اختر صفحة

سِفْرُ صموئيل الثاني

إنجيل متّى

الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

صموئيل الثاني ١

صموئيل الثاني ٧

صموئيل الثاني ١٣

صموئيل الثاني ١٩

صموئيل الثاني ٢

صموئيل الثاني ٨

صموئيل الثاني ١٤

صموئيل الثاني ٢٠

صموئيل الثاني ٣

صموئيل الثاني ٩

صموئيل الثاني ١٥

صموئيل الثاني ٢١

صموئيل الثاني ٤

صموئيل الثاني ١٠

صموئيل الثاني ١٦

صموئيل الثاني ٢٢

صموئيل الثاني ٥

صموئيل الثاني ١١

صموئيل الثاني ١٧

صموئيل الثاني ٢٣

صموئيل الثاني ٦

صموئيل الثاني ١٢

صموئيل الثاني ١٨

صموئيل الثاني ٢٤

صموئيل الثاني ١

صموئيل الثاني ٢

صموئيل الثاني ٣

صموئيل الثاني ٤

صموئيل الثاني ٥

صموئيل الثاني ٦

صموئيل الثاني ٧

صموئيل الثاني ٨

صموئيل الثاني ٩

صموئيل الثاني ١٠

صموئيل الثاني ١١

صموئيل الثاني ١٢

صموئيل الثاني ١٣

صموئيل الثاني ١٤

صموئيل الثاني ١٥

صموئيل الثاني ١٦

صموئيل الثاني ١٧

صموئيل الثاني ١٨

صموئيل الثاني ١٩

صموئيل الثاني ٢٠

صموئيل الثاني ٢١

صموئيل الثاني ٢٢

صموئيل الثاني ٢٣

صموئيل الثاني ٢٤

مدخل إلى سِفرَي صموئيل

عنوان الكِتابَين

إنّ تقسيم سِفر صموئيل إلى كتابَيْن حديث العهد جدًّا. فهناك تعليق مسُّوريّ على ١ صم ٢٨/ ٢٤ يفيد بأنّ «نصف الكتاب» يقع في ذلك المكان. والمترجمون اليونانيّون هم الذين نسخوا الترجمة في سِفرَين أطلقوا عليهما اسم «الكتاب الأوّل والكتاب الثاني للِمُلك». إتَّبَعت الترجمة اللاتينيّة الشائعة هذا التقسيم (وسمَّت السِفرَين «الكتاب الأوّل والكتاب الثاني للملوك») وفرض هذا التقسيم نفسه على الكُتب المقدّسة العبريّة منذ القرنَيْن الخامس عشر والسادس عشر، وكذلك على الترجمات العربيّة.

تكشف المقارنة بين النصّ العبريّ والترجمة اليونانيّة اختلافات مهمّة. من المستبعد كثيرًا أن يكون المترجمون السبعون قد قاموا من تلقاء أنفسهم بما نلاحظه في النصّ اليونانيّ من إضافة وحذف. فالآثار النادرة المنشورة للنصّ العبريّ الذي عُثرَ عليه في قمران تضع أمام أعيننا، من ناحية، نصًّا عبريًّا أقرب أحيانًا إلى النصّ الذي يبدو أنّ المترجمين السبعين استندوا إليه. ومن ناحية أخرى، فإنَّ قِدَم تلك الشهود لا يكفي للدلالة على أنّها تقدّم إلينا «النصّ الأصليّ». ولعلَّ الترجمة اليونانيّة، أو بالأحرى ما يظهر فيها من الأصل العبريّ، قد حاولت أن تحذف بعض التكرارات أو التناقضات، فيُرجَّح أن تكون هذه الترجمة تحقيقًا أسهل من التحقيق الذي نقله إلينا المسّوريّون.

يشير عنوان سِفر صموئيل إلى تقليد ربّانيّ قديم كان يعدّ النبيّ صموئيل كاتب السِفرين. وقد فسَّرَ بعض الربّانيّين اللاحقين ١ أخ ٢٩/ ٢٩-٣٠ تفسيرًا حرفيًّا فافترضوا أنّ عمل صموئيل تابَعه بعد موته النبيّان ناتان وجاد.

إنّ حدود سِفرَي صموئيل، وإن كانت قديمة، لا تخلو من أن تكون مصطنعة، فإنّنا نلاحظ على الخصوص أنّ الفصول ٢ صم ٢١/ ١-٢٤/ ٢٥ تقطع قصّة متجانسة بإنشائها وهدفها، وهي تروي ما في مُلك داود من تقلّبات داخليّة وتنتهي بجلوس سليمان على العرش. والفصلان ١ مل ١/ ١-٢/ ٤٦ يعودان إلى الوحدة العامّة الأصليّة هذه التي تجزّأت بإدماج ٢ صم ٢١/ ١-٢٤/ ٢٥. يشبه هذا الإدماج إدماج الفصول قض ١٧/ ١-٢١/ ٢٥، وهي ملحقات تقطع سلسلة قصص القضاة المخلِّصين، تلك السلسلة التي تُستأنف، على ما يبدو، في ١ صم ١/ ١-٢٨.

إظهار المزيد

محتوى الكتابَيْن

يبدو أنّ أقسام سِفرَي صموئيل المختلفة، في ترتيبها الحاليّ، يرتبط بعضها ببعض وفقًا لترتيب زمنيّ، إن وضعنا «ملحقات» ٢ صم ٢١/ ١-٢٤/ ٢٥ على حدة. يروي القسم الأوّل (١ صم ١/ ١-٧/ ١٧) حياة صموئيل منذ مولده ودعوته النبويّة إلى اليوم الذي أصبحَ فيه قاضيًا عظيمًا ومخلّصًا لإسرائيل. أمّا الأجواء فهي أجواء الحروب التي شُنَّت على الفلسطينيّين، وهي تحفظ منها خاصّةً ما يتعلّق بمصير تابوت العهد.

لمَّا شاخَ صموئيل، كان الخطر الخارجيّ مُلِحًّا، فذهب الشعب يطلب ملكًا. فاصطدمت هذه الخطوة باعتراضات النبيّ وهو المُدافع عن الحكم الإلهيّ. ومع ذلك فقد استجاب لرغبة شيوخ إسرائيل ونصَّب شاول. وانصرف صموئيل بعد أن تمَّ كلّ شيء، وتستغرق الفصول ١ صم ٨/ ١-١٢/ ٢٥ النقاش في الحكم المَلَكيّ وأخبار جلوس شاول على العرش، وتشكّل القسم الثاني منه.

أمّا موضوع القسم الثالث (١ صم ١٣/ ١-١٥/ ٣٥) فيدور على الحروب التي شنّها شاول على الفلسطينيّين وعلى العمالقة. كُلِّلت هذه الحروب بالنصر، ولكنّ الغيوم أخذت تتراكم على الملك، فقد أذنب بالعصيان للمشيئة الإلهيّة، فبلّغه صموئيل خَلعه وأخبره، بكلماتٍ صريحة، بأنّ داود سيحلّ محلّه.

تُروى حياة داود، من يوم قُدِّمَ لشاول إلى يوم تُوِّجَ ملكًا على إسرائيل، في الوحدة الإجماليّة المعقّدة التي يسمّونها «قصّة ارتقاء داود العرش» والتي تقع بين ١ صم ١٦/ ٢٣-٢ صم ٥/ ٢٥. تُوِّجَ داود عن يد صموئيل وهو حديث السنّ، ودخل في خدمة شاول واشتهر بانتصاره العجيب على جُليات العملاق الفلسطينيّ. أصبحَ قائدًا حربيًّا عظيمًا واكتسب حبّ الشعب، ولا سيّما حبّ يوناتان، ابن شاول. ولكنّه أثار في نفس شاول حسدًا مميتًا فحاول شاول أكثر من مرّة، ولكن عبثًا، أن يتخلّص من خصمه. واضطُرَّ داود إلى الهرب يتعقّبه شاول، فأخذ يعيشُ عيشة تنقّل انتهت به إلى الدخول في خدمة الفلسطينيّين، ولكنّه لم يحارب شعبه. ولمّا سقط شاول ويوناتان أمام الفلسطينيّين في معركة جبعون، واصل داود محاربة خلفاء شاول وسار من نصرٍ إلى نصر، في حين أنّ بيت شاول كان يتدهور.

يكوّن القسم الخامس (٢ صم ٦/ ٢٣-٨/ ١٨) همزة وصل بين الجزئَين اللذَين تنقسم إليهما قصّة داود في سِفرَيْ صموئيل (قبل ارتقائه عرش الملكيّة وبعده). أدّت إقامة تابوت شيلو في أورشليم إلى تكريس المدينة التي استولى عليها داود كعاصمة مملكته، كما أعلنت نبوءة ناتان مبدأ الوراثة الملكيّة لصالح سلالة داود. وتذكِّر نبذة الفصل الثامن بأنّ مؤسّس مملكة أورشليم كان فاتح إمبراطوريّة حقيقيّة أيضًا.

والجزء الثاني هو عبارة عن الفصول ٢ صم ٩/ ١-٢٠/ ٢٦ (يُضاف إليها ١ مل ١/ ١-٢/ ٤٦). إنّها رواية الأحداث التي ستنتهي بتنصيب سليمان. فيها تبسّط طويل في رواية مولد سليمان وفي الظروف التي أحاطت به، ثمّ يُروى كيف أُبعدَ عن الخلافة أبناءُ داود وقد يكونون عقبة في مصير سليمان، وهم أمنون وأبشالوم (وأدونيّا).

وهناك مُلحقات ٢ صم ٢١/ ١-٢٤/ ٢٥ وقد أُدخلت على أثر التوقيف الوارد في رواية «خلافة داود»، وهي تروي الكارثَتَيْن الطبيعيّتَيْن اللتين لم تجدا مكانًا في الفصول السابقة، بالرغم من معناهما التاريخيّ والدينيّ.

سِفرا صموئيل وتاريخ إسرائيل

يشمل سِفرا صموئيل حقبة زمنيّة طويلة من تاريخ إسرائيل، تقودنا حتّى أيّام شيخوخة داود، وذلك قبل جلوس سليمان على العرش في العام ٩٧٠ ببضع سنوات. أمّا تحديد الأحداث الأولى في التاريخ فهو أمر صعب لأنّ هذه الأحداث يحيطُ بها الغموض الزمنيّ كما يحيط بقصص سِفر القضاة. من الزمن القديم ذلك يبقى في سِفرَي صموئيل تقاليد يتمتّع بعض عناصرها بأصالة لا جدل فيها. هذا شأن الأخبار عن السيادة الفلسطينيّة وخصوصًا عن احتكار الحديد الذي احتفظ به الفلسطينيّون (١ صم ١٣/ ١٩-٢١)، وروايات المعارك المليئة بالأخبار المكانيّة الدقيقة والتي يمكن التثبّت منها (١ صم ١٣/ ١-٢٣؛ ١ صم ١٧/ ١-٥٨؛ ١ صم ٣١/ ١-١٣) وروايات تنقّلات داود الهارب. وإنّ العلاقات المتوتّرة التي قامت بين مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا، المُشار إليها في تاريخ الخلافات بين داود وبيت شاول وتاريخ تمرّد أبشالوم، تشكّل هي أيضًا أخبارًا تاريخيّة جيّدة. وبالرغم من عدم وجود مصادر خارجيّة، فإنّ ما يخبرنا ٢ صم ٨/ ١-١٨ عن حروب داود لا يمكن أن يكون مختلفًا. وإنّ إنشاء مملكة داوديّة في مطلع الألف الأوّل، في زمن كانت فيه مصر وأشّور في حالة دفاع، يشرح لنا وحده ما كان عليه مُلك سليمان من ازدهار، بعد أن حصل إسرائيل على منفذ إلى البحر المتوسّط والبحر الأحمر. والنُبَذ من موظّفي داود (٢ صم ٨/ ١٥-١٨؛ ٢ صم ٢٠/ ٢٣-٢٦) والإحصاء الذي يُشير إليه ٢ صم ٢٤/ ١-٢٥ تشهد لرغبة حازمة في تنظيم البلاد وتُظهر تحوّلًا ذا مغزى منذ عهد شاول الذي لم يكن له من جهازٍ سوى نواة جيشٍ دائم. وبالمقابل لا يسعنا أن نطلب من سِفرَي صموئيل أن يزوّدانا معلوماتٍ أكيدة في أمر أوائل الحكم الملكيّ. إنّ الخطر الفلسطينيّ قد يفسّر قيام مبادرة الشيوخ الذين جاؤوا يطلبون ملكًا من صموئيل، ولكن أين ومتى قاموا بطلبهم؟ إنّ تقليد ١ صم ١١/ ١-١٥ الذي يُظهر شاول بمظهر ذلك الذي انتصر على بني عمّون وخلّص يابيش جِلعاد يتمتّع بأثبت الضمانات التي تستند إلى تحليل النصّ، ولكن هل يمكن التوفيق بينه وسائر روايات تتويجه من جهة التاريخ؟ هل تُوِّجَ شاول في الرَّامة أو في المصفاة أو في الجلجال، أم في جميع هذه الأماكن على التوالي؟ لا يزال التسلسل الزمنيّ الخاصّ بمُلك شاول مجهولًا على الإطلاق، وتدلّ النبذة الواردة في ١ صم ١٣/ ١ على أنّه لم يكن مَن يحفظُ ذكرى لها.

التأليف الأدبيّ في سِفرَي صموئيل

ليس سِفرا صموئيل بسلسلة إخباريّة تتَّبع الأحداث خُطوةً خطوة. هما عمل أدبيّ يجمع موادّ غير متجانسة بعضها قديم جدًّا، ويضمّ تقاليد شفهيّة لا شكّ في أنّها تعودُ إلى أيّام شاول وداود ولا يسعنا الآن أن نهتدي إلى حالتها الأولى التي وراء الصيغة المكتوبة، وصفحات يُرجّح أنّها حُرِّرت على عهد سليمان وإضافات زيدت بعد خراب الدولة في العام ٥٨٧، حين دخلَ سِفرا صموئيل في العمل الأدبيّ المنسوب إلى المدرسة التاريخيّة المسمّاة «مدرسة تثنية الاشتراع» (يشوع – القضاة – صموئيل – الملوك) والتي تمكن معرفتها بسهولة من تركيب جملها وإنشائها.

يُجمع النقّاد على أنّ «قصّة خلافة داود» (٢ صم ٩/ ١-٢٠/ ٢٦؛ ١ مل ١/ ١-٢/ ٤٦) رواية متجانسة إلى حدّ ما، تذكّر أحيانًا ميزاتها الأدبيّة بمؤلِّف التوراة «اليهويّ»، حتّى إنّهم رأوا في هذه الصفحات آثار قصّة قوميّة قديمة كانت تبدأ براوية خلق الإنسان (تك ٢/ ١-٢٥). ولا شكّ في أنّ قصّة تمرّد أبشالوم، وهي حافلة بالملاحظات الدقيقة والتي تبدو مأخوذة على السجيّة، هي من عمل شاهد عيان لأحداث، ولا يمكن على كلّ حال أن تكون قد حُرِّرت بعد الأحداث بكثير. إنّها تشكّل نواة «قصّة الخلافة» فكانت فاتحتها قصّة مولد سليمان (٢ صم ٩/ ١-١٢/ ١٣) وخاتمتها قصّة فشل أدونيّا (١ مل ١/ ١-٢/ ٤٦)، فأمكنَ تسمية هذه الفصول «قصّة جلوس سليمان على العرش». وبالرغم من موضوعيّة الأسلوب، فإنّنا نشعر شعورًا واضحًا بمواقف المؤلِّف ونزعاته.

أَمَّا الوحدة الإجماليّة السابقة (١ صم ١٦/ ٢٣-٢ صم ٥/ ٢٥) التي يمكن أن نضمّ إليها العناصر القديمة الواردة في نبوءة ناتان (٢ صم ٧/ ١-٢٩) وقصّة تابوت العهد (٢ صم ٦/ ١-٢٣) فهي صعبة التأليف. أجل، إنّ قصّة صعود داود أو جلوسه على العرش هي بنية أدبيّة شديدة الإحكام (يحاول الرواة والمحرّرون أن يسردوا القصّة باستعمال التوازي)، ولكنّ وجود الفقرات المزدوجة المتشابهة مدهشٌ جدًّا: فدخول داود في خدمة شاول، ومحاولة شاول الفاشلة اغتيالَ داود وتدخّل يوناتان لخير داود، وقدوم داود إلى الفلسطينيّين، وإبلاغ أهل زيف، وقصّة إبقاء داود على حياة شاول، كلّ ذلك يُروى مرَّتين. ولذلك اعتقد بعض المفسّرين أنّ هذه الفصول هي امتدادٌ لـ «الوثائق» الواردة في كتب الشريعة الخمسة.

يبدو بالأحرى، في معظم الحالات، أنّنا أمام تقاليد مختلفة (سبقَ أن استقرَّت مشافهةً أو كتابةً) قد حرص الرواة والمحرّرون على المحافظة عليها وحاولوا أن ينظّموها بعبارات إطاريّة وأشاروا باستعمال كلمات أساسيّة إلى الموضوعات السائدة في كلّ قسم من الأقسام. وبالرغم من وجود الفقرات المزدوجة المشابهة تلك، فإنّ في قصّة ارتقاء داود العرش من القرابة مع قصّة الخلافة ما يحمل على الظنّ أنّ المؤلِّفين كانوا ينتمون إلى بيئة واحدة، أي كُتَّاب من بلاط أورشليم اختاروا وصاغوا تقاليد شفهيّة سبق أن كانت تمتدح المَلِك. إنّ السير نحو إسباغ الكمال المثاليّ على داود، الذي يبدو لنا بوضوح في هذا القسم، قد استمرَّ في مرحلةٍ لاحقة من التحرير: فمن الواضح أنّ ١ صم ١٦/ ١-٢٣؛ وفيه يُروى مَسح داود عن يد صموئيل، يهدف إلى وضع الملك الثاني والأوّل على مستوى واحد، وهو يرتبطُ ارتباطًا وثيقًا بالفصل ١ صم ١٥/ ١-٣٥ الذي لا نزاع في أهمّيّته الثانويّة.

إنّ الفصول الخاصّة بحروب شاول هي تجميع نجد فيها تقاليد قديمة في المعارك التي شُنَّت في أيّام شاول على الفلسطينيّين والتي كان بطلها الحقيقيّ يوناتان، صديق داود. فمن الواضح أنّ النزعة فيها معادية لشاول (١ صم ١٣/ ١-١٤/ ٥٢). ورواية الحملة على أبيملك (١ صم ١٥/ ١-٣٥) مبنيّة على أسس أقلّ ثبوتًا بكثير في التقاليد القديمة. إنّها زخرفٌ أدبيّ ربّما أُدخلَ لإظهارِ فشل حكم شاول الذي أذنبَ بمخالفته إحدى وصايا الله. وخَلْع شاول هو المدخل الضروريّ لقصّة داود المتّصلة به مباشرةً.

أمَّا القسم الّذي يتكلّم على نشأة الحكم الملكيّ (١ صم ٨/ ١-١٢/ ٢٥) فليس وراءه قصّة أخفّ تعقيدًا. لقد جُمعت في هذا المجال عناصر من مصادر مختلفة، بعضها قديم، بالرغم من اللمسات المتأخّرة. فمنها حكاية الأُتُن ولا شكّ في أنّها تكييف لأسطورة بنيامينيّة (١ صم ٩/ ١-١٠/ ١٦)، ومنها تقليد في انتخاب الملك بالقرعة في المِصفاة (١ صم ١٠/ ١٧-٢٧) وقصّة ١ صم ١١/ ١-١٥ حيث يظهر شاول في ملامح قاضٍ لامع منتصر على العدوّ العمّونيّ. وفي ١ صم ٨/ ١-٢٢ عرض فوريّ للمشكلة اللاهوتيّة التي يثير إنشاء الملكيّة نفسه. يستنكر الربّ رغبة الشعب الذي يطلب ملكًا، ويُشار فيه أيضًا إلى أنّه يستجيبه آخر الأمر. يميل المفسّرون في أيّامنا إلى اعتقاد أنّ «عادات الملك» التي يحذّر منها صموئيل مواطنيه هي ذكرى تصرّفات اتّسم بها ملوك «كما كان للأمم» في أواخر الألف الثاني، لا حكم مستبق على ممارسات سيّئة لملوك إسرائيل. وفي هذه الحال، يكون أساس ١ صم ٨/ ١-٢٢ أقدم ممّا اعتقده المفسّرون زمنًا طويلًا. ولكن لا بدّ من الاعتراف بأنّ خطبة صموئيل في ١ صم ٨/ ١-٢٢ قد تأثّرت بلمسات أحد كتّاب سِفر تثنية الاشتراع، ومِثلها خُطب أُخرى كثيرة تزيّن سِفرَي صموئيل (لأنّ الفنّ الأدبيّ هذا هو أكثر الفنون الأدبيّة تقبّلًا للتبسّط). يحسن بنا أن ننسب إلى تقليد تثنية الاشتراع وحده عظة الوداع الوارد ذكرها على لسان صموئيل في ١ صم ٧/ ١-١٧. في هذا القسم كلّه، لا يُدان شاول، بل يُصوَّر، بطرقٍ مختلفة، كما يصوَّر مختار الربّ. يبدو أنّهم يهتمّون بالمؤسّسة الملكيّة أكثر منه بالذي حاز أوّلًا المنزلة الملكيّة.

تسيطر شخصيّة صموئيل على القسم الأوّل من الكتاب (١ صم ١/ ١-٧/ ١٧)، ويُصوَّر هذا الرجل كأنّه نوعٌ من الطراز المثاليّ للإنسان المتديِّن، فهو في آنٍ واحد ملازم للهيكل ومولَّى مهمّة نبويّة. وهناك أيضًا محاولة لإظهاره مخلّص زمنه الحقيقيّ (قد تكون محاولة انتقاد لشاول، راجع ١ صم ١/ ٢٧-٢٨). وهناك أيضًا تشديد على اختيار صموئيل للدلالة على أنّ الذي مسح الملوك كان، بعمله هذا، العامل الذي رضيَ الله عنه، ولا شكّ في أنّ بعض عناصر الفصول ١ صم ١/ ١-٧/ ١٧ يتوضّح معناها، إن أخذنا بعين الاعتبار ما في مجمل سِفرَي صموئيل من اهتمامات رئيسيّة: فما حدثَ لتابوت العهد يُروى لكثير من التفصيل لأنّه يساهم في تمجيد الأثاث المقدّس الذي جعله داود حِرز عاصمته، والتنبّؤ بــ «الكاهن الأمين» الوارد ذكره في ١ صم ٢/ ٢٧-٣٦ هو تمجيد لمؤسّسة العصر السليمانيّ، أي الكهنوت الصادوقيّ. والتضادّ ارتقاء/ انحدار (المذكور في ١ صم ٢/ ٧ بأسلوب مقتضب) يسيطر على قصّة صموئيل وخصمه عالي وبنيه، وعلى قصّة داود وخصمه شاول وبيته. فليست قصّة صموئيل خالية من الصلات بما يتبعها. يمكننا أن ننسب إلى متعصّب للمذهب الملكيّ تجميع التقاليد القديمة التي تكوّن الفصول ١ صم ١/ ١-٦/ ٢١. وأمّا الفصل ٧/ ١-١٧؛ وفيه تظهر الاهتمامات والإنشاء الخاصّة بأحد كُتّاب تثنية الاشتراع، فقد أُعيد تأليفه عن يد هذا الكاتب الذي أراد أن يجعله خاتمةً لتاريخ القضاة.

تعليم في الحكم الملكيّ

يُمكننا اكتشاف النزعات السياسيّة الدينيّة التي راودت فكر الرواة والكتّاب بأن ندلي ببعض الافتراضات في تأليف سِفرَي صموئيل. فإنّ هذين السِفرَين هما تعليم أكثر من تاريخ لإسرائيل القديم، ومن المهمّ أن نستخلص عناصر هذا التعليم الرئيسيّة.

فالموضوع السائد هو موضوع الحكم الملكيّ. ليس هناك محاولة لإخفاء الالتباسات التي رافقت قيام هذا الحكم. لإسرائيل ملك هو الربّ. فكيف يمثّله إذًا ملك بشريّ؟ حُلَّ المشكل لمصلحة المؤسّسة الملكيّة، إذ إنّ الربّ وصموئيل وسيطه هما اللذان في آخر الأمر تولّيا تعيين شاول. وإذا كان هناك مع ذلك إشارة صريحة إلى مبادرة الشعب، فقد يعني ذلك أنّ مُلك الإنسان لا يأتي شرعًا من إرادة الإنسان، بل من السلطة الإلهيّة، وإنّ الحكم الملكيّ في إسرائيل ليس هو حكم الشعب ولا حكم الفرد، بل يظلّ خاضعًا لحكم الله. قد يكون في الأمر إشارة إلى أنّ شاول قد عانى شخصيًّا من أنّه «طُلب» (وهذا معنى اسمه في العبريّة). فهناك تشديد على ما في الأخطاء التي أدَّت إلى سقوط شاول من طابع دينيّ، للدلالة على أنّه لا يجوز للملك أن يتعدّى على ميدان ليس ميدانه. ومن هنا الأهمّيّة المعلّقة في سِفرَي صموئيل على ما يعود إلى العبادة من أدوات وشعائر وخدَّام (وعلى الخصوص من تابوت العهد الذي لا يُمسّ بحسب ٢ صم ٦/ ٧؛ ومذبح أورشليم بحسب ٢ صم ٢٤/ ٢٥).

إنّ الملك المثاليّ هو داود. يتغلّب عليه الطابع المثاليّ هذا، ولا سيّما في مطلع مُلكه، رواية مآثره والمودّة التي يوحي بها وكرم أخلاقه وتواضعه، من دون إخفاء أنّ حياته كانت حياة جنديّ سعيد. ولم يكن يفوتهم أن يشيروا إلى الخضوع الذي برهن عليه للربّ، وإلى اهتمامه باستشارة المشيئة الإلهيّة. وهكذا تقبّل توبيخ النبيّ ناتان في أثر الزنى الذي ارتكبه، وهذا ما يدلّ على أنّ المَلِك في إسرائيل غير مُعفى من الشرائع. لكنّ داود لم يُعاقب في ذريّته، كما عوقب شاول: فقد حصل على تأكيد أنّ أحد بنيه سيملك مكانه. وهذا الابن هو سليمان الذي أُحيط منذ مولده بمحبّة الله. إنّ سِفرَي صموئيل هما إذًا دفاع عن سلالة يهوذا. فقد جاء في نبوءة ناتان (٢ صم ٧/ ١-٢٩) التي لم يتأثّر مضمونها الجوهريّ بتحريرها اللاحق، إنّ بيت داود سيجلس دائمًا أبدًا على عرش أورشليم، أيًّا كانت أخطاء أعضائه المالكين الشخصيّة.

إنّ الفكرة الدينيّة هذه التي ظهرت على الأرجح في وقتٍ سادَ فيه اعتقاد أنّ حكم يهوذا الملكيّ مضمون لمستقبل طويل، كُتبَ لها نجاحٌ عظيمٌ أكسب سِفرَي صموئيل مكانتهما في تاريخ الخلاص. سيأتي يوم يرتكب فيه الملوك من الأخطاء ما تبدو له الملكيّة عينها محكومًا عليها، وسيصدر الحكم النهائيّ عليها في العام ٥٨٧ (خراب الهيكل وجلاء السكّان الثاني إلى بابل). ومع ذلك، لن يكفّوا عن الإيمان بضمان الخلود الذي وهبه الله لبيت داود، وسينظرون بثقة مجيء ابنٍ لداود جدير بما وُعد به جدّه. هو المشيح: إنّه مَلك مثاليّ، ولكنّه متحدّر حقًّا بالجسد من الذي اختاره الربّ في حوالى العام ١٠٠٠ ق.م.

صموئيل الثاني ١

داود وخبر موت شاول

١وكانَ بَعدَ مَوتِ شاوُلَ أَنَّ داوُدَ رَجَعَ مِن ضَربِ العَمالِقَة، فمَكَثَ يَومَينِ في صِقْلاج. ٢ولَمَّا كانَ اليَومُ الثالِث، إِذا بِرَجُلٍ قد أَقبَلَ مِنَ المُعَسكَرِ مِن عِندِ شاوُل، وثِيابُه مُمَزَّقَةٌ وعلى رَأسِه تُراب. فلَمَّا وَصَلَ إِلى داوُد، اِرْتمى على الأَرضِ وسَجَدَ لَه. ٣فقالَ لَه داوُد: «مِن أَينَ أَقبَلتَ؟» قال: «نَجَوتُ بِنَفْسي مِن مُعَسكَرِ إِسْرائيل». ٤فقالَ لَه داوُد: «ما الخَبَر؟ أَعلِمْني». قال: «إِنهَزَمَ الشَّعبُ مِنَ القِتال، وسَقَطَ مِنَ الشَّعبِ كَثيرونَ وماتوا، وشاوُلُ ويوناتانُ ٱبنُه قد ماتا أَيضًا».

٥فقالَ داوُدُ لِلفَتى الَّذي أَخبَرَه: «كَيفَ عَرَفتَ أَنَّه قد ماتَ شاوُلُ ويوناتانُ ٱبنُه؟» ٦فقالَ لَه الفَتى الَّذي أَخبَرَه: «إِتَّفَقَ لي أَن كُنتُ في جَبَلِ الجِلْبوع، فإِذا شاوُلُ مُتَّكِئٌ على رُمحِه، والمَركَباتُ والفُرْسانُ يَجِدُّونَ في إِثرِه. ٧فٱلتَفَتَ وَراءَه فرَآني وناداني، فقُلتُ: هاءَنَذا. ٨فقالَ لي: مَن أَنتَ؟ فقُلتُ لَه: عماليقيّ. ٩فقالَ لي: إِنهَضْ علَيَّ فٱقتُلْني، فقَد أَخَذَني الدُّوار، معَ أَنَّ نَفْسي لم تَزَلْ فِيَّ. ١٠فنَهَضتُ علَيه فقَتَلتُه، لِأَنِّي عَلِمتُ أَنَّه لا يَحْيا بَعدَ سُقوطِه. وأَخَذتُ التَّاجَ الَّذي على رَأسِه والسِّوارَ الَّذي في ساعِدِه، فأَتَيتُ بِهما إِلى سَيِّدي هٰهُنا».

١١فأَمسَكَ داوُدُ ثِيابَه ومَزَّقَها، وكذا جَميعُ الرِّجالِ الَّذينَ معه. ١٢وناحوا وبَكَوا وصاموا إِلى المساءِ على شاوُلَ ويوناتانَ ٱبنِه وعلى شعبِ الرَّبِّ وبَيتِ إِسْرائيل، لِأَنَّهم سَقَطوا بِالسَّيف.

١٣ثُمَّ قالَ داوُدُ لِلفَتى الَّذي أَخبَرَه: «مِن أَينَ أَنتَ؟» فقالَ لَه: «أَنا ٱبنُ رَجُلٍ نَزيلٍ عَماليقيّ». ١٤فقالَ لَه داوُد: «كَيفَ لم تَهَبْ أَن تَمُدَّ يَدَكَ لِتُهلِكَ مَسيحَ الرَّبّ؟» ١٥ودعا داوُدُ واحِدًا مِنَ الفِتْيانِ وقال: «تَقَدَّمْ فأَوقِعْ بِه». فضَرَبَه فمات. ١٦فقالَ لَه داوُد: «دَمُكَ على رَأسِكَ، لِأَنَّ فَمَكَ شَهِدَ علَيكَ، إِذ قُلتَ: إِنِّي قَتَلتُ مَسيحَ الرَّبّ».

رِثاء داود لشاول ويوناتان

١٧ورَثَى داوُدُ شاوُلَ ويوناتانَ ٱبنَه بِقَصيدَةِ الرِّثاءِ هٰذه. ١٨وأَمَرَ بِأَن تُعَلَّمَ لِبَني يَهوذا. هي قَصيدةُ القَوسِ المَكْتوبةُ في سِفرِ المُستَقيم.

١٩بَهاءُ إِسْرائيلَ قَتيلٌ على رَوابيكَ

كَيفَ سَقَطَتِ الأَبْطال؟

٢٠في جَتَّ لا تُخبِروا

وفي أَسْواقِ أَشْقَلونَ لا تُبَشِّروا

لِئَلَّا تَفرَحَ بَناتُ الفَلِسطينِيِّين

وتَبتَهِجَ بَناتُ القُلْف.

٢١يا جِبالَ الجِلْبوعِ لا يَكُنْ علَيْكم نَدًى

ولا مَطَرٌ ولا حُقولٌ خَصيبة

لأَنَّ هُناكَ تَلَطَّخَ تُرسُ الأَبطال.

تُرسُ شاوُلَ لَم يُمسَحْ بِدُهنٍ

٢٢بل بِدَمِ القَتْلى وشَحمِ الأَبْطال.

قَوسُ يوناتانَ لم يَرجِعْ إِلى الوَراء

وسَيفُ شاوُلَ لم يَرتَدَّ خائِبًا.

٢٣شاوُلُ ويوناتانُ مَحْبوبانِ عَزيزان

في حَياتِهما وفي مَماتِهما لم يَفتَرِقا.

أَسرَعُ مِنَ العِقْبانِ وأَشَدُّ مِنَ الأُسود.

٢٤يا بَناتِ إِسْرائيل

إِبْكينَ على شاوُل

كانَ يَكْسوكُنَّ القِرمِزَ زينَةً

وبِحُلِيِّ الذَّهَبِ يَزيدُ ثِيابَكُنَّ بَهاءً.

٢٥كيفَ سَقَطَتِ الأَبطالُ في وَسَطِ القِتال؟

يوناتانُ قَتيلٌ على رَوابيكَ.

٢٦قد ضاقَ صَدْري علَيكَ

يا أَخي يوناتان

لقَد كُنتَ عَزيزًا علَيَّ جِدًّا

وكانَ حُبُّكَ عِندي أَعجَبَ مِن حُبِّ النِّساء.

٢٧كَيفَ سَقَطَتِ الأَبْطال

وبادَت آلاتُ الحَرْب؟

صموئيل الثاني ٢

داود

١. داود ملك يهوذا

مسح داود في حبرون

١وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنَّ داوُدَ سأَلَ الرَّبَّ فقال: «أَأَصعَدُ إِلى إِحْدى مُدُنِ يَهوذا؟» فقالَ لَه الرَّبّ: «إِصعَدْ». فقالَ داوُد: «إِلى أَينَ أَصعَد؟» قال: «إِلى حَبْرون». ٢فصَعِدَ داوُدُ إِلى هُناكَ مع كِلْتا ٱمرَأَتَيه أَحينوعَمَ اليِزرَعيلِيَّة وأَبيجائيلَ، ٱمرَأَةِ نابالَ الكَرمَلِيّ. ٣وأَصعَدَ داوُدُ الرِّجالَ الَّذينَ معَه، كُلَّ واحِدٍ بِبَيتِه، فأَقاموا في مُدُنِ حَبْرون. ٤وأَتى رِجالُ يَهوذا ومَسَحوا هُنالِكَ داوُدَ مَلِكًا على بَيتِ يَهوذا.

بلاغ إلى أهل يابيش

وأُخبِرَ داوُدُ فقيلَ لَه: «إِنَّ أَهلَ يابيشَ جِلْعادَ همُ الَّذينَ دَفَنوا شاوُل». ٥فأَرسَلَ داوُدُ رُسُلًا إِلى أَهلِ يابيشَ جِلْعادَ وقالَ لَهم: «مُباركونَ أَنتُم لَدى الرَّبّ، لِأَنَّكم صَنَعتُم هٰذه الرَّحمَةَ إِلى سَيِّدِكم شاوُلَ ودَفَنتُموه. ٦والآن، لِيَصنَعِ الرَّبُّ إِلَيكم رَحمَةً ووَفاءً، وأَنا أَيضًا أَصنَعُ إِلَيكم خَيرًا، لِأَنَّكم عَمِلتُم هٰذا العَمَل. ٧والآنَ فلتَتَشَدَّدْ أَيديكم وكونوا ذَوي بأسٍ، لِأَنَّه قد ماتَ شاوُلُ سَيِّدُكم ومَسَحَني بَيتُ يَهوذا مَلِكًا علَيهم».

أَبنير يَفرض إِشبَعَل مَلكًا على إسرائيل

٨وإِنَّ أَبنيرَ بنَ نير، رَئيسَ جَيشِ شاوُل، أَخَذَ إِشبَعَلَ بنَ شاوُل وعَبَرَ بِه إِلى مَحْنائيم. ٩ومَلَّكَه على جِلْعادَ والأشيرِيِّينَ ويِزرَعيلَ وأَفْرائيمَ وبَنْيامين، وعلى كُلِّ إِسْرائيل. ١٠وكانَ إِشبَعَلُ بنُ شاوُلَ ٱبنَ أَربَعينَ سنَةً، حينَ مَلَكَ على إِسْرائيل، ومَلَكَ سَنَتَين. وأَمَّا بَيتُ يَهوذا فتَبِعوا داوُد. ١١وكانَ عَدَدُ الأَيَّامِ الَّتي مَلَكَ فيها داوُدُ بِحَبْرونَ على بَيتِ يَهوذا سَبعَ سَنَواتٍ وسِتَّةَ أَشهر.

حرب بين يهوذا وإسرائيل. معركة جِبعون

١٢وخَرَجَ أَبنيرُ بنُ نيرٍ ورِجالُ إِشبَعَلَ بنِ شاوُلَ مِن مَحْنائيمَ إِلى جِبْعون. ١٣وخَرَجَ يوآبُ ٱبنُ صَرويَةَ ورِجالُ داوُد، فٱلتَقَوا جَميعًا على بِركَةِ جِبْعون. فأَقامَ أُولٰئِكَ على البِركَةِ مِن هُناكَ وهٰؤُلاءِ على البِركَةِ مِن هُنا. ١٤فقالَ أَبنيرُ ليوآب: «لِيَقُمِ الفِتْيانُ ويَتَبارَزوا أَمامَنا». فقالَ يوآب: «لِيَقوموا». ١٥فقاموا وأُحْصِيَ ٱثْنا عَشَرَ مِن بَنْيامينَ لإِشبَعَلَ بنِ شاول، وٱثنا عَشَرَ مِن رِجالِ داوُد. ١٦وأَمسَكَ كُلُّ واحِدٍ رَأسَ خَصمِه وطَعَنَ خَصمَه بِسَيفِه في جَنبِه، فسَقَطوا جَميعًا. فدُعِيَ ذٰلك المكانُ حَقلَ الصُّخور، وهو في جِبْعون.

١٧وكانَ قِتالٌ شَديدٌ في ذٰلك اليَوم، فٱنهَزَمَ أَبْنيرُ ورِجالُ إِسْرائيلَ مِن أَمامِ رِجالِ داوُد. ١٨وكانَ هُناكَ بَنو صَرويَة الثَّلاثَة، يُوآبُ وأَبيشايُ وعَسائيل، وكانَ عَسائيلُ خَفيفَ الرِّجلَين كأَنَّه ظَبيٌ مِن ظِباءِ البَرِّيَّة. ١٩فطارَدَ عَسائيلُ أَبْنير، ولم يَمِلْ يَمينًا ولا شِمالًا مِن وَراءِ أَبْنير. ٢٠فٱلتَفَتَ أَبْنيرُ إِلى وَرائِه وقال: «أَعَسائيلُ أَنتَ؟» فقال: «أَنا هو». ٢١فقالَ لَه أَبْنير: «مِل عَنِّي يَمينًا أَو شِمالًا، وأَمسِكْ واحِدًا مِنَ الفِتْيان، وخُذْ لِنَفْسِكَ غَنيمَتَه». فأَبى عَسائيلُ أَن يَميلَ مِن وَرائِه. ٢٢فعادَ أَبْنيرُ وقالَ لِعَسائيل: «إِرتَدَّ مِن وَرائي، فلِماذا أَضرِبُكَ إِلى الأَرض؟ وكَيفَ أَرفَعُ وَجْهي إِلى يوآبَ أَخيكَ؟» ٢٣فأَبى أَن يَرتَدَّ، فضَرَبَه أَبْنيرُ بِطَرَفِ الرُّمحِ في بَطنِه، فخَرَجَ الرُّمحُ مِن وَرائِه، فسَقَطَ هُناكَ وماتَ في مَكانِه. كانَ كُلُّ مَن أَتى إِلى ذٰلك المكانِ الَّذي سَقَطَ فيه عَسائيلُ وماتَ يَقِف.

٢٤فجَدَّ يوآبُ وأَبيشايُ في إِثرِ أَبْنير، فغابَتِ الشَّمسُ حينَ بَلَغا أَكَمَةَ أَمَّةَ الَّتي شَرقِيَّ جيح، في طَريقِ بَرِّيَّةِ جِبْعون. ٢٥وٱجتَمَعَ بَنو بَنْيامينَ وَراءَ أَبْنير، فكانوا مَجْموعةً واحِدَة، وقاموا على قِمَّةِ رابِيَة. ٢٦فنادى أَبْنيرُ يوآبَ وقال: «أَلا يَزالُ السَّيفُ مُفتَرِسًا لِلأَبَد؟ أَلم تَعلَمْ أَنَّ في الآخِرِ مرارةً؟ فحتَّى مَتى لا تأمُرُ القَومَ أَن يَرجِعوا عن إِخوَتِهم؟» ٢٧فقالَ يوآب: «حَيٌّ الله! لَولا كَلامُكَ، لكَانَ الشَّعبُ مِنَ الصُّبحِ قد عادوا كُلُّ واحِدٍ عن أَخيه». ٢٨ثُمَّ نَفَخَ يوآبُ في البوق، فوَقَفَ كُلُّ الشَّعبِ ولم يَعودوا يُطارِدونَ إِسْرائيل، ولا يُقاتِلون.

٢٩فسارَ أَبْنيرُ ورِجالُه في العَرَبَةِ ذٰلك اللَّيلَ كُلَّه، وعَبَروا الأُردُنّ، وطافوا كُلَّ بِتْرون، وجاؤُوا إِلى مَحْنائيم. ٣٠ورَجَعَ يوآبُ مِن وَرَاءِ أَبْنير، وجَمَعَ كُلَّ الشَّعْب، فإِذا رِجالُ داوُدَ قد فُقِدَ مِنهم تِسعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وعَسائيل. ٣١وقَتَلَ رِجالُ داوُدَ مِن بَنْيامينَ ومِن رِجالِ أَبنيرَ ثَلاثَ مِئَةٍ وسِتِّينَ رَجُلًا. ٣٢ثُمَّ حَمَلوا عَسائيلَ ودَفَنوه في قَبرِ أَبيه في بَيتَ لَحْم. وسارَ يوآبُ ورِجالُه اللَّيلَ كُلَّه، فأَصبحوا في حَبْرون.

صموئيل الثاني ٣

١وطالَتِ الحَربُ بَينَ بَيتِ شاوُلَ وبَيتِ داوُد، ولم يَزَل داوُدُ يَتَقَوَّى، وبيتُ شاوُلَ يَضْعُف.

بنو داود المولودون في حبرون

٢ووُلِدَ لِداوُدَ بَنونَ في حَبْرون، وكانَ بِكرُه أَمْنونَ مِن أَحينوعَمَ اليِزرَعيلِيَّة، ٣والثَّاني كِلْآبَ مِن أَبيجائيلَ أَرمَلةِ نابالَ الكَرمَلِيّ، والثَّالِثُ أَبشالومَ ٱبنَ مَعكَة، بنتِ تَلْمايَ، مَلِكِ جَشور، ٤والرَّابِعُ أَدونِيَّا ٱبنَ حَجِّيت، والخامِسُ شَفَطْيا ٱبنَ أَبيطال، ٥والسَّادِسُ يِترَعامَ مِن عَجلَةَ ٱمرَأَةِ داوُد. هٰؤُلاءِ وُلِدوا لِداوُدَ في حَبْرون.

إنفصال بين أَبنير وإِشبَعَل

٦وكانَ في أَثْناءِ الحَربِ بَينَ بَيتِ شاوُلَ وبَيتِ داوُدَ أَنَّ أَبْنيرَ كانَ قد عَزَّزَ مَوقِفَه في بَيتِ شاوُل. ٧وكانَ لِشاوُلَ سُرِّيَّةٌ ٱسمُها رِصفَة، بِنتُ أَيَّة. فقالَ إِشبَعَلُ بنُ شاوُلَ لِأَبْنير: ٨«لِماذا دَخَلتَ على سُرِّيَّةِ أَبي؟» فغَضِبَ أَبْنيرُ غَضَبًا شَديدًا لِكَلامِ إِشبَعَل، وقال: «أَلَعَلِّي أَنا رأسُ كَلبٍ لِيَهوذا؟ أَنا أَصنَعُ اليَومَ رَحمَةً إِلى بَيتِ شاوُلَ أَبيكَ وإِلى إِخوَتِه وأَصدِقائِه، ولم أُسلِمْكَ إِلى يَدِ داوُد، وأَنتَ تُؤاخِذُني اليَومَ على ذَنبٍ مع ٱمرَأَة؟ ٩كذا يَصنَعُ اللهُ بِأَبْنيرَ وكذا يَزيد، إِن لم أَصنَعْ لِداوُدَ كما أَقسَمَ الرَّبُّ لَه، ١٠مِن نَقلِ المُلكِ مِن بَيتِ شاوُل وإِقامَةِ عَرشِ داوُدَ على إِسْرائيلَ وعلى يَهوذا، مِن دانَ إِلى بِئرِ سَبع». ١١فلَم يَستَطِعْ إِشبَعَلُ أَن يُجيبَ أَبْنيرَ بِكَلِمَةٍ لِخَوفِه مِنه.

أَبنير يفاوض داود

١٢وأَرسَلَ أَبْنيرُ رُسُلًا إِلى داوُدَ يَقولونَ بِٱسمِه: «لِمَن تَكونُ الأَرْض؟» ما مَعْناه «إِقطَعْ معي عَهدَكَ، فتكونُ يَدي مَعَكَ لِأُحَوِّلَ إِلَيكَ كُلَّ إِسْرائيل». ١٣فقالَ داوُد: «حَسَنٌ، أَنا أَقطَعُ معَكَ عَهدًا، ولٰكِنِّي أَطلُبُ مِنكَ أَمرًا واحِدًا: لا تَرى وَجْهي حَتَّى تأتِيَ بميكال، ٱبنَةِ شاوُل، متى جِئتَ لِتَرى وَجْهي». ١٤وأَرسَلَ داوُدُ رُسُلًا إِلى إِشبَعَلَ ٱبنِ شاوُلَ قائِلًا: «أَعطِني ٱمرَأَتي ميكالَ الَّتي خَطَبتُها بِمِئَةِ قُلفَةٍ مِنَ الفَلِسطينِيِّين». ١٥فأَرسَلَ إِشبَعَلُ وأَخَذَها مِن عِندِ زَوجِها فَلْطيئيلَ بنِ لائيش. ١٦فمَضى بَعلُها مَعها، وهو يَسيرُ ويَبكي وَراءَها، حتَّى بَحوريم. فقالَ لَه أَبْنير: «إِنْصَرِفْ راجِعًا»، فرَجَع.

١٧وكَلَّمَ أَبْنيرُ شُيوخَ إِسْرائيلَ قائلًا: «إِنَّكم مِن أَمسِ فما قَبلُ كُنتُم تَطلُبونَ داوُدَ مَلِكًا علَيكم، ١٨فٱفعَلوا الآنَ، لِأَنَّ الرَّبَّ كَلَّمَ داوُدَ قائلًا: إِنِّي عن يَدِ داوُدَ عَبْدي أُخَلِّصُ شَعْبي إِسْرائيلَ مِن أَيدي الفَلِسطينِيِّينَ ومِن أَيدي جَميعِ أَعْدائِهم». ١٩وتَكَلَّمَ أَبْنيرُ أَيضًا على مَسامِعِ بَنْيامين، ثُمَّ ذَهَبَ أَبْنيرُ لِيَتَكَلَّمَ أَيضًا على مِسمَعِ داوُدَ في حَبْرونَ بما حَسُنَ في عُيونِ إِسْرائيلَ وعُيونِ كُلِّ بَيتِ بَنْيامين.

٢٠فوَصَلَ أَبْنيرُ إِلى داوُدَ في حَبْرون، ومعَه عِشْرونَ رَجُلًا، فصَنَعَ داوُدُ مَأدُبَةً لِأَبْنيرَ ورِجالِه. ٢١فقالَ أَبْنيرُ لِداوُد: «أَنهَضُ فأَمضي وأَجمَعُ لِسَيِّدي المَلِكِ كُلَّ إِسْرائيل، فيَقطَعَ معَكَ عَهدًا، وتَملِكُ على كُلِّ ما تَشتَهي نَفْسُكَ». فصَرَفَ داوُدُ أَبْنير، فمَضى بِسَلام.

مقتل أبنير

٢٢وإِذا بِرِجالِ داوُدَ ويوآبَ قد أَتَوا مِنَ الغَزْوِ، ومعَهم غَنيمةٌ كبيرة، ولَم يَكُنْ أَبْنيرُ عِندَ داوُدَ في حَبْرون، لِأَنَّه كانَ قد صَرَفَه ومَضى بِسَلام. ٢٣ووَصَلَ يوآبُ وكُلُّ الجَيشِ الَّذي معَه، فأُخبِرَ يوآبُ وقيلَ لَه: «قد جاءَ أَبْنيرُ بنُ نيرٍ إِلى المَلِك، وصَرَفَه فمَضى بِسَلام. ٢٤فدَخَلَ يوآبُ على المَلِكِ وقال: «ماذا صَنَعتَ؟ هُوَذا قد أَتى أَبْنيرُ إِلَيكَ، فلِماذا صَرَفتَه فَمَضى؟ ٢٥إِنَّكَ تَعرِفُ أَبْنيرَ ٱبنَ نير: إِنَّه إِنَّما جاءَ لِيَخدَعَكَ ولِيَعرِفَ خُروجَكَ ودُخولَكَ ويَقِفَ على كُلِّ ما تَصنَعُه».

٢٦وخَرَجَ يوآبُ مِن عِندِ داوُد، وأَرسَلَ رُسُلًا في طَلَبِ أَبْنير، فرَدُّوه مِن بِئرِ السِّيرَةِ، على غيرِ عِلمٍ مِن داوُد. ٢٧فرَجَعَ أَبْنيرُ إِلى حَبْرون، فمالَ بِه يوآبُ إِلى وَسَطِ البابِ لِيُخاطِبَه على حِدَة، وضَرَبَه هُناكَ في بَطنِه، فماتَ بِسَبَبِ دَمِ عَسائيلَ، أَخي يوآب. ٢٨فسَمِعَ داوُدُ بَعدَ ذٰلك فقال: «أَنا ومَملَكَتي بَريئانِ أَمامَ الرَّبِّ لِلأَبَدِ مِن دَمِ أَبْنيرَ بنِ نير. ٢٩فلْيَقَعْ على رأسِ يوآبَ وعلى كُلِّ بَيتِ أَبيه، ولا يَنقَطِعْ مِن بَيتِ يوآبَ مَن بِجَسَدِه سَيَلانٌ وأَبرَصُ وصاحِبُ مِغزَلٍ وساقِطٌ بِالسَّيفِ ومُعْوَزٌ إِلى الخُبْز». ٣٠(ولم يَقتُلْ يوآبُ وأَبيشايُ أَخوه أَبْنيرَ إِلَّا لِأَنَّه قَتَلَ عَسائيلَ أَخاهما بِجِبْعونَ في الحَرْب). ٣١وقالَ داوُدُ لِيوآبَ ولِكُلِّ الشَّعبِ الَّذي معَه: «مَزِّقوا ثِيابَكم وتَمَنطَقوا بِالمُسوحِ ونوحوا أَمامَ أَبْنير». ومَشى داوُدُ المَلِكُ وَراءَ النَّعْش. ٣٢ودَفَنوا أَبْنيرَ بِحَبْرون، فرَفَعَ المَلِكُ صَوتَه وبَكى على قَبرِ أَبْنير، وبَكى كُلُّ الشَّعْب.

٣٣ورَثَى المَلِكُ أَبْنيرَ وقال:

«أَمَوتَ الأَحمَقِ يَموتُ أَبْنير؟

٣٤يَداكَ لم تُربَطا

ورِجْلاكَ لم تُجعَلا في سَلاسِلَ مِن نُحاس كالسَّاقِطينَ أَمامَ بَني الإِثمِ سَقَطتَ».

وعادَ كُلُّ الشَّعبِ يَبْكي علَيه.

٣٥وأَقبَلَ كُلُّ الشَّعبِ لِيُطعِمَ داوُدَ خُبزًا وكانَ لا يزالُ نَهار. فحَلَفَ داوُدُ وقال: «كذا يَصنَعُ اللهُ بي وكذا يَزيد، إِن ذُقتُ خُبزًا أَو شَيئًا آخَرَ قَبلَ أَن تَغرُبَ الشَّمْس». ٣٦فرَأَى كُلُّ الشَّعبِ ذٰلك وحَسُنَ في عُيونِهم، كما أَنَّ كُلَّ ما صَنَعَ المَلِكُ كانَ حَسَنًا في عُيونِ الشَّعبِ كافَّةً. ٣٧وأَيقَنَ الشَّعبُ أَجمَعُ وكُلُّ إِسْرائيلَ في ذٰلك اليَومِ أَنَّه لم يَكُنْ لِلمَلِكِ يَدٌ في مَقتَلِ أَبْنيرَ بنِ نير.

٣٨وقالَ المَلِكُ لِرِجالِه: «أَلا تَعلَمونَ أَنَّه قد سَقَطَ في هٰذا اليَومِ رَئيسٌ وعَظيمٌ في إِسْرائيل؟ ٣٩وأَنا لا أَزالُ اليَومَ ضَعيفًا، ولو مُسِحتُ مَلِكًا، وأُولٰئِكَ الرِّجالُ، بَنو صَرويَةَ، هم أَقْسى مِنِّي. جَزى الرَّبُّ فاعِلَ الشَّرِّ بِحَسَبِ شَرِّه!».

صموئيل الثاني ٤

مقتل إِشبَعَل

١وسَمِعَ ٱبنُ شاوُلَ بِأَن قد ماتَ أَبْنيرُ في حَبْرون، فٱستَرخَت يَداه وٱرْتاعَ كُلُّ إِسْرائيل. ٢وكانَ لِٱبنِ شاوُلَ رَجُلانِ رَئيسا غُزاةٍ، اِسمُ الواحِدِ بَعنَة وٱسمُ الآخَرِ ريكاب، ٱبْنا رِمُّونَ البَئيروتِيِّ مِن بَني بَنْيامين. وكانت بَئيروتُ مَعْدودةً لِبَنْيامين. ٣فهاجَرَ البَئيروتِيُّونَ إِلى جِتَّائيم، وأَقاموا نُزَلاءَ هُناكَ إِلى هٰذا اليَوم. ٤وكانَ لِيوناتانَ بنِ شاوُلَ ٱبنٌ سَقيمُ الرِّجلَين، وكانَ ٱبنَ خَمسِ سَنَواتٍ حينَ وَرَدَ خَبَرُ شاوُلَ ويوناتانَ مِن يِزرَعيل، فحَمَلَته حاضِنَتُه وهَرَبَت. وكانَت مُسرِعةً في الهَرَبِ فوَقَعَ وصارَ أَعرَج، وٱسمُه مفيبَعْل.

٥فذَهَبَ ٱبنا رِمُّونَ البَئيروتِيّ، ريكابُ وبَعنَة، ودَخَلا بَيتَ إِشبَعَلَ، حينَ ٱحتَدَّ النَّهار، وكانَ نائِمًا عِندَ قَيلولةِ الظَّهيرة. ٦فدَخَلا إِلى وَسَطِ البَيتِ كأَنَّهما يَأخُذانِ حِنطَةً، فضَرَباه في بَطنِه، وهَرَبَ ريكابُ وبَعنَةُ أَخوه. ٧وكانا قد دَخَلا البَيتَ، وهو نائِمٌ على سَريرِه في غُرفَةِ نَومِه، فضَرَباه وقَتَلاه وقَطَعا رأسَه وأَخَذاه وسارا في طَريقِ العَرَبَةِ اللَّيلَ كُلَّه. ٨وأَتَيا بِرَأسِ إِشبَعَلَ إِلى داوُدَ في حَبْرون، وقالا لِلمَلِك: «هُوَذا رَأسُ إِشبَعَلَ بنِ شاوُلَ عَدُوِّكَ الَّذي طَلَبَ نَفْسَكَ، وقد أَعْطى الرَّبُّ سَيِّدَنا المَلِكَ ٱنتِقامًا اليَومَ مِن شاوُلَ وذُرِّيَّتِه».

٩فأَجابَ داوُدُ ريكابَ وبَعنَةَ أَخاه، ٱبنَي رِمُّونَ البَئيروتِيِّ وقالَ لَهما: «حَيٌّ الرَّبُّ الَّذي ٱفتَدى نَفْسي مِن كُلِّ ضيق! ١٠إِنَّ الَّذي أَخبَرَني وقالَ لي: إِنَّ شاوُلَ قد ماتَ، وهو يَظُنُّ أَنَّه يُبَشِّرُني بِخَير، قَبَضتُ علَيه وقَتَلتُه في صِقْلاج، وقد كانَ يَستَوجِبُ جائِزَةَ البُشْرى. ١١فما يَكونُ بِالأَحْرى لِرَجُلَينِ شِرِّيرَينِ قَتَلا رَجُلًا بارًّا في بَيتِه على سَريرِه! أَفَلا أَطلُبُ الآنَ دَمَه مِن أَيديكما وأُبيدُكما مِنَ الأَرْض؟» ١٢وأَمَرَ داوُدُ الفِتْيان، فقَتَلوهما وقَطَّعوا أَيدِيَهما وأَرجُلَهما وعَلَّقوهما عِندَ بِركَةِ حَبْرون. وأَمَّا رَأسُ إِشبَعَل، فأَخَذوه ودَفَنوه في قَبرِ أَبْنيرَ في حَبْرون.

صموئيل الثاني ٥   

٢. داود ملك يهوذا وإسرائيل

مسح داود ملكًا على إسرائيل

١وأَقبَلَ جَميعُ أَسباطِ إِسرائيلَ إِلى داوُدَ في حَبْرون، وتَكَلَّموا قائلين: «هُوَذا نَحنُ عَظمُكَ ولَحمُكَ. ٢حينَ كانَ شاوُلُ علَينا مَلِكًا أَمسِ فما قَبلُ، كُنتَ أَنتَ تُخرِجُ وتُدخِلُ إِسْرائيل، وقد قالَ لَكَ الرَّبّ: أَنتَ تَرْعى شَعْبي إِسْرائيل، وأَنتَ تَكونُ قائِدًا لإِسْرائيل». ٣وأَقبَلَ جَميعُ شُيوخِ إِسْرائيلَ إِلى المَلِكِ في حَبْرون. فقَطَعَ المَلِكُ داوُدُ معَهم عَهدًا في حَبْرونَ أَمامَ الرَّبّ، ومَسَحوا داوُدَ مَلِكًا على إِسْرائيل.

٤وكانَ داوُدُ ٱبنَ ثَلاثينَ سَنَةً يَومَ مَلَك، ومَلَكَ أَربَعينَ سَنَة. ٥مَلَكَ في حَبْرونَ على يَهوذا سَبعَ سِنينَ وسِتَّةَ أَشهُر، ومَلَكَ في أَورَشَليمَ ثَلاثًا وثَلاثينَ سَنَةً على كُلِّ إِسْرائيلَ ويَهوذا.

الاستيلاء على أورشليم

٦وزَحَفَ المَلِكُ ورِجالُه على أُورَشَليم، على اليَبوسِيِّينَ سُكَّانِ تِلكَ الأَرْض. فكَلَّموا داوُدَ وقالوا: «إِنَّكَ لا تَدخُلُ إِلى هٰهُنا، فحَتَّى العُمْيانُ والعُرجُ يَصُدُّونَكَ»، (أي: لا يَدخُلُ داوُدُ إِلى هٰهُنا). ٧لٰكِنَّ داوُدَ أَخَذَ حِصنَ صِهْيون، وهو مَدينَةُ داوُد. ٨وقالَ داوُدُ في ذٰلك اليَوم: «كُلُّ مَن يَضرِبُ اليَبوسِيّ، فَليَبلُغْ مِنَ القَناةِ إِلى أُولٰئِكَ العُرجِ والعُمْيانِ الَّذينَ يُبغِضونَ نَفْسَ داوُد». فلِذٰلِكَ يَقولون: «لا يَدخُلُ البَيتَ أَعْمى ولا أَعرَج». ٩وأَقامَ داوُدُ في الحِصنِ وسَمَّاه مَدينَةَ داوُد، وبَنى داوُدُ حَولَه مِن مِلُّوَ فداخِلًا. ١٠وكانَ داوُدُ لا يَزالُ يَتَعاظَم، والرَّبُّ إِلٰهُ القُوَّاتِ معَه.

١١وأَرسَلَ حيرامُ، مَلِكُ صورَ، رُسُلًا إِلى داوُد، وأَخْشابَ أَرزٍ ونَجَّارينَ ونَحَّاتينَ لِلأَسْوار، فبَنَوا بَيتَ داوُد. ١٢وعَرَفَ داوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قد ثَبَّتَه مَلِكًا على إِسْرائيل، وعَظَّمَ مُلْكَه مِن أَجلِ شَعبِه إِسْرائيل.

بنو داود في أورشليم

١٣وتَزَوَّجَ داوُدُ أَيضًا سَرارِيَّ وزَوجاتٍ مِن أُورَشَليم، بَعدَ مَجيئِه مِن حَبْرون، ووُلِدَ أَيضًا لِداوُدَ بَنونَ وبَنات. ١٤وهٰذه أَسْماءُ المَولودينَ لَه في أَورَشَليم: شَمُّوعُ وشوبابُ وناتانُ وسُلَيمان، ١٥ويِبْحارُ وأَليشوعُ ونافَجُ ويافيع، ١٦وأَليشاماعُ وأَلْياداعُ وأَليفالَط.

إنتصارات داود على الفلسطينيّين

١٧وسَمِعَ الفَلِسطينِيُّونَ أَنَّ داوُدَ قد مُسِحَ مَلِكًا على إِسْرائيل. فصَعِدَ جَميعُ الفَلِسطينِيِّينَ طالِبينَ نَفْسَ داوُد. فبَلَغَ داوُدَ ذٰلك، فنَزَلَ إِلى الحِصْن. ١٨وأَتى الفَلِسطينِيُّونَ وٱنتَشَروا في وادي رِفائيم. ١٩فسَأَلَ داوُدُ الرَّبَّ وقال: «أَأَصعَدُ على الفَلِسطِينِيِّين؟ وهَل تُسلِمُهم إِلى يَدي؟» فقالَ الرَّبُّ لِداوُد: «إِصعَدْ، فإِنِّي أُسلِمُ الفَلِسطينِيِّينَ إِلى يَدِكَ». ٢٠فزَحَفَ داوُدُ على بَعلَ فَراحيم، وضَرَبَهم داوُدُ هُناكَ وقال: «قد فَتَحَ الرَّبُّ ثُغرَةً في أَعْدائي أَمامَ وَجْهي كالثُّغرَةِ الَّتي تَفتَحُها المِياه». ولِذٰلك سَمَّى ذٰلِكَ المَكانَ بَعلَ فراحيم. ٢١وتَرَكوا هُناكَ أَصنامَهم، فأَخَذَها داوُدُ ورِجالُه.

٢٢وعادَ الفَلِسطينِيُّونَ فصَعِدوا وٱنتَشَروا في وادي رِفائيم. ٢٣فسَأَلَ داوُدُ الرَّبَّ، فقالَ لَه: «لا تَصْعَدْ مُجابَهَةً، بلِ ٱعطِفْ مِن خَلفِهمِ وأتِهمِ مِن حِيالِ أَشْجارِ البَلَسان. ٢٤فإِذا سَمِعتَ صَوتَ خَطَواتٍ في رُؤُوسِ أَشجارِ البَلَسان، فهَلُمَّ حينَئذٍ، لِأَنَّه إِذ ذاكَ يَخرُجُ الرَّبُّ أَمامَكَ لِضَرْبِ مُعَسكَرِ الفَلِسطينِيِّينَ». ٢٥ففَعَلَ داوُدُ كَذٰلك على حَسَبِ ما أَمَرَه الرَّبّ، وضَرَبَ الفَلِسطينِيِّينَ مِن جَبْعَ إِلى مَدخَلِ جازَر.

صموئيل الثاني ٦

تابوت العهد في أورشليم

١وعادَ داوُدُ وجَمَعَ كُلَّ المُنتَخَبينَ في إِسْرائيل، وكانوا ثَلاثينَ أَلْفًا. ٢ونَهَضَ داوُدُ ومَضى بِكُلِّ الشَّعبِ الَّذي معَه مِن بَعلَةَ يَهوذا، لِيُصعِدوا مِن هُناكَ تابوتَ اللهِ الَّذي يُدْعى الٱسم، ٱسمَ رَبِّ القُوَّاتِ، الجالِسِ على الكَروبين. ٣فجَعَلوا تابوتَ اللهِ على عَجَلَةٍ جَديدة، وحَمَلوه مِن بَيتِ أَبينادابَ الَّذي في الأَكَمَة، وكانَ عُزَّا وأَحْيو، ٱبْنا أَبيناداب، يَقودانِ العَجَلةَ ٤مع تابوتِ الله، وكانَ أَحْيو يَسيرُ أَمامَ التَّابوت. ٥وكانَ داوُدُ وكُلُّ بَيتِ إِسْرائيلَ يَلعَبونَ أَمامَ الرَّبِّ بِكُلِّ آلةٍ مِنَ السَّرْوِ بِالكِنَّاراتِ والعيدانِ والدُّفوفِ والجُنوكِ والصُّنوج. ٦فلَمَّا وَصَلوا إِلى بَيدَرِ نَكون، مَدَّ عُزَّا يَدَه إِلى تابوتِ اللهِ فأَمسَكَه، لِأَنَّ الثِّيرانَ كانت قد تَعَثَّرَت. ٧فٱشتَدَّ غَضَبُ الرَّبِّ على عُزَّا، وضَرَبَه اللهُ هُناكَ بِسَبَبِ هَفوَتِه، فماتَ هُناكَ عِندَ تابوتِ الله. ٨فغَضِبَ داوُدُ من هُجومِ الرَّبِّ على عُزَّا، ولِذٰلك دُعِيَ ذٰلك المَكانُ فرآصَ عُزَّا إِلى هٰذا اليَوم.

٩وخافَ داوُدُ مِنَ الرَّبِّ في ذٰلك اليَومِ وقال: «كَيفَ يَنزِلُ تابوتُ الرَّبِّ عِنْدي؟» ١٠ولَم يَشَأْ داوُدُ أَن يُمالَ إِلَيه بِتابوتِ الرَّبِّ إِلى مَدينَةِ داوُد. فأَخَذَه داوُدُ إِلى بَيتِ عوبيدَ أَدومَ الجَتِّيّ. ١١فبَقِيَ تابوتُ الرَّبِّ في بَيتِ عوبيدَ أَدومَ الجَتِّيِّ ثَلاثَةَ أَشهُرٍ، فبارَكَ الرَّبُّ عوبيدَ أَدومَ وكُلَّ بَيتِه.

١٢فأُخبِرَ المَلِكُ داوُدُ وقيلَ لَه إِنَّ الرَّبَّ قد بارَكَ عوبيدَ أَدومَ وكُلَّ ما لَه بِسَبَبِ تابوتِ الله. فمَضى داوُدُ وأَصعَدَ تابوتَ اللهِ بِفَرَحٍ مِن بَيتِ عوبيدَ أَدومَ إِلى مَدينَةِ داود. ١٣ولَمَّا خَطا حامِلو تابوتِ الرَّبِّ سِتَّ خَطَوات، ذَبَحَ ثَورًا وعِجْلًا مُسَمَّنًا. ١٤وكانَ داوُدُ يَرقُصُ ويَدورُ على نَفسِه بِكُلِّ قُوَّتِه أَمام الرَّبّ، وكانَ داوُدُ مُتَمَنطِقًا بِأَفودٍ مِن كَتَّان. ١٥وأَصعَدَ داوُدُ وكُلُّ بَيتِ إِسْرائيلَ تابوتَ الرَّبِّ بِالهُتافِ وصَوتِ البوق. ١٦ولَمَّا دَخَلَ تابوتُ الرَّبِّ مَدينَةَ داوُد، أَطَلَّت ميكالُ ٱبنَةُ شاوُلَ مِنَ النَّافِذَة، ورأَتِ المَلِكَ داوُدَ يَطفِرُ ويَرقُصُ أَمامَ الرَّبّ، فٱزدَرَته في قَلبِها. ١٧وأَدخَلوا تابوتَ الرَّبِّ وأَقاموه في مَكانِه، في وَسَطِ الخَيمَةِ الَّتي نَصَبَها لَه داوُد، وأَصعَدَ داوُدُ مُحرَقاتٍ أَمامَ الرَّبِّ وذَبائِحَ سَلامِيَّة. ١٨ولَمَّا ٱنتَهى داوُدُ مِن إِصْعادِ المُحرَقاتِ والذَّبائِحِ السَّلامِيَّة، بارَكَ الشَّعبَ بِٱسمِ رَبِّ القُوَّات. ١٩ووَزَّعَ على كُلِّ الشَّعبِ، على كُلِّ جُمْهورِ إِسْرائيل، رِجالًا ونِساءً، لِكُلِّ واحِدٍ رَغيفَ خُبزٍ وكَعكَةَ بَلَحٍ وقُرْصَ زَبيب، وٱنصَرَفَ الشَّعبُ كُلُّ واحِدٍ إِلى بَيتِه.

٢٠ورَجَعَ داوُدُ لِيُبارِكَ بَيتَه، فخَرَجَت ميكالُ ٱبنَةُ شاوُلَ للِقاءِ داوُد، وقالَت: «ما أَمجَدَ مَلِكَ إِسْرائيلَ اليَومَ، حَيثُ تَعَرَّى اليَومَ في عُيونِ إِماءِ عَبيدِه، كما يَتَعَرَّى أَحَدُ الَّذينَ لا خَيرَ فيهم!» ٢١فقالَ داوُدُ لِميكال: «إِنَّما كانَ ذٰلك أَمامَ الرَّبِّ الَّذي ٱخْتارَني على أَبيكِ وعلى كُلِّ بَيتِه، لِيُقيمَني رَئيسًا على شَعبِ الرَّبِّ على إِسْرائيل. لِذٰلك لَعِبتُ أَمامَ الرَّبّ. ٢٢ولقَد أَتصاغَرُ دونَ ذٰلك وأَكونُ دَنيئًا في عَينَي نَفْسي. ولٰكِنَّني أَتَمَجَّدُ في عُيونِ تِلكَ الإِماءِ الَّتي ذَكَرتِها». ٢٣ولم تَلِدْ ميكالُ ٱبنَةُ شاوُلَ وَلَدًا إِلى يَومَ ماتَت.

صموئيل الثاني ٧

نبوءَة ناتان

١ولَمَّا سَكَنَ المَلِكُ في بَيتِه وأَراحَه الرَّبُّ مِن كُلِّ الجِهاتِ مِن جَميعِ أَعْدائِه، ٢قالَ المَلِكُ لِناتانَ النَّبِيّ: «أُنظُرْ! إِنِّي ساكِنٌ في بَيتٍ مِن أَرزٍ، وتابوتُ الرَّبِّ ساكِنٌ في داخِلِ الخَيمَة». ٣فقالَ ناتانُ لِلمَلِك: «إِمْضِ فٱصنَعْ كُلَّ ما في قَلبِكَ، لِأَنَّ الرَّبَّ مَعَكَ». ٤فكانَ كَلامُ الرَّبِّ في تِلكَ اللَّيلَةِ إِلى ناتانَ قائِلًا: ٥«إِذهَبْ فقُلْ لِعَبْدي داوُد: هٰكذا يَقولُ الرَّبّ، أَأَنتَ تَبْني لي بَيتًا لِسُكْناي؟ ٦إِنِّي لم أَسكُنْ بَيتًا مُذ يَومَ أَصعَدتُ بَني إِسْرائيلَ مِن مِصرَ إِلى هٰذا اليَوم، بل كُنتُ أَسيرُ في خَيمَةٍ وفي مَسكِن. ٧فهَل تَكَلَّمتُ في مَسيري مع جَميعِ بَني إِسرائيلَ بِكَلِمَةٍ مع أَحَدِ قُضاةِ إِسْرائيلَ مِمَّن أَمَرتُه أَن يَرْعى إِسْرائيلَ شَعْبي قائِلًا: لِماذا لم تَبْنوا لي بَيْتًا مِنَ الأَرْز؟ ٨فقُلِ الآنَ لِعَبْدي داوُد: هٰكذا يَقولُ رَبُّ القُوَّات: إِنِّي أَخَذتُكَ مِنَ المَرْعى مِن وَراءِ الغَنَم، لِتَكونَ رَئيسًا على شَعْبي إِسْرائيل. ٩وكُنتُ معكَ حَيثُما سِرتَ، وقَرَضتُ جَميعَ أَعدائِكَ مِن أَمامِكَ، وسأُقيمُ لَكَ ٱسمًا عَظيمًا كأَسْماءِ العُظَماءِ الَّذينَ في الأَرْض، ١٠وأَجعَلُ مَكانًا لِشَعْبي إِسْرائيل، وأَغرِسُه فيَستَقِرُّ في مَكانِه ولا يَضطَرِبُ مِن بَعدُ، ولا يَعودُ بَنو الإِثمِ يُذِلُّونَه كما كانَ مِن قَبلُ، ١١مِن يَومَ أَقَمتُ قُضاةً على شَعْبي إِسْرائيل. وسأُريحُكَ مِن جَميعِ أَعْدائِكَ. وقد أَخبَرَكَ الرَّبُّ أَنَّه سيُقيمُ لَكَ بَيتًا. ١٢وإذا تَمَّت أَيَّامُكَ وٱضطَجَعتَ مع آبائِكَ، أُقيمُ مَن يَخلُفُكَ مِن نَسلِكَ الَّذي يَخرُجُ مِن صُلبِكَ، (وأُثَبِّتُ مُلكَه. ١٣فهو يَبْني بَيتًا لِٱسْمي)، وأَنا أُثَبِّتُ عَرشَ مُلكِه لِلأَبَد. ١٤أَنا أَكونُ لَه أَبًا وهو يَكونُ لِيَ ٱبنًا. وإِذا أَثِمَ أُؤَدِّبُه بِقَضيبِ النَّاسِ وبِضَرَباتِ بَني البَشَر. ١٥وأَمَّا رَحمَتي فلا تُنزَعُ عنه، كما نَزَعتُها عن شاوُلَ الَّذي أَبعَدتُه مِن أَمامِ وَجهِكَ. ١٦بل يَكونُ بَيتُكَ ومُلكُكَ ثابِتَينِ لِلأَبَدِ أَمامَ وَجهِكَ، وعَرشُكَ يَكونُ راسِخًا لِلأَبَد». ١٧فكَلَّمَ ناتانُ داوُدَ بِهٰذا الكَلامِ كُلِّه وهٰذه الرُّؤيا كُلِّها.

صلاة داود

١٨فدَخَلَ المَلِكُ داوُدُ وجَلَسَ أَمامَ الرَّبِّ وقال: «مَن أَنا، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، وما بَيتي حَتَّى بَلَغتَ بي إِلى هٰهُنا؟ ١٩وقَلَّ هٰذا في عَينَيكَ، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، فتَكَلَّمتَ أَيضًا إِلى بَيتِ عَبدِكَ في أَمرِ المُستَقبَلِ البَعيد. تِلكَ سُنَّةُ الإِنْسان، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ. ٢٠فبِماذا يعودُ داوُدُ يُكَلِّمُكَ، وأَنتَ قد عَرَفتَ عَبدَكَ، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ؟ ٢١فمِن أَجلِ كَلِمَتِكَ وبِحَسَبِ قَلبِكَ عَمِلتَ هٰذا العَمَلَ العَظيمَ كُلَّه لِتُعلِمَ عَبدَكَ. ٢٢لِذٰلك قد عَظُمتَ، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، لِأَنَّه لا مَثيلَ لَكَ ولا إِلٰهَ سِواكَ، في كُلِّ ما سَمِعْناه بآذانِنا. ٢٣وأَيَّةُ أُمَّةٍ مِثلُ شَعبِكَ إِسْرائيل؟ أَفي الأَرضِ أُمَّةٌ أُخْرى سارَ اللهُ لِيَفتَدِيَها لِنَفْسِه شَعبًا ويَجعَلَ لَها ٱسمًا ويَعمَلَ لَكُم ذٰلك العَمَلَ العَظيمَ ولِأَرضِكَ هٰذه الأَعمالَ الرَّهيبَةَ بِسَبَبِ شَعبِكَ الَّذي ٱفتَدَيتَه لِنَفسِكَ مِن مِصْرَ مِنَ الأُمَمِ ومِن آلِهَتِها؟ ٢٤وثَبَّتَّ لِنَفسِكَ شَعبَكَ إِسْرائيلَ شَعبًا لَكَ لِلأَبَد، وأَنتَ، يا رَبُّ، صِرتَ له إِلٰهًا. ٢٥والآنَ أَيُّها الرَّبُّ الإِلٰه، أَقِمْ لِلأَبَدِ الكَلامَ الَّذي تَكَلَّمتَ بِه عن عَبدِكَ وعن بَيتِه، وٱفعَلْ كما قُلتَ، ٢٦لِيعَظُمَ ٱسمُكَ لِلأَبَدِ ويُقال: رَبُّ القُوَّاتِ إِلٰهٌ على إِسْرائيل، فيَكونَ بَيتُ عَبدِكَ داوُدَ ثابِتًا أَمامَكَ، ٢٧لِأَنَّكَ أَنتَ، يا رَبَّ القُوَّات، إِلٰهَ إِسْرائيل، أَوصَيتَ إِلى عَبدِكَ قائِلًا: أَبْني لَكَ بَيتًا. لِذٰلِك تَشَجَّعَ قلبُ عَبدِكَ لِيُصَلِّيَ إِلَيكَ هٰذه الصَّلاة. ٢٨والآنَ، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، أَنتَ هو الله، وكَلامُكَ حَقّ، وقد وَعَدتَ عَبدَكَ بِهٰذا الخَير. ٢٩فالآنَ تَعَطَّفْ وبارِكْ بَيتَ عَبدِكَ لِيَكونَ أَمامَكَ لِلأَبَد، لِأَنَّكَ، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، تَكَلَّمتَ، ومِن بَرَكَتِكَ يُبارَكُ بَيتُ عَبدِكَ لِلأَبَد».

صموئيل الثاني ٨ 

حروب داود

١وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنَّ داوُدَ ضَرَبَ الفَلِسطينِيِّينَ وأَذَلَّهم، وأَخَذَ داوُدُ زِمامَ الحُكمِ مِن أَيدي الفَلِسطينِيِّين. ٢وضَرَبَ الموآبِيِّينَ وقاسَهم بالحَبلِ، مُضجِعًا إِيَّاهم على الأَرض. فقاسَ مِنهم حَبلَينِ لِلقَتْلِ وطولَ حَبلٍ لِلٱستِبْقاء. وصارَ الموآبِيُّونَ رَعايا لِداوُدَ يُؤَدُّونَ الجِزيَة.

٣وضَرَبَ داوُدُ هَدَدْعازَرَ بنَ رَحوب، مَلِكَ صوبَة، وقد كانَ ذاهِبًا لِيَستَرِدَّ سُلطَتَه على نَهرِ الفُرات. ٤وأَخَذَ مِنه داوُدُ أَلفًا وسَبعَ مِئَةِ فارِسٍ وعِشْرينَ أَلفَ راجِل، وعَرقَبَ داوُدُ خَيلَ جَميعِ المَركَبات، وأَبْقى مِنها مِئَةَ مَركَبَة. ٥فجاءَ أَرامِيُّو دِمَشقَ لِنَجدَةِ هَدَدْعازَر، مَلِكِ صوبة، فقَتَلَ داوُدُ مِنَ الأَرامِيِّينَ ٱثنَينِ وعِشْرينَ أَلفَ رَجُل. ٦وأَقامَ داوُدُ مُحافِظينَ في أَرامَ دِمَشق، فصارَ الأَرامِيُّونَ رَعايا لِداوُدَ يُؤَدُّونَ الجِزيَة. ونَصَرَ الرَّبُّ داوُدَ حَيثُما تَوَجَّه. ٧وأَخَذَ داوُدُ تُروسَ الذَّهَبِ الَّتي كانَت مع ضُبَّاطِ هَدَدْعازَر، وأَتى بِها إِلى أُورَشَليم. ٨وأَخَذَ المَلِكُ داوُدُ مِن طِبْحاتَ وبيروتاي، مَدينَتَي هَدَدْعازَر، نُحاسًا كَثيرًا جِدًّا.

٩وسَمِعَ توعو، مَلِكُ حَماة، أَنَّ داوُدَ قد كَسَرَ جَيشَ هَدَدْعازَرَ كُلَّه. ١٠فأَرسَلَ توعو ٱبنَه يورامَ إِلى داوُدَ المَلِكِ لِيُقرِئَه السَّلامَ ويُبارِكَه، لِأَنَّه قاتَلَ هَدَدْ عازَرَ وكَسَرَه، لِأَنَّ هَدَدْعازَرَ كانَت لَه حُروبٌ مع توعو. وفي يَدِ يورامَ آنِيَةٌ مِنَ الفَضَّةِ والذَّهَبِ والنُّحاس. ١١وهٰذه أَيضًا قَدَّسَها المَلِكُ داوُدُ لِلرَّبِّ، فيما قَدَّسَه مِن فِضَّةِ وذَهَبِ جَميعِ الأُمَمِ الَّتي أَخضَعَها، ١٢مِنَ الأَدومِيِّينَ والمُوآبِيِّينَ وبَني عَمُّونَ والفَلِسطينِيِّينَ والعَمالِقَة، وما غَنِمَه مِن هَدَدْعازَرَ بنِ رَحوب، مَلِكِ صوبة.

١٣وأَقامَ داوُدُ لِنَفسِه ٱسمًا عِندَ رجُوعِه، بَعدَما قَتَلَ ثَمانِيَةَ عَشَرَ أَلفًا مِنَ الأَرامِيِّينَ في وادي المِلْح. ١٤وجَعَلَ في أَدومَ مُحافِظين، وصارَ جَميعُ الأَدومِيِّينَ رَعايا لِداود. ونَصَرَ الرَّبُّ داوُدَ حَيثُما تَوَجَّه.

إدارة شؤون المملكة

١٥ومَلَكَ داوُدُ على كُلِّ إِسْرائيل، وكانَ داوُدُ يُجْري حُكمًا وعَدلًا لِكُلِّ شَعبِه. ١٦وكانَ يوآبُ ٱبنُ صَرويَة على رأسِ الجَيش، ويوشافاطُ بنُ أَحيلودَ مُدَوِّنًا، ١٧وصادوقُ بنُ أَحيطوبَ وأَحيمَلِكُ بنُ أَبِياتارَ كاهِنَين، وسَرايا كاتِبًا، ١٨وبَنايا بنُ يوياداعَ والكَريتِيُّونَ والفَلِيتِيُّونَ… وبَنو داوُدَ كانوا كَهَنَة.

صموئيل الثاني ٩

٣. بَيت داود والدسائس للخلافة

أ – مَفيبَعْل

عطف داود على ابن يوناتان

١وقالَ داوُد: «هل بَقِيَ أَحَدٌ مِن بَيتِ شاوُلَ فأَصنَعَ إِلَيه رَحمَةً مِن أَجلِ يوناتان؟» ٢وكانَ لِبَيتِ شاوُلَ خادِمٌ ٱسمُه صيبا، فدُعِيَ إِلى داوُد. فقالَ لَه المَلك: «أَأَنتَ صيبا؟» قال: «عَبدُكَ». ٣فقالَ المَلِك: «أَلَم يَبقَ أَحَدٌ مِن بَيتِ شاوُلَ فأَصنَعَ إِلَيه رَحمَةَ الله؟» فقالَ صيبا لِلمَلِك: «قد بَقِيَ ٱبنٌ لِيوناتانَ سَقيمُ الرِّجلَين». ٤فقالَ لَه المَلِك: «أَينَ هو؟» فقالَ صيبا لِلمَلِك: «هو في بَيتِ ماكيرَ بنِ عَمِّئيلَ في لودَبار». ٥فأَرسَلَ المَلِكُ داوُدُ وأَخَذَه مِن بَيتِ ماكيرَ بنِ عَمِّيئيلَ مِن لودَبار.

٦فوَصَلَ مَفيبَعْلُ بنُ يوناتانَ بنِ شاوُلَ إِلى داوُد، وٱرتمى على وَجهِه وسَجَدَ. فقالَ داوُد: «يا مَفيبَعْل». قال: «هاءَنَذا عَبدُكَ». ٧فقالَ لَه داوُد: «لا تَخَفْ، فإِنِّي صانِعٌ إِلَيكَ رَحمَةً مِن أَجْلِ يوناتانَ أَبيكَ، وآمِرٌ بِإِرجاعِ جَميعِ مَزارِعِ شاوُلَ أَبيكَ إِلَيكَ، وأَنتَ تأكُلُ على مائِدَتي دائِمًا». ٨فسَجَدَ وقال: «مَن هو عَبدُكَ حتَّى تَلتَفِتَ إِلى كَلبٍ مَيتٍ مِثْلي؟».

٩فدَعا المَلِكُ صيبا خادِمَ شاوُلَ وقالَ لَه: «كُلُّ ما كانَ لِشاوُلَ ولِبَيتِه قد أَعطَيتُه لِٱبنِ سَيِّدِكَ. ١٠فتَحرُثُ لَه الأَرْضَ، أَنتَ وبَنوكَ وخُدَّامُكَ، وتَستَغِلُّها، فيَكونُ لِبَيتِ سَيِّدِكَ خُبزٌ يأكُلُه، ومَفيبَعْلُ ٱبنُ سَيِّدِكَ يَأكُلُ دائِمًا على مائِدَتي». وكانَ لِصيبا خَمسَةَ عَشَرَ ٱبنًا وعِشْرونَ خادِمًا. ١١فقالَ صيبا لِلمَلِك: «كُلُّ ما أَمَرَ بِه سَيِّدي المَلِكُ عَبدَه يَفعَلُ عَبدُكَ بِحَسَبِه».

وأَخَذَ مَفيبَعْلُ يَأكُلُ على مائِدَةِ داوُدَ كواحِدٍ مِن بَني المَلِك. ١٢وكانَ لِمَفيبَعْلَ ٱبنٌ صَغيرٌ ٱسمُه ميكا، وكانَ كُلُّ أَهلِ بَيتِ صيبا في خِدمَةِ مَفيبَعْل. ١٣وأَقامَ مَفيبَعْلُ في أُورَشَليم، لِأَنَّه كانَ يَأكُلُ دائِمًا على مائِدَةِ المَلك، وكانَ أَعرَجَ الرِّجلَينِ.

صموئيل الثاني ١٠

ب – محاربة بني عمّون ومولد سليمان

إهانة رسل داود

١وكانَ بَعدَ ذٰلك أَن تُوُفِّيَ مَلِكُ بَني عَمُّون، فمَلَكَ حَنونُ ٱبنُه مَكانَه. ٢فقالَ داوُد: «أَصنَعُ رَحمَةً إِلى حَنونَ بنِ ناحاش، كما صَنَعَ أَبوه رَحمَةً إِلَيَّ». وأَرسَلَ داوُدُ رِجالَه لِيُعَزِّيَه عن أَبيه. فوَصَلَ رِجالُ داوُدَ إِلى أَرضِ بَني عَمُّون. ٣فقالَ رُؤَساءُ بَني عَمُّونَ لِحَنونَ سَيِّدِهم: «أَتُرى داوُدَ يُكرِمُ أَباكَ في عَينَيكَ حتَّى أَرسَلَ إِلَيكَ مُعَزِّين؟ أَلَيسَ أَنَّه لِيَفحَصَ المَدينَةَ ويَتَجَسَّسَها ويُقَلِّبَها أَرسَلَ داوُدُ رِجالَه إِلَيكَ؟» ٤فقَبَضَ حَنونُ على رِجالِ داوُد، وحَلَقَ نِصفَ لِحاهم، وقَطَعَ ثِيابَهم مِنَ الوَسَطِ حتَّى أَدْبارِهم، ثُمَّ صَرَفَهم. ٥فأُخبِرَ داوُدُ فأَرسَلَ لِلِقائِهم، لِأَنَّ الرِّجالَ كانوا خَجِلينَ جِدًّا. وقالَ المَلِك: «أُمكُثوا في أَريحا، حَتَّى تَنبُتَ لِحاكم، ثُمَّ ٱرجِعوا».

الحملة الأولى على بني عمّون

٦ولَمَّا رأَى بَنو عَمُّونَ أَنَّهم قد أَصبَحوا مَمْقوتينَ عِندَ داوُد، أَرسَلَ بَنو عَمُّونَ وٱستأجَروا أَرامِيِّي بَيتَ رَحوبَ وأَرامِيِّي صوبا، أي عِشْرينَ أَلفَ راجِل، ومِن مَلِكِ مَعكَةَ أَلفَ رَجُل، ومِن رِجالِ طوبَ ٱثنَي عَشَرَ أَلفَ رَجُل. ٧فلَمَّا أُخبِرَ داوُد، أَرسَلَ يوآبَ وجَيشَ الأَبْطالِ كلَّه. ٨فخَرَجَ بَنو عَمُّونَ وٱصطَفُّوا لِلقِتالِ عِندَ مَدخَلِ الباب، وٱنفَرَدَ أَرامِيُّو صوبا ورَحوبَ ورِجالُ طوبَ ومَعكَةَ في الحُقول. ٩فرَأَى يوآبُ أَنَّ القِتالَ مُصَوَّبٌ إِلَيه مِنَ الأَمامِ والخَلْف. فٱختارَ قَومًا مِن جَميعِ مُنتَخَبي إِسْرائيل، وصَفَّهم لِلِقاءِ الأَرامِيِّين. ١٠وجَعَلَ بَقِيَّةَ الجَيشِ تَحتَ يَدِ أَبيشايَ أَخيه، فصَفَّهم لِلِقاءِ بَني عَمُّون، ١١قائِلًا: «إِن قَوِيَ عَلَيَّ الأَرامِيُّون، تَكونُ أَنتَ لي نَجدَةً، وإِن قَوِيَ علَيكَ بَنو عَمُّون، أَذهَبُ أَنا لِنَجدَتِكَ. ١٢فتَشَدَّدْ ولْنَتَجَلَّدْ لِأَجلِ شَعبِنا ولِأَجلِ مُدُنِ إِلٰهِنا، ولْيَصنَعِ الرَّبُّ ما حَسُنَ في عَينَيه». ١٣ثُمَّ تَقَدَّمَ يوآبُ والشَّعبُ الَّذي معَه لِمُقاتَلَةِ الأَرامِيِّينَ، فٱنهَزَموا مِن وَجهِه. ١٤ورَأَى بَنو عَمُّونَ أَن قدِ ٱنهَزَمَ الأَرامِيُّونَ، فٱنهَزَموا هم أَيضًا مِن وَجهِ أَبيشاي، ودَخَلوا المَدينة. فعادَ يوآبُ من مُحارَبَةِ بَني عَمُّون، وجاءَ أُورَشَليم.

الانتصار على الأَراميّين

١٥فلَمَّا رأَى الأَرامِيُّونَ أَنَّهم قدِ ٱنكَسَروا أَمامَ إِسْرائيل، اِجتَمَعوا كُلُّهم. ١٦وأَرسَلَ هَدَدْعازَرُ وٱستَنفَرَ الأَرامِيِّينَ الَّذينَ في عِبرِ النَّهْر. فأَتَوا إِلى حيلام، وعلى رَأسِهم شوباك، قائِدُ جَيشِ هَدَدْعازَر. ١٧وأُخبِرَ داوُد، فجَمَعَ كُلَّ إِسْرائيلَ وعَبَرَ الأُردُنَّ وزَحَفَ على حيلام. فٱصطَفَّ الأَرامِيُّونَ لِلِقاءِ داوُدَ وحارَبوه. ١٨فٱنهَزَمَ الأَرامِيُّونَ مِن وَجهِ إِسْرائيل، وأَهلَكَ داوُدُ مِنَ الأَرامِيِّينَ سَبعَ مِئَةِ مَركَبَةٍ وأَربَعينَ أَلفَ فارس، وضَرَبَ شوباكَ قائِدَ جَيشِه، فماتَ هُناك. ١٩فلَمَّا رأَى جَميعُ المُلوكِ الخاضِعينَ لِهَدَدْ عازَرَ أَن قدِ ٱنكَسَروا أَمامَ إِسْرائيل، صالَحوا إِسْرائيلَ وٱستُعبِدوا لَه. وخافَ الأَرامِيُّونَ أَن يَعودوا إِلى نَجدَةِ بَني عَمُّون.

صموئيل الثاني ١١ 

الحملة الثانية على بني عمّون. خطيئة داود

١ولَمَّا كانَ مَدارُ السَّنَة في وَقتِ خُروجِ المُلوكِ إِلى الحَرْب، أَرسَلَ داوُدُ يوآبَ وضُبَّاطَه معَه وكُلَّ إِسْرائيل، فأَهلَكوا بَني عَمُّون وحاصَروا رَبَّة. وأَمَّا داوُدُ فبَقِيَ في أُورَشَليم.

٢وكانَ عِندَ المَساءِ أَنَّ داوُدَ قامَ عن سَريرِه وتَمَشَّى على سَطحِ بَيتِ المَلِك، فرَأَى عنِ السَّطحِ ٱمرَأَةً تَستَحِمُّ، وكانَتِ المَرأَةُ جَميلَةً جِدًّا. ٣فأَرسَلَ داوُدُ وسَأَلَ عنِ المَرأَة، فقيلَ لَه: «إِنَّها بَتْشابَعُ بِنتُ أَليعامَ، ٱمرَأَةُ أُورِيَّا الحِثِّيّ». ٤فأَرسَلَ داوُدُ رُسُلًا وأَخَذَها، فأَتَت إِلَيه فضاجَعَها، وكانت قد تَطَهَّرَت مِن نَجاسَتِها. ورَجَعَت إِلى بَيتِها. ٥وحَمَلَتِ المَرأَةُ فأَرسَلَت وأَخبَرَت داوُدَ وقالَت: «إِنَّني حامِل».

٦فأَرسَلَ داوُدُ إِلى يوآبَ قائِلًا: «أَرسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الحِثِّيّ». فأَرسَلَ يوآبُ أُورِيَّا إِلى داوُد. ٧فجاءَه أُورِيَّا، فٱستَخبَرَه داوُدُ عن سَلامةِ يوآبَ والشَّعبِ وعنِ الحَرْب. ٨ثُمَّ قالَ داوُدُ لِأُورِيَّا: «إِنزِلْ إِلى بَيتِكَ وٱغسِلْ رِجلَيكَ». فخَرَجَ أُورِيَّا مِن بَيتِ المَلِك، وحُمِلَت وَراءَه هَدِيَّةٌ مِن عِندِ المَلِك. ٩لٰكِنَّ أُورِيَّا ٱضطَجَعَ على بابِ بَيتِ المَلِكِ مع جَميعِ خَدَمِ سَيِّدِه، ولم يَنزِلْ إِلى بَيْتِه.

١٠وأُخبِرَ داوُدُ أَنَّ أُورِيَّا لم يَنزِلْ إِلى بَيتِه. فقالَ داوُدُ لِأُورِيَّا: «أَما جِئتَ مِنَ السَّفَر؟ فما بالُكَ لم تَنزِلْ إِلى بَيتِكَ؟» ١١فقالَ أُورِيَّا لِداوُد: «إِنَّ التَّابوتَ وإِسْرائيلَ ويَهوذا مُقيمونَ في الأَكْواخ، ويوآبَ سَيِّدي وضُبَّاطَ سَيِّدي مُعَسكِرونَ على وَجهِ الحُقول، وأَنا أَدخُلُ بَيتي وآكُلُ وأَشرَبُ وأُضاجِعُ ٱمرَأَتي؟ لا، وحَياتِكَ وحَياةِ نَفْسِكَ، إِنِّي لا أَفعَلُ هٰذا». ١٢فقالَ داوُدُ لِأُورِيَّا: «أُمكُثِ اليَومَ، وغَدًا أَصرِفُكَ». فبَقِيَ أُورِيَّا في أُورَشَليمَ ذٰلك اليَوم. ١٣وفي الغَدِ دَعاه داوُد، فأَكَلَ بَينَ يَدَيه وشَرِبَ، وأَسكَرَه. وخَرَجَ مَساءً فٱضطَجَعَ في سَريرِه مع خَدَمِ سَيِّدِه، وإِلى بَيتِه لم يَنزِلْ.

١٤فلَمَّا كانَ الصَّباح، كَتَبَ داوُدُ إِلى يوآبَ كِتابًا وأَرسَلَه بِيَدِ أُورِيَّا. ١٥وكَتَبَ في الكِتابِ قائلًا: «ضَعوا أُورِيَّا حَيثُ يَكونُ القِتالُ شَديدًا، وٱنصَرِفوا مِن وَرائِه، فيُضرَبَ ويَموت». ١٦فكانَ في حِصارِ يوآبَ لِلمَدينَةِ أَنَّه جَعَلَ أُورِيَّا في المَكانِ الَّذي عَلِمَ أَنَّ فيه رِجالَ البَأس. ١٧فخَرَجَ رِجالُ المَدينَةِ وحارَبوا يوآب، فسَقَطَ مِنَ الشَّعبِ مِن رِجالِ داوُد، وماتَ أُورِيَّا الحِثِّيُّ أَيضًا.

١٨فأَرسَلَ يوآبُ وأَخبَرَ داوُدَ بِكُلِّ ما كانَ مِن أَمرِ الحَرْب. ١٩وأَمَرَ يوآبُ الرَّسولَ وقالَ لَه: «إِذا ٱنتَهَيتَ مِن كَلامِكَ مع المَلِكِ عن كُلِّ ما كانَ مِن أَمرِ الحَرْب، ٢٠فإِذا ثارَ غَضَبُ المَلِكِ وقالَ لَك: لِمَ دَنَوتُم مِنَ المَدينَةِ لِتُحارِبوا؟ أَما تَعلَمونَ أَنَّهم يَرْمونَ مِن فَوقِ السُّور؟ ٢١مَن قَتَلَ أَبيمَلِكَ بنَ يَرُبَّعْل؟ أَلَيسَ أَنَّ ٱمرَأَةً رَمَته بِقِطعَةِ رَحًى مِن فَوقِ السُّورِ فماتَ في تاباص؟ فلِماذا دَنَوتُم مِنَ السُّور؟ فقُلْ: إِنَّ عَبدَكَ أُورِيَّا الحِثِّيَّ أَيضًا قد مات».

٢٢فمَضى الرَّسولُ ووَصَلَ وأَخبَرَ داوُدَ بِكُلِّ ما أَرسَلَه فيه يوآب. ٢٣وقالَ الرَّسولُ لِداوُد: «قد قَوِيَ علَينا القومُ وخَرَجوا إِلَينا إِلى الحُقول، فدَحَرناهم إِلى مَدخَلِ الباب. ٢٤فرَمى الرُّماةُ رِجالَكَ مِن فَوقِ السُّور، فماتَ بَعضُ رِجالِ المَلِك، وماتَ أَيضًا عَبدُكَ أُورِيَّا الحِثِّيّ». ٢٥فقالَ داوُدُ لِلرَّسول: «كَذا تَقولُ لِيوآب: لا يَسُؤْ ذٰلك في عَينَيكَ، لِأَنَّ السَّيفَ يأكُلُ هٰذا وذاك. شَدِّدْ قِتالَكَ على المَدينَةِ ودَمِّرْها، وأَنتَ شَجِّعْه».

٢٦وسَمِعَتِ ٱمرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّ أُورِيَّا زَوجَها قد مات، فناحَت على زَوجها. ٢٧ولَمَّا تَمَّت أَيَّامُ مَناحَتِها، أَرسَلَ داوُدُ وضَمَّها إِلى بَيتِه. فكانَت زَوجَةً لَه ووَلَدَت لَه ٱبنًا. وساءَ ما صَنَعَه داوُدُ في عَينَيِ الرَّبّ.

صموئيل الثاني ١٢

توبيخ ناتان لداود

١فأَرسَلَ الرَّبُّ ناتانَ إِلى داوُد، فأَتاه وقالَ لَه:

«كان رَجُلانِ في إِحْدى المُدُن

أَحَدُهما غَنِيٌّ والآخَرُ فَقير.

٢وكانَ لِلغَنِيِّ غَنَمٌ وبَقَرٌ كَثيرةٌ جِدًّا.

٣والفَقيرُ لم يَكُنْ لَه غَيرُ نَعجَةٍ وَحيدَةٍ صَغيرةٍ قدِ ٱشتَراها

وربَّاها وكَبِرَت معَه ومع بَنيه

تأكُلُ مِن لُقمَتِه وتَشرَبُ مِن كأسِه

وتَرقُدُ في حِضنِه، وكانَت عِندَه كٱبنَتِه.

٤فنَزَلَ بِالرَّجُلِ الغَنِيِّ ضَيفٌ

فضَنَّ أَن يأخُذَ مِن غَنَمِه وبَقَرِه

ليُهَيِّئَ لِلمُسافِرِ النَّازِلِ بِه

فأَخَذَ نَعجَةَ الرَّجُلِ الفَقير

وهَيَّأَها لِلرَّجُلِ النَّازِلِ بِه».

٥فٱشتَدَّ غَضَبُ داوُدَ على الرَّجُلِ وقالَ لِناتان: «حَيٌّ الرَّبّ! إِنَّ الرَّجُلَ الَّذي صَنَعَ هٰذا يَستَوجِبُ المَوت. ٦يَرُدُّ عِوَضَ النَّعجَةِ أَربَعًا جَزاءَ أَنَّه فَعَلَ هٰذا الأَمرَ ولم يُشفِقْ». ٧فقالَ ناتانُ لِداوُد: «أَنتَ هو الرَّجُل. هٰكذا قالَ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيل: إِنِّي مَسَحتُكَ مَلِكًا على إِسْرائيل، وأنقَذتُكَ مِن يَدِ شاوُل، ٨وأَعطَيتُكَ بَيتَ سَيِّدِكَ، ونِساءُ سَيِّدِكَ أَسلَمتُهُنَّ إِلى حِضنِكَ، وأَعطَيتُكَ بَيتَ إِسْرائيلَ ويَهوذا. وإِن كانَ ذٰلك قليلًا، فإِنِّي أَزيدُكَ كَذا وكَذا. ٩فَلِماذا ٱزدَرَيتَ الرَّبَّ فٱرتَكَبتَ الشَّرَّ في عَينَيه؟ قد ضَرَبتَ أُورِيَّا الحِثِّيَّ بِالسَّيفِ وأَخَذتَ ٱمرَأَتَه ٱمرَأَةً لَكَ، وإِيَّاه قَتَلتَ بِسَيفِ بَني عَمُّون. ١٠والآنَ فلا يُفارِقُ السَّيفُ بَيتَكَ لِلأَبَد، لِأَنَّكَ ٱزدَرَيتَني وأَخَذتَ ٱمرَأَةَ أُورِيَّا الحِثِّيِّ لِتَكونَ ٱمرَأَةً لَكَ.

١١هٰكذا قالَ الرَّبّ: هاءَنَذا مُثيرٌ عَليكَ الشَّرَّ مِن بَيتِكَ، وسآخُذُ نِساءَكَ أَمامَكَ وأُسلِمُهُنَّ إِلى قَريبِكَ، فيُضاجِعُ نِساءَكَ أَمامَ هٰذه الشَّمْس. ١٢أَنتَ فَعَلتَ ذٰلك سِرًّا، وأَنا أَفعَلُ هٰذا الأَمرَ أَمامَ كُلِّ إِسْرائيلَ وأَمامَ الشَّمْس».

١٣فقالَ داوُدُ لِناتان: «قد خَطِئتُ إِلى الرَّبّ». فقالَ ناتانُ لِداود: «إِنَّ الرَّبَّ أَيضًا قد نَقَلَ خَطيئَتَكَ عنكَ، فلا تَموت. ١٤ولٰكِن، إِذ إِنَّكَ بِهٰذا الأَمرِ أَهَنتَ الرَّبَّ إِهانَةً شَديدة، فالِٱبنُ الَّذي يولَدُ لَكَ يَموتُ مَوتًا». ١٥وٱنصَرَفَ ناتانُ إِلى بَيتِه.

موت ابن بتشابع ومولد سليمان

وضَرَبَ الرَّبُّ الوَلَدَ الَّذي وَلَدَته ٱمرَأَةُ أُورِيَّا لِداوُدَ حَتَّى مَرِض. ١٦فتَضَرَّعَ داوُدُ إِلى اللهِ مِن أَجلِ الوَلَد، وصامَ داوُدُ ودَخَلَ بَيتَه وباتَ مُضطَجِعًا على الأَرض. ١٧فقامَ إِلَيه شُيوخُ بَيتِه لِيُقيموه عنِ الأَرضِ فأَبى ولم يَأكُلْ معَهم طَعامًا. ١٨فلَمَّا كانَ اليَومُ السَّابِع، ماتَ الصَّبِيّ. فخافَ حاشِيَةُ داوُدَ أَن يُخبِروه بِمَوته، لِأَنَّهم قالوا في أَنفُسهم: «حينَ كانَ الصَّبِيُّ حَيًّا، كُنَّا نُكَلِّمُه فلا يَسمَعُ لِكَلامِنا، فكَيفَ نَقولُ لَه: ماتَ الصَّبِيّ، فيَصنَعُ شَرًّا». ١٩ورأَى داوُدُ حاشِيَتَه يَتَهامَسون، ففَطِنَ داوُدُ أَنَّ الصَّبِيَّ قد مات. فقالَ داوُدُ لِحاشِيَتِه: «هل ماتَ الصَّبِيّ». فقالوا: «قد مات».

٢٠فنَهَضَ داوُدُ عنِ الأَرضِ وٱغتَسَلَ وتَطَيَّبَ وغَيَّرَ ثِيابَه، ودَخَلَ بَيتَ الرَّبِّ فسَجَد. ورَجَعَ إِلى بَيتِه وطَلَبَ، فوَضَعوا لَه طَعامًا فأَكَل. ٢١فقالَ له حاشِيَتُه: «ما هٰذا الأَمرُ الَّذي صَنَعتَ؟ فإِنَّكَ، لَمَّا كانَ الصَّبِيُّ حَيًّا، صُمتَ وبَكَيتَ. فلَمَّا مات، قُمتَ وأَكَلتَ طَعامًا». ٢٢فقال: «لَمَّا كانَ الصَّبِيُّ حَيًّا، صُمتُ وبَكَيتُ، لِأَنِّي قُلتُ في نَفْسي: مَن يعلَم؟ قد يَرحَمُني الرَّبُّ ويَحْيا الصَّبِيّ. ٢٣وأَمَّا الآنَ وقد مات، فلِماذا أَصوم؟ أَفأَستَطيعُ أَن أَرُدَّه بَعدُ؟ أَنا أَصيرُ إِلَيه وهو لا يَرجِعُ إِلَيَّ».

٢٤وعَزَّى داوُدُ بَتْشابَعَ ٱمرَأَتَه ودَخَلَ علَيها وضاجَعَها، فوَلَدَتِ ٱبنًا فدَعَته سُلَيمان. وأَحَبَّه الرَّبّ، ٢٥فأَرسَلَ على لِسانِ ناتانَ النَّبِيِّ وسَمَّاه يَديدِيا لِأَجلِ الرَّبّ.

الاستيلاء على ربّة

٢٦وحارَبَ يوآبُ رَبَّةَ بَني عَمُّون، وأَخَذَ مَدينَةَ المُلْك. ٢٧وأَرسَلَ يوآبُ رُسُلًا إِلى داوُدَ وقال: «قد حاربتُ رَبَّة، وأَخَذتُ أَيضًا مَدينَةَ المِياه. ٢٨فٱجمَعِ الآنَ بَقِيَّةَ الشَّعبِ وعَسكِرْ على المَدينَةِ وخُذْها أَنتَ، لِكَي لا آخُذَ المَدينَةَ أَنا، فيُطلَقَ ٱسْمي علَيها». ٢٩فجَمَعَ داوُدُ كُلَّ الشَّعبِ وزَحَفَ على رَبَّة، فحارَبَها وأَخَذَها. ٣٠وأَخَذَ تاجَ مِلْكامَ عن رأسِه، وكانَ وَزنُه قِنْطارًا مِنَ الذَّهَبِ بِالحِجارَةِ الكَريمة، فوُضِعَ على رَأسِ داوُد. وأَخرَجَ مِنَ المَدينَةِ غَنيمةً وافِرَةً جِدًّا. ٣١وأَخرَجَ الشَّعبَ الَّذي فيها وجَعَلَه على المَناشيرِ وعلى نَوارِجِ الحَديدِ وفُؤُوسِ الحَديد، وجَعَلَ مِنه على أَعْمالِ قَوالِبِ الآجُرّ. وهٰكذا صَنَعَ بِجَميعِ مُدُنِ بَني عَمُّون. ورَجَعَ داوُدُ وكُلُّ الشَّعبِ إِلى أُورَشَليم.

صموئيل الثاني ١٣

ج – قصّة أبشالوم

أمنون يغتصب أخته تامار

١وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنْ كانَ لِأَبْشالومَ بنِ داوُدَ أُختٌ جَميلةٌ ٱسمُها تامار، فأَحَبَّها أَمنونُ بنُ داوُد، ٢وشُغِفَ أَمنونُ بِتامارَ أُختِه حتَّى سَقِمَ، لِأَنَّها كانَت عَذْراءَ فكانَ يَبْدو لَه مُستَحيلًا أَن يَصنَعَ بِها شَيئًا. ٣وكانَ لِأَمْنونَ صَديقٌ ٱسمُه يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُد، وكانَ يونادابُ رَجُلًا ذَكِيًّا جِدًّا. ٤فقالَ لَه: «ما لي أَراكَ، يا ٱبنَ المَلِكِ، تَنحَلُ صَباحًا فصَباحًا؟ أَلا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أَمْنون: «إِنِّي أُحِبُّ تامار، أُختَ أَبْشالومَ أَخي». ٥فقالَ يوناداب: «إِضطَجِعْ على سَريرِكَ وتَمارَض. فإذا أَتاكَ أَبوكَ لِيَعودَكَ، فقُلْ لَه: لَتَأتِ تامارُ أُخْتي وتُطعِمْني خُبزًا وتَعمَلِ الطَّعامَ أَمامي، لِأَرى وآكُلَ مِن يَدِها». ٦فٱضطَجَعَ أَمْنونُ وتَمارَضَ، فأَتاه المَلِكُ يَعودُه، فقالَ أَمْنونُ لِلمَلِك: «لِتأتِ تامارُ أُخْتي وتَعمَلْ أَمامي كَعكَتَينِ وآكُلَ مِن يَدِها». ٧فأَرسَلَ داوُدُ إِلى تامارَ إِلى البَيتِ وقالَ لَها: «إِذهَبي إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيكِ وٱصنَعي لَه طَعامًا». ٨فمَضَت تامارُ إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيها وهو مُضطَجِع، فأَخَذَت عَجينًا ودَلَكَته وعَمِلَت كَعْكًا أَمامَه وقَلَتِ الكَعْك. ٩وأَخَذَتِ المِقْلاةَ وسَكَبَت أَمامَه، فأَبى أَن يأكُل. وقالَ أَمْنون: «أَخرِجوا كُلَّ واحِدٍ مِن عِنْدي». فخَرَجَ كُلُّ واحِدٍ مِن عِندِه، ١٠فقال أَمْنونُ لِتامار: «أَدخِلي الطَّعامَ إِلى المُخدَعِ فآكُلَ مِن يَدِكِ». فأَخَذَت تامارُ الكَعكَ الَّذي عَمِلَته وأَتَت بِه أَمْنونَ أَخاها إِلى المُخدَع، ١١وعِندَما قَدَّمت لَه لِيأكُل، أمسَكَها وقال: «تَعالَيِ ٱضطَجِعي معي، يا أُخْتي». ١٢فقالَت لَه: «لا تَغتَصِبْني يا أَخي، لا يُفعَلُ هٰكذا في إِسْرائيل، فلا تَفْعَلْ هٰذه الفاحِشَة. ١٣فأَمَّا أَنا فأَينَ أَذهَبُ بِعاري؟ وأَمَّا أَنتَ فتَكونُ كواحِدٍ مِنَ الحَمْقى في إِسْرائيل. والآنَ فكَلِّمِ المَلِكَ، فإِنَّه لا يَمنَعُني مِنكَ». ١٤فأَبى أَن يَسمَعَ لِكَلامِها، بَل تَمَكَّنَ مِنها وٱغتَصَبَها وضاجَعَها.

١٥ثُمَّ أَبغَضَها أَمْنونُ بُغضًا شَديدًا جِدًّا، وكانَ البُغضُ الَّذي أَبغَضَها إِيَّاه أَعظَمَ مِنَ الحُبِّ الَّذي أَحَبَّها إِيَّاه، وقالَ لَها أَمْنون: «قومي فٱنصَرِفي». ١٦فقالَت لَه: «لا يا أَخي، لِأَنَّ طَردَكَ لي شَرٌّ أَعظمُ مِنَ الشَّرِّ الآخَرِ الَّذي فَعَلتَه بي». فأَبى أَن يَسمَعَ لَها. ١٧ودعا الفَتى الَّذي كانَ يَخدُمُه وقال: «أَخرِجْ هٰذه عنِّي إِلى خارِجٍ وأَغلِقِ البابَ وَراءَها. ١٨(وكانَ علَيها قَميصٌ مُوَشَّى، لِأَنَّ بَناتِ المَلِكِ العَذارى كُنَّ يَلبَسْنَ أَقمِصَةً مِثلَ هٰذا). فأَخرَجَها خادِمُه إِلى خارِجٍ وأَغلَقَ البابَ وَراءَها.

١٩فجَعَلَت تامارُ رَمادًا على رأسِها ومَزَّقَتِ القَميصَ المُوَشَّى الَّذي كانَ علَيها وجَعَلَت يَدَها على رأسِها وذَهَبَت وهي تَصرُخ. ٢٠فقالَ لَها أَبْشالومُ أَخوها: «هل كانَ أَمْنونُ أَخوكِ مَعكِ؟ أُسكُتي الآنَ يا أُخْتي. إِنَّه أَخوكِ، ولا يَأخُذْ هٰذا الأَمرُ مِن نَفسِكِ». فأَقامَت تامارُ حَزينَةً في بَيتِ أَبشالومَ أَخيها.

٢١وسَمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِجَميعِ هٰذه الأُمور، فٱغْتاظَ غَيظًا شَديدًا، ولٰكِنَّه لم يُحزِنْ نَفْسَ أَمْنونَ ٱبنِه، لِأَنَّه كانَ يُحِبُّه لِأَنَّه بِكرُه. ٢٢فأَمَّا أَبْشالومُ فلَم يُكَلِّمْ أَمْنونَ بِشَرٍّ أَو خَير، لِأَنَّ أَبْشالومَ أَبغَضَ أَمْنونَ بِسَبَبِ ٱغتِصابِ تامارَ أُختِه.

أَبشالوم يأمر بقتل أمنون ويهرب

٢٣وكانَ بَعدَ سَنَتَينِ مِنَ الزَّمانِ أَنَّه كانَ جَزَّازونَ لِأَبشالومَ في بَعْلَ حاصورَ الَّتي بِالقُربِ مِن أَفْرائيم. فدَعا أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك. ٢٤وأَتى أَبْشالومُ إِلى المَلِكِ وقالَ لَه: «إِنَّ عِندَ عَبدِكَ جَزَّازين، فليَذهَبِ المَلِكُ وحاشِيَتُه مع عَبدِكَ». ٢٥فقالَ المَلِكُ لِأَبْشالوم: «لا يا بُنَيَّ، لا نَذهَبْ كُلُّنا لِئَلَّا نُثَقِّلَ عَليكَ». فأَلَحَّ علَيه، فلم يَشَأ أَن يَذهَب، بل بارَكَه. ٢٦فقالَ أَبْشالوم: «إِذن يَذهَبَ معَنا أَمْنونُ أَخي». فقالَ المَلِك: «لِماذا يَذهَبُ معَكَ؟» ٢٧فأَلَحَّ علَيه أَبْشالوم، فأَرسَلَ معَه أَمْنونَ وجَميعَ بَني المَلِك.

وأَقامَ أَبْشالومُ مَأدُبَةً كَمأدُبَةِ المُلوك. ٢٨وأَمَرَ أَبْشالومُ خُدَّامَه وقالَ لَهم: «أُنظُروا! إِذا طابَ قلبُ أَمْنونَ بِالخَمرِ وقُلتُ لَكم: إِضرِبوا أَمْنونَ فٱقتُلوه، لا تخافوا. أَلَيسَ أَنِّي أَنا أَمَرتُكم؟ فتَشَجَّعوا وكونوا ذوي بأس». ٢٩ففَعَلَ خُدَّامُ أَبْشالومَ بِأَمْنونَ كما أَمَرَهم أَبْشالوم. فقامَ جَميعُ بَني المَلِك، ورَكِبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهم بَغلَه وهَرَبوا.

٣٠وبَينَما هم في الطَّريق، بَلَغَ الخَبَرُ إِلى داوُدَ وقيلَ لَه: «قد قَتَلَ أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك، ولم يَبْقَ مِنهم أَحَد». ٣١فقامَ المَلِكُ ومَزَّقَ ثِيابَه وٱضطَجَعَ على الأَرْض، ووَقَفَ حاشِيَتُه وثِيابُهم مُمَزَّقَة. ٣٢فتَكَلَّمَ يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُدَ، وقال: «لا يَحسَبْ سَيِّدي أَنَّ جَميعَ الفِتْيانِ بَني المَلِكِ قد هَلَكوا. لم يُقْتَلْ إِلَّا أَمنونُ وَحدَه، لِأَنَّ ذٰلك كانَ في نِيَّةِ أَبْشالوم، مُذ يَومَ ٱغتَصَبَ أَمْنونُ أُختَه. ٣٣فالآنَ لا يأخُذْ هٰذا الأَمرُ من نَفْسِ سَيِّدي المَلِك، قائلًا في نَفْسِه: إِنَّ جَميعَ بَني المَلِكِ قد قُتِلوا، إذ لم يُقتَلْ إِلَّا أَمنونُ وَحدَه، ٣٤وهرب أَبْشالوم».

ورَفَعَ الفَتى الرَّقيبُ عَينَيه ونَظَر، فإذا بِجَمعٍ كَثيرٍ يَسيرُ على طَريقِ حورونائيمَ الَّتي بِجانِبِ الجَبَل. فأَتى الرَّقيبُ وأَخبَرَ المَلِكَ قائِلًا: «إِنِّي أَرى رِجالًا على طَريقِ حورونائيمَ التي بِجانِبِ الجَبَل». ٣٥فقالَ يونادابُ لِلمَلِك: «هُوَذا بَنو المَلِكِ مُقبِلون، وقد تَمَّ الأَمرُ كما قالَ عَبدُك». ٣٦فلَمَّا ٱنتَهى مِن كَلامِه، إِذا بِبَني المَلِكِ قد جاؤُوا ورَفَعوا أَصْواتَهم بِالبُكاء، وبَكى المَلِكُ وجَميعُ حاشِيَتِه بُكاءً شَديدًا جِدًّا. ٣٧وأَمَّا أَبْشالومُ فهَرَبَ وذَهَبَ إِلى تَلْمايَ بنِ عَمِّيهود، مَلِكِ جَشور. وناحَ داوُدُ على ٱبنِهِ كُلَّ الأَيَّام.

يوآب يفاوض عودة أبشالوم

٣٨وكانَ أَبشالومُ قد هَرَبَ وذَهَبَ إِلى جَشور ولَبِثَ هُناكَ ثَلاثَ سَنَوات. ٣٩وكَفَّ روحُ المَلِكِ عنِ الغَضَبِ على أَبْشالوم، لِأَنَّه تَعَزَّى عن مَوتِ أَمْنون.

صموئيل الثاني ١٤

١وعَرَفَ يوآبُ ٱبنُ صَرَويَةَ أَنَّ قَلبَ داوُدَ المَلِكِ مُهتَمٌّ بأَبْشالوم. ٢فأَرسَلَ يوآبُ إِلى تَقوع، وأَتى مِن هُناكَ بِٱمرَأَةٍ حَكيمَةٍ وقالَ لَها: «تَظاهَري بِالحُزنِ وٱلبَسي لِباسَ الحِدادِ ولا تَتَطَيَّبي، بل كوني كٱمرَأَةٍ تَنوحُ على مَيتٍ مِن أَيَّامٍ كَثيرة. ٣وٱدخُلي على المَلِكِ وكَلِّميه بِهٰذا الكَلام». وجَعَلَ يوآبُ الكَلامَ على لِسانِها.

٤فكلَّمَتِ المَرأَةُ التَّقوعِيَّةُ المَلِكَ وٱرتَمَت بِوَجهِها إِلى الأَرض وسَجَدَت وقالَت: «خَلِّصْني أَيُّها المَلِك». ٥فقالَ لَها المَلِك: «ما شأنُكِ؟» قالَت: «إِنَّني ٱمرَأَةٌ أَرمَلَة، قد تُوُفِّي زوجي. ٦وكانَ لِأَمَتِكَ ٱبْنانِ تَشاجرا في البَرِّيَّة، ولم يَكُنْ مَن يَفصِلُ بَينَهما، فضَرَبَ أَحَدُهما الآخَرَ وقَتَلَه. ٧وإِذا بِكُلِّ العَشيرةِ قامَت على أَمَتِكَ وقالَت: سَلِّمي إِلَينا الَّذي قَتَلَ أَخاه لِنَقتُلَه بِنَفْسِ أَخيه الَّذي قَتَلَه ونُهلِكَ الوارِثَ أَيضًا. وبِذٰلك يُطفِئونَ جَمرَتيَ الَّتي بَقِيَت، ولا يَترُكونَ لِزَوجي ٱسمًا ولا باقِيًا على وَجهِ الأَرض». ٨فقالَ المَلِكُ لِلمَرأَة: «إِنصَرِفي إِلى بَيتِكِ، فإِنِّي أُوصي فيكِ». ٩فقالَتِ المَرأَةُ التَّقوعِيَّةُ لِلمَلِك: «لِيَكُنْ علَيَّ الإِثْم، يا سَيِّدي المَلِك، وعلى بَيتِ أَبي، ولٰكِنَّ المَلِكَ وعَرشَه بَريئان». ١٠فقالَ لَها المَلِك: «مَن كَلَّمَكِ بِهٰذا فأتيني بِه، فلا يَعودُ يَتَعَرَّضُ لَكِ». ١١قالَت: «أُذكُرْ، أَيُّها المَلِكُ، الرَّبَّ إِلٰهَكَ، فلا يُكثِرَ المُنتَقِمُ لِلدَّمِ الدَّمارَ ويُهلِكَ ٱبْني». فقال: «حَيٌّ الرَّبّ! إِنَّها لا تَسقُطُ شَعَرَةٌ مِنِ ٱبنِكِ على الأَرض».

١٢فقالَتِ المَرأَة: «لِتُكَلِّمْ أَمَتُكَ، سَيِّديَ المَلِك، بِكَلِمة». قال: «تَكَلَّمي». ١٣فقالَتِ المَرأَة: «لِمَ نَوَيتَ مِثلَ هٰذا على شَعبِ الله، فما تَكَلَّمَ بِه المَلِكُ مِن هٰذا الكَلامِ لا يَخْلو مِن الذَّنْب، بما أَنَّ المَلِكَ لم يَرُدَّ مَنفِيَّه. ١٤فإِنَّه لا بُدَّ أَن نَموت ونَكونَ كالماءِ المُراقِ على الأَرض، الَّذي لا يُجمَعُ بَعدَ ذٰلك، واللهُ لا يَستَثْني نَفْسًا، بل يُخَطِّطُ تَخْطيطًا حتَّى لا يُنْفى عَنه مَنفِيُّه.

١٥والآنَ فإِنَّما جِئتُ لِأُكَلِّمَ المَلِكَ سَيِّدي بِهٰذا الأَمْر، لأَنَّ النَّاسَ قد أَخافوني، فقالت أَمَتُكَ في نَفْسِها: أُكَلِّمُ المَلِكَ، لَعَلَّ المَلِكَ يَعمَلُ بِقَولِ أَمَتِه، ١٦لِأَنَّ المَلِكَ يَرْضى بإِنقاذِ أَمَتِه مِن يَدِ الرَّجُلِ الَّذي يُريدُ أَن يَفصِلَني، أَنا وٱبْني معي، مِن ميراثِ الله. ١٧فقالَت أَمَتُكَ في نَفْسِها: لِيَكُنْ كَلامُ سَيِّدي المَلِكِ راحةً، لِأَنَّ سَيِّدي المَلِكَ هو كمَلاكِ اللهِ في فَهمِ الخَيرِ والشَّرّ، ولْيَكُنِ الرَّبُّ إِلٰهُكَ مَعَكَ».

١٨فأَجابَ المَلِكُ وقالَ لِلمَرأَة: «لا تَكتُمي عنِّي شَيئًا مِمَّا أَسأَلُكِ عَنه». فقالَتِ المَرأة: «لِيَتَكَلَّمْ سَيِّدي المَلِك». ١٩فقالَ المَلِك: «أَيَدُ يوآبَ مَعَكِ في هٰذا كُلِّه؟» فأَجابَتِ المَرأَةُ وقالَت: «حَيَّةٌ نَفسُكَ يا سَيِّدي المَلِك! لا يَحيدُ المَرءُ عن قَولِ المَلِكِ يَمنَةً ولا يَسرَةً. إِنَّ عَبدَكَ يوآبَ هو الَّذي أَمَرَني وهو الَّذي جَعَلَ على لِسانِ أَمَتِكَ هٰذا الكَلامَ كُلَّه. ٢٠لِأَجلِ تَحْويلِ وَجهِ الأُمور فَعَلَ عَبدُكَ يوآبُ هٰذا، ولٰكِنَّ لِسَيِّدي حِكمَةً كحِكمَةِ مَلاكِ اللهِ في مَعرِفَةِ كُلِّ ما في الأَرض».

٢١فقالَ المَلِكُ لِيوآب: «هاءَنَذا أَفعَلُ هٰذا الأَمْر، فٱذهَب ورُدَّ الفَتى أَبْشالوم». ٢٢فٱرتَمى يوآبُ على وَجهِه إِلى الأَرضِ ساجِدًا وبارَكَ المَلِكَ وقالَ: «اليَومَ عَلِمَ عَبدُكَ أَنِّي قد نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ، يا سَيِّديَ المَلِك، إِذ إِنَّ المَلِكَ يَفعَلُ ما قالَ عَبدُه». ٢٣وقامَ يوآبُ ومَضَى إِلى جَشور، وأَتى بِأَبْشالومَ إِلى أُورَشَليم. ٢٤فقالَ المَلِك: «لِيَنصَرِفْ إِلى مَنزِلِه ولا يَرَ وَجْهي». فٱنصَرَفَ أَبْشالومُ إِلى مَنزِلِه ولم يَرَ وَجهَ المَلِك.

بعض الأمور عن أبشالوم

٢٥ولم يَكُنْ في كُلِّ إِسْرائيلَ رَجُلٌ جَميلٌ ومَمْدوحٌ كثيرًا كأَبْشالوم: مِن أَخمَصِ قَدَمِه إِلى قِمَّةِ رأسِه لم يَكُنْ فيه عَيب. ٢٦وكانَ عِندَ حَلْقِ رأسِه (كانَ يَحلِقُه في آخِرِ سَنَة، لِأَنَّه كانَ يَثقُلُ علَيه فيَحلِقُه)، يَكونُ وَزنُ شَعَرِ رأسِه مِئَتي مِثْقالٍ بِمِثْقالِ المَلِك. ٢٧ووُلِدَ لِأَبشالومَ ثَلاثَةُ بَنينَ وٱبنَةٌ واحِدَةٌ ٱسمُها تامار، وكانَتِ ٱمرَأَةً جَميلَةَ المَنظَر.

أَبشالوم ينال المغفرة

٢٨وأَقامَ أَبْشالومُ في أُورَشَليمَ سَنَتَين، ولم يَرَ وَجهَ المَلِك. ٢٩فٱستَدْعى أَبشالومُ يوآبَ لِيُرسِلَه إِلى المَلِك، فلَم يَشَأْ أَن يَأتِيَ إِلَيه. فٱستَدْعاه أَيضًا ثانِيَةً، فلَم يَشَأْ أن يأتي. ٣٠فقالَ أَبْشالومُ لِخُدَّامِه: «أُنظُروا! إِنَّ حَقلَ يوآبَ بِجانِبِ حَقْلي، وإِنَّ لَه هُناكَ شَعيرًا. فٱذهَبوا وأَحرِقوه بِالنَّار». فأَحرَقَ خُدَّامُ أَبْشالومُ الحَقلَ بِالنَّار. ٣١فقامَ يوآبُ ومَضى إِلى أَبْشالومَ إِلى البَيتِ وقالَ لَه: «لِماذا أَحرَقَ خُدَّامُكَ حَقْلي بِالنَّار؟» ٣٢فقالَ أَبْشالومُ لِيوآب: «إِنِّي قدِ ٱستَدعَيتُكَ قائِلًا: تَعالَ إِلى هُنا فأُرسِلَكَ إِلى المَلِك، لِكَي تَقولَ لَه: لِماذا جِئتُ مِن جَشور. لقَد كانَ خَيرًا لي لو بَقيتُ هُناكَ. والآن، لِأَرَ وَجهَ المَلِك. فإِن كانَ علَيَّ إِثْمٌ فلْيَقتُلْني». ٣٣فذَهَبَ يوآبُ إِلى المَلِكِ وأَخبَرَه، فدَعا أَبْشالوم، فدَخَلَ على المَلِك وسَجَدَ بِوَجهِهِ إِلى الأَرضِ بَينَ يَدَيِ المَلِك. فقَبَّلَ المَلِكُ أَبْشالوم.

صموئيل الثاني ١٥

دسائس أَبشالوم

١وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنَّ أَبْشالومَ ٱتَّخَذَ لَه مَركَبَةً وخَيلًا وخَمْسينَ رَجُلًا يركُضونَ أَمامَه. ٢وكانَ أَبْشالومُ يُبَكِّرُ فيُقيمُ بِجانِبِ طَريقِ الباب. فكُلُّ مَن كانَت لَه دَعْوى يُريدُ أَن يَحتَكِمَ إِلى المَلِك، يَدْعوه أَبْشالومُ إِلَيه ويَقول: «مِن أَيِّ مَدينةٍ أَنتَ؟» فيَقول: «عَبدُكَ مِن أَحَدِ أَسْباطِ إِسْرائيل». ٣فيَقولُ لَه أَبْشالوم: «أُنظُرْ! إِنَّ قَضِيَّتَكَ صالِحَةٌ عادِلَة، ولٰكِن لَيسَ لَكَ عِندَ المَلِكِ مَن يَسمَعُ لَكَ». وكانَ أَبْشالومُ يقول: ٤«مَنِ الَّذي يَجعَلُني قاضِيًا في الأَرض، فيَأتيني كُلُّ ذي دَعْوى وقَضِيَّة، فأُنصِفُه». ٥فإِذا دَنا أَحَدٌ لِيَسجُدَ لَه، كانَ يَمُدُّ يَدَه ويُمسِكُه ويُقَبِّلُه. ٦وكانَ أَبْشالومُ يَفعَلُ مِثلَ ذٰلك مع كُلِّ إِسْرائيلَ الَّذي كانَ يأتي لِيَحتَكِمَ إِلى المَلِك. فكانَ أَبْشالُومُ يَستَرِقُ قُلوبَ رِجالِ إِسْرائيل.

عصيان أبشالوم

٧وكانَ بَعدَ أَربعِ سَنَواتٍ أَنَّ أَبْشالومَ قالَ لِلمَلِك: «دَعْني أَمْضي فأَفي نَذْريَ الَّذي نَذَرتُه لِلرَّبِّ في حَبْرون، ٨ذٰلك بِأَنَّ عَبدَكَ نَذَرَ نَذْرًا حينَ كُنتُ مُقيمًا بِجَشورَ في أَرام، وقُلتُ: إِن رَدَّني الرَّبُّ إِلى أُورَشَليم، أَعبُدُ الرَّبّ». ٩فقالَ لَه المَلِك: «إِذهَبْ بِسَلام». فقامَ وذَهَبَ إِلى حَبْرون.

١٠وأَرسَلَ أَبْشالومُ جَواسيسَ إِلى جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ وقال: «إِذا سَمِعتُم صَوتَ البوق، فقولوا: قد مَلَكَ أَبْشالومُ في حَبْرون». ١١وسارَ مع أَبْشالومَ مِئَتا رَجُلٍ مِن أُورَشَليمَ قد دُعوا. فذَهَبوا على سَلامَةِ نِيَّةٍ وهم لا يَعلَمونَ شَيئًا. ١٢فبَعَثَ أَبْشالومُ إِلى أَحيتوفَلَ الجيلونِيِّ، مُستَشارِ داوُد، فدَعاه مِن مَدينَتِه جيلو، بَينَما كانَ هو يَذبَحُ الذَّبائِح. وٱشتَدَّتِ المُؤامَرَة، وكانَ الشَّعبُ لا يَزالُ يَتَزايَدُ عِندَ أَبْشالوم.

هَرَب داود

١٣فجاءَ إِلى داوُدَ مُخبِرٌ وقال: «إِنَّ قُلوبَ رِجالِ إِسْرائيلَ صارَت وَراءَ أَبْشالوم». ١٤فقالَ داوُدُ لِجَميعِ حاشِيَتِه الَّذينَ معَه في أُورَشَليم: «قوموا بِنا نَهرُب، لِأَنَّه لا يَكونُ لَنا مَفَرٌّ مِن وَجهِ أَبْشالوم. بادِروا بِالذَّهاب، لِئَلَّا يُسرِعَ ويُدرِكَنا ويُنزِلَ بِنا الشَّرَّ ويَضرِبَ المَدينَةَ بِحَدِّ السَّيف». ١٥فقالَ لِلمَلِكِ حاشِيَتُه: «كُلُّ ما يَخْتارُه سَيِّدُنا المَلِك، فَنحنُ عَبيدُك». ١٦فخَرَجَ المَلِكُ وكُلُّ بَيتِه مُشاةً، وتَرَكَ المَلِكُ عَشرًا مِنَ السَّرارِيِّ لِحِفْظِ البَيت. ١٧وهٰكذا فقد خَرَجَ المَلِكُ وكُلُّ الشَّعبِ معَه مُشاةً ووَقَفوا عِندَ آخِرِ بَيت. ١٨وكانَ جَميعُ رِجالِه يَمُرُّونَ بِقُربِه، مع جَميعِ الكَريتِيِّينَ والفَليتِيِّين. وكانَ جَميعُ الجَتِّيِّين، وهم سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ كانوا قد جاؤوا مِن جَتّ، يَعبُرونَ أَمامَ المَلِك. ١٩فقالَ المَلِكُ لِأَتَّايَ الجَتِّيّ: «لِماذا أَنتَ أَيضًا آتٍ معَنا؟ إِرجَعْ وأَقِمْ مع المَلِك، لِأَنَّكَ غَريبٌ نازِحٌ عن وَطَنِكَ. ٢٠أَمْسًا أَتَيتَنا، واليَومَ أَجعَلُكَ تَتيهُ لِتَذهَبَ معَنا، بَينَما أَنا هائِمٌ على وَجْهي! فٱرجِعْ ورُدَّ إِخوَتَكَ معَكَ، والرَّبُّ يَصنَعُ إِلَيكَ رَحمَةً ووَفاءً». ٢١فأَجابَ إِتَّايُ وقالَ لِلمَلِك: «حَيٌّ الرَّبّ! وحَيٌّ سَيِّدي المَلِك! فحَيثُما كانَ سَيِّدي المَلِك، سَواءٌ كانَ لِلمَوتِ أَو لِلحَياة، فهُناكَ يَكونُ عَبدُكَ». ٢٢فقالَ داوُدُ لإِتَّاي: «إِذهَبْ وٱعبُرْ». فعَبَرَ إِتَّايُ الجَتِّيُّ وجَميعُ رِجالِه وكُلُّ العِيالِ الَّذينَ كانوا معَه. ٢٣وكانَ أَهْلُ البَلَدِ كُلُّهم يَبْكونَ بِصَوتٍ عَظيم، وكانَ الشَّعبُ كُلُّهم يَعبُرونَ وادِيَ قِدْرون، ثُمَّ عَبَرَ المَلِكُ. وجازَ الشَّعبُ كُلُّه وأَخَذَ في طَريقِ البَرِّيَّة.

مصير تابوت العهد

٢٤وإِذا بِصادوقَ وجَميعِ اللَّاوِيِّينَ معَه يَحمِلونَ تابوتَ عَهدِ الله. فوَضَعوا تابوتَ عَهدِ الله، وأَصعَدَ أَبِياتارُ مُحرَقَةً، حتَّى ٱنتهى كُلُّ الشَّعبِ مِن مَغادَرَةِ المَدينَة. ٢٥فقالَ المَلِكُ لِصادوق: «رُدَّ تابوتَ اللهِ إِلى المَدينة، فإِن أَنا نِلتُ حُظوَةً في عَينَيِ الرَّبّ، فإِنَّه يَرُدُّني ويُريني إِيَّاه مع مَسكِنِه: ٢٦وإِن قال: إِنِّي لا أَرْضى عنكَ، فهاءَنَذا، ولْيَصْنَعْ بي ما يَحسُنُ في عَينَيه». ٢٧ثُمَّ أَضافَ المَلِكُ وقالَ لِصادوقَ الكاهن: «تَرى المَوقِف، فٱرجِعْ إِلى المَدينَةِ بِسَلام، أَنتَ وأَحيماعَصُ ٱبنُكَ ويوناتانُ بنُ أَبِياتار، اِبْناكُما معَكما. ٢٨أُنظُروا! إِنِّي مُتَأَخِّرٌ في مَعابِرِ البَرِّيَّة، حتَّى يَرِدَ علَيَّ نَبَأٌ مِنكم». ٢٩فرَجَعَ صادوقُ وأَبِياتارُ بِتابوتِ اللهِ إِلى أُورَشَليم، وأَقاما هُناك.

داود يحصل على مؤازرة حوشاي

٣٠وصَعِدَ داوُدُ مُرْتَقى الزَّيتون، وكانَ يَصعَدُ باكِيًا ورَأسُه مُغَطًّى، وهو يَمْشي حافِيًا، وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه غَطَّى كُلُّ واحِدٍ رأسَه وصَعِدوا وهم يَبْكون. ٣١وأُخبِرَ داوُدُ فقيلَ لَه: «إِنَّ أَحيتوفَلَ مِنَ المُتآمِرينَ مع أَبْشالوم». فقالَ داوُد: «إِجعَلْ، يا رَبُّ، مَشورَةَ أَحيتوفَلَ حَمْقى».

٣٢ولَمَّا ٱنتَهى داوُدُ إِلى قِمَّةِ الجَبَل، حَيثُ يُسجَدُ لله، إِذا بِحوشايَ الأَركِيِّ قد لَقِيَه وثِيابُه مُمَزَّقَةٌ وعلى رأسِه تُراب. ٣٣فقالَ لَه داوُد: «إِن أَنتَ ذَهَبتَ معي، كُنتَ علَيَّ ثِقَلًا. ٣٤ولٰكِن، إِذا رَجَعتَ إِلى المَدينةِ وقُلتَ لِأَبشالوم: أَنا عَبدُكَ أَيُّها المَلِك، وكما كُنتُ عَبدَ أَبيكَ مِن قَبلُ، فالآنَ أَنا عَبدُكَ، فإِنَّكَ تُبطِلُ لِصالِحي مَشورَةَ أَحيتوفَل. ٣٥أَوَلَيسَ مَعَكَ هُناكَ صادوقُ وأَبِياتارُ الكاهِنان؟ فكُلُّ كَلِمَةٍ تَسمَعُها مِن بَيتِ المَلِك، فأَخبِرْ بِها صادوقَ وأَبِياتارَ الكاهِنَين، ٣٦ومَعَهما هُناكَ ٱبناهما أَحيماعَصُ بنُ صادوقَ ويوناتانُ بنُ أَبِياتار، فتُرسِلونَ إِلَيَّ على أَلسِنَتِهما كُلَّ كَلِمَةٍ تَسمَعونَها». ٣٧فوَصَلَ حوشايُ، صَديقُ داوُد، إِلى المَدينة، وأَبْشالومُ داخِلٌ إِلى أُورَشَليم.

صموئيل الثاني ١٦

داود وصيبا

١فلَمَّا عَبَرَ داوُدُ عِنِ القِمَّةِ قَليلًا، إِذا بِصيبا، خادِمِ مَفيبَعْلَ، قد لَقِيَه ومعَه حِمارانِ مُحَمَّلانِ علَيهما مِئَتا رَغيفٍ ومِئَةُ عُنْقودِ زَبيبٍ وإِيفةُ ثِمارٍ صَيفِيَّةٍ وزِقُّ خَمْر. ٢فقالَ المَلِكُ لِصيبا: «ما أَنتَ وهٰذه؟» فقالَ صيبا: «الحِمارانِ لِبَيتِ المَلِكِ لِلرُّكوب، والخُبزُ والثِّمارُ الصَيفِيَّةُ لِطَعامِ الفِتْيان، والخَمرُ لِيَشرَبَ مَن أَعْيا في البَرِّيَّة». ٣فقالَ المَلِك: «أَينَ ٱبنُ سَيِّدِكَ؟» فقالَ صيبا لِلمَلِك: «هو مُقيمٌ في أُورَشَليم، لأَنَّه قالَ في نَفْسِه: اليَومَ يَرُدُّ لي بَيتُ إِسْرائيلَ مُلكَ أَبي». ٤فقالَ المَلِكُ لِصيبا: «كُلُّ ما لِمَفيبَعْلَ فهُو لَكَ». فقالَ صيبا: «سَجَدتُ، فلْأَنَلْ حُظوَةً في عَينَيكَ، يا سَيِّدي المَلِك».

شِمْعي يلعن داود

٥ولَمَّا وَصَلَ المَلِكُ داوُدُ إِلى بَحوريم، إِذا بِرَجُلٍ قد خَرَجَ مِن هُناكَ، وكانَ مِن عَشيرةِ بَيتِ شاوُل، اِسمُه شِمْعي بنُ جيرا، وهو يَلعَنُ في أَثْناءِ خُروجِه. ٦فرَجَمَ داوُدَ وجَميعَ حاشِيَةِ المَلِكِ داوُدَ بِالحِجارة. وكانَ كُلُّ الشَّعبِ وجَميعُ الأَبْطالِ إِلى يَمينِه وإِلى يَسارِه. ٧وكانَ شِمْعي يَقولُ في لَعنِه: «أُخرُجِ ٱخرُجْ، يا رَجُلَ الدِّماءِ ويا رَجُلًا لا خَيرَ فيه. ٨قد رَدَّ الرَّبُّ علَيكَ كُلَّ دِماءِ بَيتِ شاوُلَ الَّذي مَلَكتَ في مَكانِه، وقد أَسلَمَ الرَّبُّ مُلكَكَ إِلى يَدِ أَبْشالومَ ٱبنِكَ، وها أَنتَ في شَرِّكَ، لِأَنَّكَ رَجُلُ دِماء». ٩فقالَ أَبيشايُ ٱبنُ صَرويَةَ لِلمَلِك: «لِماذا يَلعَنُ هٰذا الكَلبُ المَيتُ سَيِّديَ المَلِك؟ دَعْني أَعبُرُ إِلَيه فأَقطَعَ رأسَه». ١٠لٰكِنَّ المَلِكَ قال: «ما لي ولَكم، يا بَني صَرويَة؟ إِن لَعَنَ لِأَنَّ الرَّبَّ قالَ لَه: إِلْعَنْ داوُد، فمَن يَقولُ: لِماذا تَفعَلُ هٰكذا؟» ١١وقالَ داوُدُ لِأَبيشايَ ولِجَميعِ حاشِيَتِه: «هُوَذا ٱبْني الَّذي خَرَجَ مِن صُلْبي يَطلُبُ نَفْسي! فكَم بِالأَحْرى هٰذا البَنْيامينيّ! دَعوه يَلعَن، لِأَنَّ الرَّبَّ قالَ لَه ذٰلك. ١٢لَعَلَّ الرَّبَّ يَنظُرُ إِلى مَذَلَّتي ويَجْزيني الرَّبُّ خَيرًا عن لَعْنِ هٰذا لي اليَوم». ١٣وكانَ داوُدُ ورِجالُه يَسيرونَ في الطَّريق، وشِمْعي يَسيرُ في مُنحَدَرِ الجَبَلِ مُقابِلَه، وهو في أَثْناءِ سَيرِه يَلعَنُ ويَرجُمُ بالحِجارَةِ مُقابِلَه ويَذُرُّ التُّراب. ١٤ووَصَلَ المَلِكُ وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه وقد أَعيَوا، فٱستَراحوا هُناكَ.

حوشاي يلحق بأبشالوم

١٥وأَمَّا أَبْشالومُ وكُلُّ الشَّعب، رِجالُ إِسْرائيل، فوَصَلوا إِلى أُورَشَليم، وكانَ أَحيتوفَلُ معه. ١٦فلَمَّا دَخَلَ حوشايُ الأَرْكِيُّ، صَديقُ داوُدَ، على أَبْشالوم، قالَ حوشايُ لِأَبْشالوم: «لِيَحْيَ المَلِك! لِيَحْيَ المَلِك!». ١٧فقالَ أَبْشالومُ لِحوشاي: «أَهٰذا عَطفُكَ على صَديقِكَ؟ ما بالُكَ لم تُرافِقْ صَديقَكَ؟» ١٨فقالَ حوشايُ لِأَبْشالوم: «كَلَّا! ولٰكِنَّ الَّذي ٱخْتارَه الرَّبُّ وهٰذا الشَّعبُ وجَميعُ رِجالِ إِسْرائيل، لَه أكونُ ومعَه أُقيم. ١٩وبَعدُ، فمَنِ الَّذي أَخدِمُه؟ أَلَيسَ هو ٱبنَه؟ فكَما خَدَمتُ أَمامَ أَبيكَ، أَكونُ أَمامَكَ».

أَبشالوم وسراريّ داود

٢٠وقالَ أَبْشالومُ لِأَحيتوفَل: «تَشاوَروا. ماذا نَصنَع؟» ٢١فقالَ أَحيتوفَلُ لِأَبْشالوم: «أُدخُلْ على سَرارِيِّ أَبيكَ اللَّواتي تَرَكَهُنَّ لِحِفظِ البَيت، فيَسمَعَ إِسْرائيلُ كُلُّه أَنَّكَ قد صِرتَ مَمْقوتًا عِندَ أَبيكَ، فتَشتَدُّ أَيدي جَميعِ الَّذينَ معَكَ». ٢٢فنُصِبَت لِأَبْشالومَ خَيمَةٌ على السَّطْح، ودَخَلَ أَبْشالومُ على سَرارِيِّ أَبيه، على مَشهَدِ إِسْرائيلَ كُلِّه. ٢٣وكانَتِ المَشورَةُ الَّتي كانَ يُشيرُ بها أَحيتوفَلُ في تِلكَ الأَيَّامِ كَمَشوَرَةِ مَن يَسأَلُ الله. كذا كانَت كُلُّ مَشورَةِ أَحيتوفَل، على داوُدَ كانَت أَو على أَبْشالوم.

صموئيل الثاني ١٧

حوشاي يُبطِل تدابير أَحيتوفل

١وقالَ أَحيتوفَلُ لِأَبْشالوم: «دَعْني أَخْتارُ ٱثنَي عَشَرَ أَلفَ رَجُل، فأَقومَ وأَسْعى وَراءَ داوُدَ هٰذه اللَّيلَة، ٢وأَهجُمَ علَيه، وهو تَعِبٌ ومُستَرْخي اليَدَين، وأُفزِعَه، فيَهرُبُ كُلُّ الشَّعبِ الَّذي مَعَه، وأَضرِبُ المَلِكَ على ٱنفِراد، ٣وأَرُدُّ كُلَّ الشَّعبِ إِلَيكَ، كما رُدَّ الجَميعُ إِلى مَن تَطلُبُه، ويَكونُ الشَّعبُ كُلُّه في سَلام». ٤فحَسُنَ الأَمرُ في عَينَي أَبْشالومَ وفي عُيونِ جَميعِ شُيوخِ إِسْرائيل.

٥وقالَ أَبْشالوم: «أُدعُ لي أَيضًا حوشايَ الأَرْكِيَّ، فنَسمَعَ ما على لِسانِه هو أَيضًا». ٦فوَصَلَ حُوشايُ إِلى أَبْشالوم، فكَلَّمَه أَبْشالومُ قائلًا: «إِنَّ أَحيتوفَلَ قالَ لَنا كَذا وكَذا. أَفنَعمَلُ بِحَسَبِ كَلامِه؟ وإِلَّا فتَكَلَّمْ أَنتَ». ٧فقالَ حوشايُ لِأَبْشالوم: «لَيسَ حَسَنًا ما أَشارَ بِه أَحيتوفَلُ هٰذه المَرَّة». ٨وأَضافَ حوشاي: «أَنتَ تَعرِفُ أَباكَ ورِجالَه: إِنَّهم أَبْطال، ونُفوسُهم مَريرةٌ كالدُّبَّةِ الثَّاكِلِ في الحَقْل. وأَبوكَ رَجُلُ حَرْبٍ لا يَبيتُ مع الجُنود، ٩ولقَد يَكونُ الآنَ مُختَبِئًا في إِحْدى الحُفَرِ أَو في بَعضِ الأَماكِن. فيَكونُ، إِذا سَقَطَ بَعضُ هٰؤلاءِ في أَوَّلِ الأَمْر، أَنَّ السَّامِعَ يَسمَعُ فيَقول: قد وَقَعَ ٱنكِسارٌ في الشَّعبِ الَّذي وَراءَ أَبْشالوم، ١٠وحينَئِذٍ فحَتَّى ذو البَأسِ الَّذي قَلبُه كقَلْبِ الأَسَدِ يَذوبُ ذَوَبانًا، لِأَنَّ كُلَّ إِسْرائيلَ يَعرِفُ أَنَّ أَباكَ بَطَلٌ وأَنَّ الَّذينَ معَه ذَوو بَأس. ١١لِذٰلك أُشيرُ علَيكَ بِأَن يَجتَمِعَ إِلَيكَ كُلُّ إِسْرائيل، مِن دانَ إِلى بِئرَ سَبْع، وهُم كالرَّملِ الَّذي على البَحرِ كَثرَةً، وأَنتَ بِنَفسِكَ تَسيرُ في وَسطِهم. ١٢فنَهجُمُ علَيه في أَيِّ مَكانٍ يَكون، ونَسقُطُ علَيه كما يَسقُطُ النَّدى على الأَرض، فلا يَبْقى مِنهم أَحَدٌ، مِنه ومِن جَميعِ الرِّجالِ الَّذينَ معَه. ١٣وإِنِ ٱنصَرَفَ إِلى مَدينةٍ، يَحمِلُ كُلُّ إِسْرائيلَ إِلى تِلكَ المَدينَةِ حِبالًا ونَجُرُّها إِلى الوادي، حتَّى لا يَبْقى هُناكَ ولا حَصاة». ١٤فقالَ أَبْشالومُ وجَميعُ رِجالِ إِسْرائيل: «إِنَّ مَشورَةَ حوشايَ الأَرْكِيِّ خَيرٌ مِن مَشورَةِ أَحيتوفَل». وكانَ الرَّبُّ قد قَضى أَن يُبطِلَ مَشورَةَ أَحيتوفَلَ الصَّائِبَة، لِيُنزِلَ الشَّرَّ بِأَبْشالوم.

١٥ثُمَّ قالَ حوشايُ لِصادوقَ ولِأَبِياتارَ الكاهِنَين: «إِنَّ أَحيتوفَلَ أَشارَ على أَبْشالومَ وعلى شُيوخِ إِسْرائيلَ بِكَذا وكَذا، وأَشَرتُ أَنا بِكَذا وكَذا. ١٦فأَرسِلا الآنَ وأَعلِما داوُدَ سَريعًا وقولا لَه: لا تَبِتْ هٰذه اللَّيلَةَ في معابِرِ البَرِّيَّة، ولٰكِن بادِرْ بِالعُبور، لِئَلَّا يُبتَلَعَ المَلِكُ وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه».

داود يعبر الأردنّ

١٧وكانَ يوناتانُ وأَحيماعَصُ قائِمَينِ عِندَ عَينِ روجِل، فمَضَت إِلَيهما خادِمَةٌ وأَخبَرَتْهما، فٱنصَرَفا وأَخبَرا داوُدَ المَلِك، لِأَنَّهما لم يَقدِرا أَن يَظْهَرا في دُخولِهما إِلى المَدينة. ١٨فرَآها فَتًى فأَخبَرَ أَبْشالوم، وأَمَّا هما فأَسرَعا في سَيرِهما ووَصَلا إِلى بَيتِ رَجُلٍ في بَحوريم، وكانَت لَه في دارِه بِئرٌ، فنَزَلا فيها. ١٩فأَخَذَتِ المَرأَةُ غِطاءً وبَسَطَته على فمِ البِئرِ ونَشَرَت علَيه بُرغُلًا، ولَم يُعلَمِ الأَمْر.

٢٠فوَصَلَ خُدَّامُ أَبْشالومَ إِلى المَرأَةِ في البَيتِ وقالوا: «أَينَ أَحيماعَصُ ويوناتان؟» فقالَت لَهُمُ المَرأَة: «قد عَبَرا بِركَةَ المِياه». ففَتَّشوا، فلَم يَجِدوهما، فرَجَعوا إِلى أُورَشَليم. ٢١وبَعدَ ٱنصِرافِهم، خَرَجا مِنَ البِئرِ ومَضَيا وأَخبَرا داوُدَ المَلِكَ فقالا لَه: «قوموا فٱعبُروا المِياهَ عاجِلًا، لِأَنَّ أَحيتوفَلَ أَشارَ في أَمرِكم بِكَذا وكَذا». ٢٢فقامَ داوُدُ وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه وعَبَروا الأُردُنَّ، وإِلى طُلوعِ الصَّباحِ لم يَبْقَ مِنهم واحِدٌ إِلَّا وعَبَرَ الأُردُنَّ.

٢٣أَمَّا أَحيتوفَل، فلَمَّا رأَى أَنَّ مَشورَتَه لم يُعمَلْ بِها، شَدَّ على الحِمارِ وقامَ وٱنصَرَفَ إِلى بَيتِه في مَدينَتِه، ونَظَّمَ أُمورَ بَيتِه وخَنَقَ نَفْسَه وماتَ ودُفِن في قَبرِ أَبيه.

أَبشالوم يعبر الأردنّ. داود في مَحْنائيم

٢٤ووَصَلَ داوُدُ إِلى مَحْنائيم، بَينَما عَبَرَ أَبْشالومُ الأُردُنَّ، هو وجَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ معَه. ٢٥وكانَ أَبْشالومُ قد أَقامَ عَماسا بَدَلَ يوآبَ على رأسِ الجَيش. وكانَ عَماسا ٱبنَ رَجُلٍ يُقالُ لَه يِتْرا الإِسْرائيليّ، وهو الَّذي دَخَلَ على أَبيجائيل، بِنتِ ناحاش، أُختِ صَرويَة، أُمِّ يوآب. ٢٦وعَسكَرَ إِسْرائيلُ وأَبْشالومُ في أَرضِ جِلْعاد.

٢٧وكانَ، عِندَ وُصولِ داوُدَ إِلى مَحْنائيم، أَن أَتَى إِلَيه شوبي بنُ ناحاش، مِن رَبَّةِ بَني عَمُّون، وماكيرُ بنُ عَمِّيئيل، مِن لودَبار، وبَرزِلَّايُ الجِلْعادِيُّ، مِن روجَليم، ٢٨فأَتَوا بِفُرُشٍ وطُسوتٍ وأَوعِيَةِ خَزَفٍ وحِنطَةٍ وشَعيرٍ ودَقيقٍ وفَريكٍ وفولٍ وعَدَسٍ ٢٩وعَسلٍ وسَمْنٍ وجُبنِ ضَأنٍ وبَقَر، لِداوُدَ ولِلشَّعبِ الَّذي معَه لِيَأكُلوا، لِأَنَّهم قالوا: «إِنَّ الشَّعبَ جائع، وقد تَعِبَ وعَطِشَ في البَرِّيَّة».

صموئيل الثاني ١٨

هزيمة حزب أَبشالوم

١وٱستَعرَضَ داوُدُ الشَّعبَ الَّذي معَه، وأَقامَ علَيه رُؤَساءَ أُلوفٍ ورُؤَساءَ مِئات. ٢وقَسَمَ داوُدُ الشَّعبَ إِلى ثَلاثَة: ثُلثٌ تَحتَ يَدِ يوآب، وثُلثٌ تَحتَ يَدِ أَبيشايَ ٱبنِ صَوريَة، أَخي يوآب، وثُلثٌ تَحتَ يَدِ إِتَّايَ الجَتِّيّ. وقالَ المَلِكُ لِلشَّعْب: «أَنا أَيضًا أَخرُجُ معَكم». ٣لٰكِنَّ الشَّعبَ قال: «لا تَخرُجْ أَنتَ، لِأَنَّنا إِذا هَرَبنا نَحنُ، لا يُبالونَ بِنا، وإِذا ماتَ نِصْفُنا، لا يُبالونَ بِنا. أَمَّا أَنتَ فكَعَشَرَةِ آلافٍ مِنَّا. فالأَفضَلُ أَن تَكونَ لَنا نَجدَةً مِنَ المَدينة». ٤فقالَ لَهمُ المَلِك: «ما يَحسُنُ في عُيونِكم أَصنَعُه». فوَقَفَ المَلِكُ بجانِبِ الباب، وخَرَجَ الشَّعبُ كُلُّه مِئَةً مِئَةً وأَلْفًا أَلْفًا. ٥وأَمَرَ المَلِكُ يوآبَ وأَبيشايَ وإِتَّايَ فقالَ لَهم: «تَرَفَّقوا لي بِالفَتى أَبْشالوم». وسَمِعَ الشَّعبُ كُلُّه ما أَوصى بِه المَلِكُ جَميعَ القُوَّادِ في أَمرِ أَبْشالوم. ٦وخَرَجَ الشَّعبُ إِلى البَرِّيَّةِ لِلِقاءِ إِسْرائيل. وكانَ القِتالُ في غابَةِ أَفْرائيم. ٧فٱنكَسَرَ هُناكَ جَيشُ إِسْرائيلَ أَمامَ رِجالِ داوُد، وكانَت هُناكَ هَزيمةٌ عَظيمةٌ في ذٰلك اليَوم، وقُتِلَ عِشرونَ أَلْفًا. ٨وكانَ القِتالُ مُنتَشِرًا هُناكَ على وَجهِ تِلكَ الأَرضِ كُلِّها. وٱفتَرَسَتِ الغابَةُ مِنَ الشَّعبِ أَكثَرَ مِمَّا ٱفتَرَسَ السَّيفُ في ذٰلك اليَوم.

موت أَبشالوم

٩وصادَفَ أَبْشالومُ رِجالَ داوُد، وكانَ أَبْشالومُ راكِبًا على بَغْلٍ، فدَخَلَ البَغلُ تَحتَ أَغْصانِ بَلُّوطَةٍ عَظيمة، فعَلِقَ رأسُه بالبَلُّوطَة، فبَقِيَ مُعَلَّقًا بَينَ السَّماءِ والأَرْض، ومَرَّ البَغلُ مِن تَحتِه. ١٠فرَآه رَجُلٌ فأَخبَرَ يوآبَ وقالَ لَه: «إِنِّي رأَيتُ أَبْشالومَ مُعَلَّقًا بِالبَلُّوطة». ١١فقالَ يوآبُ لِلَّذي أَخبَرَه: «بما أَنَّكَ رَأَيتَه، فلِماذا لم تَضْرِبْه هُناكَ على الفَور؟ فكانَ علَيَّ أَن أُعطِيَكَ عَشَرَةً مِنَ الفِضَّةِ وزُنَّارًا». ١٢فقالَ الرَّجُلُ لِيوآب: «ولَو وَزَنتُ في راحَتَيَّ أَلفًا مِنَ الفِضَّة، لَما بَسَطتُ يَدي إِلى ٱبنِ المَلِك، لِأَنَّ المَلِكَ أَوصاكَ على مَسامِعِنا، أَنتَ وأَبيشايَ وإِتَّايَ، وقال: راقِبوا مَن كانَ ضِدَّ الفَتى أَبْشالوم. ١٣ولَو كَذَبتُ على نَفْسي، لَما خَفِيَ على المَلِكِ شَيء، ولَكُنتَ أَنتَ قُمتَ بَعيدًا عنِّي». ١٤فقالَ يوآب: «إِنِّي لا أَتمَهَّلُ هٰكذا أَمامَكَ». وأَخَذَ بِيَدِه ثَلاثَةَ أَوتادٍ فغَرَسَها في قَلبِ أَبْشالوم، وكانَ لا يَزالُ حَيًّا في وَسَطِ البَلُّوطة. ١٥فأَحاطَ بِه عَشَرَةُ فِتْيانٍ حامِلو سِلاحِ يوآب، وضَرَبوا أَبْشالومَ وقَتَلوه.

١٦ونَفَخَ يوآبُ في البوق، فكَفَّ الجُندُ عن تَعَقُّبِ إِسْرائيل، لِأَنَّ يوآبُ رَدَّ الجُنْد. ١٧وأَخَذوا أَبْشالومَ وطَرَحوه في الغابَةِ في حُفْرَةٍ كَبيرة، وجَمَعوا فَوقَه كَومَةً مِنَ الحِجارَةِ كَبيرةً جِدًّا. وكانَ كُلُّ إِسْرائيلَ قد هَرَبَ كُلُّ ٱمرِئٍ إِلى خَيمَتِه.

١٨وكانَ أَبْشالومُ في حَياتِه قد أَخَذَ يُقيمُ لِنَفْسِه النُّصُبَ الَّذي في وادي المَلِك، لِأَنَّه قالَ في نَفْسِه: «لَيسَ لِيَ ٱبنٌ يَذكُرُ ٱسْمي». ودَعا النُّصُبَ بِٱسمِه، وهو يُدْعى «نُصُبَ أَبْشالومَ» إِلى هٰذا اليَوم.

نَقْل خبر وفاة أبشالوم إلى داود

١٩وإِنَّ أَحيماعَصَ بنَ صادوقَ قال: «دَعْني أَركُضُ وأُبَشِّرُ المَلِكَ بِأَنَّ اللهَ قد أَنصَفَه فخلَّصَه مِن أَعْدائِه». ٢٠فقالَ لَه يوآب: «لَستَ بِصاحِبِ بُشْرى في هٰذا اليَوم، وإِنَّما تُبَشِّرُ في يَومٍ آخَر. أَمَّا اليَومَ فلا تُبَشِّر، لِأَنَّ ٱبنَ المَلِكِ قد مات». ٢١وقالَ يوآبُ لِأَحَدِ الكوشِيِّين: «إِمْضِ فأَخبِرِ المَلِكَ بِما رَأَيتَ». فسَجَدَ الكوشِيُّ ورَكَض. ٢٢وعادَ أَحيماعَصُ بنُ صادوقَ وقالَ لِيوآب: «مَهْما يَكُنْ فدَعْني أَركُضُ أَنا أَيضًا وَراءَ الكوشِيّ». فقالَ يوآب: «لِماذا تَركُضُ يا بُنَيَّ، ولَيسَ لَكَ بُشْرى تُكافَأ». ٢٣فقال: مَهْما يَكُنْ، فإِنِّي أَركُض». فقالَ لَه: «أُركُضْ». فرَكَضَ أَحيماعَصُ في طَريقِ السَّهْلِ وسَبَقَ الكوشِيّ.

٢٤وكانَ داوُدُ جالِسًا بَينَ البابَين، فصَعِدَ الرَّقيبُ على سَطحِ البابِ على السُّور، ورَفَعَ عَينَيه ونَظَر، فإِذا بِرَجُلٍ يَركُضُ وَحدَه. ٢٥فنادى الرَّقيبُ وأَخبَرَ المَلِك، فقالَ المَلِك: «إِن كانَ وَحدَه فعَلى لِسانِه بُشْرى». وكانَ يَقتَرِبُ شَيئًا فشَيئًا، ٢٦حينَ رأَى الرَّقيبُ رَجُلًا آخَرَ يَركُض. فنادى الرَّقيبُ البَوَّابَ وقال: «هُوَذا رَجُلٌ يَركُضُ وَحدَه». فقالَ المَلِك: «وهٰذا أَيضًا مُبَشِّر». ٢٧فقالَ الرَّقيب: «أَرى رَكْضَ الأَوَّلِ كرَكْضِ أَحيماعَصَ بنِ صادوق». فقالَ المَلِك: «هٰذا رَجُلٌ صالِحٌ يَأتي بِبِشارةٍ صالِحة».

٢٨فنادى أَحيماعَصُ وقالَ لِلمَلِك: «السَّلام»، وسَجَدَ لِلمَلِكِ بِوَجهِه إِلى الأَرضِ وقال: «تَبارَكَ الرَّبُّ إِلٰهُكَ الَّذي أَسلَمَ القَومَ الَّذينَ رَفَعوا أَيدِيَهم على سَيِّدي المَلِك». ٢٩فقالَ المَلِك: «هل سَلِمَ الفَتى أَبْشالوم؟» فقالَ أَحيماعَص: «قد شاهَدتُ ضَجيجًا شَديدًا، حينَ أَرسَلَ يوآبُ خادِمَ المَلِكِ وعَبدَكَ، ولم أَعلَمْ ما كان». ٣٠فقالَ المَلِك: «قِفْ على حِدَةٍ وٱنتَظِرْ هٰهُنا»، فوَقَفَ على حِدَةٍ وٱنتَظَر. ٣١وإِذا بِالكوشِيِّ قد وَصَل فقال: «بُشْرى لِسَيِّديَ المَلِك. إِنَّ الرَّبَّ قد أَنصَفَكَ وخَلَّصَكَ اليَومَ مِن جَميعِ الثَّائِرينَ علَيكَ». ٣٢فقالَ المَلِكُ لِلْكوشِيّ: «هل سَلِمَ الفَتى أَبْشالوم؟» فقالَ الكوشِيّ: «يَكونُ كالفَتى أَعْداءُ سَيِّدِيَ المَلِكِ وجَميعُ الَّذينَ ثاروا علَيكَ بالشَّرّ».

صموئيل الثاني ١٩

تألّم داود

١فٱضطَرَبَ المَلِكُ وصَعِدَ إِلى عِلِّيَّةِ البابِ وهُوَ يَبْكي. وكانَ يَقولُ وهو يَتَمشَّى: «با بُنَيَّ أَبْشالوم، يا بُنَيَّ يا بُنَيَّ أَبْشالوم، يا لَيتَني مُتُّ عِوَضًا مِنكَ، يا أَبْشالومُ ٱبْني يا بُنَيَّ!».

٢وقيلَ لِيوآب: «هُوَذا المَلِكُ يَبْكي ويَنتَحِبُ على أَبْشالوم». ٣فٱنقَلَبَ النَّصرُ في ذٰلِكَ اليَومِ إِلى مَناحَةٍ عِندَ كُلِّ الشَّعْب، لِأَنَّ الشَّعبَ سَمِعَ في ذٰلِكَ اليَومِ مَن يَقولُ إِنَّ المَلِكَ مُكتَئِبٌ على ٱبنِه. ٤وتَسَلَّلَ الشَّعبُ في ذٰلك اليَومِ في دُخولِه إِلى المَدينة، كما يَتَسَلَّلُ الشَّعبُ الخَجِلُ إِذا هَرَبَ في القِتال. ٥وأَمَّا المَلِك، فكان قد سَتَرَ وَجهَه وصَرَخَ بِصَوتٍ عَظيم: «يا بُنَيَّ أَبْشالوم، يا أَبْشالومُ ٱبْني يا بُنَيَّ!».

٦فدَخَلَ يوآبُ على المَلِكِ في البَيتِ وقالَ لَه: «قد أَخزَيتَ اليَومَ وُجوهَ جَميعِ رِجالِكَ الَّذينَ نَجَّوا نَفْسَكَ اليَومَ وأَنفُسَ بَنيكَ وبَناتِكَ وأَنفُسَ أَزْواجِكَ وأَنفُسَ سَرارِيِّكَ، ٧بِحُبِّكَ لِمُبغِضيكَ وبُغضِكَ لِمُحِبِّيكَ، لِأَنَّكَ قد أَظهَرتَ اليَومَ أَن لا قيمةَ عِندَكَ لِلقُوَّادِ والرِّجال، فقَد عَلِمتُ اليَومَ أَنَّه لو كانَ أَبْشالومُ حَيًّا وكُنَّا كُلُّنا قد هَلَكْنا، لَحَسُنَ الأَمرُ حينَئِذٍ في عَينَيكَ. ٨فقُمِ الآنَ وٱخرُجْ وطَيِّبْ قُلوبَ رِجالِكَ، لِأَنِّي قد أَقسَمتُ بِالرَّبّ: إِن لم تَخرُجْ، لا يَبِتْ عِندَكَ اللَّيلَةَ أَحَد، فيَكونَ ذٰلك شَرًّا علَيكَ أَعظَمَ مِن كُلِّ شَرٍّ نَزَلَ بِكَ مُنذُ صِباكَ إِلى الآن». ٩فقامَ المَلِكُ وجَلَسَ بِالباب. فأُخبِرَ الشَّعبُ وقيلَ لَه: «هُوَذا المَلِكُ جالِسٌ بِالباب». فأَقبَلَ الشَّعبُ كُلُّه إِلى أَمامِ المَلِك.

إستعداد لعودة داود

وكانَ إِسْرائيلُ قد هَرَبَ كُلُّ إِنسانٍ إِلى خَيمَتِه. ١٠وكانَ كُلُّ الشَّعبِ في جِدالٍ في جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ قائِلًا: «إِنَّ المَلِكَ هو الَّذي أَنقَذَنا مِن يَدِ أَعْدائِنا، وهو الَّذي نَجَّانا مِن يَدِ الفَلِسطينِيِّين، والآنَ قد هَرَبَ مِن هٰذه الأَرضِ لِأَجلِ أَبْشالوم، ١١وأَبْشالومُ الَّذي مَسَحْناه علَينا مَلِكًا ماتَ في الحَرْب. والآنَ فلِماذا أَنتُم مُتَقاعِدونَ عن إِرْجاعِ المَلِك؟».

١٢وأَرسَلَ المَلِكُ داوُدُ إِلى صادوقَ وأَبِياتارَ الكاهِنَينِ قائلًا: «كَلِّما شُيوخَ يَهوذا وقولا: لِماذا تَكونونَ أَنتُم آخِرَ النَّاسِ في إِرْجاعِ المَلِكِ إِلى بَيتِه، مع أَنَّ كَلامَ كُلِّ إِسْرائيلَ قد بَلَغَ إِلى المَلِك. ١٣إِنَّما أَنتُم إِخوَتي، أَنتُم لَحْمي وعَظْمي، فلِماذا تَكونونَ آخِرَ النَّاسِ في إِرْجاعِ المَلِك؟ ١٤وتَقولانِ لِعَماسا: أَما أَنتَ لَحْمي وعَظْمي؟ كَذا يَصنَعُ اللهُ بي وكذا يَزيد، إِن لم تَصِرْ قائِدَ الجَيشِ أَمامي كُلَّ الأَيَّامِ بَدَلَ يوآب». ١٥فأَمالَ إِلَيه قُلوبَ جَميعِ رِجالِ يَهوذا كَرَجُلٍ واحِد، وأَرسَلوا إِلى المَلِكِ قائِلين: «إِرْجِعْ أَنتَ وجَميعُ رِجالِكَ».

حوادث العودة: شمعي

١٦فرَجَعَ المَلِكُ حتَّى بَلَغَ الأُردُنّ، فوَصَلَ يَهوذا إِلى الجِلْجالِ لِيَستَقْبِلَ المَلِكَ ويُعَبِّرَه الأُردُنّ. ١٧وبادَرَ شِمْعي بنُ جيرا البَنْيامينِيُّ الَّذي مِن بَحوريم، ونَزَلَ مع رِجالِ يَهوذا لِٱستِقْبالِ المَلِكِ داوُد، ١٨ومعَه أَلفُ رَجُلٍ مِن بَنْيامين، وصيبا خادِمُ بَيتِ شاوُل، وبَنوه الخَمسَةَ عَشَرَ، وخُدَّامُه العِشْرون، وٱندَفَعوا إِلى الأُردُنِّ أَمامَ المَلِك. ١٩وكانَ القارِبُ يَروحُ ويجيءُ لِتَعْبيرِ بَيتِ المَلِكِ وتَنْفيذِ ما يَحسُنُ في عَينَيه. فأَمَّا شِمْعي بنُ جيرا، فٱرتَمى ساجِدًا أَمامَ المَلِكِ عِندَ عُبورِه الأُردُنّ. ٢٠وقالَ لِلمَلِك: «لا يَحسُبْ لي سَيِّدي إثمًا، ولا تَذكُرْ ما أَثِمَ بِه عَبدُكَ، يَومَ خَرَجَ المَلِكُ سَيِّدي مِن أُورَشَليم، ولا يأخُذْ ذٰلك مِن نَفْسِ المَلِك. ٢١فقَد عَرَفَ عَبدُكَ أَنِّي خَطِئتُ، ولِذٰلك كُنتُ اليَومَ أَوَّلَ مَن جاءَ مِن كُلِّ بَيتِ يوسُف، ونَزَلتُ لِلِقاءِ سَيِّديَ المَلِك».

٢٢فأَجابَ أَبيشايُ ٱبنُ صَرويَةَ وقال: «أَلِأَجلِ هٰذا لا يُقتَلُ شِمْعي وقَد لَعَنَ مَسيحَ الرَّبّ؟» ٢٣فقالَ داوُد: «ما لي ولَكم، يا بَني صَرويَة، حتَّى تَكونوا اليَومَ علَيَّ خُصومًا؟ أَفي هٰذا اليَومِ يُقتَلُ أَحَدٌ في إِسْرائيل؟ أَلَعَلِّي أَجهَلُ أَنِّي اليَومَ قد صِرتُ مَلِكًا على إِسْرائيل؟» ٢٤وقالَ المَلِكُ لِشِمْعي: «إِنَّكَ لا تَموت»، وحَلَفَ لَه المَلِك.

مفيبَعْل

٢٥وكانَ مَفيبَعْلُ بنُ شاوُلَ قد نَزَلَ لِلِقاءِ المَلِك، وكانَ لَم يَعتَنِ بِرِجلَيه ولَم يَقُصَّ شارِبَيه ولم يَغسِلْ ثِيابَه، مُذ يَومَ خَرَجَ المَلِكُ إِلى اليَومِ الَّذي رَجَعَ فيه سالِمًا إِلى أُورَشَليم. ٢٦فلَمَّا جاءَ لِلِقاءِ المَلِك، قالَ لَه المَلِك: «لِماذا لم تأتِ معي، يا مَفيبَعْل؟» ٢٧فقال: «يا سَيِّديَ المَلِك، قد خَدَعَني خادِمي، لِأَنَّ عَبدَكَ قال: أَشُدُّ لي على حِمارٍ وأَركَبُ وأَمْضي مع المَلِك، لِأَنَّ عَبدَكَ أَعرَج. ٢٨فٱفتَرى على عَبدِكَ لَدى سَيِّديَ المَلِك، وسَيِّدي المَلِكُ هو كمَلاكِ الله. فٱصنَعْ ما يَحسُنُ في عَينَيكَ، ٢٩فإِنَّ بَيتَ أَبي كُلَّهم لَيسوا سِوى أَهلٍ لِلمَوتِ عِندَ سَيِّديَ المَلِك، وقَد جَعَلتَ عَبدَكَ بَينَ الآكِلينَ على مائِدَتِكَ. فأَيُّ حَقٍّ لي بَعدَ اليَومِ حتَّى أَصرُخَ أَيضًا إِلى المَلِك؟» ٣٠فقالَ لَه المَلِك: «ما بَالُكَ تُواصِلُ كَلامَكَ؟ فقَد قُلتُ: إِنَّ الحُقولَ تُقسَمُ بَينَكَ وبينَ صيبا». ٣١فقالَ مَفيبَعْلُ لِلمَلِك: «لِيَأخُذْ كُلَّ شَيءٍ أَيضًا، بَعدَما عادَ سَيِّدي المَلِكُ إِلى بَيتِه بِسَلام».

بَرزِلَّاي

٣٢وكانَ بَرزِلَّايُ الجِلْعادِيُّ قد نَزَلَ مِن روجَليم وعَبَرَ الأُردُنَّ مع المَلِكِ، لِيُشَيِّعَه عِندَ الأُردُنّ. ٣٣وكانَ بَرزِلَّايُ شَيْخًا كَبيرًا، ٱبنَ ثَمانينَ سَنَة، وهو الَّذي عالَ المَلِكَ عِندَ إِقامَتِه في مَحْنائيم، لِأَنَّه كانَ رَجُلًا غَنِيًّا جِدًّا. ٣٤فقالَ المَلِكُ لِبَرزِلَّاي: «واصِلْ سَيرَكَ معي وأَنا أَعولُكَ معي في أُورَشَليم». ٣٥فقالَ بَرزِلَّايُ لِلمَلِك: «كم أَيَّامُ سِني حَياتي حتَّى أَصعَدَ مع المَلِكِ إِلى أُورَشَليم؟ ٣٦أَنا اليَومَ ٱبنُ ثَمانينَ سَنَة، فهَل أُمَيِّزُ الطَّيِّبَ مِنَ الخَبيث؟ وهَل يَجِدُ عَبدُكَ طَعمًا لِما يَأْكُلُ ويَشرَب؟ وهَل أَسمَعُ أَيضًا أَصْواتَ المُغَنِّينَ والمُغَنِّيات؟ فلِماذا يَكونُ عَبدُكَ ثِقْلًا على سَيِّديَ المَلِك؟ ٣٧إِنَّما يَتَجاوَزُ عَبدُكَ الأُردُنَّ قَليلًا مع المَلِك، وأَنا فعَلامَ يُكافِئُني المَلِكُ هٰذه المكافَأَة؟ ٣٨دَعْ عَبدَكَ يَرجِعُ فأَموتَ في مَدينَتي حَيثُ قَبرُ أَبي وأُمّي. وهُوَذا عَبدُكَ كِمْهامُ يُواصِلُ سَيرَه مع سَيِّديَ المَلِك، فٱصنَعْ إِلَيه ما يَحسُنُ في عَينَيكَ». ٣٩فقالَ المَلِك: «يُواصِلُ كِمْهامُ سَيرَه معي، وأَنا أَصنَعُ إِلَيه ما يَحسُنُ في عَينَيكَ، وكُلُّ ما تُفَضِّلُه فإِنِّي أَصنَعُه لَكَ». ٤٠وعَبَرَ الشَّعبُ كُلُّه الأُردُنَّ، ولَمَّا عَبَرَ المَلِك قَبَّلَ بَرزِلَّايَ وبارَكَه، فرَجَعَ إِلى مَكانِه.

يهوذا وإسرائيل يتنازعان الملك

٤١وواصَلَ المَلِكُ سَيرَه إِلى الجِلْجال ومعَه كِمْهام. وكانَ جَميعُ جُندِ يَهوذا ونِصفُ جُنْدِ إِسْرائيلَ أَيضًا قد عَبَروا بِالمَلِك. ٤٢وٱجتَمَعَ رِجالُ إِسْرائيلَ كُلُّهم إِلى المَلِكِ وقالوا لِلمَلِك: «لِماذا سَرَقَكَ إِخوَتُنا رِجالُ يَهوذا وعَبَروا الأُردُنَّ بِالمَلِكِ وبَيتِه وكُلِّ رِجالِ داوُدَ معَه؟» ٤٣فأَجابَ جَميعُ رِجالِ يَهوذا رِجالَ إِسْرائيل: «لِأَنَّ المَلِكَ ذو قَرابةٍ لي، وأَنتَ فلِمَ غَيظُكَ مِن هٰذا الأَمْر؟ أَتُرانا أَكَلْنا مِن عِندِ المَلِك أَو أَتانا بِحِصَّة؟» ٤٤فأَجابَ رِجالُ إِسْرائيلَ رِجالَ يَهوذا وقالوا: «إِنَّ لي عَشَرَةَ أَسهُمٍ في المَلِك، وأَنا أَولى مِنكَ بِداوُد. فلِماذا ٱستخفَفتَ بي أَوَلَمْ أَكُنْ أَنا تَكَلَّمتُ أَوَّلًا في إِرجاعِ مَلِكي؟» وكانَ كَلامُ رِجالِ يَهوذا أَقْسى مِن كَلامِ رِجالِ إِسْرائيل.

صموئيل الثاني ٢٠

تمرُّد شابع

١وٱتَّفَقَ أَنَّه كانَ هُناكَ رَجُلٌ لا خَيرَ فيه ٱسمُه شابَعُ بنُ بِكْري مِن بَنْيامين. فنَفَخَ في البوقِ وقال: «لَيسَ لَنا نَصيبٌ مع داوُدَ ولا لَنا ميراثٌ مع ٱبنِ يَسَّى. كُلُّ رَجُلٍ إِلى خَيمَتِه يا إِسْرائيل». ٢فٱرتَدَّ جَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ عن داوُد. وٱتَّبَعوا شابَعَ بنَ بِكْري. أَمَّا رِجالُ يَهوذا فلازَموا مَلِكَهم مِنَ الأُردُنِّ إِلى أُورَشَليم.

٣فأَتى داوُدُ إِلى بَيتِه في أُورَشَليم، وأَخَذَ المَلِكُ السَّرارِيَّ العَشَرَ اللَّواتي تَرَكَهُنَّ يَحفَظْنَ بَيتَه، وأَقامَهنَّ في بَيتِ حَجْز. وكانَ يَعولُهنَّ، ولٰكِنَّه لم يَدخُلْ علَيهِنَّ، فكُنَّ مَحْجوزاتٍ في رَملَةٍ دائمةٍ إِلى يَومِ وَفاتِهنَّ.

مقتل عماسا

٤وقالَ المَلِكُ لِعَماسا: «إجمَعْ إِلَيَّ رِجالَ يَهوذا في ثَلاثَةِ أَيّام، وٱحضُرْ أَنتَ هٰهُنا». ٥فمَضى عَماسا لِيَجمَعَ يَهوذا، فأَبطَأَ عنِ الميعادِ الَّذي ضُرِبَ لَه. ٦فقالَ داوُدُ لِأَبيشاي: «الآنَ يَصنَعُ بِنا شابَعُ بنُ بِكْري شَرًّا أَعظَمَ مِنَ الشَّرِّ الَّذي صَنَعَه أَبْشالوم. فخُذْ رِجالَ سَيِّدِكَ وٱذهَبْ في إِثرِه، لِئَلَّا يَجِدَ لَه مُدُنًا حَصينةً ويَنْجُوَ مِن أَمامِ أَعيُنِنا». ٧فخَرَجَ وَراءَه رِجالُ يوآبَ والكَريتِيُّونَ والفَليتِيُّونَ وجَميعُ الأَبْطال، فخَرَجوا من أُورَشليمَ في طَلَبِ شابَعَ بنِ بِكْري. ٨وكانوا عِندَ الصَّخرَةِ العَظيمةِ الَّتي في جِبْعون، حينَ ٱستَقبَلَهم عَماسا، وكانَ يوآبُ مُرتَدِيًا ثَوبَه العَسكَرِيَّ وفَوقَه زُنَّارُ سَيفٍ مَشْدودٍ على حَقوَيه في غِمدِه. فخَرَجَ السَّيفُ وسَقَط. ٩فقالَ يوآبُ لِعَماسا: «أَسالِمٌ أَنتَ يا أَخي؟» وأَخَذَ يوآبُ بِيَدِه اليُمْنى بِلِحيَةِ عَماسا لِيُقَبِّلَه. ١٠ولَم يَحتَفِظْ عَماسا مِنَ السَّيْفِ الَّذي كانَ في يَدِ يوآب، فضَرَبَه بِه في بَطنِه، فدَلَقَ أَمْعاءَه إِلى الأَرْض، ولم يُثَنَّ علَيه فمات. ثُمَّ مَضى يوآبُ وأَبيشايُ أَخوهُ في طَلَبِ شابَعَ بنِ بِكْري.

١١ووَقَفَ عِندَ عَماسا واحِدٌ مِن فِتْيانِ يوآبَ وقالَ: «مَنْ أَحَبَّ يوآبَ ومَن كانَ لِداوُد، فلْيَتبَعْ يوآب». ١٢وكانَ عَماسا غائِصًا في دَمِه في وسَطِ الطَّريق. فلَمَّا رأَى الرَّجُلُ أَنَّ جَميعَ الجُندِ يَقِفون، نَقَلَ عَماسا مِنَ الطَّريقِ إِلى حَقْلٍ وطَرَحَ علَيه ثَوبًا، إِذ رأَى أَنَّ كُلَّ مَن يَصِلُ إِلَيه يَقِف. ١٣فلَمَّا نُقِلَ مِنَ الطَّريق، عَبَرَ كُلُّ إِنْسانٍ وَراءَ يوآبَ في طَلَبِ شابَعَ بنِ بِكْري.

نهاية التمرّد

١٤ومَرَّ يوآبُ بِجَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ إِلى آبَلِ بَيتَ مَعْكَة. وٱجتَمَعَ الحُلَفاءُ كُلُّهم وساروا هم أَيضًا وَراءَه. ١٥فجاؤُوا وحاصَروه في آبَلِ بَيتَ مَعْكَة ورَكَموا رَدْمًا إِلى المَدينَةِ مُستَنِدًا إِلى السُّور، وجَميعُ الجُندِ الَّذينَ مع يوآبَ كانوا يَنقُبونَ لإِسقاطِ السُّور. ١٦فنادَتِ ٱمرَأَةٌ حَكيمةٌ مِنَ المَدينة: «إِسمَعوا ٱسمَعوا! قولوا لِيوآب: أُدنُ إِلى هٰهُنا فأُكَلِّمَكَ». ١٧فدَنا مِنها، فقالَتِ المَرأَة: «أَأَنتَ يوآب؟» فقالَ لَها: «أَنا هو». فقالَت لَه: «إِسْمَعْ كَلامَ أَمَتِكَ». قال: «أَنا سامِع». ١٨فتَكَلَّمَت وقالَت: «كانَ يُقالُ مِن قَبلُ: ليُسأَلْ في آبَل، وهٰكذا كانَت تَتِمُّ الأُمور. ١٩إِنِّي مِن أَكثَرِ المُدُنِ مُسالَمَةً وأَمانَةً في إِسْرائيل، وأَنتَ طالِبٌ أَن تُهلِكَ مَدينَةً بل أُمًّا في إِسْرائيل. فلِماذا تَبتَلِعُ ميراثَ الرَّبّ؟» ٢٠فأَجابَ يوآبُ وقال: «حاشَ لي حاشَ لي أَن أَبتَلِعَ وأُهلِك. ٢١لَيسَ الأَمرُ هٰكذا، ولٰكِنَّ رَجُلًا مِن جَبَلِ أَفْرائيمَ ٱسمُه شابَعُ بنُ بِكْري قد رَفَعَ يَدَه على المَلِكِ داوُد. سَلِّموه وَحدَه، وأَنا أَنصَرِفُ عنِ المَدينة». فقالَتِ المَرأَةُ لِيوآب: «هُوَذا رَأسُه يُلْقى إِلَيكَ مِن فَوقِ السُّور». ٢٢وذَهَبَتِ المَرأَةُ إِلى كُلِّ الشَّعبِ بِحِكمَتِها. فقَطَعوا رَأسَ شابَعَ بنِ بِكْري، وأَلقَوه إِلى يوآب، فنَفَخَ في البوق، فٱنصَرَفوا عنِ المَدينَةِ كُلُّ ٱمرِئٍ إِلى خَيمَتِه، ورَجَعَ يوآبُ إِلى أُورَشَليمَ إِلى المَلِك.

ضُبَّاط داود

٢٣وكانَ يوآبُ على رَأسِ كُلِّ جَيشِ إِسْرائيل، وبَنايا بنُ يوياداعَ على رَأسِ الكَريتِيِّينَ والفَليتِيِّين، ٢٤وأَدورامُ على السُّخرَةِ ويوشافاطُ بنُ أَحيلودَ مُدَوِّنًا، ٢٥وشيوا كاتِبًا، وصادوقُ وأَبِياتارُ كاهِنَين، ٢٦وعيرا اليائيرِيُّ أَيضًا كانَ كاهِنًا لِداوُد.

صموئيل الثاني ٢١

مُلحقـــات

المَجاعة الكبرى ومقتل سلالة شاول

١وكانَت مَجاعةٌ في أَيَّامِ داوُدَ ثَلاثَ سِنين، سَنَةً بَعدَ سَنَة. فسَأَلَ داوُدُ وَجهَ الرَّبّ. فقالَ الرَّبّ: «على شاوُلَ وعلى بَيتِه دَمٌ، لِأَنَّه قَتَلَ الجِبْعونِيِّين». ٢فدَعا المَلِكُ الجِبْعونِيِّينَ وكَلَّمَهم (ولم يَكُنِ الجِبْعونِيُّونَ مِن بَني إِسْرائيل، بل مِن بَقِيَّةِ الأَمورِيِّين، وكانَ بَنو إِسْرائيلَ قد حَلَفوا لَهم، فَطَلَبَ شاوُلُ قَتلَهم غَيرةً على بَني إِسْرائيلَ ويَهوذا). ٣وقالَ داوُدُ لِلجِبْعونِيِّين: «ما الَّذي أَصنَعُ لَكم وبِماذا أُكَفِّرُ فتُبارِكوا ميراثَ الرَّبّ؟» ٤فقالَ لَه الجِبْعونِيُّون: «لَيسَ لَنا على شاوُلَ وأَهلِ بَيتِه فِضَّةٌ ولا ذَهَب، ولا لَنا أَحَدٌ نُهلِكُه في إِسْرائيل». فقالَ لَهم: «ما الَّذي تَقولونَه فأَفعَلَه لَكم؟» ٥فقالوا لِلمَلِك: «الرَّجُلُ الَّذي أَهلَكَنا والَّذي عَزَمَ على إِبادَتِنا حتَّى لا نُقيمَ في جَميعِ أَراضي إِسْرائيل، ٦يُعْطى لَنا سَبعَةُ رِجالٍ مِن بَنيه فنَشنُقُهم لِلرَّبِّ في جَبْعِ شاوُلَ، مُخْتارِ الرَّبّ». فقالَ لَهُمُ المَلِك: «أُعْطي». ٧وأَبْقى المَلِكُ على مَفيبَعْلَ بنِ يوناتانَ بنِ شاوُل، مِن أَجلِ يَمينِ الرَّبِّ الَّتي بَينَهما، أَي بَينَ داوُدَ ويوناتانَ بنِ شاوُل.

٨فأَخَذَ المَلِكُ ٱبنَي رِصْفَة، بِنتِ أَيَّة، اللَّذَينِ وَلَدَتهما لِشاوُل، وهُما أَرْموني ومَفيبوشَت وبَني ميكالَ ٱبنَةِ شاوُلَ الخَمسَةَ الَّذينَ وَلَدَتهم لِعَدرِيئيلَ بنِ بَرزِلَّايَ المَحوِليّ. ٩فأَسلَمَهم إِلى يَدِ الجِبْعونِيِّين، فشَنَقوهم على الجَبَلِ أَمامَ الرَّبّ، فهَلَكوا سَبعَتُهم جَميعًا، وكانَ مَقتَلُهم في الأَيَّامِ الأُولى للحَصاد، في ٱبتِداءِ حَصادِ الشَّعير. ١٠فأَخَذَت رِصفَةُ، بِنتُ أَيَّة، مِسْحًا وفَرَشَته لِنَفسِها على الصَّخرَة، مُنذُ ٱبتِداءِ الحَصادِ حتَّى سَقَطَ عليهم الماءُ مِنَ السَّماء، ولم تَدَعْ طُيورَ السَّماءِ تَحُطُّ علَيهم نَهارًا ولا وُحوشُ البَرِّيَّةِ لَيلًا. ١١فأُخبِرَ داوُدُ بِما صَنعَت رِصفَةُ، بِنتُ أيَّة، سُرِّيَّةُ شاوُل، ١٢فمضى داوُدُ وأَخَذَ عِظامَ شاوُلَ وعِظامَ يوناتانَ ٱبنِه مِن عِندِ أَهلِ يابيشَ جِلْعادَ الَّذينَ سَرَقوها مِن ساحةِ بَيتَ شان، مِن حَيثُ عَلَّقَهما الفَلِسطينِيُّونَ يَومَ كَسَرَ الفَلِسطينِيُّونَ شاوُلَ في الجِلْبوع. ١٣وأَصعَدَ مِن هُناكَ عِظامَ شاوُلَ وعِظامَ يوناتانَ ٱبنِه، وجَمَعوا عِظامَ المَشْنوقين. ١٤ودَفَنوا عِظامَ شاوُلَ ويوناتانَ ٱبنِه في أَرضِ بَنْيامينَ بِصيلَع، في مَقبَرَةِ قيسٍ أَبيه، وعَمِلوا بِكُلِّ ما أَمَرَ بِه المَلِك، وعَطَفَ اللهُ على تِلكَ الأَرضِ بَعدَ ذٰلك.

البطش بالفلسطينيّين

١٥وكانَت أَيضًا حَربٌ بَينَ الفَلِسطينِيِّينَ وإِسْرائيل، فنَزَلَ داوُدُ ورِجالُه وحارَبوا الفَلِسطينِيِّين، فتَعِبَ داوُد. ١٦فإِذا بِيِشْبيبَنوب، أَحَدِ بَني رافاةَ الَّذي وَزنُ رُمحِه ثَلاثُ مِئَةِ مِثْقالٍ مِن نُحاس، وكانَ مُتَقَلِّدًا سَيفًا جَديدًا، قد همَّ أَن يَقتُلَ داوُد. ١٧فأَنجَدَه أَبيشايُ ابنُ صَرويَة، وضَرَبَ الفَلِسطينِيَّ فقَتَلَه. حينَئِذٍ ناشَدَ داوُدَ رِجالُه وقالوا: «لا تَخرُج معَنا إِلى الحَرْبِ لِئَلَّا تُطفِئَ سِراجَ إِسْرائيل».

١٨وكانَت أَيضًا بَعدَ ذٰلك حَربٌ في جوبَ مع الفَلِسطينِيِّين، فقَتَلَ حينئذٍ سَبْكايُ الحوشِيُّ سَفًّا، أَحَدَ بَني رافاة. ١٩ثُمَّ كانَت أَيضًا حَربٌ في جوبَ مع الفَلِسطينِيِّين، فقَتَلَ أَلْحانانُ بنُ ياعَرِيِّ مِن بَيتَ لَحمَ جُلْياتَ الجَتِّيَّ الَّذي كانَت عَصا رُمحِه كنَولِ النُّسَّاج. ٢٠وكانَت أَيضًا حَربٌ في جَتَّ، وكانَ رَجُلٌ طَويلُ القامة، سُداسِيُّ أَصابِعِ اليَدَين والرِّجلَين، أَي لَه أَربَعٌ وعِشرونَ إِصْبَعًا، وهو أَيضًا من بَني رافاة، ٢١وكانَ يُعَيِّرُ إِسْرائيلَ، فقَتَلَه يوناتانُ بنُ شِمْعا، أَخي داوُد. ٢٢هٰؤُلاءِ الأَربَعَةُ كانوا مِن بَني رافاةَ في جَتَّ، فسَقَطوا بِيَدِ داوُدَ وأَيدي رِجالِه.

صموئيل الثاني ٢٢

مزمور داود

١وكَلَّمَ داوُدُ الرَّبَّ بِكَلامِ هٰذا النَّشيدِ يَومَ أَنقَذَه الرَّبُّ مِن يَدِ جَميعِ أَعْدائِه ومِن يَدِ شاوُل، ٢فقال:

«الرَّبُّ صَخرَتي وحِصْني ومُنقِذي.

٣إِلٰهي الصَّخرُ بِه أَعتَصِم

تُرْسي وقُوَّةُ خَلاصي ومَلْجإي.

٤أَدْعو الرَّبَّ سُبْحانَه

فأَنْجو مِن أَعْدائي.

٥أَمْواجُ المَوتِ غَمَرَتني

وسُيولُ بِليعالَ رَوَّعَتني

٦وحَبائِلُ مَثْوى الأَمواتِ حاطتني

وشِباكُ المَوتِ ٱستَبَقَتني.

٧في ضيقي الرَّبَّ دَعَوتُ

وإِلَيه إِلٰهي صَرَختُ

فسَمِع صَوتي مِن هَيكَلِه

وبَلَغَ صُراخي مِسمَعَيه.

٨تَزعزَعَتِ الأَرضُ وتَزَلزَلَت

وأُسُسُ السَّمَواتِ ٱرتَعَدَت

ومِن غَضَبِه ٱرتَجَّت.

٩ دُخانٌ صَعِدَ مِن أَنفِه

ونارٌ آكِلَةٌ مِن فَمِه

وجَمرٌ ٱتَّقَدَ مِنه.

١٠حَنى السَّمَواتِ ونَزَل

والغَيمُ المُظلِمُ تَحتَ قَدَمَيه.

١١رَكِبَ على كَروبٍ وطار

وظَهَرَ على أَجنِحَةِ الرِّياح.

١٢جَعَلَ الظَّلامَ حَولَه

وخَيمَتُه كُتلَةُ مِياهٍ وغَمامٌ على غَمام.

١٣أَمامَ بَهائِه ٱتَّقَدَ جَمرُ نار.

١٤أَرعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّماء

وأَطلَقَ العَلِيُّ صَوتَه.

١٥أَرسَلَ سِهامَه فبَدَّدَهم

والبُروقَ فهَزَمَهم.

١٦أَعْماقُ البَحرِ ٱنكَشَفَت

وأُسُسُ الكَونِ ٱنجَلَتْ

لِصَوتِ وَعيدِ الرَّبِّ

لِهُبوبِ ريحِ أَنفِه.

١٧يُرسِلُ مِن عَلْيائِه فيَأخُذُني

ومِنَ البِحارِ يَنتَشِلُني.

١٨مِن عَدُوِّي الجَبَّارِ يُنقِذُني

مِن مُبغِضِيَّ لأَنَّهم أَقْوى مِنِّي.

١٩في يَومِ بَلِيَّتي دَهَموني

فكانَ الرَّبُّ سَنَدي.

٢٠إِلى الرُّحبِ أَخرَجَني

ولِأَنَّه يُحِبُّني خَلَّصَني.

٢١الرَّبُّ بِحَسَبِ بِرِّي كافَأَني

وبِطَهارَةِ يَدَيَّ أَثَابَني.

٢٢لِأَنِّي حَفِظتُ طُرُقَ رَبِّي

ولَم أَصنَعْ شَرًّا بَعيدًا عن إِلٰهي.

٢٣ولِأَنَّ أَحْكامَه كُلَّها أَمامي

وفَرائِضَه لم أُبعِدْها عَنِّي.

٢٤بل كُنتُ معَه كامِلًا

ومِنَ الإِثْمِ صُنتُ نَفْسي.

٢٥الرَّبُّ بِحَسَبِ بِرِّي كافَأَني

وطَهارَتي أَمامَ عَينَيه.

٢٦مع الصَّفِيِّ تَكونُ صَفِيًّا

ومعَ الكامِلِ تَكونُ كامِلًا.

٢٧مع الطَّاهِرِ تَكونُ طاهِرًا

ومع المُعوَجِّ تَكونُ مُلتَوِيًا

٢٨لِأَنَّكَ تُخَلِّصُ الشَّعبَ البائِس

وعَيناكَ على المُتَرفِّعينَ فتَضَعُهم.

٢٩لِأَنَّكَ أَنتَ يا رَبُّ سِراجي

والرَّبُّ يُنيرُ ظَلامي

٣٠فإِنِّي بِكَ أَقتَحِمُ الحُصون

وبإِلٰهي أَتَسَلَّقُ الأَسْوار.

٣١اللهُ طَريقُه كامِل

وقَولُ الرَّبِّ مُمَحَّص

هو تُرسٌ لِكُلِّ مَن بِه يَعتَصِم.

٣٢فمَن إِلٰهٌ غَيرُ رَبِّنا

ومَن صَخرَةٌ سِوى إِلٰهِنا؟

٣٣اللهُ عِزِّي وبَأسي

يَجعلُ كامِلًا سَبيلي.

٣٤يَجعَلُ كالأَيِّلِ رِجلَيَّ

وعلى المَشارِفِ يُقيمُني.

٣٥يُعَلِّمُ يَدَيَّ القِتال

وذِراعَيَّ شَدَّ قَوسِ النُّحاس.

٣٦تُرسَ خَلاصِكَ تُعْطيني

وٱستِجابَتُكَ تُعَظِّمُني.

٣٧تُوَسِّعُ خَطَواتي تَحْتي

ولم يتَزَعزَعْ قَدَمايَ.

٣٨أُطارِدُ أَعْدائي فأُدَمِّرُهم

ولا أَعودُ حتَّى أُفنِيَهم.

٣٩أُفْنيهم وأُحَطِّمُهم فلا يَقومون

وتَحتَ قَدَمَيَّ يَسقُطون.

٤٠تُسَربِلُني بِالقُوَّةِ لِلقِتال

وتَصرَعُ مُناهِضِيَّ تَحتَ قَدَمَيَّ.

٤١وَلَّيتَني ظُهورَ أَعْدائي

وأَمَّا مُبغِضِيَّ فإنِّي أُبيدُهم.

٤٢يَصرُخونَ ولا مُنقِذَ

إِلى الرَّبِّ ولا يَستَجيبُ لَهم.

٤٣كالغُبارِ في مَهَبِّ الرِّيحِ أَسحَقُهم

وكما يُداسُ وَحلُ الطُّرُقاتِ أَدوسُهم.

٤٤مِن مُخاصَماتِ شَعْبي تُنَجِّيني

ورَأسًا على الأُمَمِ تُقيمُني.

شَعبٌ لم أَعرِفْه يَخدُمُني.

٤٥بَنو الغُرَباءِ يَتَمَلَّقونَ لي

حالَما يَسمَعونَني يُطيعونَني.

٤٦بَنو الغُرَباءِ يَخورون

ومِن حُصونِهم مُرتَعِدينَ يَخرُجون.

٤٧حَيٌّ الرَّبُّ وتَبارَكَ صَخرَتي

وتَعالى اللهُ صَخرَةُ خَلاصي.

٤٨اللهُ الَّذي يُتيحُ لِيَ الِانتِقام

ويُخضِعُ لِيَ الشُّعوب

٤٩مِن بَينِ أَعْدائي يُخرِجُني

فَوقَ المُعتَدينَ علَيَّ تَرفَعُني

ومِن رَجُلِ العُنفِ تُنقِذُني.

٥٠يا رَبُّ بَينَ الأُمَمِ لِذا أَحمَدُكَ

وأَعزِفُ لِٱسمِكَ.

٥١يُكثِرُ مِنَ الخَلاصِ لِمَليكِه

ويَصنَعُ رَحمَةً لِمسيحِه

لِداوُدَ ولِنَسلِه لِلأَبَد».

صموئيل الثاني ٢٣

كلمات داود الأخيرة

١هٰذه كَلِماتُ داوُدَ الأَخيرة:

كَلامُ داوُدَ بنِ يَسَّى

كَلامُ الرَّجُلِ المَرْفوعِ شَأنُه

مَسيحِ إِلٰهِ يَعْقوب

ومُرَنِّمِ مَزاميرِ إِسْرائيل:

٢روحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بي

وكَلِمتُه على لِساني.

٣قالَ إِلٰهُ إِسْرائيل:

«كَلَّمَني صَخرَةُ إِسْرائيل:

البارُّ الحاكِمُ في البَشَر

الحاكِمُ بِمَخافَةِ الله

٤كضَوءِ الصَّباحِ عِندَ شُروقِ الشَّمْسِ

كصَباحٍ لا غَيمَ فيه

يُلألِئُ عُشبُ الأَرضِ بَعدَ المَطَر.

٥أَلَيسَ هٰكذا بَيتي لَدى الله؟

فإِنَّه عاهَدَني عَهدًا أَبَدِيًّا

مُحكَمًا في كُلِّ شيءٍ ومَحْفوظًا

أَفَلا يُنبِتُ كُلَّ خَلاصي

وجَميعَ هَوايَ؟

٦فأَمَّا الَّذينَ لا خَيرَ فيهم

فكُلُّهم كالشَّوكِ، يُنبَذُ فلا يُمسَكُ بِاليَد.

٧فمَن مَسَّهم يَتَسَلَّحُ بِحَديدٍ وبِقَناةِ رُمْحٍ

فيُحرَقونَ بِالنَّارِ في مَكانِهم».

أبطال داود

٨وهٰذه أَسماءُ أبْطالِ داوُد: إِشبَعْلُ الحَكْمونيُّ، رَئيسُ الثَّلاثَة، وهو عَدينو العَصْني، قامَ على ثَماني مِئَةٍ فقَتَلَهم بِمَرَّةٍ واحِدَة. ٩وبَعدَه أَلِعازارُ بنُ دودو، الأَحوحِيّ، وهو أَحَدُ الأَبْطالِ الثَّلاثَةِ الَّذينَ كانوا مع داوُد، حينَ عَيَّروا الفَلِسطينِيِّينَ الَّذينَ كانوا مُجتَمِعينَ هُناكَ لِلقِتال، فتَراجَعَ رِجالُ إِسْرائيلَ مِن أَمامِهم. ١٠أَمَّا هو فقام وضَرَبَ الفَلِسطينِيِّينَ حتَّى كَلَّت يَدُه ولَصِقَت بِالسَّيف. وصَنَعَ الرَّبُّ نَصرًا عَظيمًا في ذٰلك اليَوم، ورَجَعَ الجُندُ وَراءَه، لِلنَّهبِ فقط. ١١وبَعدَه شَمَّةُ بنُ آجيءَ الهارارِيّ، وكانَ أَنَّ الفَلِسطينِيِّينَ ٱجتَمَعوا في لَحْيَ، وكانَت هُناكَ قِطعَةُ حَقْلٍ مَمْلوءَةٌ عَدَسًا، فٱنهَزَمَ الجُندُ أَمامَ الفَلِسطينِيِّين. ١٢أَمَّا هو فوقَفَ في وَسَطِ الحَقلِ وأَنقَذَه وضَرَبَ الفَلِسطينِيِّين، وصَنَعَ الرَّبُّ نَصرًا عَظيمًا.

١٣ونَزَلَ ثَلاثَةٌ مِنَ الثَّلاثِين، وأَتَوا إِلى داوُدَ أَوانَ الحَصادِ في مَغارَةِ عَدُلَّام. وكانَت قُوَّةٌ فَلِسطينِيَّةٌ مُعَسكِرَةً في وادي رِفائيم. ١٤وكانَ داوُدُ حينَئِذٍ في الحِصْنِ ومُفرَزَةٌ لِلفَلِسطينِيِّينَ في بَيتَ لَحْم. ١٥فتَأَوَّهَ داوُدُ وقال: «مَن يَسْقيني ماءً مِنَ البِئرِ الَّتي عِندَ بابِ بَيتَ لَحْم!» ١٦فٱختَرَقَ هٰؤُلاءِ الأَبْطالُ الثَّلاثَةُ مُعَسكَرَ الفَلِسطينِيِّينَ وٱستَقَوا ماءً مِنَ البِئرِ الَّتي عِندَ بابِ بَيتَ لَحْم، وحَمَلوه وأَتَوا بِه إِلى داوُد. فلَم يَشَأْ أَن يَشرَبَ مِنه، بل أَراقَه لِلرَّبّ، ١٧وقال: «حاش لي، يا رَبُّ، أَن أَفعَلَ هٰذا! أَلَيسَ هٰذا دَمَ قَومٍ خاطروا بِأَنفُسِهم؟» ولم يُرِدْ أَن يَشرَب. هٰذا ما فَعَلَه هٰؤُلاءِ الأَبْطالُ الثَّلاثة.

١٨ثُمَّ أَبيشايُ، أَخو يوآبَ وٱبنُ صَرويَة، وهو رَئيسُ الثَّلاثة. فقَد أشرَعَ رُمحَه على ثَلاثِ مِئَةٍ وقَتَلَهم، وكانَ لَه ٱسمٌ بَينَ الثَّلاثة، ١٩أَوَلَم يَكُنْ أَشَدَّ الثَّلاثَةِ كَرامةً؟ وأَصبَحَ لَهم قائِدًا، إِلَّا أَنَّه لم يَبلُغْ مَرتَبَةَ الثَّلاثَة.

٢٠ثُمَّ بَنايا بنُ يوياداعُ، ابنُ ذي بأسٍ كَثيرِ المآثِر، مِن قَبصَئيل، وهو الَّذي ضَرَبَ بَطَلَي موآب، ونَزَلَ وضَرَبَ أَسَدًا في وَسَطِ جُبٍّ يَومَ ثَلْج. ٢١وضَرَبَ رَجُلًا مِصرِيًّا ذا مَنظَر، وكانَ في يَدِ المِصرِيِّ رُمْحٌ فنازَلَه بِالعَصا وخَطِفَ الرُّمْحَ مِن يَدِه وقَتَلَه بِرُمحِه. ٢٢هٰذا ما فَعَلَه بَنايا بنُ يوياداع، وكانَ لَه ٱسمٌ بَينَ الأَبْطالِ الثَّلاثَة، ٢٣وكانَ أَشَدَّ الثَّلاثينَ كَرامةً، إِلَّا أَنَّه لم يَبلُغْ مَرتَبَةَ الثَّلاثَة. فجَعَلَه داوُدُ مِن حَرَسِه الخاصّ.

٢٤ثُمَّ عسائيل، أَخو يوآب، وهو مِنَ الثَّلاثين، وأَلْحانانُ بنُ دودو مِن بَيتَ لَحْم، ٢٥وشَمَّةُ الحَرودِيُّ وأَليقا الحَرودِيّ، ٢٦وحالَصُ الفَلْطِيُّ وعيرا بنُ عِقِّيشَ التَّقوعِيّ، ٢٧وأَبيعازرُ العَناتوتِيُّ وسِبْكايُ الحوشِيّ، ٢٨وصَلْحونُ الأَحوحِيُّ ومَهْرايُ النَّطوفِيُّ، ٢٩وحالَبُ بنُ بَعْنَةَ النَّطوفِيُّ وإِتَّايُ بنُ ريبايَ مِن جَبْعِ بَني بَنْيامِين، ٣٠وبَنايا الفِرعَتونِيُّ وهِدَّايُ مِن أَودِيَةِ جاعَش، ٣١وأَبيعَلْبونُ العَرَبتيّ وعَزْموتُ البَرْحومِيّ، ٣٢وأَلْيَحْبا الشَّعَلْبونِيُّ وياشينُ الجونِيُّ ويوناتانُ ٣٣بنُ شَمَّةَ الهَراريّ وأَحِيَّامُ بنُ شارارَ الأَرارِيّ، ٣٤وأَليفالَطُ بنُ أَحَسْبايُ بنُ المَعْكِيِّ وأَليعامُ بنُ أَحيتوفَلَ الجيلونِيّ، ٣٥وحَصْرايُ الكَرمَلِيُّ وفَعْرايُ الأَربيّ، ٣٦وِيجْآلُ بنُ ناتانَ مِن صوبَة وباني الجادِيّ، ٣٧وصالَقُ العَمِّونِيُّ ونَحْرايُ البَئيروتِيّ، حامِلُ سِلاحِ يوآبَ ٱبنِ صَرويَة، ٣٨وعيرا اليِترِيُّ وجاريبُ اليِترِيُّ، ٣٩وأُورِيَّا الحِثِّيّ، فيكونُ مَجْموعُهم سَبعَةً وثَلاثين.

صموئيل الثاني ٢٤

إِحصاء الشعب

١وعادَ غَضَبُ الرَّبِّ فٱحتَدَمَ على إِسْرائيل، فحَرَّضَ علَيهم داوُدَ قائلًا: «إِذهَبْ فأَحصِ إِسْرائيلَ ويَهوذا»، ٢فقالَ المَلِكُ لِيوآبَ، قائِدِ الجَيشِ، الَّذي معَه: «طُفْ في جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيل، مِن دانَ إِلى بِئرَ سَبْع، وأَحْصوا الشَّعْبَ، لِكَي أَعلَمَ عَدَدَ الشَّعْب». ٣فقالَ يوآبُ لِلمَلِك: «لِيَزِدِ الرَّبُّ إِلٰهُكَ الشَّعبَ أَمْثالَه مِئَةَ ضِعْف، وعَينا سَيِّدي المَلِكِ ناظِرَتان. وأَمَّا سَيِّدي المَلِكُ فماذا يُريدُ بِهٰذا الأَمْر؟» ٤لَكِنَّ كَلامَ المَلِكِ تَغَلَّبَ على يوآبَ وعلى قُوَّادِ الجَيْش. فخَرَجَ يوآبُ وقُوَّادُ الجَيشِ مِن عِندِ المَلِكِ لِيُحصوا شَعْبَ إِسْرائيل.

٥فعَبَروا الأُردُنَّ وبَدَأُوا بِعِروعيرَ والمَدينَةِ الَّتي في وَسَطِ وادي جادٍ جِهَةَ يَعْزير. ٦وأَتَوا إِلى جِلْعادَ وإِلى أَرضِ الحِثِّيِّينَ في قادِش. ثُمَّ أَتَوا إِلى دانَ ياعنَ وما حَولَها نَحوَ صَيدون. ٧ثُمَّ أَتَوا إِلى حِصنِ صورَ وجَميعِ مُدُنِ الحُوِّيِّينَ والكَنعانِيِّين. ثُمَّ ذَهَبوا إِلى نَقَبِ يَهوذا، إِلى بِئرِ سَبْع. ٨ولَمَّا طافوا في تِلكَ الأَرضِ كُلِّها، رَجَعوا إِلى أُورَشَليمَ بَعدَ تِسعَةِ أَشهُرٍ وعِشْرينَ يَومًا. ٩فرَفَعَ يوآبُ أَرْقامَ إِحْصاءِ الشَّعْبِ إِلى المَلِك، فكانَ مَجْموعُ إِسْرائيلَ ثَمانِيَ مِئَةِ أَلفِ رَجُلٍ مُحارِبٍ مُستَلِّ سَيف، ومَجْموعُ رِجالِ يَهوذا خَمسَ مِئَةِ أَلفِ رَجُل.

الطاعون ومَغفرة الله

١٠فخَفَقَ قَلبُ داوُدَ مِن بَعدِ إِحْصاءِ الشَّعْب، وقالَ داوُدُ لِلرَّبّ: «قد خَطِئتُ خَطيئَةً كَبيرةً فيما صَنَعتُ، والآنَ يا رَبِّ ٱغفِرْ إِثْمَ عَبدِكَ، لِأَنِّي بِحَماقَةٍ عَظيمةٍ تَصَرَّفتُ». ١١فلَمَّا نَهَضَ داوُدُ في الصَّباح، كانَ كَلامُ الرَّبِّ إِلى جادٍ النَّبِيّ، رائي داودَ، قائِلًا ١٢«إمضِ فقُلْ لِداوُد: هٰكذا يَقولُ الرَّبّ: إِنِّي عارِضٌ عَليكَ ثَلاثًا، فٱختَرْ لِنَفسِكَ واحِدةً مِنها، فأُنزِلَها بِكَ» ١٣فأَتى جادٌ إِلى داوُدَ وأَخبَرَه وقالَ لَه: «أَتأتي علَيكَ سَبعُ سِني مَجاعةٍ في أَرضِكَ، أَم تَهرُبُ أَمامَ أَعْدائِكَ ثَلاثَةَ أَشهُرٍ وهم في إِثرِكَ، أَم يَكونُ ثَلاثَةَ أَيَّامِ طاعونٍ في أَرضِكَ؟ ففَكِّرِ الآنَ وٱنظُرْ فيما أُجيبُ بِه مُرسِلي مِنَ الكَلام». ١٤فقالَ داوُدُ لِجاد: «قد ضاقَ بِيَ الأَمرُ كَثيرًا، فلنَقَعْ في يَدِ الرَّبِّ، لِأَنَّ مَراحِمَه كَثيرة، ولا أَقَعَ في يَدِ النَّاس».

١٥فبَعَثَ الرَّبُّ الطَّاعونَ في إِسْرائيلَ مِنَ الصَّباحِ إِلى الميعاد، فماتَ مِنَ الشَّعبِ مِن دانَ إِلى بِئرَ سَبْعَ سَبْعونَ أَلفَ رَجُل. ١٦وبَسَطَ المَلاكُ يَدَه على أُورَشَليمَ لِيُدَمِّرَها. فنَدِمَ الرَّبُّ على الشَّرِّ وقالَ لِلمَلاكِ المُهلِكِ الشَّعْب: «كفى! فكُفَّ الآنَ يَدَكَ». وكانَ مَلاكُ الرَّبِّ عِندَ بَيدَرِ أَرَونا اليَبوسِيّ. ١٧ورأَى داوُدُ المَلاكَ الَّذي كانَ يَضرِبُ الشَّعْبَ فقالَ لِلرَّبّ: «أَنا الَّذي خَطِئتُ وأَنا الَّذي فَعَلتُ السُّوء، وأَمَّا أُولٰئِكَ الخِراف، فماذا فَعَلوا؟ فلتَكُنْ علَيَّ يَدُكَ وعلى بَيتِ أَبي».

بناء مذبح

١٨فأَتى جادٌ في ذٰلك اليَومِ إِلى داوُدَ وقالَ لَه: «إِصعَدْ فأَقِمْ مَذبَحًا لِلرَّبِّ في بَيدَرِ أَرَونا اليَبوسِيّ». ١٩فصَعِدَ داوُدُ كما قالَ جادٌ بِحَسَبِ أَمرِ الرَّبّ. ٢٠ونَظَرَ أَرَونا فرَأَى المَلِكَ ورِجالَه آتينَ إِلَيه، فخَرَجَ أَرَونا وسَجَدَ لِلمَلِكِ بِوَجهِهِ إِلى الأَرض. ٢١وقالَ أَرَونا: «لِماذا جاءَ سَيِّدِيَ المَلِكُ إِلى عَبدِه؟» فقالَ داوُد: «لأَشتَرِيَ مِنكَ البَيدَر، لِكَي أَبْنِيَ فيه مَذبَحًا لِلرَّبّ، فتَكُفَّ الضَّربَةُ عنِ الشَّعْب». ٢٢فقالَ أَرَونا لِداوُد: «لِيَأخُذْ سَيِّدِيَ المَلِكُ ويُصعِدْ ما يَحسُنُ في عَينَيه: هُوَذا البَقَرُ لِلمُحرَقَة، والنَّوارِجُ وأَدَواتُ البَقَرِ تَكونُ حَطَبًا. ٢٣وهٰذا كُلُّه، أَيُّها المَلِك، يُقَدِّمُه أَرَونا لِلمَلِك». وأَضافَ أَرَونا فقالَ لِلمَلِك: «الرَّبُّ إِلٰهُكَ يَرْضى عنكَ».

٢٤فقالَ المَلِكُ لِأَرَونا: «كَلَّا، بل أَشتَري مِنكَ بِثَمَن، فلَستُ أُصعِدُ لِلرَّبِّ إِلٰهي مُحرَقاتٍ مَجَّانِيَّة». فٱشتَرى داوُدُ البَيدَرَ والبَقَرَ بِخَمْسينَ مِثْقالًا مِنَ الفِضَّة. ٢٥وبَنى هُناكَ داوُدُ مَذبَحًا لِلرَّبّ، وأَصعَدَ مُحرَقاتٍ وذَبائِحَ سلامِيَّة. فعَطَفَ الرَّبُّ على تِلكَ الأَرض، وكَفَّتِ الضَّربَةُ عن إِسْرائيل.

التالي: يوحنا
السابق: مرقس