اختر صفحة

سِفْرُ باروك

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

باروك ١

باروك ٢

باروك ٣

باروك ٤

باروك ٥

باروك ٦

سِفر باروك

مدخل

وصل إلينا سِفر باروك بالترجمة اليونانيّة السبعينيّة، وفيها يُدرج بين إرميا والمراثي. لم ينقله القدّيس هيرونيمُس إلى اللاتينيّة، لأنّ العبرانيّين، على حدّ قوله، لم يكونوا يقرأون هذا الكتاب ولا يملكونه. فالترجمة التي ضُمَّت إلى الترجمة اللاتينيّة الشائعة هي الترجمة اللاتينيّة القديمة، وسِفر باروك – مع رسالة إرميا التي تليه مباشرة والتي تؤلّف الفصل السادس منه في الترجمة اللاتينيّة الشائعة – يُدرج في هذه الترجمة بين المراثي وحزقيّال.

نسبة الكتاب

يبدو الكتاب، عندما يُطالَع أوّل مرّة، وكأنّه مِن وَضْع باروك، «أمين سِرّ» إرميا، ألَّفه في أثناء الجلاء إلى بابل، ووجَّهه إلى الجماعة التي بقيت في أورشليم. لكنَّ هناك فوارق كثيرة بين المعلومات المقتبسة من المؤلَّفات المعاصرة لسقوط أورشليم والجلاء، وما وردَ في سِفر باروك. وهذه الفروق تجعل نسبة هذا الكتاب إلى «أمين سرّ» إرميا أمرًا مستحيلًا. فالكتاب ينتمي إذًا إلى أدب الأسماء المستعارة. إنّ استعارة الأسماء يفترض اختلافًا في اسم المؤلِّف، ولكنّه يفترض أيضًا اختلافًا في المواقف وفي هويّة الذين يُرسَل الكتاب إليهم. ومن هنا الصعوبة الكبرى التي نصطدم بها في مطالعة سِفر باروك. إنّ واضعه ينسج على طراز الروايات التي تقصّ لنا وقائع استيلاء نبوكدنصّر على أورشليم في العام ٥٨٧ والتي تخبرنا عن سني الجلاء. وهو في الوقت نفسه يُدخل فيها بعض التعديلات التي من شأنها أن تكيّف ذلك الطراز على الأحوال التاريخيّة المعاصرة. وهذه الفروق هي ما يمتاز به هذا العمل التكييفيّ. ولكي نحدّد موضع سِفر باروك في الزمان والمكان فنهتدي إلى فَحْواه، لا بدّ لنا من أن نحاول اكتشاف ما يدلّ عليه في الواقع، عَبرَ ما نطالعه في نصّ الكتاب.

باروك ١

١. المقدّمة

باروك ومجمع اليهود في بابل

١هٰذا كَلامُ الكِتابِ الَّذي كَتَبَه باروكُ بنُ نيرِيَّا بنِ مَعَسْيا بنِ صِدقِيَّا بنِ حَسَدْيا بنِ حِلْقِيَّا في بابِل، ٢في السَّنَةِ الخامِسَةِ في السَّابِعِ مِنَ الشَّهر، في الوَقْتِ الَّذي أَخَذَ فيه الكَلْدانِيُّونَ أُورَشَليمَ وأَحْرَقوها بِالنَّار.

٣وتَلا باروكُ كَلامَ هٰذا الكِتابِ على مِسمَعَي يَكُنْيا بنِ يوياقيمَ مَلِكِ يَهوذا وعلى مَسامِعِ جَميعِ الشَّعْبِ الَّذي جاءَ لِٱستِماعِ هٰذا الكِتاب، ٤وعلى مَسامِعِ أَصْحابِ السُّلطةِ وبَني المُلوك، ومَسامِعِ الشُّيوخ، ومَسامِعِ كُلِّ الشَّعْب، مِنَ الصِّغارِ إِلى الكِبار، جَميعِ السَّاكِنينَ في بابِلَ على نَهْرِ سود. ٥فبَكَوا وصاموا وصَلُّوا أَمامَ الرَّبّ. ٦وجَمَعوا مِنَ الفِضَّةِ قَدْرَ ما ٱستَطاعَت يَدُ كُلِّ واحِد، ٧وأَرسَلوه إِلى أُورَشَليم، إِلى يوياقيمَ بنِ حِلْقِيَّا بنِ شَلُّومَ الكاهِن، وإِلى الكَهَنَةِ وإِلى كُلِّ الشَّعبِ الَّذي معَه في أُورَشَليم. ٨وكانَ باروكُ قد أَخَذَ آنِيَةَ بَيتِ الرَّبِّ المَسْلوبَةَ مِنَ الهَيكَل، لِيَرُدَّها إِلى أَرضِ يَهوذا في العاشِرِ مِن سيوان، وهي آنِيَةُ الفِضَّةِ الَّتي صَنَعَها صِدقِيَّا بنُ يوشِيَّا، مَلِكُ يَهوذا، ٩بَعدَ ما جَلا نَبوكَدنَصَّرُ، مَلِكُ بابِل، يَكُنْيا والرُّؤَساءَ والسُّجَناءَ وأَصْحابَ السُّلطَةِ وشَعْبَ الأَرضِ، من أُورَشَليم، وذَهَبَ بِهم إِلى بابِل.

١٠وقالوا: «ها إِنَّنا قد أَرسَلْنا إِلَيكم فِضَّةً، فٱشتَروا بِالفِضَّةِ مُحرَقاتٍ وذَبائِحَ لِلخَطيئَةِ وبَخورًا، وٱصنَعوا تَقادِمَ وقَدِّموها على مَذبَحِ الرَّبِّ إِلٰهِنا، ١١وصَلُّوا مِن أَجْلِ حَياةِ نَبوكَدْنَصَّر، مَلِكِ بابِل، وحَياةِ بَلشَصَّرَ ٱبنِه، لِكَي تَكونَ أَيَّامُهما كأَيَّامِ السَّماءِ على الأَرض. ١٢فيُؤتِيَنا الرَّبُّ قُوَّةً ويُنيرَ عُيونَنا ونَحْيا تَحتَ ظِلِّ نَبوكَدنَصَّر، مَلِكِ بابِل، وظِلِّ بَلشَصَّرَ ٱبنِه، ونَخْدُمَهما أَيَّامًا كَثيرة ونَنالَ حُظوَةً لَدَيهما. ١٣وصَلُّوا مِن أَجلِنا إِلى الرَّبِّ إِلٰهِنا، فإِنَّنا قد خَطِئْنا إِلى الرَّبِّ إِلٰهِنا، ولم نُحَوِّلْ سُخْطَ الرَّبِّ وغَضَبَه عنَّا إِلى هٰذا اليَوم. ١٤وٱتْلوا هٰذا الكِتابَ الَّذي أَرسَلْناه إِلَيكم لِيُنادى بِه في بَيتِ الرَّبِّ في يَومِ العيد وفي الأَيَّامِ المُناسِبة، ١٥وقولوا:

٢. إعتراف بالخطايا وابتهال

الاعتراف بالخطايا

لِلرَّبِّ إِلٰهِنا البِرُّ، ولَنا خِزْيُ الوُجوه، كما في هٰذا اليَوم، لِبَني يَهوذا ولِسُكَّانِ أُورَشَليم، ١٦ولِمُلوكِنا ورُؤَسائِنا وكَهَنَتِنا وأَنبِيائِنا وآبائِنا، ١٧لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلى الرَّبِّ ١٨وعَصَيناه ولم نَسمَعْ لِصَوتِ الرَّبِّ إِلٰهِنا لِنَسيرَ على أَوامِرِ الرَّبِّ الَّتي جَعَلَها نُصْبَ عُيونِنا. ١٩مِن يَومِ أَخرَجَ الرَّبُّ آباءَنا مِن أَرضِ مِصرَ إِلى هٰذا اليَوم، ما زِلْنا نُعاصي الرَّبَّ إِلٰهَنا ونَتَمَرَّد، فلا نَستَمِعُ لِصَوتِه. ٢٠فلَحِقَت بِنا الشُّرورُ واللَّعنَةُ الَّتي أَمَرَ الرَّبُّ موسى عَبدَه بِها، يَومَ أَخرَجَ آباءَنا مِن أَرضِ مِصْر، لِيُعطِيَنا أَرضًا تَدُرُّ لَبَنًا حَليبًا وعَسَلًا، كما في هٰذا اليَوم. ٢١فلَم نَستَمِعْ لِصَوتِ الرَّبِّ إِلٰهِنا، بِحَسَبِ جَميعِ كَلامِ الأَنبِياءِ الَّذينَ أَرسَلَهم إِلَينا. ٢٢ومَضَينا كُلُّ واحِدٍ على عَزْمِ قَلبِه الشِّرِّير، عامِلينَ لِآلِهَةٍ أُخَر، صانِعينَ الشَّرَّ أَمامَ عَينَيِ الرَّبِّ إِلٰهِنا.

باروك ٢

١فأَتَمَّ الرَّبُّ كَلامَه الَّذي تَكَلَّمَ بِه علَينا وعلى قُضاتِنا الَّذينَ حَكَموا إِسْرائيل، وعلى مُلوكِنا ورُؤَسائِنا وعلى بَني إِسْرائيلَ ويَهوذا. ٢ولم يَحدُثْ تَحتَ السَّماءِ بأَسرِها مِثلُ ما أَحدَثَه في أُورَشَليم، على حَسَبِ ما كُتِبَ في شَريعَةِ موسى، ٣حَتَّى أَكَلْنا الواحِدُ لَحْمَ ٱبنِه والآخَرُ لَحْمَ بِنتِه. ٤وأَخضَعَهم تَحتَ أَيدي جَميعِ المَمالِكِ الَّتي تُحيطُ بِنا لِيَكونوا عارًا ودَمارًا في جَميعِ الشُّعوبِ الَّتي حَولَهم والَّتي شَتَّتَهمُ الرَّبُّ بَينَها. ٥فإِذا هم في الخُضوعِ بَدَلَ السِّيادة، لِأَنَّنا خَطِئْنا إِلى الرَّبِّ إِلٰهِنا لِعَدَمِ سَماعِ صَوتِه.

٦لِلرَّبِّ إِلٰهِنا البِرُّ ولَنا ولِآبائِنا خِزْيُ الوُجوهِ كما في هٰذا اليَوم. ٧إِنَّ جَميعَ الشُّرورِ الَّتي تَكَلَّمَ الرَّبُّ بِها علَينا قد حَلَّت بِنا. ٨ونَحنُ لم نَستَعطِفْ وَجهَ الرَّبّ، مُعرِضينَ كُلُّ واحِدٍ عن أَفكارِ قَلبِه الشِّرِّير. ٩فسَهِرَ الرَّبُّ على هٰذه الشُّرور وجَلَبَها علَينا، لِأَنَّ الرَّبَّ بارٌّ في جَميعِ أَعْمالِه الَّتي أَوصانا بِها. ١٠ولٰكِنَّنا لم نَسمَعْ لِصَوتِه لِنَسيرَ على أَوامِرِ الرَّبِّ الَّتي جَعَلَها نُصْبَ عُيونِنا.

الابتهال

١١فالآن، أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيلَ الَّذي أَخرَجَ شَعبَه مِن أَرضِ مِصرَ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ وبآياتٍ وعَجائِبَ وقُدرَةٍ عَظيمةٍ وذِراعٍ مَبْسوطة، وأَقامَ لِنَفسِه ٱسمًا كما في هٰذا اليَوم، ١٢إِنَّنا خَطِئْنا وكَفَرْنا وظَلَمْنا، أَيُّها الرَّبُّ إِلْهُنا، في جَميعِ فَرائِضِكَ. ١٣لِيَتَحَوَّلْ غَضَبُكَ عَنَّا، فقَد بَقينا نَفَرًا قَليلًا في الأُمَمِ الَّتي شَتَّتَّنا بَينَها. ١٤إِسمَعْ يا رَبُّ صَلاتَنا وٱبتِهالَنا، وأَنقِذْنا لِأَجلِكَ وأَنِلْنا حُظْوَةً في عُيونِ الَّذينَ جَلَونا، ١٥لِكَي تَعرِفَ الأَرضُ بِأَسْرِها أَنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ إِلٰهُنا، لِأَنَّ ٱسمَكَ دُعِيَ على إِسْرائيلَ ونَسْلِه. ١٦أَيُّها الرَّبّ، ٱنظُرْ مِن بَيتِ قُدسِكَ وفَكِّرْ فينا، وأَمِلْ أَيُّها الرَّبُّ أُذُنَكَ وٱسمَعْ. ١٧إِفتَحْ عَينَيكَ وٱنظُرْ، فلَيسَ الأَمْواتُ في مَثْواهم، وقد أُخِذَت أَرْواحُهم عن أَحْشائِهم، يَعتَرِفونَ لِلرَّبِّ بالمَجدِ والبِرّ، ١٨بلِ النَّفْسُ الكَئيبةُ لِلغاية، والَّذي يَمْشي مُنحَنِيًا ضَعيفًا، والعُيونُ الكَليلة، والنَّفْسُ الجائِعة، همُ الَّذينَ يَعتَرِفونَ لَكَ بالمَجْدِ والبِرِّ يا رَبّ.

١٩فإِنَّه لا لِأَجلِ مَبَرَّاتِ آبائِنا ومُلوكِنا نُلْقي ٱبتِهالَنا أَمامَ وَجهِكَ، أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُنا، ٢٠فإِنَّكَ أَرسَلتَ سُخطَكَ وغَضَبَكَ علَينا، كما سَبَقَ أَن تَكَلَّمتَ بِالأَمرِ على أَلسِنَةِ عَبيدِكَ الأَنبِياءِ قائِلًا: ٢١«هٰكذا قالَ الرَّبّ: أُحْنوا مَناكِبَكم وٱعمَلوا لِمَلِكِ بابِل فتَمكُثوا في الأَرضِ الَّتي أَعطَيتُ آباءَكم إِيَّاها. ٢٢وإِن لم تَسمَعوا لِصَوتِ الرَّبِّ بأَن تَعمَلوا لِمَلِكِ بابِل، ٢٣فإِنِّي أُزيلُ مِن مُدُنِ يَهوذا وفي خارِجِ أُورَشَليمَ صَوتَ الِٱبتِهاجِ وصوتَ الفَرَح، وصَوتَ العَريسِ وصَوتَ العَروس، وتَكونُ الأَرضُ كُلُّها دَمارًا لا ساكِنَ فيها». ٢٤فلَم نَسمَعْ لِصَوتِكَ بِأَن نَعمَلَ لِمَلِكِ بابِل، فأَتمَمتَ كَلامَكَ الَّذي تَكَلَّمتَ بِه على أَلسِنَةِ عَبيدِكَ الأَنبِياء، أَن تُخرَجَ عِظامُ مُلوكِنا وعِظامُ آبائِنا مِن مَواضِعِها. ٢٥وها إِنَّها مَطْروحَةٌ لِحَرِّ النَّهارِ وبَرْدِ اللَّيل، وقد ماتوا في أَوجاعٍ أَليمَةٍ بِالجوعِ والسَّيفِ والطَّاعون. ٢٦وجَعَلتَ البَيتَ الَّذي دُعِيَ علَيه ٱسمُكَ ما هو علَيه في هٰذا اليَوم، بِسَبَبِ شَرِّ بَيتِ إِسْرائيلَ وبَيتِ يَهوذا.

٢٧ومعَ ذٰلك، فقد عامَلتَنا، أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُنا، بِكُلِّ عَطفِكَ وكُلِّ رأفَتِكَ الوافِرَة، ٢٨كما تَكَلَّمتَ بِالأَمرِ على لِسانِ عَبدِكَ موسى، يَومَ أَوصَيتَه بأَن يَكتُبَ شَريعَتَكَ أَمامَ بَني إِسْرائيلَ قائِلًا: ٢٩«إِن لم تَسمَعوا لِصَوتي، فإِنَّ هٰذا الجَمعَ الكَبيرَ الغَفيرَ لَيَتَحَوَّلُ إِلى نَفَرٍ قَليلٍ في الأُمَمِ الَّتي أُشَتِّتُهم بَينَها، ٣٠فإِنِّي عالِمٌ بِأَنَّهم لا يَسمَعونَ لي، لِأَنَّهم شَعبٌ قُساةُ الرِّقاب. لَكِنَّهم سَيَرجِعونَ إِلى قُلوبِهم في أَرضِ جَلائِهم، ٣١ويَعلَمونَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ إِلٰهُهم. وسأُعْطيهم قُلوبًا وآذانًا سامِعة، ٣٢فيُسَبِّحونَني في أَرضِ جَلائِهم ويَذكُرونَ ٱسْمي، ٣٣ويَتوبونَ عن قَساوَةِ رِقابِهم وعن أَعْمالِهمِ الشِّرِّيرة، لِأَنَّهم يَتَذَكَّرونَ طَريقَ آبائِهمِ الَّذينَ خَطِئوا أَمامَ الرَّبّ. ٣٤وأُعيدُهم إِلى الأَرضِ الَّتي أَقسَمتُ علَيها لِآبائِهم إِبْراهيمَ وإِسحٰقَ ويَعْقوب، فيَتَسَلَّطونَ علَيها، وأُكَثِّرُهم فلا يَقِلُّون. ٣٥وأُقيمُ لَهم عَهْدًا أَبَدِيًّا، فأَكونُ لَهم إِلٰهًا ويَكونونَ لي شَعبًا، ولا أَعودُ أُزَعزِعُ شَعْبي إِسْرائيلَ مِنَ الأَرضِ الَّتي أَعطَيتُهم إِيَّاها».

باروك ٣

١أَيُّها الرَّبُّ القَدير، إِلٰهُ إِسْرائيل، قد صَرَخَت إِلَيكَ نَفْسٌ في المَضايقِ وروح خائِرُ العَزيمة. ٢فٱسمَعْ يا رَبُّ وٱرحَم، فإِنَّنا قد خَطِئْنا إِلَيكَ. ٣فإِنَّكَ أَنتَ تَدومُ لِلأَبَد، أَمَّا نَحنُ فنَهلِكُ لِلأَبَد. ٤أَيُّها الرَّبُّ القَدير، إِلٰهُ إِسْرائيل، اِسمَعْ صَلاةَ مَوتى إِسْرائيلَ وبَني الَّذينَ خَطِئوا إِلَيكَ، الَّذينَ لم يَسمَعوا لِصَوتِ إِلٰهِهم، فلَحِقَتِ الشُّرورُ بِنا. ٥لا تَذكُرْ آثامَ آبائِنا، بلِ ٱذكُرْ يَدَكَ وٱسمَكَ في هٰذا الزَّمان. ٦فإِنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ إِلٰهُنا، وإِيَّاكَ نُسَبِّحُ يا رَبّ. ٧لِأَنَّكَ إِنَّما جَعَلتَ مَخافَتَكَ في قُلوبِنا لِنَدعُوَ بِٱسمِكَ. إِنَّنا نُسَبِّحُكَ في جَلائِنا، فلقَد نَبَذْنا عن قُلوبِنا كُلَّ إِثْمِ آبائِنا الَّذينَ خَطِئوا إِلَيكَ. ٨وها نَحنُ اليَومَ في الجَلاءِ حَيثُ شَتَّتَّنا لِنَكونَ عارًا ولَعنَةً، ولِلتَّكْفير، بِسَبَبِ جَميعِ آثامِ آبائِنا الَّذينَ ٱرتَدُّوا عنِ الرَّبِّ إِلٰهِنا.

الحكمة ميزة من ميزات إسرائيل

٩إِسمَعْ، يا إِسْرائيلُ، وَصايا الحياة

أَصْغوا لِتَتَعَلَّموا الفِطنَة.

١٠لِماذا، يا إِسْرائيل

لِماذا أَنتَ في أَرضِ الأَعْداء

١١تَشيخُ في أَرضِ الغُربَة وتَتَنَجَّسُ مع الأَمْوات

وتُحسَبُ مع الَّذينَ هم في مَثْوى الأَمْوات؟

١٢لقد تَرَكتَ يَنبوعَ الحِكمَة.

١٣ولو أَنَّكَ سَلَكتَ طَريقَ الله

لَسَكَنتَ في السَّلامِ لِلأَبَد.

١٤تَعَلَّمْ أَينَ الفِطنَةُ وأَينَ القُوَّةُ وأَينَ الذَّكاء

لِكَي تَعلَمَ أَيضًا أَينَ طولُ الأَيَّامِ والحَياة

وأَينَ نُورُ العُيونِ والسَّلام.

١٥مَن وَجَدَ مَوضِعَ الحِكمَة

ومَن دَخَلَ إِلى كُنوزِها؟

١٦أَينَ رُؤَساءُ الأُمَم

والَّذينَ يَتَسَلَّطونَ على الوُحوشِ

الَّتي على الأَرض.

١٧والَّذينَ يَسخَرونَ بِطُيورِ السَّماء

١٨ويَكنِزونَ الفِضَّةَ والذَّهَب

مِمَّا يَتَوَكَّلُ علَيه البَشَرُ

ولا حَدَّ لِأَمْلاكِهم؟

ويَصوغونَ الفِضَّةَ بِاهتِمام

ولا أَثَرَ لِأَعْمالِهم؟

١٩إِنَّهم قدِ ٱضمَحَلُّوا

وإِلى مَثْوى الأَمواتِ هَبَطوا

وآخَرونَ قاموا في مَكانِهم.

٢٠أَحْداثٌ رَأَوا النُّورَ وسَكَنوا الأَرض

لٰكِنَّهم لم يَعرِفوا طَريقَ العِلْم

٢١ولَم يَفهَموا سُبُلَه ولم يُدرِكوه

وبَنوهُمُ ٱبتَعَدوا عن طَريقِ آبائِهم.

٢٢لم يُسمَعْ بِه في كَنْعان

ولا رُئيَ في تَيمان.

٢٣وبَنو هاجَرَ الَّذينَ يَطلُبونَ العِلمَ على الأَرض

وتُجَّارُ مُرَّانَ وتَيمان

وقائِلو الأَمْثالِ وطالِبو العِلم

لم يَعرِفوا طَريقَ الحِكمَةِ ولم يَتَذَكَّروا سُبُلَها.

٢٤يا إِسْرائيل، ما أَعظَمَ بَيتَ الله

وما أَوسَعَ مَوضِعَ مِلْكِه!

٢٥عَظيمٌ هو بِغَيرِ حَدّ وعالٍ بِغَيرِ قِياس.

٢٦هُناكَ وُلِدَ الجَبابِرَةُ المَشْهورون

الَّذينَ كانوا في البَدْء

الطِّوالُ القاماتِ والحاذِقونَ بِالقِتال.

٢٧أُولٰئِكَ لم يَختَرْهمُ الرَّبّ

ولم يَهدِهم طَريقَ العِلْم

٢٨فهَلَكوا لِأَنَّهم كانوا بِلا فِطنَة

هَلَكوا لِغَباوَتِهم.

٢٩مَن صَعِدَ إِلى السَّماءِ فأَمسَكَها

ونَزَلَ بِها مِنَ الغُيوم؟

٣٠مَن عَبَرَ البَحرَ فوَجَدَها

وحَصَلَ عَلَيها بِالذَّهَبِ الإِبْريز؟

٣١لَيسَ أَحَدٌ يَعرِفُ طَريقَها

ويَرغَبُ في سَبيلِها.

٣٢لٰكِنَّ العالِمَ بِكُلِّ شَيءٍ يَعلَمُها

وبِعَقلِه وَجَدَها

وهو الَّذي جَهَّزَ الأَرضَ لِلأَبَد

ومَلأَها حَيَواناتٍ مِن ذَواتِ الأَربَع

٣٣والَّذي يُرسِلُ النُّورَ فيَذهَب

دَعاه فأَطاعَه مُرتَعِدًا.

٣٤إِنَّ النُّجومَ أَشرَقَت في مَحارِسِها وتَهَلَّلَت.

٣٥دَعاها فقالَت: «هاءَنَذا»

وأَشرَقَت مُتَهَلِّلَةً لِلَّذي صَنَعَها.

٣٦هٰذا هو إِلٰهُنا، ولا يُحسَبُ غَيرُه تُجاهَه.

٣٧إِهتَدى إِلى كُلِّ طَريقٍ لِلمَعرِفَة

وجَعَلَه لِيَعْقوبَ عَبدِه وإِسْرائيلَ حَبيبِه.

٣٨وبَعدَ ذٰلك رُئِيَت على الأَرض

وعاشَت بَينَ البَشَر.

باروك ٤   

١هي كِتابُ أَوامِرِ الله

والشَّريعةُ القائِمَةُ لِلأَبَد.

كُلُّ مَن تَمَسَّكَ بِها فلَه الحَياة

والَّذينَ يُهمِلونَها يَموتون.

٢تُبْ يا يَعْقوبُ وأَمسِكْها

وسِرْ إِلى الضِّياءِ لِمُلاقاةِ نورِها.

٣لا تُعْطِ مَجدَكَ لِآخَر

وٱمتِيازاتِكَ لِأُمَّةٍ غَريبة.

٤طوبى لَنا يا إِسْرائيل

لِأَنَّ ما يُرضي اللهَ مَعروفٌ لَدَينا.

٣. تشجيع أورشليم

شكاوى أورشليم وآمالها

٥تَشَجَّعْ يا شَعْبي، يا ذِكْرى إِسْرائيل

٦لم تُباعوا لِلأُمَمِ لِهَلاكِكم

ولٰكِن لِأَنَّكُم أَسخَطتُمُ الله

أُسلِمتُم إِلى أَعْدائِكم.

٧فإِنَّكم أَغضَبتُم صانِعَكم

بِذَبحِكم لِلشَّياطينِ لا للهِ.

٨ونَسيتُمُ الإِلٰهَ الأَزلِيَّ الَّذي يَرزُقُكم

وأَحزَنتُم أُورَشَليمَ الَّتي رَبَّتكُم.

٩إِنَّها رَأَتِ الغَضَبَ

الَّذي حَلَّ بِكم مِن قِبَلِ الله

فقالَت: «إِسمَعْنَ يا جاراتِ صِهْيون

إِنَّ اللهَ قد جَلَبَ علَيَّ حُزْنًا عَظيمًا

١٠لِأَنِّي رَأَيتُ جَلاءَ بَنِيَّ وبَناتي، الَّذي جَلَبَه علَيهِمِ الأَزَلِيّ.

١١إِنِّي رَبَّيتُهم بِفَرَح

ولٰكِنِّي وَدَّعتُهم بِحُزنٍ وبُكاء.

١٢لا يَشمَتَنَّ أَحَدٌ بي

أَنا الأَرمَلَةَ الَّتي هَجَرَها كَثيرون.

لقَد أَقفَرتُ بِسَبَبِ خَطايا بَنِيَّ

لِأَنَّهم حادوا عن شَريعَةِ الله

١٣ولم يَعرِفوا فَرائِضَه

ولم يَسلُكوا طُرُقَ وَصايا الله

ولم يَسيروا في سُبُلِ التَّأَدُّبِ المُطابِقِ لِبِرِّه.

١٤لِتَأتِ جاراتُ صِهْيون!

وٱذكُرْنَ جَلاءَ بَنِيَّ

وبَناتِيَ الَّذي جَلَبَه علَيهمِ الأَزَلِيّ.

١٥فإِنَّه جَلَبَ علَيهم أُمَّةً مِن بَعيد

أُمَّةً وَقِحَةً أَعجَمِيَّةَ اللِّسان

لم تَهَبْ شَيخًا ولم تُشفِقْ على طِفْل.

١٦فذَهَبوا بِأَحِبَّاءِ الأَرمَلَة

وتَركوها وَحيدةً دونَ بَناتِها.

١٧وأَنا بِأَيِّ شَيءٍ أَستَطيعُ أَن أُغيثَكم؟

١٨إِنَّ الَّذي جَلَبَ علَيكمُ الشُّرور

هو الَّذي يُنقِذُكم مِن أَيدي أَعْدائِكم.

١٩سيروا يا بَنِيَّ سيروا.

أَمَّا أَنا فإِنِّي مَهْجورَةٌ وَحيدة.

٢٠قد خَلَعتُ حُلَّةَ السَّلام

ولَبِستُ مِسْحَ الِٱبتِهال.

أَصرُخُ إِلى الأَزَلِيِّ طَوالَ أَيَّامي.

٢١تَشَجَّعوا يا بَنِيَّ وٱستَغيثوا بِالله

فيُنقِذَكم مِن تَسَلُّطِ الأَعْداءِ ومِن أَيديهِم

٢٢فإِنِّي قد رَجَوتُ مِنَ الأَزَلِيِّ خَلاصَكم.

أَتاني فَرَحٌ مِنَ القُدُّوس

لِلرَّحمَةِ الَّتي تأتيكُم عَمَّا قَليل

مِن عِندِ الأَزَلِيِّ مُخَلِّصِكم.

٢٣وَدَّعتُكم بِحُزنٍ وبُكاء

لٰكِنَّ اللهَ سَيَرُدُّكم لي

بِفَرَحٍ وٱبتِهاجٍ لِلأَبَد.

٢٤فكما تَرى الآنَ جاراتُ صِهْيونَ جَلاءَكم

هٰكذا عَمَّا قَليلٍ سَيَرَينَ الخَلاصَ

مِن عِندِ إِلٰهِكم.

إِنَّه سيُوافيكُم

في مَجدِ الأَزَلِيِّ العَظيمِ وبَهائِه.

٢٥يا بَنِيَّ، ٱحتَمِلوا بِالصَّبرِ الغَضَبَ

الَّذي حَلَّ بِكم مِن عِندِ الله.

قدِ ٱضطَهَدَكَ عَدُوُّكَ

لٰكِنَّكَ ستَرى عَمَّا قَليلٍ هَلاكَه

وتَطَأُ رِقابَهم.

٢٦إِنَّ بَنِيَّ الأَحِبَّاءَ سَلَكوا طُرُقًا وَعرَة

وسيقوا كغَنَمٍ سَلَبَها الأَعْداء.

٢٧تَشَجَّعوا يا بَنِيَّ وٱستَغيثوا بِالله

فإِنَّ الَّذي جَلَبَ علَيكم هٰذه سيَتَذَكَّرُكم.

٢٨وكما قَصَدتُم أَن تَشرُدوا عنِ الله

فإِذا رَجَعتُم إِلَيه

تَزْدادونَ ٱلتِماسًا لَه عَشرَةَ أَضْعاف

٢٩فإِنَّ الَّذي جَلَبَ علَيكم هٰذه الشُّرور

يَجلُبُ لكمُ الِٱبتِهاجَ الأَبَدِيّ

مع خَلاصِكم.

٣٠تَشَجَّعي يا أُورَشَليم

فإِنَّ الَّذي سَمَّاكِ سيُعَزِّيكِ.

٣١وَيلٌ لِلَّذينَ أَساؤُوا إِلَيكِ

وشَمِتوا بِسُقوطِكِ!

٣٢وَيلٌ لِلمُدُنِ الَّتي ٱستَعبَدَت أَبناءَكِ!

وَيلٌ لِلَّتي نالَت أَولادَكِ!

٣٣فإِنَّها كما شَمِتَت بِسُقوطِكِ

وفَرِحَت بِخَرابِكِ

كذٰلِكَ ستَكتَئِبُ بدَمارِها.

٣٤سأُزيلُ سُرورَها بِكَثرَةِ سُكَّانِها

وسيَنقَلِبُ تَبَجُّحُها حُزنًا

٣٥لِأَنَّ نارًا تَنزِلُ علَيها

مِن عِندِ الأَزَلِيِّ إِلى أَيَّامٍ كَثيرة

وتَسكُنُها الشَّياطينُ لِمُدَّةٍ أَطوَل.

٣٦تَطَلَّعي يا أُورَشَليمُ مِن حَولِكِ نَحوَ المَشرِق

وٱنظُري الِٱبتِهاجَ الوافِدَ علَيكِ مِن عِندِ الله.

٣٧ها إِنَّ أَبْناءَكِ الَّذينَ وَدَّعتِهم قادِمون

يأتون مِنَ المَشرِقِ إِلى المَغرِب

مُجتَمِعينَ بِكَلِمَةِ القُدُّوس

ومُبتَهِجينَ بِمَجدِ الله.

باروك ٥   

١إِخْلَعي يا أُورَشَليمُ ثَوبَ الحُزْنِ والشَّقاء

وٱلبَسي لِلأَبَدِ بَهاءَ المَجد

الَّذي مِن عِندِ الله.

٢تَسَربَلي بِرِداءِ البِرِّ الَّذي مِن عِندِ الله

وٱجعَلي على رَأسِكِ تاجَ مَجدِ الأَزلِيّ.

٣فإِنَّ اللهَ سيُظهِرُ سَناكِ

لِكُلِّ ما تَحتَ السَّماء

٤ويَكونُ ٱسمُكِ مِن قِبَلِ اللهِ لِلأَبَد

«سَلامَ البِرِّ ومَجدَ التَّقْوى».

٥إِنهَضي يا أُورَشَليمُ وقِفي في الأَعالي

وتَطَلَّعي مِن حَولِكِ نَحوَ المَشرِق

وٱنظُري أَبْناءَكِ

مُجتَمِعين مِن مَغرِبِ الشَّمسِ إِلى مَشرِقِها

بِكَلِمَةِ القُدُّوس

ومُبتَهِجينَ بِذِكْرِ الله.

٦غادَروكِ راجِلينَ، تَسوقُهمُ الأَعْداء

لٰكِنَّ اللهَ يُعيدُهم إِلَيكِ

مَحْمولينَ بِمَجدٍ كَعَرْشٍ مَلَكِيّ

٧لِأَنَّ الرَّبَّ قد عَزَمَ

أَن يُخفَضَ كُلُّ جَبَلٍ عالٍ والتِّلالُ الخالِدَة

وأَن تُردَمَ الأَودِيَةُ لِتَمْهيدِ الأَرض

لِيَسيرَ إِسْرائيلُ بأَمانٍ في مَجدِ الله.

٨وبِأَمرِ اللهِ أَيضًا ظَلَّلَتِ الغابات

وكُلُّ شَجَرٍ طَيِّبِ الرَّائِحَةِ على إِسْرائيل

٩لِأَنَّ اللهَ سَيَهْدي إِسْرائيلَ بِسُرور

في نورِ مَجدِه

بالرَّحمَةِ والبِرِّ اللَّذَينِ مِن عِندِه.

رسالة إِرمِيا

نُسخَةُ الرِّسالةِ الَّتي أَرسَلَ بِها إِرْمِيا إِلى الَّذينَ أَوشَكَ مَلِكُ بابِلَ أَن يَسوقَهم أَسْرَى إِلى بابِل، يُخبِرُهم بِما أَمَرَه اللهُ بِه:

باروك ٦

١إِنَّه بِسَبَبِ الخَطايا الَّتي خَطِئتُم بِها إِلى اللهِ يَسوقُكم نَبوكَدْنَصَّر، مَلِكُ بابِل، أَسْرى إِلى بابِل. ٢فإِذا دَخَلتُم بابِل، فستَكونونَ هُناكَ سِنينَ كَثيرةً وزَمانًا طويلًا، إِلى سَبعَةِ أَجْيال، وبَعدَ ذٰلِكَ أُخرِجُكم مِن هُناكَ بِسَلام. ٣ستَرَونَ بَعدَ الآنَ في بابِلَ آلِهَةً مِنَ الفِضَّةِ والذَّهَبِ والخَشَب، تُحمَلُ على الأَكْتافِ وتُلْقي الرَّهبَةَ على الأُمَم. ٤فٱحذَروا أَن تَتَشَبَّهوا بِالغُرَباء وتأخُذَكم مِنها رَهبَةٌ ٥إِذا رَأَيتُمُ الجُموعَ أَمامَها ووَراءَها يَسجُدونَ لَها، بل قولوا في قُلوبِكم: «لَكَ، يا سَيِّد، يَنبَغي السُّجود». ٦فإِنَّ مَلاكي معَكم وهو يُعْنى بِنُفوسِكم.

٧إِنَّ تِلكَ الآلِهَةَ لَها أَلسِنَةٌ نَحَتَها صانِع، وهي مُلَبَّسَةٌ بِالذَّهَبِ والفِضَّة، لٰكِنَّها كاذِبَةٌ لا تَستَطيعُ الكَلام. ٨يأخُذُ النَّاسُ لَها ذَهَبًا، كما يُؤخَذُ لِعَذْراءَ تُحِبُّ الزِّينة، ويَصوغونَ أَكاليلَ يَجعَلونَها على رُؤُوسِ آلِهَتِهم. ٩ورُبَّما سَرَقَ الكَهَنَةُ الذَّهَبَ والفِضَّةَ مِن آلِهَتِهم وأَنفَقوهما على أَنفُسِهم، وقد يُعطونَ مِنهما لِلزَّواني اللَّواتي على السَّطْح. ١٠ويُزَيِّنونَ الآلِهَةَ بِالمَلابِسِ كالبَشَر، وهي مِنَ الفِضَّةِ والذَّهَبِ والخَشَب، ولٰكِنَّها لا تَسلَمُ مِنَ الصَّدَإِ والدُّود. ١١وإِذا أَلبَسوها الأُرجُوان، مَسَحوا وُجوهَها مِن غُبارِ الهَيكَلِ المُتَراكِمِ علَيها. ١٢ومِنها مَن في يَدِه صَولَجانٌ كالحاكِمِ على مِنطَقة، ولٰكِنَّه لا يَستَطيعُ أَن يُهلِكَ مَن يُسيءُ إِلَيه. ١٣ومِنها مَن في يَمينِه سَيفٌ وفأس، ولٰكِنَّه لا يَحْمي نَفْسَه مِنَ الحَرْبِ واللُّصوص. ١٤ومِن ذٰلك يُعرَفُ أَنَّها لَيسَت بآلِهَة، فلا تَخافوها.

١٥فكَما أَنَّ الإِناءَ لا يَنفَعُ صاحِبَه إِذا ٱنكَسَر، كذٰلك آلِهَتُهم إِذا نُصِبَت في البُيوت. ١٦عُيونُها مَمْلوءَةٌ مِنَ الغُبارِ الَّتي تُثيرُها أَقْدامُ الدَّاخلين. ١٧وكما أَنَّ الأَبْوابَ تُغلَقُ مِن كُلِّ جِهةٍ على مَن أَجرَمَ إِلى المَلِك، لِيُساقَ إِلى المَوت، فكذٰلك يُحَصِّنُ الكَهَنَةُ هَياكِلَ الآلِهَةِ بأَبْوابٍ وأَقْفالٍ ومَزاليج، لِئَلَّا يَسلُبَها اللُّصوص. ١٨يُوقِدونَ لَها مِنَ السُّرُجِ أَكثَرَ مِمَّا يوقِدونَ لِأَنفُسِهم، مع أَنَّها لا تَستَطيعُ أَن تَرى واحِدًا مِنها. ١٩إِنَّها كإحْدى عَوارِضِ الهَيكَلِ الَّتي يُقالُ إِنَّ قُلوبَها مَنْخورة، فالدُّودُ الخارِجُ مِنَ الأَرضِ تأكُلُها هي وثِيابَها، وهي لا تَشعُر. ٢٠تَسوَدُّ وُجوهُها مِنَ الدُّخانِ الصَّاعِدِ مِنَ البَيت. ٢١على أَبْدانِها ورُؤُوسِها يَطيرُ الوَطْواطُ والخُطَّافُ وسائِرُ الطُّيور، وكذٰلك السَّنانيرُ أَيضًا. ٢٢مِن ذٰلك تَعرِفونَ أَنَّها لَيسَت بِآلِهَة، فلا تَخافوها.

٢٣والذَّهَبُ الَّذي تُلَبَّسُ بِه لِلزِّينة، إِن لم يُمسَحْ كَمَدُه، لا تُعيدُ إِلَيه رَونَقَه، لأَنَّها حينَ صيغت لم تَشعُرْ بِالأَمْر. ٢٤تُشتَرى بِأَيِّ ثَمَن، وإِن لم يَكُنْ فيها نَسَمَة. ٢٥ولَمَّا كانَت بِلا أَرجُل، تُحمَلُ على الأَكْتاف، وبِذٰلك تُبْدي لِلنَّاسِ هَوانَها. وحتَّى الَّذينَ يَخدُمونَها يَخجَلون، لِأَنَّها إِن سَقَطَت على الأَرض، لا تَقومُ إِلَّا بِمُساعَدَتِهم. ٢٦وإِن أَوقَفَها أَحَدٌ، لا تَتَحَرَّكُ مِن نَفْسِها، وإِن مالَت لا تَستَقيم. بل تُقَدَّمُ إِلَيها الهَدايا كما تُقَدَّمُ إِلى أَمْوات. ٢٧وكَهَنَتُها يَبيعونَ ذَبائِحَها لِمَنفَعَةِ أَنفُسِهم. وكذٰلِكَ نِساؤُهم يُمَلِّحْنَ جُزْءًا منها، ولا يُوَزِّعْنَ شَيئًا لِلْمِسكينِ أَوِ العاجِزِ والطَّامِثُ والنَّفْساءُ تَلمُسانِ ذَبائِحَها. ٢٨فبِما أَنَّكم تَعلَمونَ مِن ذٰلك أَنَّها لَيسَت بِآلِهَة، فلا تَخافوها.

٢٩كَيفَ تُسَمَّى آلِهَة؟ فالنِّساءُ هُنَّ اللَّواتي يُقَرِّبْنَ القَرابينَ لِهٰذِه الآلِهَةِ الَّتي هي مِنَ الفِضَّةِ والذَّهَبِ والخَشَب. ٣٠والكَهَنَةُ يَجلِسونَ في هَياكِلِها بِأَقمِصَةٍ مُمَزَّقَة، وهُم مَحْلوقو الرُّؤُوسِ واللِّحى، ورُؤُوسُهم مَكْشوفة. ٣١ويَصيحونَ ويَصرُخونَ أَمامَ آلِهَتِهم كالجالِسينَ إِلى مَأدُبَةِ مَيت. ٣٢الكَهَنَةُ يَنزِعونَ مِن ثِيابِها ما يَكْسونَ نِساءَهم وأَولادَهم. ٣٣وإِذا أَساءَ أَو أَحسَنَ إِلَيها أَحَد، فلا تَستَطيعُ المُكافَأَة، ولا في وُسْعِها أَن تُقيمَ مَلِكًا أَو تَخلَعَه، ٣٤ولا تَقدِرُ أَن تَهَبَ الغِنى أَوِ المال. وإِن نَذَرَ أَحَدٌ نَذْرًا لَها ولم يَفِ بِه، فلا تُطالِبُه بِه. ٣٥لا تُنَجِّي إِنسانًا مِنَ المَوتِ، ولا تُنقِذُ الضَّعيفَ مِن يَدِ القَوِيّ. ٣٦لا تَرُدُّ البَصَرَ لِلأَعْمى، ولا تُفَرِّجُ عنِ الإِنْسانِ الَّذي في شِدَّة. ٣٧لا تَرحَمُ أَرمَلَةً ولا تُحسِنُ إِلى يَتيم. ٣٨فهٰذه الآلِهَةُ الَّتي هي مِن خَشَب، والمُلَبَّسةُ بِالذَّهَبِ والفِضَّة، تُماثِلُ الحِجارةَ المَقْلوعةَ مِنَ الجبَل، والَّذينَ يَخدُمونَها يَخزَون. ٣٩فكَيفَ يَجوزُ أَن تُحسَبَ أَو تُدْعى آلِهَة؟

٤٠بلِ الكَلْدانِيُّونَ أَنفُسُهم يَزْدرونَها. فإِنَّهم، إِذا رَأَوا أَخرَسَ لا يَستَطيعُ الكَلام، يُقَدِّمونَه إِلى بال، ويَطلُبونَ أَن يَتَكَلَّمَ الأَخرَس، كما لو كانَ الإِلٰهُ يَستَطيعُ الإِدْراك. ٤١وهم لا يَستَطيعونَ أَن يُفَكِّروا في ذٰلك فيُعرِضوا عنها، إِذ لا إِدْراكَ لَهم. ٤٢والنِّساءُ يَقعُدْنَ على الطُّرُقِ مُتَحَزِّماتٍ بالحِبال، ويُبَخِّرنَ بِالنُّخالة. ٤٣فإِذا ٱجتَذَبَ مُجْتازٌ واحِدَةً مِنهُنَّ وضاجَعَها، عَبَّرَت جارَتَها بِأَنَّها لم تَعُدَّ أَهْلًا ولَم يُقطَعْ حَبلُها. ٤٤وكُلُّ ما يُصنَعُ لِهٰذه الآلِهَةِ إِنَّما هو كَذِب، فكَيفَ يَجوزُ أَن تُحسَبَ أَو تُدْعى آلِهَة؟

٤٥هي صُنعُ النَّجَّارينَ والصَّاغة، فلا تَكونُ إِلَّا ما يُريدُ الصُّنَّاعُ أَن تَكون. ٤٦والَّذينَ صَنَعوها لا يَعيشونَ طَويلًا، فكَيفَ ما صَنَعوه يَكونُ آلِهَة؟ ٤٧إِنَّهم تَرَكوا لِسُلالَتِهم كَذِبًا وعارًا. ٤٨وإِذا أَتَت علَيها حَربٌ أَو شُرور، تَشاوَرَ الكَهَنَةُ فيما بَينَهم أَينَ يَختَبِئونَ بِها. ٤٩فكَيفَ لا يُدرَكُ أَنَّها لَيسَت بآلِهَة وهي لا تُخَلِّصُ أَنفُسَها مِنَ الحَربِ والشُّرور؟ ٥٠وبِما أَنَّها مِنَ الخَشَبِ ومُلَبَّسَةٌ بِالذَّهَبِ والفِضَّة، فسيُعرَفُ فيما بَعدُ أَنَّها كَذِب، ويَتَبَيَّنُ لِجَميعِ الأُمَمِ والمُلوكِ أَنَّها لَيسَت آلِهَة، بل صُنعُ أَيدي النَّاس، وأَن لا شَيءَ فيها مِن صُنْعِ الله. ٥١فلأَيِّ أَحَدٍ لا يَتَّضِحُ أَنَّها لَيسَت بآلِهَة؟

٥٢فإِنَّها لا تُقيمُ مَلِكًا على مِنطَقَة ولا تُعْطي النَّاسَ مَطَرًا، ٥٣ولا تَحكُمُ في قَضِيَّتِها الخاصَّة، ولا تُنقِذُ مَظْلومًا، فهي عاجِزَةٌ كالغُرْبانِ الَّتي بَينَ السَّماءِ والأَرض. ٥٤وإِذا وَقَعَت نارٌ في هَيكَلِ هٰذه الآلِهَةِ المَصْنوعةِ مِنَ الخَشَبِ والمُلَبَّسَةِ بِالذَّهَبِ أَو الفِضَّة، فكَهَنَتُها يَفِرُّونَ ويَنْجُون. أَمَّا هي فتَحتَرِقُ كالعَوارِضِ الَّتي في الوَسَط. ٥٥إِنَّها لا تُقاوِمُ مَلِكًا ولا أَعْداءً، ٥٦فكَيفَ يَجوزُ أَن تُعَدَّ أَو تُحسَبَ آلِهَةً؟

٥٧وهٰذه الآلِهَةُ المَصْنوعَةُ مِنَ الخَشَبِ والمُلَبَّسَةُ بِالفِضَّةِ والذَّهَب لا تُنقِذُ أَنفُسَها مِنَ السُّرَّاقِ ولا مِنَ اللُّصوص، والأَقوِياءُ مِنهُم يَنزِعونَ عنها الذَّهَبَ والفِضَّة ويَذهَبونَ بِالثِّيابِ الَّتي علَيها، وهي لا تُنجِدُ أَنفُسَها. ٥٨ولِذٰلك فإِنَّه خَيرٌ أَن يَكونَ الإِنْسانُ مَلِكًا يُظهِرُ شَجاعَتَه، أَو إِناءً نافِعًا في بَيت، مِن أَن يَكونَ هٰذه الآلِهَةَ الكاذِبَة، أَو أَيضًا بابًا في بَيتٍ يَحفَظُ ما فيه مِن أَن يَكونَ هٰذه الآلِهَةَ الكاذِبَة، أَو عَمودًا مِنَ الخَشَبِ في قَصْر، مِن أَن يَكونَ هٰذه الآلِهَةَ الكاذِبة. ٥٩إِنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ والنُّجوم، الَّتي تُضيءُ وتُرسَلُ بِمُهِمَّة، تُطيعُ مُرسِلَها. ٦٠وكذٰلك البَرْقُ إِذا لَمَعَ يَروقُ العَين، والرِّيحُ تُهُبُّ في كُلِّ ناحِيَة، ٦١والغُيومُ، إِذا أَمَرَها اللهُ أَن تَجوبَ الدُّنْيا كُلَّها، تُنَفِّذُ ما أُمِرَت بِه، والنَّارُ المُرسَلَةُ مِن فَوقُ لِتُفنِيَ الجِبالَ والغاباتِ تَفعَلُ ما أُوصِيَت بِه. ٦٢أَمَّا الآلِهَةُ فلا تُماثِلُها مَنظَرًا ولا قُوَّةً. ٦٣فلا يَجوزُ أَن تُحسَبَ أَو تُدْعى آلِهَة، إِذ لا تَستَطيعُ أَن تُجرِيَ الحُكمَ أَو تُحسِنَ إِلى النَّاس. ٦٤وبِما أَنَّكم تَعلَمونَ أَنَّها لَيسَت بآلِهَة، فلا تَخافوها.

٦٥فإِنَّها لا تَلعَنُ المُلوكَ ولا تُبارِكُهم، ٦٦ولا تُظهِرُ بَينَ الأُمَمِ آياتٍ في السَّماء، ولا تُنيرُ كالشَّمسِ ولا تُضيءُ كالقَمَر. ٦٧الوُحوشُ خَيرٌ مِنها، لِأَنَّ في طاقَتِها أَن تَهرُبَ إِلى مَلجإٍ وتَنفَعَ أَنفُسَها. ٦٨لا يَتَبَيَّنُ لَنا إِذًا بِوَجهٍ مِنَ الوُجوه أَنَّها آلِهَة، فلا تَخافوها.

٦٩مَثَلُ آلِهَتِهمِ المَصْنوعَةِ مِنَ الخَشَبِ والمُلَبَّسَةِ بِالذَّهَبِ والفِضَّةِ مَثَلُ فَزَّاعَةٍ في أَرضِ قِثَّاء لا تَحرُسُ شَيئًا. ٧٠ومَثَلُ آلِهَتِهمِ المَصْنوعَةِ مِنَ الخَشَبِ والمُلَبَّسَةِ بِالذَّهَبِ والفِضَّةِ مَثَلُ دَغْلٍ شَوكِيٍّ في بُسْتانٍ يَقَعُ علَيه كُلُّ طَير، أَو مَثَلُ مَيتٍ مَطْروحٍ في الظُّلْمَة. ٧١ومِنَ الأُرجُوانِ والكَتَّانِ اللَّذَينِ يأكُلُهما العُثُّ علَيها، تَعلَمونَ أَنَّها لَيسَت بِآلِهة. وفي آخِرِ الأَمْرِ تُؤكَلُ هٰذه وتَصيرُ عارًا في النَّاحِيَة. ٧٢إِنَّ الرَّجُلَ البارَّ الَّذي لا صَنَمَ لَه أَفضَل، لِأَنَّه بَعيدٌ عنِ العار.