اختر صفحة

رسالة القدّيس يُوحَنّا الثانية

إنجيل متّى


الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

يوحنّا الثانية ١

يوحنّا الثانية ١

مدخل إلى رسائل القدّيس يوحنّا

ظروف إنشاء الرسائل

إنّ رسائل يوحنّا، الأولى والثانية منهما على أقلّ ما يُقال، لا تحتوي شيئًا يخبر عن ظروف إنشائها وهويّة كاتبها. ولكنّ البحث في النصّ نفسه يتيح مقدارًا كافيًا من الاطّلاع على الحالة التي كان عليها الذين بُعثَ بها إليهم والأسباب التي دعت صاحبها للكتابة إليهم.

ويمكن الاستنتاج، من لهجة الجدال الواردة في عدّة فقرات، أنّ الجماعات التي وُجِّهت إليها الرسائل كانت تجتاز أزمة شديدة. فإنّ انتشار عقائد لا توافق الوحي المسيحيّ كان يعرِّض للخطر صفاء الإيمان. من كان دعاةُ ذلك التعليم؟ سُمّوا مسحاء دجّالين (١ يو ٢/ ١٨ و٢٢؛ ١ يو ٤/ ٣؛ ٢ يو ١/ ٧) ومتنبّئين (١ يو ٤/ ١) وكذّابين (١ يو ٢/ ٢٢) ومضلّين (٢ يو ١/ ٧). إنّهم من العالم (١ يو ٤/ ٥) وينقادون لروح الضلال (١ يو ٤/ ٦). كانوا من الجماعة إلى عهدٍ قريب (١ يو ٢/ ١٩ وراجع ٢ يو ١/ ٩)، وهم يحاولون الآن إضلال المؤمنين الذين ما زالوا أمناء (١ يو ٢/ ٢٦؛ ١ يو ٣/ ٧) فيحملون إليهم تعليمًا ليس بتعليم المسيح (٢ يو ١/ ١٠).

أيًّا كان ضلالهم؟ خُدعوا بروحانيّة من النمط الغنوصيّ فادّعوا أنّهم يعرفون الله (١ يو ٢/ ٤) ويرون الله (١ يو ٣/ ٦؛ ٣ يو ١/ ١١) ويحيون متّحدين به (١ يو ٢/ ٦)، وأنّهم في النور (١ يو ٢/ ٩)، مع أنّ تعليمهم وسيرتهم يخالفان الوحي المسيحيّ مخالفةً فاضحة. وكان قبل كلّ شيء موقفهم من المسيحانيّة بدعة، فكانوا يأبون أن يروا في يسوع المسيح المنتظر (١ يو ٢/ ٢٢) وابن الله (١ يو ٤/ ١٥؛ ٢ يو١/ ٧)، وينكرون التجسّد (١ يو ٤/ ٢؛ ٢ يو١/ ٧) ويُجزِّئون يسوع، لأنّهم يفصلون فيه بين يسوع التاريخ وابن الله، وينكرون أنّ ابن الله قد جاء بسبيل الماء والدم (١ يو ٤/ ٣؛ ١ يو ٥/ ٦). ولم يكن تصرّفهم الخلُقيّ أقلّ استئهالًا للّوم، فقد كانوا بما فيهم من نزعة غنوصيّة واضحة يزعمون أنّهم بلا خطيئة (١ يو ١/ ٨ و١٠). ولا يعنون وصايا الله (١ يو ٢/ ٤)، ولا سيّما وصيّة المحبّة الأخويّة (١ يو ٢/ ٩).

حاول المؤرّخون، منذ أمد بعيد، أن يعرفوا مَن هم أولئك المعلّمون الكذّابون. فقال إيريناوس إنّ إنجيل يوحنّا توخّى الردّ على المبتدع قيرنتس. فيكون من المعقول جدًّا أنّ رسائل يوحنّا استهدفت تعليم ذلك الرجل، ويبدو أنّ تعليمه كان موافقًا في عدّة أمور لتعليم الدعاة الذين شهّرت بهم الرسالة. وكان قيرنتس، كما وردَ أيضًا في إيريناوس، يعلِّم أنّ يسوع لم يكن سوى إنسان كسائر الناس، وأنّ المسيح السماويّ اتّحدَ به في المعموديّة، ولكنّه انفصل عنه في ساعة الآلام (ولربّما في ١ يو ٢/ ٢٢؛ ١ يو ٥/ ٦ إشارة إلى ذلك). غير أنّ أمورًا أخرى من التعليم الذي يُنسب إلى قيرنتس لم تخلّف أيّ أثر كان في رسائل يوحنّا. ومهما يكن من أمر الرأي القائل إنّ قيرنتس هو المقصود في رسائل يوحنّا، فإنّ التيّار الذي يُرَجّح أنّ هذه الرسائل تستهدفه يمتُّ بصلة إلى تلك النزعة المتهوّدة التي مهّدت السبيل للعرفان، والتي قاومتها منذ ذلك العهد رسائل بولس في السجن ورسائله الرعائيّة، والتي أدّت بعدئذٍ إلى النظريّات الغنوصيّة الكبيرة في القرن الثاني.

ولم تكن غاية الكاتب، مع ذلك، محاربة أهل البدع، فقد وجّه الكلام إلى المسيحيّين مباشرة وبغية أن يحذّرهم من ادّعاءات أهل العرفان، ويبيّن لهم أنّهم المؤمنون الذين بإيمانهم نفسه يشاركون الله حقًّا (١ يو ١/ ٣). وذلك ما وردَ أيضًا في خاتمة الرسالة الأولى: «كتبتُ إليكم لتعلموا أنّ الحياة الأبديّة لكم، أنتم الذين يؤمنون باسم الله» (١ يو ٥/ ١٣). ولذلك أيضًا كرّرَ الكاتب تكريره للأزمة هذه العبارة: «والدليل على أنّنا نعرفه هو أنّنا…» (١ يو ٢/ ٣ و٥؛ ١ يو ٣/ ١٩ و٢٤؛ ١ يو ٤/ ٢ و٦ و١٣ وراجع ١ يو ٣/ ١٠؛ ٢ يو ١/ ٦ و٧ و٩؛ ٣ يو ١/ ٣ و١٢). أراد أن يدلّ بذلك على العلامة التي بها يُعرف المؤمنون الحقيقيّون. إنّ ما يدلّ عليهم هو الأمانة للإيمان المسيحيّ الذي عُلّم منذ البدء (١ يو ٢/ ٢٢-٢٤ على سبيل المثال) وحفظ وصاياه، ولا سيّما وصيّة المحبّة الأخويّة (١ يو ٢/ ٣-٦ و٩-١١ على سبيل المثال).

رسالة القدّيس يوحنّا الثانية

يوحنّا الثانية ١

سلام

١مِنِّي أَنا الشَّيخَ إِلى السَّيِّدةِ المُختارة وإِلى أَبنائِها الَّذينَ أُحِبُّهم في الحَقّ، لا أَنا وَحْدي، بل جَميعُ الَّذينَ عَرَفوا الحَقَّ، ٢بِفَضلِ الحَقِّ المُقيمِ فينا والَّذي سَيَكونُ مَعَنا لِلأَبَد: ٣معَنا النِّعمَةُ والرَّحمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ الآبِ ويسوعَ المسيحِ ٱبنِ الآب، في الحَقِّ والمَحبَّة.

وصيّة المحبّة

٤فَرِحتُ كَثيرًا إِذ رَأَيتُ بَعضَ أَبنائِكِ يَسلُكونَ سَبيلَ الحَقِّ وَفْقًا لِلوَصِيَّةِ الَّتي تَلقَّيناها مِنَ الآب. ٥أَسأَلُكِ الآنَ أَيَّتُها السَّيِّدة، لا كَمَن يَكتُبُ بِوَصِيَّةٍ جَديدة، بل بِوَصِيَّةٍ أَخَذْناها مُنذُ البَدْء، أَسأَلُكِ أَن يُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا. ٦والمَحَبَّةُ هي أَن نَسلُكَ سَبيلَ وَصاياه، وتِلكَ الوَصِيَّة، كما سَمِعتُموها مُنذُ البَدْء، هي أَن تَسلُكوا سَبيلَ المَحبَّة.

المسحاء الدجّالون

٧ذٰلك بِأَنَّه قدِ ٱنتَشَرَ في العالَمِ كَثيرٌ مِنَ المُضِلِّين لا يَشهَدونَ لِيسوعَ المسيحِ الَّذي جاءَ في الجَسَد. هٰذا هو المُضِلُّ المسيحُ الدَّجَّال. ٨فخُذوا الحَذَرَ لِأَنْفُسِكم، لِئَلَّا تَخسَروا ثَمَرَةَ أَعمالِكم، بل لِتَنالوا أَجْرًا كامِلًا. ٩كُلُّ مَن جاوَزَ حَدَّه ولَم يَثبُتْ في تَعليمِ المسيح، لم يَكُنِ اللهُ معَه. مَن ثَبَتَ في ذاك التَّعليم فهو الَّذي كانَ الآبُ والِٱبنُ معَه. ١٠إِذا جاءَكم أَحَدٌ لا يَحمِلُ هٰذا التَّعليم فلا تَقبَلوه في بُيوتِكم ولا تَقولوا لَه: سَلام! ١١مَن قالَ لَه: سَلام، شارَكَه في سَيِّئاتِ أَعمالِه.

خاتمة

١٢عِنْدي أَشياءُ كَثيرَةٌ أَكتُبُ بِها إِلَيكم، فما أَرَدتُ أَن أَجعَلَها وَرَقًا وحِبْرًا، لٰكِنِّي أَرْجو أَن آتِيَكم فأُشافِهَكم لِيَكونَ فَرَحُنا تامًّا.

١٣يُسلِّمُ علَيكِ أَبناءُ أُختِكِ المُخْتارة.