اختر صفحة

رسالة القدّيس بُولُس إلى أهل قولسّي

إنجيل متّى

الحواشي:

١ تشتمل مقدّمة الإنجيل، بعد نسب يسوع (متى ١/١-١٧)، على خمسة مشاهد تتناوب فيها أحلام يوسف (متى ١/١٨-٢٥؛ متى ٢/١٣-١٥؛ متى ٢/١٩-٢٣) وتدخّلات هيرودس (متى ٢/١-١٢ و١٦-١٨). في روايات الطفولة تقليدان أحدهما يتعلّق بهيرودس والآخر بيوسف، وهما مستقلّان الواحد عن الآخر من حيث الإنشاء والبنية والمضمون.

٢ الترجمة اللفظيّة: كتاب تكوين يسوع المسيح. يقتدي متّى بعنوان رواية سلالة الإنسان الأوّل («هذا كتاب سلالة آدم»: تك ٥/١)، فيوحي بأنّ يسوع يفتتح كتاب تكوين جديد، لأنّه آدم الجديد (راجع لو ٣/٣٨). إلّا أنّ التاريخ المرويّ هنا يفيدنا عن نسب يسوع، في حين أنّ سِفر التكوين يركّز على نسل آدم: ففي يسوع يتمّ معنى تاريخ إسرائيل. عن الفرق القائم بين نسب متّى ونسب لوقا، راجع لو ٣/٢٣+.

قولسّي ١

قولسّي ٢

قولسّي ٣

قولسّي ٤

 رسالة القدّيس بولس
 إلى أهل قولسّي

مدخل

مضمون الرسالة

إنّ الرسالة إلى أهل قولسّي صغيرة الحجم (أربعة فصول)، كبيرة بما فيها من شرحٍ لاهوتيّ، وقد ضمّها التقليد إلى «رسائل بولس من السجن».

تُستهلّ الرسالة، جريًا على العادة، برتبة طقسيّة كالتي تكون في الرسائل (قول ١/ ١-٢٠)، من تحيّة وشكر على انتشار الإنجيل (قول ١/ ٣-٨) ودعاء للمؤمنين (قول ١/ ٩-١٢). ويتبع ذلك نشيدٌ يشيد بالمسيح رأسًا للكون، فيسري بغزارة في الرسالة كلّها (قول ١/ ١٣-٢٠). وفي قول ١/ ٢١-٢٣ نداء إلى الذين بعث إليهم بالرسالة. ثمّ ينتقل الكلام من ذلك النداء إلى ذكر الخدمة الرسوليّة، وغايتها أن تحقّق ما أشيد به في النشيد: على بولس أن يبلغ بكلمة المسيح وشدائده تمامَها، لكي يظهر مجد الله بين الأمم (قول ١/ ٢٤-٢/ ٥).

وردَ في قول ٢/ ٦-٣/ ٤ التحذير الذي دعا إلى كتابة الرسالة: تُنذر الكنيسة بالخطر الذي يهدّدها ما ينادي به من تعليمٍ وأحكام معلّمون من أهل البدع قدموا قولسّي. وفي وسط هذا القسم، وهو للجدل، ترتفع إشادة أخرى بانتصار المسيح على قوى السموات، ذلك الانتصار الذي يشترك فيه المؤمنون بمعموديّتهم. ويشيد للحرّيّة المسيحيّة أساسًا يردّ كلّ محاولة للاستعباد (قول ٢/ ١٦-٣/ ٤).

ثمّ يصير الإرشاد أعمّ لهجة (قول ٣/ ٥-٤/ ٦)، فيعود إلى المعموديّة: إنّ المؤمنين خلعوا عنهم الإنسان القديم فلبسوا الإنسان الجديد الذي تتحقّق حياته في الجماعة المسيحيّة بحسن السيرة والعبادة (قول ٣/ ٥-١٧).

ثمّ تأتي توصيات تتناول العلاقات بالآخرين، وهي كناية عن وصف الحياة العائليّة والاجتماعيّة التقليديّ، وقد دُمجت «في الربّ» ووجدت لها بذلك معنى جديدًا (قول ٣/ ١٨-٤/ ١). وتنتهي الرسالة بدعوة إلى التنبّه والصلاة (قول ٤/ ٢-٤)، ونصيحة تتناول العلاقات بغير المسيحيّين (قول ٤/ ٥-٦)، وجملة من التحيّات والأخبار عن الأشخاص (قول ٤/ ٧-١٧) يختمها الرسول بسلامه (قول ٤/ ١٨).

إظهار المزيد

أزمة قولسّي

١. أخبار الرسالة. بعث بولس وهو في القيود (قول ٤/ ٣ و١٠ و١٨) بهذه الرسالة إلى مسيحيّي قولسّي (قول ١/ ٢). لم يذهب قطّ إلى تلك البلدة من فريجية (في آسية الصغرى) على بعد ثلاثمئة كيلومتر من أفسس إلى الشرق. أقام الرسول في أفسس مدّة طويلة (رسل ١٩/ ١-٤٠)، فأنشأ تلميذه أبفراس، وهو من قولسّي، تلك الجماعة (قول ١/ ٧)، وأنشأ في الوقت عينه جماعتَيْ هيرابولس واللاذقيّة (قول ٤/ ١٣)، وهما مدينتان متجاورتان. ذُكرت اللاذقيّة بين «الكنائس السبع» من آسية التي وردَ اسمها في سِفر الرؤيا (قول ١/ ١١؛ قول ٣/ ١٤). وارتأى بعضهم أنّها لربّما كانت هي التي وُجّهت إليها الرسالة التي يُقال لها الرسالة إلى أهل أفسس (قول ٤/ ١٦؛ راجع أيضًا المدخل إلى رسالة أهل أفسس). علم بولس، على ما وردَ في الرسالة، بما آلت إليه الحالة من السوء في قولسّي، من أبفراس وقد لحق به إلى السجن (قول ٤/ ٧). فبعث بطيخيقس، ولربّما هو الذي حمل الرسالة، وبأونيسيمس قول ٤/ ٩ ووكلَ إليهما أن يكون لسان حاله في المحنة التي تجتازها هذه الكنائس. ولم يكن الرسول هو الذي أنشأها، وقد حالت قيوده من دون أن يتدخّل هو بنفسه.

٢. المعركة اللاهوتيّة والروحيّة. لقيَ بولس مصاعب كثيرة في الماضي، ولكنّ الحالة هنا تختلف عمّا جرى في قورنتس أو في غلاطية، إذ يبدو أنّ المسائل الشخصيّة (المنازعات أو إنكار رسالة بولس) لم يكن لها الدور الحاسم. لا نعرف معرفة واضحة، على كثرة البحوث التي أجريت، ما هي الأفكار التي رُوّجت في قولسّي. ما نعلمه مستمدّ من الرسالة، وما وردَ فيها هو في أكثره تلميح، وبعض عباراتها اصطلاحات تبقى غامضة في نظرنا. ويعسر علينا أحيانًا أن نعرف هل تعود هذه الإشارة أو تلك إلى المعلّمين الجدد أم هي تعبّر عن حكم يصدر عن الرسول (هكذا قول ٢/ ١٨ و٢١ و٢٣). كانت النزعة الأساسيّة في هذه الحركة محاولة لنوع من «تخطّي» الإنجيل الذي يبشِّر به الرسول. فكان يُدعى إلى التفكير في عالم القوّات الملائكيّة وأعمال تقشّف، والقيام ببعض أحكام الشريعة لِتُتِمَّ الإيمانَ بالمسيح وتطلّع المؤمنين على معرفة أسمى للأسرار، وحياة دينيّة أشدّ موافقة لما يصبون إليه. يجد المرء عندهم بعض ملامح «ذلك الإنجيل المتهوِّد» الذي كان بولس قد قاومه في غلاطية. ولكنّ الإنجيل المتهوِّد ذلك قد تطوّر، على ما يبدو، وازداد باطنيّة، فيرى فيه المرء نزعات أدّت بعدئذٍ إلى أنظمة العرفان التي نشأت في القرن الثاني. هناك لغة جديدة تتطوّر، وقد عُثرَ لها على آثار في مؤلّفات العهد الجديد التي تبعت وفي خارجه.

ميزات الرسالة

أثّرت هذه المجابهة في الرسالة إلى أهل قولسّي، فظهرت فيها فرادة تميِّزها من رسائل بولس السابقة:

١. نرى تبدُّلًا في الإنشاء، وقد ازداد ذلك التبدّل في الرسالة إلى أهل أفسس. فالمترادفات تتراكم والمفاعيل تتابع. وهناك التبسّط في الأمور الطقسيّة (قول ١/ ٣ و٨ و٩-٢٠) والجمل الغامضة أو المختلَّة التركيب (قول ٢/ ١٨-١٩ و٢٠-٢٣) والإكثار من الجمل المعترضة أو الموصولة.

٢. ويلاحَظ أيضًا تطوّر في مسألة اللغة، فإنّ كلمات كان بولس قد استعملها تُحدِث حولها تبلورًا للفكر غير معهود، أمثال رأس وجسد وأصحاب رئاسة وأصحاب سلطة وأركان العالم وسرّ ووكالة وملء وحكمة وغنى ومعرفة إلخ… (يلاحَظ تأثير شديد للأدب الحكميّ). وكلمة «قدّيسون» تغلب للدلالة على المسيحيّين.

٣. يتبدّل الفكر نفسه ويكون تبدّله على نحو يكاد ألّا يُشعر به أحيانًا، ولكنّه يدلّ على نظرات جديدة. ويلاحَظ على الخصوص التشديد والتغيير في هذه الأمور:

– يبلغ ارتفاع المسيح قدره الذي يشمل الكون، فيشاد به رأسًا للكون ولأصحاب القدرة ورأسًا للكنيسة.

– يتبدَّل التفهّم لمعنى الكنيسة: كان يُقال لها «الجسد» ليُعَبَّر في ١ قور ٢/ ١-١٦ عن الوحدة في التنوّع ضمن الجماعة. فاتّسعت هذه الفكرة هي أيضًا سعة شاملة. إذ إنّ الكنيسة (الجسد) في هذه الرسالة تميَّز من المسيح (الرأس) على نحوٍ واضح ممّا كان الأمر في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس.

– تتبوّأ ظروف المكان (فوق وتحت) مكان الصدارة على ظروف الزمان والآخرة. فالملكوت يُجعل فوقنا، بصفته الحقيقة التي تعلونا (قول ١/ ١٣؛ قول ٣/ ١-٤)، لا أمامنا، وبصفته الحقيقة الآتية نحونا (راجع مر ١/ ١٥).

– من جرّاء ذلك يتبدّل التفكير اللاهوتيّ في المعموديّة تبدُّلًا ذا شأن. عبّرَ بولس، في روم ٦/ ١-٢٣ بصيغة الماضي، عن اتّحادنا بالمسيح وبصيغة المستقبل عن اشتراكنا في قيامته. أمّا في الرسالة إلى أهل قولسّي فإنّه يقول في المعمّد إنّه قد قام في المسيح (راجع قول ٢/ ١٢؛ قول ٣/ ١).

– يحلّ معنى الملء وموضوعا الحكمة والاستنارة محلّ المعاني الحقوقيّة المرتبطة عند بولس بعمل الروح القدس. فيتحوّل الإنجيل رويدًا رويدًا إلى «السرّ».

ستظهر هذه الصفات كلّها في الرسالة إلى أهل أفسس، فإنّ وجوه الشبه في الإنشاء والتفكير بين الرسالتين مشكلة قائمة في نفسها (راجع المدخل إلى الرسالة إلى أهل أفسس).

صحة نسبة الرسالة

إنّ أهمّ العناصر التي تدخل في الحساب هي:

١. المقاييس الأدبيّة التي لخّصناها آنفًا. فعلى قدر ما يجعل لها المرء من الشأن وبحسب ما يرجّح وجوه الشبه بين هذه الرسالة وسائر الرسائل أو وجوه الاختلاف بينها، يعدّ الرسالة من عمل الرسول، وقد بلغ سعيه آخر شوطه، أو من عمل أمين سرّ له، أو أحد تلاميذه المقرّبين، أو آخرَ الأمر من عمل متأخّر يعود إلى ما سمّاهم بعض الناس «المدرسة البولسيّة».

٢. الأمور التي تساعد على توضيح الصلات بين الرسالة إلى أهل قولسّي وسائر الرسائل. وهذه الصلات متشعّبة، فالرسالة إلى أهل قولسّي تبدو متشابهة ورسائل كُتبت في أوقات مختلفة. إنّ موضوعًا كموضوع «أركان العالم» وبعض التراكيب تُظهر شبهًا، على سبيل المثال، بين الرسالة إلى أهل قولسّي والرسالة إلى أهل غلاطية (غل ٤/ ١-١١؛ قول ٢/ ٦-٢٣). والرسالة إلى أهل قولسّي، من جهة أخرى، تؤلّف، مع الرسالة إلى فيلمون والرسالة إلى أهل أفسس، مجموعة تمتاز بوحدة الحالة التي كُتبت فيها: فبولس في السجن (ف ١/ ٩ و١٠ و١٣ و٢٣؛ أف ٣/ ١؛ أف ٤/ ١؛ أف ٦/ ٢٠) يكلّف طيخيقس وأونيسمس عملًا مماثلًا (ف ١/ ١٢؛ أف ٦/ ٢١-٢٢) ولا تخلو الرسالة إلى أهل قولسّي من صلة بالرسالة إلى أهل فيلبّي، وقد كتبها أيضًا بولس وهو في السجن. غير أنّ هذه العناصر ليست حاسمة، ومن المحتمل أن تكون بعض الأشياء قد اقتُبست من هذه الرسالة إلى تلك.

٣. طبيعة الأزمة الحقيقيّة التي قامت في قولسّي. ولكن يعسر علينا أن نأتي بتاريخٍ أكيد لها، فإنّ ضعف وضوح التلميحات إلى العقائد والأحكام المعمول بها، ومدّة ظواهر العدوى التي تسرّبت من الحركات الممهّدة للعرفان إلى الإيمان المسيحيّ لا تمكّناننا من أن نحدّد على نحوٍ أكيد الوقت الذي نشأ فيه النزاع.

هناك ثلاثة وجوه للحلّ، إذا روعيت الأمور المذكورة آنفًا كلّها:

– إنّ الرأي الشائع يجعل الرسالة إلى أهل قولسّي والرسالتين إلى فيلمون وأهل أفسس في آخر خدمة بولس الرسوليّة، أثناء أسره الأوّل في رومة (من العام ٦١ إلى ٦٣). تبدو الرسالة إلى أهل قولسّي الرسم الأوّل لخلاصة تفكيره اللاهوتيّ الذي سيبلغ كمال تفتّحه إلى أهل أفسس. يزداد فكر الرسول سموًّا وبعدًا ليُظهر معنى الصليب الشامل وارتفاع المسيح، وليكشف عن آخر نتائج سرّ الخلاص في الكنيسة، وهذا يفسّر ما في الخلاصة الجديدة هذه عند بولس من تبدّل في الإنشاء والنظر إلى الأمور. إنّ الافتراض أنّ الرسالة إلى أهل قولسّي أُنشئت في أثناء أسر بولس في قيصريّة (من ٨٥ إلى ٦٠) يوافق مثل هذا التاريخ، والأزمة التي قامت في غلاطية تُظهر من جهة أخرى أنّ تطوّر الأفكار قد حصل في وقتٍ مبكّر.

– بين أنصار نسبة الرسالة إلى بولس أناس يرون أنّها كُتبت والرسالتين إلى أهل فيلبّي وفيلمون، لا في آخر نشاطه الرسوليّ والأدبيّ، بل في وسطه. فتكون في جملة الرسائل العائدة إلى إقامته الطويلة في أفسس (من ٥٤ إلى ٥٧) التي في أثنائها يمكن الافتراض أنّه سُجِن (راجع مصاعب بولس في هذه المدينة بـ ١ قور ١٥/ ٣٢؛ ٢ قور ١/ ٨-١٠). وهكذا يتّضح لنا أمر العلاقات الوثيقة المستمرّة بين الرسول وكنائس تلك الناحية، ولكن لا تراعى المدّة التي لا بدّ منها لتمهيد الطريق أمام الرسالة إلى أهل قولسّي. ويُضطَرّ أصحاب هذا الرأي إلى إبعادها من الرسالة إلى أهل أفسس. ففي هذه الحال تنسب على العموم تلك الرسالة إلى شخص غير بولس.

– هناك الذين يرون أنّ حالة الكنيسة ومضمون الرسالة وصيغتها تدعو إلى عدّ هذه الرسالة مؤلَّفًا يمثِّل الجيل التابع للرسل، فإنّ الاهتمام بأمور ما بعد الموت قد تضاءل، وأخذت الكنيسة تستنجد بالسلطة الرسوليّة لردّ الغارات الأولى التي يشنّها العرفان، فزكَّت خدمة أبفراس ووعظه باسم بولس. وهكذا تكشفُ لنا الرسالة عن المكانة التي اعتلاها بولس في أعين المسيحيّين بآخر القرن الأوّل (راجع ٢ بط ٣/ ١٥-١٦).

مغزى الرسالة

إذا تشعّبت الآراء على هذا النحو في تاريخ الرسالة أو نسبتها، فإنّها تأتلف للاعتراف بأنّ الرسالة إلى أهل قولسّي توافق موافقة جوهريّة البلاغ الذي عبَّر عنه بولس في أحوال أخرى، وهو أنّنا ندرك الكمال في المسيح. إنّه كلّ شيء من أجل برّنا (غلاطية ورومة) وكلّ شيء من أجل مصيرنا وموتنا وحياتنا (قولسّي). فحذارِ العودة إلى الشريعة، لأنّها عودة إلى العبوديّة السابقة (غلاطية). حذارِ إضافة عبادة لأصحاب القوّة، إلى جانب سيادة المسيح أو فوقها أو تحتها: ففي ذلك عودة إلى العبوديّة. إنّ نشيد الحرّيّة المسيحيّة نفسه يرتفع، واللجوء نفسه إلى العبوديّة واجب وجوب الحدث الذي لا رجعة فيه والذي انتشلنا من كلّ برّ آخر (غلاطية ورومة) ومن كلّ سلطة غير برّ المسيح وسلطته (قولسّي). وإذا كان يبدو أنّه ينتقل من تعبير يؤثّر فيه الزمان وانتظار مجيء المسيح، إلى تعبير يسوده المكان وارتفاع المسيح رأسًا للكون، فإنّ ذلك الانتقال هو في سبيل البلاغ نفسه، وهو أنّ المسيح مات وقام مرّة واحدة وأنّنا متّحدون به مرّة واحدة. إنّ حياتنا، وقد ارتبطت بحياته، تعسكر ظافرة في «الأماكن السماويّة»، حيث تضطرب القوى التي تهدّد تحرّرها. وليس المراد من ذلك تحريضًا على الهرب، بل السير بنا إلى حياة صحيحة كما يظهر من آخر الرسالة.

ما من شيء يبدو، للوهلة الأولى، أبعد منّا من تلك التلميحات إلى أصحاب سلطة يُزعم أنّها تسكن عالم ما فوق الأرض، من ملائكة وقوّات بيدها سير الكواكب ومصير الناس. وما من شيء أغرب من أحكام الطعام أو الطقوس التي تسوِّل لمسيحيّي قولسّي أنفسهم العمل بها. ولكن حَسْب القارئ أن يستمع إلى تلك الأسئلة ويدع جواب الرسول ينفذ إليه، حتّى يدرك ما كان لهذه الرسالة من صدى. إنّ أصحاب السلطة قد تبدّلوا ومحاولاتنا لاستمالتهم أو الإفلات منهم ليست هي نفسها، ومع ذلك فإنّ أهل قولسّي إخوتنا. فابن القرن العشرين، لا بل مسيحيّ القرن العشرين، يشعر بمثل مشقّتهم بأن يرى نفسه مسؤولًا. إنّه يشعر بأنّه ألعوبة القوى التي تجرّ الأرض في تطوّر لا رجعة فيه. لا يكون الخلاص بعد اليوم في طاعة شخصيّة لشريعة أو لخُلُق كثيرًا ما يُنكر، بل في الإفلات من قبضة اغتراب يُنذر بالهلاك. إلينا أيضًا يلقى السؤال عن الصلة القائمة بين المسيح والكون: أيّ صلة تكون بين ما نستشفّه من الكون والإنجيل الذي يُبَشَّر به ويُتقبَّل؟

قولسّي ١

توجيه

١مِن بولُسَ رَسولِ المسيحِ يسوع بِمَشيئَةِ الله ومِنَ الأَخِ طيموتاوُس ٢إِلى القِدِّيسينَ الَّذينَ في قولُسِّي، الإِخوَةِ المُؤمِنينَ في المسيح. علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ أَبينا.

شكر ودعاء

٣نَشكُرُ اللهَ أَبا رَبِّنا يسوعَ المسيح دائِمًا، ونَحنُ نُصَلِّي مِن أَجلِكُم، ٤بَعدَ أَن سَمِعْنا بإِيمانِكم في المسيحِ يسوع وبِمَحَبَّتِكم لِجَميعِ القِدِّيسين ٥مِن أَجْلِ الرَّجاءِ المَحْفوظِ لَكم في السَّمَوات. فقَد سَمِعتُم بِهٰذا الرَّجاءِ في كَلِمَةِ الحَقّ، أَي في البِشارةِ ٦الَّتي وَصَلَت إِلَيكم. وكَما أَنَّها تُثمِرُ وتَنتَشِرُ في العالَمِ أَجْمَع، فهِي كذٰلِكَ تُثمِرُ وتَنتَشِرُ فيما بَينَكم مُذ سَمِعتُم بِنِعمَةِ اللهِ وعَرَفتُموها حَقَّ المَعرِفَة، ٧كما تَعلَّمتُم مِن أَبَفْراس صاحِبِنا الحَبيبِ في العَمَل والخادِمِ الأَمينِ لِلمَسيحِ مِن أَجْلِكم، ٨فقَد أَخبَرَنا بِما أَنتُم علَيه مِنَ المَحَبَّةِ في الرُّوح.

٩لِذٰلِكَ نَحنُ أَيضًا، مُنذُ اليَومِ الَّذي سَمِعْنا فيه ذٰلِكَ، لا نَكُفُّ عنِ الصَّلاةِ مِن أَجْلِكُم ونَسأَلُه تَعالى أَن تَمتَلِئوا مِن مَعرِفَةِ مَشيئَتِه في كُلِّ شَيءٍ مِنَ الحِكمَةِ والإِدراكِ الرُّوحِيّ ١٠لِتَسيروا سيرةً جَديرةً بِالرَّبِّ تُرْضيهِ كُلَّ الرِّضا وتُثمِروا كُلَّ عَمَلٍ صالِحٍ وتَنْموا في مَعرِفَةِ الله، ١١مُتَقوِّينَ كُلَّ قُوَّةٍ بِقُدرَتِه العَزيزة، على الثَّباتِ التَّامِّ والصَّبْرِ الجَميل، ١٢وتَشكُروا الآبَ فَرِحينَ لِأَنَّه جَعَلَكم أَهْلًا لِأَن تُشاطِروا القِدِّيسينَ مِيراثَهم في النُّور. ١٣فهو الَّذي نَجَّانا مِن سُلْطانِ الظُّلُماتِ ونَقَلَنا إِلى مَلَكوتِ ٱبنِ مَحَبَّتِه، ١٤فكانَ لَنا فيه الفِداءُ وغُفْرانُ الخَطايا.

أوّليّة المسيح

١٥هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى

وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة.

١٦ففيه خُلِقَ كُلُّ شَيء

مِمَّا في السَّمَواتِ ومِمَّا في الأَرْض

ما يُرى وما لا يُرى

أَأَصْحابَ عَرْشٍ كانوا

أَم سِيادةٍ أَم رِئاسةٍ أَم سُلْطان.

كُلُّ شَيءٍ خُلِقَ بِه ولَه.

١٧هو قَبْلَ كُلِّ شَيء

وبِه قِوامُ كُلِّ شَيء.

١٨وهو رَأسُ الجَسَد

أَي رَأسُ الكَنيسة.

هو البَدْءُ والبِكْرُ مِن بَينِ الأَموات

لِتَكونَ لَه الأَوَّلِيَّةُ في كُلِّ شَيء.

١٩فقَد حَسُنَ لَدى اللهِ

أَن يَحِلَّ بِه الكَمالُ كُلُّه.

٢٠وأَن يُصالِحَ بِه ومِن أَجلِه كُلَّ مَوجود

مِمَّا في الأَرْضِ ومِمَّا في السَّمَوات

وقَد حَقَّقَ السَّلامَ بِدَمِ صَليبِه.

إشتراك أهل قولسّي في الخلاص

٢١وأَنتُمُ الَّذين كانوا بِالأَمْسِ غُرَباءَ وأَعْداءً في صَميمِ قُلوبِهم بِالأَعمالِ السَّيِّئَة، ٢٢قد صالَحَكُمُ اللهُ الآنَ في جَسَدِ ٱبنِه البَشَرِيّ، صالَحَكم بِمَوتِه لِيَجعَلَكم في حَضرَتِه قِدِّيسينَ لا يَنالُكم عَيبٌ ولا لَوم. ٢٣ذٰلِك إِذا ثَبَتُّم على الإِيمانِ راسِخينَ غَيرَ مُتَزَعزِعينَ ولا مُتَحوِّلينَ عن رَجاءِ البِشارةِ الَّتي سَمِعتُموها وأُعلِنَت لِكُلِّ خَليقَةٍ تَحتَ السَّماء، وصِرتُ أَنا بولُسَ خادِمًا لَها.

مساعي بولس في سبيل الوثنيّين

٢٤يَسُرُّني الآنَ ما أُعاني لِأَجلِكم فأُتِمُّ في جَسَدِي ما نَقَصَ مِن شَدائِدِ المسيح في سَبيلِ جَسَدِه الَّذي هو الكَنيسة، ٢٥لِأَنِّي صِرتُ خادِمًا لَها بِحَسَبِ التَّدبيرِ الإِلهِيّ الَّذي وُكِلَ إِلَيَّ مِن أَجْلِكم، وهو أَن أُتِمَّ التَّبْشيرَ بِكَلِمَةِ الله، ٢٦بِذٰلِكَ السِّرِّ الَّذي ظَلَّ مَكْتومًا طَوالَ الدُّهورِ والأَجيال وكُشِفَ اليَومَ لِقِدِّيسيه، ٢٧فقَد أَرادَ اللهُ أَن يُعلِمَهم أَيَّ غِنًى هو غِنى مَجْدِ ذٰلِكَ السِّرِّ عِندَ الوَثَنِيِّين، أَي أَنَّ المسيحَ فيكم وهو رَجاءُ المَجْد. ٢٨بِه نُبَشِّرُ فنَعِظُ كُلَّ إِنسانٍ ونُعَلِّمُ كُلَّ إِنسانٍ بِكُلِّ حِكمَةٍ لِنَجعَلَ كُلَّ إِنسانٍ كامِلًا في المسيح. ٢٩ولِأَجْلِ ذٰلِك أَتعَبُ وأُجاهِدُ بِفَضْلِ قُدرَتِه الَّتي تَعمَلُ فِيَّ عَمَلًا قَوِيًّا.

قولسّي ٢

إهتمام بولس بإيمان أهل قولسّي

١إِنِّي أُريدُ أَن تَعلَموا أَيَّ جهادٍ أُجاهِدُ مِن أَجْلِكم ومِن أَجْلِ الَّذينَ هم في اللَّاذِقِيَّة ومِن أَجْلِ سائِرِ الَّذينَ لم يَرَوني بِعُيونِهِم، ٢كَيما تَتَشَدَّدَ قُلوبُهم وتَتَوَثَّقَ أَواصِرُ المَحبَّةِ بَينَهم فيَبلُغوا مِنَ الإِدراكِ التَّامِّ أَعظَمَ مَبلَغٍ يُمَكِّنُهم مِن مَعرِفَةِ سِرِّ الله، أَعْني المسيح، ٣فقَدِ ٱستَكَنَّت فيه جَميعُ كُنوزِ الحِكمَةِ والمَعرِفَة.

٤أَقولُ هٰذا لِئَلَّا يَخدَعَكم أَحَدٌ بِكَلامٍ مُمَوَّه، ٥فإِنِّي، وإِن كُنتُ غائِبًا عَنكم بِجَسدي، فأَنا معَكم بِرُوحي، أَفرَحُ بِما أَرى مِن نِظامٍ عِندَكم ومِن ثَباتٍ في إِيمانِكم بِالمسيح.

الحياة في الإيمان بالمسيح لا في المذاهب الباطلة

٦فكما تَقبَّلتُمُ الرَّبَّ يسوعَ المسيح، سيروا فيه، ٧مُتَأَصِّلينَ فيه ومُتَأَسِّسينَ علَيه ومُعتَمِدينَ على الإِيمانِ الَّذي تَلَقَّيتُموه وفائِضينَ شُكرًا.

٨إِيَّاكم أَن يأسِرَكم أَحَدٌ بِالفَلسَفَة، بِذٰلِك الخِداعِ الباطِلِ القائِمِ على سُنَّةِ النَّاسِ وأَركانِ العالَم، لا على المسيح.

المسيح وحده رأس البشر والملائكة

٩ففِيه يَحِلُّ جَميعُ كَمالِ الأُلوهِيَّةِ حُلولًا جَسَدِيًّا، ١٠وفيه تَكونونَ كامِلين. إِنَّه رَأسُ كُلِّ صاحِبِ رِئاسةٍ وسُلْطان.

١١وفيه خُتِنتُم خِتانًا لم يَكُنْ فِعْلَ الأَيْدي، بل بِخَلْعِ الجَسَدِ البَشَرِيّ، وهو خِتانُ المسيح. ١٢ذٰلِكَ أَنَّكم دُفِنتُم معَه بِالمَعْمودِيَّة وبِها أَيضًا أُقِمتُم معه، لِأَنَّكم آمَنتُم بِقُدرَةِ اللهِ الَّذي أَقامَه مِن بَينِ الأَموات. ١٣كُنتُم أَمواتًا أَنتُم أَيضًا بِزَلَّاتِكم وقَلَفِ أَجسادِكم فأَحياكُمُ اللهُ معَه وصَفَحَ لَنا عن جَميعِ زَلَّاتِنا. ١٤ومَحا ما كانَ علَينا مِن صَكٍّ وما فيه مِن أَحْكامٍ وأَزالَ هٰذا الحاجِزَ مُسَمِّرًا إِيَّاه على الصَّليب، ١٥وخَلَعَ أَصحابَ الرِّئاسةِ والسُّلْطانِ وشَهَّرَهم فسارَ بِهِم في رَكْبِه ظافِرًا.

مقاومة الزهد المعتمد على أركان العالم

١٦فلا يَحكُمَنَّ علَيكم أَحَدٌ في المَأكولِ والمَشروبِ أَو في الأَعيادِ والأَهِلَّةِ والسُّبوت، ١٧فما هٰذه إِلَّا ظِلُّ الأُمورِ المُستَقبَلة، أَمَّا الحَقيقَةُ فهي جَسَدُ المسيح. ١٨ولا يَحرِمَنَّكم أَحَدٌ إِيَّاها رَغبَةً مِنه في التَّخَشُّع وفي التَّعبُّدِ لِلمَلائِكَة، فهو يُنعِمُ النَّظَرَ فيما يراه، وذِهنُه البَشَرِيُّ يَجعَلُه يَنتَفِخُ مِنَ الكِبرِياءِ بِأَوهامِه، ١٩غَيرَ مُتَمَسِّكٍ بِالرَّأسِ الَّذي بِه الجَسَدُ كُلُّه، بما فيه مِن أَوصالٍ ومفاصِلَ يَلتَحِمُ بِها، يَنمو النُّمُوَّ الَّذي يَأْتيه مِنَ الله.

الاتّحاد بالمسيح السماويّ الذي هو مبدأ الحياة الجديدة

٢٠فأَمَّا وقَد مُتُّم مع المسيح عن أَركانِ العالَم، فما بالُكم، كما لو كُنتُم عائِشينَ في العالَم، تَخضَعونَ لِمِثْلِ هٰذه النَّواهي: ٢١«لا تَأخُذْ، لا تَذُقْ، لا تَمَسّ»، ٢٢وتلكَ الأَشياءُ كُلُّها تَؤُولُ بِالِٱستِعمالِ إِلى الزَّوال؟ إِنَّها وَصايا ومَذاهِبُ بَشَرِيَّة ٢٣لَها ظاهِرُ الحِكمَةِ لما فيها مِن نَفْلٍ وتَخَشُّعٍ وتَقَشُّف، ولٰكِن لا قيمةَ لَها لِأَنَّها غَيرُ صالِحةٍ إِلَّا لإِرضاءِ الهَوى البَشَرِيّ.

قولسّي ٣

١فأَمَّا وقد قُمتُم مع المسيح، فٱسعَوا إِلى الأُمورِ الَّتي في العُلى حَيثُ المسيحُ قد جَلَسَ عن يَمينِ الله. ٢إِرغَبوا في الأُمورِ الَّتي في العُلى، لا في الأُمورِ الَّتي في الأَرض، ٣لِأَنَّكم قد مُتُّم وحَياتُكم مُحتَجِبَةٌ معَ المسيحِ في الله. ٤فإِذا ظَهَرَ المسيحُ الَّذي هو حَياتُكم، تَظهَرونَ أَنتُم أَيضًا عِندَئِذٍ معَه في المَجْد.

وصايا عامّة في الحياة المسيحيّة

٥أَميتوا إِذًا أَعضاءَكُمُ الَّتي في الأَرض بما فيها مِن زِنًى وفَحْشاءَ وهَوًى وشَهوةٍ فاسِدَةٍ وطَمَعٍ وهو عِبادَةُ الأَوْثان، ٦فإِنَّ تِلكَ الأَشياءَ أَسْبابٌ لِغَضَبِ الله. ٧ذاك ما كُنتُم علَيه بِالأَمْسِ حينَ كُنتُم تَحيَونَ في هٰذه المُنكَرات. ٨أَمَّا الآن فأَلْقُوا عَنكم أَنتُم أَيضًا كُلَّ ما فيه غَضَبٌ وسُخْطٌ وخُبْثٌ وشَتيمة. لا تَنطِقوا بِقَبيحِ الكَلام ٩ولا يَكذِبْ بَعضُكم بَعضًا، فَقَد خَلَعتُمُ الإِنسانَ القَديم وخَلَعتُم معَه أَعمالَه، ١٠ولَبِستُمُ الإِنسانَ الجَديد، ذٰاك الَّذي يُجَدَّدُ على صُورةِ خالِقِه لِيَصِلَ إِلى المَعرِفَة. ١١فلَم يَبْقَ هُناكَ يونانِيٌّ أَو يَهودِيّ، ولا خِتانٌ أَو قَلَف، ولا أَعجَمِيٌّ أَو إِسْكوتيّ، ولا عَبْدٌ أَو حُرّ، بلِ المسيحُ الَّذي هو كُلُّ شَيءٍ وفي كُلِّ شَيء.

١٢وأَنتُمُ الَّذينَ ٱختارَهُمُ اللهُ فقَدَّسَهم وأَحبَّهم، اِلبَسوا عَواطِفَ الحَنانِ واللُّطْفِ والتَّواضُعِ والوَداعةِ والصَّبْر. ١٣إِحتَمِلوا بَعضُكم بَعضًا، وٱصفَحوا بَعضُكم عن بَعضٍ إِذا كانَت لِأَحَدٍ شَكْوى مِنَ الآخَر. فكما صَفَحَ عَنكُمُ الرَّبّ، اِصفَحوا أَنتُم أَيضًا. ١٤وٱلبَسوا فَوقَ ذٰلِك كُلِّه ثَوبَ المَحبَّة فإِنَّها رِباطُ الكَمال. ١٥ولْيَسُدْ قُلوبَكم سَلامُ المسيح، ذاكَ السَّلامُ الَّذي إِلَيه دُعيتُم لِتَصيروا جَسَدًا واحِدًا. وكُونوا شاكِرين.

١٦لِتَنزِلْ فِيكم كَلِمَةُ المسيحِ وافِرَةً لِتُعَلِّموا بَعضُكم بَعضًا وتَتبادَلوا النَّصيحَةَ بِكُلِّ حِكمَة. رَتِّلوا للهِ مِن صَميمِ قُلوبِكم شاكِرين بِمَزاميرَ وتَسابيحَ وأَناشيدَ رُوحِيَّة. ١٧ومَهْما يَكُنْ لَكم مِن قَولٍ أَو فِعْل، فلْيَكُنْ بِٱسمِ الرَّبِّ يسوع تَشكُرونَ بِه اللهَ الآب.

وصايا خاصّة في الآداب البيتيّة

١٨أَيَّتُها النِّساء، اِخضَعْنَ لِأَزْواجِكُنَّ كما يَجِبُ في الرَّبّ. ١٩أَيُّها الرِّجال، أَحِبُّوا نِساءَكم ولا تَكونوا قُساةً عليهِنَّ. ٢٠أَيُّها البَنون، أَطيعوا والِدِيكم في كُلِّ شَيء، فذاك ما يُرضِي الرَّبّ. ٢١أَيُّها الآباء، لا تُغيظوا أَبناءَكم لِئَلَّا تَضعُفَ عَزيمَتُهم.

٢٢أَيُّها العَبيد، أَطيعوا في كُلِّ شَيءٍ سادَتَكم في هٰذه الدُّنْيا، لا طاعةَ عَبيدِ العَين كأَنَّكم تَبتَغونَ رِضا النَّاس، بل طاعةً صادِرةً عن صَفاءِ القَلْبِ لأَنَّكم تَخافونَ الرَّبّ. ٢٣ومَهْما تَفعَلوا فٱفعَلوه بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ كأَنَّه لِلرَّبِّ لا لِلنَّاس، ٢٤عالِمينَ أَنَّ الرَّبَّ سيَجْزيكم بِميراثِه، فلِلرَّبِّ المسيحِ تَعمَلون. ٢٥أَمَّا الظَّالِم فسَوفَ يَنالُ جَزاءَ ظُلْمِه، ولا يُحابى أَحَد.

قولسّي ٤

١أَيُّها السَّادة، عامِلوا عَبيدَكم بِالعَدْلِ والمُساواة، عالِمينَ أَنَّ لَكم أَنتُم أَيضًا سَيِّدًا في السَّماء.

الروح الرسوليّ

٢واظِبوا على الصَّلاة، ساهِرينَ فيها وشاكِرين. ٣وصَلُّوا مِن أَجلِنا أَيضًا كَيما يَفتَحَ اللهُ لَنا بابًا لِلكَلام فنُبَشِّرَ بِسِرِّ المسيح، وإِنِّي في القُيودِ مِن أَجْلِه، ٤فأُعلِنَه كما يَجِبُ علَيَّ أَن أُبَشِّرَ بِه.

٥تَصَرَّفوا بِحِكمَةٍ مع مَن كانَ في خارِجِ الكَنيسة مُنتَهِزينَ الفُرْصةَ السَّانِحة. ٦لِيَكُنْ كَلامُكم دائِمًا لَطيفًا مَليحًا فتَعرِفوا كَيفَ يَنبَغي لَكم أَن تُجيبوا كُلَّ إِنسان.

أخبار خاصّة

٧سيُخبِرُكم عن أَحوالي كُلِّها طيخيقُسُ الأَخُ الحَبيبُ والخادِمُ الأَمينُ وصاحِبي في العَمَلِ لِلرَّبّ. ٨قد بَعَثتُ بِه إِلَيكم خُصوصًا لِيُطلِعَكم على أَحوالِنا ويُشَدِّدَ قُلوبَكم، ٩وبَعَثتُ معَه بِأُونيسِمُسَ الأَخِ الأَمينِ الحَبيب، وإِنَّه ٱبنُ بَلَدِكم. فهُما سيُخبِرانِكم بِكُلِّ ما جَرى عِندَنا.

تحيّات ودعاء الختام

١٠يُسَلِّمُ علَيكم أَرِسطَرخُس صاحِبي في الأَسْر، ومَرقُسُ ٱبنُ عَمِّ بَرَنابا (قد تَلقَّيتُم بَعضَ الإِفاداتِ عنه، فإِذا قَدِمَ إِلَيكم فرَحِّبوا بِه) ١١ويَسوعُ الَّذي يُقالُ لَه يُسطُس. فهُم وَحْدَهم مِن ذَوي الخِتانِ يَعمَلونَ معي في سَبيلِ مَلَكوتِ الله، فكانَ لي بِهِمِ العَزاء.

١٢يُسَلِّمُ علَيكم أَبَفْراسُ ٱبنُ بَلَدِكم، وهو عَبْدٌ لِلمسيحِ يسوعَ لا يَنفَكُّ يُجاهِدُ عنكم في صَلَواتِه لِتَثبُتوا كامِلينَ تامِّينَ في العَمَلِ بِكُلِّ مَشيئَةٍ للهِ. ١٣وإِنِّي أَشهَدُ لَه بَأَنَّه يَتعَبُ كَثيرًا مِن أَجْلِكم ومِن أَجْلِ الَّذينَ في اللَّاذِقِيَّة وهيرابولِس. ١٤يُسَلِّمُ علَيكم لوقا الطَّبيبُ الحَبيبُ ودِيماس.

١٥سَلِّموا على الإِخوَةِ الَّذينَ في اللَّاذِقِيَّة وعلى نَمْفاس وعلى الكَنيسةِ المُجتَمِعَةِ في بَيتِه. ١٦فإِذا قُرِئَت هٰذه الرِّسالَةُ عليكم، فٱسعَوا لِأَن تُقرَأَ في كَنيسةِ اللَّاذِقِيَّةِ أَيضًا، ولِأَن تَقرَأُوا أَنتُم أَيضًا رِسالَةَ اللَّاذِقِيَّة. ١٧قولوا لِأَرْخِبُّس: «تَنَبَّهْ لِلخِدمَةِ الَّتي تَلَقَّيتَها في الرَّبّ فقُمْ بِها خَيرَ قِيام».

١٨هٰذا السَّلامُ بِخَطِّ يَدي أَنا بولُس. أُذكُروا قُيودي. علَيكُمُ النِّعمَة!

التالي: يوحنا
السابق: مرقس