سِفْرُ راعُوت
راعوت ١
راعوت ٢
راعوت ٣
راعوت ٤
سِفرُ راعُوت
مدخل
يستمدّ سفر راعوت اسمه من بطلة الرواية، وهو يروي قصّة أسرة من بيت لحم هاجرت إلى أرض موآب. لم يلبث أليمَلِك، زوج نُعْمي، أن مات هناك، هو وٱبناه مَحْلون وكِلْيون اللذان كانا قد تزوَّجا امرأتَيْن وثنيّتَيْن من موآب: راعوت وعُرْفة. وبعد عشر سنين، عادت نُعمي إلى بيت لحم ترافقها راعوت، في حين أنّ عُرْفة عادت إلى شعبها. ذهبت راعوت تلتقط السنابل في حقل بوعَز، فاستقبلها بوعَز بعطف. كانت نُعْمي تعلم بأنّ لبوعَز على راعوت حقّ القرابة، فأشارت على راعوت أن تحثّ بوعَز على الزواج منها. فلبّى طلبها، وبعد أن تخلّى عنها قريب أقرب منه، اتّخذ راعوت زوجةً له. فولدت له ابنًا، وهو عوبيد أبو يسَّى أبي داود.
راعوت ١
١. راعوت ونُعْمي
١كانَ في أَيَّامِ حُكمِ القُضاةِ مَجاعةٌ في الأَرض. فمضى رَجُلٌ مِن بَيتَ لَحمِ يَهوذا، لِيَنزِلَ في حُقولِ موآب، هو وزَوجَتُه وٱبْناه. ٢وكانَ ٱسمُ الرَّجُلِ أَليمَلِك، وٱسْمُ زَوجَتِه نُعْمي، وٱسْما ٱبنَيهِما مَحْلون وكِلْيون، وهم أَفراتِيُّونَ مِن بَيتَ لَحمِ يَهوذا. فأَتَوا حُقولَ موآب وأقاموا هُناك.
٣فتُوُفِّيَ أَليمَلِك، زَوجُ نُعْمي، وبَقِيَت هي وٱبْناها. ٤فٱتَّخَذا لَهما ٱمرَأَتَينِ موآبِيَّتَين، اِسمُ الواحِدَةِ عُرفَة وٱسمُ الأُخْرى راعوت، وأَقاما هُناكَ نَحوَ عَشرِ سِنين. ٥ثُمَّ ماتا هُما أَيضًا، مَحْلون وكِلْيون، وبَقِيَتِ المرأَةُ بَعدَ مَوتِ ٱبنَيها وزَوجِها. ٦فقامَت هي وكَنَّتاها ورَجَعَت مِن حُقولِ موآب، لِأَنَّها سَمِعَت، وهي في حُقولِ موآب، أَنَّ الرَّبَّ قدِ ٱفتَقَدَ شَعبَه لِيَرزُقَهم طَعامًا. ٧وخَرَجَت بِكَنَّتَيها مِنَ المَكانِ الَّذي كانَت فيه وسَلَكْنَ الطَّريقَ راجِعاتٍ إِلى أَرضِ يَهوذا.
٨وقالَت نُعْمي لِكَنَّتَيها: «إِنصَرِفا أَنتُما وٱرجِعا كُلُّ واحِدَةٍ إِلى بَيتِ أُمِّها، ولْيَصنَعِ الرَّبُّ إِلَيكما رَحمَةً، كما صَنَعتُما إِلى الَّذينَ ماتوا وإِلَيَّ. ٩ولْيُيَسِّرْ لَكما الرَّبُّ أَن تَجِدا راحةً كُلُّ واحِدَةٍ في بَيتِ زَوجِها». ثُمَّ قَبَّلَتهما فرَفَعَتا صَوتَيهما وبَكَتا. ١٠وقالَتا لَها: «لا، بل نَرجِعُ مَعَكِ إِلى شَعبِكِ». ١١فقالَت لَهما نُعْمي: «إِرجِعا، يا ٱبنَتَيَّ، لِماذا تأتِيانِ مَعي؟ أَفي أَحْشائي بَنونَ بَعدُ حتَّى يَكونَ لَكُما مِنهم زَوجان؟ ١٢إِرجِعا يا ٱبنَتَيَّ وٱذهَبا، لِأَنِّي قد شِختُ عن أَن أَكونَ لِرَجُل. وإِن قُلتُ: لي رَجاءٌ أَيضًا أَن أَصيرَ هٰذه اللَّيلَةَ لِرَجُلٍ فأَلِدَ أَيضًا بَنين، ١٣أَفتَنتَظِرانِ أَن يَكبَروا وتَحتَبِسانِ مِن أَجلِهم عن أَن تَكونا لِرَجُل؟ لا، يا ٱبنَتَيَّ، فإِنِّي في أَشَدِّ المَرارَةِ علَيكما، ويَدُ الرَّبِّ قدِ ٱرتَفَعت عليَّ». ١٤فرَفَعَتا صَوتَيهما وبَكَتا أَيضًا، وقَبَّلَت عُرفَةُ حَماتَها وعادَت إِلى شَعبِها. وأَمَّا راعوت، فلَم تُفارِقْها.
١٥فقالَت نُعْمي: «هٰذه سِلفَتُكِ قد رَجَعَت إِلى شَعبِها وآلِهَتِها، فٱرجِعي أَنتِ على أَثَرِ سِلفَتِكِ». ١٦فقالَت راعوت: «لا تُلِحِّي علَيَّ أَن أَترُكَكِ وأَرجِعَ عَنكِ،
فإِنِّي حَيثُما ذَهَبتِ أَذهَبْ
وحَيثُما بِتِّ أَبِتْ
شَعبُكِ شَعْبي وإِلٰهُكِ إِلٰهي.
١٧وحَيثُما تَموتي أَمُتْ وهُناكَ أُدفَن.
لِيَصنَعِ الرَّبُّ بي هٰكذا ولْيَزِدْ هٰكذا
إِن فَرَّقَ بَيني وبَينَكِ غَيرُ المَوت».
١٨فلَمَّا رأَتها مُصِرَّةً على الذَّهابِ مَعَها، كفَّت عن مُحادَثَتِها بِالأَمْر. ١٩وذَهَبَتا كِلْتاهما حتَّى وَصَلتا إِلى بَيتَ لَحْم. وكانَ عِندَ وُصولِهما إِلى بَيتَ لَحْمَ أَنَّ المَدينَةَ كُلَّها تَحَرَّكت بِسَبَبِهما، وقالَتِ النِّساء: «أَهٰذه نُعْمي؟» ٢٠فقالَت لَهم نُعْمي: «لا تَدْعوني نُعْمي، بلِ ٱدعوني مُرَّة، لِأَنَّ القَديرَ أَمَرَّني جِدًّا. ٢١فإِنِّي ذَهَبتُ مِن هٰهُنا مَليئةً بالنِّعَم وأَرجَعَني الرَّبُّ فارِغَة، فلِماذا تَدْعونَني نُعْمي، والرَّبُّ قد شَهِدَ علَيَّ والقَديرُ أَساءَ إِلَيَّ؟».
٢٢وهٰكذا رَجَعَت نُعْمي وراعوتُ الموآبِيَّةُ كَنَّتُها معَها عائِدَةً مِن حُقولِ موآب ووَصَلَتا إِلى بَيتَ لَحْمَ في أَوَّلِ حِصادِ الشَّعير.
راعوت ٢
٢. راعوت في حقول بوعز
١لِنُعْمِيَ قريبٌ لِزَوجها، ثَرِيٌّ جِدًّا، مِن عَشيرَةِ أَليمَلِك، اِسمُه بوعَز. ٢فقالَت راعوتُ الموآبِيَّةُ لِنُعْمي: «دَعيني أَذهَبُ إِلى الحَقلِ لِأَلتَقِطَ سَنابِلَ وَراءَ مَن أَنالُ في عَينَيه حُظوَةً». فقالَت لَها: «إِذهَبي يا ٱبنَتي». ٣فذَهَبَت ودَخَلَت حَقلًا فٱلتَقَطت وَراءَ الحَصَّادين. وٱتَّفَقَ أَنَّه كانَ قِطعَةَ حَقلٍ لِبوعَز، وهو مِن عَشيرَةِ أَليمَلِك. ٤وإِذا بِبوعَزَ قد أَقبَلَ مِن بَيتَ لَحْم. فقالَ لِلحَصَّادين: «الرَّبُّ معَكم». فقالوا لَه: «بارَكَكَ الرَّبّ». ٥فقالَ بوعَزُ لِخادِمِه القائِمِ على الحَصَّادين: «لِمَن هٰذه الفَتاة؟» ٦فأَجابَ الخادِمُ القائِمُ على الحَصَّادينَ فقال: «هي فَتاةٌ موآبِيَّةٌ قد رَجَعَت مع نُعْمي مِن حُقولِ موآب، ٧وقالَت: دَعوني أَلتَقِطُ وأَجمَعُ مِن بَينِ الحُزَمِ وَراءَ الحَصَّادين، وجاءَت وهي هُنا مُنذُ الصَّباحِ إِلى الآن، ولَم تَستَرِحْ إِلَّا قَليلًا».
٨فقالَ بوعَزُ لِراعوت: «إِسمَعي يا ٱبنَتي، لا تَذهَبي تَلتَقِطينَ مِن حَقلٍ آخَر، ولا تَبتَعِدي مِن هٰهُنا، بل لازِمي خادِماتي هٰهُنا، ٩وٱجعَلي عَينَيكِ على الحَقلِ الَّذي يُحصَد، وٱمْضي وَراءَهُنَّ، وقد أَمَرتُ خَدَمي أَن لا يَمَسُّوكِ بأَذًى. وإِذا عَطِشتِ، فٱذهَبي إِلى الجِرارِ وٱشرَبي مِمَّا ٱستَقاه الخَدَم». ١٠وأَطرَقَت وسَجَدَت إِلى الأَرضِ وقالَت لَه: «كَيفَ نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ حَتَّى تَهتَمَّ بي وأَنا غَريبَة؟» ١١فأَجابَ بوعَزُ وقالَ لَها: «قد أُخبِرتُ بِصَنيعِكِ مع حَمَاتِكِ بَعدَ وَفاةِ زَوجِكِ، وكَيفَ تَرَكتِ أَباكِ وأُمَّكِ وأَرضَ مَولِدِكِ، وجِئتِ إِلى شَعبٍ لم تَعرِفيه مِن أمسِ فما قَبْلُ. ١٢جازاكِ الرَّبُّ على صُنعِكِ، ولْيَكُنْ أَجرُكِ كامِلًا مِن لَدُنِ الرَّبِّ، إِلٰهِ إِسْرائيل، الَّذي جِئتِ لِتَحتَمِي تَحتَ جَناحَيه». ١٣فقالَت: «لَيتَني نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ، يا سَيِّدي، لِأَنَّكَ عَزَّيتَني وخاطَبتَ قَلبَ أَمَتِكَ، وأَنا لَستُ كإِحْدى جَواريك».
١٤ولَمَّا كانَ وَقتُ الأَكْل، قالَ لَها بوعَز: «هَلُمِّي إِلى هٰهُنا وكُلي مِنَ الخُبزِ وٱغمِسي لُقمَتَكِ في الخَلّ». فجَلَسَت بِجانِبِ الحَصَّادين، وجَعَلَ لَها كَومَةً مِنَ الفَريك، فأَكَلَت وشَبِعَت، وٱستَبقَت ما فَضَلَ عنها. ١٥ثُمَّ قامَت لِتَلتَقِط، فأَمَرَ بوعَزُ خَدَمَه وقالَ لَهم: «دَعوها تَلتَقِطُ حَتَّى مِن بَينِ الحُزَم، ولا تَزجُروها. ١٦وٱسحَبوا لَها مِنَ الحُزَمِ ودَعوها تَلتَقِطُ ولا تُعَنِّفوها». ١٧فٱلتَقَطَت في الحَقلِ إِلى المَساء، ودَرَسَت ما لَقَطَت، فكانَ نَحوَ إِيفَةِ شَعير.
١٨فحَمَلَته وعادَت إِلى المَدينة، وأَرَت حَماتَها ما ٱلتَقَطَت، وأَخرَجَت وأَعطَتها ما فَضَلَ عَنها بَعدَ شِبَعِها. ١٩فقالَت لَها حَماتُها: «أَينَ ٱلتَقَطتِ اليَومَ وأَينَ عَمِلتِ؟ بورِكَ مَنِ ٱهتَمَّ بِكِ». فأَخبَرَت حَماتَها بِالَّذي عَمِلَت عِندَه وقالَت: «إسمُ الرَّجُلِ الَّذي عَمِلتُ عِندَه اليَومَ بوعَز». ٢٠فقالَت نُعْمي لِكَنَّتِها: «بارَكَه الرَّبُّ الَّذي لم تَنصَرِفْ رَحمَتُه عنِ الأَحْياءِ والأَمْوات». ثُمَّ قالَت لَها نُعْمي: «إِنَّ الرَّجُلَ هو ذو قَرابَةٍ لَنا، وهو مِن أَقرِبائِنا». ٢١فقالَت راعوتُ الموآبِيَّة: «إِنَّه قالَ لي أَيضًا: لازِمي خَدَمي حتَّى يَفرُغوا مِن حِصادي كُلِّه». ٢٢فقالَت نُعْمي لِراعوتَ كَنَّتِها: «حَسَنٌ أَن تَخرُجي مع خادِماتِه، يا ٱبنَتي، لِئَلَّا يُسيئوا إِلَيكِ في حَقلٍ آخَر». ٢٣فلازَمَت خادِماتِ بوعَزَ في الٱلتِقاطِ حتَّى ٱنتَهى حِصادُ الشَّعيرِ وحِصادُ الحِنطَة، وأَقامَت مع حَماتِها.
راعوت ٣
٣. بوعز وراعوت
١وقالَت لَها نُعْمي حَماتُها: «يا ٱبنَتي، إِنِّي طالِبَةٌ لَكِ مكانَ راحةٍ لِيَكونَ لَكِ فيه خَير. ٢والآن، أَلَيسَ بوعَزُ الَّذي كُنتِ مع خادِماتِه هو قَريبٌ لَنا، وها هُوَذا يُذَرِّي الشَّعيرَ في البَيدَرِ هٰذه اللَّيلَة؟ ٣فٱغتَسِلي وتَطَيَّبي وٱلبَسي رِداءَكِ وٱنزِلي إِلى البَيدَر، ولا تُعَرِّفي الرَّجُلَ نَفسَكِ حتَّى يَنتَهِيَ مِنَ الأَكلِ والشُّرب. ٤فإِذا ٱضطَجَعَ، فعايِني المَوضِعَ الَّذي يَضطَجِعُ فيه، وٱذهَبي فٱكشِفي جِهَةَ رِجلَيه واضطَجِعي، وهو يُخبِرُكِ بِما يَنبَغي أَن تَصنَعي». ٥فقالَت لَها: «كُلُّ ما قُلتِ لي أَصنَعُه».
٦ونَزَلَت إِلى البَيدَرِ وفَعَلَت كما أَمَرَتها حَماتُها. ٧فأَكَلَ بوعَزُ وشَرِبَ وطابَت نَفسُه وجاءَ لِيَضطَجِعَ عِندَ طَرَفِ كُدْسِ الحُبوب، وأَتَت إِلَيه خِلسَةً وكَشَفَت جِهَةَ رِجلَيه وٱضطَجَعَت. ٨وكانَ عِندَ ٱنتِصافِ اللَّيلِ أَنَّ الرَّجُلَ ٱرتَعَشَ وٱلتَفَتَ، فإِذا بِٱمرَأَةٍ مُضطَجِعَةٌ عِندَ رِجلَيه. ٩فقال: «مَن أَنتِ؟» فقالَت: «أَنا راعوتُ أَمَتُكَ، فٱبسُطْ ذَيلَ رِدائِكَ على أَمَتِكَ، لِأَنَّكَ ولِيّ». ١٠فقال: «بارَكَكِ الرَّبُّ يا ٱبنَتي، لِأَنَّ أَمانَتَكِ الأَخيرَةَ خَيرٌ مِنَ الأُولى، إِذ لم تَسعَي وَراءَ الشُّبَّان، فُقَراءَ كانوا أَو أَغْنِياء. ١١والآنَ لا تَخافي يا ٱبنَتي، ومَهْما قُلتِ فأَنا أَفعَلُه لَكِ، فقَد عَلِمَ كُلُّ الشَّعْبِ في بابِ المَدينةِ أَنَّكِ ٱمرَأَةٌ فاضِلَة. ١٢نَعَم، إِنِّي قَريب، ولٰكِنَّ لَكِ قَريبًا أَقرَبَ مِنِّي. ١٣فبيتي لَيلَتَكِ هٰذه، وإِذا أَصبَحتِ فقَضى لَكِ حَقَّ القَرَابة، فنِعِمَّا فلْيَفعَلْ، وإِن لم يَشَأْ أَن يَقضِيَ لَكِ حَقَّ القَرابة، فأَنا أَقْضيه لكِ. حَيٌّ الرَّبّ! فنامي حَتَّى تُصبِحي». ١٤فرَقَدَت عِندَ رِجلَيه إِلى الصَّباح، وقامَت قَبلَ أَن يَعرِفَ الإِنسانُ صاحِبَه. فإِنَّ بوعَزَ كانَ يَقولُ في نَفْسِه: لا يَعلَمْ أَحَدٌ أَنَّ تِلكَ المَرأَةَ جاءَت إِلى البَيدَر. ١٥ثُمَّ قال: «هاتي الرِّداءَ الَّذي علَيكِ وأَمسِكيه» فأَمسَكَته، فكالَ لَها فيه سِتَّةَ أَكْيالِ شَعيرٍ وجَعَلَها علَيها، ثُمَّ عادَت إِلى المَدينة.
١٦وأَقبَلَت راعوتُ على حَماتِها فقالَت لَها: «ما وَراءَكِ يا ٱبنَتي؟» فأَخبَرَتها بِكُلِّ ما صَنَعَ إِلَيها الرَّجُل، ١٧وقالَت: «أَعطاني هٰذه الأَكْيالَ السِّتَّةَ مِنَ الشَّعير، لِأَنَّه قالَ لي: لن تَدخُلي على حَماتِكِ فارِغة». ١٨فقالَت لَها حَماتُها: «أُمكُثي يا ٱبنَتي، حتَّى تَعلَمي كَيفَ يَتِمُّ الأَمْر، لِأَنَّ الرَّجُلَ لا يَهدَأُ حتَّى يُتَمِّمَ الأَمرَ في هٰذا اليَوم».
راعوت ٤
٤. بوعز يتزوّج من راعوت
١وصَعِدَ بوعَزُ إِلى بابِ المَدينَةِ وجَلَسَ هُناك، فإِذا بِالقَريبِ الَّذي تَكَلَّمَ عنه بوعَزُ عابِر. فقالَ لَه: «مِلْ يا فُلان وٱجلِسْ هٰهُنا». فمالَ وجَلَس. ٢ثُمَّ أَتى بِعَشَرَةِ رِجالٍ مِن شُيُوخِ المَدينةِ وقالَ لَهم: «إجلِسوا هٰهُنا». فجَلَسوا. ٣فقالَ لِلقَريب: «إِنَّ نُعْمِيَ الَّتي رَجَعَت مِن حُقولِ موآبَ تَبيعُ حِصَّةَ حَقلِ أَليمَلِكَ أَخينا. ٤فقُلتُ في نَفْسي: إِنِّي أُكاشِفُكَ بِذٰلك وأَقولُ لَكَ: إِشترِ أَمامَ هٰؤُلاءِ الجالِسينَ وأَمامَ شُيوخِ شَعْبي. فإِن كُنتَ تُريدُ أَن تَفُكَّ، فٱفعَلْ، وإِلَّا فأَخبِرْني لِأَعلَم، لِأَنَّه لَيسَ مَن يَفُكُّ غَيرَكَ وأَنا بَعدَكَ». فقال: «أَنا أَفُكّ». ٥فقالَ بوعَز: «إِنَّكَ يَومَ تَشتري الحَقلَ مِن نُعْمي تَشتري أَيضًا راعوتَ الموآبِيَّة، ٱمرأَةَ المَيت، لِتُقيمَ ٱسمَ المَيتِ على ميراثِه». ٦فقالَ القَريب: «لا أَستَطيعُ أَن أَفُكَّ لِنَفْسي لِئَلَّا أُدَمِّرَ ميراثي، ففُكَّ أَنتَ فِكاكي، لِأَنِّي لا أَستَطيعُ أَن أَفُكَّ».
٧وكانَتِ العادةُ قَديمًا في إِسْرائيلَ في أَمرِ الفِكاكِ والمُبادَلَةِ، لإِثباتِ كُلِّ أَمرٍ، أَن يَخلَعَ الرَّجُلُ نَعلَه ويُعْطِيَها لِصاحِبِه. كذا كانَت صورةُ الشَّهادةِ في إِسْرائيل. ٨فقالَ القَريبُ لِبوعَز: «إِشترِ أَنتَ لِنَفْسِكَ»، وخَلَعَ نَعلَه.
٩فقالَ بوعَزُ لِلشُّيوخِ ولِكُلِّ الشَّعْب: «أَنتُم شُهودٌ اليَومَ على أَنِّي ٱشتَريتُ كُلَّ ما لِأَليمَلِك وكُلَّ ما لِكِلْيون ومَحْلون مِن يَدِ نُعْمي. ١٠وأَمَّا راعوتُ الموآبِيَّةُ، ٱمرَأَةُ مَحْلون، فأَنتُم شُهودٌ على أَنِّي ٱشتَرَيتُها أَيضًا ٱمرَأَةً لي، لِأُقيمَ ٱسمَ المَيتِ على ميراثِه فلا يَنقَرِضَ ٱسمُ المَيتِ مِن بَينِ إِخوَتِه ومِن بابِ مَدينَتِه. أَنتُم شُهودٌ اليَوم». ١١فقالَ كُلُّ الشَّعبِ الَّذي في بابِ المَدينَةِ والشُّيوخ: «نَحنُ شُهود. لِيَجعَلِ الرَّبُّ المَرأَةَ الدَّاخِلَةَ بَيتَكَ كراحيلَ ولَيئَةَ اللَّتَينِ بَنَتا كِلْتاهما بَيتَ إِسْرائيل.
فكُنْ صاحِبَ قُدرَةٍ في أَفراتَة
وأَقِمْ لَكَ ٱسمًا في بَيتَ لَحْم.
١٢ولْيَكُنْ بَيتُكَ مِثلَ بَيتِ فارَص الَّذي وَلَدَته تامارُ لِيَهوذا، بِفَضلِ النَّسلِ الَّذي يَرزُقُكَ الرَّبُّ مِن هٰذه الفَتاة!».
١٣فاتَّخَذَ بوعَزُ راعوت وصارَت زوجَةً لَه، ودَخَلَ علَيها، فرَزَقَها الرَّبُّ حَبَلًا ووَلَدَتِ ٱبنًا. ١٤فقالَتِ النِّساءُ لِنُعْمي: «تَبارَكَ الرَّبُّ الَّذي لم يُعدِمْكِ اليَومَ قَريبًا يُذكَرُ ٱسمُه في إِسْرائيل، ١٥ويَكونُ لَكِ مُنْعِشًا لِقَلبِكِ ومُعيلًا لِشَيبَتِكِ، لِأَنَّ كَنَّتَكِ الَّتي أَحَبَّتكِ قد وَلَدَته، وهي خَيرٌ لَكِ من سَبعةِ بَنين». ١٦فأَخَذَت نُعْمي الصَّبِيَّ وجَعَلَته في حِجرِها وحَضَنَته.
١٧وسَمَّته الجاراتُ بٱسمٍ قائلات: «قد وُلِدَ لِنُعْمِيَ ٱبنٌ»، ودَعَونَه عوبيد، وهو أبو يَسَّى، أَبي داود.
نسب داود
١٨وهٰذه مَواليدُ فارَص: فارَصُ وَلَدَ حَصْرون، ١٩وحَصْرونُ وَلَدَ رامًا، ورامٌ وَلَدَ عَمِّيناداب، ٢٠وعَمِّينادابُ وَلَدَ نَحْشون، ونَحْشونُ وَلَدَ سَلْمون، ٢١وسَلْمونُ وَلَدَ بوعَز، وبوعَزُ وَلَدَ عوبيد، ٢٢وعوبيدُ وَلَدَ يَسَّى، ويَسَّى وَلَدَ داوُد.