُنيَوِيَّةٌ بَشَرِيَّةٌ شَيْطانِيَّة. ١٦فحَيثُما يَكُنِ الحَسَدُ والمُنازعة، يَكُنِ الِٱضْطِرابُ ومُختَلِفُ أَعمالِ السُّوء. ١٧وأَمَّا الحِكمَةُ الَّتي تَنزِلُ مِن عَلُ فهيَ طاهِرَةٌ أَوَّلًا، ثُمَّ مُسالِمَةٌ حليمةٌ سَمْحَةُ مِلؤُها رَحمَةٌ وثِمارٌ صالِحة، لا مُحاباةَ فيها ولا رِياء. ١٨ثَمَرَةُ البِرِّ تُزرَعُ في السَّلامِ لِلَّذينَ يَعمَلونَ لِلسَّلام.

يعقوب ٤

دفع المخاصمات

١مِن أَينَ تَأتي المُخاصَماتُ والمَعارِكُ بَينَكم؟ أَمَا تَأتي مِن أَهوائِكُمُ الَّتي تَعتَرِكُ في أَعضائِكم؟ ٢تَشتَهونَ ولا تَنالون، تَقتُلونَ وتَحسُدون، ولا تَستَطيعونَ الحُصولَ على ما تُريدون، فتُخاصِمونَ وتَعتَرِكون. لا تَنالونَ لِأَنَّكم لا تَسأَلون. ٣تَسأَلونَ ولا تَنالونَ لِأَنَّكم لا تُحسِنونَ السُّؤالَ لِرَغبَتِكم في الإِنفاقِ على أَهوائِكم.

٤أَيَّتُها الزَّواني، أَلا تَعلَمونَ أَنَّ صداقَةَ العالَمِ عَداوةُ الله؟ فمَن أَرادَ أَن يَكونَ صَديقَ العالَمِ أَقامَ نَفْسَه عَدُوَّ الله. ٥أَم تَحسَبونَ أَنَّ الكِتابَ يَقولُ عَبَثًا: إِنَّ اللهَ يَشتاقُ شَوقَ الغَيرةِ إِلى الرُّوحِ الَّذي أَسكَنَه فينا؟ ٦بل هو يَجودُ بِنِعمَةٍ أَعظَم، فإِنَّ الكِتابَ يَقول: «إِنَّ اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين». ٧فٱخضَعوا للهِ وقاوِموا إِبليسَ يُوَلِّ عنكُم هارِبًا. ٨إقتَرِبوا مِنَ اللهِ يَقتَرِبْ مِنكم. طَهِّروا أَيدِيَكم أَيُّها الخاطِئونَ ونَقُّوا قُلوبَكم يا ذَوي النَّفْسَين. ٩أُندُبوا شَقاءَكم وٱحزَنوا وٱبكوا. لِيَنقَلِبْ ضَحِكُكم حُزْنًا وفَرَحُكم غَمًّا. ١٠تَواضَعوا بَينَ يَدَي رَبِّكم فيَرفَعَكم. ١١لا يَقولَنَّ بَعضُكمُ السُّوءَ على بَعْض، أَيُّها الإِخوة، لِأَنَّ الَّذي يَقولُ السُّوءَ على أَخيه أَو يَدينُ أَخاه يَقولُ السُّوءَ على الشَّريعَةِ ويَدينُ الشَّريعَة. فإِذا دِنتَ الشَّريعَة لم تَكُنْ لها حافِظًا، بل دَيَّان. ١٢لَيسَ هُناك إِلَّا مُشتَرِعٌ واحِدٌ ودَيَّانٌ واحِد، وهو القادِرُ على أَن يُخَلِّصَ ويُهلِك. فمَن أَنتَ لِتَدينَ القَريب؟

إنذار الأغنياء

١٣يا أَيُّها الَّذينَ يَقولون: «سنَذهَبُ اليَومَ أَو غَدًا إِلى هٰذه المَدينَةِ أَو تِلكَ فنُقيمُ فيها سَنَةً نُتاجِرُ وَنَربَح»، ١٤أَنتُم لا تَعلَمونَ ما تكونُ حَياتُكم غَدًا. فإِنَّكم بُخارٌ يَظهَرُ قَليلًا ثُمَّ يَزول. ١٥هَلَّا قُلتُم: «إِن شاءَ الله، نَعيشُ ونَفعَلُ هٰذا أَو ذاك»! ١٦ولٰكِنَّكم تُباهونَ بِصَلَفِكم، ومِثْلُ هٰذِه المُباهاةِ مُنكَرة. ١٧فمَن عَرَفَ كَيفَ يَصنَعُ الخَيرَ ولم يَصنَعْهُ ٱرتَكَبَ خَطيئَة.

يعقوب ٥   

١يا أَيُّها الأَغنِياء، اِبكوا وأَعوِلوا على ما يَنزِلُ بِكُم مِنَ الشَّقاء. ٢ثَروَتُكم فَسُدَت وثِيابُكم أَكَلَها العُثّ. ٣ذَهَبُكم وفِضَّتُكم صَدِئا، وسَيَشهَدُ الصَّدَأُ علَيكم ويأكُلُ أَجسادَكم كأَنَّه نار. جَمَعتُم كُنوزًا في الأَيَّامِ الأَخيرة. ٤ها إِنَّ الأُجْرَةَ الَّتي حَرَمتُموها العَمَلَةَ الَّذينَ حَصَدوا حُقولَكم قدِ ٱرتَفَعَ صِياحُها، وإِنَّ صُراخَ الحَصَّادينَ قد بَلَغَ أُذُنَي رَبِّ القُوَّات. ٥عِشتُم على الأَرضِ في التَّنعُّمِ والتَّرَف وأَشبَعتُم أَهواءَكم يَومَ التَّذبيح. ٦حَكَمتُم على البارّ فقَتَلتُموه وهو لا يُقاوِمُكم.

النَّصائح الأخيرة

٧فٱصبِروا أَيُّها الإِخوَةُ إِلى يَومِ مَجيءِ الرَّبّ. أُنظُروا إِلى الحارِثِ كَيفَ يَنتَظِرُ غَلَّةَ الأَرضِ الثَّمينة فيَصبِرُ علَيها حتَّى يَجنِيَ باكورَها ومُتأَخِّرَها. ٨فٱصبِروا أَنتُم أَيضًا وثَبِّتوا قُلوبَكم، فإِنَّ مَجيءَ الرَّبِّ قريب. ٩لا يَتَذَمَّرَنَّ بَعضُكم على بَعْض، أَيُّها الإِخوَة، لِئَلَّا تُدانوا. هُوَذا الدَّيَّانُ واقِفٌ على الأَبواب. ١٠إقتَدوا أَيُّها الإِخوَةُ بِالأَنبياءِ الَّذينَ تَكَلَّموا بِٱسمِ الرَّبِّ في أَلَمِهم وصَبْرِهم. ١١إِنَّنا نَقولُ في الصَّابِرين: طُوبى لَهم، وقد سَمِعتُم بِصَبرِ أَيُّوب وعَرَفتُم قَصْدَ الرَّبّ. إِنَّ الرَّبَّ رَحمانٌ رَحيم.

١٢وقَبْلَ كُلِّ شَيء، يا إِخوَتي، لا تَحلِفوا بِالسَّماءِ ولا بِالأَرضِ ولا يَمينًا أُخرى. لِتَكُنْ نَعَمُكم نَعَمْ ولاؤُكم لا، لِئَلَّا تَقَعوا تَحتَ وَطأَةِ الدَّينونة.

مسحة المرضى

١٣هل فيكم مُتأَلِّم؟ فلْيُصَلِّ! هل فيكُم مَسْرور؟ فلْيُنشِد! ١٤هل فيكُم مَريض؟ فلْيَدْعُ شُيوخَ الكَنيسة، ولِيُصَلُّوا عليه بَعدَ أَن يَمسَحوه بِالزَّيتِ بِٱسمِ الرَّبّ. ١٥إِنَّ صَلاةَ الإِيمانِ تُخَلِّصُ المَريض، والرَّبَّ يُعافيه. وإِذا كانَ قدِ ٱرتَكَبَ بَعضَ الخَطايا غُفِرَت لَه. ١٦فلْيَعتَرِفْ بَعضُكم لِبَعضٍ بِخَطاياه، ولْيُصَلِّ بَعضُكم لِبَعضٍ كَي تُشفَوا. صلاةُ البارِّ تَعمَلُ بِقُوَّةٍ عَظيمة. ١٧كانَ إِيليَّا بَشَرًا مِثلَنا فصلَّى طالِبًا بِإِلحاحٍ أَلَّا يَنزِلَ المَطَر، فلَم يَنزِلْ على الأَرضِ ثَلاثَ سَنَواتٍ وسِتَّةَ أَشهُر. ١٨ثُمَّ عادَ إِلى الصَّلاة فمَطَرتِ السَّماءُ وأَخرَجَتِ الأَرضُ غَلَّتَها.

النُّصح الأَخويّ

١٩يا إِخوَتي، إِن ضَلَّ بَعضُكم عنِ الحَقّ ورَدَّه أَحَدٌ إِلَيه، ٢٠فٱعلَموا أَنَّ مَن رَدَّ خاطِئًا عن طريقِ ضَلالِه خَلَّصَ نَفْسَه مِنَ المَوت وسَتَرَ كَثيرًا مِنَ الخَطايا.