اختر صفحة

سِفْرُ أَشَعْيا

إنجيل متّى

الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

أشعيا ١

أشعيا ٧

أشعيا ١٣

أشعيا ١٩

أشعيا ٢٥

أشعيا ٣١ 

أشعيا ٣٧

أشعيا ٤٣

أشعيا ٤٩

أشعيا ٥٥

أشعيا ٦١

أشعيا ٢

أشعيا ٨

أشعيا ١٤

أشعيا ٢٠

أشعيا ٢٦

أشعيا ٣٢

أشعيا ٣٨

أشعيا ٤٤

أشعيا ٥٠

أشعيا ٥٦

أشعيا ٦٢

أشعيا ٣

أشعيا ٩

أشعيا ١٥

أشعيا ٢١

أشعيا ٢٧

أشعيا ٣٣

أشعيا ٣٩

أشعيا ٤٥

أشعيا ٥١

أشعيا ٥٧

أشعيا ٦٣

أشعيا ٤

أشعيا ١٠

أشعيا ١٦

أشعيا ٢٢

أشعيا ٢٨

أشعيا ٣٤

أشعيا ٤٠

أشعيا ٤٦

أشعيا ٥٢

أشعيا ٥٨

أشعيا ٦٤

أشعيا ٥

أشعيا ١١

أشعيا ١٧

أشعيا ٢٣

أشعيا ٢٩

أشعيا ٣٥

أشعيا ٤١

أشعيا ٤٧

أشعيا ٥٣

أشعيا ٥٩

أشعيا ٦٥

أشعيا ٦

أشعيا ١٢

أشعيا ١٨

أشعيا ٢٤

أشعيا ٣٠

أشعيا ٣٦

أشعيا ٤٢

أشعيا ٤٨

أشعيا ٥٤

أشعيا ٦٠

أشعيا ٦٦

أشعيا ١

أشعيا ٢

أشعيا ٣

أشعيا ٤

أشعيا ٥

أشعيا ٦

أشعيا ٧

أشعيا ٨

أشعيا ٩

أشعيا ١٠

أشعيا ١١

أشعيا ١٢

أشعيا ١٣

أشعيا ١٤

أشعيا ١٥

أشعيا ١٦

أشعيا ١٧

أشعيا ١٨

أشعيا ١٩

أشعيا ٢٠

أشعيا ٢١

أشعيا ٢٢

أشعيا ٢٣

أشعيا ٢٤

أشعيا ٢٥

أشعيا ٢٦

أشعيا ٢٧

أشعيا ٢٨

أشعيا ٢٩

أشعيا ٣٠

أشعيا ٣١ 

أشعيا ٣٢

أشعيا ٣٣

أشعيا ٣٤

أشعيا ٣٥

أشعيا ٣٦

أشعيا ٣٧

أشعيا ٣٨

أشعيا ٣٩

أشعيا ٤٠

أشعيا ٤١

أشعيا ٤٢

أشعيا ٤٣

أشعيا ٤٤

أشعيا ٤٥

أشعيا ٤٦

أشعيا ٤٧

أشعيا ٤٨

أشعيا ٤٩

أشعيا ٥٠

أشعيا ٥١

أشعيا ٥٢

أشعيا ٥٣

أشعيا ٥٤

أشعيا ٥٥

أشعيا ٥٦

أشعيا ٥٧

أشعيا ٥٨

أشعيا ٥٩

أشعيا ٦٠

أشعيا ٦١

أشعيا ٦٢

أشعيا ٦٣

أشعيا ٦٤

أشعيا ٦٥

أشعيا ٦٦

التالي: يوحنا
السابق: مرقس

سِفرُ أشعْيا

تكوين الكتاب

يضمّ سِفر أشعيا مجموعة من ستّة وستّين فصلًا فيها أدلّة فكريّة وأدبيّة واضحة على أنّها لا تعود إلى زمن واحد. لا عجب في أن يكون لكتاب واحد عدّة مؤلِّفين، ففي العهد القديم أسفار أخرى تتّسم بهذا الطابع الخليط، ولكن، في حين أنّ أسماء مؤلّفيها غير معروفة، يظهر سِفر أشعيا بمظهر كتاب يحمل اسم شخص عاش في زمن معيَّن من تاريخ إسرائيل (أش ١/ ١). كان ولا يزال إلى اليوم من يؤيّدون وحدة التأليف في هذا الكتاب. لقد عبَّرَ عن الرأي التقليديّ، اليهوديّ والمسيحيّ، يشوع بن سيراخ (القرن الثاني ق.م)، فإنّه، بعد أن تكلّم على نشاط النبيّ في عهد حزقِيَّا، أضاف أنّه «رأى آخِر الأزمنة وعزَّى المحزونين في صهيون… وكشف عمّا سيكون وعن الخفايا قبل حدوثها» (سي ٤٨/ ٢٢-٢٥). غيرَ أنّ تعدّد المؤلّفين لا يحول دون التكلّم على وحدة الكتاب، شرط أن يُبحث عن هذه الوحدة في تواصل يمتدّ عدّة قرون وفي استمرار بعض الموضوعات.

وأوضح دليل على تعدّد المؤلّفين يظهر في مطلع الفصل الأربعين، حيث يبدأ مؤلَّف يُقال له سِفر أشعيا الثاني. فبدون أيّ تمهيد نرى أنفسنا منقولين من القرن الثامن إلى حقبة الجلاء (القرن السادس). ولم يعد يُذكَر اسم أشعيا، وأمَّا أشّور فقد حلّت بابل محلَّها وأخذ اسم بابل يرد كثيرًا، بالإضافة إلى اسم ملك الميديّين والفرس، أي قورش، فاتح بابل والعامل على عودة اليهود إلى بلادهم (أش ٤١/ ٢؛ أش ٤٤/ ٢٨؛ أش ٤٥/ ١). في أش ٤٠/ ١ يبدأ إذًا كتاب جديد يُخصّ بفقرات من هذا المدخل.

وأيًّا كانت أهمّيّة أش ٤٠/ ١-٦٦/ ٢٤؛ فليست وحدها لاحقة لزمن أشعيا. فإن أمعنَّا النظر، لاحظنا أنّ الفصول أش ٣٦/ ١-٣٩/ ٨ هي تكرار، مع شيء كثير من التغيير، لنصّ تاريخيّ نجده أيضًا في سِفر الملوك الثاني (٢ مل ١٨/ ١٣-٢٠/ ١٩). وللفصول أش ٣٤/ ١-٣٥/ ١٠ طابع الجلاء وهي تشابه مؤلَّف أشعيا الثاني. وأخيرًا، فإنّ مجموعة الفصول أش ٢٤/ ١-٢٧/ ١٣؛ المسمّاة عادة «رؤيا أشعيا»، بعيدة جدًّا عن عقليّة أهل القرن الثامن وتصوّراتهم. وفي داخل المجموعات المنسوبة عادة إلى النبيّ نفسه (أش ١/ ١-١٢/ ٦؛ أش ١٣/ ١-٢٣/ ١٨؛ أش ٢٨/ ١-٣٣/ ٢٤) عدد من الأجزاء يعود تاريخها، في نظر المفسّرين، إلى وقتٍ لاحق.

إظهار المزيد

يحسن بنا إذًا أن ندرك ما في الكتاب من طابع خليط وألّا نحاول أن نُثبت وحدة التأليف إثباتًا اصطناعيًّا. أمَّا عرض كيف ألِّف سِفر أشعيا فإنَّه محاولة تتضمّن قدرًا وافرًا من الافتراض. فقد كان إنجاز الكتاب بعد الجلاء، لا بل بعد العودة، وهو مُفتَرَض بما ورد في الفصول أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤. ولم يكن في متناول المحرّرين أجزاءُ مبعثرة وحسب، بل مجموعات بكلّ معنى الكلمة. من المسلّم به أنّ نواة سِفر أشعيا مؤلّفة من عناصر تتغلّب فيها السيرة الذاتيّة، ولا سيّما الرواية التي يرويها النبيّ نفسه عن دعوته إلى الخدمة النبويّة (أش ٦/ ١-١٣).

هناك نصوص (مثل ٨/ ١ و١٦؛ مثل ٣٠/ ٨) تشهد بأنّ النبي كتب شيئًا من أقواله، ولكنّ الراجح أنّ عددًا كبيرًا من أقواله لم يكتبها هو نفسه، بل دوّنها تلاميذه، نزولًا عند رغبته، أو بعد ذلك بقليل حين وجب إثبات التوافق بين الأحداث والأقوال التي قالها. يبدو أنّ حلقة تلاميذ أشعيا كانت مؤلّفة أوّلًا من أعضاء أسرته، من بنيه الذين أشركهم في خدمته الدينيّة فأطلق عليهم أسماء رمزيّة، وامرأته المسمّاة «النبيّة» في أش ٨/ ٣. لقد اتّسعت حلقة التلاميذ بعد ذلك – هناك من يتكلّمون على مدرسة أشعيا – فكان لها نشاط أدبيّ انطلق من أقوال المعلّم. ومن الراجح أنّ هذه الحلقة كانت صورة سابقة للبقيّة الأمينة التي أصبحت، بعد الكارثة، نواة لشعب الله الجديد.

من الواضح أنّه، في ما يتعلّق بعدد المجموعات التي دخلت في تأليف سِفر أشعيا وبحجمها، لا يسعنا إلَّا أن نتكهّن. لقد أُدرج مجمل الأقوال والقصص المجموعة في رسم بيانيّ مصطلح عليه نجده في أكثر أسفار الأنبياء، ولا سيّما عند إرميا وحزقيّال، وهو يحتوي على ثلاثة أقسام:

١) نبوءات دينونة على إسرائيل.

٢) نبوءات شؤم على الشعوب الغريبة.

٣) مواعد بالخلاص، لإسرائيل خاصّةً.

ولكنَّ المجموعات المختلفة التي دخلت في تأليف سِفر أشعيا كانت لها بنية معيَّنة، فلم تخضع، عند التحرير النهائيّ، لهذا الإطار العامّ. ففي داخل الفصول أش ١/ ١-٣٩/ ٨؛ يمكننا أن نجد الأقسام المتفرّعة التالية:

أش ١/ ١-٣١؛ مدخل إلى مجمل الكتاب، مؤلَّف من نخبة أقوال نبويّة تعود إلى أزمنة مختلفة والغاية منها أن تكون شبه ملخّص لوعظ النبيّ.

أش ٢/ ١-١٢/ ٦؛نبوّات على إسرائيل ويهوذا أكثرها من أقدم نبوّات أشعيا.

أش ١٣/ ١-٢٣/ ١٨؛أقوال نبويّة على الأمم الغريبة.

أش ٢٤/ ١-٢٧/ ١٣؛مجموعة يغلب عليها الطابع الرؤيويّ.

أش ٢٨/ ١-٣٣/ ٢٤؛أقوال نبويّة مختلفة في المواعد والإنذارات لإسرائيل ويهوذا (راجع أش ٢/ ١-١٢/ ٦).

أش ٣٤/ ١-٣٥/ ١٠؛أجزاء رؤيويّة أخرى.

أش ٣٦/ ١-٣٩/ ٨؛روايات لنشاط أشعيا مدّة حملة سنحاريب على أورشليم.

نشاط أشعيا ورسالته

نشاط النبيّ

إنّ سِفر أشعيا كتاب مفتوح ما زالوا يزيدون عليه، فهو أشبه بدار كتب، قد تكون دار الكتب النبويّة المثاليّة. لكنّ هذا الوجه الديوانيّ يُبرز الدور الأساسيّ الذي أدّاه النبيّ أشعيا في حياته وفي ذاكرة الشعب بعد مماته. كان حديث السنّ حين دعاه الله إلى خدمة النبوءة في العام ٧٤٠ ودام نشاطه ما لا يقلّ عن أربعين سنة. يوافق ظهوره على ساحة التاريخ عصرَ الازدهار الذي عرفته مملكة يهوذا في المدّة الطويلة التي ملكَ فيها يوآش (أو عَزَرْيا: راجع ٢ مل ١٤/ ٨ و٢١-٢٢)، والذي نتج منه انتشار الترف، وظهور طبقة ملّاكين أخذوا يحتكرون جميع الأراضي ويحطّمون الفقراء. لم يسَع النبيّ إلّا أن يندّد بما كان يعدّه نقيض العدل الذي أراده الله وأن ينذر بغضبه، ولقد سبق لعاموس قبل ذلك ببضع سنوات أن وجّه الكلام نفسه إلى أهل السّامرة (٧٥٠).

ظهر أشعيا في واجهة أحداث الساعة السياسيّة في مطلع عهد آحاز (٧٣٥-٧١٦؟). وكان أرام وكانت عاصمته دمشق، وإسرائيل وكانت عاصمته السامرة، يحاولان الوقوف في وجه قوّة أشّور المتزايدة تهديدًا، في حين أنّ آحاز، ملك يهوذا، كان يرى بالعكس أنّ الحلّ الأفضل هو الاحتماء بأشّور، وهذا ما دفع جارَيه إلى حملة تأديبيّة لإرغامه على الانضمام إلى تحالفهما. ولقد أخفقت هذه الحملة، فواصل آحاز سياسته المناصرة لأشّور. وبعد هذه الأحداث التي جرت في حوالى العام ٧٣٤ ق.م، يبدو أنّ النبيّ اعتزل الحياة العامّة طوعًا أو كرهًا مدّة نحو عشر سنوات. وكان يشاهد عاجزًا صعود الدولة الأشّوريّة التدرّجيّ، وقد كان لها وقعٌ في عدّة أقاليم من أقاليم مملكة إسرائيل وقضت على هذه المملكة في العام ٧٢٢.

ولمَّا حلَّ حِزقيّا محلّ آحاز في العام ٧١٦، عاد أشعيا فظهر في واجهة الساحة السياسيّة. سلك الملك الجديد سلوك رجل أمين للربّ، ولكنّه لم يقبل مشورة النبيّ في إدارة شؤونه. ما زال أشعيا يعارض، لأسباب دينيّة، تحالف يهوذا مع مصر ومع غيرها من الشعوب المجاورة، حتّى للوقوف في وجه أشّور، وأيًّا كانت الأسباب الوجيهة التي كانت تحمل على مثل هذا التحالف. على الانتهازيّة السياسيّة ما زال أشعيا يفضّل الأمانة للربّ، فبحكم هذه الأمانة رأى في أشّور عصا غضب الله لمعاقبة الشعب المتمرّد، ثمّ رأى فيها مثال العدوّ الذي يجب ألَّا تبقى عجرفته بدون عقاب.

سبق للنبيّ أن أنبأ بانسحاب جيوش سنحاريب من أمام أورشليم في العام ٧٠١. ولا شكّ في أنّ هذا الحدث ساعد على ازدياد نفوذه، بالرغم من الاختلاف الشديد في الآراء بينه والرؤساء السياسيّين في أسباب ما جرى ونتائجه.

لقد افترض بعضهم أنّه كان من قرابة الأسرة الملكيّة، ولكنّ سلطته كان مصدرها قبل كلّ شيء رسالته النبويّة. وكانوا يرغبون فيه من أجل مشوراته، ولكن لم تتبعه سوى أقلّيّة. فالممثّلون الرسميّون للدين، كهنةً وأنبياء، لم يسمعوا له، بل أوسعوه تهكّمًا. لا شكّ في أنّ التقليد الذي يجعل أشعيا شهيدًا تقليدٌ منحول، ولكنّنا نرى في هذه الأسطورة صدى آراء كثيرًا ما تحقّقنا منها، وهي أنّ الوجود النبويّ هو، من الوجهة البشريّة، اختبار الفشل.

تظهر صفات أشعيا الأساسيّة في كلامه، وهي السلطة وسموّ الأخلاق والإيمان بالله والشفقة على شعبه. وهذا الكلام يوافق ما للقول النبويّ من قواعد تقليديّة، ولكنّ النبيّ يطبّقها بتضلّع من اللغة لم يسبقه إليها أحد. فهناك الجناسات التي كثيرًا ما تكون مليئة بالفكاهة، والمجانسات الحرفيّة والسجع والاستعارات. تظهر له الحقيقة زاخرة بالمعنى، كما ظهرت للحكماء الذين أخذ عنهم. وإنّ عناصر الطبيعة، من نار وأرض وماء وريح، تظهر له بوجهها المزدوج، وجه قدرتها على الحياة ووجه قدرتها على الموت، وتعبّر عن وجه الله المزدوج الذي لا ينجو منه أحد، كما أنّه لا ينجو من الحقيقة التي تحيط به. يُعبَّر عن كلّ ذلك بإيجاز رائع، إذ ليس هناك أيّ كلمة زائدة، وهذا ما يمكّننا من التمييز بين ما في الكتاب من جُمَل فارغة المعنى مُطنَبة وأقوال النبيّ الأصيلة. وإذا صحّ أنّ لأسلوب الكلام، لا قوّة تغيّر وحسب، بل قوّة إبداع، فعند أشعيا نجد أفضل شاهد كتابيّ على ذلك.

رسالة النبيّ

ترتبط رسالة النبيّ ارتباطًا وثيقًا بشخصه وبالظروف التي حملته على ممارسة نشاطه، فإنّ أشعيا يتكلّم دائمًا في أحوال معيّنة وبسببها، وموقفه مرتبط بما يعيشه مع شعبه. فلا سبيل إلى تحويل هذه الرسالة إلى مضمون مبسَّط، من دون القضاء على طرافتها، ولكن، بما أنّ هذا النبيّ، الحاضر دائمًا للإلٰه الأزليّ الجالس على عرشه، هو حاضر أيضًا للعالَم بتاريخه وقيوده، فبإمكاننا أن نجد في رسالته بعض الأمور الثابتة.

إنّ الله في نظره هو القدّوس، وقد يعبَّر عن ذلك بكلمة السموّ، ولكنَّ هذا الإلٰه القدّوس هو قدّوس إسرائيل، أي إنّه يريد أن يرتبط بشعبه. لا تَرد عبارة «قدّوس إسرائيل» إلّا نادرًا جدًّا خارج كتابنا هذا، فلا بأس أن نعدّها من ميزات تفكير مدرسة أشعيا اللاهوتيّ. قداسة الله هذه غيورة، لا ترضى بأن تشارك فيها الأوثان، لا على الصعيد الدينيّ ولا على الصعيد السياسيّ. فعلى الإنسان – إذ إنّ ارتباط أشعيا بشعبه لا ينفي أبدًا النظر إلى البشريّة كلّها – أن يعي هذه الحقيقة التي لا ينكرها إلّا الجاهل وأن يعيش وفقًا لما تقتضيه. فأيًّا كانت الظروف، لا بدّ من نبذ الكبرياء وعبادة الأوثان على جميع أنواعها والاتّكال على الأسلحة والمناورات السرّيّة التي يظنّ الإنسان أنّه يتهرّب بها من نظر الله.

لهذا الإلٰه السامي تاريخ لا يجري بمعزل عن تاريخ العالم، وإن كان لا يطابقه دائمًا. فإنّ خطّة الله أو مشورته، التي كثيرًا ما يتكلّم أشعيا عليها، هي خطّة إلٰهٍ محتجب، كثيرًا ما تحيّرنا ولا نفهمها، وإن كانت دائمًا أحكم من المشيرين المشهورين بمهارتهم. لا شكّ في أنّ النبيّ مقتنع كلّ الاقتناع بسيادة خطّة الله، ومع ذلك فإنّه يولي نشاطَ البشر أهميّة عظمى، بل مبادراتهم، فهم لا يُخلَّصون ولا يُحكم عليهم أبدًا على كَرهٍ منهم. على كلّ ذلك يحتوي لفظُ «إيمان»، إذ يدلّ على موقف دائم ما زال أشعيا يدعو الشعب إلى اتّخاذه. إنّه إيمان قويّ، وإن كاد يبدو غير معقول ومعارضًا للرأي العامّ، كما جرى ذلك في الحرب السوريّة الأفرائيميّة: «إن لم تؤمنوا»، أي إن لم تكونوا رابطي الجأش، «فلن تأمنوا»، أي فلن تنالوا السَّلام (أش ٧/ ٩). غير أنّ هذا الإيمان القويّ يقوم على الطمأنينة والثقة المتواضعة (أش ٣٠/ ١٥).

ولا بدّ لشدّة العزيمة هذه المطلوبة إلى الإنسان من أن تعتمد على العلامات التي أعطاها الله عن قداسته وعن عزمه أن يُقيم مُلكه على وجهٍ كامل (راجع موضوع الأرض المغمورة بمعرفة الله، أش ١١/ ٩). للعرش السماويّ نظير وهو عرش داود القائم في أورشليم. وإنّ أشعيا مترسّخ ترسُّخًا وطيدًا في التقليد الداوديّ، فإذا انقطع التسلسل السلاليّ يبقى في نظره أنّ مَلك المستقبل المثاليّ سيكون دائمًا أبدًا من أبناء داود، إذ إنّ مشيحيّته مشيحيّة مَلَكيّة. إنّ سلالة داود قائمة في أورشليم، وليست أورشليم مركز يهوذا وإسرائيل والمملكة الداوديّة وحسب، بل هي، كما ورد في تقليد قديم تناوله أشعيا وجدّده، مركز العالم الذي تتّجه إليه جميع الأمم (أش ١٢/ ٦). إنّ داود وأورشليم هما موضوعا رسالته الرئيسيّان اللذان لم يزل يذكّر سامعيه بهما، واللذان تناولهما تلاميذه بعد أن كيّفَهما على الأحوال الجديدة. فالمشيحيّة ودور أورشليم المركزيّ الشامل سيبقيان في قلب القسم الثاني (أش ٤٠/ ١-٥٥/ ١٣) والقسم الثالث (أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤) من الكتاب.

أشعيا الثاني

زمن النبيّ وخدمته الرسوليّة

نعرف تاريخ رسالة الفصول (أش ٤٠/ ١-٥٥/ ١٣) من كونها تُخبر بانتصار الفُرس وانحطاط البابليّين واقتراب تحرير بني إسرائيل المجلوّين إلى بلاد ما بين النهرين. فقد بُلِّغت هذه الرسالة بين ٥٥٠ و٥٣٩، أي بعد انتصارات قورش ملك فارس (٥٥١-٥٢٩) الأولى (أش ٤١/ ٢-٣) على أسطُواج (٥٥٠) وكريزُس (٥٤٦) وقَبلَ حملته على بابل (أش ٤٥/ ١-٤٨/ ٢٢) حيث دخل في العام ٥٣٩ بدون قتال واستُقبل استقبال المحرِّر، بعد أن قام نابونيدس، وهو آخِر ملك بابليّ، بأعمالٍ أثارت عليه معظم رعاياه.

كان الكهنة الكلدانيّون يعادون نابونيدس علنًا، فنسبوا انتصارات الملك الفارسيّ إلى مردوك إلٰههم الأكبر (إر ٥٠/ ٢) وإلى شريكيه بال ونَبو (أش ٤٦/ ١). وكان في الجالية الإسرائيليّة مَن يرون في تلك الأحداث تدخُّلًا لهؤلاء الآلٰهة الكذبة، ولكنّ نبيَّنا المجهول الاسم، والذي نسمّيه أشعيا الثاني، كان متيقِّظًا بين أخوته المجلوّين، فذكَّرهم بأنّ سيّد العالم الأوحد هو الربّ. وكان على يقين أنّه كان يتكلّم باسمه (أش ٤٨/ ١٦) فأنبأهم بالخلاص، أي التحرّر من النير البابليّ وبالعودة إلى الأرض المقدّسة وبإعادة بناء أورشليم.

سيضع التحرُّر حدًّا لجلاء دام «سبعة أسابيع من السنين» (٥٨٧-٥٣٨) (راجع أح ٢٥/ ٨-١٧). وقد تمَّ هذا التحرّر بطريقة محيِّرة عن يد «مشيح» وثنيّ، أي قورش (أش ٤٥/ ١)، فنَقَلَ بني إسرائيل من الذلّ إلى الرِّفعة. وقد ظهرت عودتهم إلى الأرض المقدّسة بمظهر خروج جديد من مصر وبوجه أجمل. تذكِّر هذه العودة إذًا بالخروج من مصر فتُبرز أمانة الله لتدبيره، وهي تفوق ببهائها الخروج من مصر فتُشعر بالتحقيق النهائيّ لهذا التدبير، أي لمُلك الله الشامل (أش ٥٢/ ٧-١٠). وبما أنّ هذا المُلك يجب أن يُقام في أورشليم أوَّلًا، فستُجَدَّد المدينة المقدّسة تجدّدًا ساطعًا، وعن يدها يتجلّى الخلاص الذي يحقِّقُه الله لجميع الناس بدون استثناء.

ورد العنصر الثاني لهذا الخلاص، أي الخروج الجديد من مصر، في جميع صفحات هذا السِفر، من الفصل الأربعين إلى الفصل الخامس والخمسين. وأمَّا العنصر الأوّل، أي سقوط بابل والتحرّر عن يد قورش، فإنّنا نجده في (أش ٤٠/ ١-٤٨/ ٢٢) خاصّةً، كما أنّنا نجد العنصر الثالث، أي تجدّد صهيون والتشديد على شموليّة الخلاص، في (أش ٤٩/ ١-٥٥/ ١٣) خاصّةً. فمن المحتمل أن يكون هناك مرحلتان في خدمة أشعيا الثاني الرسوليّة.

١) المرحلة الأولى (أش ٤٠/ ١-٤٨/ ٢٢)

إنّ النبيّ يصحّح، وهو يُعلن الخلاص، أربعة انحرافات:

– يتوجّه إلى الذين خارت عزائمهم والذين يعاتبون الربّ على تركه إيّاهم (أش ٤٠/ ٢٧) فيذكّرهم بالأمرين الباعثَين على الرجاء، وهما من جهة أنّ الربّ خلق العالم وأنّ قدرته بيّنة في الكون، ومن جهة أخرى أنّه اختار إسرائيل وأنّ أمانته بيّنة في التاريخ.

– يتوجّه النبيّ إلى الوقحين الذين يعاتبون الربّ على كونه ناكرًا للجميل (أش ٤٣/ ٢٢-٢٤) فيردّ عليهم بأنّ ناكري الجميل هم أنفسهم، فإنّهم كرّسوا الجرائم فكانت مصدر شرورهم (أش ٤٣/ ٢٤-٢٨).

– يتوجّه النبيّ إلى المصدومين الذين يعاتبون الربّ على اختياره محرِّرًا وثنيًّا (أش ٤٥/ ٨-١٠) فيُظهر لهم أنّهم خلائق يتعجرفون على الخالق (أش ٤٥/ ١١-١٣).

– يتوجّه إلى المفتَتِنين بآلهة بابل المنعمين عليها بالازدهار، فيُظهر لهم عَدَم هذه الأوثان، إمَّا في الدعاوى حيث الإلٰه الحقّ وحده يستطيع، أمام الآلهة الكذبة، أن يُنبئ بالمستقبل ويحقّقه، وإمّا في أهاجيّ أولئك الآلٰهة المزعومين الذين لا تفوق قدرتهم قدرة أصنامهم المتزعزعة (أش ٤١/ ٢٤؛ أش ٤٢/ ١٧؛ أش ٤٤/ ٢١؛ أش ٤٦/ ٨؛ أش ٤٨/ ٥).

هذا ما تتناوله هذه المرحلة الأولى. وفي نهاية الفصل الثامن والأربعين، نصل إلى نقطة اتّصال الكتاب ونشعر عندئذٍ بأنّنا أمام مُنعطف في حياة النبيّ، فهناك موضوعات تُهمَل وموضوعات أخرى تظهر، ويبدو أنّ وعظه يُوجَّه بعد اليوم إلى نخبة إسرائيل خاصّةً.

٢) المرحلة الثانية (أش ٤٩/ ١-٥٥/ ١٣)

للرسالة التي يوجّهها النبيّ إلى أشدّ الإسرائيليّين أمانةً ثلاثة وجوه رئيسيّة:

– سينقلب وضعهم انقلابًا مُدهشًا. فسيُضطهَدون (أش ٥١/ ٧-٨) على مثال النبيّ (أش ٥٠/ ٤-١١)، ولكنّهم سيُعزَّون (أش ٥١/ ١-٨)، وسيُظلمون، ولكنّهم سينالون الخلاص.

– على مثال ما وردَ في النبيّ هوشع ومقلّديه، يشبَّه إحياء صهيون بالمصالحة الزوجيّة بين الله وهو الزوج، والجماعة وهي الزوجة. إنّ أورشليم أرملة، ولكنّها ستجد زوجها، وهي عقيمة، ولكنّها ستلد، وهي غير أمينة، ولكنّ الربّ سيأخذ بيدها، إذ إنّ عهده لا يُفسَخ (أش ٤٩/ ١٤-٢٦؛ أش ٥١/ ٩-٥٢/ ١٢؛ أش ٥٤/ ١-١٧).

– هناك تشديد متزايد على توبة الأمم إلى الإلٰه الحقّ، إلٰه الخليقة كلّها. وتظهر هذه الأمم: مُعجبة بالخلاص الذي أتى الله به (أش ٤٩/ ٧؛ أش ٥٢/ ١٠)، وساجدة لله وراغبةً في التعرّف إليه (أش ٤٩/ ٢٣؛ أش ٥٥/ ٥)، ومستنيرةً بعبد الله، الشاهد للإيمان الحقيقيّ أمام الكون (أش ٤٩/ ٢ و٦؛ أش ٥٣/ ١١).

عبيد الله وعبد الله

في الصفحات التي لخّصناها، استعمل أشعيا الثاني إحدى وعشرين مرّة كلمة «عبد»، مرَّة واحدة في صيغة الجمع (أش ٥٤/ ١٧) ومرَّة واحدة بمعنى الكلمة التحقيريّ (أش ٤٩/ ٧) وتسع عشرة مرّة بمعنى عبد الله. وفي أربع عشرة حالة، يُطلق على هذا العبد اسمُ علم: إنّه «إسرائيل» أو «يعقوب»، أي شعب إسرائيل بجملته. وفي خمس حالات، يبقى الاسم مجهولًا، ولا بدّ لنا من أن نتساءل، استنادًا إلى سياق الكلام، على مَن يدلّ هذا اللقب في أش ٤٢/ ١؛ أش ٤٤/ ٢٦؛ أش ٥٠/ ١٠؛ أش ٥٢/ ١٣؛ أش ٥٣/ ١١. أتُراه يدلّ على إسرائيل أيضًا؟ أتُراه يدلّ على جماعة محدودة مجسّدة؟ أتُراه فردًا من الأفراد، وما عدا ذلك، فهل تشير الفقرات الخمس المذكورة إلى شخصٍ واحد أم إلى عدّة أشخاص؟ إلى تجسيد واحد أم إلى عدّة تجسيدات؟ كلّ هذه الافتراضات محتملة، وفي الواقع فلقد أخذ بها بعض المفسّرين.

إن اقتصرنا، في مرحلة أولى، على معنى النصوص المباشر، وجدنا أنّ كلمة «عبد» قد تدلّ على كلّ الأشخاص الآتية أسماؤهم: إسرائيل بجملته، وإسرائيل بنخبته، وأشعيا الثاني نفسه، وقورش، وملك فارس.

١) العبد إسرائيل بجملته: في أش ٤١/ ١-٤٨/ ٢٢ يُدعى شعب إسرائيل في الواقع عبد الربّ. وهذه ظاهرة جديدة بالنسبة إلى سائر أسفار العهد القديم، لأنّنا لا نجد إلّا بضعة نصوص، نادرة ومتأخِّرة، يُطلَق فيها مثل هذه التسميّة على إسرائيل (إر ٣٠/ ١٠؛ مز ١٣٦/ ٢٢). يريد النبيّ باستعمال هذا اللقب أن يشير إلى أنّ الشعب المختار قد دخل، منذ تحرّره من عبوديّة مصر، في خدمة الله، لا بالخضوع للربّ وحسب، بل بالعيش في ألفته، حتّى إنّ الربّ كشف له تدبيره ومكّنه من التعامل معه على تحقيقه. ففي أش ٤١/ ٨-١٦؛ أش ٤٤/ ١-٥ نرى بأيّ حبّ يعطف الله على عبده إسرائيل.

٢) العبد إسرائيل بنُخبته: هناك اختيار يتمّ في داخل شعب الله. ففي أش ٤٩/ ١-٢٦ وما بعده، يتحوّل النبيّ، بعد أن رفضته فئة من سامعيه (أش ٥٠/ ٦-٩ و١١)، إلى المجموعة الخاضعة لكلمة الله (أش ٥٠/ ١٠). لا تزال هذه المجموعة تدلّ على إسرائيل (أش ٤٩/ ٣)، ولكن على إسرائيل مصغَّر، على نخبة، على بقيّة (أش ٤٦/ ٣). وإن طُبِّق عليه ما ورد في أش ٤٩/ ٥-٦؛ فأُولى مهمّاته تكون إنهاض الناجين من بني إسرائيل، وأعظم مهمّاته تكون حمل النور إلى الأمم. يرى بعض المفسّرين أنّ ما وردَ في أش ٥٢/ ١٣-٥٣/ ١٢ قد يُطبَّق أيضًا على نخبة إسرائيل.

٣) أشعيا الثاني نفسه عبد: كان نبيّنا نفسه من تلك النخبة. جُلي وٱضطُهدَ أيضًا، فوجب عليه، للتمكّن من تشديد بني قومه، أن يلتمس التشديد لنفسه من الله. على مثال التلميذ المنتبه، فقد تقبَّل كلمات ربّه وبلَّغها، فلقي الارتياب والعداء، ولكنّه ثبت في وجه الإهانات، متيقّنًا من أنّه، إن بقي أمينًا لله، سيُخزي مضطهديه ويشدّد مناصريه (أش ٥٠/ ٤-١١).

٤) العبد قورش: إنّ الذين يسلِّمون برسالة النبيّ يقبلون بالتالي تصريحاته عن مهمّة قورش، وهي تصريحات قد صَدَمت كثيرًا من الناس. مِمَّا لا شكّ فيه أنّ المَلِك الفارسيّ هو أيضًا عبد الله. فالربّ هو السيّد الذي يُنجح مسعى قورش القائل لأورشليم: «ستُعمرين»، وقورش هو العبد الذي يُنجح مسعى الربّ القائل لأورشليم: «ستُبنين» (أش ٤٤/ ٢٦-٢٨).

وتعارضًا والتماثيلَ غير المفيدة المكرَّسة للآلهة الكذبة (أش ٤١/ ٢٤ و٢٩)، أفلا يكون قورش مختار الله الذي جعل الربّ روحه عليه (أش ٤٢/ ١)؟ نظرًا إلى الطريقة اللطيفة التي يعترف التاريخ بها لقورش، فقد يكون ذلك الذي يجعل جميع الأمم تسلّم بالحكم الذي عزم الربّ عليه. وإذا أجرى هذا الحكم، فلا يعني ذلك أنّه سيسحق بذلك ضحايا بابل، وهم قصبة حناها النير وفتيلة أطفأها السجن. إنّه سيُنجز مهمّته من دون أن ينثني، وبصفته عبدًا للعبد إسرائيل، سيعيد هذا إلى الحياة فيساعد على انتشار التدبير الإلٰهيّ الذي يهدف إلى إنارة البشر بنوره وإلى توحيدهم في عهده (أش ٤٢/ ١-٧).

تلك هي بعض التأويلات التي يمكن عرضها، وهي تحلّل بقدر كثير أو قليل، مع العلم بأنّها ليست التأويلات الممكنة الوحيدة.

إليكَ مثلًا على ذلك. إنّ اليهود المتهلّنين الذين نقلوا النصّ العبريّ إلى اليونانيّة (الترجمة السبعينيّة) لم يتردّدوا في إطلاق اسم على العبد المجهول الاسم الوارد ذكره في أش ٤٢/ ١؛ فكتبوا: «هوذا عبدي يعقوب الذي أؤيّده، إسرائيل مختاري…». وهكذا فإنّ إسرائيل هو الذي يعرض على الأمم ذلك الحقّ الذي يطالب الله به وتلك «الشريعة» التي عهد إليه بها لكي يبلّغها إلى العالم.

وإنّ الترجوم، وهو تفسير بالآراميّة صادر عن الشرح الشفهيّ للنصّ العبريّ، يأتي بتفسيرات مختلفة في ما يختصّ بالأقوال النبويّة التي تذكر «عبدًا» لله. لا نعرف تاريخ الترجوم معرفة أكيدة، مع أنّ أكثر فصوله قد حُرِّرت في وقتٍ متأخّر لاحقٍ للعصر المسيحيّ. ولذلك فإنّه يميل إلى أن يقرأ في الصفحات الأليمة مِحَن إسرائيل وفي الصفحات المجيدة انتصارات مشيح آتٍ. يرى هذا الأدب الترجوميّ في أش ٥٠/ ١٠؛ تحت ملامح «العبد»، ذلك النبيّ الذي نسمّيه أشعيا الثاني، كما أنّه، في أش ٥٢/ ١٣؛ أش ٤٢/ ١؛ أش ٤٣/ ١٠؛ لا يتردّد في كتابة «عبدي المشيح».

إنّ أقوال أشعيا الثاني مليئة بالمعاني ومنفتحة على المستقبل. والإنجازات التي قام بها هذا الفرد أو تلك المجموعة المستترة تحت لقب «عبد» المجهول الاسم تبقى جزئيّة ومحدودة، ولا يستوعب أحدها، على ما يبدو، تلك الرسالة العالميّة النطاق التي يبشّر بها أشعيا الثاني.

بالنسبة إلى العهد الجديد، هناك عدّة نصوص لأشعيا الثاني تتناول مباشرةً شخص يسوع وعمله، وهو العبد البارّ على وجهٍ تامّ (أش ٥٠/ ٩؛ أش ٥٣/ ٩) والذي يُقبَل موته ذبيحةَ تكفير (أش ٥٣/ ١٠ تأكيد جديد جدًّا وفريد في العهد القديم) والذي وُعدَ بحياة مليئة ومثمرة بعد الموت (أش ٥٣/ ٩-١٢).

وجه الله

يرسم نبيّنا رسمًا أخّاذًا لوجه الله، إليكَ أهمّ ملامحه:

إنّ الله فريد ولا نظير له على الإطلاق، ولا وجود لإلٰهٍ إلى جانبه. ولا وجود لأيّ إلٰهٍ قبله أو بعده، لأنّه أزليّ (أش ٤٣/ ١٠؛ أش ٤٤/ ٦). إنّه قبل كلّ شيء وهو مصدر كلّ شيء، يخلق وحده كلّ شيء (أش ٤٤/ ٢٤). في فصول أشعيا الثاني يزداد فِعل «خَلَقَ»، الخاصّ بالعمل الإلٰهيّ، تواترًا: ١٦ مرّة من أصل ٤٤ مرّة في العهد القديم. يُضاف إلى ذلك أنّ النبيّ يأتي بالجديد، حين يستعمل فعل «خلق» للتعبير عن نهضة الشعب الإسرائيليّ (أش ٤٣/ ١ و٧ و١٥) ويزيد على إرميا (أش ٣١/ ٢٢) حين يستعمل كلمة الخَلْق في كلامه على الخروج الجديد من مصر (أش ٤١/ ٢٠؛ أش ٤٨/ ٧). ذلك بأنّ الله يضع قدرته الخالقة في خدمة تدبيره الخلاصيّ. فبما أنّه أخرج العناصر من الخواء البدائيّ وأولاده من العبوديّة المصريّة (أش ٥١/ ٩-١٠)، فهو يستطيع أن يُخرج مؤمنيه المجلوّين من المنفى البابليّ، فيظهر عمله الخلاصيّ انفجارًا جديدًا لقوّته الخالقة (أش ٤٠/ ١٧-٢٠).

ولا يقتصر هذا الخلاص على شعب إسرائيل وحده، بل يشمل جميع شعوب العالم، فإنَّ إلٰهَ الكلّ، الإلٰه الشامل، قبل أن يخلق إسرائيل، خلق البشريّة (أش ٤٥/ ١٢)، وقبلَ أن يعاهد إبراهيم، عاهد نوحًا (أش ٥٤/ ٩). إنّه لا ينسى أبدًا جملة البشر، المُشار إليهم هنا بسلسلة من الكلمات المترادفة كهذه: البشريّة أو بنو آدم وكلُّ بشر، والجماعة التي يعودُ عهدها إلى مجاهل الأزمنة (أش ٤٤/ ٧)، والشعوب والأمم، والمُدُن، والعشائر، والجزر النائية، وأقاصيّ الأرض. كلّ هذه الشعوب من دون استثناء تبقى في قبضة الله، إنّها في يد الدير، خفيفة هشَّة بالرغم من كبريائها (أش ٤٠/ ٦-٧ و١٥-١٧؛ أش ٥١/ ٦). إنّها أمام نظره، نظر القاضي، الذي يذكّرها بأنّ الشرّ يولّد الشقاء (أش ٤٧/ ١-١٥). إنّها مدعوّة إلى سماع نداءاته، نداءات المخلّص، الذي يدعوها جميعًا إلى فرح الخلاص (أش ٤٥/ ٢٢-٢٤؛ أش ٥٥/ ٣-٥).

إنّ مثل هذه الرؤى الشاملة لا يقضي على امتيازات إسرائيل، بل يفترضها. فالذي هو القدّوس على الإطلاق (أش ٤٠/ ٢٥) هو قدّوس إسرائيل أيضًا (يُذكر اثنتَي عشرة مرّة). وفي الواقع فإن كان الإلٰه الحقّ يعترف به جميعُ الناس، فإنّه مُعتَرَفٌ به بنوع فائق في شعب شاهد (أش ٤٣/ ١٠-١٢؛ أش ٤٤/ ٨)، تمّ اختياره ودعوته وإرساله إلى العالم بوجه خاصّ. وهذه الجماعة المؤمنة تنتسب إلى ابراهيم (أش ٤١/ ٨؛ أش ٥١/ ٢) ويعقوب (أش ٤٣/ ٢٧) ويهوذا (أش ٤٨/ ١) وداود (أش ٥٥/ ٣)، وإن لم تُسمِّ هنا موسى، فهي تذكِّر كلّ حين بعمله، أي بالخروج من مصر الذي هو عربون الخلاص الآتي ووعدٌ للشعب المنتقص في الوقت الحاضر بذريّة لا تُصان وحسب، بل توسَّع دائمًا. ذلك بأنّ الربَّ ما زال يساعد ذويه ويؤيّدهم ويحملهم ويتحمَّلهم ويؤدّبهم ويرشدهم ويُشركهم في التدبير الخلاصيّ الذي يستطيع وحده، خلافًا للآلهة الكذبة، أن يبشّر به ويحقّقه.

إنّ الثبات الذي يُظهره الربّ في تحقيق تدبيره يحمل اسمًا خاصًّا عند أشعيا الثاني، وهو «البِرّ» المذكور ثماني وعشرين مرّة والدالّ بوجهٍ شبه دائم على أكثر مِمَّا في العدل القضائيّ من وجهٍ إيجابيّ أو على أكثر من التقسيم المنصِف الذي تؤمّنه عدالة التوزيع. إنّه بالأحرى تلك الأمانة الرحيمة التي يظهرها الله في إنجاز مواعده الخلاصيّة، فيكون هناك ترادف عمليّ بين البرّ والخلاص (أش ٤٥/ ٨ و٢١؛ أش ٤٦/ ١٣؛ أش ٥١/ ٥-٦ و٨).

يكرّر النبيّ اثنتين وعشرين مرّة أنّ في كون الله يخلّص دليلًا على محبّته الأمينة وعنايته الدائمة، وهي ليست عناية راعٍ أو ملك وحسب (أش ٤٠/ ١١؛ أش ٤١/ ٢١؛ أش ٤٣/ ١٥؛ أش ٤٤/ ٦؛ أش ٥٢/ ٧)، بل هي خاصّة عناية أبٍ ببنيه (أش ٤٣/ ٦؛ أش ٤٥/ ١٠-١١) وأمّ بأولادها (أش ٤٩/ ١٥-١٦) وزوج بزوجته (أش ٥٤/ ١-١٧). تبلغ به محبّته إلى تحمّل خطيئة الإنسان والتغلّب عليها، مهما تكرَّرت وثقلت، وإلى مَحوِها (أش ٤٣/ ٢٥؛ أش ٤٤/ ٢٢) وحتّى إلى الصفح عنها صفحًا كاملًا (أش ٥٥/ ٧).

للخلاص الذي يهبه الله وجهان: إنّ الله من جهة يحرّر ويُنقذ ويُعتق ويفتدي خاصّةً (راجع أش ٤١/ ١٤؛ و١٦ فقرة أخرى)، ومن جهة أخرى يجمع شمل المشتّتين ويشدّد أو يُعزّي. إنّ فِعل «عزَّى»، وهو الكلمة التي تبتدئ بها هذه المجموعة والتي تُكرَّر تسع مرّات، هو الذي أضفى طابعه على كتابنا الذي كثيرًا ما يُسمّى «سِفر التعزية». نرى في مثل هذا التشديد أكثر من النجاة من الشرّ وأكثر من تجميع جماعة استعادت حياة هادئة وصالحة، فهو يتضمّن إلى جانب ذلك انعكاس نور الله عند الذين يتمتّعون به. ذلك «السطوع» الإلٰهيّ تعبّر عنه كلمة «مجد» (سبع مرّات) التي تعني أوّلًا في العبريّة «الثِقل». فالإلٰه «الثقيل الوزن» يعطي إسرائيل أن يكون «ثقيل الوزن»، بفضل الله، في مصائر العالم (أش ٤٣/ ٤) لكي يكشف مجده أخيرًا لكلّ جسد (أش ٤٠/ ٥). من أوّل الكتاب إلى آخره، يُعبَّر عن التعارض القائم بين العمل الحقير الذي يقوم به صُنَّاع يحفرون أوثانًا بعناية ويحاولون عبثًا أن يضفوا عليها «جمال» بشرٍ (أش ٤٤/ ١٣)، والعمل الباهر الذي يقوم به الخالق، جابلًا مؤمنين يُشركهم حقًّا في «جماله الإلٰهيّ».

ذلك هو الوجه الإلٰهيّ الذي يُشعِرنا به أشعيا الثاني. أمام هذا الإلٰه الكريم على البشر، يُدعى البشر إلى التقبّل والشكر. ولكي يثير النبيّ هذا التقبّل، فإنّه يدعو إخوته إلى الرجوع إلى الربّ (أش ٤٤/ ٢٢؛ أش ٥٥/ ٧؛ إلخ) وإلى التماس وجهه ومعاشرته (أش ٥١/ ١؛ أش ٥٥/ ٦) والاستماع إليه (أش ٤٨/ ١-٢٢؛ إلخ) والتنعّم بوحيه الذي هو أشدّ تغذية من الخبز (أش ٥٥/ ٢). ويريد أشعيا الثاني أن يحثّ على الشكر، فيُكثر من الدعوات الحارّة، مستحثًّا سامعيه على الإنشاد لله (أش ٤٢/ ١٠) والتسبيح له والافتخار به (أش ٤١/ ١٦) والهتاف له (أش ٤٢/ ١١) والابتهاج (أش ٤١/ ١٦؛ أش ٤٩/ ١٣) والاندفاع بالهتاف (أش ٥٤/ ١) والتعبير عن السرور والفرح (أش ٥١/ ٣ و١١). وهذه المشاعر يجب ألّا تجمع المجلوّين وحسب، بل بني إسرائيل جميعًا، لا الإسرائيليّين وحدهم، بل جميع الشعوب، ولا جميع شعوب الأرض وحسب، بل الأرض نفسها وجميع عناصر الكون، السماء والكواكب، والبحر وأغواره، لتُسمع نشيدَ فرحِ كونٍ يُشيد كلّه بالإلٰه الذي يريد تماسك العالم واتّحاد البشريّة.

أشعيا الثالث

المجموعة ومشكلتها

حين ننتقل من الفصول أش ٤٠/ ١-٥٥/ ١٣ إلى الفصول أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤؛ نكشف وجوه شبه في الفكر والمفردات، ونقع أيضًا على اختلاف في الأسلوب وتعابير جديدة وتنوّع أكبر بين مختلف الأجزاء التي تؤلّف هذه الفصول الأخيرة. ولذلك فإنّ المفسّرين اتّخذوا، إزاءَ هذه الفصول، ثلاثة مواقف متباينة.

– يعدّها بعضهم جمعًا اصطناعيًّا لفقرات مختلفة جدًّا من جهة المؤلِّفين والتواريخ. هناك، بحسب هذا التفسير، شيء من عدم الصلة بين قصائد كتابنا. فإنّه من الصعب، على ما يبدو، أن تُنسب كلّها إلى كاتبٍ واحد. ولكن يجب ألّا نسرع في القول بأنّ ليس بينها أيّ وحدة نسبيّة.

– ويعتقد غيرهم أنّ الفصول أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤ من تأليف أشعيا الثاني أيضًا، بعد عودته من الجلاء ومجابهته في أورشليم لمشاكل إعادة الإقامة في الأرض المقدّسة. ولكن يُستبعَد، من جهة، أن يكون النبيّ قد قلّد نفسه فشوّه عباراته الفريدة (راجع أش ٤٠/ ٣؛ أش ٥٧/ ١٤؛ أش ٥٢/ ١٢؛ أش ٥٨/ ٨؛ أش ٤٩/ ٢٣؛ أش ٦٠/ ١٦؛ إلخ). ومن جهة أخرى، فإنّ وجه الاختلاف بين المجموعتين هو أكبر من وجوه الائتلاف.

– ويعتقد بعضهم الآخر أنّ هذه الفصول هي في معظمها، إن لم نقل في جملتها، عمل نبيّ واحد يستوحي من أشعيا الثاني ويمارس خدمته الدينيّة في أورشليم في العشرين سنة التابعة لنهاية الجلاء. إلى أشعيا الثالث هذا يمكن أن تُنسب الفصول أش ٦٠/ ١-٦٢/ ١٢ وهي متماسكة جدًّا. وليس هناك من سبب حاسم لأن نرفض أن يُنسب إليه (أش ٥٦/ ٩-٥٧/ ٢١؛ أش ٥٨/ ١-١٤؛ أش ٥٩/ ١-٢١؛ أش ٦٥/ ١-٢٥؛ ومعظم أش ٦٦/ ١-٢٤) مع أنّ هذين الفصلين الأخيرين المتشابهين تشابهًا وثيقًا كثيرًا ما يُعدَّان مجموعة منفردة. هناك قصيدتان أشدّ اختلافًا عن غيرهما، وهما أش ٦٣/ ١-٦؛ أش ٦٣/ ٧-٦٤/ ١١. إن لم تكونا من عمل النبيّ، فلعلَّهما قد ألحقتا بعمله بمهارة كبرى، علمًا بأنّ القصيدة الثانية توافق سير اهتماماته. وأخيرًا، فقد يكون أش ٦٦/ ١٨-٢٤ مُلحقًا من عمل الناشرين، وأن يكون أش ٥٦/ ١-٨؛ الذي ربّما قيل بعد إعادة بناء الهيكل (٥٢٠-٥١٥)، قطعةً جاءت بعد غيرها ووُضعت في مطلع الكتاب نظرًا إلى صلاتِها الأدبيّة بأشعيا الثاني (أش ٥٦/ ٥ يذكّر بـ أش ٥٥/ ١٣؛ أش ٥٦/ ١ تكرار لـ أش ٤٦/ ١٣؛ أش ٥١/ ٥-٦ و٨).

النبيّ وخدمته الرسوليّة

إنّ النبيّ المجهول الاسم يتدخّل في التاريخ، على ما يبدو، بين العام ٥٣٧ والعام ٥٢٠. لقد عادت مجموعة أولى من المجلوّين، يقودها شِشبَصَّر، رئيس يهوذا (عز ١/ ٨-١١؛ عز ٥/ ١٤؛ ١ أخ ٣/ ١٨ بحسب النصّ اليونانيّ). بعد أن وُضعت أسس الهيكل (عز ٥/ ١٦)، ما لبثت الصعوبات الداخليّة والخارجيّة أن حالت دون متابعة الأعمال. فوجب الاقتصار على إعادة بناء المذبح لاستئناف عبادة مستعجَلة (عز ٣/ ١-١٣). ثمّ عادت قوافل من المجلوّين، الواحدة بعد الأخرى، إحداهما مع يشوع عظيم الكهنة وزرُبّابل، حفيد يوياقيم، الذي خلف شِشبَصَّر بصفته مُفوَّضًا ساميًا موفدًا من قِبل الحكم الفارسيّ.

بإمرة هؤلاء الناس، حاولت جماعة خليطة أن تتكوَّن في أورشليم وحولها، فيها نرى أربعة عناصر:

١) اليهود العائدون من الجلاء (عز ٢/ ١-٧٠؛ نح ٧/ ١-٧٢): فيهم كثير من الكهنة، وينتمي معظمهم إلى أسباط يهوذا وشِمعون وبنيامين. لا شكّ في أنّه شقَّ عليهم أن يقيموا في أملاك مهجورة أو مسلوبة.

٢) اليهود الذين ظلّوا في البلاد: لا شكّ في أنّه كان فيهم مؤمنون، ولكن كان فيهم أيضًا عبّاد أوثان ساءهم ما رأوا من غيرة دينيّة عند القادمين. إنّ كثيرًا منهم تمركزوا على حساب المجلوّين ولم يكونوا ليتخلّوا عن حقوق الملكيّة التي كان القادمون يطالبون بها. يظهر هذا الانقسام الدينيّ والاجتماعيّ في كثير من الفقرات.

٣) الغرباء: إستطاع كثيرٌ منهم أن يقيموا في اليهوديّة أثناء الجلاء. وجاء غيرهم ليعملوا بأيديهم (أش ٦٠/ ١٠؛ أش ٦١/ ٥)، ورافق غيرهم بني إسرائيل عند عودتهم إلى صهيون (راجع أش ٦٠/ ٩؛ أش ٦٦/ ٢٠). بأيّ قدرٍ استطاع هؤلاء الغرباء، الذين كان عددهم يتزايد، أن يندمجوا في شعب الله؟

٤) اليهود الباقون في الشتات: البعيدون (أش ٥٧/ ١٩) الذين لا بدّ من التمهيد لعودتهم (أش ٥٧/ ١٤؛ أش ٦٢/ ١٠)، والذين يريد الربّ أن يضمّهم إلى المحظوظين الذين سبق أن جَمَعهم (أش ٥٦/ ٨). من هذه العناصر المختلفة، أراد النبيّ أن يصنع شعبًا موحَّدًا ومقدّسًا. ولكنّه اصطدم بأربع عقبات رئيسيّة:

– أزمة رجاء أثارها تأخُّر الخلاص.

– فساد مستعصٍ: عبادة الأوثان.

– إنقسام زادته الظروف حدّة: البغض بين الأخوة.

– خطر زادته الأحوال شدّة: إحتقار الغرباء.

إنّ أزمة الرجاء وليدة خيبة الأمل التي استولت على العائدين إلى وطنهم، فإنّ أسوار أورشليم ما زالت منهدمة بانتظار نحميا (٤٤٥-٤٣٣). والهيكل ما زالت إعادة بنائه في أوّلها، ولم يُنجَز بناؤه إلَّا بين ٥٢٠ و٥١٥، وبوجهٍ أخفّ جمالًا. وكانت أوضاع المعيشة شاقّة بسبب العوائق الخارجيّة (من قِبَل السامريّين) والداخليّة (من قِبَل الذين لم يغادروا البلاد في أيّام الجلاء). فأوشك المؤمنون أن تخور عزائمهم، فوجّهوا إلى الربّ شكواهم المتكرّرة في شأن الخلاص وما بدا لهم جمودًا من قبل الربّ. أراد أشعيا الثالث أن يُسكت هذه الشكوى، فأخذ من جهة يستنكر الخطيئة التي هي العقبة في طريق الخلاص، ومن جهة أخرى يؤكّد أمانة الله التي هي المصدر الثابت لهذا الخلاص.

أراد النبيّ أيضًا أن يهدي عبّاد الأوثان الذين يعتمدون على الآلٰهة الكذبة وينصرفون إلى ممارسات فاسدة كالذبائح البشريّة والبغاء المقدّس واستعمال الحيوانات النجسة في العبادة (أش ٦٥/ ٤؛ أش ٦٦/ ٣ و١٧) واستحضار الأرواح (أش ٦٥/ ٤) وتكريم الملك مولَك (أش ٥٧/ ٩) أو غيره من الآلهة المزعومة كجدّ ومَناة (أش ٦٥/ ١١). وأراد أشعيا الثالث أن يردّهم عن انحرافاتهم، فأنذرهم بتهديدَين: عجز الآلهة الكذبة غير القادرين على التخليص، وقدرة الله الحقّ الذي لا مناص من دينونته.

إنّ الذين ينقضون العهد مع إلٰههم ينقضون عهدهم مع إخوتهم. ما أكثر الانقسامات في سكّان يهوذا! فهناك حكَّام غير أهل يمارسون الجبايات غير القانونيّة (أش ٥٦/ ٨-٥٧/ ١)، وأناس يستغلّون قريبهم. وهناك أعمال عنف ورفض تعاون وظلم وحِرمان تعسّفيّ إلخ. يستنكر النبيّ هذه الجرائم الشنيعة بشدّة ويُظهر أنّها لا توافق عبادة يريدونها أصيلة (أش ٥٨/ ١-١٤؛ إلخ).

وإن كانت معاملة الأخ الإسرائيليّ على هذا الوجه في كثير من الأحيان، فأيًّا تكون معاملة الضيف الغريب؟ في أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤ مواقف مختلفة من الرعايا الغرباء:

– تتمنّى بعض الفقرات تلاشي الأمم المتشبّثة بالشرّ (راجع أش ٦٣/ ٣-٦؛ أش ٦٤/ ١؛ أش ٦٦/ ١٥-١٦ و٢٤ تُضاف إليها أش ٥٩/ ١؛ أش ٦٠/ ١٢ ويرجّح أنّهما تعليق).

– ترينا صفحات أخرى الأمم في خدمة أورشليم (أش ٦٠/ ٣-١١ و١٣-١٧؛ أش ٦١/ ٥-٩؛ أش ٦٢/ ٢-٨؛ أش ٦٦/ ١٢).

– ومع ذلك فإنّ أشدّ المشاكِل جدارة بالاهتمام تدور على إمكانيّة قبول الغرباء في شعب الله. يخشى غير اليهود أن يُنحّوا جانبًا (أش ٥٦/ ٣). لكنّ الأقوال الواردة في أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤ تفتح لهم آفاقًا رائعة: فعلى بني إسرائيل ألّا يُسعفوا أيَّ متشرّد في ضيق وحسب (أش ٥٨/ ٧)، بل أن يقبلوا في هيكلهم الغرباء المهتدين (أش ٥٦/ ٣-٦)، ويدعوهم يرتقون حتّى درجات الكهنوت (أش ٦٦/ ٢١).

وجه الله

حين نسمع ذكر جميع تلك المقتضيات الإلٰهيّة، نتحسّس ملامح وجه الله الذي يرسمه أشعيا الثالث.

إنّه يذكّرنا في معرض الكلام (في حين أنّ أشعيا الثاني يشدّد مطوَّلًا على الأمر) بأنّ الربّ هو المنقطع النظير (أش ٦٤/ ٣) والأزليّ (أش ٥٧/ ١٥). ويقول لنا أشعيا الثالث إنّ الله هو الخالق، ولكن أقلَّ من سلفه. يعلم بأنّ الله صنع جميع الكائنات (أش ٦٦/ ٢)، إلَّا أنّه يضيف أنّ الربّ سيخلق سمواتٍ جديدة وأرضًا جديدة (أش ٥٦/ ١٧؛ راجع أش ٦٦/ ٢٢)، وهذا أمرٌ مهمّ. ويُوضّح في موضِع آخر أنّ الله يخلق تسبيح القلوب المهتدية (أش ٥٧/ ١٩) وأورشليمَ جديدة (أش ٦٥/ ١٨).

إنّ الربّ، بصفته خالق الكلّ، هو إلٰهُ الجميع. سبق أن رأينا أيَّ موقفِ تقبّلٍ شامل يفرض على شعبه لصالح الغرباء. إنّه يوحي إلى نبيّه بتشجيع الشموليّة من طريق التشديد على المسؤوليّة الشخصيّة، إذ إنّ الخلاص لا يناله حتمًا جميع بني إسرائيل بلا تمييز بمجرّد انتمائهم إلى الشعب المختار. فبينهم المؤمنون وبينهم الكافرون. ولذلك فالانتماء إلى الشعب الإسرائيليّ ليس هو ضمانًا للخلاص، كما أنّ عدم الانتماء إليه ليس هو عقبة في الوصول إلى الخلاص. فالربّ يدعو إليه جميعَ الشعوب (أش ٥٦/ ٧؛ أش ٦٦/ ١٨).

يتمّ جمع الأمم بفضل إسرائيل، فامتيازاته محفوظة. إنّ الذي هو القدّوس على الإطلاق (أش ٥٧/ ١٥) يبقى قدّوس إسرائيل (ورد هذا مرّتين، في أش ٦٠/ ٩ و١٤). أجل، إنّ إسرائيل (يعقوب) بصفته شعبًا لم يعد يُنادى في أش ٥٦/ ١-٦٦/ ٢٤؛ في حين أنّه نوديَ سبعَ عشرةَ مرّة عند أشعيا الثاني، أجب إنّ كلمة «مختارون» لم تزل تُستعمَل في صيغة الجمع للدلالة على المؤمنين المميَّزين عن الكافرين، في حين أنّ صيغة المفرد كانت تدلّ على الشعب المختار عند أشعيا الثاني. ولكن هناك عبارات أخرى تشير إلى معزّة الله الخاصّة لذريّة يعقوب ويهوذا (أش ٦٥/ ٩) وللأمّة التي قادها موسى (أش ٦٣/ ١١-١٢) والتي تبقى للأبد شعب الله ونصيبه ووريثه، مع أورشليم عاصمتها المدعوّة إلى أن تصبح العاصمة الدينيّة للعالم كلّه.

إنّ الله يُعدّ شعبه لرسالة شاملة، وبذلك يدلّ على محبّة أمينة على الإطلاق (أش ٦٥/ ١٦)، على محبّة الآب الحقّ وحده (أش ٦٣/ ٨ و١٦؛ أش ٦٤/ ٧) الذي يشبه الأمّ في اهتماماتها (أش ٦٦/ ١٣). تحمله شفقته على المغفرة وعلى نسيان الشرّ المرتكَب وعلى الشفاء منه (أش ٥٧/ ١٦-١٨؛ أش ٦٤/ ٨). يريد أن يخلّص، فيفتدي ويشدّد أو يعزّي ويجمع شمل المشتّتين، واهبًا لأصدقائه مجده وبهاءه. وبذلك يُظهر «بِرّه»، أي وفاءه المطلق بمواعده، وهو يُنجزها دائمًا بالرغم من خطيئة البشر. إلى هذه الموضوعات الواردة عند أشعيا الثاني يضيف أشعيا الثالث بإلحاح موضوع دينونة الله التي تتمّ حتمًا على حساب الأشرار (الغرباء أو الإسرائيليّين أنفسهم) ولصالح الأبرار (الإسرائيليّين أو الغرباء أنفسهم). ذلك بأنّ الربّ يتولّى الدينونة، لا لصالح إسرائيل وحسب، بل على إسرائيل، ولا على إسرائيل وحدها، بل على جميع أمم العالم، ويكون حكمه الشامل قاطعًا ونهائيًّا (أش ٦٦/ ١٦ و٢٤).

أمام هذا الإلٰه الأمين الذي يجب حبّه، والقادر على التخليص والمعصوم من الغلط في حكمه، لا بدّ للبشر من أن يتّخذوا موقفًا يكون لشقائهم إن رفضوه، ولشرورهم إن قبلوه. ويفترض قبولهم التوبة والتسبيح، بل الطاعة الفعّالة. تكلّم أشعيا الثاني مرّة واحدة على مخافة الربّ، أمّا أشعيا الثالث فإنّه يذكرها أربع مرّات. وهناك ميزة ظريفة لا يشارك فيها إلّا سِفر عزرا، وهي أنّ النبيّ يدعو سامعيه إلى الارتعاد (غيرةً) من كلمة الله (أش ٦٦/ ٢ و٥). إنّ خدمة الربّ هذه تولّد سلوكًا أخلاقيًّا حسنًا وتتطلّب أيضًا أمانة عظيمة للعبادة: يذكر أشعيا الثالث الهيكل اثنتي عشرةَ مرّة والجبل المقدّس خمس مرّات، وكثيرًا ما ترد كلمات العبادة (السبت والكهنوت والمذبح والذبائح والصوم). ذلك بأنّ الأخلاقيّة والدين لا ينفصلان في نظر نبيّنا. فمحبّة الله باطلة بدون محبّة القريب، ومحبّة القريب باطلة بدون محبّة الله.

سِفر أشعيا في التقليد الكتابيّ

أخيرًا، دخل سِفر أشعيا، بجميع الأقسام التي تؤلّفه، في قانون أسفار الأنبياء، بصفته مؤلَّفًا واحدًا. ومن ذلك الحين، كان له تاريخ جديد. من العثور في قمران على عدّة أجزاء وعلى ملّف كامل (نسمّيه مخطوطة قمران الرئيسيّة) لسِفر أشعيا، يمكننا أن نستخلص أنّ أشعيا كان عبارة عن برنامج في نظر أعضاء جماعة قمران الذين كانوا يعدّون أنفسهم إسرائيل الحقيقيّ والبقيّة الأمينة. بالعثور على مخطوطة قمران الرئيسيّة، استعدنا أقدم مخطوط كتابيّ، يسبق النصّ المسّوريّ بألف سنة. إنّه يختلف عن النصّ المسّوريّ بعدد كبير من القراءات. وإنّ الاهتمام الذي أثاره سِفر أشعيا في البيئات اليهوديّة يظهر أيضًا في الترجمة اليونانيّة السبعينيّة، فإنّنا نجد فيها أحيانًا نصًّا يختلف عن النصّ العبريّ حتّى إنّها تظهر لنا تكييفًا لا ترجمة. ومع ذلك فإنّها مفيدة بقدر ما تقرّبنا من النصّ العبريّ الذي انطلقت منه، وتفيدنا أيضًا بكونها شاهدًا لقراءة مجدَّدة لسِفر أشعيا قامت بها جماعة اليهود في الإسكندريّة.

إنّ سِفر أشعيا هو، مع سِفر المزامير، الكتاب الذي اقتبس منه العهد الجديد أكبر عدد من الشواهد، بعضها صريح وبعضها ذكريات يمكن الشعور بها. نعلم بأنّ الإنباء بمولد عمّانوئيل في أش ٧/ ١٤ قد ذكره متى ١/ ٢٢-٢٣. إنّ التعليم بالأمثال، بحسب ما ورد في الأناجيل، كان يقسّي قلوبَ السامعين (متى ١٣/ ١٤؛ مر ٤/ ١٢؛ راجع أش ٦/ ١٠). وهناك أيضًا استعارات مهمّة كاستعارة الكرمة وحجر الزاوية كثيرًا ما ترد في العهد الجديد، كما أنّ العبادة بالشفاء التي هي نقيض الطاعة بالقلب (متى ١٥/ ٨؛ أش ٢٩/ ١٣) وإظلام الكواكب في المشاهد التي تصف الأزمنة الأخيرة (متى ٢٤/ ٢٩؛ أش ١٣/ ١٠) وموضوعات الغصن والأصل والعبد قد ساعدت القرّاء المسيحيّين على فهم شخصيّة المسيح انطلاقًا من سِفر أشعيا وعلى الفهم أنّهم شعب الله الذي لا يزال قائمًا أمام مواعد التجديد واقتراب الدينونة. يمكننا أن نتكلّم أيضًا على منزلة أشعيا في الأيقونات والأناشيد الدينيّة، فنقول إنّ تاريخ الوحي الإلٰهيّ لم يعرف أحدًا عبّر عن هذا الوحي كما عبّر عنه هذا الشاهد العظيم لله.

أشعيا ١

القسم الأوّل

١. أقوال نبويّة سابقة للحرب السوريّة الأفرائيميّة

عنوان

١رُؤيا أَشَعْيا بنِ آموص، الَّتي رَآها على يَهوذا وأُورَشَليم، في أَيَّامِ عُزِّيَّا ويوتامَ وآحازَ وحِزقِيَّا، مُلوكِ يَهوذا.

على شعبٍ ناكر الجميل

٢إِستَمِعي أَيَّتُها السَّمٰوات

وأَنصِتي أَيَّتُها الأَرض

فإِنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّم.

إِنِّي رَبَّيتُ بَنينَ وكَبَّرتُهم

لٰكِنَّهم تَمَرَّدوا علَيَّ.

٣عَرَفَ الثَّورُ مالِكَه والحِمارُ مَعلَفَ صاحِبِه

لٰكِنَّ إِسْرائيلَ لم يَعرِفْ وشَعْبي لم يَفهَمْ.

٤وَيلٌ لِلأُمَّةِ الخاطِئَة

الشَّعبِ المُثقَلِ بِالآثام

ذُرِّيَّةِ أَشْرارٍ وبَنينَ فاسِدين.

إِنَّهم تَرَكوا الرَّبّ

وٱستَهانوا بِقُدُّوسِ إِسْرائيل

وٱرتَدُّوا على أَعْقابِهم.

٥عَلامَ تُضرَبونَ أَيضًا إِذا ٱزدَدتُم تَمَرُّدًا؟

الرَّأسُ كُلُّه مَريض والقَلبُ كُلُّه سَقيم.

٦مِن أَخمَصِ القَدَمِ إِلى الرَّأس

لا صِحَّةَ فيه

بل جُروحٌ ورُضوضٌ وقُروحٌ مَفْتوحة

لم تُعالَجْ ولم تُعصَبْ ولَم تُلَيَّنْ بِدُهْن.

٧أَرضُكم خَرابٌ ومُدُنُكم مُحرَقَةٌ بِالنَّار

وأَرضُكم يَأكُلُها الغُرَباءُ أَمامَكم

والخَرابُ كتَدْميرِ الغُرَباء.

٨فبَقِيَت بِنتُ صِهْيونَ ككوخٍ في كَرْم

كمَبيتٍ في أَرضِ قِثَّاء

كمَدينَةٍ قد حُوصِرَت.

٩لَولا أَنَّ رَبَّ القُوَّاتِ تَرَكَ لَنا بَقِيَّةً يَسيرة

لَصِرْنا مِثْلَ سَدومَ وأَشبَهْنا عَمورَة.

على الرِّياء

١٠إِسمَعوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يا قُوَّادَ سَدوم

أَصْغِ إِلى تَعْليمِ إِلٰهِنا يا شَعبَ عَمورَة.

١١ما فائِدَتي مِن كَثرَةِ ذَبائِحِكم

يَقولُ الرَّبّ؟

قد شَبِعتُ مِن مُحرَقاتِ الكِباش

وشَحمِ المُسَمَّنات

وأَصبَحَ دَمُ الثِّيرانِ والحُمْلانِ والتُّيوسِ

لا يُرْضيني.

١٢حينَ تَأتونَ لِتَحضُروا أَمامي

مَنِ الَّذي ٱلتَمَسَ هٰذه مِن أَيديكم

حتَّى تَدوسوا دِياري؟

١٣لا تَعودوا تأتوني بِتَقدِمَةٍ باطِلَة

إِنَّما إِحراقُ البَخورِ قَبيحَةٌ لَدَيَّ.

رَأسُ الشَّهرِ والسَّبتُ والدَّعوةُ إِلى الحَفلِ

لا أُطيقُها

إِنَّما هي إِثمٌ وٱحتِفال.

١٤رُؤُوسُ شُهورِكم وأَعيادُكم كَرِهَتها نَفْسي

صارَت عَلَيَّ حِملًا وقد سَئِمتُ ٱحتِمالَها.

١٥فحينَ تَبسُطونَ أَيدِيَكم أَحجُبُ عَينَيَّ عنكم

وإِن أَكثَرتُم مِنَ الصَّلاةِ لا أَستَمِعُ لَكم

لِأَنَّ أَيدِيَكم مَمْلوءَةٌ مِنَ الدِّماء.

١٦فٱغتَسِلوا وتَطَهَّروا

وأَزيلوا شَرَّ أَعْمالِكم مِن أَمامِ عَينَيَّ

وكُفُّوا عنِ الإِساءَة.

١٧تَعَلَّموا الإِحسانَ وٱلتَمِسوا الحَقّ

قَوِّموا الظَّالِمَ وأَنصِفوا اليَتيم

وحاموا عنِ الأَرمَلَة.

١٨تَعالَوا نَتَناقَش، يَقولُ الرَّبّ

لَو كانَت خَطاياكم كالقِرمِزِ تَبيَضُّ كالثَّلْج

ولو كانَت حَمْراءَ كالأُرجُوان

تَصيرُ كالصُّوف.

١٩إِن شِئتُم أَن تَسمَعوا

فإِنَّكم تأكُلونَ طَيِّباتِ الأَرض

٢٠وإِن أَبَيتُم وتَمَرَّدتُم فالسَّيفُ يأكُلُكم

لِأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قد تَكَلَّم.

نحيب على أورشليم

٢١كيفَ صارَتِ المَدينَةُ الأَمينَةُ زانِيَة؟

لقَد كانَت مَمْلوءَةً عَدلًا

وفيها كانَ مَبيتُ البِرّ

أَمَّا الآنَ فإِنَّما فيها قَتَلَة.

٢٢فِضَّتُكِ صارَت خَبَثًا وشَرابُكِ مُزِجَ بِماء.

٢٣رُؤَساؤُكِ عُصاةٌ وشُرَكاءُ لِلسَّرَّاقين

كُلٌّ يُحِبُّ الرَّشوَةَ ويَسْعى وَراءَ الهَدايا.

لا يُنصِفونَ اليَتيم

ودَعْوى الأَرمَلَةِ لا تَبلُغُ إِلَيهم.

٢٤فلِذٰلكَ قالَ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات

عَزيزُ إِسْرائيل:

لَأَثأَرَنَّ مِن خُصومي وأَنتَقِمَنَّ مِن أَعْدائي

٢٥وأَرُدُّ يَدي علَيكِ

وأُحرِقُ خَبَثَكِ كما بِالحُرُض

وأَنزِعُ نُفاياتِكِ كُلَّها

٢٦وأُرجِعُ قُضاتَكِ كما في الأَوَّل

ومُشيريكِ كما في الِٱبتِداء

وبَعدَ ذٰلك تُدعَينَ

مَدينَةَ البِرِّ، البَلدَةَ الأَمينَة.

٢٧تُفتَدى صِهيونُ بِالحَقّ

والرَّاجِعونَ مِنها بِالبِرّ.

٢٨والعُصاةُ والخاطِئونَ يُحَطَّمونَ جَميعًا

والَّذينَ تَرَكوا الرَّبَّ يُفنَون.

على الأشجار المقدّسة

٢٩فإِنَّهم سيَخزَونَ مِن البُطمِ الَّذي شُغِفتُم بِه

وأَنتُم تَخجَلونَ مِنَ الجِنانِ الَّتي ٱختَرتُموها

٣٠فإِنَّكم تَصيرونَ كبُطمَةٍ ذَوَت أَوراقُها

وكجَنَّةٍ لا ماءَ فيها.

٣١ويَصيرُ الجَبَّارُ مُشاقَةً وعَمَلُه شَرارة

فيَحتَرِقانِ كِلاهُما مَعًا ولَيسَ مَن يُطفِئ.

أشعيا ٢

السلام الدائم

١الكَلامُ الَّذي رآه أَشَعْيا بنُ آموصَ على يَهوذا وأُورَشَليم:

٢ويَكونُ في آخرِ الأَيَّام أَنَّ جَبَلَ بَيتِ الرَّبِّ يُوَطَّدُ في رَأسِ الجِبالِ ويَرتَفِعُ فَوقَ التِّلال

وتَجْري إِلَيه جَميعُ الأُمَم

٣وتَنطَلِقُ شُعوبٌ كَثيرةٌ وتَقول:

هَلُمُّوا نَصعَدْ إِلى جَبَلِ الرَّبّ

إِلى بَيتِ إِلٰهِ يَعْقوب

وهو يُعَلِّمُنا طُرُقَه فنَسيرُ في سُبُلِه

لأَنَّها مِن صِهْيونَ تَخرُجُ الشَّريعَة

ومِن أُورَشَليمَ كَلِمَةُ الرَّبّ.

٤ويَحكُمُ بَينَ الأُمَم

ويَقْضي لِلشُّعوبِ الكَثيرة

فيَضرِبونَ سُيوفَهم سِكَكًا ورِماحَهم مَناجِل

فلا تَرفَعُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ سَيفًا

ولا يَتَعَلَّمونَ الحَربَ بَعدَ ذٰلك.

٥هَلُمُّوا يا بَيتَ يَعْقوب

لِنَسِرْ في نورِ الرَّبّ.

بهاء الربّ وعظمته

٦نَبَذتَ شَعبَكَ، بَيتَ يَعْقوب

لِأَنَّهم مَمْلوءونَ مِمَّا هو مِنَ المَشرِق.

يُمارِسونَ التَّنجيمَ كالفِلَسطينِيِّين

ويُعاهِدونَ بَني الغُرَباء.

٧قدِ ٱمتَلَأَت أَرضُه فِضَّةً وذَهَبًا

فلا حَدَّ لِكُنوزِه

٨قدِ ٱمتَلَأَت أَرضُه خَيلًا

فلا حَدَّ لِمَركَباتِه.

قدِ ٱمتَلَأَت أَرضُه أَوثانًا

فيَسجُدونَ لِمَصْنوعاتِ أَيديهم

لِما صَنَعَت أَصابِعُهم.

٩فلِذٰلك يُوضَعُ ٱبنُ آدَمَ ويُحَطُّ الإِنْسان

فلا تَرفَعْهم.

١٠أُدخُلْ في الصَّخرِ وتَوارَ في التُّراب

مِن أَمامِ رُعبِ الرَّبِّ ومِن بَهاءِ عَظَمَتِه.

١١عُيونُ البَشَرِ المُتَشامِخَةُ تُخفَض

وتَرَفُّعُ الإِنْسانِ يوضَع

ويَتَعالى الرَّبُّ وَحدَه في ذٰلك اليَوم.

١٢فإِنَّه يَومُ رَبِّ القُوَّات

على كُلِّ مُتَكَبِّرٍ ومُتَعالٍ

وعلى كُلِّ مُرتَفِعٍ فيُحَطّ.

١٣وعلى كُلِّ أَرْزِ لُبْنانَ العالي المُرتَفِع

وكُلِّ بَلُّوطِ باشان

١٤وعلى جَميعِ الجِبالِ العالِيَة

وجَميعِ التِّلالِ المُرتَفِعَة

١٥وعلى كُلِّ بُرجٍ شامِخ وكُلِّ

سورٍ حَصين

١٦وعلى جَميعِ سُفُنِ تَرْشيش

وعلى جَميعِ مَراكِبِ التَّنَزُّه.

١٧وسيوضَعُ تَشامُخُ ٱبنِ آدَم

ويُحَطُّ تَرَفُّعُ الإِنْسان

ويَتَعالى الرَّبُّ وَحدَه في ذٰلك اليَوم

١٨وتَزولُ الأَوثانُ بِتَمامِها.

١٩ولْيَدخُلوا في مَغاوِرِ الصَّخْرِ

وفي شُقوقِ التُّراب

مِن أَمامِ رُعبِ الرَّبِّ

ومِن بَهاءِ عَظَمَتِه

حينَ يَقومُ لِيُزَلزِلَ الأَرْض.

٢٠في ذٰلك اليَومِ يُلْقي الإِنْسانُ

أَوثانَ فِضَّتِه وأَوثانَ ذَهَبِه

الَّتي صَنَعوها لَه لِيَسجُدَ لَها

لِلمَناجِذِ والخَفافيش

٢١لِيَدخُلَ في حُفَرِ الصَّخْرِ وفي صُدوعِ الصَّفا

مِن أَمامِ رُعبِ الرَّبِّ ومِن بَهاءِ عَظَمَتِه

حينَ يَقومُ لِيُزَلزِلَ الأَرْض.

٢٢فكُفُّوا عنِ الإِنْسان

فلَيسَ في أَنفِه سِوى نَسَمَة

فَبِكَمْ يُحسَبُ هو؟

أشعيا ٣

الفوضى في أورشليم

١هُوَذا السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات

يُزيلُ مِن أُورَشَليمَ ومِن يَهوذا

السَّنَدَ والرُّكنَ

كُلَّ سَنَدِ خُبزٍ وكُلَّ سَنَدِ ماء

٢البَطَلَ ورَجُلَ الحَرْب

القاضِيَ والنَّبِيَّ والعَرَّافَ والشَّيخ

٣قائِدَ الخَمْسينَ والوَجيه

والمُشيرَ والحَكيمَ في الصَّنائع

والخَبيرَ في الرُّقيَة.

٤وأَجعَلُ الصِّبْيانَ رُؤَساءَ لَهم

وأَولادُ الشَّوارِعِ يَتَسَلَّطونَ علَيهم

٥ويَدفَعُ الشَّعبُ، الواحِدُ مِنهمُ الآخَر

والإِنسانُ قَريبَه

ويَهجُمُ الصَّبِيُّ على الشَّيخ

واللَّئيمُ على الكَريم.

٦حينَئِذٍ يُمسِكُ الإِنْسانُ أَخاه

في بَيتِ أَبيه قائِلًا:

إِنَّ لَكَ رِداءً فكُنْ قائِدًا لَنا

وهٰذا الخَرابُ يَكونُ تَحتَ يَدِكَ.

٧فيُجيبُ في ذٰلك اليَومِ قائِلًا:

لَستُ أَنا بِعاصِبِ جُروح

لَيسَ في بَيتي خُبزٌ ولا رِداء

فلا تَجعَلوني قائدًا لِلشَّعْب

٨فإِنَّ أُورَشَليمَ عَثَرَت ويَهوذا سَقَطَت

لِأَنَّ أَلسِنَتَهم وأَفْعالَهم على الرَّبّ

تَحَدِّيًا لِنَظَراتِ مَجدِه.

٩مُحاباةُ وجُوهِهم تَشهَدُ علَيهم

فإِنَّهم يُجاهِرونَ بِخَطيئَتِهم كسَدوم

ولا يَستُرونَها، فوَيلٌ لَهم

فإِنَّهم جَلَبوا الشَّرَّ على أَنفُسِهم.

١٠قولوا في البارِّ إِنَّه سَعيد

لِأَنَّه يأكُلُ مِن ثَمَرَةِ أَفْعاله.

١١وَيلٌ لِلشِّرِّيرِ المُسيء

فإِنَّ جَزاءَ يَدَيه يُؤَدَّى إِلَيه.

١٢شَعْبي مُسَخِّروه يَسلُبونَه

والمُرابونَ يَتَسَلَّطونَ علَيه.

يا شَعْبي، إِنَّ مُرشِديكَ يُضِلُّونَكَ

وقد أَفسَدوا سَبيلَ طُرُقِكَ.

١٣الرَّبُّ ٱنتَصَبَ لِلِٱتِّهام

وقامَ لِيَدينَ الشُّعوب.

١٤الرَّبُّ يَدخُلُ في المُحاكَمة

مع شُيوخِ شَعبه ورُؤَسائِهم:

«إِنَّكم أَنتُم أَتْلَفْتُمُ الكَرْم

وسَلْبُ البائِسِ في بُيوتِكم.

١٥ما بالُكم تَسحَقونَ شَعْبي

وتَسحَقونَ وُجوهَ المَساكين»

يقولُ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات؟

نساء أورشليم

١٦ويَقولُ الرَّبّ: لِأَنَّ بَناتِ صِهْيونَ ٱخْتالَت فمَشَينَ مَمْدوداتِ الأَعْناق، غامِزاتٍ بِالعُيون، مَشَينَ وقارَبْنَ الخَطْوَ في مِشيَتِهنَّ، وجَلجَلْنَ بِخَلاخِلِ أَقْدامِهِنَّ، ١٧فسَيُصلِعُ السَّيِّدُ هاماتِ بَناتِ صِهْيون، ويُعَرِّي الرَّبُّ رُؤُوسَهُنَّ. ١٨في ذٰلك اليَوم، يُزيلُ السَّيِّدُ زينَةَ الخَلاخِلِ والشُّموسِ والأَهِلَّة ١٩والأَشْنافِ والأَساوِرِ والرُّعَلِ والعَصائِب ٢٠والأَحْجالِ والسُّيورِ وآنِيَةِ الطِّيبِ والأَحْراز ٢١والخَواتِمِ وحَلَقاتِ الأُنوف ٢٢والثِّيابِ الفاخِرَةِ والمعاطِفِ والشَّالاتِ والأَكْياس ٢٣والمَرايا والأَقمِصَةِ والتِّيجانِ والأَردِيَة. ٢٤ويَكونُ لَهنَّ النَّتنُ بَدَلَ الطِّيب، والحَبلُ بَدَلَ الزُّنَّار، والقَرَعُ بَدَلَ تَجْعيدِ الشَّعَر، وحِزامُ المِسْحِ بَدَلَ الوِشاح، والكَيُّ بَدَلَ الجَمال.

الشقاء في أورشليم

٢٥يَسقُطُ رِجالُكِ بِالسَّيف

وأَبْطالُكِ في القِتال

٢٦وتَئِنُّ أَبْوابُها نائِحةً

وهي تَقعُدُ إِلى الأَرضِ مُجرَّدة.

أشعيا ٤

١وفي ذٰلك اليَوم، تَتنازَعُ سَبعُ نِساءٍ رَجُلًا واحِدًا ويَقُلنَ: «إِنَّنا نَأكُلُ خُبزَنا ونَلبَسُ مَعاطِفَنا، إِنَّما نُسَمَّى بِٱسمِكَ فٱنزِعْ عنَّا عارَنا».

نَبْت الربّ

٢في ذٰلك اليَوم، يَكونُ نَبتُ الرَّبِّ بَهاءً ومَجدًا، وثَمَرَةُ الأَرضِ فَخرًا وزينةً لِمَن نَجا مِن إِسْرائيل. ٣ومَن أُبقِيَ في صِهْيونَ وتُرِكَ في أُورَشَليم، يُقال لَه قِدِّيس، كُلُّ مَن كُتِبَ لِلحَياةِ في أُورَشَليم. ٤وإِذا غَسَلَ السَّيِّدُ قَذَرَ بَناتِ صِهْيونَ، ونَظَّفَ دِماءَ أُورَشَليمَ مِن وَسَطِها بِرُوحِ القَضاءِ وروحِ الإِحْراق، ٥خَلَقَ الرَّبُّ على كُلِّ مَكانٍ في جَبَلِ صِهْيونَ وعلى مَحافِلِها غَمامًا في النَّهارِ ودُخانًا، وضِياءَ نارٍ مُلتَهِبَةٍ في اللَّيل. فيَكونُ على كُلِّ المَجدِ كَنَفٌ، ٦وكوخٌ ظِلًّا في النَّهارِ مِنَ الحَرّ، ومُعتَصَمًا وسِترًا مِنَ السَّيلِ والمَطَر.

أشعيا ٥   

نشيد الكرم

١لَأُنشِدَنَّ لِحَبيبي نَشيدَ مَحْبوبي لِكَرمِه.

كانَ لِحَبيبي كَرْمٌ في رابِيَةٍ خَصيبة

٢وقد قَلَّبَه وحَصَّاه وغَرَسَ فيه أَفضَلَ كَرمه

وبَنى بُرجًا في وَسَطِه وحَفَرَ فيه مَعصَرَةً

وٱنتَظَرَ أَن يُثمِرَ عِنَبًا فأَثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا.

٣فالآنَ يا سُكَّانَ أُورَشَليم

ويا رِجالَ يَهوذا

أُحكُموا بَيني وبَينَ كَرْمي.

٤أَيُّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟ فما بالِيَ ٱنتَظَرتُ أَن يُثمِرَ عِنَبًا

فأَثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا؟

٥فالآنَ لَأُعلِمَنَّكم ما أَصنَعُ بِكَرْمي.

أُزيلُ سِياجَه فيَصيرُ مَرعًى

وأَهدِمُ جِدارَه فيَصيرُ مَداسًا

٦وأَجعلُهُ بورًا لا يُقضَبُ ولا تُقلَعُ أَعشابُه

فيَطلُعُ فيه الحَسَكُ والشَّوك

وأُوصِي الغُيومَ أَلَّا تُمطِرَ علَيه مَطَرًا.

٧لِأَنَّ كَرمَ رَبِّ القُوَّاتِ هو بَيتُ إِسْرائيل

وأُناسُ يَهوذا هم غَرْسُ نَعيمِه

وقدِ ٱنتَظَرَ الحَقَّ فإِذا سَفكُ الدِّماء

والبِرَّ فإِذا الصُّراخ.

لعنات

٨وَيلٌ لِلَّذينَ يَصِلونَ بَيتًا بِبَيت

ويَقرِنونَ حَقلًا بِحَقْل

حتَّى لم يَبقَ أَيُّ مَكان

فتَسكُنونَ وَحدَكم في وَسَطِ الأَرض.

٩على مَسمَعٍ مِنِّي أَقسَمَ رَبُّ القُوَّات:

إِنَّ بُيوتًا كَثيرةً ستُخرَب

عَظيمةً وجَميلةً مِنها تَبْقى بِغَيرِ ساكِن.

١٠فعَشَرَةُ فَدادينَ كَرمًا تُخرِجُ بَثًّا واحِدًا

وبَذرُ عُمِرٍ يُخرِجُ إِيفَة.

١١وَيلٌ لِلقائِمينَ مِنَ الصَّباحِ

في طَلَبِ المُسكِرات

المُتَأَخِّرينَ إِلى المَساء

والخَمرُ تُلهِبُهم

١٢وفي مآدِبِهمِ الكِنَّارَةُ والعود

والدُّفُّ والمِزْمارُ والخَمْر

ولا يَلتَفِتونَ إِلى عَمَلِ الرَّبّ

ولا يَرَونَ صُنعَ يَدَيه.

١٣لِذٰلك جُلِيَ شَعْبي لِعَدَمِ المَعرِفَة

وأَصبَحَ خاصَّتُه مِن أَهلِ المَجاعة

ويَبِسَت عامَّتُه مِنَ العَطَش.

١٤فوَسَّعَ مَثْوى الأَمْواتِ حَلقَه

وفَتَحَ بِلا حَدٍّ فَمَه

فيَنحَدِرُ فيه وُجَهاؤُه وعامَّتُه

وجُمْهورُه وكُلُّ مُبتَهِجٍ فيه

١٥ويُوضَعُ ٱبنُ آدَمَ ويُحَطُّ الإِنْسان

وتُخفَضُ عُيونُ المتكبِّرين.

١٦ويَتَعالى رَبُّ القُوَّاتِ بِالقَضاء

ويَتَقَدَّسُ الإِلٰهُ القُدُّوسُ بِالبِرّ

١٧وتَرْعى الحُمْلانُ كما في مَراعيها

وأَطْلالُ المُترَفينَ يَلتَهِمُها الغُرَباء.

١٨وَيلٌ لِلَّذينَ يَجُرُّونَ الإِثمَ بِحِبالِ الباطِل

والخَطيئَةَ بِمِثْلِ أَمْراسِ المَركَبَة

١٩القائِلين: «لِيُبادِرْ

ولْيُعَجِّلْ في عَمَلِه حتَّى نَرى

ولْيَقتَرِبْ ويَحضُرْ

تَدبيرُ قُدُّوسِ إِسْرائيلَ حتَّى نَعلَم».

٢٠وَيلٌ لِلقائِلينَ لِلشَّرِّ خَيرًا ولِلخَيرِ شَرًّا

الجاعِلينَ الظُّلمَةَ نورًا والنُّورَ ظُلمَة

الجاعِلينَ المُرَّ حُلْوًا والحُلْوَ مُرًّا.

٢١وَيلٌ لِلَّذينَ هم حُكَمَاءُ في أَعيُنِ أَنفُسِهم

عُقَلاءُ أَمامَ وُجوهِهم.

٢٢وَيلٌ لِلَّذينَ هم أَبْطالٌ في شُربِ الخَمْر

وذَوو بَأسٍ في مَزْجِ المُسكِرات

٢٣المُبَرِّئينَ الشِّرِّيرَ لِأَجلِ رَشوَة

والحارِمينَ البارَّ بِرَّه.

٢٤فلِذٰلك كما يَلتَهِمُ لَهيبُ النَّارِ القَشّ

وكما يَفْنى الحَشيشُ المُلتَهِب

يَكونُ أَصلُهم كالنَّتْن

وبُرعُمُهم يَتَناثَرُ كالتُّراب

لِأَنَّهم نَبَذوا شَريعةَ رَبِّ القُوَّات

وٱستَهانوا بِكَلِمَةِ قُدُّوسِ إِسْرائيل.

غضب الربّ

٢٥فٱضطَرَمَ غَضَبُ الرَّبِّ على شَعبِه

فمَدَّ يَدَه علَيه وضَرَبَه

فرَجَفَتِ الجِبالُ وصارَت جُثَثُهم

كالزِّبلِ في وَسَطِ الشَّوارِع.

ومع هٰذا كُلِّه لم يَرتَدَّ غَضَبُه

ويَدُه لا تَزالُ مَمْدودة.

نداء إِلى المجتاحين

٢٦فيَرفَعُ رايَةً لِأُمَّةٍ بَعيدة

ويُصَفِّرُ لَها مِن أَقْصى الأَرْض

فإِذا بِها مُقبِلَةٌ بِسُرعَةٍ وخِفَّة.

٢٧لَيسَ فيها مُنهَكٌ ولا عاثِر

لا تَنعَسُ ولا تَنام

لا يُحَلُّ زُنَّارُ حَقْوَيها

ولا يُفَكُّ رِباطُ نَعْلَيها.

٢٨سِهامُها مُحَدَّدَة

وجَميعُ قِسِيِّها مَشْدودَة.

تُحسَبُ حَوافِرُ خَيلِها صَوَّانًا

ومَركَباتُها إِعْصارًا.

٢٩لَها زَئيرٌ كاللَّبُؤَة

وهي تَزأَرُ كالأَشْبال

وتُزَمجِرُ وتُمسِكُ الفَريسَة

وتَخطَفُها ولَيسَ مَن يُنقِذ

٣٠فتُزَمجِرُ علَيه في ذٰلك اليَوم

كزَمجَرَةِ البَحْر.

وتَنظُرُ إِلى الأَرضِ فإِذا بِالظَّلامِ والضِّيق

وقَد أَظلَمَ النُّورُ في غَمامٍ حالِك.

أشعيا ٦

٢. كتاب العمّانوئيل

دعوة أشعيا

١في السَّنَةِ الَّتي ماتَ فيها المَلِكُ عُزِّيَّا، رأيتُ السَّيِّدَ جالسًا على عَرشٍ عالٍ رَفيع، وأَذْيالُه تَملأُ الهَيكَل. ٢مِن فَوقِه سَرافونَ قائمون، سِتَّةُ أَجنِحَةٍ لِكُلِّ واحِد، بِٱثنَينِ يَستُرُ وَجهَه وبٱثنَينِ يَستُرُ رِجلَيه وبٱثنَينِ يَطير. ٣وكانَ هٰذا يُنادي ذاكَ ويَقول: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوس، رَبُّ القُوَّات، الأَرضُ كُلُّها مَمْلوءَةٌ مِن مَجدِه». ٤فتَزَعزَعَت أُسُسُ الأَعْتابِ مِن صَوتِ المُنادي، وٱمتَلأَ البَيتُ دُخانًا. ٥فقُلتُ: «وَيلٌ لي، قد هَلَكتُ لِأَنِّي رَجُلٌ نَجِسُ الشَّفَتَين، وأَنا مُقيمٌ بَينَ شَعبٍ نَجِسِ الشِّفاه، وقَد رَأَت عَينايَ المَلِكَ رَبَّ القُوَّات». ٦فطارَ إِلَيَّ أَحَدُ السَّرافين، وبِيَدِه جَمرَةٌ أَخَذَها بِمِلقَطٍ مِنَ المَذبَح ٧ومَسَّ بِها فَمي وقال: «ها إِنَّ هٰذه قد مَسَّت شَفَتَيكَ، فأُزيلَ إِثمُكَ وكُفِّرَت خَطيئَتُكَ». ٨وسَمِعتُ صَوتَ السَّيِّدِ قائلًا: «مَن أُرسِل، ومَن يَنطَلِقُ لنا؟» فقُلتُ: «هاءَنذا فأَرسِلْني». ٩فقال: «إِذهَبْ وقُلْ لِهٰذا الشَّعْب:

إِسمَعوا سَماعًا ولا تَفهَموا

وٱنظُروا نَظَرًا ولا تَعرِفوا.

١٠غَلِّظْ قَلبَ هٰذا الشَّعْب

وثَقِّلْ أُذُنَيه وأَغمِضْ عَينَيه

لِئَلَّا يُبصِرَ بِعَينَيه ويَسمَعَ بِأُذُنَيه

ويَفهَمَ بِقَلبِه ويَرجِعَ فيُشْفى».

١١فقُلتُ: «إِلى مَتى أَيُّها السَّيِّد؟» فقال: «إِلى أَن تَصيرَ المُدُنُ خَرابًا بِغَيرِ ساكِن، والبُيوتُ بِغَيرِ إِنْسان، والأَرضُ خَرابًا مُقفِرًا ١٢ويُقصِيَ الرَّبُّ البَشَرَ وتَبْقى في الأَرضِ وَحشَةٌ عَظيمة. ١٣وإِن بَقِيَ فيها العُشرُ مِن بَعدُ، فإِنَّها تَعودُ وتَصيرُ إِلى الدَّمار، ولٰكِن كالبُطمَةِ والبَلُّوطَةِ الَّتي، بَعدَ قطعِ أَغْصانِها، يَبْقى جِذعٌ، فيَكونُ جِذعُها زَرْعًا مُقَدَّسًا».

أشعيا ٧

التدخُّل الأوّل لأشعيا

١وفي أَيَّامِ آحازَ بنِ يوتامَ بنِ عُزِّيَّا، مَلِكِ يَهوذا، صَعِدَ رَصين، مَلِكُ أَرام، وفاقَحُ بنُ رَمَلْيا، مَلِكُ إِسْرائيل، إِلى أُورَشَليمَ لِمُحارَبَتِها، فلَم يَقدِرا على مُحارَبَتِها. ٢وأُخبِرَ بَيتُ داوُدَ وقيل: «إِنَّ أَرامَ قد حَلَّ في أَفْرائيم». فٱضطَرَبَ قَلبُه وقَلبُ شَعبِه ٱضطِرابَ شَجَرِ الغابِ في وَجهِ الرِّيح.

٣فقالَ الرَّبُّ لِأَشَعْيا: «أُخرُجْ لِلِقاءِ آحاز، أَنتَ وشآرَ ياشوبُ ٱبنُكَ، إِلى آخِرِ قَناةِ البِركَةِ العُلْيا، إِلى طَريقِ حَقلِ مُنَظِّفِ الثِّياب، ٤وقُلْ لَه: تَنَبَّهْ وكُنْ هادِئًا، ولا تَخَفْ ولا يَضعُفْ قَلبُكَ مِن ذَنَبَي هاتَينِ الجَمرتَينِ المُدَخِّنَتَين بِسَبَبِ ٱضطِرامِ غَضَبِ رَصين، مَلِكِ أَرام، وٱبنِ رَمَلْيا. ٥فإِنَّ أَرامَ وأَفْرائيمَ وٱبنَ رَمَلْيا قد تآمَروا عَلَيكَ بِالسُّوءِ قائلين: ٦لِنَصعَدْ على يَهوذا ونُرَوِّعْه ونُحَطِّمْه تَحتَنا ونُمَلِّكْ فيه ٱبنَ طابَئيل.

٧هٰكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ:

لا يَقومُ الأَمرُ ولا يَكون

٨لِأَنَّ رَأسَ أَرامَ هو دِمَشْق

ورَأسَ دِمَشقَ هو رَصين.

وبَعدَ خَمسٍ وسِتِّينَ سَنَة

يُحَطَّمُ أَفْرائيمُ فلا يَبْقى شَعبًا

٩ولِأَنَّ رَأسَ أَفْرائيمَ هو السَّامِرة

ورَأسَ السَّامِرَةِ هو ٱبنُ رَمَلْيا

وأَنتُم إِن لم تُؤمِنوا فلَن تأمَنوا».

التدخُّل الثاني لأشعيا

١٠وعادَ الرَّبُّ فكَلَّمَ آحازَ قائِلًا: ١١«سَلْ لِنَفسِكَ آيةً مِن عِندِ الرَّبِّ إِلٰهِكَ، سَلْها إِمَّا في العُمْقِ، وإِمَّا في العَلاءِ مِن فَوق». ١٢فقالَ آحاز: «لا أَسأَلُ ولا أُجَرِّبُ الرَّبّ». ١٣فقالَ أَشَعْيا: «إِسمَعوا يا بَيتَ داوُد. أَقليلٌ عِندَكم أَن تُسئِموا النَّاسَ حتَّى تُسئِموا إِلٰهي أَيضًا؟ ١٤فلِذٰلك يُؤتيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُه آيَةً: ها إِنَّ الصَّبِيَّةَ تَحمِلُ فتَلِدُ ٱبنًا وتَدْعو ٱسمَه عِمَّانوئيل. ١٥يَأكُلُ لَبَنًا حَليبًا وعَسَلًا إِلى أَن يَعرِفَ أَن يَرذُلَ الشَّرَّ ويَخْتارَ الخَير، ١٦لِأَنَّه قَبلَ أَن يَعرِفَ الصَّبِيُّ أَن يَرذُلَ الشَّرَّ ويَخْتارَ الخَير، تُهجَرُ الأَرضُ الَّتي أَنتَ تَخافُ مَلِكَيها. ١٧سيَجلُبُ الرَّبُّ علَيكَ وعلى شَعبِكَ وعلى بَيتِ أَبيكَ أَيَّامًا لم تَأتِ مِن يَومِ ٱنفَصَلَ أَفْرائيمُ عن يَهوذا (مَلِكِ أَشُّور).

الإنذار باجتياح

١٨في ذٰلك اليَوم، يُصَفِّرُ الرَّبُّ لِلذُّبابِ

الَّذي في أَقْصى أَنْهارِ مِصْر

ولِلنَّحلِ الَّذي في أَرضِ أَشُّور

١٩فتُقبِلُ وتَحِلُّ كُلُّها في أَودِيَةِ الوِهاد

وفي نَخاريبِ الصَّخرِ وعلى كُلِّ عُلَّيقَة

وفي المَوارِدِ بِأَسرِها.

٢٠وفي ذٰلك اليَوم، يَحلِقُ السَّيِّدُ بِموسًى

مُستَأجَرَةٍ في عِبرِ النَّهر

(مع مَلِكِ أَشُّور)

الرَّأسَ وشعَرَ الرِّجلَين

واللِّحيَةُ أَيضًا تُزال.

٢١وفي ذٰلك اليوم

يُرَبِّي كُلُّ واحِدٍ عِجلَةً مِنَ البَقَرِ وشاتَين

٢٢ولِكَثرَةِ الحَليبِ يأكُلُ اللَّبَن

لِأَنَّ اللَّبَنَ والعَسَلَ

يأكُلُهما كُلُّ مَن يُبْقى في الأَرض.

٢٣وفي ذٰلك اليَوم

كُلُّ مَوضِعٍ كانَ فيه أَلفُ كَرمَة

بِأَلفٍ مِنَ الفِضَّة

يَصيرُ حَسَكًا وشَوكًا

٢٤ولا يُدخَلُ إِلى هُناكَ إِلَّا بِالسِّهامِ والقَوْس

لِأَنَّ الأَرضَ كُلَّها تَكونُ حَسَكًا وشَوكًا.

٢٥وجَميعُ الجِبالِ الَّتي كانَت تُقَلَّب لا

تَدخُلُها مَخافةً مِنَ الحَسَكِ والشَّوك

بل تُسَرَّحُ فيها الثِّيرانُ ويَدوسُها الغَنَم».

أشعيا ٨ 

مولد ابن لأشعيا

١وقالَ لِيَ الرَّبّ: «خُذْ لَكَ لَوحَةً كَبيرة

وٱكتُبْ فيها بِقَلَمِ النَّاس: مَهيرْ شالالْ حاشْ بازْ، ٢فأَخَذْتُ لِنَفْسي شاهِدَينِ أَمينَين: أُورِيَّا الكاهِنَ وزَكَرِيَّا بنَ بَرَكْيا».

٣ودَنَوتُ مِنَ النَّبِيَّة، فحَمَلَت وَوَلَدَتِ ٱبنًا. فقالَ لِيَ الرَّبّ: «أُدعُ ٱسمَه مَهيرْ شالالْ حاشْ باز، ٤فإِنَّه، قَبلَ أَن يَعرِفَ الصَّبِيُّ أَن يُنادِيَ: يا أَبَتِ ويا أُمِّي، تُحمَلُ ثَروَةُ دِمَشقَ وغَنيمَةُ السَّامِرَةِ إِلى أَمامِ مَلِكِ أَشُّور».

سِلوام والفرات

٥وعادَ الرَّبُّ يُكَلِّمُني قائِلًا: ٦«لِأَنَّ هٰذا الشَّعبَ قد نَبَذَ مِياهَ سِلْوامَ الجارِيَةَ رُوَيدًا رُوَيدًا

وفَرِحَ بأَمرِ رَصينَ وٱبنِ رَمَلْيا، ٧فلِذٰلك ها إِنَّ السَّيِّدَ يُعْلي علَيهم مِياهَ النَّهرِ العَظيمَةِ الغَزيرَة (مَلِكَ أَشُّورَ وكُلَّ مَجدِه)، فيَعْلو على جَميعِ مَجاريه، ويَطْفو على جَميعِ شُطوطِه، ٨ويَمُرُّ يَهوذا ويَطفَحُ ويَعبُرُ ويَبلُغُ إِلى العُنُق، وبَسْطُ جَناحَيه يَملأُ سَعَةَ أَرضِكَ، يا عِمَّانوئيل.

٩تَحَطَّمي أَيَّتُها الشُّعوب وٱنسَحِقي

أَصْغي يا جَميعَ أَقاصي الأَرض.

تَحَزَّمي وٱنسَحِقي، تَحَزَّمي وٱنسَحِقي.

١٠دَبِّري تَدْبيرًا فيَبطُل

تَكَلَّمي كَلامًا فلا يَثبُت

لِأَنَّ اللهَ مَعنا.

رسالة أشعيا

١١فإِنَّه هٰكذا كَلَّمَني الرَّبُّ

عِندَما قَبَضَ علَيَّ بِيَدِه

ورَدَّني عن السَّيرِ

في طَريقِ هٰذا الشَّعبِ قائلًا:

١٢«لا تقولوا مُؤَامَرَةً

لِكُلِّ ما يَقولُ لَه هٰذا الشَّعبُ مُؤامَرَة

ولا تَخافوا خَوفَهم ولا تَفزَعوا.

١٣قَدِّسوا رَبَّ القُوَّات

ولْيَكُنْ هو خَوفَكم وفَزَعَكم

١٤فيَكونَ لَكم قُدسًا

وحَجَرَ صَدْمٍ وصَخرَ عِثارٍ لِبَيتَي إِسْرائيل

وفَخًّا وشَبَكَةً لِساكِني أُورَشَليم

١٥فيَعثُرُ بِه كَثيرونَ ويَسقُطون

ويَتَحَطَّمونَ ويُصْطادونَ ويُؤخَذون.

١٦أَغلِقْ على الشَّهادة

وٱختُمْ على التَّعليمِ في تَلاميذي.

١٧إِنِّي أَنتَظِرُ الرَّبَّ

الحاجِبَ وَجهَه عن بَيتِ يَعْقوب

وأَتَوَكَّلُ علَيه.

١٨هاءَنَذا والأَبْناءَ الَّذينَ أَعْطانيهمِ الرَّبُّ

آياتٍ وعَلاماتٍ في إِسْرائيل

من لَدُنْ رَبِّ القُوَّات

السَّاكِنِ في جَبَلِ صِهْيون.

١٩فإِذا قالوا لَكم: إِسأَلوا مُستَحضِري الأَرْواح

والعَرَّافينَ المُهَمهِمين المُتَمتِمين:

أَليسَ كُلُّ شَعبٍ يَسأَلُ آلِهَتَه؟

ويُسأَلُ الأَمْواتُ عنِ الأَحْياء

٢٠لِلتَّعليمِ والشَّهادة؟

حَقًّا بِهٰذا الكَلامِ يُنطَقُ

لِأَنَّه لا فَجرَ لَه.

السير في الليل

٢١ويَعبُرُ في الأَرضِ مَظْلومًا جائعًا

وفي جوعِه يَستَشيطُ غَضَبًا

ويَلعَنُ مَلِكَه وإِلٰهَه ويَلتَفِتُ إِلى فَوق

٢٢ويَنظُرُ إِلى الأَرضِ فإِذا الشِّدَّةُ والظُّلمَة

ولَيلُ الضِّيق ودَيجورُ الٱنحِلال.

٢٣فلَيسَ لَيلٌ لِلَّتي كانَت في الضِّيق.

النجاة

في الزَّمانِ الأَوَّل

أَذَلَّ أَرضَ زَبولونَ وأَرضَ نَفْتالي.

وأَمَّا في الزَّمانِ الأخير

فسيُمَجِّدُ طَريقَ البَحر.

عِبرَ الأُردُنِّ، جَليلَ الأُمَم.

أشعيا ٩

١الشَّعبُ السَّائِرُ في الظُّلْمَةِ

أَبصَرَ نورًا عَظيمًا

والمُقيمونَ في بُقعَةِ الظَّلام

أَشرَقَ علَيهمِ النُّور.

٢كَثَّرتَ لَه الأُمَّة

وَفَّرتَ لَها الفَرَح

يَفرَحون أَمامَكَ كالفَرَحِ في الحِصاد

كٱبتِهاجِ الَّذينَ يَتَقاسَمونَ الغَنيمة.

٣لأَنَّ نيرَ ثِقْلِها وعَصا كَتِفِها وقَضيبَ مُسَخِّرِها قد كسَّرتَها كما في يَومِ مِديَن

٤إِذ كُلُّ حِذاءٍ يُحدِثُ جَلَبَة

وكُلُّ ثَوبٍ مُتَلَطِّخٍ بِالدِّماء

يَصيرانِ لِلحَرْقِ ووَقودًا لِلنَّار.

٥لِأَنَّه قد وُلِدَ لَنا وَلَدٌ وأُعطِيَ لَنا ٱبنٌ

فصارَتِ الرِّئاسَةُ على كَتِفِه

ودُعِيَ ٱسمُه عَجيبًا مُشيرًا

إِلٰهًا جَبَّارًا، أَبا الأَبَدِ، رَئيسَ السَّلام

٦لِنُمُوِّ الرِّئاسة

ولِسَلامٍ لا ٱنقِضاءَ

لَه على عَرشِ داوُدَ ومَملَكَتِه

لِيُقِرَّها ويُوَطِّدَها بِالحَقِّ والبِرّ

مِنَ الآنَ وللأَبَد.

غَيرَةُ رَبِّ القُوَّاتِ تَصنَعُ هٰذا.

مِحَن مملكة الشمال

٧السَّيِّدُ أَرسَلَ كَلِمَةً على يَعْقوب

فوَقَعَت على إِسْرائيل.

٨فعَرَفها الشَّعبُ كُلُّه

أَفْرائيمُ وسُكَّانُ السَّامِرَة

القائِلونَ بِزَهوٍ وقَلبٍ مُتَكَبِّر:

٩اللَّبنُ تَساقَط فسَنَبْني بِحِجارَةٍ مَنْحوتة.

الجُمَّيزُ قُطِعَ فسَنَعْتاضُ عنه بِالأَرْز.

١٠أَثارَ الرَّبُّ علَيه خُصومَ رَصين

وحَرَّضَ أَعْداءَه:

١١أَرامَ مِنَ الشَّرقِ وفِلَسْطينَ مِنَ الغَرْب

فٱلتَهَموا إِسْرائيلَ بِكُلِّ أَفْواهِهم.

مع هٰذا كُلِّه لم يَرتَدَّ غَضَبُه

ولم تَزَلْ يَدُه مَمْدودة.

١٢فلَم يَتُبِ الشَّعبُ إِلى مَن ضَرَبَه

ولم يَلتَمِسْ رَبَّ القُوَّات

١٣فقَطَعَ الرَّبُّ مِن إِسْرائيلَ الرَّأسَ والذَّنَب

السَّعَفَ والبَردِيَّ في يَومٍ واحِد.

١٤(الشَّيخُ والوَجيهُ هو الرَّأس

والنَّبِيُّ الَّذي يُعَلِّمُ بِالكَذِب هو الذَّنَب)

١٥والمُرشِدونَ لِهٰذا الشَّعبِ هم يُضِلُّونَه

والمُرشَدونَ مِنه يُضَلُّون.

١٦فلِذٰلك لا يَرْضى السَّيِّدُ عن شُبَّانِه

ولا يَرحَمُ أَيتامَهم ولا أَرامِلَهم

لِأَنَّهم جَميعًا كافِرونَ وفاعلو سوء

وكُلُّ فَمٍ يَنطِقُ بِالحَماقة.

مع هٰذا كُلِّه لم يَرتَدَّ غَضَبُه

ولم تَزَلْ يَدُه مَمْدودة.

١٧لِأَنَّ الشَّرَّ يُحرِقُ كالنَّار

يَلتَهِمُ الحَسَكَ والشَّوك

ويُشعِلُ النَّارَ في أَدْغالِ الغابَة

فَيتَصاعَدُ عَمودُ دُخان.

١٨بِغَضَبِ رَبِّ القُوَّاتِ ٱضطَرَمَتِ الأَرْض

فكانَ الشَّعبُ مِثلَ وَقودِ النَّار

لا يُشفِقُ واحِدٌ على أَخيه

١٩فيَقطَعُ عنِ اليَمينِ ولا يَزالُ جائِعًا

ويَلتَهِمُ عنِ الشِّمالِ ولا يَشبَع.

يَلتَهِمُ كُلُّ واحِدٍ لَحمَ مُساعِده.

٢٠منَسَّى يَلتَهِمُ أَفْرائيم

وأَفْرائيمُ يَلتَهِمُ مَنَسَّى

وكِلاهما يَقومانِ على يَهوذا.

مع هٰذا كُلِّه لم يَرتَدَّ غَضَبُه

ولم تَزَل يَدُه مَمْدودة.

أشعيا ١٠

١وَيلٌ لِلَّذينَ يَشتَرِعونَ فَرائِضَ الإِثْم

والَّذينَ يَكتُبونَ كِتابةَ الظُّلْم

٢لِيَرُدُّوا الضُّعَفاءَ عن إِجْراءِ الحُكْم

ويَسلُبوا حَقَّ وُضَعاءِ شَعْبي

لِتَكونَ الأَرامِلُ غَنيمةً لَهم

ويَنهَبوا اليَتامى.

٣فماذا تَصنَعونَ في يَومِ العِقاب

وفي الهَلاكِ الآتي مِن بَعيد؟

وإِلى مَن تَلجَأُون لِلنَّجدَة

وأَينَ تَتْرُكونَ ثَروَتَكم؟

٤ما لم يَنحَنوا بَينَ الأَسرى

فإِنَّهم يَسقُطونَ بَينَ القَتْلى.

مع هٰذا كُلِّه لم يَرتَدَّ غَضَبُه

ولم تَزَلْ يَدُه مَمْدودة.

على ملك أشّور

٥وَيلٌ لِأَشُّورَ، قضيبِ غَضَبي

إِنَّ سُخْطي عَصًا في أَيديهِم.

٦على أُمَّةٍ كافِرَةٍ أَرسَلتُه

وأَمَرتُه على شَعبٍ حَلَّ عليه غَضَبي

لِيَسلُبَ السَّلْبَ ويَنهَبَ النَّهْب

ويَدوسَهم كوَحْلِ الشَّوارِع.

٧لٰكِنَّه لم يَكُنْ يَرى هٰكذا

ولا كانَ هٰذا فِكرَ قَلبِه

بل كان في قَلبِه أَن يُبيدَ

ويَستَأصِلَ أُمَمًا لا تُحْصى

٨لِأَنَّه كانَ يَقول:

أَلَيسَ أُمَرائي جَميعُهم مُلوكًا؟

٩أَلَيسَ كَلْنو مِثْلَ كَركَميش

وحَمَاةُ مِثلَ أَرفَد

والسَّامِرَةُ مِثلَ دِمَشْق؟

١٠كما أَصابَت يَدي مَمَالِكَ الأَوثان

وفيها مَنْحوتاتٌ أَكثَرُ مِمَّا في أُورَشَليمَ والسَّامِرَة

١١وكما صَنَعتُ بِالسَّامِرَةِ وأَصْنامِها

أَفلا أَصنَعُ كذٰلك بِأُورَشَليمَ وأَصْنامِها؟

١٢ويَكونُ، بَعدَ ٱستِكْمَالِ السَّيِّدِ عَمَلَه كُلَّه في جَبَلِ صِهْيونَ وفي أُورَشَليم، أَنِّي أُعاقِبُ ثَمَرَةَ قَلبِ مَلِكِ أَشُّورَ المُتَكَبِّرِ وٱفتِخارَ عَينَيه الطَّامِحَتَين. ١٣فإِنَّه قال:

بِقُوَّةِ يَدي عَمِلتُ وبحِكمَتي لِأَنِّي فَطِن

فَنَقَلتُ حُدودَ الشُّعوبِ ونَهَبتُ كُنوزَهم

وأَخضَعتُ السُّكَّانَ كما يَفعَلُ ذو بَطْش

١٤وقد أَصابَت يَدي ثَروَةَ الشُّعوبِ مِثلَ عُشٍّ

وكَمن يَجمَعُ البَيضَ المُهمَل

أَنا جَمَعتُ الأَرضَ بِأَسرِها

ولم يَكُنْ مَن يُحَرِّكُ جَناحًا

أَو يَفتَحُ فمًا أَو يُزَقزِق.

١٥أَتَفْتَخِرُ الفَأْسُ على مَن يَقطَعُ بِها

أَو يَتَكَبَّرُ المِنْشارُ على مَن يُحَرِّكُه

كأَنَّ القَضيبَ يُحَرِّكُ رافِعيه

وكأَنَّ العَصا تَرفَعُ ما لَيسَ بِخَشَب؟

١٦فلِذٰلك يُرسِلُ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات

على سِمانِه هُزالًا

وتَحتَ مَجدِه يَشتَعِلُ الحريقُ كحَريقِ نار

١٧ويَكونُ نورُ إِسْرائيلَ نارًا وقُدُّوسُه لَهيبًا

فيُحرِقُ ويَلتَهِمُ شَوكَه وحَسَكَه في يَومٍ واحِد

١٨ويُفْني مَجدَ غابِه وجَنَّتِه

مِنَ النَّفْسِ إِلى الجَسَد

فيُضْحي كسَقيمٍ يَذوب.

١٩وما يَبْقى مِن شَجَرِ الغابةِ يَكونُ قَليلًا

حتَّى إِنَّ صَبِيًّا يُدَوِّنُه.

البقيّة القليلة

٢٠وفي ذٰلك اليَوم، لا تَعودُ بَقِيَّةُ إِسْرائيلَ والنَّاجونَ مِن بَيتِ يَعْقوبَ يَعتَمِدونَ على مَن ضَرَبَهم، وإِنَّما يَعتَمِدونَ على الرَّبِّ، قُدُّوسِ إِسْرائيلَ حَقًّا. ٢١والبَقِيَّةُ تَرجِع، بَقِيَّةُ يَعْقوب، إِلى اللهِ الجَبَّار. ٢٢إِنَّه، وإِن كانَ شَعبُكَ، يا إِسْرائيل، كرَملِ البَحْر، إِنَّما تَرجِعُ بَقِيَّةٌ مِنه، فقَد قُضِيَ بِفَناءٍ يَفيضُ فيه البِرّ، ٢٣لِأَنَّ السَّيِّدَ رَبَّ القُوَّاتِ يُجْري الفَناءَ الَّذي قَضاه في وَسَطِ الأَرضِ كُلِّها.

الاتّكال على الله

٢٤لِذٰلك هٰكذا قالَ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات:

لا تَخَفْ مِن أَشُّور

يا شَعْبي، يا ساكِنَ صِهيون

إِذا ضَرَبَكَ بِالقَضيبِ ورَفَعَ علَيكَ العَصا (على طَريقَةِ ما فَعَلَ بِمِصْر)

٢٥فإِنَّه عَمَّا قَليلٍ يَنتَهي السُّخْط.

لٰكِنَّ غَضَبي يَنقَلِبُ إِلى تَدْميرِهم

٢٦ويَرفَعُ علَيه رَبُّ القُوَّاتِ مِجلَدًا

كما ضُرِبَت مِديَنُ عِندَ صَخرِ عوريب

وتَكونُ عَصاه على البَحْر

ويَرفَعُها على طَريقَةِ ما فَعَلَ بِمِصْر.

٢٧وفي ذٰلك اليَومِ يُزالُ ثِقْلُه عن كَتِفِكَ

ونيرُه عن عُنُقِكَ

ويَتَحَطَّمُ النِّيرُ بِسَبَبِ الدُّهْن.

الاجتياح

٢٨قد وَصَلَ إِلى عَيَّت وعَبَرَ إِلى مِجْرون

وأَودَعَ أَمتِعَتَه عِندَ مِكْماش.

٢٩عَبَروا المَعبَرَ وباتوا في جَبْع

وٱرتَعَدَت رامةُ وفَرَّت جَبعَةُ شاوُل.

٣٠إِصهِلي بِصَوتِكِ يا بِنتَ جَلِّيم

أَصْغي يا لاييشَة يا عَناتوتُ البائِسة.

٣١مَدْمينةُ قد هَرَبَت

وسُكَّانُ الجَبيمِ قدِ ٱتَّخَذوا مَلجَأً

٣٢اليَومَ لا زالَ يَقِفُ في نوب

يُحَرِّكُ يَدَه

نَحوَ جَبَلِ بِنتِ صِهْيونَ وأَكَمَةِ أُورَشَليم.

٣٣هُوَذا السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات

يُقَضِّبُ الأَغْصانَ بِعُنْف

فكُلُّ مُرتَفِعِ القامةِ يُقطَع

وكُلُّ شامِخٍ يُحَطّ.

٣٤تُقطَعُ أَدْغالُ الغابِ بِالحَديد

وبِيَدِ ذي بَطْشٍ يَسقُطُ لُبْنان.

أشعيا ١١

سليل داود

١ويَخرُجُ غُصنٌ مِن جِذعِ يَسَّى

ويَنْمي فَرعٌ مِن أُصولِه

٢ويَحِلُّ علَيه روحُ الرَّبّ

روحُ الحِكمَةِ والفَهْم

روحُ المَشورَةِ والقُوَّة

روحُ المعرفةِ وتَقوى الرَّبّ

٣ويوحي لَه تَقْوى الرَّبّ

فلا يَقْضي بِحَسَبِ رُؤيةِ عَينَيه

ولا يَحكُمُ بِحَسَبِ سَماعِ أُذُنَيه

٤بل يَقْضي لِلضُّعَفاءِ بِالبِرّ

ويَحكُمُ لِبائِسي الأَرضِ بِالِٱستِقامة

ويَضرِبُ الأَرضَ بِقَضيبِ فَمِه

ويُميتُ الشِّرِّيرَ بِنَفَسِ شَفَتَيه.

٥ويَكونُ البِرُّ حِزامَ حَقْوَيه

والأَمانَةُ حِزامَ خَصرِه

٦فيَسكُنُ الذِّئبُ مع الحَمَل

ويَربِضُ النَّمِرُ مع الجَدْيِ

ويَعلِفُ العِجلُ والشِّبلُ معًا

وصَبِيٌّ صَغيرٌ يَسوقُهما.

٧تَرْعى البَقَرَةُ والدُّبُّ مَعًا

ويَربِضُ أَولادُهما معًا

والأَسَدُ يَأكُلُ التِّبنَ كالثَّور

٨ويَلعَبُ الرَّضيعُ على حُجرِ الأَفْعى

ويَضَعُ الفَطيمُ يَدَه في جُحرِ الأَرقَم.

٩لا يُسيئونَ ولا يُفسِدون

في كُلِّ جَبَلِ قُدْسي

لِأَنَّ الأَرضَ تَمتَلِئُ مِن مَعرِفَةِ الرَّبّ

كما تَغمُرُ المِياهُ البَحْرَ.

عودة المشتّتين

١٠وفي ذٰلك اليَومِ أَصلُ يَسَّى

القائِمُ رايَةً لِلشُّعوب

إِيَّاه تَلتَمِسُ الأُمَم

ويَكونُ مَكانُ راحَتِه مَجدًا.

١١وفي ذٰلك اليَومِ يَعودُ السَّيِّد

فيَمُدُّ يَدَه ثانيةً لِيَفتَدِيَ بَقِيَّةَ شَعبِه

مَن بَقِيَ مِنهم في أَشُّورَ ومِصرَ

وفَتْروسَ وكوشَ وعَيلام

وشِنْعارَ وحَماةَ وجُزُرِ البَحْر.

١٢ويَنصِبُ رايَةً لِلأُمَم

ويَجمَعُ المَنفِيِّينَ من إِسْرائيل

ويَضُمُّ المُشَتَّتينَ مِن يَهوذا

مِن أَربَعَةِ أَطْرافِ الأَرْض.

١٣فيَزولُ حَسَدُ أَفْرائيم

ويُستأصَلُ أَعْداءُ يَهوذا

فلا أَفْرائيمُ يَحسُدُ يَهوذا

ولا يَهوذا يُعادي أَفْرائيم.

١٤ويَطيرونَ على أَكْتافِ الفِلَسطينِيِّينَ نَحوَ الغَرْب

ويَنهَبونَ بَني المَشرِقِ مَعًا

ويَكونُ أَدومُ وموآبُ تَحتَ أَيديهِم

ويُطيعُهم بَنو عَمُّون.

١٥ويُدَمِّرُ الرَّبُّ خَليجَ بَحرِ مِصْر

ويَهُزُّ يَدَه على النَّهرِ بِريحِه الحارَّة

ويَشُقُّه سَبعَةَ جَداوِل

فيُعبَرُ بِالأَحذِيَة.

١٦ويَكونُ طَريقٌ لِبَقِيَّةِ شَعبِه

مَن بَقِيَ مِنهم مِن أَشُّور

كما كانَ لإِسْرائيل

يَومَ صَعِدَ مِن أَرضِ مِصْر.​

أشعيا ١٢

مزمور

١فتَقولُ في ذٰلك اليَوم

أَحمَدُكَ يا رَبِّ لِأَنَّكَ غَضِبتَ علَيَّ.

لٰكِنِ ٱرتَدَّ غَضَبُكَ وعَزَّيتَني.

٢هُوَذا اللهُ خَلاصي فأَطمَئِنُّ ولا أَفزَع

الرَّبُّ عِزِّي ونَشيدي

لقد كانَ لي خَلاصًا.

٣وتَستَقونَ المِياهَ

مِن يَنابيعِ الخَلاصِ مُبتَهِجين

٤وتَقولونَ في ذٰلك اليَوم:

إحمَدوا الرَّبَّ وٱدْعوا بِٱسمِه

عَرِّفوا في الشُّعوبِ أَعْمالَه

وٱذكُروا أَنَّ ٱسمَه قد تَعالى.

٥أَشيدوا لِلرَّبِّ فإِنَّه قد صَنَعَ عَظائم

لِيُعَرَّفْ ذٰلك في الأَرضِ كُلِّها.

٦إِهتِفي وٱبتَهجي يا ساكِنَةَ صِهْيون

فإِنَّ قُدُّوسَ إِسْرائيلَ في وَسْطِكِ عَظيم.

أشعيا ١٣

٣. أقوال نبويّة على الشعوب الغريبة

على بابل

١قَولٌ على بابِلَ رآه أَشَعْيا بنُ آموص:

٢إِنصِبوا رايَةً على جَبَلٍ أَقرَع

إِرفَعوا الصَّوتَ إِلَيهم.

هُزُّوا أَيدِيَكم

لِيَدخُلوا مِن أَبْوابِ الأَشْراف.

٣إِنِّي أَمَرتُ مُقَدَّسِيَّ

ودَعَوتُ أَبْطالي لِغَضَبي

ظافِرِيَّ المُفتَخِرين.

٤في الجِبالِ صَوتُ جُمْهور

كصَوتِ شَعبٍ عَظيم

صَوتُ جَلَبَةِ مَمالِكِ الأُمَمِ المُجتَمِعَة

ورَبُّ القُوَّاتِ يَستَعرِضُ جَيشَ القِتال.

٥مِن أَرضٍ بَعيدَةٍ، مِن أَقاصي السَّمٰوات

يَأتي الرَّبُّ وأَدَواتُ سُخطِه

لِتَدْميرِ الأَرضِ كُلِّها.

٦وَلوِلوا فإِنَّ يَومَ الرَّبِّ قَريب

قادِمٌ قُدومَ ٱجتِياحٍ مِن لَدُنِ القَدير.

٧فلِذٰلك تَستَرخي كُلُّ يَد

ويَذوبُ قَلبُ كُلِّ إِنْسان

٨فيَفزَعونَ ويَأخُذُهمُ الطَّلقُ والمَخاض

ويَتَضَوَّرونَ كالَّتي تَلِد

ويَنظُرونَ بَعضُهم إِلى بَعْضٍ مَبْهوتين

ووجُوهُهم مِثلُ اللَّهيب.

٩هُوَذا يَومُ الرَّبِّ قد حَضَرَ قاسِيًا

يَومُ سُخطٍ وٱضطِرامِ غَضَب

لِيَجعَلَ الأَرضَ خَرابًا ويُبيدَ خَطَأَتَها مِنها.

١٠لِأَنَّ كَواكبَ السَّماءِ ونُجومَها

لا تَبعَثُ نورَها

والشَّمسَ تُظلِمُ في طُلوعِها

والقَمَرَ لا يُضيءُ بِنورِه.

١١وأُعاقِبُ الدُّنيا بِشَرِّها والأَشْرارَ بِآثامِهم

وأَردَعُ صَلَفَ المُتَكَبِّرين

وأَحُطُّ تَجَبُّرَ الطُّغاة.

١٢أَجعَلُ الإِنْسانَ أَندَرَ مِنَ الإِبْريز

والبَشَرَ أَندَرَ مِن ذَهَبِ أُوفير

١٣لِذٰلك سأُزَعزِعُ السَّماء

وتَتَزَلزَلُ الأَرضُ عن مَقَرِّها

في سُخطِ رَبِّ القُوَّات

وفي يَومِ ٱضطِرامِ غَضَبِه.

١٤فيَكونُ الإِنسانُ كالظَّبيِ المُطارَد

وكغَنَمٍ لَيسَ لَها مَن يَجمَعُها

فكُلُّ واحِدٍ يَتَوَجَّهُ إِلى شَعبِه

ويَهرُبُ إِلى أَرضِه.

١٥وكُلُّ مَن صودِفَ طُعِن

وكُلُّ مَن أُخِذَ سَقَطَ بِالسَّيف.

١٦وأَطْفالُهم يُسحَقونَ بِمَرْأًى مِنهم

وبُيوتُهم تُنهَبُ ونِساؤُهم تُغتَصَب.

١٧هاءَنذا أُثيرُ علَيهِمِ الميدِيِّينَ

الَّذينَ لا يُبالونَ بِالفِضَّة

ولا يَهوَونَ الذَّهَب.

١٨قِسِيُّهم تَسحَقُ الصِّبْيان

ولا يَرحَمونَ ثَمرَةَ البَطْن

ولا تُشفِقُ عُيونُهم على البَنين.

١٩فبابِلُ زينَةُ المَمالِك

وبَهاءُ فَخرِ الكَلْدانِيِّين

تَصيرُ كسَدومَ وعَمورَةَ اللَّتَينِ قَلَبَهما الله

٢٠فلا تُسكَنُ أَبَدًا

ولا تُعمَرُ إِلى جيلٍ فجيل

ولا يَضرِبُ أَعْرابِيُّ فيها خَيمَةً

ولا يَربِضُ هُناكَ رُعاة

٢١بل وُحوشُ القَفرِ تَربِضُ هُناك.

والبومُ يَملأُ بُيوتَهم

وبَناتُ النَّعامِ تأوي هُناك

والتُّيوسُ تَرقُصُ هُناك

٢٢والضَّبعُ تَعْوي في قُصورِها

وبَناتُ آوى في هَياكِلِ نَعيمِها.

أَجَلُها قَريبٌ وأَيَّامُها لا تَطول.

أشعيا ١٤

نهاية الجلاء

١فإِنَّ الرَّبَّ سيَرحَمُ يَعْقوب، ويَعودُ فيَخْتارُ إِسْرائيل، ويُريحُه في أَرضِه، ويَنضَمُّ النَّزيلُ إِلَيه ويُشارِكُ بَيتَ يَعْقوب، ٢وتَأخُذُه شُعوبٌ وتأتي بِه إِلى مَكانِه، فيَمتَلِكُها بَيتُ إِسْرائيلَ في أَرضِ الرَّبِّ عَبيدًا وإِماءً، ويَسْبي الَّذينَ سَبَوه ويَتَسَلَّطُ على الَّذينَ ظَلَموه.

موت ملك بابل

٣فيَومَ يُريحُكَ الرَّبُّ مِن أَلَمِكَ وٱضطِرابِكَ ومِنَ العُبودِيَّةِ القاسِيَةِ الَّتي ٱستُعبِدتَ بِها، ٤تُجاهِرُ بِهٰذا المَثَلِ على مَلِكِ بابِلَ وتَقول:

«كَيفَ زالَ الظَّالِمُ وزالَ الرُّعْب؟

٥كَسَرَ الرَّبُّ عَصا الأَشْرار

وقَضيبَ المُتَسَلِّطين

٦الَّذينَ ضَرَبوا الشُّعوبَ بِحَنَق

ضَربًا لم يَنقَطِعْ.

وتَسَلَّطوا على الأُمَمِ بِغَضَب

مُطارِدينَ إِيَّاها بِلا رَحمَة.

٧قدِ ٱستَراحَتِ الأَرضُ كُلُّها وسَكَنَت

وٱندَفَعوا بالهُتاف

٨حتَّى السَّرْوُ وأَرزُ لُبْنانَ يَشمَتانِ بِكَ:

مُنذُ ٱضطَجَعتَ

لم يَصعَد علَينا مَن يَقطَعُنا»

٩مَثْوى الأَمْواتِ مِن أَسفَل

إِرتَعَدَ مِنكَ عِندَ قُدومكَ

وأَيقَظَ لَكَ الأَشْباح

جَميعَ عُظَماءِ الأَرْض

وأَقامَ جَميعَ مُلوكِ الأُمَمِ عن عُروشِهم.

١٠فتَكَلَّمَ جَميعُهم قائلينَ لَكَ:

«إِنَّكَ أَنتَ أَيضًا مَرِضتَ مِثلَنا

وصِرتَ مُماثِلًا لَنا.

١١أُهبِطَت عَظَمَتُكَ

وصَوتُ عيدانِكَ إِلى مَثْوى الأَمْوات

تَحتَكَ يُفرَشُ السُّوس وغِطاؤُكَ الدُّود.

١٢كَيفَ سَقَطتِ مِنَ السَّماء

أَيَّتُها الزُّهرَةُ، اِبنُ الصَّباح؟

كَيفَ حُطِّمتَ إِلى الأَرْض

يا قاهِرَ الأُمَم؟

١٣قد قُلتَ في قَلبِكَ:

إِنِّي أَصعَدُ إِلى السَّماء

أَرفَعُ عَرْشي فَوقَ كَواكِبِ الله

وأَجلِسُ على جَبَلِ الجَماعة

في أَقاصي الشَّمال.

١٤أَصعَدُ فَوقَ أَعالي الغُيوم

وأَكونُ شَبيهًا بِالعَلِيّ.

١٥بَل تُهبَطُ إِلى مَثْوى الأَمْوات

إِلى أَقاصي الجُبّ».

١٦الَّذينَ يَرَونَكَ يَتَفَرَّسونَ فيكَ ويَتَأَمَّلون:

«أَهٰذا هو الإِنسانُ

الَّذي زَعزَعَ الأَرضَ وزَلزَلَ المَمالِك؟

١٧جَعَلَ الدُّنْيا مِثلَ بَرِّيَّة

وحَطَّمَ مُدُنَها

ولم يُطلِقْ أَسْراه إِلى بُيوتِهم.

١٨جَميعُ مُلوكِ الأُمَمِ كافَّةً

قدِ ٱضطَجَعوا بِالكَرامَةِ كُلُّ واحِدٍ في بَيتِه.

١٩أَمَّا أَنتَ فطُرِحتَ عن قَبرِكَ

كفَرْعٍ قبيح

ومِن حَولِكَ قَتْلى مَطْعونونَ بِالرِّماح

هابِطونَ إِلى حِجارَةِ الجُبِّ

كالجُثَّةِ المَدوسة.

٢٠لا تَجتَمِعْ وإِيَّاهم في المَدفَن

لِأَنَّك دَمَّرتَ أَرضَكَ وقَتَلتَ شَعبَكَ.

لا تُذكَرُ لِلأَبَدِ ذُرِّيَّةُ فاعِلي السُّوء.

٢١هَيِّئوا لِبَنيه الذَّبحَ بِسَبَبِ إِثمِ آبائِهم.

لا يَقوموا ولا يَرِثوا الأَرْض

ولا يَمْلَأُوا وَجهَ المَسْكونةِ مُدُنًا».

٢٢فأَقومُ علَيهم

يَقولُ رَبُّ القُوَّات

وأَستأصِلُ مِن بابِلَ

الِٱسمَ والبَقِيَّةَ والذُّرِّيَّةَ والعَقِب

يَقولُ الرَّبّ

٢٣وأَجعَلُها ميراثًا لِلقَنافِذ

ومُستَنقَعاتٍ لِلمِياه

وأَكنُسُها بِمِكنَسَةِ الإِبادة

يَقولُ رَبُّ القُوَّات.

على أشّور

٢٤إِنَّ رَبَّ القُوَّاتِ أَقسَمَ قائلًا:

الَّذي نَوَيتُه هو سيَكون

الَّذي قَضَيتُه هو سَيَتِمّ:

٢٥سأُحَطِّمُ أَشُّورَ في أَرْضي

وأَدوسُه على جِبالي

فيُزالُ عنهم نيرُه

ويُزالُ ثِقلُه عن أَكْتافِهم.

٢٦هٰذا هو القَضاءُ الَّذي قَضَيتُه على كُلِّ الأَرْض، وهٰذه هي اليَدُ المَمْدودةُ على كُلِّ الأُمَم، ٢٧فإِنَّ رَبَّ القُوَّاتِ قد قضى فمَنِ الَّذي يُخالِف، ويَدُه مَمْدودةٌ فمَنِ الَّذي يَرُدُّها؟

على الفلسطينيّين

٢٨في السَّنَةِ الَّتي ماتَ فيها المَلِكُ آحاز، كانَ هٰذا القَول:

٢٩لا تَفرَحي يا فِلَسْطينُ بِأَسرِها

بِأَنَّ قَضيبَ ضارِبِكِ قدِ ٱنكَسَر

فإِنَّه مِن أَصلِ الحَيَّةِ يَخرُجُ الأَرقَم

ونَسلُه يَكونُ تِنِّينًا طَيَّارًا.

٣٠وسيَرْعى أَضعَفُ النَّاس

ويَربِضُ المَساكينُ مُطمَئِنِّين

وأَنا أُميتُ نَسلَكِ بِالجوع

وهو يَقتُلُ بَقِيَّتَكِ.

٣١وَلوِلْ أَيُّها الباب

أُصرُخي أَيَّتُها المَدينة.

لِتَخُرْ عَزيمَتُكِ يا فِلَسطينُ بِأَسرِها

لِأَنَّ دُخانًا آتٍ مِنَ الشَّمال

ولَيسَ مَن يَفِرُّ في تَجَمُّعاتِه.

٣٢بِماذا يُجابُ رُسُلُ الأُمَّة؟

إِنَّ الرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيون

وبِها يَعتَصِمُ بائِسو شَعبِه.

أشعيا ١٥

على موآب

١قَولٌ على مُوآب:

دُمِّرَت عارَ مُوآبُ لَيلًا فسَكَتَت

ودُمِّرَت قيرَ مُوآبُ لَيلًا فسَكَتَت.

٢ديبونُ أَيضًا صَعِدَت إِلى البَيت

إِلى المَشارِفِ لِلبُكاء.

مُوآبُ يُوَلوِلُ على نَبو وميدابا

في كُلِّ رأسٍ قَرَع

وكُلُّ لِحيَةٍ مَقْصوصة.

٣تَحَزَّموا بالمُسوحِ في شَوارِعِهم.

كُلٌّ يُوَلوِلُ على السُّطوحِ وساحاتِها

ويَفيضُ بِالبُكاء.

٤حَشْبونُ وأَلْعالَةُ تَصرُخان

وأَصْواتُهما تُسمَعُ إِلى ياهَص.

لِذٰلك مُتَسَلِّحو موآبَ يَصيحون

ونَفْسُه فيه تَرتَعِش.

٥قَلْبي يَصرُخُ على مُوآب

وهارِبوه وَصَلوا إِلى صوعَر

إِلى عِجلَتَ شَليشِيَّة.

فإِنَّهم يَصعَدونَ بِالبُكاءِ في عَقَبَةِ اللُّوحيت

ويَرفَعونَ صُراخَ ٱنكِسارٍ في طريقِ حورونائيم.

٦فإِنَّ مِياهَ نِمْريمَ نَضَبَت

ويَبِسَ العُشبُ وفَنِيَ الخَضيرُ ولم يَبقَ رُطْب.

٧لِذٰلك يَحمِلونَ إِلى نَهرِ الصَّفْصافِ

الثَّروَةَ الَّتي أَنشَأوها مع ذَخَائِرِهم.

٨فقَد شَمِلَ الصُّراخُ أَرضَ موآب

وبَلَغَ إِلى أَجْلائيمَ وبِئرِ إِيليم.

٩مِياهُ ديمونَ ٱمتَلأَت دَمًا

وسَأَزيدُ ديمونَ ضَرَبات

أَسَدًا لِمَن نَجا مِن مُوآب

ولِبَقِيَّةِ الأَرض.

أشعيا ١٦

طَلَب بني موآب

١أَرسِلوا الحُمْلانَ إِلى مُتَسَلِّطِ الأَرض

مِن سيلَعَ في البَرِّيَّة

إِلى جَبَلِ بِنتِ صِهْيون.

٢وتكونُ بَناتُ موآبَ عِندَ مَعابِرِ أَرْنون

كالطَّائِرِ الهارِبِ والعُشِّ المُبَعثَر.

٣هاتي مَشورَة، اِتَّخِذي قَرارًا.

إِجعَلي ظِلَّكِ في الظَّهيرَةِ كاللَّيل.

أُستُري المَنفِيِّينَ، ولا تَكشِفي عنِ الهارِبين

٤لِيسكُنْ مَعَكِ مَنفِيُّو موآب.

كوني لَهم سِترًا مِن وَجْهِ المُدَمِّر

حينَ يَزولُ الظَّالِمُ ويَنتَهي الدَّمار

ويَفْنى الَّذي يَدوسُ الأَرْض.

٥فإِنَّه بِالرَّحمَةِ يُثَبَّتُ العَرْش

ويَجلِسُ علَيه بِالأَمانَةِ في خَيمَةِ داوُد

قاضٍ يَبتَغي الحَقَّ ويُبادِرُ إِلى البِرّ.

٦قد سَمِعْنا بِتَكَبُّرِ موآبَ الشَّديد

بِتَعَجرُفِه وتَكَبُّرِه وحَنَقِه وثَرثَرَتِه السَّخيفة.

نوح موآب

٧فلِذٰلِك يُوَلوِلُ موآبُ على موآب.

جَميعُهم يُوَلوِلون.

تَئِنُّونَ مُنكَسِري القُلوب

على أَقْراصِ زَبيبِ قيرَ حَراسَت

٨فقد ذَبَلَت حُقولُ حَشْبونَ وكَرْمُ سِبحَةَ

الَّذي صَرَعَت عَناقيدُه الطَّيِّبَةُ سادَةَ الأُمَم

وبَلَغَت فُروعُه إِلى يَعْزير

وساحَت في البَرِّيَّة

وٱمتَدَّت وجازَتِ البَحْر.

٩لِذٰلك أَبْكي بُكاءَ يَعْزيرَ على كَرْمِ سِبمَة.

إِنِّي أَسْقيكِ بِدَمْعي يا حَشْبونُ ويا أَلعالَة

لِأَنَّه عن قِطافِكِ وحِصادِكِ زالَ الهُتاف.

١٠وزالَ الفَرَحُ والِٱبتِهاجُ مِنَ البُسْتان

فلا هُتافَ ولا صِياحَ في الكُروم

ولا يَدوسُ دائِسٌ خَمرًا في المَعاصِر

فإِنِّي قد سَكَّتُّ الهُتاف.

١١فلِذٰلك تَهتَزُّ أَحْشائي على مُوآبَ كالكِنَّارة وقَلْبي على قيرَ حارَس.

١٢ويُرى مُوآبُ وقد

خارَت قِواه في المَشرَف

ويَدخُلُ مَقدِسَه لِيُصَلِّي

لٰكِنَّه لا يَستَطيع.

١٣هٰذا هو القَولُ الَّذي قالَه الرَّبُّ على مُوآبَ آنَذاك. ١٤أَمَّا الآنَ فتَكَلَّمَ الرَّبُّ قائِلًا: بَعدَ ثَلاثِ سَنَواتٍ هي كَسِني الأَجير، يُذَلُّ مَجدُ موآبَ مع جُمْهورِه العَظيم، وتَكونُ بَقِيَّةٌ قَليلَةٌ ويَسيرةٌ شَيئًا لا يُعتَدُّ بِه.

أشعيا ١٧

على دمشق وإِسرائيل

١قَولٌ على دِمَشق:

ها إِنَّ دِمَشقَ تُزالُ مِن بَينِ المُدُن

فتَكونُ رُكامًا مِنَ الأَنْقاض.

٢مُدُنُ عَروعيرَ تُهجَرُ فتَكونُ لِلقُطْعان

تَربِضُ فيها ولا أَحَدَ يُقلِقُها.

٣يَزولُ الحِصنُ مِن أَفْرائيم

والمُلكُ مِن دِمَشْق

وبَقِيَّةُ أَرامَ يَصيرُ مَجدُها كمَجدِ بَني إِسْرائيل

يَقولُ رَبُّ القُوَّات.

٤وفي ذٰلك اليَوم يَصيرُ مَجدُ يَعْقوبَ ضَعيفًا

وسِمَنُ لَحمِه هَزيلًا

٥فيَكونُ كَما عِندَ جَمْعِ حَصادِ القَمْح

وكما عِندَ جَمعِ السَّنابِلِ في الذِّراع

ويَصيرُ كمَن يَلقُطُ سَنابِل

في وادي رَفائيم.

٦وتَبْقى فيه قُصاصَة

كما عِندَ نَفضِ زَيتونَة

فحَبَّتانِ أَو ثَلاثٌ في رَأسِ غُصْنٍ

وأَربَعٌ أَو خَمسٌ في فُروعِ ذاتِ الثَّمَر

يَقولُ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيل.

٧في ذٰلك اليَومِ يَلتَفِتُ الإِنسانُ إِلى صانِعِه

وتَنظُرُ عَيناه إِلى قُدُّوسِ إِسْرائيل

٨ولا يَلتَفِتُ إِلى المَذابِحِ صُنعِ يَدَيه

ولا يَنظُرُ إِلى ما صَنَعَت أَصابِعُه

ولا إِلى الأَوتادِ المُقَدَّسة

ولا إِلى مَذابِحِ البَخور.

٩في ذٰلك اليَومِ تَكونُ مُدُنُ المَلجأ

كالأَغصانِ والقِمَمِ المَتْروكةِ

الَّتي تَرَكوها مِن وَجهِ بَني إِسْرائيل

فصارَت خَرابًا.

١٠لِأَنَّكِ نَسيتِ إِلٰهَ خَلاصِكِ

ولم تَتَذَكَّري صَخرَةَ مَلجَإِكِ

لِذٰلك تَغرِسينَ غَرسَ نَعيم

وتَزْرَعين الغُصنَ الغَريب.

١١يَومَ تَغرِسينَه تُنْمينَه

وفي الصَّباحِ تَجعَلين زَرعَكِ يُزهِر

ولٰكِنَّ الغَلَّةَ تَذهَبُ يَومَ المَرَضِ

والأَلَمِ العُضال.

١٢وَيلٌ! ضَجيجُ شُعوبٍ كَثيرة

تَضِجُّ ضَجيجَ البِحار

وعَجيجُ أُمَمٍ

تَعِجُّ عَجيجَ المِياهِ الكَثيرة

١٣(ولِأُمَمٍ تَعِجُّ عَجيجَ المِياهِ الكَثيرة)

يَزجُرُها فتَفِرُّ بَعيدًا.

وتُطرَدُ كعُصافَةِ الجِبالِ تُجاهَ الرِّيح

وكالإِعصارِ تُجاهَ الزَّوبَعة.

١٤إِذا كانَ المَساءُ حَلَّ الرُّعْب

ثُمَّ لا يَطلَعُ الصَّباحُ إِلَّا وقد زال

هٰذا نَصيبُ ناهِبينا وحَظُّ سالِبينا.

أشعيا ١٨

على كوش

١وَيلٌ لِأَرضِ حَفيفِ الأَجنِحَة

الَّتي في عِبرِ أَنْهارِ كوش

٢أَنتِ الباعِثَةَ رُسُلًا في البَحْر

في قَوارِبِ البَردِيِّ على وَجهِ المِياه.

أُمْضوا أَيُّها الرُّسُلُ السِّراع

إِلى أُمَّةٍ مَمْشوقَةٍ سَمْراء

إِلى شَعبٍ مَرْهوبٍ هُنا وفي البَعيد

إِلى أُمَّةٍ قَوِيَّةٍ شَديدَةِ الوَطْء

تَقطَعُ الأَنْهارُ أَرضَها.

٣يا جَميعَ سُكَّانِ الدُّنْيا وقاطِني الأَرْض

إِذا رُفِعَتِ الرَّايَةُ على الجِبالِ فٱنظُروا

وإِذا نُفِخَ في البوقِ فٱسمَعوا.

٤فإِنَّه هٰكذا قالَ لِيَ الرَّبّ:

أَنا صامِتٌ أَنظُرُ مِن مَكاني

في الحَرِّ اللَّافِحِ فَوقَ النُّور

وفي غَيمِ نَدًى في حَرِّ الحَصاد.

٥لِأَنَّه قَبلَ الحَصادِ حينَ يَتِمُّ النَّبْت

ويَصيرُ الزَّهَرُ حِصرِمًا قارَبَ النُّضْج

تُقطَعُ القُضْبانُ بِالمَناجِل

وتُنزَعُ الأَغْصانُ وتُقضَب

٦وتُترَكُ كُلُّها لِجَوارِحِ الجِبال

ولِبَهائِمِ الأَرْض

وتَصْطافُ علَيها الجَوارِح

وتَشْتو علَيها جَميعُ بَهائِمِ الأَرْض.

٧في ذٰلك الزَّمان، تُقَدَّمُ هَدايا لِرَبِّ القُوَّات، مِنَ الشَّعبِ المَمْشوقِ الأَسمَر، الشَّعبِ المَرْهوبِ هُنا وفي البَعيد، الأُمَّةِ القَوِيَّةِ الشَديدَةِ الوَطْء، الَّتي تَقطَعُ الأَنْهارُ أَرضَها، إِلى مَقَرِّ ٱسمِ رَبِّ القُوَّات، جَبَلِ صِهْيون.

أشعيا ١٩

على مصر

١قَولٌ على مِصر:

هُوَذا الرَّبُّ يَركَبُ على غَيمٍ سَريع

ويَدخُلُ مِصرَ

فتَضطَرِبُ أَوثانُ مِصرَ مِن وَجهِه

ويَذوبُ قَلبُ مِصرَ في داخِلِها.

٢وأُحَرِّضُ مِصرَ على مِصرَ

فيُقاتِلُ الإِنسانُ أَخاه والرَّجُلُ صَديقَه

مَدينةٌ مَدينَةً ومَملَكَةٌ مَمْلَكَة.

٣ويُهرَقُ روحُ مِصرَ في داخِلها

وأُبَلبِلُ مَشورَتَها

فيَسأَلونَ الأَوثانَ والسَّحَرَة

ومُستَحضِري الأَرْواحِ والعَرَّافين.

٤وأُسلِمُ مِصرَ إِلى يَدِ سَيِّدٍ قاسٍ

ومَلكٌ صَلْبٌ يَتَسَلَّطُ علَيها

يَقولُ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات.

٥وتَنضُبُ المِياهُ مِنَ البَحْر

ويَجِفُّ النَّهرُ ويَيبَس

٦وتُنتِنُ الأَنْهار

وتَتَناقَصُ جَداوِلُ مِصرَ وتَجِفّ

فيَذْوي القَصَبُ والبَرْدِيّ

٧والمُروجُ على النِّيل

على ضِفافِ النِّيل

وجَميعُ مَزارِعِ النِّيل

تَيبَسُ وتَتَبَرَّدُ ولا تَكون.

٨فيَنتَحِبُ الصَّيَّادون

ويَنوحُ كُلُّ الَّذينَ يُلْقونَ الشِّصَّ في النِّيل

ويَتَحَسَّرُ الَّذينَ يُلْقونَ الشَّبَكَةَ

على وَجهِ المِياه.

٩ويَخْزى صُنَّاعُ الكَتَّانِ المُهَلهَل

ويَصفَرُّ الحاكة

١٠ويَصيرُ حاكَتُها مَصْروعين

وكُلُّ العامِلينَ بِالأُجرَةِ مُكتَئبي النُّفوس.

١١أَجَل، رُؤَساءُ صوعَنَ أَغْبِياء

ومَشورَةُ مُشيري فِرعَونَ الحُكَماءِ سَخيفَة

فكَيفَ تَقولونَ لِفِرعَون:

«أَنا ٱبنُ الحُكَماءِ ٱبنُ المُلوكِ الأَقدَمين؟»

١٢أَينَ حُكَماؤُكَ؟

لِيُخبِروكَ ولْيَعْلَموا

ماذا قَضى رَبُّ القُوَّاتِ على مِصر.

١٣قد جُنَّ رُؤَساءُ صوعَن

وٱنخَدَعَ رُؤَساءُ نوف

وأَضَلَّ مِصرَ حِجارُ الأَساسِ في قَبائِلِها.

١٤مَزَجَ الرَّبُّ في داخِلِها روحَ دُوار

فأَضَلُّوا مِصرَ في جَميعِ أَعْمَالِها

كالسَّكْرانِ التَّائِهِ في قَيئِه

١٥فلا يَبْقى لِمِصرَ عَمَلٌ

يَعمَلُه فيها الرَّأسُ أَوِ الذَّنَب

السَّعَفُ أَوِ القَصَب.

توبة مصر

١٦في ذٰلك اليَوم، تَكونُ مِصرُ مِثلَ النِّساء، فتَرتَعِشُ وتَرتَعِبُ مِن رَفعِ يَدِ رَبِّ القُوَّاتِ الَّتي يَرفَعُها علَيها. ١٧وتَكونُ أَرضُ يَهوذا لِمِصرَ رُعبًا، فكُلَّما تُذكَرُ أَمامَها، تَرتَعِبُ مِن تَدْبيرِ رَبِّ القُوَّاتِ الَّذي قضاه علَيها. ١٨في ذٰلك اليَوم، تَكونُ خَمسُ مُدُنٍ في أَرضِ مِصْر. تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعان، وتَحلِفُ بِرَبِّ القُوَّات، يُقالُ لإِحْداها مَدينَةُ الشَّمْس. ١٩في ذٰلك اليَوم، يَكونُ مَذبَحٌ لِلرَّبِّ في داخِلِ أَرضِ مِصْر ونُصُبٌ بِجانِبِ حُدودِها لِلرَّبّ، ٢٠فيَكونُ عَلامةً وشَهادةً لِرَبِّ القُوَّاتِ في أَرضِ مِصْر، لِأَنَّهم يَصرُخونَ إِلى الرَّبِّ أَمامَ المُضايِقين، فيُرسِلُ لَهم مُخَلِّصًا ومُدافِعًا فيُنقِذُهم. ٢١ويُعَرِّفُ الرَّبُّ نَفْسَه إِلى مِصْر، فتَعرِفُ مِصرُ الرَّبَّ في ذٰلك اليَوم، وتَعبُدُه بِالذَّبيحَةِ والتَّقدِمَة، ويَنذُرونَ لِلرَّبِّ نُذورًا ويوفونَ بِها. ٢٢يَضرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ، يَضرِبُ ويَشْفي، فتَرجِعُ إِلى الرَّبِّ فيَستجيبُها ويَشْفيها. ٢٣في ذٰلك اليَوم، يَكونُ طَريقٌ مِن مِصرَ إِلى أَشُّور، فتَأتي أَشُّورُ إِلى مِصرَ ومِصرُ إِلى أَشُّور، وتَعبُدُ مِصرُ الرَّبَّ مع أَشُّور. ٢٤في ذٰلك اليَوم، يَكونُ إِسرائيلُ ثالِثًا لِمِصرَ وأَشُّور، وبَرَكَةً في وَسَطِ الأَرْض، ٢٥فيُبارِكُه رَبُّ القُوَّاتِ قائِلًا: مُبارَكٌ شَعْبي مِصرُ وصُنعُ يَدي أَشُّور وميراثي إِسْرائيل.

أشعيا ٢٠

في أمر الاستيلاء على أَشدود

١في السَّنَةِ الَّتي زَحَفَ فيها قائِدُ القُوَّادِ على أَشْدود، وقَد أَرسَلَه سَرْجون، مَلِكُ أَشُّور، وحارَبَ أَشْدودَ وأَخَذَها، ٢في ذٰلك الزَّمانِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ على لِسانِ أَشَعْيا بنِ آموصَ قائِلًا: «إِذهَبْ وحُلَّ المِسحَ عَن حَقْوَيكَ، وٱخلَعْ نَعلَيكَ عن قَدَمَيكَ». ففَعَلَ كذٰلك ومَشى عارِيًا حافِيًا. ٣فقالَ الرَّبّ: «كما مَشى عَبْدي أَشَعْيا عارِيًا حافِيًا ثَلاثَ سَنَوات، فكانَ آيَةً وعَلامَةً على مِصرَ وكوش، ٤كذٰلك يَسوقُ مَلِكُ أَشُّورَ أَسْرى مِصرَ ومَجلُوِّي كوش، الصِّبْيانَ والشُّيوخَ، عُراةً حُفاةً مَكْشوفَةً أَدْبارُهم، عَورَةَ مِصْر، ٥فيَفزَعونَ ويَخزَونَ بِكوشَ رَجائِهم وبِمِصرَ فَخرِهم، ٦ويَقولُ سُكَّانُ هٰذا السَّاحِلِ في ذٰلك اليَوم: «هٰذا ما آلَ إِلَيه رَجاؤُنا الَّذي ٱلتَجَأنا إِلَيه لِلنَّجدَة، لِنَنجُوَ مِن مَلِكِ أَشُّور. فكَيفَ نُفلِتُ نَحنُ؟».

أشعيا ٢١

سقوط بابل

١قَولٌ على بَرِّيَّةِ البَحْر

كما تَمُرُّ الزَّوابِعُ في الجَنوب

كذٰلك يأتي مِنَ البَرِّيَّة، مِن أَرضٍ مُخيفة.

٢كُشِفَت لي رُؤيا قاسِيَة:

«الخائِنُ يَخونُ والمُدَمِّرُ يُدَمِّر.

إِصعَدي يا عَيلام، حاصِري يا ميدِيا».

إِنِّي سَكَّنتُ كُلَّ نُواحٍ مِنها.

٣فلِذٰلك ٱمْتَلأَت كُلْيَتايَ أَلَمًا

وأَخَذَني المَخاضُ كمَخاضِ الَّتي تَلِد.

أُرهِقتُ حتَّى إِنِّي لا أَسمَع

وٱرتَعتُ حتَّى إِنِّي لا أُبصِر.

٤ضَلَّ قَلْبي وٱعتَراني الِٱرتِعاش

فصارَ الشَّفَقُ الَّذي أَتوقُ إِلَيه رُعبًا.

٥ها إِنَّ المائِدَةَ تُعَدّ والبُسُطَ تُفرَش

وهم يأكُلونَ ويَشرَبون.

قوموا أَيُّها الرُّؤَساءُ وٱمسَحوا التُّروس

٦فإِنَّه هٰكذا قالَ لِيَ السَّيِّد:

«إِذْهَبْ فأَقِمِ الرَّقيبَ وليُخبِرْ بِما جَرى.

٧فيَرى رَكْبًا، أَزْواجَ فُرْسان

رُكَّابَ حَميرٍ ورُكَّابَ جِمال

فيُصْغي إِصْغاءً شَديدًا».

٨ثُمَّ يَصرُخُ الرَّقيب:

«إِنِّي قائِمٌ على المَرصَدِ دائمًا في النَّهار

وواقِفٌ على المَحرَسِ طولَ اللَّيالي

٩فإِذا بِرَكْبٍ مِنَ الرِّجال

وأَزْواجِ فُرْسانٍ قد أَقبَلوا».

ثُمَّ عادَ وقال: «سَقَطَت سَقَطَت بابِل

وحُطِّمَت إِلى الأَرضِ جَميعُ مَنْحوتاتِ آلِهَتِها».

١٠يا مَن دُستُه، يا ٱبنَ بَيدَري

إِنَّ الَّذي سَمِعتُه

مِن رَبِّ القُوَّاتِ إِلٰهِ إِسْرائيل

قد أَخبَرتُكم بِه.

على أدوم

١١قَولٌ على دومة:

يُصرَخُ إِلَيَّ مِن سِعير:

«يا حارِس، ما الوَقتُ مِنَ اللَّيل؟

يا حارِس، ما الوَقتُ مِنَ اللَّيل؟»

١٢فقالَ الحارس:

«الصَّباحُ آتٍ واللَّيلُ أَيضًا

إِن سأَلتُم فٱسأَلوا. إِرجِعوا تَعالَوا».

على العرب

١٣قَولٌ على العَرَبَة:

في الغابَةِ في العَرَبَةِ تَبيتون

يا قَوافِلَ الدَّدانِيِّين.

١٤هاتوا الماءَ لِلِقاءِ العَطْشان

يا سُكَّانَ أَرضِ تَيماء.

إِستَقبِلوا الهارِبَ بِالخُبْز

١٥فإِنَّهم قد هَرَبوا مِن أَمامِ السُّيوف

مِن أَمامِ السَّيفِ المَسْلول

والقَوسِ المَشْدودةِ وشِدَّةِ القِتال.

١٦لِأَنَّه هٰكذا قالَ لِيَ السَّيِّد: «بَعدَ سَنَةٍ كسِني الأَجير، يَفْنى كُلُّ مَجدِ قيدار، ١٧وباقي عَدَدِ أَصْحابِ القِسِيِّ مِن أَبْطالِ بَني قيدار يُصبِحُ شَيئًا قَليلًا، لِأَنَّ الرَّبَّ إِلٰهَ إِسْرائيلَ قد تَكَلَّم».

أشعيا ٢٢

على أورشليم

١قَولٌ على وادي الرُّؤيا:

ما لَكِ قد صَعِدتِ كُلُّكِ إِلى السُّطوح؟

٢أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ جَلَبَةً

المَدينَةُ العَجَّاجَةُ البَلدَةُ المُبتَهِجَة.

لَيسَ قَتْلاكِ قَتْلى السَّيف

ولا مَوتى القِتال.

٣جَميعُ قُوَّادِكِ هَرَبوا مَعًا

وأُسِروا دونَ أَن يَرموا بِالقَوس

وأُسِرَ مَعًا كُلُّ مَن وُجِدوا

وهم مُنهَزِمونَ بَعيدًا.

٤فلِذٰلك قُلت: «تَحَوَّلوا عنِّي

فأَبكِيَ بُكاءً مُرًّا.

لا تُلِحُّوا في تَعزِيَتي

عن دَمارِ بِنتِ شَعْبي».

٥هُوَذا يَومُ هَزيمةٍ وٱنسِحاقٍ وبَلبَلَة

مِن لَدُنِ رَبِّ القُوَّات.

في وادي الرُّؤيا قُوِّضَتِ الأَسْوار

وصُرِخَ إِلى الجِبال.

٦إِنَّ عَيلامَ قد حَمَلَ الجَعبَة

في مَركباتٍ بِرِجالٍ وفُرْسان

وجَرَّدَ قيرٌ التُّروس.

٧فنُخبَةُ أَودِيَتِكَ مَلْأى بِالمَركَبات

والفُرسانُ مُصطَفُّون أَمامَ الباب.

٨قد رُفِعَت حِمايةُ يَهوذا.

في ذٰلك اليَومِ ٱلتَفَتِّ

إِلى سِلاحِ بَيتِ الغابة

٩ورأَيتُم ثُلَمَ مَدينَةِ داوُدَ قد تَكاثَرَت

وجَمَعتُم مِياهَ البِركَةِ السُّفْلى

١٠وعَدَدتُم بُيوتَ أُورَشَليم

وهَدَمتُمُ البُيوتَ لِتَحْصينِ السُّور

١١وصَنَعتُم بُحَيرةً بَينَ السُّورَين

لِمِياهِ البِركَةِ العَتيقة

ولم تَلتَفِتوا إِلى الَّذي فَعَلَ ذٰلك

ولا نَظَرتُم إِلى الَّذي كَوَّنَه مِن زَمَنٍ بَعيد.

١٢في ذٰلك اليَومِ دَعا السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات

إِلى البُكاءِ والنَّحيب

وحَلْقِ الشَّعَرِ والتَحَزُّمِ بِالمِسْح.

١٣وإِذا بِالفَرَحِ والسُّرور

وذَبحِ البَقَرِ ونَحرِ الغَنَم

وأَكْلِ اللَّحمِ وشُربِ الخَمْر:

«لِنَأكُلْ ونَشرَبْ فإِنَّنا غَدًا نَموت».

١٤فأَوحى إِلى أُذُني رَبُّ القُوَّات:

«لن يُكَفَّرَ عنكم هٰذا الإِثمُ حتَّى تَموتوا»

يَقولُ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات.

على شَبْنا

١٥هٰكذا قالَ السَّيِّدُ رَبُّ القُوَّات:

إِذهَبْ فٱدخُلْ إِلى ذٰلك الوَكيل

إِلى شَبْنا قَيِّمِ البَيت

١٦وقُلْ: «ما لَكَ هُنا ومَن لَكَ هنا

حتَّى نَحَتَّ لَكَ قَبرًا هُنا؟»

أَيُّها النَّاحِتُ لَه قَبرًا رَفيعًا

الحافِرُ في الصَّخرِ مَسكِنًا لَه

١٧هُوَذا الرَّبُّ، يا رَجُلُ، يَقذِفُ بِكَ قَذفًا

ويَقبِضُ علَيكَ قَبضًا.

١٨يُدَحرِجُكَ دَحرَجَةَ الكُرَة

إِلى أَرضٍ واسِعَةِ الأَطْراف.

هُناكَ تَموتُ وهُناكَ تَكونُ مَركَباتُ مَجدِكَ

يا عارَ بَيتِ سَيِّدِكَ

١٩وأَطرُدُكَ عن مَنصِبِكَ

وعن مَقامِكَ تُخلَع.

٢٠وفي ذٰلك اليَومِ

أَدْعو عَبْدي أَلْياقيمَ بنَ حِلقِيَّا

٢١وأُلبِسُه حُلَّتَكَ وأَشُدُّهُ بِزُنَّارِكَ

وأَجعَلُ سُلْطانَكَ في يَدِه

فيَكونُ أَبًا لِساكني أُورَشَليمَ ولِبَيتِ يَهوذا

٢٢وأَجعَلُ مِفْتاحَ بَيتِ داوُدَ على كَتِفِه

يَفتَحُ فلا يُغلِقُ أَحَد

ويُغلِقُ فلا يَفتَحُ أَحَد.

٢٣وأَغرِسُه وَتِدًا في مَكانٍ مَتين

فيَكونُ عَرشَ مَجدٍ لِبَيتِ أَبيه

٢٤ويُعَلِّقونَ عليه كُلَّ مَجدِ بَيتِ أَبيه، الأَبْناءَ والأَحْفادَ وجَميعَ الآنِيَةِ الصَّغيرة، مِن آنِيَةِ الكُؤُوسِ إِلى جَميعِ آنِيَةِ الجِرار. ٢٥في ذٰلك اليَوم، يَقولُ رَبُّ القُوَّات، يُنزَعُ الوَتِدُ المَغْروسُ في المَكانِ المَتين، ويَنكَسِرُ ويَسقُط، فيُبادُ الحِملُ الَّذي علَيه، لِأَنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّم.

أشعيا ٢٣

على صور

١قَولٌ على صور:

وَلوِلي يا سُفُنَ تَرْشيش

فقَد دُمِّرَت صورُ حتَّى لم يَبْقَ بَيتٌ

عِندَ وُصولِهِم مِن أَرضِ كِتِّيمَ.

أُخبِروا بِذٰلك.

٢يا تُجَّارَ صَيدونَ ويا سُكَّانَ الجَزيرة.

الَّذينَ عَبَرَ رُسُلُهمُ البِحارَ، دَهِشوا

٣وكانَت غَلَّتُها زَرعَ شيحور

وحَصادَ النِّيلِ على مِياهٍ غَزيرة

وكانَت هي مَتجَرَةَ الأُمَم.

٤إِخزَي يا صَيدون

فإِنَّ البَحرَ (حِصنَ البَحرِ)

قد تَكَلَّمَ قائلًا:

«إِنِّي لم أَحبَلْ ولَم أَلِدْ

ولم أُرَبِّ فِتْيانًا ولم أُكَبِّرْ فَتَيات».

٥عِندَ سَماعِ مِصرَ بِالخَبَرِ يَرْتاعون

عِندَ سَماعِهم بِخَبَرِ صور.

٦أُعبُروا إِلى تَرْشيش

وَلوِلوا يا سُكَّانَ الجَزيرة.

٧أَهٰذه مَدينَتُكمُ المُبتَهِجَة

الَّتي تَرْقى إِلى الأَيَّامِ الأُولى

ورِجْلاها تَنقُلانِها إِلى سُكْنًى بَعيدة؟

٨مَن قَضى ذٰلك على صورَ

الَّتي تُتَوِّجُ المُلوك

وتُجَّارُها أُمَراء

ومُتاجِروها كِرامُ الأَرْض؟

٩رَبُّ القُوَّاتِ هو قَضى ذٰلك

لِيُذِلَّ كِبرِياءَ كُلِّ بَهاء

ويُهينَ كِرامَ الأَرْض.

١٠فيضي في أَرضِكِ كالنِّيل

يا بِنتَ تَرْشيش

فلا مانِعَ بَعدَ اليَوم.

١١مَدَّ يَدَه على البَحرِ وزَعزَعَ المَمالِك.

أَمَرَ الرَّبُّ على كَنْعانَ بِتَدْميرِ حُصونِها

١٢وقال: لا تَعودينَ تَفتَخِرين

أَيَّتُها العَذْراءُ المَهْتوكَة، بِنتُ صَيدون.

قومي فٱعبُري إِلى كِتِّيم

هُناكَ أَيضًا لا راحةَ لكِ.

١٣ها هي ذي أَرضُ الكَلْدانِيِّين

الشَّعبِ الَّذي لم يَكُنْ

فأَسَّسَها أَشُّورُ لوُحوشِ القِفار.

قد أَقاموا بُروجَهم

دَمَّروا قُصورَها فجُعِلَت خَرابًا.

١٤وَلولي يا سُفُنَ تَرْشيش

فإِنَّ حِصنَكم قد دُمِّر.

١٥وفي ذٰلك اليَوم، تُنْسى صورُ سَبْعينَ سَنَةً

كأَيَّامِ مَلِكٍ واحِد، وبَعدَ السَّبْعينَ سَنَةً يَكونُ لِصورَ مِثلُ أُغنِيَّةِ الزَّانِيَة:

١٦«خُذي الكِنَّارةَ وطوفي في المَدينة

أَيَّتُها الزَّانِيَةُ المَنسِيَّة.

أَحسِني العَزْفَ، أَكثِري الغِناء

لِكَي تُذكَري».

١٧وبَعدَ السَّبْعينَ سَنَةً، يَفتَقِدُ الرَّبُّ صور، فتَعودُ إِلى أُجورِها فتَزْني مع جَميعِ مَمَالِكِ العالَمِ على وَجهِ الأَرض، ١٨وتَصيرُ تِجارَتُها وأُجورُها قُدسًا لِلرَّبّ، لا تُخَزَّنُ ولا تُدَّخَر، لِأَنَّ تِجارَتَها تَكونُ لِلسَّاكِنينَ أَمامَ الرَّبّ، لِيَأكلوا ويَشبَعوا ويَلبَسوا الثِّيابَ الفاخِرة.

أشعيا ٢٤

٤. الرؤيا

دينونة الربّ

١ها إِنَّ الرَّبَّ يُخَرِّبُ الأَرضَ ويُدَمِّرُها

ويَقلِبُ وَجهَها ويُبَدِّدُ سُكَّانَها

٢فيَكونُ الكاهِنُ كالشَّعْب

والسَّيِّدُ كالعَبْدِ والسَّيِّدَةُ كخادِمَتِها

والبائِعُ كالشَّاري

والمُقتَرِضُ كالمُقرِض

والدَّائِنُ كالمَدْيون.

٣تُخَرَّبُ الأَرضُ تَخْريبًا وتُسلَبُ سَلْبًا

لِأَنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّمَ بِذٰلك الكَلام.

٤ناحَتِ الأَرضُ وبَلِيَت

وذَبُلَتِ الدُّنْيا وبَلِيَت.

ذَبُلَت نُخبَةُ شَعبِ الأَرض.

٥تَدَنَّسَتِ الأَرضُ تَحتَ سُكَّانِها

لِأَنَّهم تَعَدَّوا الشَّرائِع

ونَقَضوا الحُكمَ ونَكَثوا العَهدَ الأَبَدِيّ.

٦فلِذٰلك أَكَلَتِ اللَّعنَةُ الأَرض

وعوقِبَ السَّاكِنونَ فيها

ولِذٰلك ٱحتَرَقَ سُكَّانُ الأَرض

فبَقِيَ نَفَرٌ قَليل.

نوح على المدينة المدمّرة

٧ناحَ النَّبيذُ وذَبُلَ الكَرْم

وتَنَهَّدَ جَميعُ فَرِحي القُلوب.

٨بَطَلَ طَرَبُ الدُّفوف

وانتَهَتْ جَلَبَةُ المُبتَهِجين

وبَطَلَ طَرَبُ الكِنَّارة.

٩لا تُشرَبُ الخَمرُ على الغِناء

وأَصبَحَ المُسكِرُ مُرًّا لِشارِبيه.

١٠حُطِّمَت مَدينَةُ الباطِل

وأُغلِقَ كُلُّ بَيتٍ عنِ الدُّخول.

١١يُصرَخُ في الشَّوارِعِ لِطَلَبِ الخَمْر

فقَد غابَ كُلُّ فَرَحٍ وٱنتَفى طَرَبُ الأَرض.

١٢بَقِيَ الدَّمارُ في المَدينة

وحُطِّمَ البابُ رَدْمًا

١٣لِأَنَّه هٰكذا يَكونُ في وَسَطِ الأَرضِ

بَينَ الشُّعوب

كما إِذا نُفِضَت زَيتونة

وكالخُصاصَةِ إِذا تَمَّ القِطاف.

١٤هٰؤُلاءِ يَرفَعونَ أَصْواتَهم بِالهُتاف

لَدى عَظَمَةِ الرَّبِّ يَهتِفونَ مِنَ الغَرْب:

١٥«فلِذٰلك في الأَنْوارِ مَجِّدوا الرَّبّ

في جُزُرِ البَحرِ، ٱسمَ الرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرائيل».

١٦مِن أَطْرافِ الأَرضِ سَمِعْنا تَسابيح:

«الفَخرُ لِلبارّ».

المعارك الأخيرة

فقُلتُ: «تَبًّا لي تَبًّا، وَيلٌ لي».

الخَوَنَةُ يَخونون، الخَوَنَةُ يَخونونَ خِيانَةً.

١٧الرُّعبُ والحُفرَةُ والفَخُّ

علَيكَ يا ساكِنَ الأَرض

١٨فالهارِبُ مِن صَوتِ الرُّعبِ يَسقُطُ في الحُفرَة

والصَّاعِدُ مِنَ الحُفرَةِ يُؤخَذُ بِالفَخّ

لِأَنَّ نَوافِذَ العَلاءِ قد تَفَتَّحت

وأُسُسَ الأَرضِ قد تَزَلزَلَت.

١٩رُضَّتِ الأَرضُ رَضًّا

وٱهتَزَّتِ الأَرضُ ٱهتِزازًا

وتَزَعزَعَتِ الأَرضُ تَزَعزُعًا.

٢٠تَرَنَّحَت كما يَتَرَنَّحُ السَّكْران

وٱضطَرَبَت مِثلَ الكوخ.

ثَقُلَت علَيها مَعصِيَتُها

فسَقَطَت ولا تَعودُ تَقوم

٢١وفي ذٰلك اليَومِ يَفتَقِدُ الرَّبُّ

جُندَ العَلاءِ في العَلاء

ومُلوكَ الأَرضِ على الأَرض

٢٢فيُجمَعونَ كما يُجمَعُ الأَسْرى في الجُبّ

ويُغلَقُ علَيهم في السِّجن

وبَعدَ أَيَّامٍ كَثيرةٍ يُفتَقَدون.

٢٣فيَخجَلُ القَمَرُ وتَخْزى الشَّمْس

لِأَنَّ رَبَّ القُوَّاتِ يَملِكُ في جَبَلِ صِهْيون وفي أُورشَليم

ومَجدَه أَمامَ شُيوخِه.

أشعيا ٢٥

نشيد شكر

١أَيُّها الرَّبُّ أَنتَ إِلٰهي

أُعَظِّمُكَ وأَحمَدُ ٱسمَكَ

لِأَنَّكَ صَنَعتَ تَدابيرَ عَجيبة

هي مُنذُ القِدَمِ أَمانَةٌ وصِدْق.

٢جَعَلتَ مِنَ المَدينَةِ كَومةً

ومِنَ البَلدَةِ الحَصينَةِ خَرابًا.

قَصرُ الغُرَباءِ لم يَعُدْ مَدينة

فلا يُبْنى لِلأَبَد.

٣فلِذٰلك يُمَجِّدُكَ الشَّعبُ القَوِيّ

وتَتَّقيكَ مَدينَةُ الأُمَمِ المُخيفة

٤لِأَنَّكَ كُنتَ حِصنًا لِلضَّعيف

حِصْنًا لِلمِسْكينِ في ضيقِه

مُعتَصَمًا مِنَ السَّيلِ ظِلًّا مِنَ الحَرّ

فإِنَّ روحَ الظَّالِمينَ

كانَ كالسَّيلِ المُندَفِعِ على الحائِط.

٥كالحَرِّ في القَفْرِ

يَخفِضُ جَلَبَةَ الغُرَباء:

الحَرُّ في ظِلِّ الغَمام يَخِفّ

وغِناءُ الظَّالِمِينَ يَتَلاشى.

المأدبة الإلٰهيّة

٦وفي هٰذا الجَبَلِ سيَضَعُ رَبُّ القُوَّات

لِجَميعِ الشُّعوبِ مَأدُبَةَ مُسَمِّنات

مَأدُبَةَ خَمرَةٍ مُعَتَّقَة

مُسَمِّناتٍ ذاتِ مُخٍّ ونَبيذٍ مُرَوَّق.

٧ويُزيلُ مِن هٰذا الجَبَل

وَجهَ الغِطاءِ المُغَطِّي جَميعَ الشُّعوب

والحِجابِ المُحَجِّبِ جَميعَ الأُمَم

٨ويُزيلُ المَوتَ على الدَّوام

ويَمسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّموعَ

عن جَميعِ الوُجوه

ويَرفَعُ عارَ شَعبِه عن كُلِّ الأَرض

لِأَنَّ الرَّبَّ قد تَكَلَّم.

٩فيُقال في ذٰلك اليَوم: هُوَذا إِلٰهُنا

الَّذي ٱنتَظَرْناه وهو يُخَلِّصُنا

هُوَذا الرَّبُّ الَّذي ٱنتَظَرْناه

فلنَبتَهِجْ ونَفرَحْ بِخَلاصِه.

١٠لِأَنَّ يَدَ الرَّبِّ تَستَقِرُّ في هٰذا الجَبَل

ويُداسُ موآبُ تَحتَه

كما يُداسُ التِّبنُ في ماءِ الزِّبْل

١١ويَبسُطُ يَدَيه في الوَسَط

كما يَبسُطُها السَّابِحُ في سِباحَتِه

ويَحُطُّ الرَّبُّ كِبرِياءَه مع حَرَكاتِ يَدَيه.

١٢يَصرَعُ حَصينَ أَسوارِكَ المَنيعَةِ ويَخفِضُها

ويُلصِقُها بِالأَرضِ إِلى التُّراب.

أشعيا ٢٦

نشيد شكر

١في ذٰلك اليَومِ يُنشَدُ هٰذا النَّشيدُ في أَرضِ يَهوذا:

لَنا مَدينةٌ حَصينة

جَعَلَ لَنا خَلاصًا أَسْوارًا ومِترَسة.

٢إِفتَحوا الأَبْواب

ولْتَدخُلِ الأُمَّةُ البارَّةُ الحافِظَةُ لِلأَمانة.

٣إِنَّ عَزْمَها لَثابِت:

إِنَّكَ تَرْعاها بِالسَّلامِ السَّلام

لِأَنَّها علَيكَ تَوَكَّلَت.

٤تَوَكَّلوا على الرَّبِّ لِلأَبَد

فإِنَّ الرَّبَّ هو صَخرَةُ الدُّهور.

٥لقَد خَفَضَ السَّاكِنينَ في عَلاء

وحَطَّ المَدينَةَ المَنيعَة

حَطَّها إِلى الأَرضِ وأَلصَقَها بِالتُّراب

٦فتَدوسُها الأقْدام

قَدَما البائِسِ وخُطى الضُّعَفاء.

مزمور

٧سَبيلُ البارِّ ٱستِقامة

تَشُقُّ لِلبارِّ طَريقًا مُستَقيمة.

٨في سَبيلِ أَحْكامِكَ يا رَبُّ ٱنتَظَرْناك

إِلى ٱسمِكَ وذِكرِكَ ٱشتِياقُ النَّفْس.

٩نَفْسي في اللَّيلِ ٱشتاقَتْكَ

وروحي في داخِلي تَبتَكِرُ إِلَيكَ

لِأَنَّه حينَ تَكونُ أَحكامُكَ في الأَرض

يَتَعَلَّمُ البِرَّ سُكَّانُ المَسْكونة.

١٠إِن أُعفِيَ عنِ الشِّرِّيرِ مِن دونِ أَن يَتعَلَّمَ البِرّ

صَنَعَ الإِثْمَ في أَرضِ الِٱستِقامَة

ولَم يَرَ جَلالَ الرَّبّ.

١١أَيُّها الرَّبُّ، يَدُكَ مُرتَفِعةٌ وهم لا يَرَون

فلْيَرَوا غَيرَتَكَ على الشَّعبِ ولْيَخزَوا

ولْتَلتَهِمِ النَّارُ أَعْداءَكَ.

١٢يا رَبُّ، إِنَّكَ تُحِلُّ السَّلامَ لَنا

لِأَنَّ كُلَّ أَعْمالِنا أَنتَ تَعمَلُها لَنا.

١٣أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُنا، تَسَلَّطَ علَينا أَرْبابٌ سِواك

لٰكِنِ ٱسمَكَ وَحدَكَ سنَذكُر.

١٤الأَمْواتُ لا يَحْيونَ والأَشْباحُ لا يَقومون

فإِنَّكَ قد عاقَبتَهم ودَمَّرتَهم

وأَبَدتَ كُلَّ ذِكْرٍ لَهم.

١٥لٰكِنَّكَ أَنمَيتَ الأُمَّةَ يا رَبّ

أَنمَيتَ الأُمَّةَ وتَمَجَّدتَ.

أَبعَدتَ جَميعَ حُدودِ الأَرض.

١٦يا رَبُّ، إِنَّهم في ضيقِهِمِ ٱلتَمَسوكَ

سَكَبوا شَكْواهم عِندَ تَأديبِكَ لَهم.

١٧كَما أَنَّ الحُبْلى الَّتي قارَبَتِ الوِلادة

تَتَضَوَّرُ وتَصرُخُ في مَخاضِها

فهٰكذا كُنَّا أَمامَكَ يا رَبّ.

١٨حَبِلْنا وتَضَوَّرنا وكأَنَّنا وَلَدْنا ريحًا

فلَم نَجعَلْ خَلاصًا في الأَرض

ولم يولَدْ سُكَّانُ الدُّنْيا.

١٩ستَحْيا مَوتاكَ وتَقومُ جُثَثُهم

إِستَيقِظوا وهَلِّلوا يا سُكَّانَ التُّراب

فإِنَّ نَداكَ نَدى النُّور

وستَلِدُ الأَرضُ الأَشْباح.

مجيء الربّ

٢٠هَلُمَّ يا شَعْبي وٱدخُلْ مَخادِعَكَ

وأَغْلِقْ أَبْوابَكَ علَيك.

تَوارَ قَليلًا إِلى أَن يَجوزَ السُّخْط.

٢١فإِنَّه هُوَذا الرَّبُّ يَخرُجُ مِن مَكانِه

لِيُعاقِبَ إِثمَ سُكَّانِ الأَرض

فتَكشِفُ الأَرضُ عن دِمائِها

ولا تَعودُ تَستُرُ قَتْلاها.

أشعيا ٢٧

١في ذٰلك اليَومِ يُعاقِبُ الرَّبُّ

بِسَيفِه القاسي العَظيمِ الشَّديد

لَوِياثانَ الحَيَّةَ الهارِبة

ولَوِياثانَ الحَيَّةَ المُلتَوِية

ويَقتُلُ التِّنِّينَ الَّذي في البَحْر.

كرمة الربّ

٢في ذٰلك اليَومِ غَنُّوا لَها

لِلكَرمَةِ اللَّذيذة.

٣أَنا الرَّبُّ حارِسُها في كُلِّ لَحظَةٍ أَسْقيها

ولِئَلَّا يُساءَ إِلَيها أَحرُسُها لَيلًا ونَهارًا.

٤لا غَصَبَ فِيَّ

فمَن قاوَمَني بِالحَسَكِ والشَّوك

أَهجُمُ علَيهم بِالقِتالِ وأُحرِقُهم جَميعًا.

٥وإِلَّا فلِيَتَمَسَّكْ بِمَلجَإِي

ولْيَعْمَلْ مَعي سِلْمًا، ولْيُسالِمْني.

عفو وعقاب

٦وفيما بَعدُ يَتَأَصَّلُ يَعْقوب

ويَنبُتُ ويُزهِرُ إِسْرائيل

ويَملأُ وَجْهَ الدُّنْيا ثِمَارًا.

٧هل ضَرَبَه كما ضَرَبَ ضارِبَه

أَم قُتِلَ كما قُتِلَ قاتِلوه؟

٨حينَ طَرَدتَها وطَلَّقتَها حاكَمتَها.

طَرَدَها بِريحِه الشَّديدة

في يَومِ السَّموم.

٩فبِذٰلك يُكَفِّرُ عن إِثمِ يَعْقوب

وهٰذا ثَمَرُه كُلُّه: مَحوُ خَطيئَتِه

إِذ يَجعَلُ جَميعَ حِجارةِ المَذبَح

كحِجارَةِ الكِلْسِ المُفَتَّتة

إِذ لا تَقومُ الأَوتادُ المُقَدَّسة

ولا مَذابِحُ البَخور

١٠لِأَنَّ المَدينَةَ الحَصينَةَ تُعزَل

والمَسكِنَ يُنبَذُ ويُترَكُ كالقَفْر.

هُناكَ يَرْعى العِجْلُ

وهُناكَ يَربِضُ ويَقرِضُ أَغْصانَها.

١١ومتى يَبِسَت فُروعُها تُكَسَّر

وتَأتي النِّساءُ فتوقِدُها

لأَنَّه شَعبٌ لا فَهمَ لَه.

لِذٰلك لا يَرحَمُه صانِعُه

ولا يَرأَفُ بِه مُكَوِّنُه.

عودة بني إسرائيل

١٢وفي ذٰلك اليَومِ يَدوسُ الرَّبُّ قَمحَه

مِن مَجْرى النَّهرِ إِلى وادي مِصْر

وأَنتُم تُلقَطونَ واحِدًا فواحِدًا

يا بَني إِسْرائيل.

١٣وفي ذٰلك اليَومِ يُنفَخُ في بوقٍ عَظيم

ويَأتي الهالِكونَ في أَرضِ أَشُّور

والمَنفِيُّونَ في أَرضِ مِصرَ ويَسجُدونَ لِلرَّبّ

في جَبَلِ القُدْسِ في أُورَشَليم.

أشعيا ٢٨

٥. قصائد على إِسرائيل ويهوذا

على السّامرة

١وَيلٌ لِتاجِ كِبرِياءِ السَّكارى مِن أَفْرائيم

ولِلزَّهرَةِ الذَّاوِيَةِ، بَهاءِ فَخرِه

الَّتي على رَأسِ الوادي الخَصيب

وَيلٌ للمَصْروعينَ بِالخَمْر.

٢هُوَذا شَديدٌ قَوِيٌّ في خِدمَةِ السَّيِّد

كإِعْصارٍ ذي بَرَدٍ وزَوبَعَةٍ مُهلِكَة

كإِعْصارٍ ذي مِياهٍ غَزيرةٍ طاغِيَة

تَصرَعُ إِلى الأَرضِ صَرعًا عَنيفًا.

٣فتَدوسُه الأَقْدام

تاجُ كِبرِياءِ السُّكارى مِن أَفْرائيم

٤وتَكونُ الزَّهرَةُ الذَّاوِيَةُ، بَهاءُ فَخرِه

الَّتي على رَأسِ وادي السِّمان

كباكورَةِ التِّينِ قَبلَ الصَّيف

يَراها الرَّائي فيَبتَلِعُها وهي في يَدِه.

٥في ذٰلك اليَومِ يَكونُ رَبُّ القُوَّات

تاجَ بَهاءٍ وإِكليلَ فَخرٍ لِبَقِيَّةِ شَعبِه

٦وروحَ عَدلٍ لِمَن يَجلِسُ لِلقَضاء

وبَأسًا لِلَّذينَ يَرُدُّونَ القِتالَ إِلى الباب.

على الأنبياء الكذّابين

٧وهٰؤُلاءِ أَيضًا ضَلُّوا بِالخَمْر

وتاهوا بِالمُسكِر:

الكاهِنُ والنَّبِيُّ ضَلَّا بِالمُسكِر

وغَرِقا في الخَمْر.

تاها مِنَ المُسكِر وضَلَّا في الرُّؤيا

وتَرَنَّحا في ٱتِّخاذِ القَرار.

٨كُلُّ الموائِدِ ٱمتَلأَت مِنَ القَيءِ القَذِر

فلم يَبْقَ مَكان.

٩لِمَن تُرى يُعَلِّمُ العِلمَ ولِمَن يُلَقِّنُ البَلاغ؟ لِلْمَفْطومينَ عنِ اللَّبَن

لِلمَفْصولينَ عن الثُّديّ؟

١٠حينَ يَقول: وَصِيَّةٌ على وَصِيَّة

ثُمَّ وَصِيَّةٌ على وَصِيَّة

فَرضٌ على فَرْضٍ، ثُمَّ فَرضٌ على فَرْض

شَيءٌ مِن هُنا وشَيءٌ مِن هُناك.

١١إِنَّ الرَّبَّ سيُكَلِّمُ هٰذا الشَّعْبَ

بِشِفاهٍ تَتَلَعثَمُ ولِسانٍ غَريب.

١٢وهو الَّذي قالَ لَهم:

«هٰذه هي الرَّاحةُ فأَريحوا التَّعِب

وهٰذا هو مَكانٌ هادِئ»

فأَبَوا أَن يَسمَعوا.

١٣لِذٰلك سيَكونُ كَلامُ الرَّبِّ لَهم:

وَصِيَّةٌ على وَصِيَّةٍ، ثُمَّ وَصِيَّةٌ على وَصِيَّة

فَرضٌ على فَرْضٍ، ثُمَّ فَرضٌ على فَرْض

شَيءٌ مِن هُنا وشَيءٌ مِن هُناك

لِكَي يَذهَبوا ويَسقُطوا إِلى الوَراء

فيُحَطَّموا ويُصْطادوا فيُؤخَذوا.

العهد مع الموت وحجر الزاوية

١٤فٱسمَعوا كَلامَ الرَّبِّ أَيُّها النَّاسُ السَّاخِرون

المُتَسَلِّطونَ على هٰذا الشَّعْبِ الَّذي في أُورَشَليم.

١٥قُلتُم: «قد قَطَعْنا عَهدًا مع المَوت

وعَقَدنا حِلفًا مع مَثْوى الأَمْوات

فالسَّوطُ الطَّاغي إِذا عَبَرَ لا يَغْشانا

لِأَنَّنا جَعَلْنا الكَذِبَ مَلجَأً لَنا

وٱستَتَرنا بِالبُهْتان».

١٦لِذٰلك قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ:

ها إِنِّي واضِعٌ حَجَرًا في صِهْيون

حَجَرًا مُمتَحِنًا، رَأسَ زاوِيَةٍ كَريمًا

أَساسًا مُحكَمًا

مَن آمَنَ بِه لَن يَتَزَعزَع.

١٧وأَجعَلُ مِنَ الحَقِّ حَبْلًا لِلقِياس

ومِن البِرِّ مِقياسَ التَّسوِيَة.

أَمَّا مَلجَأُ الكَذِبِ فيَجرُفُه البَرَد

وتَطْفو المِياهُ على مَأْواه.

١٨وعَهدُكم مع المَوتِ يُلْغى

وحِلفُكم مع مَثْوى الأَمْواتِ لا يقوم

فالسَّوطُ الطَّاغي إِذا عَبَرَ يَدوسُكم.

١٩إِذا عَبَرَ يَأخُذُكم لِأَنَّه

يَعبُرُ صَباحًا فَصباحًا نَهارًا ولَيلًا

وتَلْقينُ البَلاغِ وَحدَه يُخيف.

٢٠فالمَضجَعُ يَقصُرُ عنِ المُمتَدِّ علَيه

والغِطاءُ يَضيقُ عنِ المُلتَفِّ بِه

٢١لِأَنَّه كما فَعَلَ في جَبَلِ فَراصيمَ يَقومُ الرَّبّ

وكما فَعَلَ في وادي جِبْعونَ يَغضَب

فيَعمَلُ عَمَلَه، عَمَلَه الغَريب

ويَفعَلُ فِعلَه، فِعلَه الخَفِيّ.

٢٢فلا تَكونوا الآنَ مِنَ السَّاخِرين

لِئَلَّا تتَشَدَّدَ قُيودُكم

فإِنِّي سَمِعتُ بِحُكمٍ مُبرَم

مِن لَدُنِ السَّيِّدِ رَبِّ القُوَّات

على الأَرضِ كُلِّها.

مَثَل

٢٣أَصْغوا وٱسمَعوا صَوتي

إِنتَبِهوا وٱسمَعوا قَولي.

٢٤أَكُلَّ يَومٍ يَحرُثُ الحارِثُ لِيَزرَع

ويَنقُبُ ويُمَشِّطُ أَرضَه؟

٢٥أَلَيسَ إِذا سَوَّى وَجهَها

يَبذُرُ الشُّونيزَ ويَذُرُّ الكَمُّون

ويُلْقي الحِنطَةَ والدُّخنَ والشَّعير

في مكانٍ مُحَدَّدٍ والعَلَسَ في طَرَفِه؟

٢٦إِلٰهُه عَلَّمَه هٰذه الطَّريقة ولَقَّنَه إِيَّاها.

٢٧فالشُّونيزُ لا يُدرَسُ بِالنَّورَج

ولا تُدارُ بكَرةُ العَجَلَةِ على الكَمُّون

بل بِالعَصا يُخبَط

والكَمُّونُ بِالقَضيب.

٢٨تُضرَبُ الحِنطَةُ ولٰكِن لا تُداسُ دَوسًا

ويُحَرَّكُ علَيه دَولابُ العَجَلَةِ بِخَيلِها

ولا تُسحَق

٢٩هٰذا أَيضًا خَرَجَ مِن عِندِ رَبِّ القُوَّات

وهو عَجيبُ المَشورَةِ عَظيمُ المَهارة.

أشعيا ٢٩

على أورشليم

١وَيلٌ لِأَريئيلَ أَريئيل

المَدينَةِ الَّتي خَيَّمَ داوُدُ فيها.

زيدوا سَنَةً على سَنَة

ولْتَدُرِ الأَعْياد.

٢إِنِّي أُضَيِّقُ على أَريئيل

فيَكونُ تَنَهُّدٌ ونَحيب

لٰكِنَّها تَكونُ لي كأَريئيل.

٣وأُخَيِّمُ علَيكِ مُحيطًا بِكِ

وأُضَيِّقُ عَليكِ بِالمَحارِس

وأُقيمُ علَيكِ بُروجًا

٤فتُحَطِّينَ وتَتَكَلَّمينَ مِنَ الأَرض

ومِن أَسفَلِ التُّرابِ تَنطِقينَ

ويَكونُ صَوتُكِ

كصَوتِ الرُّوحِ الآتي مِنَ الأَرض

وكَلامُكِ كهَمْسٍ مِنَ التُّراب.

٥ويَكونُ جُمْهورُ غُرَبائِكِ كالغُبارِ الدَّقيق

وجُمْهورُ ظالِمِيكِ كالعُصافةِ العابِرَة.

ويَكونُ على الفَورِ بَغتَةً

٦ٱفتِقادُ رَبِّ القُوَّات

بِرَعدٍ وزَلْزالٍ وصَوتٍ عَظيم

مع زَوبَعةٍ وعاصِفَةٍ ولَهيبِ نارٍ آكِلَة.

٧فيَكونُ كالحُلمِ كرُؤيا اللَّيل

جُمْهورُ جَميعِ الأُمَمِ المُقاتِلَةِ لِأَريئيل

وجَميعِ الَّذينَ يُحارِبونَها مع بُروجِ الحِصار ويُضَيِّقونَ علَيها.

٨وكما أَنَّ الجَوعانَ يَحلُمُ أَنَّه آكِل

ثُمَّ يَستَيقِظُ وحَلقُه خاوٍ

وكما أنَّ العَطْشانَ يَحلُمُ أَنَّه شارِب

ثُمَّ يَستَيقِظُ وإِذا هو مُنهَكٌ وحَلقُه ظامِئ

كذٰلك يَكونُ جُمْهورُ جَميعِ الأُمَمِ

الَّتي تُقاتِلُ جَبَلَ صِهْيون.

٩تَوالَوا ودَهِشوا، تَعامَوا وٱعمَوا.

قد سَكِروا ولَيسَ مِنَ الخَمْر

وتَرَنَّحوا ولَيسَ مِنَ المُسكِر.

١٠فإِنَّ الرَّبَّ قد سَكَبَ علَيكم روحَ سُبات

وأَغمَضَ عُيونَكم (عُيونَ الأَنبِياء)

وحَجَبَ رُؤُوسَكم (رُؤُوسَ الرَّائين).

١١فصارَت لَكم جَميعُ الرُّؤى كأَقوالِ كِتابٍ مَخْتومٍ يُناوِلونَه لِمَن يَعرِفُ القِراءَةَ قائلين: «إِقرأ هٰذا»، فيَقول: «لا أَستَطيع، لِأَنَّه مَخْتوم». ١٢ثُمَّ يُناوَلُ الكِتابُ لِمَن لا يَعرِفُ القِراءَة، ويُقالُ لَه: «إِقرَأ هٰذا»، فيَقول: «لا أَعرِفُ القِراءَة».

قول نبويّ

١٣فقالَ السَّيِّد:

بِما أَنَّ هٰذا الشَّعبَ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِفَمِه

ويُكرِمُني بِشَفَتَيه وقَلبُه بَعيدٌ مِنِّي

وبِما أَنَّ مَخافَتَه لي وَصِيَّةُ بَشَرٍ تَعَلَّمَها

١٤لِذٰلك هاءَنَذا أَعودُ فأَصنَعُ

بِهٰذا الشَّعبِ عَجَبًا عُجابًا

فحِكمَةُ حُكَمائِه تَزول

وعَقْلُ عُقَلائِه يَحتَجِب.

إنتصار الحقّ

١٥وَيلٌ لِلَّذينَ يَكتُمونَ في الأَعْماق

عنِ الرَّبِّ مَشورَتَهم

فأَعْمالُهم في الظَّلامِ وهم يَقولون:

«مَن يَرانا ومَن يَعلَمُ بنا؟»

١٦يا لَعِوَجِكم! أَيُحسَبُ الجابِلُ كالطِّين

حتَّى يَقولَ المَصْنوعُ في صانِعِه:

«لم يَصنَعْني»

ويقولَ المَجْبولُ في جابِلِه:

«لا عَقلَ لَه؟»

١٧أَلَيسَ عَمَّا قَليلٍ يَتَحَوَّلُ لُبْنانُ جَنَّةً

والجَنَّةُ تُحسَبُ غابًا؟

١٨وفي ذٰلك اليَومِ يَسمَعُ الصُّمُّ أَقْوالَ الكِتاب

وتُبصِرُ عُيونُ العُمْيانِ بَعدَ الدَّيجورِ والظَّلام

١٩ويَزْدادُ البائِسونَ سُرورًا بِالرَّبّ

ويَبتَهِجُ المَساكينُ مِنَ البَشَرِ بِقُدُّوسِ إِسْرائيل

٢٠لِأَنَّ الظَّالِمَ قدِ ٱنقَرَض

والسَّاخِرَ قد فَنِيَ

وٱستُؤصِلَ جَميعُ الَّذينَ يَسهَرونَ لِأَجلِ الإِثْم

٢١الَّذينَ يُجَرِّمونَ الإِنْسانَ بِسَبَبِ كَلِمَة

ويَنصِبونَ الفَخَّ لِمَن يَحكُمُ عِندَ الباب

ويَستَميلونَ البارَّ بِأَباطيلِهم.

٢٢لِذٰلك هٰكذا قالَ لِبَيتِ يَعْقوب

الرَّبُّ الَّذي ٱفتَدى إِبْراهيم:

إِنَّ يَعْقوبَ بَعدَ الآنَ لا يَخْزى

ولا يَصفَرُّ وَجهُه

٢٣ولٰكِن مَتى رَأَى أَولادَه

الَّذينَ هم أَعْمالُ يَدي في وَسَطِه

فإِنَّهم يُقَدِّسونَ ٱسْمي

ويُقَدِّسونَ قُدُّوسَ يَعْقوب

ويَخشَونَ إِلٰهَ إِسْرائيل

٢٤والضَّالُّونَ بِالرُّوحِ يَعلَمونَ الفِطنَة

والمُتَذَمِّرونَ يَتَلَقَّنونَ التَّعْليم.

أشعيا ٣٠

على الطالبين حماية مصر

١وَيلٌ لِلبَنينَ العاصين، يَقولُ الرَّبّ

الَّذينَ يُقيمونَ مَشْروعًا لَيسَ مِنِّي

ويَقطَعونَ عَهدًا لَيسَ مِن روحي

لِيَزيدوا خَطيئَةً على خَطيئَة

٢الَّذينَ يَنطَلِقونَ نازِلينَ إِلى مِصْر

ولم يَسأَلوا فَمي

لِكَي يَحتَموا بِحِمايَةِ فِرعَون

ويَعتَصِموا بِظِلِّ مِصْر.

٣ستَكونُ لَكم حِمايَةُ فِرعَونَ خِزيًا

والِٱعتِصامُ بِظِلِّ مِصرَ عارًا.

٤لِأَنَّ رُؤَساءَه قد ذَهَبوا إِلى صوعَن

وبَلَغَ رُسُلُه إِلى حانيس

٥فلَقوا جَميعُهم الخِزْيَ

عِندَ شَعبٍ لا يَنفَعُهم

لا عَونَ مِنه ولا مَنفَعَة

إِنَّما مِنه الخِزيُ والخَجَل.

قول على طالبي حماية مصر

٦قَولٌ على بَهائِمِ النَّقَب:

في أَرضِ الشِّدَّةِ والضِّيق

الَّتي مِنها اللَّبُؤَةُ والأَسَد

والأَفْعى والتِّنِّينُ الطَّيَّار

يَحمِلونَ أَمْوالَهم على ظُهورِ الجِحاش

وكُنوزَهم على أَسنِمَةِ الجِمال

إِلى شَعبٍ لا يَنفَعُهم.

٧فإِنَّ مِصرَ نُصرَتُها باطِلٌ وعَبَث

لِذٰلك دَعَوتُها رَهَبَ الرَّاكِدَة.

وصيّة

٨فهَلُمَّ الآنَ وٱكتُبْ ذٰلك على لَوحٍ أَمامَهم وٱرسُمْه في سِفْر

لِيَكونَ لِليَومِ الأَخير

دائمًا ولِلأَبَد

٩لِأَنَّ هٰذا الشَّعبَ مَرَدَةٌ، بَنونَ كَذَبَة

يأبَون أَن يَسمَعوا تَعليمَ الرَّبّ

١٠يَقولونَ لِلرَّائينَ: «لا تَرَوا»

ولِلأَنْبِياءِ: «لا تَرَوا لنا ما هو حَقّ

بل كَلِّمونا كَلامًا مَلِقًا

وٱنظُروا أَوهامًا.

١١حيدوا عنِ الطَّريق، ميلوا عنِ السَّبيل

أَبعِدوا مِن أَمامِنا قُدُّوسَ إِسْرائيل».

١٢لِذٰلك هٰكذا قالَ قُدُّوسُ إِسْرائيل:

بِما أَنَّكم نَبَذتُم هٰذه الكَلِمة

وتَوَكَّلتُم على الظُّلمِ والِٱلتِواء

وٱعتَمَدتُم علَيهما.

١٣لِذٰلك يَكونُ هٰذا الإِثمُ لَكم

كصَدْعٍ يَحصُلُ فيَتَضَخَّمُ في سورٍ عالٍ

فيَحدُثُ ٱنهِدامُه بَغتَةً على الفَور

١٤فيَنهَدِمُ مِثلَ إِناءِ الخَزَّافين

الَّذي يُسحَقُ بِغَيرِ رِفْق

فلا يوجَدُ في مَسْحوقِه شَقَفَة

لِأَخذِ نارٍ مِنَ المَوقِد

أَو لِغَرفِ ماءٍ مِنَ الجُبّ.

١٥لِأَنَّه هٰكذا قالَ السَّيِّد

الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرائيل:

في التَّوبَةِ والرَّاحَةِ كانَ خَلاصُكم

وفي الطُّمَأنينَةِ والثِّقَةِ كانَت قُوَّتُكم

لٰكِنَّكم لم تَشاءُوا

١٦وقُلتُم: «لا بل على الخَيلِ نَهرُب»

فلِذٰلك تَهرُبون

«وعلى الجِيادِ نَركَب»

فلِذٰلك يُسرِعُ مُطارِدوكم.

١٧أَلفٌ مَعًا تُجاهَ تَهْديدِ واحِد

وتُجاهَ تَهْديدِ خَمسَةٍ تَهرُبون

حتَّى تُترَكوا كسارِيَةٍ على رَأسِ الجَبَل

وكرايَةٍ على التَّلَّة.

غفران الله

١٨لِذٰلك يَنتَظِرُ الرَّبُّ لِيَرحَمَكم

ولِذٰلك يَتَعالى لِيَرأَفَ بِكم

لِأَنَّ الرَّبَّ إِلٰهُ عَدْلٍ

لِجَميعِ الَّذينَ يَنتَظِرونَه.

١٩فيا شَعبَ صِهْيونَ السَّاكِنَ في أُورَشَليم

لا تَبكِ بُكاءً

بل يَرحَمُكَ رَحمةً عِندَ صَوتِ صُراخِكَ

حالَما يَسمَعُكَ يَستَجيبُ لَكَ.

٢٠فيُعْطيكمُ السَّيِّدُ خُبزَ الضِّيقِ وماءَ الشِّدَّة

ولا يَتَوارى مُعَلِّمُكَ بَعدَ اليَوم

بل تَرى عَيناكَ مُعَلِّمَكَ

٢١وأُذُناكَ تَسْمَعانِ كَلِمَةَ قائِلٍ مِن وَرائِكَ:

هٰذا هو الطَّريقُ فٱسلُكوه

إِذا يامَنتُم وإِذا ياسَرتُم

٢٢وتَستَنجِسونَ صَفائِحَ تَماثيلِكَ مِنَ الفِضَّة

وغِشاءَ مَسْبوكاتِكَ مِنَ الذَّهَب

وتُبَدِّدُها كفَرْزِ حَيض

وتَقولُ لَها: إِبتعِدي

٢٣ويَرزُقُ مَطَرَه لِزَرعِكَ الَّذي تَزرَعُ بِه الأَرْض

والخُبزُ الَّذي مِن غَلَّةِ الأَرْض

يَكونُ دَسِمًا سَمينًا.

وفي ذٰلك اليَومِ تَرْعى ماشِيَتُكَ

في مُروجٍ فَسيحة

٢٤والثِّيرانُ والجِحاشُ الَّتي تَحرُثُ الأَرض

تأكُلُ عَلَفًا مُمَلَّحًا

مُذَرًّا بِالرَّفْشِ والمِذْرى.

٢٥ويَكونُ على كُلِّ جَبَلٍ شامِخ

وكُلِّ تَلَّةٍ عالِيَة

سواقٍ وجَداوِلُ مِياه

يَومَ القَتْلِ العَظيمِ حينَ تَسقُطُ الأَبْراج.

٢٦ويَصيرُ نورُ القَمَرِ كنورِ الشَّمْس

ونورُ الشَّمْسِ يَصيرُ سَبعَةَ أَضْعاف

كنورِ سَبعَةِ أَيَّام

يَومَ يَجبُرُ الرَّبُّ كَسرَ شَعبِه

ويَشْفي جُرحَ ضَربَتِه.

على أشّور

٢٧هُوَذا ٱسمُ الرَّبِّ آتٍ مِن بَعيد

غَضَبُه مُضطَرِمٌ ووَعيده شَديد

وشَفَتاه مُمتَلِئتانِ سُخطًا

ولِسانُه كنارٍ آكِلَة

٢٨ونَفَسُه كسَيلٍ طاغٍ يَبلُغُ إِلى العُنُق

فيُغَربِلُ الأُمَمَ بِغِرْبالِ الدَّمار

ويَكونُ لِجامَ تَضْليلٍ في فُكوكِ الشُّعوب.

٢٩سيَكونُ لَكم نَشيدٌ كما في لَيلَةِ تَقْديسِ العيد

وفَرَحُ قَلبٍ كمَن يَسيرُ على صَوتِ المِزْمار

ذاهِبًا إِلى جَبَلِ الرَّبّ

إِلى صَخرِ إِسْرائيل.

٣٠وسيُسمِعُ الرَّبُّ جَلالَ صَوتِه

ويُري نُزولَ ذِراعِه

في سَورةِ غَضَبٍ ولَهيبِ نارٍ آكِلَة

وصاعِقَةٍ ووابِلٍ وحِجارَةِ بَرَد.

٣١لِأَنَّه مِن صَوتِ الرَّبِّ يَفزَعُ أَشُّور

وبِالقَضيبِ يُضرَب

٣٢وكُلُّ وَقَعاتِ العَصا المُعَدَّةِ لَه

الَّتي يُنزِلُها الرَّبُّ علَيه

تَكونُ بِالدُّفوفِ والكِنَّارات

ويُحارِبُه حُروبًا بِيَدٍ مَرْفوعة

٣٣لِأَنَّ توفَتَ مُعَدَّةٌ مِنَ الأَمسِ

مُهَيَّأَةٌ لِلمَلِكِ أَيضًا عَميقةٌ واسِعَة

مِلؤُها نارٌ وحَطَبٌ كَثير

ونَسَمَةُ الرَّبِّ كسَيلٍ مِن كِبْريتٍ تُضرِمُها.

أشعيا ٣١

على التحالف مع مصر

١وَيلٌ لِلنَّازِلينَ إِلى مِصرَ لِلٱستِنْصار

المُعتَمِدينَ على الخَيل

المُتَوَكِّلينَ على المَركَباتِ لِأَنَّها كثيرة

وعلى الفُرْسانِ لِأَنَّهم أَقوِياءُ جِدًّا

الَّذينَ لا يَلتَفِتونَ إِلى قُدُّوسِ إِسْرائيل

ولا يَلتَمِسونَ الرَّبّ.

٢هو أَيضًا حَكيمٌ فيَجلُبُ الشَّرّ

ولا يَرجِعُ عن كَلامِه

بل يَقومُ على بَيتِ الأَشْرار

وعلى نُصرَةِ فاعِلي الآثام.

٣إِنَّما مِصرُ بَشَرٌ لا إِلٰه

وخَيلُهم جَسَدٌ لا روح

فإِذا مَدَّ الرَّبُّ يَدَه عَثَرَ النَّاصِر

وسَقَطَ المَنْصورُ وفَنوا كُلُّهم مَعًا.

على أشّور

٤لِأَنَّه هٰكذا قالَ لِيَ الرَّبّ:

كما يَزأَرُ الأَسَدُ والشِّبلُ على فَريسَتِه

وإِذا تَنادى علَيه جَماعةٌ مِنَ الرُّعاة

لا يَفزَعُ مِن صَوتِهم ولا يَنثَني مِن جَلَبَتِهم

كذٰلك يَنزِلُ رَبُّ القُوَّات

لِلمُحارَبَةِ على جَبَلِ صِهْيون، على تَلَّتِه

٥وكالطُّيورِ الطَّائِرَة

يَحْمي رَبُّ القُوَّاتِ أُورَشَليم

يَحْمي فيُنقِذُ ويَعْفو فيُنَجِّي.

٦توبوا إِلى الَّذي تَمادى

بَنو إِسْرائيلَ في عِصْيانِهم لَه.

٧لِأَنَّه في ذٰلك اليَومِ يَنبِذُ كُلُّ واحِدٍ

أَوثانَه مِنَ الفِضَّة وأَوثانَه مِنَ الذَّهَب

الَّتي صَنَعَتها لَكم أَيديكمُ الخاطِئة

٨ويَسقُطُ أَشُّورُ بِسَيفٍ لا بِسَيفِ إِنْسان

ويَلتَهِمُه سَيفٌ لا سَيفُ إِنْسان

فيَهرُبُ مِنَ السَّيف

ويَكونُ شُبَّانُه لِلسُّخرَة

٩ويَهجُرُ صَخرَه مِنَ الفَزَع

ويَرتَعِبُ أُمَراؤه ويَترُكونَ الرَّاية

يَقولُ الرَّبُّ الَّذي لَه

نارٌ في صِهْيونَ وتَنُّورٌ في أُورَشَليم.

أشعيا ٣٢

الملك البارّ

١ها إِنَّ المَلِكَ يَملِكُ بِالبِرّ

والرُّؤَساءَ يَرأَسونَ بِالحَقّ

٢ويَكونُ كُلُّ إِنْسانٍ كمَخْبَإٍ مِنَ الرِّيح وسِتْرٍ

مِنَ السَّيل

كمَجاري مِياهٍ في قَفْرٍ

وكظِلِّ صَخرٍ عَظيمٍ في أَرضٍ مُجدِبَة

٣ولا تُغمَضُ عُيونُ النَّاظِرين

وآذانُ السَّامِعينَ تُصْغي

٤وقُلوبُ المُتَسَرِّعينَ تَفقَهُ العِلْم

وأَلسِنَةُ اللُّكْنِ تُسرِعُ في الكَلامِ بِفَصاحة.

٥وفيما بَعدُ لا يُدْعى الجاهِلُ شَريفًا

ولا يُقالُ لِلماكِرِ نَبيل.

الجاهل والشريف

٦لِأَنَّ الجاهِلَ يَتَكَلَّمُ بِالجَهْل

وقَلبُه يَهتَمُّ بِالإِثْمِ لِيَعمَلَ بِالكُفْر

ويَتَكَلَّمُ بِالضَّلالِ على الرَّبّ

لِيَترُكَ حَلْقَ الجائِع فارِغًا

ويَمنَعَ العَطْشانَ أَن يَشرَب.

٧وأَمَّا الماكِرُ فأَعْمالُ مَكرِه خَبيثة

يُضمِرُ المَكايِدَ لِيُهلِكَ البائسينَ بِأَقوالِ زور

في حينِ أَنَّ المِسْكينَ يَتَكَلَّمُ بِكَلامِ الحَقّ.

٨أَمَّا الشَّريفُ ففي المَكارِمِ يُفَكِّر

وبِالمَكارِمِ يَقوم.

على نساء أورشليم

٩أَيَّتُها النِّساءُ المُستَهتِرات

قُمْنَ وٱسمَعنَ صَوتي.

أَيَّتُها البَناتُ المُعتَدَّاتُ بأَنفُسِهنَّ

أَصْغينَ إِلى قَولي.

١٠إِنَّكُنَّ بَعدَ أَيَّامٍ وسَنَة

تَضطَرِبنَ أَيَّتُها المُعتَدَّاتُ بأَنفُسِهنَّ

لِأَنَّ القِطافَ يَتلَف والحَصادَ لا يَأتي.

١١إِرتَعِدنَ أَيَّتُها المُستَهتِرات

اِضطَرِبنَ أَيَّتُها المُعتَدَّاتُ بِأَنفُسِهنَّ

تَجَرَّدنَ وتَعَرَّينَ وٱشدُدنَ أَوساطَكُنَّ

١٢إِلطِمنَ على الثُّدِيِّ

بِسَبَبِ الحُقولِ الشَّهِيَّةِ والكَرْمِ المُثمِر.

١٣إِنَّ الشَّوكَ والحَسَكَ

يَطلَعانِ على أَرضِ شَعبي

بل على جَميعِ بُيوتِ الفَرَح

وعلى البَلدَةِ المَرِحَة.

١٤القَصرُ يُهجَر

والمَدينَةُ الصَّاخِبَةُ تُخْلى.

وعوفَلُ وبُروجُ الرَّصدِ يَكونانِ مَغاوِرَ لِلأَبَد

مَمرَحًا لِحَميرِ الوَحْش ومَرعًى لِلقُطْعان.

فيض الروح

١٥إِلى أَن يُفاضَ علَينا الرُّوحُ مِنَ العَلاء

فتَصيرُ البَرِّيَّةُ جَنَّةً

وتُحسَبُ الجنَّةُ غابًا

١٦ويَسكُنُ الحَقُّ في البَرِّيَّة

ويَستَمِرُّ البِرُّ في الجنَّة

١٧ويَكونُ عَمَلُ البِرِّ سَلامًا

وفِعلُ البِرِّ راحةً وطُمَأنينَةً لِلأَبَد.

١٨ويَسكُنُ شَعبي في مَقَرِّ السَّلام

وفي مَساكِنِ الطُّمَأنينَة

وفي أَماكِنِ الجَلَبَة

١٩ويَسقُطُ البَرَدُ في مُنحَدَرِ الغاب

والمَدينَةُ تُحَطُّ حَطًّا.

٢٠طوبى لَكم أَيُّها الزَّارِعونَ عِندَ كُلِّ ماء

المُسَرِّحونَ قَوائِمَ الثَّورِ والحِمار.

أشعيا ٣٣

الخلاص المُنتظَر

١وَيلٌ لَكَ أَيُّها المُدَمِّرُ وأَنتَ لم تُدَمَّر

والخائِنُ وأَنتَ لم تُخَنْ

إِنَّكَ حينَ تَكُفُّ عنِ التَّدْميرِ تُدَمَّر

وحينَ تَفرَغُ مِن الخِيانةِ تُخان.

٢يا رَبُّ ٱرحَمْنا، إِيَّاكَ ٱنتَظَرنا

فكُنْ ذِراعَهم في كُلِّ صَباح

وكُنْ خَلاصَنا في وَقتِ الضِّيق.

٣مِن صَوتِ الضَّجيجِ هَرَبَتِ الشُّعوب

وعِندَ ٱرتِفاعِ صَوتِكَ تَبَدَّدَتِ الأُمَم.

٤فتُجمَعُ غَنيمَتُكم جَمعَ الجَراد

ويُتَواثَبُ علَيها تَواثُبَ الجُندُب.

٥تَعَظَّمَ الرَّبُّ لِأَنَّه ساكِنٌ في العَلاء

وقد مَلَأَ صِهْيونَ حَقًّا وبِرًّا.

٦ويَكونُ أَمانةَ أَيَّامِكَ

ووَفرَةَ خَلاصٍ وحِكمَةً وعِلمًا

وتَكونُ مَخافَةُ الرَّبِّ كَنزَه.

٧ها إِنِّي أُريهِم نَفْسي:

لقَد صَرَخوا في الخارِج

ورُسُلُ السَّلامِ يَبْكونَ بُكاءً مُرًّا.

٨قد دُمِّرَتِ المَسالِك

وٱنقَطَعَ عابِرُ السَّبيل

نَقَضَ العَهدَ وٱزدَرى الشُّهود

ولَم يُبالِ بِالإِنْسان.

٩ناحَتِ الأَرضُ وذَبُلَت

وخَجِلَ لُبْنانُ وذَوى

وصارَ الشَّارونُ كالقَفْر

وٱرتَعَدَ باشانُ والكَرمَل.

١٠الآنَ أَقومُ، يَقولُ الرَّبّ

الآنَ أَرتَفِع، الآنَ أَتَعالى

١١تَحبَلونَ بِالحَشيشِ وتَلِدونَ القَشّ

ونَفَسُكم نارٌ تأكُلُكم.

١٢وتَكونُ الشُّعوبُ كمُحتَرِقِ الكِلْس

وكشَوكٍ مَقْطوعٍ يُحرَقُ بِالنَّار.

١٣إِسمَعوا أَيُّها القاصونَ ما صَنَعتُ

وٱعرِفوا أَيُّها الدَّانونَ جَبَروتي.

١٤قد فَزِعَ الخاطِئونَ في صِهْيون

والرِّعدَةُ أَخَذَتِ الكُفَّار.

مَن مِنَّا يَسكُنُ في النَّارِ الآكِلَة؟

ومَن مِنَّا يَسكُنُ في المَواقِدِ الأَبَدِيَّة؟

١٥السَّالِكُ بِالبِرِّ والمُتَكَلِّمُ بِالِٱستِقامة

الرَّافِضُ مَكاسِبَ المَظالِم

والنَّافِضُ كَفَّيه مِن قَبْضِ الرَّشوَة

السَّادُّ أُذُنَه عن خَبَرِ الدَّم

والمُغمِضُ عَينَيه عن رُؤيَةِ الشَّرّ

١٦فهو يَسكُنُ في الأَعالي

وحِماه مَعاقِلُ الصُّخور

خُبزُه مَرْزوقٌ وماؤُه مَكْفول.

العودة إلى أورشليم

١٧ستُبصِرُ عَيناكَ المَلِكَ في بَهائِه

وتَرَيانِ الأَرضَ الواسِعَة.

١٨قَلبُكَ يَتَذَكَّرُ مَخاوِفَه:

«أَينَ المُحاسِبُ أَينَ الوَزَّان؟

أَينَ الَّذي عَدَّ البُروج؟»

١٩لا تَرى الشَّعبَ الوَقِح

الشَّعبَ الغامِضَ اللُّغَةِ فلا يُدرَكُ مَعْناها

الأَلكَنَ اللِّسانِ حتَّى لا يُفهَم.

٢٠أُنظُرْ إِلى صِهْيونَ مَدينةِ أَعْيادِنا

لِتَرَ عَيناكَ أُورَشَليمَ مَسكِنًا مُطمَئِنًّا

خَيمَةً لا تُفَكُّ ولا تُقلَعُ أَوتادُها لِلأَبَد

ولا يَنقَطِعُ حَبلٌ مِن حِبالِها

٢١بل لَنا هُناكَ الرَّبُّ العَظيم

ومَكانُ أَنهارٍ وجَداوِلَ واسِعَةِ الأَطْراف

لا تَسيرُ فيها سَفينَةٌ ذاتُ مَقاذيف

ولا يَجْتازُ فيها مَركَبٌ عَظيم

٢٢(لِأَنَّ الرَّبَّ قاضِينا

الرَّبَّ مُشتَرِعُنا

الرَّبَّ مَلِكُنا فهو يُخَلِّصُنا).

٢٣قدِ ٱستَرخَت حِبالُكِ

فلا تَشُدُّ قاعِدَةَ السَّارية

ولا تَرفَعُ الرَّاية

حينَئِذٍ تُقَسَّمُ غَنيمةٌ وافِرَة

والعُرجُ يَنهَبونَ نَهبًا.

٢٤فلا يَقولُ ساكِنٌ: «إِنِّي مَريض»

والشَّعبُ المُقيمُ فيها يُنزَعُ عنه الإِثْم.

أشعيا ٣٤

دينونة أدوم

١إِقتَرِبي أَيَّتُها الأُمَمُ لِلٱستِماع

وأَصْغي أَيَّتُها الشُّعوب.

لِتَسمَعِ الأَرضُ ومِلْؤُها

الدُّنْيا وكُلُّ ما تُخرِجُه

٢فإِنَّ سُخْطَ الرَّبِّ على جَميعِ الأُمَم

وغَضَبَه على كُلِّ جَيشِها

وقد حَرَّمَها وأَسلَمَها إِلى الذَّبْح.

٣فتُطرَحُ قَتْلاهم ويَنبَعِثُ النَّتنُ مِن جِيَفِهم

وتَسيلُ الجِبالُ من دِمائِهم

٤وتَنحَلُّ قُوَّاتُ السَّماءِ كُلُّها

وتُطْوى السَّمَواتُ كسِفْرٍ

وتَذْوي قُوَّاتُها كافَّةً

كما يَذْوي الوَرَقُ السَّاقِطُ مِنَ الكَرْم

وكما يَذْوي ما يَسقُطُ مِنَ التِّين.

٥إِنَّ سَيفي قدِ ٱرتَوى في السَّماء

وهُوَذا يَنزِلُ على أَدوم

على شَعبٍ حَرَّمتُه لِلقَضاء.

٦قدِ ٱمتَلأَ سَيفُ الرَّبِّ دَمًا

وسُمِّنَ مِنَ الشَّحْم

مِن دَمِ الحُمْلانِ والتُّيوس

مِن شَحمِ كُلى الكِباش

لِأَنَّ لِلرَّبِّ ذَبيحةً في بُصرَة

وقَتْلًا عَظيمًا في أَرضِ أَدوم.

٧ويَسقُطُ مَعَهمُ البَقَرُ الوَحشِيُّ

والعُجولُ مع الثِّيران

فتُرْوَى أَرضُهم مِنَ الدَّم

ويُسَمَّنُ تُرابُهم مِنَ الشَّحْم

٨لِأَنَّ لِلرَّبِّ يَومَ الِٱنتِقام

وسَنَةَ الجَزاءِ في دَعْوى صِهْيون.

٩وتَنقَلِبُ أَنْهارُها زِفْتًا وتُرابُها كِبْريتًا

وتَكونُ أَرضُها زِفتًا مُشتَعِلًا.

١٠لا تَنطَفِئُ لَيلًا ولا نَهارًا

ودُخانُها يَصعَدُ مَدى الدَّهر

ومِن جيلٍ إِلى جيلٍ تَخرَب

وإِلى أَبَدِ الآبِدينَ لا يَجْتازُ فيها أَحَد.

١١وتَرِثُها البَجَعَةُ والقُنفُذ

ويَسكُنُ فيها البومُ والغُراب

ويَمُدُّ علَيها حَبلَ الخَواء

ومِقْياسُ تَسوِيَةِ الخَلاء.

١٢لا يَبْقى هُناكَ مِنَ الأَشْرافِ مَن يُدْعى لِلمُلْك

وجَميعُ أُمَرائِه يَنقَرِضون

١٣ويَطلَعُ الشَّوكُ في قُصورِها

والقُرَّاصُ والعَوسَجُ في حُصونِها

وتَكونُ مأوًى لِبَناتِ آوى

ومَسرَحًا لِبَناتِ النَّعام

١٤وتُلاقي وُحوشُ القَفْرِ الضِّباع

ويَصيحُ الأَشعَرُ بِصاحِبِه

وهُناكَ تَقِرُّ ليليت

وتَجِدُ لِنَفسِها مَكانًا مُريحًا

١٥وهُناكَ تُوَكِّر القَفَّازَةُ وتَبيض

وتَحضُنُ وتُفَرِّخُ تَحتَ ظِلِّها

وهُناكَ أَيضًا تَجتَمِعُ الحَدَأَة

كُلٌّ مع صاحِبَتِها.

١٦إِبحَثوا في كِتابِ الرَّبِّ وٱقرَأُوا.

لا يُعدَمُ مِن هٰذه شَيء

ولا يَفقِدُ أَحَدٌ مِنها صاحِبَه

لِأَنَّه هو الَّذي بِفَمي يأمُر

وروحُه هو الَّذي جَمَعَها

١٧وهو أَوقَعَ لَها القُرعَة

ويَدُه قَسَمَت لَها الأَرضَ بِالحَبْل

فهي تَرِثُها مَدى الدَّهر

وتَسكُنُ هُناكَ جيلًا بَعدَ جيل.

أشعيا ٣٥

إنتصار أورشليم

١لِتَفرَحِ البَرِّيَّةُ والقَفْر

ولْتَبْتَهِجِ الباديَةُ وتُزهِرْ كالنَّرجِس

٢لِتُزهِرْ أَزْهارًا

وتَبتَهِجِ ٱبتهاجًا مع هُتاف.

قد أُوتِيَت مَجدَ لُبْنان

وبَهاءَ الكَرمَلِ والشَّارون

فهم يَرَونَ مَجدَ الرَّبِّ وبَهاءَ إِلٰهِنا.

٣قَوُّوا الأَيدِيَ المُستَرخِيَة

وشَدِّدوا الرُّكَبَ الواهِنَة.

٤قولوا لِفَزِعي القُلوب:

«تَقَوَّوا ولا تَخافوا

هُوَذا إِلٰهُكم

النَّقمَةُ آتِيَة

هٰذه مُكافأَةُ الله

هو يَأتي فيُخَلِّصُكم».

٥حينَئِذٍ تَتَفَتَّحُ عُيونُ العُمْيان

وآذانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّح

٦وحينَئِذٍ يَقفِزُ الأَعرَجُ كالأَيِّل

ويَهتِفُ لِسانُ الأَبكَم

فقَدِ ٱنفَجَرَتِ المِياهُ في البَرِّيَّة

والأَنْهارُ في البادِيَة

٧الأَرضُ الحامِيَةُ تَنقَلِبُ غَديرًا

والمَعطَشَةُ ينابيعَ مِياه

ويَكونُ مَأوى بَناتِ آوى الَّذي يَربِضنَ فيه

حَظيرَةَ قَصَبٍ وبَرْدِيّ.

٨ويَكونُ هُناكَ مَسلَكٌ وطَريق

يُقالُ لَه الطَّريقُ المُقَدَّس

لا يَعبُرُ فيه نَجِس

بل إِنَّما هو لَهم.

مَن سَلَكَ هٰذا الطَّريق

حتَّى الجُهَّال لا يَضِلّ.

٩لا يَكونُ هُناكَ أَسَد

ولا يَصعَدُ إِلَيه وَحشٌ مُفتَرِس

ولا يُوجَدُ هُناك

بل يَسيرُ فيه المُخَلَّصون

١٠والَّذينَ فَداهُمُ الرَّبُّ يَرجِعون

ويَأتونَ إِلى صِهْيونَ بِهُتاف

ويَكونُ على رُؤُوسِهم فَرَحٌ أَبَدِيّ

ويُرافِقُهمُ السُّرورُ والفَرَح

وتَنهَزِمُ عَنهمُ الحَسرَةُ والتَّأَوُّه.

أشعيا ٣٦

ملحقات

إجتياح سنحاريب

١وفي السَّنَةِ الرَّابِعَةَ عَشرَةَ لِلمَلِكِ حِزقِيَّا، صَعِدَ سَنْحاريبُ، مَلِكُ أَشُّور، على جَميعِ مُدُنِ يَهوذا المُحَصَّنَةِ وٱفتَتَحَها. ٢فأَرسَلَ مَلِكُ أَشُّورَ رَئيسَ السُّقاةِ مِن لاكيشَ إِلى أُورَشَليم، إِلى المَلِكِ حِزقِيَّا، في جَيشٍ عَظيم. فوَقَفَ عِندَ قَناةِ البِركَةِ العُلْيا، في طَريقِ حَقلِ القَصَّار. ٣فخَرَجَ إِلَيه أَلْياقيمُ بنُ حِلقِيَّا، قَيِّمُ البيت، وشَبْنا الكاتبُ ويوآحُ بنُ آسافَ المُدَوِّن. ٤فقالَ لَهم رَئيسُ السُّقاة: «قولوا لِحِزقِيَّا: هٰكذا يقولُ المَلِكُ الكَبير، مَلِكُ أَشُّور: ما هٰذا الِٱتِّكالُ الَّذي ٱتَّكَلتَه؟ ٥قد قُلتَ في نَفسِكَ: إِنَّ مُجَرَّدَ كَلامِ شَفَتَينِ هو بِمَثابَةِ مَشورةٍ وبَسالَةٍ لِخَوضِ الحَرْب. والآنَ فَعلى مَنِ ٱتَّكَلتَ حتَّى تَمَرَّدتَ علَيَّ؟ ٦إِنَّكَ إِنَّما ٱتَّكَلتَ على عُكَّازِ هٰذه القَصَبَةِ المَرْضوضة، أي على مِصرَ الَّتي مَنِ ٱتَّكأَ علَيها نَشِبَت في كفِّه وثَقَبَتها. هٰكذا فِرعَونُ، مَلِكُ مِصرَ، لِجَميعِ الَّذينَ يَتَّكِلونَ علَيه. ٧وإِن قُلتَ لي: إِنَّنا لم نَتَّكِلْ إِلَّا على الرَّبِّ إِلٰهِنا، أَفَلَيسَ هو الَّذي أَزالَ حِزقِيَّا مَشارِفَه ومَذابِحَه وقالَ لِيَهوذا ولِأُورَشَليم: قُدَّامَ هٰذا المَذبَحِ تَسجُدون. ٨والآنَ راهِنْ سَيِّدي مَلِكَ أَشُّور، وأَنا أُعطيكَ أَلفَي فَرَس، إِنِ ٱستَطَعتَ أَن تَجِدَ لَها فُرْسانًا. ٩وكَيفَ لَكَ أَن تَرُدَّ وَجهَ قائدٍ واحِدٍ مِن صِغارِ ضُبَّاطِ سَيِّدي، وتَتَّكِلَ على مِصرَ لِلحُصولِ على مَركَباتٍ وفُرْسان؟ ١٠والآنَ أَتُراني بِدونِ مُوافَقَةِ الرَّبِّ صَعِدتُ على هٰذه الأَرضِ لأُدَمِّرَها؟ فالرَّبُّ هو الَّذي قالَ لي: إِصعَدْ على هٰذه الأَرضِ ودَمِّرْها».

١١فقالَ أَلْياقيمُ وشَبْنا ويوآحُ لِرَئيسِ السُّقاة: «كَلِّمْ عَبيدَكَ بِاللُّغَةِ الآرامِيَّةِ فإِنَّنا نَفهَمُها، ولا تُكَلِّمْنا بِاليَهودِيَّةِ على مَسامِعِ الشَّعبِ القائِمِ على السُّور». ١٢فقالَ رَئيسُ السُّقاة: «أَلَعَلَّه إِلى سَيِّدِكَ وإِلَيكَ أَرسَلَني سَيِّدي لِأَقولَ هٰذا الكَلام؟ أَلَيسَ إِلى الرِّجالِ القائِمينَ على السُّور، المُضطَرِّينَ إِلى أَكلِ بِرازِهم وشُربِ بَولِهم معكم؟».

١٣ثُمَّ وَقَفَ رَئيسُ السُّقاةِ فنادى بِصَوتٍ عَظيمٍ بِاليَهودِيَّةِ وقال: «إِسمَعوا كَلامَ المَلِكِ الكَبير، مَلِكِ أَشُّور. ١٤هٰكذا قالَ المَلِك: لا يَخدَعْكم حِزقِيَّا، لِأَنَّه لا يَقدِرُ أَن يُنقِذَكم، ١٥ولا يَجعَلْكم حِزقِيَّا تَتَّكِلونَ على الرَّبِّ قائِلًا: الرَّبُّ يُنقِذُنا ولا تُسلَمُ هٰذه المَدينَةُ إِلى يَدِ مَلِكِ أَشُّور. ١٦لا تَسمَعوا لِحِزقِيَّا، لِأَنَّه هٰكذا قالَ مَلِكُ أَشُّور: إِعقِدوا مَعي صُلحًا وٱخرُجوا إِلَيَّ وكُلوا كُلُّ واحِدٍ مِن كَرمِه ومِن تينَتِه، وٱشرَبوا كُلُّ واحِدٍ ماءَ بِئرِه، ١٧حَتَّى آتِيَ وآخُذَكم إِلى أَرضٍ مِثلِ أَرضِكم، أَرضِ حِنطَةٍ وخَمرٍ، أَرضِ خُبزٍ وكُروم. ١٨فلا يُغرِكم حِزقِيَّا قائلًا: الرَّبُّ يُنقِذُنا. أَلَعَلَّ آلِهَةَ الأُمَمِ أَنقَذوا كُلُّ واحِدٍ أَرضَه مِن يَدِ مَلِكِ أَشُّور؟ ١٩أَينَ آلِهَةُ حَماةَ وأَرْفاد؟ أَينَ آلِهَةُ سَفَرْوائيم؟ أَلَعَلَّها أَنقَذَتِ السَّامِرَةَ مِن يَدي؟ ٢٠ومَن مِن جَميعِ آلِهَةِ تِلكَ البِلادِ أَنقَذَ أَرضَه مِن يَدي، حَتَّى يُنقِذَ الرَّبُّ أُورَشَليمَ مِن يَدي؟».

٢١فسَكَتوا ولم يُجيبوه بِكَلِمَة، لِأَنَّ المَلِكَ أَمَرَ قائِلًا: «لا تُجيبوه». ٢٢وعادَ أَلْياقيمُ بنُ حِلقِيَّا، قَيِّمُ البَيت، وشَبْنا الكاتبُ ويوآحُ بنُ آسافَ المُدَوِّن، إِلى حِزقِيَّا وثِيابُهم مُمَزَّقة، وأَخبَروه بِكَلامِ رئيسِ السُّقاة.

أشعيا ٣٧

اللجوء إلى أشعيا النبيّ

١فَلَمَّا سَمِعَ المَلِكُ حِزقِيَّا، مَزَّقَ ثِيابَه ولَبِسَ مِسحًا ودَخَلَ بَيتَ الرَّبّ. ٢وأَرسَلَ أَلْياقيم، قَيِّمَ البَيت، وشَبْنا الكاتِبَ وشُيوخَ الكَهَنَة، لابِسينَ المُسوح، إِلى أَشَعْيا النَّبِيِّ ٱبنِ آموص. ٣فقالوا لَه: «هٰكذا قالَ حِزقِيَّا: اليَومُ يَومُ الشِّدَّةِ والعِقاب، يَومُ الهَوان، وقد بَلَغَتِ الأَجِنَّةُ فَرجَ الرَّحِم، ولا قُوَّةَ لِلوِلادة. ٤فلَعَلَّ الرَّبَّ إِلٰهَكَ يَسمَعُ كَلامَ رَئيسِ السُّقاةِ الَّذي أَرسَلَه مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُه لِيَشتِمَ الإِلٰهَ الحَيّ، ولَعَلَّ الرَّبَّ إِلٰهَكَ يُعاقِبُ الكَلامَ الَّذي سَمِعَه، فٱرفَعْ صَلاةً مِن أَجلِ البَقِيَّةِ الَّتي بَقِيَت».

٥فلَمَّا وَصَلَ خُدَّامُ المَلِكِ حِزقِيَّا إِلى أَشَعْيا، ٦قالَ لَهم أَشَعْيا: «هٰكذا تَقولونَ لِسَيِّدِكم: هٰكذا يقولُ الرَّبّ: لا تَخَفْ بِسَبَبِ الكَلامِ الَّذي سَمِعتَه، مِمَّا جَدَّفَ بِه علَيَّ عَبيدُ مَلِكِ أَشُّور، ٧فإِنِّي أَجعَلُ فيه روحًا، فيَسمَعُ خَبَرًا فيَرجِعُ إِلى أَرضِه، وأُسقِطُه بِالسَّيفِ في أَرضِه».

إنصراف رئيس السقاة

٨ورَجَعَ رَئيسُ السُّقاة، فوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُقاتِلُ لِبنَة، لأَنَّه سَمِع أَنَّه قد رَحَلَ مِن لاكيش. ٩ذٰلك بأَنَّه سَمِعَ في شأنِ تِرْهاقة، مَلِكِ كوش، هٰذا الخَبَر: «قد خَرَجَ لِيُقاتِلَكَ».

رواية ثانية لتدخّل سنحاريب

فلَمَّا سَمِعَ ذٰلك، أَرسَلَ رُسُلًا إِلى حِزقِيَّا يَقول: ١٠«هٰكذا تُكَلِّمونَ حِزقِيَّا، مَلِكَ يَهوذا، قائلين: لا يَخدَعْكَ إِلٰهُكَ الَّذي أَنتَ مُتَّكِلٌ علَيه قائلًا: إِنَّ أُورَشَليمَ لا تُسلَمُ إِلى يَدِ مَلِكِ أَشُّور. ١١فإِنَّكَ قد سَمِعتَ ما صَنَعَ مُلوكُ أَشُّورَ بِجَميعِ البُلْدانِ وكَيفَ حَرَّموها، أَفأَنتَ تَنْجو؟ ١٢أَلَعَلَّ الأُمَمَ الَّتي دَمَّرَها آبائي قد أنقَذَتها آلِهَتُها، كجوزانَ وحارانَ وراصَفَ وأَبْناءِ عادانَ الَّذينَ في تَلْأَسَّار؟ ١٣أَينَ مَلِكُ حَماة وملكُ أَرْفاد ومَلِكُ مَدينَةِ سَفَرْوائيمَ وهيناعَ وعُوَّة؟». ١٤فأَخَذَ حِزقِيَّا الرِّسالَةَ مِن يَدِ الرُّسُلِ فقَرَأَها، ثُمَّ صَعِدَ إِلى بَيتِ الرَّبّ، وبَسَطَ الرِّسالةَ قُدَّامَ الرَّبّ. ١٥وصَلَّى أَمامَ الرَّبِّ قائلًا: ١٦«يا رَبَّ القُوَّات، إِلٰهَ إِسْرائيل، الجالِسَ على الكَروبين، أَنتَ وَحدَكَ إِلٰهُ جَميعِ مَمالِكِ الأَرض، أَنتَ صَنَعتَ السَّمٰواتِ والأَرض.

١٧أَمِلْ أُذُنَيكَ يا رَبِّ وأَصغِ

إِفتَحْ يا رَبِّ عَينَيكَ وٱنظُرْ

وٱستَمِعْ جَميعَ أَقْوالِ سَنْحاريب

الَّتي أَرسَلَ يَشتِمُ بِها اللهَ الحَيّ.

١٨حَقًّا، يا رَبِّ، أَنَّ مُلوكَ أَشُّورَ قد دَمَّروا

جَميعَ البُلْدانِ وأَراضِيَها، ١٩وأَلقَوا آلِهَتَها في النَّار، لِأَنَّها لَيسَت بآلِهَة، بل هي مِن صُنعِ أَيدي النَّاس، خَشَبٌ وحِجارة، فأبادوها. ٢٠والآنَ، أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُنا، خَلِّصْنا مِن يَدَيه لِتَعلَمَ مَمالِكُ الأَرضِ كُلُّها أَنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ وَحدَك».

تدخّل أشعيا

٢١فأَرسَلَ أَشَعْيا بنُ آموصَ إِلى حِزقِيَّا وقال: «هٰكذا يَقولُ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيل: ما صَلَّيتَه إِلَيَّ في شَأنِ سَنْحاريب، مَلِكِ أَشُّور، قد سَمِعتُه. ٢٢هٰذا هو الكَلامُ الَّذي تَكَلَّمَ بِه الرَّبُّ علَيه:

اِحتَقَرَتكَ وسَخِرَت مِنكَ

العَذْراءُ بِنتُ صِهْيون

وهَزَّت رَأسَها وَراءَكَ بِنتُ أُورَشَليم.

٢٣مَن شَتَمتَ وعلى مَن جَدَّفتَ

وعلى مَن رَفَعتَ صَوتَكَ

ورَفَعتَ عَينَيكَ إِلى العَلاء؟

على قُدُّوسِ إِسْرائيل

٢٤على لِسانِ عَبيدِكَ شَتَمتَ السَّيِّد

وقُلتَ: «بِكَثرَةِ مَركَباتي

صَعِدتُ إِلى رُؤوسِ الجبال

وإِلى أَقْصى قِمَمِ لُبْنان

فقَطَعتُ أَرفَعَ أَرزِه وخِيارَ سَروِه

وبَلَغتُ إِلى مُرتَفَعِه الأَقصى وإِلى شَجَرِ جَنَّتِه.

٢٥حَفَرتُ وشَرِبْتُ مِياهًا

وجَفَّفتُ بِأَخامِصِ قَدَمَيَّ

جَميعَ أَنْيالِ مِصرَ».

٢٦أَما سَمِعتَ أَنِّي مِنَ القَديمِ صَنَعتُ ذٰلك

مُنذُ الأَيَّامِ القَديمةِ فَرَضتُه والآنَ حَقَّقتُه؟ لِتَحْويلِ المُدُنِ المُحَصَّنةِ إِلى تِلالِ رَدْم.

٢٧سُكَّانُها قِصارُ الأَيدي

مَذْعورونَ ومُخْزَون

كعُشبِ الحَقلِ يَكونون

وكَخَضِرِ المُروجِ وحَشيشِ السُّطوح

وكالمَلْفوحِ بِالرِّيح قَبلَ البُلوغ.

٢٨إِن قُمتَ أَو جَلَستَ

إِن خَرَجتَ أَو دَخَلتَ

فأَنا عارِفٌ بِه

وكذٰلك عِندَما تَغْتاظُ علَيَّ

٢٩فلأَنَّكَ ٱغتَظتَ عَلَيَّ

ولِأَنَّ وَقاحَتَكَ قدِ ٱرتَفَعَت إِلى أُذُنَيَّ

فأَنا جاعِلٌ خِزامَتي في أَنفِكَ

ولِجامي في شَفَتَيكَ

ورادُّكَ في الطَّريقِ الَّتي جِئتَ مِنها.

العلامة المعطاة لحزقيّا

٣٠وهٰذه تَكونُ آيَةً لَكَ:

يأكُلونَ هٰذه السَّنَةَ خِلفَةً

والسَّنَةَ الثَّانِيَةَ ما لم يُزرَع

والسَّنَةَ الثَّالِثَةَ تَزرَعونَ وتَحصُدون

وتَغرِسونَ كُرومًا وتأكُلونَ ثِمارَها.

٣١ويَعودُ النَّاجونَ مِن بَيتِ يَهوذا

الَّذينَ بَقوا يَتَأَصَّلونَ إِلى أَسفَل

ويُثمِرونَ إِلى فَوق

٣٢لِأَنَّه من أُورَشَليمَ تَخرُجُ بَقِيَّة

وناجونَ مِن جَبَلِ صِهْيون.

غَيرَةُ رَبِّ القُوَّاتِ تَفعَلُ هٰذا.

قول على أشُّور

٣٣لِذٰلك هٰكذا يَقولُ الرَّبُّ في مَلِكِ أَشُّور:

إِنَّه لا يَدخُلُ هٰذه المَدينة

ولا يَرْمي إِلَيها سَهمًا

ولا يَتَقَدَّمُ علَيها بِتُرْس

ولا يَنصِبُ علَيها مَرْدومًا

٣٤لٰكِن في الطَّريقِ الَّتي جاءَ مِنها يَرجِع

وإِلى هٰذه المَدينَةِ لا يَدخُل

يَقولُ الرَّبّ

٣٥فأَحْمي هٰذه المَدينَةَ وأُخَلِّصُها بِسَبَبي

وبِسَبَبِ داوُدَ عَبْدي».

عقاب سنحاريب

٣٦وخَرَجَ مَلاكُ الرَّبِّ وقَتَلَ مِن عَسكَرِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلفٍ وخَمسَةً وثَمَانينَ أَلفًا. فَلَمَّا بَكَّروا صَباحًا، إِذا هم جَميعًا جُثَثُ أَمْوات. ٣٧فرَحَلَ سَنْحاريب، مَلِكُ أَشُّور، ومَضى راجِعًا، وأَقامَ في نينَوى. ٣٨وفيما هو ساجِدٌ في بَيتِ نِصْروكَ إِلٰهه، قَتَلَه أَدرَمَّلِكُ وشَرْآصَرُ ٱبْناه بِالسَّيف، وهَرَبا إِلى أَرضِ أَراراط. ومَلَكَ آسَرحَدُّونَ ٱبنُه مَكانَه.

أشعيا ٣٨

مرض حزقيّا وشفاؤه

١وفي تِلكَ الأَيَّامِ، مَرِضَ حِزقِيَّا مَرَض مَوت، فأتى إِلَيه أَشَعْيا بنُ آموصَ النَّبِيُّ وقالَ له: «هٰكذا يَقولُ الرَّبّ: نَظِّمْ أُمورَ بَيتِكَ، لِأَنَّكَ تَموتُ ولا تَعيش». ٢فحَوَّلَ حِزقِيَّا وَجهَه إِلى الحائِطِ وصَلَّى إِلى الرَّبِّ ٣قائلًا: «أُذكُرْ يا رَبِّ كَيفَ سِرتُ أَمامَكَ بِالحَقِّ وسَلامةِ القَلْب، وكَيفَ صَنَعتُ الخَيرَ في عَينَيكَ». وبَكى حِزقِيَّا بُكاءً شَديدًا.

٤فكانَ كَلامُ الرَّبِّ إِلى أَشَعْيا قائلًا: ٥«إِذهَبْ وقُلْ لِحِزقِيَّا: هٰكذا قالَ الرَّبُّ، إِلٰهُ داوُدَ أَبيكَ: إِنِّي قد سَمِعتُ صَلاتَكَ ورَأَيتُ دُموعَكَ، وهاءَنَذا أَزيدُكَ على أَيَّامِكَ خَمْسَ عَشرَةَ سَنَة، ٦وأُنقِذُكَ مِن يَدِ مَلِكِ أَشُّور، أَنتَ وهٰذه المَدينة، وأَحْمي هٰذه المَدينة. ٧وهٰذه آيَةٌ لَكَ مِن قِبَلِ الرَّبِّ على أَنَّ الرَّبَّ يُحَقِّقُ القَولَ الَّذي قالَه: ٨هاءَنَذا أَرُدُّ الظِّلَّ مِنَ الدَّرَجاتِ الَّتي نَزَلَتها الشَّمسُ في دَرَجِ آحازَ عَشرَ دَرَجاتٍ إِلى الوَراء». فَرجَعَتِ الشَّمسُ عَشْرَ دَرَجاتٍ كانَت قد نَزَلَتها.

نشيد حزقيّا

٩كِتابَةٌ لِحِزقِيَّا، مَلِكِ يَهوذا، حينَ

مَرِضَ وشُفِيَ مِن مَرَضِه:

١٠إِنِّي قُلتُ في مُنتَصَفِ أَيَّامي

ذاهِبٌ إِلى أَبْوابِ مَثْوى الأَمْوات

قد حُرِمتُ بَقِيَّةَ سِنِيَّ.

١١قُلتُ: لا أَرى الرَّبّ

الرَّبَّ في أَرضِ الأَحْياء

ولا أَعودُ أَنظُرُ البَشَر

بَينَ سُكَّانِ الفانِيَة

١٢قدِ ٱنقَلَعَ مَسكِني

ونُفِيَ عنِّي كَخَيمَةِ الرَّاعي.

طَوَيتُ حَياتي كالحائِك

فَصَلَني عنِ السَّدى.

مِنَ النَّهارِ إِلى اللَّيلِ أَنتَ تُفْنيني.

١٣صَرَختُ حتَّى الصَّباح

أَنَّه كالأَسَدِ يُهَشِّمُ جَميعَ عِظامي.

مِنَ النَّهارِ إِلى اللَّيلِ أَنتَ تُفْنيني.

١٤أُزَقزِقُ كالسُّنونو الرَّحَّال

وأَنوحُ كالحَمامة.

قد كَلَّت عَينايَ مِنَ النَّظَرِ إِلى العَلاء

يا رَبِّ، إِنِّي مَظْلوم، فكُنْ لي كَفيلًا.

١٥ماذا أَقولُ فإِنَّه تَكَلَّم

وهو الَّذي فَعَل؟

سأَمْشي الهُوَينا جَميعَ سِنِيَّ بِمَرارةِ نَفْسي.

١٦أَيُّها السَّيِّد، لِيَحْيَ روحي

مِن هٰذا الكلام وبِالنِّسبَةِ إِلى تِلكَ الأَفْعال

فعافِني وأَحْيِني

١٧ها إِنَّ مَرارتي تَحَوَّلَت إِلى هَناء

لِأَنَّكَ نَجَّيتَ نَفْسي مِن هُوَّةِ الهَلاك

ونَبَذتَ جَميعَ خَطايايَ وَراءَ ظَهرِكَ.

١٨فإِنَّ مَثْوى الأَمواتِ لا يَحمَدُكَ

والمَوتَ لا يُسَبِّحُكَ

والَّذينَ يَهبِطونَ إِلى الجُبِّ

لا يَرْجونَ أَمانَتَكَ.

١٩بلِ الحَيُّ هو يَحمَدُكَ كما أَنا اليَوم

والأَبُ يُعَرِّفُ البَنينَ أَمانَتَكَ.

٢٠يا رَبِّ خَلِّصْني فنَعزِفَ بِذَواتِ أَوتارِنا

جَميعَ أَيَّامِ حَياتِنا في بَيتِ الرَّبّ.

٢١ (وقالَ أَشَعْيا: «لِيُؤخَذْ قُرصُ تين، ولْتُضَمَّدْ بِه القَرحَة، فيَبرَأ». ٢٢وقالَ حِزقِيَّا: «ما الآيةُ على أَنِّي سأَصعَدُ إِلى بَيتِ الرَّبّ؟»).

أشعيا ٣٩

سفارة من بابل

١وفي ذٰلك الزَّمان، أَرسَلَ مَروداكَ بَلْأَدانُ ٱبنُ بَلْأَدان، مَلِكُ بابل، رَسائِلَ وهَدِيَّةً إِلى حِزقِيَّا، لِأَنَّه سَمِعَ أَنَّه مَرِضَ وعوفِيَ. ٢ففَرِحَ بِهم حِزقِيَّا وأَراهُم بَيتَ نَفائِسِه مِن فِضَّةٍ وذَهَبٍ وأَطْيابٍ وزَيتٍ طَيِّب، وكُلَّ بَيتِ آنِيَته وكُلَّ ما وُجِدَ في خَزائِنِه، لم يَكُنْ شَيءٌ إِلَّا أَراهم حِزقِيَّا إِيَّاه في بَيتِه وفي كُلِّ سَلطَنَتِه.

٣فدَخَلَ أَشَعْيا النَّبِيُّ على المَلِكِ حِزقِيَّا وقالَ لَه: «ما الَّذي قالَه هٰؤُلاءِ القَوم، ومِن أَينَ أَتَوكَ؟» فقالَ حِزقِيَّا: «قد أَتَوني مِن أَرضٍ بَعيدَةٍ، مِن بابِل». ٤فقال: «ما الَّذي رَأَوه في بَيتِكَ؟» فقالَ حِزقِيَّا: «كُلُّ شَيءٍ في بَيتي رَأَوه، ولم يَكُنْ في خَزائِني شَيءٌ إِلَّا أَرَيتُهم إِيَّاه».

٥فقالَ أَشَعْيا لِحِزقِيَّا: «إِسمَعْ قَولَ رَبِّ القُوَّات: ٦إِنَّها ستَأتي أَيَّامٌ يُؤخَذُ فيها كُلُّ ما في بَيتِكَ، مِمَّا خَزَنَه آباؤُكَ إِلى هٰذا اليَوم، إِلى بابل، ولا يَبْقى شَيءٌ، قالَ الرَّبّ، ٧ويُؤخَذُ مِن بَنيكَ الَّذينَ يَخرُجونَ مِنكَ، الَّذينَ تَلِدُهم، فيكونونَ خِصْيانًا في قَصرِ مَلِكِ بابل». ٨فقالَ حِزقِيَّا لِأَشَعْيا: «حَسَنٌ قَولُ الرَّبِّ الَّذي قُلتَه». إِذ إِنَّه قالَ في نَفْسِه: «سيَكونُ سَلامٌ وأَمْنٌ في أَيَّامي».

أشعيا ٤٠

القسم الثاني

كتاب تعزية إِسرائيل

الإنباء بالنجاة

١«عَزُّوا عَزُّوا شَعْبي

يَقولُ إِلٰهُكم.

٢خاطِبوا قَلبَ أُورَشَليم

ونادوها بأَن قد تَمَّ تَجَنُّدُها.

وكُفِّر إِثمُها ونالَت مِن يَدِ الرَّبِّ

ضِعفَينِ عن جَميعِ خَطاياها».

٣صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة:

«أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ

وٱجعَلوا سُبُلَ إِلٰهِنا

في الصَّحْراءِ قَويمة.

٤كُلُّ وادٍ يَرتَفِع

وكُلُّ جَبَلٍ وتَلٍّ يَنخَفِض

والمُنعَرِجُ يُقَوَّم

ووَعرُ الطَّريقِ يَصيرُ سَهلًا

٥ويَتَجَلَّى مَجدُ الرَّبِّ ويُعايِنُه كُلُّ بَشَر

لِأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قد تَكَلَّم».

٦صَوتُ قائِلٍ: «نادِ»

فقال: «ماذا أُنادي؟»

«كُلُّ بَشَرٍ عُشْبٌ

وكُلُّ جَمالِه كزَهْرِ البَرِّيَّة.

٧العُشبُ يَيبَسُ وزَهرُه يَذْوي

إِذا هَبَّ فيه روحُ الرَّبّ

(إِنَّ الشَّعبَ عُشبٌ حَقًّا).

٨العُشبُ يَيبَسُ وزَهرُه يَذْوي

وأَمَّا كَلِمَةُ إِلٰهِنا فتَبْقى لِلأَبَد».

٩إِصعَدي إِلى جَبَلٍ عالٍ

يا مُبَشِّرَةَ صِهْيون.

إِرفَعي صَوتَكِ بِقُوَّة

يا مُبَشِّرَةَ أُورَشَليم.

إِرفَعيه ولا تَخافي.

قولي لِمُدُنِ يَهوذا: «هُوَذا إِلٰهُكم».

١٠هُوَذا السَّيِّدُ الرَّبُّ يَأتي بِقُوَّة

وذِراعُه تُمدُّه بِالسُّلْطان

هُوَذا جَزاؤُه معَه وأُجرتُه قُدَّامَه.

١١يَرْعى قَطيعَه كالرَّاعي

يَجمَعُ الحُمْلانَ بِذِراعِه

ويَحمِلُها في حِضنِه

ويَسوقُ المُرضِعاتِ رُوَيدًا.

عظمة الله

١٢مَنِ الَّذي قاسَ بِكَفِّه المِياه

ومَسَحَ بِشِبرِه السَّمٰوات

وكالَ بِالثُّلثِ تُرابَ الأَرض

ووَزَنَ الجِبالَ بِالقَبَّانِ والتِّلالَ بِالميزان؟

١٣مَنِ الَّذي أَرشَدَ روحَ الرَّبّ

أَو كانَ لَه مُشيرًا فعَلَّمَه؟

١٤مَنِ الَّذي ٱستَشارَه فأَفهَمَه

وعَلَّمَه سَبيلَ الحَقّ

فلَقَّنَه المَعرِفَة

وعَلَّمَه طَريقَ الفَهم؟

١٥ها إِنَّ الأُمَمَ تُحسَبُ كنُقطَةٍ مِن دَلْوٍ

وكحَبَّةِ تُرابٍ في ميزان

ها إِنَّ الجُزُرَ كذَرَّةٍ يَرفَعُها

١٦ولُبْنانَ غَيرُ كافٍ لِلوَقود

وحَيَوانَه غَيرُ كافٍ لِلمُحرَقَة.

١٧جَميعُ الأُمَمِ أَمامَه كلا شَيء

تُحسَبُ لَدَيه أَقَلَّ مِنَ العَدَمِ والخَواء.

١٨فبِمَن تُشَبِّهونَ الله

وأَيُّ شِبهٍ تُعادِلونَه بِه؟

١٩إِنَّ التِّمثالَ يَسبِكُه الصَّانِع

ويَمُدُّ الصَّائِغُ علَيه صَفائِحَ مِنَ الذَّهَب

ويَصوغُ لَه سَلاسِلَ مِنَ الفِضَّة.

٢٠ومَن أَعوَزَته تَقدِمَة

اِخْتارَ عودًا لا يَنخَر

وطَلَبَ لَه صانِعًا حاذِقًا

لِيَنصِبَ مِنه تِمْثالًا لا يَتَزَعزَع.

٢١أَما تَعلَمونَ أَوَلَم تَسمَعوا؟

أَما بَلَغَكم مِنَ البَدءِ؟

أَما فَهِمتُم أُسُسَ الأَرض؟

٢٢إِنَّه جالِسٌ على كُرَةِ الأَرض

وسُكَّانُها كالجَراد.

يَبسُطُ السَّمٰواتِ كالنَّسيج

ويَمُدُّها كَخيمةٍ لِلسُّكْنى.

٢٣يَجعَلُ الزُّعَماءَ كلا شَيء

ويُصَيِّرُ قُضاةَ الأَرضِ كخَواء.

٢٤يَكادونَ لا يُغرَسون ولا يُزرَعون

ولا يَتَأَصَّلُ في الأَرضِ جِذرُهم

حتَّى يَهُبَّ علَيهم فيَيبَسوا

وتَرفَعَهمُ الزَّوبَعةُ كالقَشّ.

٢٥فبِمَن تُشَبِّهونَني فأُساوِيَه

يَقولُ القُدُّوس؟

٢٦إِرفَعوا عُيونَكم إِلى العَلاءِ وٱنظُروا:

مَن الَّذي خَلَقَ هٰذه:

الَّذي يُخرِجُ قُوَّاتِها بِعَدَد

ويَدْعوها جَميعًا بِأَسْمائِها

لِعَظَمَةِ قُدرَتِه وشِدَّةِ قُوَّتِه

فلا يَنقُصُ أَحَدٌ مِنها.

٢٧فلِمَ تَقولُ يا يَعْقوب

وتَتَكَلَّمُ يا إِسْرائيل:

«طريقي تَخْفى على الرَّبّ

وحَقِّي يَفوتُ إِلٰهي؟»

٢٨أَما عَلِمتَ أَوَما سَمِعتَ

أَنَّ الرَّبَّ إِلٰهٌ سَرمَدِيّ

خالقُ أَقاصي الأَرض

لا يَتعَبُ ولا يُعْيي ولا يُسبَرُ فَهمُه.

٢٩يُؤْتي التَّعِبَ قُوَّةً

ولِفاقِدِ القُدرَةِ يُكثِرُ الحَول.

٣٠الفِتْيانُ يَتعَبونَ ويُعيَون.

والشُّبَّانُ يَعثُرونَ عِثارًا.

٣١أَمَّا الرَّاجونَ لِلرَّبّ

فيَتَجَدَّدونَ قُوَّةً

يَرتَفِعونَ بِأَجنِحَةٍ كالعِقْبان

يَعْدونَ ولا يُعْيَون

يَسيرونَ ولا يَتعَبون.

أشعيا ٤١

قورش أداة في يد الربّ

١أَنصِتي إِلَيَّ أَيَّتُها الجُزُر

ولْتَتَجَدَّدِ الشُّعوبُ قُوَّةً.

لِتَدنُ ثُمَّ لِتَتَكَلَّمْ.

لِنَتَقَدَّمْ مَعًا لِلقَضاء.

٢مَنِ الَّذي أَنهَضَ مِنَ المَشرِق

ذٰاكَ الَّذي دَعاه البِرُّ لِيَتبَعَه

وجَعَلَ الأُمَمَ بَينَ يَدَيه

وأَخضَعَ لَه المُلوك

وسَيفُه جَعَلَهم كالتُّراب

وقَوسُه كالتِّبنِ المُذَرَّى؟

٣يُطارِدُهم ويَعبُرُ سالِمًا

في سَبيلٍ لم يَسلُكْه بِقَدَمَيه.

٤مَنِ الَّذي فَعَلَ وصَنَع؟

الدَّاعي الأَجْيالَ مِنَ البَدْء.

أَنا الرَّبَّ، أَنا الأَوَّل

ومع الآخِرينَ أَنا هو.

٥رَأَتِ الجُزُرُ فخافَت

إِرتَعَدَت أَقاصي الأَرضِ فدَنَت وأَقبَلَت.

٦كُلُّ واحِدٍ يُعينُ صاحِبَه

ويَقولُ لِأَخيه: «تَشَدَّد».

٧فالصَّانِعُ يُشَدِّدُ الصَّائغ

والصَّاقِلُ بِالمِطرَقةِ مَن يَضرِبُ على السَّنْدان

قائلًا في اللِّحام: «هو جَيِّد»

ثُمَّ يُثَبِّتُه بِمَساميرَ لِئَلَّا يَتَزَعزَع.

الربّ يختار إسرائيل ويحميه

٨أَمَّا أَنتَ يا إِسْرائيلُ عَبْدي

ويا يَعْقوبُ الَّذي ٱختَرتُه

نَسْلَ إِبْراهيمَ خَليلي

٩يا مَن أَخَذتُه مِن أَقاصي الأَرض

ودَعَوتُه مِن أَقْطارِها

وقُلتُ لَه: «أَنتَ عَبْدي

اِختَرتُكَ ولم أَنبِذْكَ»

١٠فلا تَخَفْ فإِنِّي معَكَ

ولا تَتَلَفَّتْ فأَنا إِلٰهُكَ

قد قَوَّيتُكَ ونَصَرتُكَ

وعَضَدتُكَ بِيَمينِ بِرِّي.

١١كُلُّ الغاضِبينَ علَيكَ

يَخزَونَ ويَخجَلون

والنَّاسُ خُصومُكَ

يَصيرونَ كلا شَيءٍ ويَهلِكون.

١٢تَلتَمِسُ مُشاجِريكَ فلا تَجِدُهم

ومُحارِبوكَ يَصيرونَ كلا شَيءٍ ومِثلَ العَدَم

١٣لِأَنِّي أَنا الرَّبَّ إِلٰهَكَ آخُذُ بِيَمينِكَ

قائِلًا لَك: «لا تَخَفْ فأَنا أَنصُرُكَ»

١٤لا تَخَفْ يا دودةَ يَعْقوب

ويا هامَةَ إِسْرائيل

فإِنِّي أَنا أَنصُرُكَ، يَقولُ الرَّبّ

وفاديكَ هو قُدُّوسُ إِسْرائيل.

١٥هاءَنَذا قد جَعَلتُكَ نَورَجًا

سِكَّةً جديدَةً ذاتَ أَسْنان

فتَدوسُ الجِبالَ وتَسحَقُها

وتَجعَلُ التِّلالَ كالعُصافَة.

١٦تُذَرِّيها فتَذهَبُ الرِّيحُ بِها

وتُبَدِّدُها الزَّوبَعَة

فتَبتَهِجُ أَنتَ بِالرَّبّ

وتَفتَخِرُ بِقُدُّوسِ إِسْرائيل.

١٧البائِسونَ والمَساكين

يَلتَمِسونَ ماءً ولَيسَ ماء.

قد جَفَّت أَلسِنَتُهم مِنَ العَطَش.

أَنا الرَّبَّ أَستَجيبُ لَهم

أَنا إِلٰهَ إِسْرائيلَ لا أَترُكُهم.

١٨أَفتَحُ الأَنهارَ على الرَّوابي الجَرْداء

والعُيونَ في وَسَطِ الأَودِيَة.

أَجعَلُ البَرِّيَّةَ غُدْرانَ مِياه

والأَرضَ القاحِلَةَ يَنابيعَ مِياه.

١٩أَجعَلُ في البَرِّيَّةِ الأَرْزَ

والسَّنْطَ والآسَ وشَجَرَ الزَّيتون

وأَجعَلُ في البادِيَةِ السَّرْوَ

والدَّرْدارَ والبَقْسَ جَميعًا

٢٠لِكَي يَرَوا ويَعلَموا

ويَتَأَمَّلوا ويَفهَموا جَميعًا

أَنَّ يَدَ الرَّبِّ صَنَعَت ذٰلك

وقُدُّوسَ إِسْرائيلَ خَلَقَه.

عدم الأصنام

٢١هاتوا دَعْواكم، يَقولُ الرَّبّ

قَدِّموا حُجَجَكم، يَقولُ مَلِكُ يَعْقوب.

٢٢لِيَتَقَدَّموا ويُخبِرونا بالحَوادِث

أَخبِروا بِالسَّالِفاتِ ما هي

فنَتَأَمَّلَها ونَعلَمَ مُنتَهاها

أَو أَسمِعونا المستَقبَلات.

٢٣أَخبِروا بِما سيَأتي فيما بَعد

فنَعلَمَ أَنَّكم آلِهَة

وٱفعَلوا خَيرًا أَو شَرًّا

فنَنظُرَ جَميعًا ونَرى.

٢٤ها إِنَّكم أَقَلُّ مِن لا شَيء

وعَمَلُكم أَقَلُّ مِنَ العَدَم.

إِنَّما اختِيارُكم قُبْح.

٢٥قد أَنهَضتُه مِنَ الشَّمالِ فأَتَى.

ومِن مَشرِقِ الشَّمسِ يَدْعو بِٱسْمي

ويَطَأُ الحُكَّامَ مِثلَ الوَحْل

وكالخَزَّافِ يَدوسُ الطِّين.

٢٦مَنِ الَّذي أَخبَرَ مِنَ البَدْءِ حَتَّى نَعلَم ومِن

قَبلُ حتَّى نَقول: قد صَدَق؟

ولٰكِن لَيسَ مِن مُخبِرٍ ولا مُسمِع

ولا سامِعٍ لِأَقْوالِكم.

٢٧أَنا أَوَّلُ مَن قالَ لِصِهْيون:

«ها هُم، ها هُم»

وأَعْطى أُورَشَليمَ بَشيرًا

٢٨ونَظَرتُ فلم يَكُنْ أَحَد

ولم يوجَدْ مِنهم مُشيرٌ

إِذا سَأَلتُه يُجيبُ بِكَلِمَة.

٢٩ها إِنَّهم جَميعَهم باطِل

وأَعْمالُهم عَدَم

ومَسْبوكاتُهم ريحٌ وخَواء.

أشعيا ٤٢

النشيد الأوّل للعبد

١هُوَذا عَبدِيَ الَّذي أَعضُدُه

مُخْتارِيَ الَّذي رَضِيَت عنه نَفْسي

قد جَعَلتُ روحي علَيه

فهو يُبْدي الحَقَّ لِأُمَم.

٢لا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صَوتَه

ولا يُسمِعُ صَوتَه في الشَّوارِع.

٣القَصَبَةُ المَرْضوضةُ لن يَكسِرَها

والفَتيلةُ المُدَخِّنَةُ لن يُطفِئَها

يُبْدي الحَقَّ بأَمانَة.

٤لا يَني ولا يَنثَني

إِلى أَن يُحِلَّ الحَقَّ في الأَرض

فلِشَريعَتِه تَنتَظِرُ الجُزُر.

٥هٰكذا قالَ اللهُ الرَّبّ

خالِقُ السَّمٰواتِ وناشِرُها

باسِطُ الأَرضِ مع ما يَنبُتُ مِنها

الَّذي يُعْطي الشَّعبَ علَيها نَسَمَةً

والسَّائِرينَ فيها روحًا:

٦«أَنا الرَّبَّ دَعَوتُكَ في البِرّ

وأَخَذتُ بِيَدِكَ وجَبَلتُكَ.

وجَعَلتُكَ عَهدًا لِلشَّعبِ ونورًا لِلأُمَم

٧لِكَي تَفتَحَ العُيونَ العَمْياء

وتُخرِجَ الأَسيرَ مِنَ السِّجْن

والجالِسينَ في الظُّلمَةِ مِن بَيتِ الحَبْس».

٨أَنا الرَّبُّ وهٰذا ٱسْمي

ولا أُعْطي لِآخَرَ مَجْدي

ولا لِلمَنْحوتاتِ حَمْدي.

٩الأَوائِلُ قد أَتَت فأُخبِرُكم بِالمُحدَثات

فأَنا أُخبِرُكم بِالمُحدَثات.

نشيد ظفر

١٠أَنشدوا لِلرَّبِّ نَشيدًا جَديدًا

تَسبِحَةً لَه مِن أَقاصي الأَرض

يا رُوَّادَ البَحرِ وكُلِّ ما فيه

ويا أَيَّتُها الجُزُرُ وسُكَّانَها.

١١لِتَرفَعِ البَرِّيَّةُ ومُدُنُها صَوتَها

والحَظائِرُ الَّتي يَسكُنُها قيدار

ولْيَهتِفْ سُكَّانُ الصَّخرَة

ولْيَصيحوا مِن رُؤُوسِ الجِبال.

١٢لِيُؤَدُّوا المَجدَ للهِ

ويُخبِروا بِحَمدِه في الجُزُر.

١٣الرَّبُّ كجَبَّارٍ يَبرُز

وكرَجُلِ قِتالٍ يُثيرُ غَيرَتَه

ويَصرُخُ صَرخَةَ إِنْذار

ويَزعَقُ ويَتَجَبَّرُ على أَعْدائِه:

١٤«سَكَتُّ مُطَوَّلًا وصَمَتُّ وضَبَطتُ نَفْسي

فالآنَ أَئِنُّ كالَّتي تَلِدُ وأَتَنَهَّدُ وأَلهَث.

١٥أُخَرِّبُ الجِبالَ والتِّلال

وأُيَبِّسُ كُلَّ عُشْبِها

وأَجعَلُ الأَنْهارَ جُزُرًا

وأُجَفِّفُ الغُدْران.

١٦وأُسَيِّرُ العُمْيانَ في طَريقٍ لم يَعرِفوه

وأُسلِكُهم مَسالِكَ لم يَعهَدوها

وأَجعَلُ الظُّلمَةَ نورًا أَمامَهم

والمُلتَوَياتِ مُستَقيمة.

هٰذه الأُمورُ سأَصنَعُها ولا أَترُكُهم.

١٧قدِ ٱرتَدُّوا إِلى الوَراءِ وخَزِيَ

خِزْيًا المُتَوَكِّلونَ على المَنْحوتات

القائِلونَ لِلمَسْبوكاتِ: أَنتُنَّ آلِهَتُنا».

عمى إسرائيل

١٨أَيُّها الصُّمُّ ٱسمَعوا

أَيُّها العُمْيانُ ٱنظُروا وأَبصِروا.

١٩مَن هو أَعْمى إِلَّا عَبْدي

أَو أَصَمُّ كرَسولِيَ الَّذي أَرسَلتُه؟

(مَن هو أَعْمى كمُسالِمي

ومَن هو أَعْمى كعَبدِ الرَّبّ؟).

٢٠رَأَيتَ أُمورًا كَثيرَةً ولم تَحفَظْها.

يَفتَحُ أُذُنَيه ولا يَسمَع

٢١أَرادَ الرَّبُّ، بِسَبَبِ بِرِّه

بِأَن يُعَظِّمَ الشَّريعَةَ ويُكرِمَها.

٢٢وها هُوَذا شَعبٌ مَنْهوبٌ مَسْلوب.

قدِ ٱصطيدوا كُلُّهم في الحُفَر

وخُبِئوا في بُيوتِ الحَبْس.

صاروا نَهْبًا ولَيسَ مَن يُنقِذ

وسَلَبًا ولَيسَ مَن يَقول: «رُدَّ إِلَيهم».

٢٣مَن مِنكُم يُنصِتُ لِذٰلك

ويُصْغي ويَستَمِعُ لِما سيَأتي؟

٢٤مَنِ الَّذي جَعَلَ يَعْقوبَ سَلَبًا

وإِسْرائيلَ نَهْبًا؟

أَلَيسَ الرَّبَّ الَّذي خَطِئنا إِلَيه

لِأَنَّهم أَبَوا أَن يَسيروا في طُرُقِه

ويَسمَعوا شَريعَتَه؟

٢٥فصَبَّ علَيه سَورَةَ غَضَبِه

مع شِدَّةِ القِتال

فأَلهَبَه مِن كُلِّ جِهَةٍ ولم يَفهَم

وأَحرَقَه ولم يَخطُرْ لَه بِبال.

أشعيا ٤٣

الله حامي إسرائيل ومحرّره

١والآنَ هٰكذا قالَ الرَّبُّ

خالِقُكَ يا يَعْقوب

وجابِلُكَ يا إِسْرائيل:

لا تَخَفْ فإِنِّي قَدِ ٱفتَدَيتُكَ

ودَعَوتُكَ بِٱسمِكَ، إِنَّكَ لي.

٢إِذا عَبَرتَ المِياهَ فإِنِّي مَعَكَ

أَوِ الأَنْهارَ فلا تَغمُرُكَ

وإِذا سِرتَ في النَّارِ فلا تَكتَوي

ولا يَلفَحُكَ اللَّهيب

٣لِأَنِّي أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكَ

قُدُّوسُ إِسْرائيلَ مُخَلِّصُكَ

وقد جَعَلتُ مِصرَ فِديَةً عنكَ

وكوشَ وسَبَأَ بَدَلًا مِنكَ

٤إذ قد صِرتَ كَريمًا في عَينَيَّ

ومَجيدًا فإِنِّي أَحبَبتُكَ

وأُسلِمُ أُناسًا بَدَلًا مِنكَ

وشُعوبًا بَدَلًا مِن نَفسِكَ.

٥لا تَخَفْ فإِنِّي مَعَكَ

وسآتي بِنَسلِكَ مِنَ المَشرِق

وأَجمَعُكَ مِنَ المَغرِب.

٦أَقولُ لِلشَّمالِ: هاتِ

ولِلجَنوبِ: لا تَمنَع.

هَلُمَّ بِبَنِيَّ مِن بَعيد

وبِبَناتي مِن أَقاصي الأَرض

٧كُلِّ مَن يُدْعى بِٱسْمي

ومَن لِمَجْدي خَلَقتُه وجَبَلتُه وصَنَعتُه.

الربّ هو الإلٰه الأوحد

٨أَخرِجِ الشَّعبَ الأَعْمى ولَه عَينان

والأَصَمَّ ولَه أُذُنان.

٩لِتَجتَمِعْ كُلُّ الأُمَمِ جَميعًا

ولْتَحتَشِدِ الشُّعوب.

مَنِ الَّذي فيهم أَنبَأَ بِذٰلك

وأَسمَعَنا بِالأَوائِل؟

فلْيُقَدِّموا شُهودَهم حتَّى يَكونوا على حَقّ

ولْيَسمَعْهمُ النَّاسُ ويَقولوا: هٰذا حقّ.

١٠أَنتُم شُهودي، يَقولُ الرَّبّ

وعَبدِيَ الَّذي ٱختَرتُه

لِكَي تَعلَموا وتُؤمِنوا بي

وتَفهَموا أَنِّي أَنا هو:

لم يُكَوَّنْ إِلٰهٌ قَبْلي ولا يَكونُ بَعْدي.

١١أَنا أَنا الرَّبُّ ولا مُخَلِّصَ غَيري.

١٢أَنا أَخبرتُ وخَلَّصتُ وأَسمَعتُ.

لا غَريبَ فيكم

وأَنتُم شُهودي، يَقولُ الرَّبّ، وأَنا الله.

١٣ومُنذُ اليَومِ أَنا هو

ولا مُنقِذَ مِن يَدي

أَفعَلُ ومَن يَرُدّ؟

على بابل

١٤هٰكذا قالَ الرَّبُّ فاديكُم قُدُّوسُ إِسْرائيل:

لِأَجلِكم أَرسَلتُ حَملَةً على بابِل

وسأُهبِطُهم جَميعًا فيهرُبون

حتَّى الكَلْدانِيِّينَ في سُفُنِ هُتافِهم.

١٥أَنا الرَّبُّ قُدُّوسُكم

خالِقُ إِسْرائيلَ ومَلِكُكم.

خوارق الخروج الجديد

١٦هٰكذا قالَ الرَّبُّ

الفاتِحُ في البَحرِ طَريقًا

وفي المِياهِ الطَّاغِيَةِ مَسْلَكًا

١٧المُخرِجُ المَركَباتِ والخَيل

والعَسكَرَ وذَوي البأس

فيَضَّجِعونَ ولا يقومون

وخَمَدوا وكفَتيلَةٍ ٱنطفَأُوا:

١٨لا تَتَذَكَّروا الأَوائِل

ولا تَتَأَمَّلوا القَدائم.

١٩هاءَنَذا آتي بالجَديد

ولقَد نَبَتَ الآنَ فَلا تَعرِفونَه؟

أَجعَلُ في البَرِّيَّةِ طَريقًا

وفي القَفرِ أَنْهارًا.

٢٠يُمَجِّدُني وَحشُ البَرِّيَّة

بَناتُ آوى وبَناتُ النَّعام

لِأَنِّي أَجعَلُ مِياهًا في البَرِّيَّة

وأَنْهارًا في القَفْرِ لِأَسقِيَ شَعْبي، مُخْتاري

٢١الشَّعبَ الَّذي جَبَلتُه لي

فهم يُحَدِّثونَ بِحَمْدي.

إسرائيل ناكر الجميل

٢٢لٰكِنَّكَ لم تَدعُني يا يَعْقوب

وسَئِمتَني يا إِسْرائيل

٢٣لم تَأتِني بِحَمَلِ مُحرَقاتِكَ

ولم تُكرِمْني بِذبائِحِكَ

وأَنا لم أَستَعبِدْكَ بِتَقدِمَة

ولا أَسأَمتُكَ بِبَخور.

٢٤لم تَشتَرِ لي بِالفِضَّةِ قَصَبَ طيبٍ

ولم تُروِني مِن شَحمِ ذَبائِحِكَ

بل أَنتَ ٱستَعبَدتَني بِخَطاياكَ

وأَسأَمتَني بِآثامِكَ.

٢٥أَنا أَنا الماحي مَعاصِيَكَ لِأَجْلي

وخَطاياكَ لا أَذكُرُها.

٢٦ذَكِّرْني فنَتَحاكَمَ مَعًا

وٱحسُبْ أَنتَ لِكَي تُبَرِّرَ نَفسَكَ.

٢٧أَبوكَ الأَوَّلُ خَطِئَ.

ووُسَطاؤُكَ عَصَوني

٢٨فأَلحَقتُ العارَ بِرُؤَساءِ القُدْسِ

وأَسلَمتُ يَعْقوبَ إِلى التَّحْريم

وإِسْرائيلَ إِلى الشَّتائِم.

أشعيا ٤٤

بركة على إسرائيل

١والآنَ ٱسمَعْ يا يَعْقوبُ عَبْدي

ويا إِسْرائيلُ الَّذي ٱختَرتُه

٢هٰكذا قالَ الرَّبُّ صانِعُكَ

وجابِلُكَ مِنَ البَطنِ والَّذي يُعينُكَ:

لا تَخَفْ يا يَعْقوبُ عَبْدي

ويا يَشورونُ الَّذي ٱختَرتُه

٣فإِنِّي أُفيضُ المِياهَ على العَطْشان

والسُّيولَ على اليَبَس.

أُفيضُ روحي على ذُرِّيَّتِكَ

وبَرَكَتي على سُلالَتِكَ

٤فيَنبُتونَ كما بَينَ العُشْب

كالصَّفْصافِ على مَجاري المِياه.

٥هٰذا يَقولُ: أَنا لِلرَّبّ

وهٰذا يَتَسَمَّى بِٱسمِ يَعْقوب

وهٰذا يَكتُبُ على يَدِه: لِلرَّبّ

ويَتَلَقَّبُ بِٱسمِ إِسْرائيل.

لا إِلٰه إِلَّا الله

٦هٰكذا قالَ الرَّبُّ مَلِكُ إسْرائيل

وفاديه رَبُّ القُوَّات:

أَنا الأَوَّلُ وأَنا الآخِر

ولا إِلٰهَ غَيري.

٧ومَن مِثْلي؟ فلْيُنادِ

ويُخبِرْ بِالأَمرِ ويَعرِضْه علَيَّ

مُنذُ أَنشأتُ شَعبًا عريقًا في القِدَم

وأَحْداثًا آتِيَة، فلْيُخبِروه بِها.

٨لا تَرْتاعوا ولا تَضطَرِبوا

أَلَم أُسمِعْكم مِن ذٰلك الوَقتِ وأُخبِرْكم؟

أَنتُم شُهودي، فهَل مِن إِلٰهٍ غَيري؟

ما مِن صَخرٍ ولا عِلمَ لي بِه.

عدم الأصنام

٩صُنَّاعُ التَّماثيلِ كُلُّهم باطِل، ومُشتَهَياتُهم لا فائِدَةَ فيها، وشُهودُها لا يُبصِرونَ ولا يَفهَمون فيَخزَون. ١٠مَن الَّذي يُكَوِّنُ إِلٰهًا أَو يَسبِكُ تِمْثالًا لِغَيرِ فائِدة؟ ١١إِنَّ جَميعَ أَتْباعِه يَخزَونَ لِأَنَّ الصُّنَّاعَ بَشَر. لِيَجتَمِعوا كُلُّهم ولْيَمْثُلوا. إِنَّهم يَرْتاعونَ ويَخزَونَ جَميعًا. ١٢الحَدَّادُ يَصنَعُ قَدومًا على الجَمْرِ ويُهَيِّئُها بِالمَطارِق ويَصوغُها بِقُوَّةِ ذِراعِه، ثُمَّ يَجوع فلا تَبْقى لَه قُوَّة، ولا يَشرَبُ ماءً وقد تَعِب. ١٣وحَفَّارُ الخَشَبِ يَمُدُّ الخَيط ويَرسُمُ الصُّورَةَ بِالطَّبْشورة ويُسَوِّيها بِالمِنحَت ويَرسُمُها بِالبِرْكار ويَصنَعُها على شكلِ إِنْسانٍ وجَمالِ بَشَرٍ لِتُقيمَ في البَيت. ١٤قَطَعَ لَه أَرْزًا وأَخَذَ سِندِيانةً وبُطمَةً تَرَكَهما تَنميانِ لَه بَينَ أَشْجارِ الغاب، وغَرَسَ صَنَوبَرَةً فأَنْماها المَطَر. ١٥ثُمَّ يَكونُ ذٰلك لِلإِنْسانِ وَقودًا يأخُذُ مِنه لِيَستَدفِئ، أَو يوقِدُه لِكَي يَخبِزَ خُبزًا، أَو يَعمَلُ مِنه إِلٰهًا يَرتَمي أَمامَه ويَصنَعُ مِنه تِمْثالًا ويَسجُدُ لَه. ١٦يُحرِقُ نِصفَه بِالنَّار، وعلى نِصفِه يَشْوي لَحْمًا، ثُمَّ يأكُلُ ما شُوِيَ ويَشبَعُ ويَستَدفِئُ ويَقول: «آه! قدِ ٱستَدفَأتُ ورَأَيتُ نارًا». ١٧ويَصنَعُ بَقِيَّتَه إِلٰهًا تِمْثالًا يَسجُدُ لَه ويَرتَمي فيُصَلِّي إِلَيه ويقول: «أَنقِذْني، فإِنَّما أَنتَ إِلٰهي».

١٨لا يَعلَمونَ ولا يَفهَمون، لِأَنَّه قد غُشِّيَ على عُيونِهِم لِئَلَّا يُبصِروا وعلى قُلوبِهم لِئَلَّا يَفهَموا. ١٩لا يَرجِعُ إِلى قَلبِه، ولا عِلمَ لَه ولا فَهْمَ لِيَقول: «إِنِّي قد أَحرَقتُ نِصفَه بِالنَّار، وخَبَزتُ خُبزًا على جَمرِه وشَوَيتُ لَحمًا وأَكَلتُ، أَفَأَضَعُ مِن بَقِيَّتِه قَبيحةً؟ أَفأَسجُدُ لِقِطْعَةِ خَشَب؟» ٢٠إِنَّه يَتَعَلَّقُ بِالرَّماد، فقَد أَزاغَه قَلبُه المَغْرور، فلا يُنقِذُ نَفْسَه ولا يَقول: «أَما في يَميني كَذِب؟».

الأمانة للربّ

٢١أُذكُرْ هٰذه يا يَعْقوب

ويا إِسْرائيلُ، فإِنَّكَ عَبْدي

قد جَبَلتُكَ فأَنتَ عَبْدي

يا إِسْرائيلُ، لن أَنْساكَ

٢٢مَحَوتُ كالسَّحابِ مَعاصِيَكَ

وكالغَمامِ خَطاياكَ.

إِرجِعْ إِلَيَّ فقَدِ ٱفتَدَيتُكَ.

٢٣إِهتِفي أَيَّتُها السَّمٰوات

لِأَنَّ الرَّبَّ قد فَعَل.

أُصرُخي يا أَعْمَاقَ الأَرض

إِندَفِعي بِالهُتافِ أَيَّتُها الجِبال

والغاباتُ وكُلُّ شَجَرٍ فيها

لِأَنَّ الرَّبَّ قدِ ٱفتَدى يَعْقوب

وتَمَجَّدَ بِإِسْرائيل.

الله خالق العالم وسيّد التاريخ

٢٤هٰكذا قالَ الرَّبُّ فاديكَ

وجابِلُكَ مِنَ البَطْن:

أَنا الرَّبُّ صانِعُ كُلِّ شَيء

ناشِرُ السَّمٰواتِ وَحْدي

وباسِطُ الأَرضِ: فمَن كانَ معي؟

٢٥مُبطِلُ آياتِ الضَّارِبينَ بِالفَأل

ومُحَمِّقُ العَرَّافين

ورادُّ الحُكَماءِ إِلى الوَراء

ومُحَوِّلُ عِلمِهم إِلى غَباوة

٢٦مُؤَيِّدُ كَلامِ عَبدِه

ومُتَمِّمُ مَقاصِدِ رُسُلِه

القائِلُ لِأُورَشَليم: «ستُعمَرين»

ولِمُدُنِ يَهوذا: «ستُبنَين

وأَنا أُقيمُ المُتَهَدِّمَ مِنها»

٢٧القائلُ لِلْهاوِيَة: «إِنشَفي

أَنا أُجَفِّفُ أَنْهارَكِ»

٢٨القائِلُ لِقُورَش: «أَنتَ راعِيَّ

مُتَمِّمُ كُلِّ ما أَشاء».

والقائِلُ لِأُورَشَليم: «ستُبنَين»

ولِلهَيكَل: «ستُؤَسَّس».

أشعيا ٤٥

قورش أداة في يد الله

١هٰكذا قالَ الرَّبُّ لِمَسيحِه:

لقُورُشَ الَّذي أَخَذتُ بِيَمينِه

لِأُخضِعَ الأُمَمَ بَينَ يَدَيه

وأَحُلَّ أَحْقاءَ المُلوك

لِأَفتَحَ أَمامَه المَصاريع

ولا تُغلَقَ الأَبْواب.

٢إِنِّي أَسيرُ قُدَّامَكَ

فأُقَوِّمُ المُعوَجّ

وأُحَطِّمُ مَصاريعَ النُّحاس

وأُكَسِّرُ مَغاليقَ الحَديد

٣وأُعْطيكَ كُنوزَ الظُّلمَةِ ودَفائِنَ المَخابِئ

لِتَعلَمَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ

الَّذي دَعاكَ بِاسمِكَ، إِلٰهُ إِسْرائيل.

٤لِأَجلِ عَبْدي يَعْقوب

وإِسْرائيلَ مُخْتاري

دَعَوتُكَ بِٱسمِكَ ولَقَّبتُكَ

وأَنتَ لم تَعرِفْني.

٥أَنا الرَّبُّ ولَيسَ مِن رَبٍّ آخَر

لَيسَ مِن دوني إِلٰه.

شَدَدتُكَ بِزُنَّار

وأَنتَ لم تَعرِفْني

٦لِكَي يَعلَموا مِن مَشرِقِ الشَّمسِ ومِن مَغرِبِها

أَنَّه لَيسَ غَيري.

أَنا الرَّبُّ ولَيسَ مِن رَبٍّ آخَر.

٧أَنا مُبدِعُ النُّورِ وخالِقُ الظَّلام

وصانِعُ الهَناءِ وخالِقُ الشَّقاء

أَنا الرَّبُّ صانِعُ هٰذه كُلِّها.

دعاء

٨أُقطُري أَيَّتُها السَّمٰواتُ مِن فَوق

ولْتُمطِرِ الغُيومُ البِرّ

لِتَنفَتِحِ الأَرضُ وليُبَرعِمِ الخَلاص

ولْيَنبُتِ البِرُّ أَيضًا.

أَنا الرَّبُّ خَلَقتُ ذٰلك.

سلطان الربّ المطلق

٩وَيلٌ لِمَن يُخاصِمُ جابِلَه

وهو خَزَفَةٌ مِن خَزَفِ الأَرض.

أَيَقولُ الطِّينُ لِجابِلِه: «ماذا تَصنَع

أَو عَمَلُكَ لَيسَ لَه يَدان؟»

١٠وَيلٌ لِمَن يَقولُ لِأَبٍ: «ماذا تَلِد؟»

ولِٱمرَأَةٍ: «ماذا تَضَعين؟»

١١هٰكذا قالَ الرَّبّ:

قُدُّوسُ إِسْرائيلَ وجابِلُه:

إِسأَلوني عَمَّا سَيَأتي

أَمَّا بَنِيَّ وعَمَلُ يَدَيَّ

أَفتُراكم توصونَني في أَمرِهم؟

١٢أَنا صَنَعتُ الأَرضَ

وخَلَقتُ البَشَرَ علَيها.

يَدايَ بَسَطَتا السَّمٰوات

وأَنا أَمَرتُ جَميعَ قُوَّاتِها.

١٣أَنا أَقَمتُه لِلبِرّ

وسأُقَوِّمُ جَميعَ طُرُقِه

هو يَبْني مَدينَتي ويُطلِقُ مَجلُوِّيَّ

بلا ثَمَنٍ ولا رَشوَة، قالَ رَبُّ القُوَّات.

توبة الأمم الوثنيّة

١٤هٰكذا قالَ الرَّبّ:

سَعيُ مِصرَ وتِجارَةُ كوش

وأَهلُ سبَأَ الطِّوالُ القامة

يَعبُرونَ إِلَيكَ ويَكونونَ لَكَ.

يَسيرونَ وَراءَكَ ويَعبُرونَ بِالقُيود

ويَرتَمونَ أَمامَكَ ويَتَضَرَّعونَ إِلَيكَ

قائِلين: إِنَّما اللهُ فيكَ

ولَيسَ مِن إِلٰهٍ آخَر، والآلِهَةُ عَدَم.

١٥إِنَّكَ لَإِلٰهٌ مُحتَجِب

يا إِلٰهَ إِسْرائيلَ المُخَلِّص.

١٦لقد خَزَوا وخَجِلوا كُلُّهم مَعًا

ذَهَبَ صُنَّاعُ الأَصْنامِ بِالخَجَل.

١٧أَمَّا إِسْرائيلُ فيُخَلَّصُ بِالرَّبِّ خَلاصًا أَبَدِيًّا

إِنَّكُم لا تَخزَونَ ولا تَخجَلون

إِلى أَبَدِ الدُّهور

١٨لِأَنَّه هٰكذا قالَ الرَّبُّ خالِقُ السَّمٰوات

هو اللهُ جابلُ الأَرضِ وصانِعُها

الَّذي أَقَرَّها ولم يَخلُقْها خَواءً

بل جَبَلَها لِلسُّكْنى:

إِنِّي أَنا الرَّبُّ ولَيسَ مِن رَبٍّ آخَر.

١٩لم أَتَكَلَّمْ في الخُفْيَة

في مَكانٍ مُظلِمٍ مِنَ الأَرض

ولم أَقُلْ لِذُرِّيَّةِ يَعْقوب:

إلتَمِسوني في الخَواء

أَنا الرَّبُّ المُتَكَلِّمُ بِالبِرّ

المُخبِرُ بِالِٱستِقامة.

الله سيّد الكون بأسره

٢٠إِجتَمِعوا وهَلُمُّوا وتَقَدَّموا جَميعًا

يا أَيُّها النَّاجونَ مِنَ الأُمَم

لا عِلمَ لِلَّذينَ يَحمِلونَ تِمْثالَهُمُ الخَشَبِيّ

ويُصَلُّونَ لإِلٰهٍ لا يُخَلِّص.

٢١أَخبِروا وقَدِّموا بَراهينَكم

ولْيَتَشاوَروا مَعًا.

مَنِ الَّذي أَسمَعَ بِهٰذه مِنَ القَديم

وأَخبَرَ بِها مِن ذٰلك الزَّمان؟

أَلَستُ أَنا الرَّبّ؟

فإِنَّه لَيسَ مِن رَبٍّ آخَر، لا إِلٰهَ غَيري

إِلٰهٌ بارٌّ مُخَلِّصٌ، لَيسَ سِوايَ.

٢٢تَوَجَّهوا إِلَيَّ فتَخلُصوا

يا جَميعَ أَقاصي الأَرض

فإِنِّي أَنا اللهُ ولَيسَ مِن إِلٰهٍ آخر.

٢٣بِذاتي أَقسَمتُ ومِن فَمي خَرَجَ البِرّ

كَلِمَةٌ لا رُجوعَ عَنها

ستَجْثو لي كُلُّ رُكبَة

ويُقسِمُ بي كُلُّ لِسان

٢٤سَيَقولون فِيَّ: بِالرَّبِّ وَحدَه البِرُّ والقُوَّة

وإِلَيه يَأتي جَميعُ الَّذينَ غَضِبوا علَيه فيَخزَون.

٢٥بِالرَّبِّ تَتَبَرَّرُ وتَفتَخِر

كُلُّ ذُرِّيَّةِ إِسْرائيل.

أشعيا ٤٦

سقوط بابل

١قد رَكَعَ بالٌ وٱنْحَنى نَبو

وصارَت أَصنامُهم على حَيَواناتٍ وبَهائِم.

إِنَّ مَحْمولاتِكمُ الَّتي تُقِلُّونَها

هي لَها حِملٌ مُنهِك

٢إِنحَنَت ورَكَعَت جَميعًا

ولم تَستَطِعْ أَن تُنَجِّيَ الحِمْل

هي أَنفُسُها ذَهَبَت إِلى الأَسْر.

٣إِسمَعوا لي يا بَيتَ يَعْقوب

ويا بَقِيَّةَ بَيتِ إِسْرائيل

الَّذينَ أُقِلُّوا مِنَ البَطْنِ

وحُمِلوا مِنَ الرَّحِم.

٤إِلى شَيخوخَتِكم أَنا أَنا

وإِلى مَشيبِكم أَحتَمِلُكم

أَنا صَنَعتُكم فأَنا أَحمِلُكم

أَنا أَحتَمِلُكم وأُنَجِّيكم.

٥بِمَن تُشَبِّهونَني وتُعادِلونَني

وبِمَن تُقارِنونَني فنَتَشابَه؟

٦يُفرِغونَ الذَّهَبَ مِنَ الكيس

ويَزِنونَ الفِضَّةَ بِالميزان

ويَستَأجِرونَ صانِعًا فيَصنَعُ إِلٰهًا

فيَسجُدونَ له ويَرتَمون أَمامَه.

٧يَحمِلونَه على الكَتِف

ويُقِلُّونَه ويَجعَلونَه مَكانَه

فيَنتَصِبُ لا يَبرَحُ مِن مَكانِه

بل يَصرُخُ إِلَيه صارِخٌ فلا يُجيب

ولا يُخَلِّصُه مِن ضيقِه.

٨أُذكُروا ذٰلك وكونوا رِجالًا

وتَأَمَّلوا بِقُلوبِكم أَيُّها العُصاة

٩أُذكُروا الأَوائِلَ مُنذُ الأَزَل

فإِنِّي أَنا اللهُ ولَيسَ مِن إِلٰهٍ آخَر

أَنا اللهُ ولَيسَ مِن إِلٰهٍ مِثْلِي.

١٠أَنا المُخبِرُ مُنذُ البَدءِ بِما سَيَأتي

ومِنَ القَديمِ بِما لم يَكُن

قائلًا: إِنَّ تَدْبيري يُحَقَّق

وإِنِّي أَصنَعُ كُلَّ ما أَشاء.

١١أَدْعو مِنَ المَشرِقِ كاسِرًا

ومِنَ الأَرضِ البَعيدةِ رَجُلَ تَدْبيري.

قد قُلتُ وسَأُتِمّ

ورَسَمتُ وسأَفعَل.

١٢إِسمَعوا لي يا قُساةَ القُلوب

البَعيدينَ عنِ البِرّ

١٣قَرَّبتُ بِرِّي فلا يَبعُد

وخَلاصي فلا يُبطِئ

وسأَجعَلُ في صِهْيونَ الخَلاص

ولإِسْرائيلَ يَكونُ فَخْري.

أشعيا ٤٧

نحيب على بابل

١إِنزِلي وٱقعُدي على التُّراب

أَيَّتُها البِكرُ بِنتُ بابِل

أُقعُدي على الأَرضِ

فإِنَّه لا عَرشَ لَكِ يا بِنتَ الكَلْدانِيِّينَ

ولا تُدْعَينَ مِن بَعدُ ناعِمَةً مُترَفَة.

٢خُذي الرَّحى وٱطحَني الدَّقيق

إِكشِفي نِقابَكِ وشَمِّري الذَّيل

وٱكشِفي عنِ السَّاقِ وٱعبُري الأَنْهار.

٣ستَنكَشِفُ عَورَتُكِ ويَظهَرُ عارُكِ

إِنِّي أَنتَقِمُ ولا يَمنَعُني أَحَد.

٤إِنَّ فادِيَنا هو رَبُّ القُوَّات

وٱسمُه قُدُّوسُ إِسْرائيل.

٥أُقعُدي صامِتَةً وٱدخُلي في الظَّلام

يا بِنْتَ الكَلْدانِيِّين

فإِنَّكِ لا تُدعَينَ سَيِّدَةَ المَمالِكِ مِن بَعدُ.

٦قد غَضِبتُ على شَعْبي وأَلحَقتُ العارَ بِميراثي

وأَسلَمتُهم إِلى يَدِكِ

فلَم تَصنَعي إِلَيهم رَحمَةً

بل ثَقَّلتِ على الشَّيخِ نَيرَكِ جِدًّا

٧وقُلتِ: «لِلأَبَدِ أَكونُ سَيِّدَةً»

فما وَعَيتِ هٰذه في قَلبِكِ ولا ذَكَرتِ عاقِبَتَها.

٨فٱسمَعي الآنَ هٰذا أَيَّتُها المُتَنَعِّمَة

السَّاكِنَةُ في أَمانٍ، القائِلَةُ في قَلبِها:

«أَنا ولَيسَ غَيري، لن أَبْقى أَرمَلَة

ولن أَعرِفَ الثُّكلَ».

٩سيَأتي علَيكِ كِلا الأَمرَينِ بَغتَةً

في يَومٍ واحِدٍ الثُّكلُ والإِرْمال

فيَنقَضَّانِ علَيكِ بِشِدَّتِهما

بِالرَّغمِ مِن أَنْواعِ سِحرِكِ

وقُوَّةِ رُقاكِ الكَثيرة

١٠قد وَثِقتِ بِخُبثِكِ

وقُلتِ: «لا يَراني أَحَد».

حِكمَتُكِ وعِلمُكِ هُما أَزاغاكِ

فقُلتِ في قَلبِكِ: «أَنا ولَيسَ غَيري».

١١فسيَأتي علَيكِ شَرٌّ

لا تَعلَمينَ كيف تَتَدارَكينَه

وتَنزِلُ علَيكِ كارِثَةٌ

لا تَستَطيعينَ تَجَنُّبَها

ويَأتي علَيكِ بَغتَةً هَلاكٌ لا تَعرِفينَ بِه.

١٢أُمكُثي على رُقاكِ وأَنْواعِ سِحرِكِ

الَّذي تَعِبتِ لِأَجلِه مُنذُ صِباكِ

عَساكِ أَن تَستَفيدي

وعَساكِ أَن تَصيري ذاتَ رُعْب.

١٣قد أَعيَيتِ مِن كَثرَةِ مَشوراتِكِ

فَلْيَقِفِ المُنَجِّمونَ النَّاظِرونَ في الكَواكِب

المُعَرِّفونَ عن رُؤُوسِ الشُّهور

ولْيُخَلِّصوكِ مِمَّا هو آتٍ علَيكِ.

١٤إِنَّهم سيَصيرونَ كالقَشّ

فتُحرِقُهمُ النَّار

ولا يُنقِذونَ أَنفُسَهم مِن يَدِ اللَّهيب

ولا تَبْقى جَمرَةٌ يُستَدفَأُ علَيها

ولا نارٌ يُقعَدُ أَمامَها

١٥هٰذا مَصيرُ كُلِّ ما تَعِبتِ لِأَجلِه.

إِنَّ سَحَرَتَكِ الَّذينَ هم مُنذُ صِباكِ

تَشَرَّدوا كُلٌّ مِنهم إِلى ناحِيَتِه

ولَيسَ مَن يُخَلِّصُكِ.

أشعيا ٤٨

لقد أَنبأ الربّ بكلّ ذلك

١إِسمَعوا هٰذا يا بَيتَ يَعْقوب

المَدعُوِّينَ بِٱسمِ إِسْرائيل

الخارِجينَ مِن مِياهِ يَهوذا

المُقسِمينَ بِٱسمِ الرَّبّ

الذَّاكِرينَ إِلٰهَ إِسْرائيل

بِغَيرِ حَقٍّ ولا بِرّ.

٢وقد دَعَوا أَنفُسَهم مِن مَدينَةِ القُدْس

وٱعتَمَدوا على إِلٰهِ إِسْرائيلَ

الَّذي ٱسمُه رَبُّ القُوَّات.

٣أَخبَرتُ بِالأَوائِلِ مُنذُ ذٰلك الزَّمان

مِن فَمي خَرَجَت وأَسمَعتُ بِها.

بَغتَةً عَمِلتُ فحَدَثَت.

٤لِعِلْمي بِأَنَّكَ قاسٍ

ورَقَبَتُكَ عِرقٌ مِن حَديد

وجَبهَتُكَ مِن نُحاس

٥أَخبَرتُكَ بِهٰذه مُنذُ ذٰلك الزَّمان

ومِن قَبلِ أَن تَحدُثَ أَسمَعتُكَ إِيَّاها

لِئَلَّا تَقول: «صَنَمي صَنَعَها

ومَنْحوتي ومَسْبوكي أَمَرَ بِها».

٦قد سَمِعتَ فَرَأَيتَها كُلَّها

وأَنتُم أَفَلا تُخبِرونَ بِها؟

أَسمَعتُكَ بِمُحدَثاتٍ مُنذُ الآن

وبِمَكْنوناتٍ لم تَعرِفْها.

٧الآنَ خُلِقَت لا مِن ذٰلك الزَّمان

وقَبلَ اليَومِ لم تَسمَعْ بِها

لِئَلَّا تَقول: «هاءَنَذا قد عَرَفتُها».

٨لم تَسمَعْ ولم تَعرِفْ

ومُنذُ ذٰلك الزَّمانِ لم تَنفَتِحْ أُذُنُكَ

فإِنِّي عَلِمتُ أَنَّكَ تَغدُرُ غَدْرًا

ومِنَ البَطنِ سُمِّيتَ عاصِيًا.

٩أَمَّا أَنا فلأَجْلِ ٱسْمي أُؤَخِّرُ غَضَبي

ولِأَجلِ حَمْدي أُمسِكُ عنكَ

لِئَلَّا أَستَأصِلَكَ.

١٠ها قد مَحَّصتُكَ لا لِلفِضَّة

وٱمتَحَنتُكَ في بوتَقَةِ العَناء.

١١مِن أَجْلي مِن أَجْلي عَمِلتُ فكَيفَ أُدَنِّس؟ وكَرامَتي لا أُعْطيها لِغَيري.

الربّ اختار قورش

١٢إِسمَعْ لي يا يَعْقوب

ويا إِسْرائيلُ الَّذي دَعَوتُه

أَنا هو، أَنا الأَوَّلُ وأَنا الآخِر.

١٣يَدي أَسَّسَتِ الأَرض

ويَميني بَسَطَتِ السَّمَوات.

أَدْعوهُنَّ فيَقِفنَ جَميعًا.

١٤إِجتَمِعوا كُلُّكم وٱسمَعوا

مَن مِنهم أَخبَرَ بِهٰذه؟

إِنَّ الَّذي أَحَبَّه الرَّبّ

هو يَقْضي مَشيئَتَه على بابِل

وذِراعُه هي الَّتي تَكونُ على الكَلْدانِيِّين.

١٥أَنا أَنا تَكَلَّمتُ ودَعَوتُه

وأَتَيتُ بِه، وسيَنجَحُ طَريقُه.

مصير إسرائيل

١٦تَقَدَّموا إِلَيَّ وٱسمَعوا هٰذه:

إِنِّي مِنَ البَدءِ لم أَتَكَلَّمْ في خُفْيَة.

أَنا مِن قَبلِ أَن يَحدُثَ الأَمرُ كنتُ هُناك

والآنَ أَرسَلَني السَّيِّدُ الرَّبُّ هو وروحُه.

١٧هٰكذا قالَ الرَّبُّ فاديكَ

قُدُّوسُ إِسْرائيل:

أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكَ الَّذي يُعَلِّمُكَ ما يَنفَع

ويَهْديكَ الطَّريقَ الَّذي تَسيرُ فيه.

١٨لَيتَكَ أَصغَيتَ إِلى وَصاياي

فكانَ سَلامُكَ كالنَّهرِ

وبِرُّكَ كأَمْواجِ البَحْر

١٩وكانَت ذُرِّيَّتُكَ كالرَّمْل

وسُلالَةُ أَحْشائِكَ كحَصاة

فلم يَنقَرِضْ ولم يَبِدِ ٱسمُه مِن أَمامي.

نهاية الجلاء

٢٠أُخرُجوا مِن بابِل

أُهرُبوا مِنَ الكَلْدانِيِّينَ

بِصَوتِ الهُتاف أَخبِروا بِهٰذا ونادوا بِه

أَذيعوه إِلى أَقاصي الأَرض.

قولوا: قدِ ٱفتدى الرَّبُّ عَبدَه يَعْقوب.

٢١ولم يَعطَشوا في القِفارِ الَّتي سَيَّرَهم فيها

بل فَجَّرَ لَهمُ المِياهَ مِنَ الصَّخْرِ

شَقَّ الصَّخرَ ففاضَتِ المِياه

٢٢لا سَلامَ لِلأَشْرار، يَقولُ الرَّبّ.

أشعيا ٤٩

النشيد الثاني للعبد

١إِسمَعي لي أَيَّتُها الجُزُر

وأَصْغي أَيَّتُها الشُّعوبُ البَعيدة:

إِنَّ الرَّبَّ دَعاني مِنَ البَطْنِ

وذَكَرَ ٱسْمي مِن أَحْشاءِ أُمِّي

٢وجَعَلَ فَمي كَسَيفٍ ماضٍ

وفي ظِلِّ يَدِه خَبَأَني

وجَعَلَني سَهمًا مُحَدَّدًا

وفي جَعبَتِه سَتَرَني

٣وقالَ لي: «أَنتَ عَبْدي يا إِسْرائيل

فإِنِّي بِكَ أَتَمَجَّد».

٤فقُلتُ: «إِنِّي باطِلًا تَعِبتُ

وسُدًى وعَبَثًا أَتلَفتُ قُوَّتي».

إِلَّا أَنَّ حَقِّي عِندَ الرَّبّ

وأَجْري عِندَ إِلٰهي.

٥والآنَ قالَ الرَّبُّ

الَّذي جَبَلَني مِنَ البَطنِ عَبدًا لَه

لِأَرُدَّ يَعْقوبَ إِلَيه

فيَجتَمِعَ إِلَيه إِسْرائيل

فأكونَ مُمَجَّدًا في عَينَيِ الرَّبّ

ويَكونَ إِلٰهي عِزَّتي.

٦قالَ: «قَليلٌ أَن تَكونَ لي عَبدًا

لتُقيمَ أَسْباطَ يَعْقوب

وتَرُدَّ المَحْفوظينَ مِن إِسْرائيل.

إِنِّي قد جَعَلتُكَ نورًا لِلأُمَم

لِيَبلُغَ خَلاصي إِلى أَقاصي الأَرض»

٧هٰكذا قالَ الرَّبّ

فادي إِسْرائيلَ وقُدُّوسُه

لِلَّذي هو مَرْذولُ النَّفْس

وقَبيحةُ الأُمَم، لِعَبدِ الطُّغاة:

مُلوكٌ يَنظُرونَ ويَقومون

ورُؤَساءُ يَسجُدونَ لِأَجلِ الرَّبِّ الأَمين

وقُدُّوسِ إِسْرائيلَ الَّذي ٱخْتارَكَ

فرح العودة

٨هٰكذا قالَ الرَّبّ:

إِستَجَبتُ لَكَ في وَقتِ الرِّضى

وأَعَنتُكَ في يَومِ الخَلاص

وجَبَلتُكَ وجَعَلتُكَ عَهدًا لِلشَّعْب

لِتُنهِضَ الأَرضَ وتُوَرِّثَ المَواريثَ المُدَمِّرة

٩لِتَقولَ لِلأَسْرى: «أُخرُجوا»

ولِلَّذينَ في الظُّلْمَةِ: «إِظْهَروا»

فيَرعونَ في الطُّرُق

ويَكونُ مَرْعاهم في كُلِّ الرَّوابي الجَرْداء.

١٠لا يَجوعونَ ولا يَعْطَشون

ولا تَلفَحُهمُ السَّمومُ ولا الشَّمْس

لِأَنَّ راحِمَهم يَهْديهم

وإِلى يَنابيعِ المِياهِ يورِدُهم.

١١أَجعَلُ جَميعَ جِبالي طَريقًا وسُبُلي مُرتَفِعَة.

١٢هٰؤُلاءِ مِن بَعيدٍ يأتون

وهٰؤُلاءِ مِنَ الشَّمالِ والغَرْب

وهٰؤُلاءِ مِن أَرضِ السّينيّين.

١٣إِهتِفي أَيَّتُها السَّمٰوات

وٱبتَهِجي أَيَّتُها الأَرض

وٱندَفِعي بِالهُتافِ أَيَّتُها الجِبال

فإِنَّ الرَّبَّ قد عَزَّى شَعبَه ورَحِمَ بائِسيه.

١٤قالَت صِهْيون: «تَرَكَني الرَّبّ

ونَسِيَني سَيِّدي».

١٥أَتَنْسى المَرأَةُ رَضيعَها

فلا تَرحَمُ ٱبنَ بَطنها؟

حتَّى ولَو نَسِيَتِ النِّساء

فأَنا لا أَنْساكِ.

١٦هاءَنَذا على كَفَّيَّ نَقَشتُكِ

وأَسْوارُكِ أَمامَ عَينَيَّ في كُلِّ حين.

١٧بَنَّاؤُوكِ أَسرَعُ مِن هادِميكِ

ومُخَرِّبوكِ يَرحَلونَ عنكِ.

١٨إِرفَعي طَرفَكِ إِلى ما حَولَكِ وٱنظُري

قدِ ٱجتَمَعوا كُلُّهم وجاؤُوكِ.

حَيٌّ أَنا، يَقولُ الرَّبّ

إِنَّكِ تَلبَسينَهم جَميعًا كالحُلِيّ

وتَتَزَنَّرينَ بِهم كالعَروس.

١٩لِأَنَّ أَخرِبَتَكِ وقِفارَكِ وأَرضَ دَمارِكِ

تَضيقُ الآنَ عنِ السُّكَّان

والَّذينَ ٱبتَلَعوكِ يَبتَعِدون.

٢٠وبَنو ثُكلِكِ أَيضًا يَقولون

على مَسمَعٍ مِنكِ:

«المَكانُ ضَيِّقٌ عَنِّي فأَفسِحي لي لِأَسكُن»

٢١فتَقولينَ في قلبِكِ:

«مَن وَلَد لي هٰؤُلاءِ وأَنا ثَكْلى وعاقِر

ومَجلُوَّةٌ ومَنفِيَّة؟

ومَن رَبَّى هٰؤُلاءِ وهاءَنَذا تُرِكتُ وَحْدي؟

فهٰؤُلاءِ أَينَ كانوا؟»

٢٢هٰكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ:

هاءَنَذا أَرفَعُ إِلى الأُمَمِ يَدي

ولِلشُّعوبِ أَنصِبُ رايَتي

فيَأتونَ بِبَنيكِ في حُضونِهم

وبَناتُكِ يُحمَلنَ على أَكْتافِهم.

٢٣ويَكونُ المُلوكُ لَكِ مُرَبِّين

وأَميراتُهم لَكِ مُرضِعات

وعلى وُجوهِهم إِلى الأَرضِ يَسجُدونَ لَكِ

ويَلحَسونَ تُرابَ قَدَمَيكِ

فتَعلَمينَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ

الَّذي لا يَخْزى مُنتَظِروه.

٢٤أَتُؤخَذُ الغَنيمَةُ مِنَ الجَبَّار

أَو يُفلِتُ الأَسيرُ مِنَ الطَّاغي؟

٢٥لٰكِن هٰكذا قالَ الرَّبّ:

بل يُؤخَذُ الأَسيرُ مِنَ الجَبَّار

وتُفلِتُ غَنيمةُ الطَّاغي

وإِنِّي أُخاصِمُ مُخاصِمَكِ وأُخَلِّصُ بَنيكِ

٢٦وأُطعِمُ ظالمِيكِ مِن لَحمِهم

ويَسكَرونَ مِن دَمِهم كمِنَ النَّبيذ

فيَعلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ

وأَنَّ فادِيَكِ عَزيزُ يَعْقوب.

أشعيا ٥٠

عقاب إسرائيل

١هٰكذا قالَ الرَّبّ:

أَينَ كِتابُ طَلاقِ أُمِّكم

الَّذي طَلَّقتُها بِه؟

أَم لِأَيٍّ مِن دائِنِيَّ بِعتُكم؟

إِنَّما آثامُكم باعَتْكم

ومَعاصيكم طَلَّقَت أُمَّكم

٢فما بالي أَتَيتُ ولَيسَ مِن أَحَد

ودَعوتُ ولَيسَ مِن مُجيب.

أَفَقَصُرَت يَدي قُصورًا عنِ الِٱفتِداء

ولم تَكُنْ لي طاقَةٌ بِالإِنْقاذ؟

هاءَنَذا بِزَجْري أُجَفِّفُ البَحْر

وأَجعلُ الأَنْهارَ قَفرًا

يُنتِنُ سَمَكُها لِعَدَمِ الماء

ويَموتُ مِنَ العَطَش.

٣أُلبِسُ السَّمٰواتِ سَوادًا

وأَجعَلُ كُسوَتَهنَّ المِسْح.

النشيد الثالث للعبد

٤آتاني السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسانَ تِلْميذ

يَبعَثُ كَلِمَةً لِأَعرِفَ أَن أَسنُدَ المُعْيي.

يُنَبِّهُ أُذُني صَباحًا فصَباحًا لِأَسمَعَ كتِلْميذ.

٥السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ أُذُني

فلم أَعصِ ولا رَجَعتُ إِلى الوَراء.

٦أَسلَمتُ ظَهْري لِلضَّارِبين وخَدَّيَّ لِلنَّاتِفين

ولم أَستُرْ وَجْهي عنِ الإِهاناتِ والبُصاق

٧السَّيِّدُ الرَّبُّ يَنصُرُني

لِذٰلك لم أَخجَلْ مِنَ الإِهانة

ولِذٰلك جَعَلتُ وَجْهي كالصَّوَّان

وأَنا عالِمٌ بِأَنِّي لا أَخْزى.

٨مُبَرِّري قَريبٌ فمَنِ الَّذي يُخاصِمُني؟

فلْنَمثُلْ مَعًا

مَن صاحِبُ دَعْوى عَليَّ؟

فليَتَقَدَّمْ إِلَيَّ.

٩ها إِنَّ السَّيِّدَ الرَّبَّ يَنصُرُني

فمَنِ الَّذي يُجَرِّمُني؟

ها إِنَّهم جميعًا كلِباسٍ يَبلَون

العُثُّ يأكُلُهم

١٠مَن مِنكُم يَخافُ الرَّبّ

فلْيَسمَعْ صَوتَ عَبدِه

ومَن يَسيرُ في الظُّلُماتِ ولا ضَوءَ لَه

فلْيَتَوَكَّلْ على ٱسمِ الرَّبّ

ولْيَعتَمِدْ على إِلٰهِه.

١١يا جَميعَ مُوقِدي النَّار

والمُتَزَنِّرينَ بِالجِذاء

أُدخُلوا في لَهيبِ نارِكم

وفي الجِذاءِ الَّتي أَضرَمتُم

هٰذا لَكم من يَدي

إِنَّكم في الأَلَمِ تَضَّجِعون.

أشعيا ٥١

إختيار إِسرائيل ومباركته

١إِسمَعوا لي أَيُّها المُتَّبِعونَ لِلبِرّ

المُلتَمِسونَ لِلرَّبّ

أُنظُروا إِلى الصَّخرِ الَّذي نُحِتُّم مِنه

وإِلى المَقلَعِ الَّذي ٱقتُلِعتُم مِنه.

٢أُنظُروا إِلى إِبْراهيمَ أَبيكم

وإِلى سارةَ الَّتي وَلَدَتكم

فإِنَّه كانَ وَحيدًا حينَ دَعَوتُه

وبارَكتُه وكَثَّرتُه.

٣قد عَزَّى الرَّبُّ صِهْيون

وعَزَّى كُلَّ أَخرِبَتِها

وجَعَلَ بَرِّيَّتَها كعَدْن

وقَفْرَها كَجَنَّةِ الرَّبّ

سيَكونُ فيها السُّرورُ والفَرَح

والحَمْدُ وصَوتُ الأَلْحان.

البِرّ الإِلٰهيّ

٤أَصغِ إِلَيَّ يا شَعْبي

وأَنصِتي إِلَيَّ يا أُمَّتي

فإِنَّ الشَّريعَةَ تَخرُجُ مِنِّي

وحَقِّي أَجعَلُه نورًا لِلشُّعوب.

٥بِرِّي قَريبٌ وخَلاصي قد ظَهَر

وذِراعايَ تَدينانِ الشَّعوب.

إِيَّايَ تَنتَظِرُ الجُزُر

وذِراعي تَرْجو.

٦إِرفَعوا إِلى السَّمٰواتِ عُيونَكم

وٱنظُروا إِلى الأَرضِ مِن تَحتُ

فإِنَّ السَّمٰواتِ كالدُّخانِ تَتَبَدَّد

والأَرضَ كالثَّوبِ تَبْلى

وسُكَّانُها يَموتونَ كالذُّباب

أَمَّا خَلاصي فيَكونُ لِلأَبَد

وبِرِّي لا يُصرَع.

٧إِسمَعوا لي يا عارِفي البِرّ

الشَّعبَ الَّذي في قَلبِه شَريعَتي

لا تَخافوا إِهانَةَ النَّاس

ومِن شَتائِمِهم لا تَرْتاعوا

٨لِأَنَّه كالثَّوبِ يَأكُلُهمُ العُثّ

وكالصُّوفِ يَقرِضُهمُ السُّوس.

أَمَّا بِرِّي فيَبْقى لِلأَبَد

وخَلاصي إِلى جيلِ الأَجْيال.

إنتصار ذراع الحرب

٩إِستَيقِظي ٱستَيقِظي

إِلبَسي العِزَّةَ يا ذِراعَ الرَّبّ

إِستَيقِظي كما في قَديمِ الأَيَّام

وأَجْيالِ الدُّهور.

أَلَستِ أَنتِ الَّتي سَحَقتِ رَهَب

وطَعَنتِ التِّنِّين؟

١٠أَلَستِ أَنتِ الَّتي جَفَّفتِ البَحرَ

مِياهَ الغَمرِ العَظيم

فجَعَلتِ أَعْمَاقَ البَحرِ طَريقًا

يَعبُرُ فيه المُفتَدَون؟

١١فالَّذينَ ٱفتَداهمُ الرَّبُّ سيَرجِعون

ويأتونَ إِلى صِهْيونَ بِهُتاف

ويَكونُ على رُؤُوسِهم فَرَحٌ أَبَدِيّ

ويُرافِقُهمُ السُّرورُ والفَرَح

وتَنهَزِمُ عنهمُ الحَسرَةُ والتَّأَوُّه.

الربّ المعزّي

١٢أَنا أَنا مُعَزِّيكم فمَن أَنتَ

حتَّى تَخافَ مِن إِنْسانٍ يَموت

ومِنِ ٱبنِ آدَمَ يَصيرُ كالعُشْب

١٣وقد نَسيتَ الرَّبَّ صانِعَكَ

الَّذي بَسَطَ السَّمٰواتِ وأَسَّسَ الأَرض

وما زِلتَ تَفزَعُ كُلَّ يَومٍ مِن غَضَبِ المُضايِق

حينَ يَستَعِدُّ لِلتَّدْمير

فأَينَ غَضَبُ المُضايِق؟

١٤عَمَّا قَريبٍ يُفرَجُ عنِ المُنحَني

ولا يَموتُ في الهُوَّةِ ولا يَنقُصُ خُبزُه.

١٥إِنِّي أَنا الرَّبُّ إِلٰهُكَ

الَّذي يُهَيِّجُ البَحرَ فتَهدِرُ أَمْواجُه.

رَبُّ القُوَّاتِ ٱسمُه.

١٦وقد جَعَلتُ كَلامي في فَمِكَ

وبِظِلِّ يَدي سَتَرتُكَ

لِتَغرِسَ السَّمٰواتِ وتُؤَسِّسَ الأَرض

وتَقولَ لِصِهْيونَ: أَنتِ شَعْبي.

إستيقاظ أورشليم

١٧تَيَقَّظي تَيَقَّظي

قومي يا أُورَشَليم

الَّتي شَرِبَت مِن يَدِ الرَّبِّ كأسَ غَضَبِه

شَرِبَت وجَرِعَت ثُمالَةَ كَأسِ التَّزَلُّج.

١٨لَيسَ مَن يُرشِدُها

مِن كُلِّ البَنينَ الَّذينَ وَلَدَتهم

ولا مَن يأخُذُ بِيَدِها

مِن كُلِّ البَنينَ الَّذينَ رَبَّتهم.

١٩مُصيبَتانِ أَصابَتاكِ

فمَنِ الَّذي يَرْثي لَكِ؟

الدَّمارُ والتَّحَطُّمُ والجوعُ والسَّيف

فمَن أَنا حتَّى أُعَزِّيَكِ؟

٢٠بَنوكِ قد أُغمِيَ علَيهم

فهُم مُضطَجِعونَ في رَأسِ كُلِّ شارِع

كالظَّبْيِ في الشِّباك

وقد أَفعَمَهم غَضَبُ الرَّبِّ وزَجْرُ إِلٰهِكِ.

٢١فٱسمَعي أَيَّتُها البائِسة

السَّكْرى لا مِنَ الخَمْر.

٢٢هٰكذا قالَ سَيِّدُكِ

الرَّبُّ إِلٰهُكِ الَّذي يُدافِعُ عن شَعْبِه:

هاءَنَذا قد أَخَذتُ مِن يَدِكِ

كأسَ التَّرَنُّحِ، ثُمالَةَ كأسِ غَضَبي

فلا تَعودينَ تَشرَبينَه

٢٣فسأَجعَلُه في يَدِ مُعَذِّبيكِ

الَّذينَ قالوا لَكِ نَفسِكِ: إنحَني حتَّى نَعبُر

فجَعَلتِ ظَهرَكِ كالأَرض

وكالطَّريقِ لِلعابِرين.

أشعيا ٥٢

تحرير أورشليم

١إِستَيقِظي ٱستَيقِظي

إِلبَسي عِزَّكِ يا صِهْيون

إِلبَسي ثِيابَ فَخرِكِ يا أُورَشَليم

يا مَدينَةَ القُدْس

فإِنَّه لا يَعودُ يَدخُلُكِ أَقلَفُ ولا نَجِس.

٢أُنفُضي الغُبارَ عنكِ

قومي ٱجلِسي يا أُورَشَليم

حُلَّت قُيودُ عُنُقُكِ

أَيَّتُها الأَسيرَةُ بِنتُ صِهْيون.

٣فإِنَّه هٰكذا قالَ الرَّبّ:

مَجَّانًا بُعتُم وبِغَيرِ فِضَّةٍ تُفدَون.

٤لِأَنَّه هٰكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ:

نَزَلَ شَعْبي إِلى مِصرَ في القَديم

لِيُقيمَ هُناكَ

وفي آخِرِ الأَمْرِ ظَلَمَه أَشُّور.

٥والآنَ ماذا لي هُناك؟ يَقولُ الرَّبّ

فإِنَّ شَعْبي قد أُخِذَ مَجَّانًا

وزُعَمَاءَه يَصرُخونَ مِنَ الأَلَم

يَقولُ الرَّبّ

وٱسْمي لا يَزالُ يُستَهانُ به كُلَّ يَوم

٦لِذٰلك يَعرِفُ شَعْبيَ ٱسْمي في ذٰلك اليَوم

لِأَنِّي أَنا القائِل: «هاءَنَذا حاضِر».

الإنباء بالخلاص

٧ما أَجمَلَ على الجِبالِ قَدَمَيِ المُبَشِّر

المُخبِرِ بِالسَّلامِ المُبَشِّرِ بِالخَير

المُخبِرِ بِالخَلاص

القائِلِ لِصِهْيون: «قد مَلَكَ إِلٰهُكِ».

٨أَصْواتُ رُقَبائِكِ!

قد رَفَعوا أَصْواتَهم وهم يَهتِفونَ جَميعًا

لِأَنَّهم يَرَونَ عِيانًا

الرَّبَّ راجِعًا إِلى صِهْيون.

٩إِندَفِعي بِالهُتافِ جَميعًا يا أَخرِبَةَ أُورَشَليم

فإِنَّ الرَّبَّ قد عَزَّى شَعبَه وٱفتَدى أُورَشَليم.

١٠كَشَفَ الرَّبُّ عن ذِراعِ قُدسِه

على عُيونِ جَميعِ الأُمَم

فتَرى كُلُّ أَطْرافِ الأَرضِ خَلاصَ إِلٰهِنا.

١١إِنصَرِفوا ٱنصَرِفوا

أُخرُجوا مِن هُناك

لا تَمَسُّوا نَجِسًا

أُخرُجوا مِن وَسَطِها

تَطَهَّروا يا حامِلي آنِيَةِ الرَّبّ.

١٢فإِنَّكم لا على عَجَلٍ تَخرُجون

ولا كمَن يَهرُبُ تَسيرون

بل أَمامَكم يَسيرُ الرَّبّ

ويَجمَعُكم إِلٰهُ إِسْرائيل.

النشيد الرابع للعبد

١٣هُوَذا عَبْدي يُوَفَّق

يَتَعالى ويَرتَفِعُ ويَتَسامى جِدًّا.

١٤كما أَنَّ كَثيرينَ ذُعِروا في شأنِكَ

هٰكذا لم يَعُدْ مَنظَرُه مَنظَرَ إِنْسان

وصورتُه صورَةَ بَني آدَم.

١٥هٰكذا تَنتَفِضُ أُمَمٌ كَثيرة

وأَمامَه يَسُدُّ المُلوكُ أَفْواهَهم

لِأَنَّهم رَأَوا ما لم يُخبَروا به

وعايَنوا ما لم يَسمَعوا بِه.

أشعيا ٥٣

١مَنِ الَّذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنَّا

ولِمَن كُشِفَت ذِراعُ الرَّبّ؟

٢فإِنَّه نَبَتَ كفَرْعٍ أَمامَه

وكأَصلٍ مِن أَرضٍ قاحِلَة

لا صورَةَ لَه ولا بَهاءَ فنَنظُرَ إِلَيه

ولا مَنظَرَ فنَشتَهِيَه.

٣مُزدَرًى ومَتْروكٌ مِنَ النَّاس

رَجُلُ أَوجاعٍ وعارِفٌ بِالأَلم

ومِثلُ مَن يُستَرُ الوَجهُ عنه

مُزدَرًى فلَم نَعبَأْ بِه.

٤لقَد حَمَلَ هو آلامَنا وٱحتَمَلَ أَوجاعَنا

فحَسِبْناه مُصابًا مَضْروبًا مِنَ اللهِ ومُذَلَّلًا.

٥طُعِنَ بِسَبَبِ مَعاصينا وسُحِقَ بِسَبَبِ آثامِنا

نَزَلَ بِه العِقابُ مِن أَجلِ سَلامِنا

وبجُرحِه شُفينا.

٦كُلُّنا ضَلَلْنا كالغَنَم

كُلُّ واحِدٍ مالَ إِلى طَريقِه

فأَلقى الرَّبُّ علَيه إِثمَ كُلِّنا.

٧عُومِلَ بِقَسوَةٍ فتَواضَع

ولم يَفتَحْ فاهُ

كحَمَلٍ سيقَ إِلى الذَّبْحِ

كنَعجَةٍ صامِتَةٍ أَمامَ الَّذينَ يَجُزُّونَها

ولم يَفتَحْ فاهُ

٨بالإِكْراهِ وبِالقَضاءِ أُخِذَ

فمَن يُفَكِّرُ في مَصيرِه؟

قدِ ٱنقَطَعَ مِن أَرضِ الأَحْياء

وبِسَبَبِ مَعصِيَةِ شَعْبي ضُرِبَ حتَّى المَوت

٩فجُعِلَ قَبرُه مع الأَشْرار

وضَريحُه مع الأَغنِياء

مع أَنَّه لم يَصنَعْ عُنفًا

ولم يوجَدْ في فَمِه مَكْر.

١٠والرَّبُّ رَضِيَ أَن يَسحَقَ ذاك

الَّذي أَمرَضَه

فإِذا قَرَّبَت نَفسُه ذَبيحَةَ إِثمٍ

يَرى ذُرِّيَّةً وتَطولُ أَيَّامُه

ورِضى الرَّبِّ يَنجَحُ عن يَدِه.

١١بِسَبَبِ عَناءِ نَفْسِه يَرى النُّور

ويَشبَعُ بِعِلمِه

يُبَرِّرُ عَبْدِيَ البارُّ الكَثيرين

وهو يَحتَمِلُ آثامَهم.

١٢فلِذٰلك أَجعَلُ لَه نَصيبًا بَينَ العُظَماء

وغَنيمةً مع الأَعِزَّاء

لِأَنَّه أَسلَمَ نَفْسَه لِلمَوت

وأُحصِيَ مع العُصاة

وهو حَمَلَ خَطايا الكَثيرين

وشَفَعَ في مَعاصيهم.

أشعيا ٥٤

إنتقام أورشليم

١إِهتِفي أَيَّتُها العاقِرُ الَّتي لم تَلِدْ

إِندَفِعي بالهُتاف وٱصرُخي

أَيَّتُها الَّتي لم تَتَمَخَّض

فإِنَّ بَني المَهْجورة

أَكثَرُ مِن بَني المُتَزَوِّجَة، قالَ الرَّبّ.

٢وَسِّعي مَوضِعَ خَيمَتِكِ

ولْيَبسُطوا جُلودَ مَساكِنِكِ، ولا تَمْنَعيهم. طَوِّلي أَطْنابَكِ وثَبِّتي أَوتادَكِ

٣فإِنَّكِ تَتَجاوَزينَ إِلى اليَمينِ وإِلى الشَّمال

ويَرِثُ نَسلُكِ الأُمَمَ ويُعَمِّرُ المُدُنَ الخَرِبَة.

٤لا تَخافي فإِنَّكِ لا تَخزَين

ولا تَخجَلي فإِنَّكِ لا تَفتَضِحين

لِأَنَّكِ ستَنسَينَ خِزْيَ صِباكِ

ولا تَذكُرينَ عارَ إِرْمالِكِ مِن بَعدُ.

٥لِأَنَّ زَوجَكِ هو صانِعُكِ

الَّذي رَبُّ القُوَّاتِ ٱسمُه

وفاديكِ هو قُدُّوسُ إِسْرائيل

يُدْعى إِلٰهَ الأَرضِ كُلِّها.

٦وقَد دَعاكِ الرَّبُّ

كٱمرَأَةٍ مَهْجورةٍ كَئيبَةِ الرُّوح.

وهل تُرذَلُ زَوجَةُ الصِّبا؟ يَقولُ إِلٰهُكِ

٧هُنَيهَةً هَجَرتُكِ وبِمَراحِمَ عَظيمَةٍ أَضُمُّكِ.

٨في سَورَةِ غَضَبٍ

حَجَبتُ وَجْهي عنكِ لَحْظَةً

وبِرَأفَةٍ أَبَدِيَّةٍ أَرحَمُكِ

قالَ الرَّبُّ فاديكِ.

٩فذٰلك يَكونُ لَدَيَّ كأَيَّامِ نوح

حينَ أَقسَمتُ أَلَّا تَعبُرَ مِياهُ نوحٍ على الأَرْض

وكذٰلك أُقسِمُ

أَلَّا أَغضَبَ علَيكِ وأَلَّا أَزجُرَكِ.

١٠وإِنِ ٱبتَعَدَتِ الجِبالُ وتَزَعزَعَتِ التِّلال

فإِنَّ رَأفَتي لن تَبتَعِدَ عنكِ

وعَهدَ سَلامي لن يَتَزَعزَع

قالَ الرَّبُّ راحِمُكِ.

أورشليم الجديدة

١١أَيَّتُها البائِسَةُ أُلْعوبَةُ الرِّياح

غَيرُ المُتَعَزِّية

هاءَنَذا أُكَحِّلُ حِجارَتَكِ وأُؤَسِّسُكِ باللَّازَوَرْد

١٢وأَجعَلُ شُرَفَكِ ياقوتًا وأَبْوابَكِ حِجارَةً لامِعَة

وكُلَّ مُحيطِكِ حجارةً كَريمة.

١٣وجَميعُ بَنيكِ يَكونونَ تَلامِذَةَ الرَّبّ

وسَلامُ بَنيكِ يَكونُ عَظيمًا

١٤تُثَبَّتينَ في البِرّ

وتَبعُدينَ عنِ الظُّلمِ فإِنَّكِ لا تَخافين

وعنِ الدَّمارِ فإِنَّه لا يَدْنو مِنكِ.

١٥إِن هُجِمَ علَيكِ فلَيسَ مِن عِنْدي

ومَن هَجَمَ علَيكِ يَسقُطُ أَمامَكِ.

١٦ها إِنِّي أَنا خَلَقتُ الحَدَّاد

الَّذي يَنفُخُ الجَمرَ في النَّار

ويُخرِجُ أَداةً لِعَمَلِه

وأَنا خَلَقتُ المُدَمِّرَ لِلإِبادة

١٧كُلُّ سِلاحٍ صُنِعَ علَيكِ لا يَنجَح

وكُلُّ لِسانٍ يَقومُ علَيكِ في القَضاءِ

تَرُدِّينَه مُجَرَّمًا.

هٰذا ميراثُ عَبيدِ الرَّبّ

وبِرُّهم مِنِّي، يَقولُ الرَّبّ.

أشعيا ٥٥

دعوة ختاميّة

١أَيُّها العِطاشُ جَميعًا

هَلُمُّوا إِلى المِياه

والَّذينَ لا فِضَّةَ لَهم

هَلُمُّوا ٱشتَروا وكُلوا

هَلُمُّوا ٱشتَروا بِغيرِ فِضَّةٍ ولا ثَمَن

خَمْرًا ولَبَنًا حَليبًا

٢لِمَاذا تَزِنونَ فِضَّةً لِما لَيسَ بِخُبْز

وتَتعَبونَ لِما لا شِبَعَ فيه؟

إِسمَعوا لي سماعًا وكُلوا الطَّيِّب

ولْتَتَلَذَّذْ بِالدَّسَمِ نُفوسُكم.

٣أَميلوا آذانَكم وهَلُمُّوا إِلَيَّ

إِسمَعوا فتَحْيا نُفوسُكم

فإِنِّي أُعاهِدُكم عَهدًا أَبَدِيًّا

على الخَيراتِ الَّتي وُعِدَ بِها داوُد.

٤هاءَنَذا جَعَلتُه لِلشُّعوبِ شاهِدًا

لِلشُّعوبِ قائِدًا وآمِرًا.

٥ها إِنَّكَ تَدْعو أُمَّةً لم تَكُنْ تَعرِفُها

وإِلَيكَ تَسْعى أُمَّةٌ لم تَكُنْ تَعرِفُكَ

بِسَبَبِ الرَّبِّ إِلٰهِكَ

وقُدُّوسِ إِسْرائيلَ الَّذي مَجَّدَكَ.

٦إِلتَمِسوا الرَّبَّ ما دامَ يوجَد

أُدْعوه ما دامَ قَريبًا.

٧لِيَترُكِ الشِّرِّيرُ طَريقَه والأَثيمُ أَفْكارَه

ولْيَرجِعْ إِلى الرَّبِّ فيَرحَمَه

وإِلى إِلٰهِنا فإِنَّه يُكثِرُ العَفْو

٨فإِنَّ أَفكاري لَيسَت أَفْكارَكم

ولا طُرُقُكم طُرُقي، يَقولُ الرَّبّ.

٩كما تَعْلو السَّمٰواتُ عنِ الأَرض

كذٰلك طُرُقي تَعْلو عن طُرُقِكم

وأَفْكاري عن أَفْكارِكم

١٠لِأَنَّه كما يَنزِلُ المَطَرُ والثَّلجُ مِنَ السَّماء

ولا يَرجِعُ إِلى هُناك

دونَ أَن يُروِيَ الأَرض

ويَجعَلَها تُنتِجُ وتُنبِت

لِتؤتِيَ الزَّارِعَ زَرعًا والآكِلَ طَعامًا

١١فكذٰلك تَكونُ كَلِمَتي

الَّتي تَخرُجُ مِنَ فمي:

لا تَرجِعُ إِلَيَّ فارِغة

بل تُتِمُّ ما شِئتُ وتَنجَحُ فيما أَرسَلْتُها لَه.

الخاتمة

١٢فإِنَّكم بِفَرَحٍ تَخرُجون

وبِسَلامٍ تُعادون

والجِبالُ والتِّلالُ تَندفِعُ بِالهُتافِ أَمامَكم

وجَميعُ أَشْجارِ الحُقولِ تُصَفِّقُ بِالأَيدي.

١٣مَكانَ العُلَّيقِ يَنبُتُ السَّروُ

ومَكانَ القُرَّاصِ يَنبُتُ الآس

ويَكونُ ذٰلك لِلرَّبِّ ٱسمًا.

وآيَةً أَبَدِيَّةً لا تَنقَرِض.

القسم الثالث

أشعيا ٥٦

وعد للغرباء

١هٰكذا قالّ الرَّبّ:

حافِظوا على الحَقِّ وأَجْروا البِرّ

فقَدِ ٱقتَرَبَ خَلاصي أَن يَجيءَ

وبِرِّي أَن يَتَجَلَّى.

٢طوبى لِلإِنسانِ العامِلِ بِذٰلك

ولِٱبْنِ آدَمَ المُتَمَسِّكِ بِه

الَّذي يُحافِظُ على السَّبتِ فلا يَنتَهِكُه

ويَحفَظُ يَدَه مِن فِعلِ كُلِّ شَرّ.

٣لا يَقُلِ ٱبنُ الغَريبِ الَّذي ٱنضَمَّ إِلى الرَّبّ: «إِنَّ الرَّبَّ يَفصِلُني عن شَعبِه»

ولا يَقُلِ الخَصِيّ: «ها أَنا شَجَرَةٌ يابِسَة».

٤فإِنَّه هٰكذا قالَ الرَّبُّ لِلخِصْيان:

الَّذينَ يُحافِظونَ على سُبوتي

ويُؤثِرونَ ما رَضيتُ بِه ويَتَمَسَّكونَ بِعَهْدي

٥أُعْطيهم في بَيتي وداخِلَ أَسْواري

نُصُبًا وٱسمًا خَيرًا مِنَ البَنينَ والبَنات

وأُعْطي كُلَّ واحِدٍ مِنهم

ٱسمًا أَبَدِيًّا لا يَنقَرِض.

٦وبَنو الغَريبِ المُنضَمُّونَ إِلى الرَّبِّ

لِيَخدُموه ويُحِبُّوا ٱسمَ الرَّبِّ ويَكونوا لَه عَبيدًا

كُلُّ مَن حافَظَ على السَّبتِ ولم يَنتَهِكْه

وتَمَسَّكَ بِعَهْدي

٧آتي بِهم إِلى جَبَلِ قُدْسي

وأُفَرِّحُهم في بَيتِ صَلاتي

وتَكونُ مُحرَقاتُهم وذَبائِحُهم

مَرضِيَّةً على مَذبَحي

لِأَنَّ بَيتي بَيتَ صَلاةٍ يُدْعى

لِجَميعِ الشُّعوب.

٨يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ

الَّذي يَجمَعُ مَنفِيِّي إِسْرائيل:

سأجمَعُ آخَرينَ أَيضًا إِلى مَجْموعيه.

٩هَلُمِّي يا جَميعَ وُحوشِ الحُقولِ إِلى الأَكْل

ويا جَميعَ وُحوشِ الغاب

١٠فإِنَّ رُقَباءَه كُلَّهم عُمْيانٌ لا عِلمَ لَهم

وكُلَّهم كِلابٌ بُكْمٌ لا يَستَطيعونَ النُّباح

حالِمونَ مُضطَجِعونَ مُحِبُّونَ لِلنَّوم.

١١كِلابٌ نَهِمَةُ الأَخْلاقِ لا تَعرِفُ الشَّبَع

رُعاةٌ لا يَعرِفونَ التَّمْييز

كُلُّهم يَميلونَ إِلى طَريقِهم

وكُلُّ واحِدٍ إِلى مَكاسِبِه عن آخِرِهم.

١٢هَلُمُّوا آتي بِخَمرٍ ونَمتَلِئُ مِنَ المُسكِر

ويَكونُ الغَدُ كاليَومِ، بل أَعظَمَ مِنه كَثيرًا.

أشعيا ٥٧

١هَلَكَ البارُّ ولم يُبالِ أَحَد

وأُزيلَ أَهلُ التَّقْوى ولم يَفْطَنْ أَحَد

أَنَّه بِسَبَبِ الشَّرِّ أُزيلَ البارّ.

٢لٰكِنَّ السَّلامَ سيَأتي

والسَّائِرونَ بِالِٱستِقامة

يَستَقِرُّونَ في مَضاجِعِهم.

على عبادة الأصنام

٣أَمَّا أَنتُم فٱقتَرِبوا إِلى هُنا

يا بَني السَّامِرَة، نَسْلَ الفاسِقِ والزَّانِيَة.

٤بِمَن تَسخَرونَ وعلى مَن تَفتَحونَ أَفْواهَكم

وتَدلَعونَ أَلسِنَتَكم؟

أَلَستُم أَولادَ المَعصِيَةِ ونَسْلَ الكَذِب

٥المُثيرينَ أَنفُسَهم عِندَ البُطْم

تَحتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْراء

الذَّابِحينَ أَولادَهم في الأَودِيَة

تَحتَ شُقوقِ الصَّخْر؟

٦حِجارَةُ الوادي المَصْقولَةُ نَصيبُكِ

هي هي حِصَّتُكِ

لَها سَكَبتِ السَّكيبَ وأَصعَدتِ التَّقدِمَة

أَعن هٰذه أَرْضى؟

٧على جَبَلٍ عالٍ شامِخٍ جَعَلتِ مَضجَعَكِ

إِلى هُناكَ أَيضًا صَعِدتِ لِتَذبَحي الذَّبائِح

٨وَراءَ البابِ والدِّعامَةِ جَعَلتِ تَذْكارَكِ

لِأَنَّكِ تَعَرَّيتِ بَعيدًا عَنِّي

وعَلَوتِ مَضجَعَكِ ووَسَّعتِه

وعَقَدتِ لكِ عَهدًا

مع الَّذينَ أَحبَبتِ مَضجَعَهم

حينَ رَأَيتِ نَصْبَهم

٩وقَرَّبتِ الزَّيتَ إِلى مولَك

وكَثَّرتِ أَطْيابَكِ

وأَرسَلتِ سُفَراءَكِ إِلى بَعيد

وٱنحَطَطتِ إِلى مَثْوى الأَمْوات.

١٠لِكَثرَةِ سَيرِكِ أَعيَيتِ

ولم تَقولي: «يَئِستُ».

استَعَدتِ قُوَّةَ يَدِكِ

لِذٰلك لم تَضعُفي.

١١فمِمَّن خَشيتِ وخِفتِ حتَّى كَذَبتِ؟

فإِنَّكِ لم تَذكُريني ولم تُبالي بي.

أَلَم أَكُنْ ساكِتًا وذٰلك مِنَ الأَزَل؟

فأَنتِ لِهذا لا تَخافينَني.

١٢أُخبِرُ بِبرِّكِ وبِأَعْمالِكِ فلا تَنفَعُكِ.

١٣إِذا صَرَختِ فلتُنقِذْكِ مَجْموعاتُكِ

لٰكِنَّ الرِّيحَ ستَرفَعُها جَميعًا

والنَّسيمَ يَذهَبُ بِها

أَمَّا الَّذي يَعتَصِمُ بي

فيَملِكُ الأَرضَ ويَرِثُ جَبَلَ قُدْسي.

الخلاص للضعفاء

١٤ويُقال: مَهِّدوا مَهِّدوا أَعِدُّوا الطَّريق

إِرفَعوا العِثارَ مِن طَريقِ شَعْبي

١٥لِأَنَّه هٰكذا قالَ العَلِيُّ الرَّفيع

ساكِنُ الخُلودِ الَّذي قُدُّوسٌ ٱسمُه:

«أَسكُنُ في العَلاءِ وفي القُدْس

ومع المُنسَحِقِ والمُتَواضِعِ الرُّوح

لِأُحيي أَرْواحَ المتواضِعين

وأُحيِيَ قُلوبَ المُنسَحِقين

١٦فإِنِّي لا لِلأَبَدِ أُخاصِم

ولا على الدَّوامِ أَغضَب

لِئَلَّا يَضعُفَ الرُّوحُ أَمامي

والنَّسَماتُ الَّتي صَنَعتُها.

١٧إِنِّي لِإِثمِ مَكاسِبِه

غَضِبتُ وضَرَبتُه.

إِحتَجَبتُ وغَضِبتُ

فذَهَبَ عاصِيًا في طَريقِ قَلبِه.

١٨رَأَيتُ طُرُقَه فسأَشْفيه وأَهْديه

وأَرُدُّ العَزاءَ لَه

١٩وأَخلُقُ لِلنَّائِحينَ عِندَه ثَمَرَةَ الشَّفَتَين:

السَّلامَ السَّلامَ لِلبَعيدِ ولِلقَريب

قالَ الرَّبُّ، وأَشفيه».

٢٠وأَمَّا الأَشْرارُ فكالبَحرِ الهائج

الَّذي لا يُمكِنُ أَن يَهدأ

ومِياهُه تَقذِفُ بِوَحْلٍ وطين

٢١«لا سَلامَ لِلأَشْرارِ، قالَ إِلٰهي».

أشعيا ٥٨

الصوم الذي يُرضي الله

١نادِ بِمِلْءِ فَمِكَ ولا تُمسِكْ

إِرفَعْ صَوتَكَ كالبوق

وأَخبِرْ شَعْبي بِمَعصِيَتِه

وبَيْتَ يَعْقوبَ بِخَطاياه.

٢إِنَّهم يَلتَمِسونَني يَومًا فيَومًا

ويَرومونَ مَعرِفَةَ طُرُقي

كأَنَّهم أُمَّةٌ تَعمَلُ بِالبِرّ

ولم تُهمِلْ حَقَّ إِلٰهِها.

يَسأَلونَني أَحْكامَ البِرّ

ويَرومونَ التَّقَرُّبَ إِلى الله.

٣«ما بالُنا صُمْنا وأَنتَ لم تَرَ

وعَذَّبنا أَنفُسَنا وأَنتَ لم تَعلَمْ؟»

في يَومِ صَومِكم تَجِدونَ مَرامَكم

وتُعامِلونَ بِقَسوَةٍ جَميعَ عُمَّالِكُم.

٤إِنَّكم لِلخُصومةِ والمُشاجَرَةِ تَصومون

ولِتَضرِبوا بِلَكمَةِ الشَّرّ.

لا تَصوموا كاليَوم

لِتُسمِعوا أَصْواتَكم في العَلاء.

٥أَهٰكذا يَكونُ الصَّومُ الَّذي فَضَّلتُه

اليَومُ الَّذي فيه يُعَذِّبُ الإِنْسانُ نَفْسَه.

أَإِذا حَنى رأسَه كالقَصَب

وٱفتَرَشَ المِسحَ والرَّماد

تُسَمِّي ذٰلك صَومًا ويَومًا مَرضِيًّا لِلرَّبّ؟

٦أَلَيسَ الصَّومُ الَّذي فَضَّلتُه هو هٰذا:

 حَلُّ قُيودِ الشَّرِّ وفَكُّ رُبُطِ النِّير

وإِطْلاقُ المَسْحوقينَ أَحْرارًا

وتَحْطيمُ كُلِّ نير؟

٧أَليسَ هو أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ

وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ بَيتَكَ

وإِذا رَأَيتَ العُرْيانَ أَن تَكسُوَه

وأَن لا تَتَوارى عن لَحمِكَ؟

٨حينَئِذٍ يَبزُغُ كالفَجرِ نورُكَ

ويَندَبُ جُرحُكَ سَريعًا

ويَسيرُ بِرُّكَ أَمامَكَ

ومَجدُ الرَّبِّ يَجمَعُ شَملَكَ.

٩حينَئِذٍ تَدْعو فيَستَجيبُ الرَّبّ

وتَستَغيثُ فيَقول: هاءَنَذا

إِن أَزَلتَ مِن أَبْنائِكَ النِّير

والإِشارَةَ بِالإِصبَعِ والنُّطقَ بالسُّوء.

١٠إِذا تَخَلَّيتَ عن لُقمَتِكَ لِلجائِع

وأَشبَعتَ الحَلقَ المُعَذَّب

يُشرِقُ نورُكَ في الظُّلمَة

ويَكونُ دَيجورُكَ كالظُّهْر

١١ويَهْديكَ الرَّبُّ في كُلِّ حين

ويُشبِعُ نَفْسَكَ في الأَرضِ القاحِلَة

ويُقَوِّي عِظامَكَ فتَكونُ كَجَنَّةٍ رَيَّا

وكيَنْبوعِ مِياهٍ لا تَنضُب.

١٢وبِفَضلِكَ يَبْنونَ أَخرِبَةَ قَديمِ الأَيَّام

وأَنتَ تُقيمُ أُسُسَ الأَجْيال

وتُدْعى سادَّ الثُّلْمة

ومُرَمِّمَ الأَزِقَّةِ لِلسُّكْنى.

السبت

١٣إِن كَفَفتَ عنِ ٱنتِهاكِ السَّبت

عن قَضاءِ مَرامِكَ في يَومِيَ المُقَدَّس

ودَعَوتَ السَّبتَ نَعيمًا ومُقَدَّسَ الرَّبِّ مُكَرَّمًا

وكَرَّمتَه غَيرَ مُباشِرٍ فيه أَعْمالَك

ولا واجِدٍ مُرامَكَ ولا ناطِقٍ بِكَلامٍ على كَلام

١٤فحينَئِذٍ تَتَنَعَّمُ بِالرَّبّ

وأَنا أُركِبُكَ على مَشارِفِ الأَرض

وأُطعِمُكَ ميراثَ يَعْقوبَ أَبيكَ

لِأَنَّ فَمَ الرَّبِّ قد تَكَلَّم.

أشعيا ٥٩

مزمور توبة

١يَدُ الرَّبِّ لا تَقصُرُ عنِ الخَلاص

وأُذُنُه لا تَثقُلُ عن السَّماع

٢لٰكِنَّ آثامَكم فَرَّقَت بَينَكم وبَينَ إِلٰهِكم

وخَطاياكم حَجَبَت وَجهَه عنكم فلا يَسمَع

٣لِأَنَّ أَكُفَّكم تَلَطَّخَت بِالدَّم

وأَصابِعَكم بِالإِثْم

وشِفاهَكم نَطَقَت بِالكَذِب

وأَلسِنَتَكم تمتَمَت بِالإِثْم.

٤لَيسَ مِن مُدَّعٍ بِالبِرّ

ولا مُحاكِمٍ بِالصِّدْق.

يَتَّكِلونَ على الخَواءِ ويَنطِقونَ بِالباطِل

يَحبَلونَ بِالظُّلمِ ويَلِدونَ الإِثْم.

٥يَنقُفونَ بَيضَ الحَيَّات

ويَنسِجونَ خُيوطَ العَنْكَبوت.

وبَيضُهم مَن أَكَلَ مِنه يَموت

وما كُسِرَ مِنه يَنشَقُّ عن أَفْعى.

٦خُيوطُهم لا تَصيرُ ثَوبًا

ولا يَكتَسونَ بِأَعْمالِهم

لِأَنَّ أَعْمالَهم أَعْمالُ إِثْم

وفِعْلَ العُنْفِ في أَكُفِّهم.

٧أَرجُلُهم تَسْعى إِلى الشَّرّ

وتُسارِعُ إِلى سَفكِ الدَّمِ البَريء.

أَفْكارُهم أَفْكارُ الإِثْم

وفي مَسالِكِهم دَمارٌ وتَحْطيم.

٨لم يَعرِفوا طَريقَ السَّلام

ولا حَقَّ في سُبُلِهم.

قد جَعَلوا دُروبَهم مُعوَجَّة

كُلُّ مَن سَلَكها لا يَعرِفُ السَّلام.

٩لِذٰلك ٱبتَعَدَ الحَقُّ عَنَّا

ولم يُدرِكْنا البِرّ.

نَتَرَقَّبُ النُّورَ فإِذا بِالظَّلام

والضِّياءَ فإِذا بِنا سائِرون في الدَّيجور.

١٠نَتَجَسَّسُ الحائِطَ كالعُمْيان

وكَمَن لا عَيْنَيْن لَه نَتَجَسَّس.

نَعْثُرُ في الظَّهيرَةِ كما في العَتمَة

ونَحنُ بَينَ الأَصِحَّاءِ كأَنَّنا أَمْوات.

١١نَزأَرُ كُلُّنا كالأَدْباب ونَنوحُ كالحَمام.

نَتَرَقَّبُ الحَقَّ ولا يَكون

والخَلاصَ وقدِ ٱبتَعَدَ عنَّا

١٢لِأَنَّ مَعاصِيَنا قد كَثُرَت تُجاهَكَ

وخَطايانا شاهِدَةٌ علَينا

لِأَنَّ مَعاصِيَنا معَنا وآثامَنا قد عَرَفْناها:

١٣العِصْيانَ والكَذِبَ على الرَّبّ

والِٱرتِدادَ مِن وَراءِ إِلٰهِنا

والنُّطقَ بِالظُّلمِ والتَّمَرُّد

والحَبَلَ بِكَلامِ الكَذِب

والتَّمتَمَةَ بِه في القَلْب.

١٤فٱرتَدَّ الحُكمُ إِلى الوَراء

ووَقَفَ البِرُّ بَعيدًا

لِأَنَّ الحَقَّ عَثَرَ في السَّاحة

والِٱستِقامَةَ لم تَقدِرْ على الدُّخول

١٥وصارَ الحَقُّ مَفْقودًا

والمُعرِضُ عن الشَّرِّ مَسْلوبًا.

وقد رأَى الرَّبُّ فساءَ في عَينَيه

أَن لا يَكونَ حُكمٌ هُناكَ

١٦ورأى أَنَّه لَيسَ هُناكَ إِنْسان

ودَهِشَ أَن لا يَتَدَخَّلَ أَحَد

فذِراعُه هي أَنجَدَته وبِرُّه هو أَيَّدَه.

١٧فلَبِسَ البِرَّ كدِرْع

وخَوذَةَ الخَلاصِ على رَأسِه

وٱرتَدَى ثِيابَ الِٱنتِقامِ لِباسًا

وتَجَلبَبَ بِالغَيرَةِ رِداءً.

١٨على حَسَبِ الأَعمالِ هٰكذا يَجْزي:

فالغَضَبُ بخُصومِه والِٱنتِقامُ لِأَعْدائِه

ويَجْزي الجُزُرَ الِٱنتِقام.

١٩فيَخشَونَ مِنَ المَغرِبِ ٱسمَ الرَّبّ

ومِن مَشرِقِ الشَّمسِ مَجدَه

فإِنَّه يَأتي كنهْرٍ مُنحَصِر

تَدفَعُه ريحُ الرَّبّ.

٢٠ويَأتي الفادي إِلى صِهْيون

وإِلى الرَّاجِعينَ عنِ المَعصِيَةِ مِن يَعْقوب

يَقولُ الرَّبّ.

قول نبويّ

٢١وأَنا فهٰذا عَهْدي معَهم، قالَ الرَّبّ: روحي الَّذي علَيكَ وكَلامِيَ الَّذي جَعَلتُه في فَمِكَ لا يَزولُ مِن فَمِكَ، ولا مِن فَمِ نَسلِكَ، ولا مِن فَمِ نَسْلِ نَسلِكَ، قالَ الرَّبُّ

مِنَ الآنَ ولِلأَبَد.

أشعيا ٦٠

بهاء أورَشَليم

١قومي ٱستنيري فإِنَّ نورَكِ قد وافى ومَجدَ الرَّبِّ قد أَشرَقَ علَيكِ.

٢ها إِنَّ الظُّلْمَةَ تُغَطِّي الأَرض

والغَمامَ المُظلِمَ يَشمُلُ الشُّعوب

ولٰكِن عليكِ يُشرِقُ الرَّبّ

وعلَيكِ يَتَراءَى مَجدُه

٣فتَسيرُ الأُمَمُ في نورِكِ

والمُلوكُ في ضِياءِ إِشْراقِكِ.

٤إِرفَعي عَينَيكِ إِلى ما حَولَكِ وٱنظُري

كُلُّهُمُ ٱجتَمَعوا وأَتوا إِلَيكِ.

بَنوكِ مِن بَعيدٍ يَأتون

وبَناتُكِ يُحمَلنَ على الوَرْك.

٥حينَئذٍ تَنظُرينَ وتَتَهَلَّلين

ويَخفُقُ قَلْبُكِ ويَنشَرِح

فإِلَيكِ تَتَحَوَّلُ ثَروَةُ البَحْر

وإِلَيكِ يأتي غِنى الأُمَم.

٦كَثرَةُ الإِبِلِ تُغَطِّيكِ

بُكْرانُ مِديَنَ وعيفَة

كُلُّهم مِن شَبَأَ يَأتون

حامِلينَ ذَهَبًا وبَخورًا

يُبَشِّرونَ بِتَسابيحِ الرَّبّ.

٧كُلُّ غَنَمِ قيدارَ تَجتَمِعُ إِلَيكِ

وكِباشُ نَبايوتَ تَخدُمُكِ.

تَصعَدُ على مَذبَحِ رِضايَ

وأُمَجِّدُ بَيتَ جَلالي.

٨مَن هٰؤُلاءِ الطَّائِرونَ كالغَمام

وكالحَمامِ إِلى أَعْشاشِها.

٩إِنَّ الجُزُرَ تَنتَظِرُني

وسُفُنَ تَرْشيشَ في المُقَدِّمة

لِتَأتِيَ بِبَنيكِ مِن بَعيد

ومعَهم فِضَّتُهم وذَهَبُهم

لِٱسمِ الرَّبِّ إِلٰهِكِ

ولِقُدُّوسِ إِسْرائيلَ لِأَنَّه قد مَجَّدَكِ.

١٠وبَنو الغُرَباءِ يَبْنونَ أَسْوارَكِ

ومُلوكُهم يَخدُمونَكِ

لِأَنِّي في غَضَبي ضَرَبتُكِ

وفي رِضايَ رَحِمتُكِ.

١١وتَنفَتِحُ أَبْوابُكِ دائِمًا

لا تُغلَقُ نَهارًا ولا لَيلًا

لِيُؤتى إِلَيكِ بِغِنى الأُمَم

وتُحضَرَ إِلَيكِ مُلوكُهم

١٢لِأَنَّ الأُمَّة والمَملَكَةَ

الَّتي لا تَعمَلُ لَكِ تَهلِك

والأُمَمَ تُخرَبُ خَرابًا

١٣مَجدُ لُبْنانَ يَأتي إِلَيكِ

السَّرْوُ والسِّنْدِيانُ والبَقْسُ جَميعًا

لِزينَةِ مَكانِ قُدْسي

وأُمَجِّدُ مَوطِئَ قَدَمَيَّ.

١٤وبَنو الَّذينَ عَذَّبوكِ يَأتونَ إِلَيكِ مُنحَنين

ويسجُدُ لِأَخامِصِ قَدَمَيكِ

كُلُّ مَنِ ٱستَهانَ بِكِ

ويَدْعونَكِ «مَدينَةَ الرَّبّ»

«صِهْيونَ قُدُّوسِ إِسْرائيل»

١٥وبَدَلًا مِن أَن تَكوني مَهْجورة

مَكْروهَةً لا يَمُرُّ بِكِ أَحَد

سأَجعَلُكِ فَخرَ الدُّهور وسرورَ جيلٍ فجيل.

١٦وتَرضَعينَ لَبَنَ الأُمَم

وتَرضَعينَ ثُدِيَّ المُلوك

وتَعلَمينَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ

وفاديكِ عَزيزُ يَعْقوب.

١٧آتي بِالذَّهَبِ بَدَلَ النُّحاس

وآتي بِالفِضَّةِ بَدَلَ الحَديد

وبالنُّحاسِ بَدَلَ الخَشَب

وبِالحَديدِ بَدَلَ الحِجارة

وأَجعَلُ قَضاءَكِ سَلامًا

ومِن طُغاتِكِ بِرًّا.

١٨لا يُسمَعُ مِن بَعدُ بِالعُنْفِ في أَرضِكِ

ولا بِالدَّمارِ ولا التَّحطيمِ في أَرضِكِ

بل تَدْعينَ أَسْوارَكِ «خَلاصًا»

وأَبْوابَكِ «تَسْبيحًا»

١٩لا تَكونُ الشَّمسُ مِن بَعدُ

نورًا لَكِ في النَّهار

ولا يُنيرُكِ القَمَرُ بَضِيائِه في اللَّيل

بلِ الرَّبُّ يَكونُ لَكِ نورًا أَبَدِيًّا

وإِلٰهُكِ يَكونُ جَلالَكِ.

٢٠لا تَغرُبُ شَمسُكِ مِن بَعدُ

وقَمَرُكِ لا يَنقُص

لِأَنَّ الرَّبَّ يَكونُ لَكِ نورًا أَبَدِيًّا

وتَكونُ أَيَّامُ مَناحَتِكِ قدِ ٱنقَضَت

٢١ويَكونُ شَعبُكِ كُلُّه أَبْرارًا

ولِلأَبَدِ يَرِثُ الأَرض

هو فَرعُ غَرْسي

وعَمَلُ يَدَيَّ وبِه أَتَمَجَّد.

٢٢القَليلُ يَصيرُ أَلفًا

والصَّغيرُ يَصيرُ أُمَّةً عَظيمة

أَنا الرَّبَّ أُعَجِّلُ ذٰلك في ميقاتِه.

أشعيا ٦١

بشرى مشيح الربّ

١روحُ السَّيِّد الرَّبِّ علَيَّ

لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَني

وأَرسَلَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء

وأَجبُرَ مُنكَسِري القُلوب

وأُنادِيَ بِإِفْراجٍ عنِ المَسبِيِّين

وبِتَخلِيَةٍ لِلمَأسورين

٢لِأُعلِنَ سَنَةَ رِضًا عِندَ الرّبّ

ويَومَ ٱنتِقامٍ لإِلٰهِنا

وأُعَزِّيَ جَميعَ النَّائحين.

٣(لِأَجعَلَ لِنائحي صِهْيون)

لِأَمنَحَهمُ التَّاجَ بَدَلَ الرَّماد

وزَيتَ الفرَحِ بَدَلَ النَّوح

وحُلَّةَ التَّسْبيحِ بَدَلَ روحِ الإِعْياء

فيُدعَونَ بُطْمَ البِرّ

وأَغْراسًا لِلرَّبِّ يَتَمَجَّدُ بِها

٤ويَبْنونَ أَخرِبَةَ الماضي

ويُشَيِّدونَ مُدَمَّراتِ قَديمِ الأَيَّام

ويُجَدِّدونَ المُدُنَ المُخَرَّبَة

ومُدَمَّراتِ جيلٍ فجيل.

٥ويَقِفُ الأَجانِبُ ويَرعَونَ غَنَمَكم

ويَكونُ بَنو الغَريبِ حُرَّاثَكم وكَرَّاميكم.

٦أَمَّا أَنتُم فتُدعَونَ كَهَنَةَ الرَّبّ

ويُقالُ لَكم خَدَمَةُ إِلٰهِنا

تأكُلونَ غِنى الأُمَم وبِمَجدِها تَفتَخِرون.

٧بَدَلَ أَن يُضاعَفَ خَجَلُكم

وبَدَلَ الخِزْيِ الَّذي يَهتِفونَ أَنَّه نَصيبُهم

يَرِثونَ في أَرضِهم ميراثًا مُضاعَفًا

وفَرَحٌ أَبَدِيٌّ يَكونُ لَهم.

٨لِأَنِّي أَنا الرَّبُّ مُحِبُّ الحَقّ

مُبغِضُ النَّهبِ والظُّلْم

فأُعْطيهمِ المُكافَأَةَ في الحَقّ

وأُعاهِدُهم عَهدًا أَبَدِيًّا.

٩وستُعرَفُ ذُرِّيَّتُهم في الأُمَم

وسُلالَتُهم بَينَ الشُّعوب

فكُلُّ مَن رآهم يَعرِفُهم

لِأَنَّهم ذُرِّيَّةٌ بارَكَها الرَّبّ.

شكر وحمد

١٠أُسَرُّ سُرورًا في الرَّبّ

وتَبتَهِجُ نَفْسي في إِلٰهي

لِأَنَّه أَلبَسَني ثِيابَ الخَلاص

وشَمِلَني بِرِداءِ البِرّ

كالعَريسِ الَّذي يَتَعَصَّبُ بِالتَّاج

وكالعَروسِ الَّتي تَتَحَلَّى بِزينَتِها

١١فكما أَنَّ الأَرضَ تُخرِجُ نَباتَها

والجَنَّةَ تُنبِتُ مَزْروعاتِها

كذٰلك السَّيِّدُ الرَّبُّ يُنبِتُ البِرّ

والتَّسبِحَةَ أَمامَ جَميعِ الأُمَم.

أشعيا ٦٢

بهاء أورشليم

١إِنِّي لِأَجْلِ صِهْيونَ لا أَسكُت

ولِأَجْلِ أُورَشَليمَ لا أَهْدَأ

حتَّى يَخرُجَ كضِياءٍ بِرُّها

وكمَشعَلٍ مُتَّقِدٍ خَلاصُها.

٢فتَرى الأُمَمُ بِرَّكِ

وجَميعُ المُلوكِ مَجدَكِ

وتُدعَينَ بِٱسمٍ جَديد

يُعَيِّنُه فَمُ الرَّبّ

٣وتَكونينَ إِكْليلَ فَخْرٍ في يَدِ الرَّبّ

وتاجَ مُلكٍ في كَفِّ إِلٰهِكِ.

٤لا يُقالُ لَكِ مِن بَعدُ: «المَهْجورة»

ولِأَرضِكِ لا يُقالُ مِن بَعدُ: «الدَّمار»

بل تُدْعَينَ: «رِضايَ فيها»

وأَرضُكِ تُدْعى «المُتَزوِّجة»

لِأَنَّ الرَّبَّ يَرْضى عَنكِ

وأَرضَكِ تَكونُ مُتَزَوِّجة.

٥فكَما أَنَّ شابًّا يَتَزَوَّجُ بِكرًا

كذٰلك بَنوكِ يَتَزَوَّجونَكِ

وكسُرورِ العَريسِ بِالعَروس

يُسَرُّ بِكِ إِلٰهُكِ.

٦على أَسْوارِكِ يا أُورَشَليم أَقَمتُ حُرَّاسًا

لا يَسكُتونَ نَهارًا ولا لَيلًا

يا ذاكِري الرَّبِّ لا تَتَوَقَّفوا

٧ولا تَدَعوه يَتَوَقَّف

حَتَّى يُقِرَّ أُورَشَليم

ويَجعَلَها تَسبِحَةً في الأرض.

٨أَقسَمَ الرَّبُّ بِيَمينِه وبِذِراعِ عِزَّتِه:

«لا أَجعَلَنَّ حِنطَتَكِ

مِن بَعدُ طَعامًا لِأَعْدائِكِ

ولا يَشرَبَنَّ بَنو الغَريبِ

نَبيذَكِ الَّذي تَعِبتِ فيه.

٩بلِ الَّذينَ جَمَعوا الحِنطَة

هم يأكُلونَها ويُسَبِّحونَ الرَّبّ

والَّذينَ جَمَعوا قِطافَ العِنَب

هم يَشرَبونَه في دِيارِ قُدْسي».

الخاتمة

١٠أُعْبُروا ٱعبُروا بِالأَبْواب

هَيِّئوا طَريقَ الشَّعْب

مَهِّدوا مَهِّدوا السَّبيل

حَصُّوه مِنَ الحِجارة

ارفَعوا الرَّايَةَ لِلشُّعوب

١١هٰذا ما أَسمَعَه الرَّبُّ إِلى أَقاصي الأَرض: قولوا لِٱبنَةِ صِهْيون: هُوَذا خَلاصُكِ آتٍ

هُوَذا جَزاؤُه معَه وأُجرَتُه أَمامَه.

١٢وهُمْ يُدعَونَ «الشَّعبَ المُقَدَّس»

«مُفتَديِ الرَّبّ»

وأَنتِ تُدعَينَ «المَطْلوبَة»

«المَدينَةَ غيرَ المَهْجورة».

أشعيا ٦٣

دينونة الشعوب

١مَن ذا الآتي مِن أَدوم

بِثِيابٍ قِرمِزِيَّةٍ مِن بُصْرَة

هٰذا الَّذي يَتَباهى بِلباسِه

ويَختالُ بِكَثرَةِ قُوَّتِه؟

«أَنا المُتَكَلِّمُ بِالبِرّ

الكَثيرُ الخَلاص».

٢ما بالُ لِباسِكَ أَحمَر

وثِيابِكَ كدائِسِ المَعصَرَة؟

٣دُستُ المَعصَرَةَ وَحْدي

ومِنَ الشُّعوبِ لم يَكُنْ مَعي أَحَد.

وَطِئتُهم بِسُخْطي ودُستُهم بِغَضَبي

فٱنتَضَحَ عَصيرُهم على ثِيابي

فلَطَّختُ مَلْبوسي كُلَّه

٤لِأَنَّه كانَ في قَلْبي يَومُ ٱنتِقام

وبَلَغَت سَنَةُ فِدائي

٥وقَد نَظَرتُ ولم يَكُنْ مَن يَنصُر

ودَهِشتُ ولم يَكُنْ مَن يَعضُد

فأَنجَدَتْني ذِراعي

وغَضَبي هو أَيَّدَني

٦فدُستُ الشُّعوبَ في سُخْطي

وأَسكَرتُهم في غَضَبي

وأَسَلتُ في الأَرضِ عَصيرَهم.

تأمّل في تاريخ إسرائيل

٧أَذكُرُ نِعَمَ الرَّبِّ وتَسْبيحَ الرَّبّ

لِأَجلِ كُلِّ ما كافَأَنا بِه الرَّبّ

ولِأَجلِ كَثرَةِ خَيرِه إِلى بَيتِ إِسْرائيل

الَّذي كافَأَهم بِه

بِحَسَبِ مَراحِمِه وكَثرَةِ نِعَمِه

٨إِذ قال: إِنَّهم شَعْبي حَقًّا

بَنونَ لا يَخدَعون

فصارَ لَهم مُخَلِّصًا ٩في جَميعِ مَضايِقِهم

تَضايَقَ ومَلاكُ وَجهِه خَلَّصهم

بِمَحَبَّتِه وشَفَقَتِه ٱفتَداهم

ورَفَعَهم وحَمَلَهم كُلَّ الأَيَّامِ القَديمة.

١٠لٰكِنَّهم تَمَرَّدوا وأَغضَبوا روحَه القُدُّوس

فٱنقَلَبَ علَيهم عَدُوًّا وقاتَلَهم.

١١ثُمَّ ذَكَرَ شَعبُه الأَيَّامَ القَديمةَ وموسى.

أَينَ الَّذي أَصعَدَهم مِنَ البَحْر

مع رُعاةِ غَنَمِه؟

أَينَ الَّذي جَعَلَ في داخِلِه روحَه القُدُّوس؟

١٢الَّذي سَيَّرَ عن يَمينِ موسى ذِراعَ بَهائِه

وفَلَقَ المِياهَ أَمامَهم

لِيَجعَلَ لَه ٱسمًا أَبَدِيًّا

١٣الَّذي سَيَّرَهم في الغِمار

كفَرَسٍ في البَرِّيَّةِ فلم يَعثُروا

١٤كالمَواشي الَّتي تَنزِلُ في الوادي

كذٰلك روحُ الرَّبِّ أَراحَهم.

هٰكذا هَدَيتَ شَعبَكَ

لِتَجعَلَ لَكَ ٱسمًا بَهِيًّا.

١٥تَطَلَّعْ مِنَ السَّماءِ وٱنظُرْ

مِن سُكْنى قُدسِكَ وبَهائِكَ.

أَينَ غَيرَتُكَ وجَبَروتُكَ؟

هلِ ٱحتَبَسَ ٱرتِعاشُ أَحْشائِكَ

ومَراحِمُكَ لي؟

١٦فإِنَّكَ أَنتَ أَبونا

إِبْراهيمُ لم يَعرِفْنا

وإِسْرائيلُ لم يَعلَمْ بِنا.

أَنتَ يا رَبُّ أَبونا

مُنذُ الأَزَلِ ٱسمُكَ فادينا.

١٧لِمَ ضَلَّلتَنا يا رَبُّ عن طُرُقِكَ

وقَسَّيتَ قُلوبَنا عن خَشيَتِكَ؟

إِرجِعْ إِلَينا مِن أَجْلِ عَبيدِكَ

أَسْباطِ ميراثِكَ.

١٨وَقتًا قَليلًا وَرِثَ شَعبُ قُدسِكَ

أَعْداؤُنا داسوا مَقدِسَكَ.

١٩مِن زَمَنٍ بَعيدٍ لم تَتَسَلَّطْ علَينا

ولم نُدعَ بِٱسمِكَ.

لَيتَكَ تَشُقُّ السَّمٰواتِ وتَنزِل

فتَسيلُ الجِبالُ مِن وَجهِكَ.

أشعيا ٦٤

١كما تُضرِمُ النَّارُ الهَشيم

وتُغْلي النَّارُ المِياه

لِكَي تُعَرِّفَ خُصومَكَ ٱسمَكَ

فتَرتَعِدَ الأُمَمُ مِن وَجهِكَ

٢حينَ تَصنَعُ مَخاوِفَ لم تَنْتَظِرْها

(نَزَلتَ ومِن وَجهِكَ سالتِ الجِبال).

٣مُنذُ الأَزَلِ لم يَسمَعوا ولم يُصْغوا

ولم تَرَ عَينٌ إِلٰهًا ما خَلاكَ

يَعمَلُ لِلَّذينَ يَنتَظِرونَه.

٤لاقَيتَ المَسْرورَ بِعَمَلِ البِرّ

أُولٰئِكَ الَّذينَ يَذكُرونَكَ في طُرُقِكَ.

لٰكِنَّكَ غَضِبتَ لِأَنَّنا خَطِئْنا

ولٰكِنَّنا مُنذُ الأَزَلِ بِهٰذه الطُّرُقِ نُخَلَّص.

٥وكُنَّا كُلُّنا كالنَّجِس

وبِرُّنا كُلُّه كثَوبِ الطَّامِث

وكُلُّنا ذَبَلْنا كالوَرَق

وآثامُنا كالرِّيح ذَهَبَت بِنا

٦ولم يَبقَ مَن يَدْعو بِٱسمِكَ

ولا يَنتَبِهُ لِيَتَمَسَّكَ بِكَ

حتَّى حَجَبتَ وَجهَكَ عَنَّا

وجَعَلتَنا نَذوبُ بِقُوَّةِ إِثمِنا.

٧والآنَ يا رَبُّ أَنتَ أَبونا

نَحنُ الطِّينُ وأَنتَ جابِلُنا

ونَحنُ جَميعًا عَمَلُ يَدِكَ.

٨لا تَغضَبْ يا رَبُّ كَثيرًا

ولا تَذكُرِ الإِثمَ لِلأَبَد.

أُنظُرْ، إِنَّنا جَميعًا شَعبُكَ.

٩قد صارَت مُدُنُ قُدسِكَ قَفْرًا

صِهْيونُ صارَت قَفرًا

وأُورَشَليمُ دَمارًا.

١٠بَيتُ قُدسِنا وفَخرِنا

الَّذي سَبَّحَكَ فيه آباؤُنا

قد أُحرِقَ بِالنَّار

وجَميعُ مُشتَهَياتِنا صارَت خَرابًا.

١١أَعلى هٰذا تَضبِطُ نَفسَكَ يا رَبّ

وتَصمُتُ وتُذَلِّلُنا كَثيرًا؟

أشعيا ٦٥

الدينونة المقبلة

١إِنِّي ٱعتَلَنتُ لِمَن لم يَسألوا عَنِّي

ووَجَدَني الَّذينَ لَم يَطلُبوني.

قُلتُ: «هاءَنَذا هاءَنَذا»

لِأُمَّةٍ لم تَدعُ بِٱسْمي.

٢بَسَطتُ يَدَيَّ طَوالَ النَّهارِ لِشَعبٍ عاصٍ

يَسلُكُ طَريقًا غيرَ صالِحٍ على هَواه

٣شَعبٍ يُغضِبُني

في وَجْهي كُلَّ حين

يَذبَحُ في الجَنائِن

ويُحرِقونَ البَخورَ على الآجُرّ

٤يُقيمُ في القُبور ويَبيتُ في المَغاوِر

يَأكُلُ لَحمَ الخِنْزير

وآنِيَتُه مَرَقُ قَبائح.

٥يَقول: «قِفْ عِندَكَ، لا تَلمُسْني

فإِنِّي لَكَ قُدُّوس».

هٰذه الكَلِماتُ دُخانٌ في أَنْفي

نارٌ مُتَّقِدَةٌ كُلَّ النَّهار.

٦هُوَذا مَكْتوبٌ أَمامي:

إِنِّي لا أَصمُتُ حَتَّى أُحاسِب

أُحاسِبَ في أَحْضانِهم

٧آثامَكم وآثامَ آبائِكم مَعًا

قالَ الرَّبّ.

الَّذينَ أَحرَقوا البَخورَ على الجِبال

وأَهانوني على التِّلال

فسأَكيلُ أَوَّلًا أَعْمالَهم في أَحْضانِهم.

٨هٰكذا قالَ الرَّبّ:

كما يوجَدُ النَّبيذُ في عُنْقود

فيَقولُ قائِلٌ: «لا تُتلِفْه

فإِنَّ فيه بَرَكَة»

كذٰلك أَصنَعُ لِأَجلِ عَبيدي

لِئَلَّا أُتلِفَ الجَميع.

٩وسأُخرِجُ مِن يَعْقوبَ نَسلًا

ومِن يَهوذا وارِثًا لِجِبالي

فيَرِثُها مُخْتارِيَّ

وعَبيدي يَسكُنونَ هُناك

١٠ويَكونُ الشَّارونَ مَأوى غَنَم

ووادِي عَكورَ مَربِضَ بَقَر

لِشَعبيَ الَّذي ٱلتَمَسَني.

١١وأَنتُمُ الَّذينَ تَرَكوا الرَّبّ

ونَسوا جَبَلَ قُدْسي

الَّذينَ يُهَيِّئونَ المائِدَةَ لِجَدّ

ويُعِدُّونَ المَمْزوجَ لِمَناة

١٢فسأُعِدُّكم لِلسَّيف

وتَركَعونَ جَميعُكم لِلذَّبْح

لِأَنِّي دَعَوتُ ولم تُجيبوا

تَكَلَّمتُ فلَم تَسمَعوا

وصَنَعتُمُ الشَّرَّ في عَينَيَّ

وما لم أَشإِ ٱختَرتُم.

١٣لِذٰلك هٰكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ:

ها إِنَّ عَبيدي يأكُلون وأَنتُم تَجوعون

ها إِنَّ عَبيدي يَشرَبونَ وأَنتُم تَعطَشون

١٤ها إِنَّ عَبيدي يَفرَحونَ وأَنتُم تَخزَون

ها إِنَّ عَبيدي يَهتِفونَ مِن طيبِ القَلْب

وأَنتُم تَصرُخونَ مِن كآبَةِ القَلْب

وتُوَلوِلونَ مِنِ ٱنكِسارِ الرُّوح

١٥وتُخَلِّفونَ ٱسمَكم

لَعنَةً لِمُخْتارِيَّ: «أَماتَكَ السَّيِّدُ الرَّبّ»

لٰكِنَّه يَدْعو عَبيدَه بٱسمٍ آخَر.

١٦فالَّذي يَتَبارَكُ على الأَرض

يَتَبارَكُ بِإِلٰهِ آمين

والَّذي يَحلِفُ على الأَرض

يَحلِفُ بِإِلٰهِ آمين

لِأَنَّ المَضايِقَ الأُولى تُنْسى

وتُستَرُ عن عَينَيَّ

١٧لِأَنِّي هٰكذا أَخلُقُ سَمَواتٍ جَديدة

وأَرضًا جَديدة

فلا يُذكَرُ الماضي

ولا يَخطُرُ على البال.

١٨بل تَهَلَّلوا وٱبتَهِجوا لِلأَبَدِ بِما أَنا أَخلُق

فإِنِّي هاءَنَذا أَخلُقُ أُورَشَليمَ لِلٱبتِهاج

وشَعبَها لِلسُّرور

١٩وأَبتَهِجُ بِأُورَشَليمَ وأُسَرُّ بِشَعْبي

ولا يُسمَعُ فيها مِن بَعدُ صَوتُ بُكاء

ولا صَوتُ صُراخ.

٢٠لا يَموتُ هُناكَ مِن بَعدُ طِفلُ أَيَّام

ولا شَيخٌ لم يَستَكمِلْ أَيَّامَه

لِأَنَّ صَغيرَ السِّنِّ يَموتُ وهو ٱبنُ مِئَةِ سَنَة

والَّذي يَموتُ دونَ مِئَةِ سَنَةٍ فإِنَّه مَلْعون.

٢١ويَبْنونَ بُيوتًا ويَسكُنونَ فيها

ويَغرِسونَ كُرومًا ويأكُلونَ ثَمَرَها.

٢٢لا يَبْنونَ ويَسكُنُ آخَر

ولا يَغرِسونَ ويَأكُلُ آخَر

لِأَنَّ أَيَّامَ شَعْبي كأَيَّامِ الشَّجَر

ومُخْتارِيَّ يَتَمَتَّعونَ بِأَعْمالِ أَيديهم.

٢٣لا يَتعَبونَ باطِلًا ولا يَلِدونَ لِلرُّعْب

لِأَنَّهم ذُرِّيَّةُ مُبارَكي الرَّبّ

وسُلالَتُهم معَهم.

٢٤قَبلَ أَن يَدعُوَ أُجيب

وبَينَما هم يَتَكلَّمونَ أَستَجيب.

٢٥الذِّئبُ والحَمَلُ يَرعَيانِ معًا

والأَسَدُ كبَقَرٍ يأكُلُ التِّبْن

أَمَّا الحَيَّةُ فالتُّرابُ يَكونُ طَعامَها

لا يُسيئونَ ولا يُفسِدون

في جَبَلِ قُدْسي كُلِّه، قالَ الرَّبّ.

أشعيا ٦٦

قول نبويّ في الهيكل

١هٰكذا قالَ الرَّبّ:

السَّمَاءُ عُرْشي والأَرضُ مَوطِئُ قَدَمَيَّ

فأَيَّ بَيتٍ تَبْنونَ لي

وأَيُّ مَكانٍ يَكونُ مَقَرَّ راحَتي؟

٢كُلُّ هٰذه يَدي صَنَعَتها

فهٰكذا كانَت كُلُّها، يَقولُ الرَّبّ.

لٰكِن إِلى هٰذا أَنظُر:

إِلى المِسْكينِ المُنسَحِقِ الرُّوح

المُرتعِدِ من كَلِمَتي.

٣يَنحَرونَ ثَورًا ويَقتُلونَ إِنسانًا

يَذبَحونَ شاةً ويَقِصونَ كَلْبًا

يُصعِدونَ دَمَ خِنْزيرٍ تَقدِمَةً

يُقيمونَ ذِكْرى بَخورٍ ويُبارِكونَ وَثَنًا.

هٰؤُلاءِ أَيضًا ٱختاروا طُرُقَهم

وبأَرْجاسِهم سُرَّت نُفوسُهم.

٤فأَنا أَيضًا أَخْتارُ ما يَضُرُّهم

وأَجلُبُ علَيهم ما يَخشَون

لِأَنِّي دَعَوتُ ولم يُجيبوا

وتَكَلَّمتُ ولم يَسمَعوا

وصَنَعوا الشَّرَّ في عَينَيَّ

وما لم أَشَإِ ٱخْتاروا.

دينونة على أورشليم

٥إِسمَعوا كَلامَ الرَّبّ

أَيُّها المُرتَعِدونَ مِن كَلِمَتِه.

قالَ إِخوَتُكمُ الَّذينَ أَبغَضوكم

ونَبَذوكم لِأَجلِ ٱسْمي:

«لِيَتَمَجَّدِ الرَّبُّ ولْنَرَ فَرَحَكم»

لٰكِنَّهم يَخزَون.

٦صَوتُ جَلَبَةٍ مِنَ المَدينة

صَوتٌ مِنَ الهَيكَل

صَوتُ الرَّبِّ الَّذي يَجْزي أَعْداءَه الِٱنْتِقام.

٧قَبلَ أَن تَتَمَخَّضَ وَلَدَت

قَبلَ أَن يَأخُذَها الطَّلْقُ وَضَعَت ذَكَرًا.

٨مَنِ الَّذي سَمِعَ بِمِثْلِ هٰذا

ومَنِ الَّذي رأَى مِثلَ هٰذه؟

أَتُنتَجُ أَرضٌ في يَومٍ واحِد

أَم تولَدُ أُمَّةٌ في مَرَّةٍ واحِدة؟

فإِنَّ صِهْيونَ ما إِن تَمَخَّضَت

حَتَّى وَلَدَت بَنيها.

٩أَأَفتَحُ الرَّحِمَ ولا أُوَلِّد، يَقولُ الرَّبّ

أَم أَنا المُوَلِّدَ أُغلِقُ الرَّحِم؟ قالَ إِلٰهُكَ.

١٠إفرَحوا مع أُورَشَليم

وٱبتَهجوا بِها يا جَميعَ مُحِبِّيها

سُرُّوا معَها سُرورًا

يا جَميعَ النائِحينَ علَيها

١١لِكَي تَرضَعوا وتَشبَعوا مِن ثَدْيِ تَعازيها

وتَحلُبوا وتَتَنَعَّموا مِن دِرَّةِ مَجدِها

١٢لِأَنَّه هٰكذا قالَ الرَّبّ:

هاءَنَذا أُميلُ إِلَيها السَّلامَ كالنَّهْر

ومَجدَ الأُمَمِ كالوادي الطَّافِح

فتَرضَعونَ وعلى الوَرْكِ تُحمَلون

وعلى الرُّكبَتَينِ تُدَلَّلون.

١٣كإِنسانٍ تُعَزِّيه أُمُّه

كذٰلك أَنا أُعَزِّيكم وفي أُورَشَليمَ تُعَزَّون

١٤وتَنظُرونَ فتُسَرُّ قُلوبُكم

وتُزهِرُ عِظامُكم كالعُشْب

وتُعرَفُ يَدُ الرَّبِّ أَنَّها مع عَبيده

ويَغضَبُ على أَعْدائِه

١٥لِأَنَّه هُوَذا الرَّبُّ يَأتي في النَّار

ومَركَباتُه كالزَّوبَعة

ليُروِيَ غَليلَ غَضَبِه بِحَنَق

وتَهْديدَه بِلَهيبِ نار.

١٦لِأَنَّ الرَّبَّ بِالنَّارِ والسَّيفِ

يُحاكِمُ كُلَّ بَشَر

ويَكونُ قَتْلى الرَّبِّ كَثيرين.

١٧إِنَّ الَّذينَ يُقَدِّسونَ أَنفُسَهم

ويُطَهِّرونَها في الجَنائِن

وَراءَ واحِدٍ في الوَسَط

ويأكُلونَ لَحمَ الخِنْزير

والحَيَوانِ النَّجِسِ والفَأْر

يَفنَونَ معًا، يَقولُ الرَّبّ.

خطبة أخيريّة

١٨أَمَّا أَنا فنَظَرًا إلى أَعْمالِهم وأَفْكارِهم، قد حانَ أَن أَحشُرَ جَميعَ الأُمَمِ والأَلسِنَةِ، فتأتي وتَرى مَجْدي. ١٩وأَجعَلُ بَينَهم آيَةً وأُرسِلُ ناجينَ مِنهم إِلى الأُمَم، إِلى تَرْشيشَ وفولَ ولود، الَّتي تَشُدُّ القِسِيِّ، وتوبَلَ وياوانَ والجُزُرِ البَعيدةِ الَّتي لم تَسمَعْ بِسُمعَتي ولم تَرَ مَجْدي، فيُنادونَ بِمَجْدي بَينَ الأُمَم ٢٠ويَأتونَ بِجَميعِ إِخوَتِكم مِن جَميعِ الأُمَمِ تَقدِمَةً لِلرَّبّ، على الخَيلِ والمَركَباتِ والهَوادِجِ والبِغالِ والمَحامِل، إِلى جَبَلِ قُدْسي أُورَشَليم، قالَ الرَّبّ، كما يَأتي بَنو إِسْرائيلَ بِالتَّقدِمَةِ في إِناءٍ طاهِرٍ إِلى بَيتِ الرَّبّ. ٢١ومِنها أَيضًا أَتَّخِذُ كَهَنَةً ولاوِيِّين

قالَ الرَّبّ.

٢٢لِأَنَّه كما أَنَّ السَّمَواتِ الجَديدة

والأَرضَ الجَديدةَ الَّتي أَصنَعُها

تَدومُ أَمامي، يَقولُ الرَّبّ

فكذٰلك تَدومُ ذُرِّيَّتُكم وٱسمُكم.

٢٣ومِن رَأسِ شَهرٍ إِلى رَأسِ شَهْر

ومِن سَبتٍ إِلى سَبْت

كُلُّ بَشَرٍ يَأتي

لِيَسجُدَ أَمامي، قالَ الرَّبّ.

٢٤ويَخرُجونَ ويَرونَ

جُثَثَ النَّاسِ الَّذينَ عَصَوني

لِأَنَّ دودَهم لا يَموت

ونارَهم لا تُطفَأ

ويَكونونَ رُذالَةً لِكُلِّ بَشَر.